رد: إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع .
إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع
سؤال 291
السلام عليكم , مذا تقصدون الإمام محمد بن الحسن العسكري ميت وإبنه مكانه ؟
المرسل . علي من العراق .
الجواب :
لا نقصد أنّ الإمام المهدي عليه السلام ميت وأن إبنه مكانه , بل نقصد أنّ الأمام المهدي عليه السلام حي وإبنه رسول عنه وممهد له لقيامه المبارك , وقد فصلّنا القول في ذلك في إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام وهي بالعشرات ويمكنك مراجعتها على موقع أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
وسأذكر لك بعض الروايات والتعليق عليها من كتاب [ الوصية والوصي احمد الحسن ] :
عن أمير المؤمنين ع قال : [ قال رسول الله ص في اليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع .. يا علي , أنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت يا علي أول الإثني عشر الإمام .... إلى أن قال : فإذا حضرته الوفاة ــ أي الإمام المهدي عليه السلام ــ فليسلمها إلى إبنه أول المقربين [ المهديين ] , له ثلاثة أسامي : كاسمي واسم أبي وهو عبد الله واحمد والإسم الثاث المهدي , وهو أول المؤمنين .
وهنا يجب الإلفات إلى نقطتين :
النقطة الأولى : مشابهة أول المهديين من ذرية الإمام المهدي عليه السلام للإمام علي ع فكما كان الإمام علي ع هو الوصي الأول للرسول ص وأول من إستلم الوصية منه وتشرّف بتربية الرسول ص له كذلك المهدي الأول فهو أول وصي للإمام المهدي عليه السلام والذي يستلم الوصية منه مباشرة ـــ كما نصت الرواية ـــ ويتشرّف بتريبة الإمام المهدي عليه السلام له بالمباشرة بخلاف باقي المهديين من ذرية الإمام المهدي عليه السلام , وهذا شرف عظيم شرّف الله به المهدي الأول لمشابهته أمير المؤمين ع ولكونه أول وصي للإمام المهدي عليه السلام .
النقطة الثانية :
إختص المهدي الأول بكونه أول المؤمنين بدعوة الإمام المهدي عليه السلام لقول الرسول ص عنه في الوصية
[ وهو أول المؤمنين ] , وبهذه الصفة أيضاً شابه أمير المؤمنين ع فكما كان أمير المؤمنين ع هو أول من آمن بالرسول محمد ص ونصره كذلك المهدي الأول ع شرّفه الله بكونه أول من يصدق الإمام المهدي عليه السلام ويؤمن وينصره .
وبملاحظة عبارة [ وهو أول المؤمنين ] يتضح مراد الرسول ص بأنه أول من يؤمن بالإمام المهدي عليه السلام عند قيامه , وهذا يستلزم أن يكون المهدي الأول موجوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام ليصدق عليه أنه أول المؤمنين , لأنّه لم يكن موجوداً قبل قيام القائم عليه السلام وإنه يولد بعد قيام القائم عليهم السلام فلا يصدق عليه أنه أول المؤمنين , بل يصدق هذا الوصف على أنصار الإمام المهدي الثلاثمة والثلاثة عشر , بل يكون كل أنصار الإمام المهدي عليه السلام قد سبقوا ولده الوصي الإمام المهدي عليه السلام , فهم أولى بهذا الوصف منه .
إذن لا بد أن يكون أول أوصياء الإمام المهدي عليه السلام مولوداً قبل قيامه عليه السلام ومن ذريته , ومن المعلوم أنّ معنى الإبن يصدق على الإبن من الذرية كما يصدق على الإبن بالمباشرة , فقد جاء في عشرات الروايات وصف الأئمة من ذرية الإمام علي ع بأنهم أبناء رسول الله ص لا لأنهم أبناءه بالمباشرة , بل لأنهم من ذرية إبنته فاطمة الزهراء عليها السلام , وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان , ومن أراد التفصيل فعليه مراجعة كتابيّ [ الرد الحاسم ] و [ سامري عصر الظهور ] فقد بيّنتُ هذه المسألة فيهما بالتفصيل .
وإذا كان وصي الإمام المهدي عليه السلام ــ أول المهديين ــ موجوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام فلا بد أن يكون هو الحجة على الناس بعد الإمام المهدي عليه السلام وأن يكون هو أهدى الرايات الممهدة ولا حجة فوقه غير الإمام المهدي عليه السلام لإستحالة أن يكون الوصي تابعاً لأحد أو أو مأموماً بأحد غير الإمام الذي قبله , وهذا أمر واضح لكل من إطلع على عقيدة أهل البيت عليهم السلام . وبهذا لا بد أن يكون وصي الإمام المهدي هو اليماني الموعود الذي أوجبت الروايات على الناس نصرته و إتباعه كما سيأتي بيانه وأمّا من حاول تغيير الكلم عن مواضعه وقال : بأنّ عبارة [ وهو أول المؤمنين ] لا تعني أول من يؤمن بالإمام المهدي قبل قيامه وربما لها معنىً ثانٍ .
فأقول له : هذا خلاف ظاهر كلام رسول الله ص وخلاف ما تعارف عليه من مراد المعصومين عندما تكلموا بهذه العبارة في العديد من الروايات , بل خلاف المراد من بعض الآيات القرآنية وإليك البيان :
قال تعالى حكاية عن نبيه موسى ع :
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الأعراف .
ولنرى ما المقصود من [ أول المؤمنين ] في هذه اللآية الشريفة وذلك عن طريق الروايات التي جاءت في تفسيرها .
فعن الإمام علي ع : في تفسير قول نبي الله موسى ع [ وأنا أول المؤمنين ] .
قال : [ ... وأنا أول المقرين بأنك تَرى ولا تُرى وأنت بالمنظر الأعلى ] .
وعن الإمام الرضا ع في حديث طويل , قال في تفسير قول نبي الله موسى ع :
[ وأنا أول المؤمنين ] : [ ... يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي [ وأنا أول المؤمنين ]
منهم بأنك تَرى ولا تُرى .... ] .
فبربكم ماذا تفهمون من هاتين الروايتين في تفسير [ أول المؤمنين ] غير السبق إلى الإيمان بالله تعالى والرجوع إليه ؟ وخصوصاً في الرواية الثانية حيث قال الرضا ع :
[ ... أول المؤمنين منهم بأنك تَرى ولا تُرى ] , أي : أنا أول المؤمنين من قومي الذين سألوا رؤيتك وأول مُقرّ وسابق بأنك لا تُرى .
وعن ابن عباس في قول الله تعالى :
فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الأعراف .
قال : يقول : سبحانك تُبت إليك من أن أسألك رؤية وأنا أول المؤمنين بأنك تَرى ولا تُرى .
وقد جاء رسول الله ص بالفصل في معنى العبارة [ أول المؤمنين ] عندما وصف بها أمير المؤمنين , فلكي لا يتأولها الحاسدون لأمير المؤمنين بيّن الرسول ص أنّ معنى وصف أمير المؤمنين بأنه أول المؤمنين , أي : أول من سبق إلى الأيمان والإسلام والإقرار بنبوّة النبي محمد ص وليس معنى آخر كما حاول أعداء السيد احمد الحسن تأويل قول رسول الله ص في حق وصي الإمام المهدي بأنّه أول المؤمنين فقد حاولوا تأويلها في غير معنى السبق إلى الإيمان والإقرار بدعوة الإمام المهدي عليهه السلام !!.
عن الرسول ص , إنه قال : لعلي ع : [ أنت أول المؤمنين إيماناً وإسلاماً ] .
وعن أبي ذر رحمه الله قال : سمعت رسول الله يقول لعلي : [ أنت أول من آمن بي وصدق ] .
وقال الرسول ص لعلي ع :
[ يا علي , أنت أول المؤمنين إيماناً , وأول المسلمين إسلاماً وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ] .
وعن عبد لله بن عباس , قال : قال رسول الله ص لعلي بن أبي طالب ع :
[ يا علي , إنك تخاصم فتخصم بسبع خصال ليس أحد مثلهن : أنت أول المؤمنين معي إيماناً , وأعظمهم جهاداً , وأعلمهم بآيات الله ... ] .
ففي كل هذه الروايات وغيرها يؤكد الرسول ص على معنى [ أول المؤمنين ] بأنّه هو السبق إلى الإيمان والتصديق والإقرار , ولذلك دائماً يقول بعد
[ أول الؤمنين ] : [ إيماناً ] أو [ إيماناً وإسلاماً ] أو [ معي إيماناً ] أو [ أول من آمن بي وصدق ] ,
وخصوصاً في الرواية الأخيرة جعل الرسول ص صفة [ أول المؤمنين ] من الحجج التي يحاجج بها أمير المؤمنين ع فلا يغلب , فهل يصح لأحد أن يقول لأمير المؤمنين إن قول الرسول فيك بأنك
[ أول المؤمنين ] لا يدل على أنك أول من آمن به وصدقه , بل ربما يدل على معنى آخر ؟!! .
فإذا كان لا يصح ذلك كذلك لا يصح الإعتراض على السيد احمد الحسن بأنّ كلام رسول الله ص في حق الوصي الأول للإمام المهدي ووصفه بــ [ أول المؤمنين ] لا على أول من يؤمن ويصدق الإمام المهدي عليه السلام وينصره , وبهذا يتضح أنّ المراد من عبارة [ أول المؤمنين ] في القرآن والسنّة هي أول السابقين في الإيمان والتصديق والإقرار والنصرة , وأمّا من حاول إبتداع التاويلات الباطلة فهو من أتباع اليهود والمسيح الذين أولوا كلام الرسول ص في كتبهم , ولم يعترفوا بإنطباقها عليه , أو كأبناء العامة الذين تأولوا كلام الرسول ص لعلي يوم الغدير :
[ من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ] , وقالوا إنه لا يدل على الإمامة والخلافة , وإنما يدل كذلك على الصاحب والمُحب والمُوالي في الدين إلى غيرها من التأويلات الباطلة المستوجات من وساوس الشيطان
[ أعاذنا الله من ذلك ] .
وبهذا يثبت أنّ المقصود من كلام الرسول ص في وصف أول وصي للإمام المهدي عليه السلام بأنه أول المؤمنين , أي : أول من يؤمن ويصدق بقيام الإمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان , وبهذا لا بد أن يكون مولوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام ليصح إطلاق هذا الوصف عليه .
الرواية الثانية : ....
عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت رسول الله ص يقول ــ وذكر المهدي :
[ أنه يبايع بين الركن والمقام , اسمه احمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماؤه ثلاثتها ] .
وهذا الحديث ينطبق على وصي الإمام المهدي عليه السلام أول المهديين من ذريته , ويتضح إنطباقه عند مقارنة هذا الحديث مع وصية رسول الله ص في وصف وصي الإمام المهدي عليه السلام حيث قال :
[ .... له ثلاثة اسامي : اسم كاسمي واسم أبي , وهو عبد الله واحمد , والاسم الثالث المهدي , وهو أول المؤمنين ] .
فأحمد ومحمد هما اسم واحد , والاسم الثاني عبد الله والاسم الثالث المهدي , وبعبارة أخرى :
إن قوله ص : [ هو عبد الله واحمد ] شرح وتفصيل لقوله قبل ذلك : [ اسم كأسمي واسم أبي ] .
والتطابق بين الروايتين محكم وبيّن ومقصود ومخطط له من قبل الرسول ص وليس من باب الصدفة , فإنّ القول بالصدفة ليس من مبادئ الإسلام , بل من مبادئ الماديين والملاحدة والزنادقة .
عن جابر الجعفي , قال : قال لي محمد بن علي ع :
[ يا جابر , إنّ لبني العباس راية ولغيرهم رايات فإياك ثم إياك ــ ثلاثاً ــ حتى رجلاً من ولد الحسين ع يبايع بين الركن المقام معه سلاح رسول الله وغفر رسول الله ص ودرع ... ] .
والرجل الحسيني في هذه الرواية لا يمكن أن يكون هو الإمام المهدي عليه السلام فلو كان المقصود به الإمام المهدي عليه السلام لحرم إتباع أي راية قبل قيام القائم الحجة ابن الحسن عليه السلام وهذا الفهم يتناقض مع الروايات التي تأمر بإتباع اليماني ونصرته , فيجب أن يكون الرجل الحسيني الذي يبايع له بين الركن والمقام في الرواية السابقة هو اليماني الموعود وصي الإمام المهدي احمد , وهو الذي له ثلاثة أسامي : احمد وعبد الله والمهدي .
وهذا الرجل الحسيني المذكور في الرواية السابقة و المأمور بطاعته فقط والذي يبايع له بين الركن والمقام هو نفسه الرجل الحسيني في الرواية الآتية التي تصفه بأنّه المأمور بطاعته فقط من دون سائر الرايات الشاذة التي يحرم إتباعها , وتصفه أيضاً بأنّ معه عهد رسول الله ص , أي وصيته التي أوصى بها عندما حضرته الوفاة .
عن أبي جعفر في خبر طويل قال :
[ ... إياك واشذاذ من آل محمد , فإنّ لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات , فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين ع معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه , فإنّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ع ثم صار عند محمد بن علي ع ويفعل الله ما يشاء فألزم هؤلاء أبداً وإياك ومن ذكرت لك... ] .
ورب قائل يقول : إنّ هذا يتعارض مع الروايات المثيرة التي تنص على إنّ الذي يبايع بين الركن والمقام هو الإمام المهدي وليس أول المهديين من ذريته [ الوصي ] .
فأقول : لا يوجد تعارض بين هذه الرواية وسائر الروايات بعد الإلتفات إلى تصور معنيين لبيعة وصي الإمام المهدي عليهم السلام بين الركن والمقام وكلاهما يصح ولا إشكال عليه :
أولاً : ...
بعدما تتم البيعة للإمام المهدي عليه السلام بين الركن والمقام يأخذ البيعة أيضاً من أنصاره لوصية المهدي الأول من ذريته ,وهذه سنّة متبعة وأحد أوجه التشابه بين الإمام علي ع وصي رسول الله ص وبين المهدي الأول وصي الإمام المهدي عليه السلام , فكذلك قد أخذ رسول الله ص البيعة من المسلمين لوصيه علي بن أبي طالب ع في حادثة الدار عندما دعا عشيرته وطبخ لهم يد شاة , وكذلك في حادثة يوم الغدير المشهورة .
وبهذا لا يكون تعارض بين الروايات وخصوصاً إذا لاحظنا حديث بيعة الوصي بأنّه لا يلغي بيعة الإمام المهدي عليه السلام ولا يقول إنّ بيعة الوصي هي البيعة الوحيدة أو المستقلة بين الركن والمقام , فتأمل .
ثانياً : ....
يُوكِّل الإمام المهدي عليه السلام وصيه في أخذ البيعة نيابة عنه من الأنصار بين الركن والمقام , وفي هذه الحالة تكون البيعة منتسبة للإمام المهدي عليهم السلام , لأنها بأمره وتدبيره وتكون منتسبة للوصي , لأنه هو المباشر في أخذها للإمام المهدي عليه السلام .
وهذا المعنى وارد حتى في القرآن الكريم , فتارة ينسب قبض الأرواح إلى الله تعالى :
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا 42 . الزمر .
وتارة ينسب قبض الأرواح إلى ملك الموت :
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ . 11 السجدة .
وتارة ثالثة ينسب قبض الأرواح إلى الملائكة :
تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ . 27 محمد .
ولا تعارض في كلام الله تعالى . فنسبة قبض الأرواح له تعالى , لأنه هو الآمر وهو المدبّر وهو المسيطر , وملك الموت والملائكة جنود عنده لا يسبقونه بالقول وبأمره يعملون فعملهم هو عمل الله تعالى , لأنهم موكلّون عنه في قبض الأرواح , وأيضاً ينسب العمل لهم لمباشرتهم لهذه المهمة .
فيمكن أن تكون البيعة بين الركن والمقام واحدة يباشرها وصي الإمام المهدي عليه السلام نيابة عنه فهي بيعة للإمام المهدي عليه السلام لأنه هو الآمر بها , وبيعة لوصيه لأنه هو المباشر لها , وخصوصاً إذا لاحظنا إنّ هناك بعض الروايات نصت على ذلك .
فالرواية الآتية تنص على أنّ هناك مولى للإمام المهدي عليه السلام بوليه الإمام المهدي عليه السلام ,
إستلام البيعة من الناس : ....
عن الباقر ع أنه قال في حديث طويل :
[ ... ثم قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من أشدّ الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر , فيقول : يا هذا , ما تصنع فوالله إنك لتجفل الناس النعم أفبعهد من رسول الله ص أم بماذا ؟! فيقول المولى الذي ولي البيعة : والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك . فيقول القائم : أسكت يا فلان , أي والله إن معي عهد من رسول الله ص هات لي البيعة , فيأتيه فيقرأ العهد من رسول الله ص
فيقول : جعلني الله فداك أعطني رأسك أقبله , فيعطيه رأسه فيقبل عينيه , ثم يقول : جعلني الله فداك جدّد لنا البيعة فيجدّد لهم البيعة ...] .
فبعد غض النظر عن أمر مهم في هذه الرواية أتركه إلى وقته أقول : ....
قد ذُكر المولى الذي يتولى البيعة نيابة عن الإمام المهدي عليه السلام والظاهر أنّ العهد الذي أخرجه الإمام المهدي عليه السلام للمتعرض
هو وصية الرسول ص ليلة وفاته , لأنها هي الموصوفة بالعهد في أكثر من رواية .
وأيضاً ورد ذكر هذا المولى في عدّة روايات منها الرواية الآتية التي تبيّن غيبة الإمام المهدي عليه السلام وأمر المولى الوحيد الذي يطلع على موضع الإمام المهدي عليه السلام .
الرواية الثالثة : ...
وعن حذلم بن بشير , قال : قلت لعلي بن الحسين ع :
صف لي خروج المهدي وعرّفني دلائله وعلاماته , فقال :
[ يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد , ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند , ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان , فإذا ظهر السفياني إختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك ] .
وقول الإمام السجاد ع في نهاية الرواية : [ فإذا ظهر السفياني إختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك ]
حار في تفسيره بعض العلماء والباحثين , لأنها لا تنطبق على الإمام المهدي عليه السلام , وذلك لأنّ هذه الرواية تفيد أنّ الإمام المهدي عليه السلام يكون موجوداً قبل ظهور السفياني , وهذا مخالف للكثير من الروايات المتكاثرة والمتواترة التي تنص على أنّ السفياني يخرج قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام بخمسة عشر شهراً وعلى أقل تقدير ثمانية أشهر , أي : إنّ السفياني علامة من علامات قيام الإمام المهدي عليه السلام فكيف يكون الإمام المهدي ظاهراً قبل خروج السفياني ثم يختفي عند خروجه ثم يظهر بعد ذلك ؟
واضطر البعض إلى تأويل هذه الرواية بوجوده بعيدة عن الواقع .
والحق إنّ هذا من الأمور التي حاول الأئمة إخفائها في كلامهم وتمويهها على الناس لتكون دليلاً على إنّ المقصود بــ [ المهدي ] في هذه الرواية وأشباهها ليس الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام لأنه يظهر بعد السفياني لا قبله وإنما المقصود بذلك المهدي الأول من ذرية الإمام المهدي عليه السلام الذي ذكره الرسول في وصيته ووصفه بأول المؤمنين وأول المهديين , وهو الذي يستلم الوصية من الإمام المهدي عليه السلام عند وفاته ,وأيضاً قال عنه إنه يبايع بين الركن والمقام .
وبهذا ينكشف الخفاء وينحل التعارض بين هذه الرواية وباقي الروايات ويكون المقصود منها وصي الإمام المهدي عليه السلام وأول المهديين من ذريته الذي يكون ظاهراً قبل السفياني ثم يختفي عند خروج السفياني ثم يظهر بعد ذلك ويقاتل السفياني وينتصر عليه ويمهد لقيام أبيه الإمام المهدي عليه السلام .
الرواية الرابعة : ....
أخرج الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد عن الرضا ع قال :
[ كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات ] .
وبعد ملاحظة ما ذكرته سابقاً من هذا البحث يتّضح أنّ هذه الرواية تنطبق على وصي الإمام المهدي عليه السلام الذي يقوم ممهداً لدولة أبيه الإمام المهدي عليه السلام ولا تنطبق على غيره , لأنه هو ابن صاحب الوصيات , أي : وصايا الأنبياء والأئمة ع التي استقرت عند القائم الحجة ابن الحسن عليه السلام , ولذلك وصف في وصية الرسول ص بــ [ المستحفظ من آل محمد ] و وبرواية الإمام الصادق ع :
[ الحافظ لما استودع ] , أي الحافظ لوصايا الأنبياء والأئمة ع فهو وارثهم .
وذكرت الرواية إنّ الرايات تهدى إلى ابن صاحب الوصيات , أي تُبايع ابن وصي الإمام المهدي عليه السلام , وهذه البيعة أكّد عليها الرسول ص والأئمة ع في عدّة روايات
نقلتُ قسماً منها فيما سبق كــ [ فبايعوه فإنه خليفة [ الله ] المهدي ] و [ فأتوه ولو حبواً على الثلج ] إضافة إلى الروايات التي أوجبت إتّباع اليماني ونصرته والذي هو نفسه ابن صاحب الوصيات , كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى , إنتهى .
وغير ذلك الكثير الكثير تجده في هذا الكتاب وغيره من كتب أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
اللجنة العلمية
أنصار الإمام المهدي مكّن الله له في الأرض .
الشيخ ناظم العقيلي .
كتاب
الجواب المنير عبر الأثير .
...................................
إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع
سؤال 291
السلام عليكم , مذا تقصدون الإمام محمد بن الحسن العسكري ميت وإبنه مكانه ؟
المرسل . علي من العراق .
الجواب :
لا نقصد أنّ الإمام المهدي عليه السلام ميت وأن إبنه مكانه , بل نقصد أنّ الأمام المهدي عليه السلام حي وإبنه رسول عنه وممهد له لقيامه المبارك , وقد فصلّنا القول في ذلك في إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام وهي بالعشرات ويمكنك مراجعتها على موقع أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
وسأذكر لك بعض الروايات والتعليق عليها من كتاب [ الوصية والوصي احمد الحسن ] :
عن أمير المؤمنين ع قال : [ قال رسول الله ص في اليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع .. يا علي , أنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت يا علي أول الإثني عشر الإمام .... إلى أن قال : فإذا حضرته الوفاة ــ أي الإمام المهدي عليه السلام ــ فليسلمها إلى إبنه أول المقربين [ المهديين ] , له ثلاثة أسامي : كاسمي واسم أبي وهو عبد الله واحمد والإسم الثاث المهدي , وهو أول المؤمنين .
وهنا يجب الإلفات إلى نقطتين :
النقطة الأولى : مشابهة أول المهديين من ذرية الإمام المهدي عليه السلام للإمام علي ع فكما كان الإمام علي ع هو الوصي الأول للرسول ص وأول من إستلم الوصية منه وتشرّف بتربية الرسول ص له كذلك المهدي الأول فهو أول وصي للإمام المهدي عليه السلام والذي يستلم الوصية منه مباشرة ـــ كما نصت الرواية ـــ ويتشرّف بتريبة الإمام المهدي عليه السلام له بالمباشرة بخلاف باقي المهديين من ذرية الإمام المهدي عليه السلام , وهذا شرف عظيم شرّف الله به المهدي الأول لمشابهته أمير المؤمين ع ولكونه أول وصي للإمام المهدي عليه السلام .
النقطة الثانية :
إختص المهدي الأول بكونه أول المؤمنين بدعوة الإمام المهدي عليه السلام لقول الرسول ص عنه في الوصية
[ وهو أول المؤمنين ] , وبهذه الصفة أيضاً شابه أمير المؤمنين ع فكما كان أمير المؤمنين ع هو أول من آمن بالرسول محمد ص ونصره كذلك المهدي الأول ع شرّفه الله بكونه أول من يصدق الإمام المهدي عليه السلام ويؤمن وينصره .
وبملاحظة عبارة [ وهو أول المؤمنين ] يتضح مراد الرسول ص بأنه أول من يؤمن بالإمام المهدي عليه السلام عند قيامه , وهذا يستلزم أن يكون المهدي الأول موجوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام ليصدق عليه أنه أول المؤمنين , لأنّه لم يكن موجوداً قبل قيام القائم عليه السلام وإنه يولد بعد قيام القائم عليهم السلام فلا يصدق عليه أنه أول المؤمنين , بل يصدق هذا الوصف على أنصار الإمام المهدي الثلاثمة والثلاثة عشر , بل يكون كل أنصار الإمام المهدي عليه السلام قد سبقوا ولده الوصي الإمام المهدي عليه السلام , فهم أولى بهذا الوصف منه .
إذن لا بد أن يكون أول أوصياء الإمام المهدي عليه السلام مولوداً قبل قيامه عليه السلام ومن ذريته , ومن المعلوم أنّ معنى الإبن يصدق على الإبن من الذرية كما يصدق على الإبن بالمباشرة , فقد جاء في عشرات الروايات وصف الأئمة من ذرية الإمام علي ع بأنهم أبناء رسول الله ص لا لأنهم أبناءه بالمباشرة , بل لأنهم من ذرية إبنته فاطمة الزهراء عليها السلام , وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان , ومن أراد التفصيل فعليه مراجعة كتابيّ [ الرد الحاسم ] و [ سامري عصر الظهور ] فقد بيّنتُ هذه المسألة فيهما بالتفصيل .
وإذا كان وصي الإمام المهدي عليه السلام ــ أول المهديين ــ موجوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام فلا بد أن يكون هو الحجة على الناس بعد الإمام المهدي عليه السلام وأن يكون هو أهدى الرايات الممهدة ولا حجة فوقه غير الإمام المهدي عليه السلام لإستحالة أن يكون الوصي تابعاً لأحد أو أو مأموماً بأحد غير الإمام الذي قبله , وهذا أمر واضح لكل من إطلع على عقيدة أهل البيت عليهم السلام . وبهذا لا بد أن يكون وصي الإمام المهدي هو اليماني الموعود الذي أوجبت الروايات على الناس نصرته و إتباعه كما سيأتي بيانه وأمّا من حاول تغيير الكلم عن مواضعه وقال : بأنّ عبارة [ وهو أول المؤمنين ] لا تعني أول من يؤمن بالإمام المهدي قبل قيامه وربما لها معنىً ثانٍ .
فأقول له : هذا خلاف ظاهر كلام رسول الله ص وخلاف ما تعارف عليه من مراد المعصومين عندما تكلموا بهذه العبارة في العديد من الروايات , بل خلاف المراد من بعض الآيات القرآنية وإليك البيان :
قال تعالى حكاية عن نبيه موسى ع :
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الأعراف .
ولنرى ما المقصود من [ أول المؤمنين ] في هذه اللآية الشريفة وذلك عن طريق الروايات التي جاءت في تفسيرها .
فعن الإمام علي ع : في تفسير قول نبي الله موسى ع [ وأنا أول المؤمنين ] .
قال : [ ... وأنا أول المقرين بأنك تَرى ولا تُرى وأنت بالمنظر الأعلى ] .
وعن الإمام الرضا ع في حديث طويل , قال في تفسير قول نبي الله موسى ع :
[ وأنا أول المؤمنين ] : [ ... يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي [ وأنا أول المؤمنين ]
منهم بأنك تَرى ولا تُرى .... ] .
فبربكم ماذا تفهمون من هاتين الروايتين في تفسير [ أول المؤمنين ] غير السبق إلى الإيمان بالله تعالى والرجوع إليه ؟ وخصوصاً في الرواية الثانية حيث قال الرضا ع :
[ ... أول المؤمنين منهم بأنك تَرى ولا تُرى ] , أي : أنا أول المؤمنين من قومي الذين سألوا رؤيتك وأول مُقرّ وسابق بأنك لا تُرى .
وعن ابن عباس في قول الله تعالى :
فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الأعراف .
قال : يقول : سبحانك تُبت إليك من أن أسألك رؤية وأنا أول المؤمنين بأنك تَرى ولا تُرى .
وقد جاء رسول الله ص بالفصل في معنى العبارة [ أول المؤمنين ] عندما وصف بها أمير المؤمنين , فلكي لا يتأولها الحاسدون لأمير المؤمنين بيّن الرسول ص أنّ معنى وصف أمير المؤمنين بأنه أول المؤمنين , أي : أول من سبق إلى الأيمان والإسلام والإقرار بنبوّة النبي محمد ص وليس معنى آخر كما حاول أعداء السيد احمد الحسن تأويل قول رسول الله ص في حق وصي الإمام المهدي بأنّه أول المؤمنين فقد حاولوا تأويلها في غير معنى السبق إلى الإيمان والإقرار بدعوة الإمام المهدي عليهه السلام !!.
عن الرسول ص , إنه قال : لعلي ع : [ أنت أول المؤمنين إيماناً وإسلاماً ] .
وعن أبي ذر رحمه الله قال : سمعت رسول الله يقول لعلي : [ أنت أول من آمن بي وصدق ] .
وقال الرسول ص لعلي ع :
[ يا علي , أنت أول المؤمنين إيماناً , وأول المسلمين إسلاماً وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ] .
وعن عبد لله بن عباس , قال : قال رسول الله ص لعلي بن أبي طالب ع :
[ يا علي , إنك تخاصم فتخصم بسبع خصال ليس أحد مثلهن : أنت أول المؤمنين معي إيماناً , وأعظمهم جهاداً , وأعلمهم بآيات الله ... ] .
ففي كل هذه الروايات وغيرها يؤكد الرسول ص على معنى [ أول المؤمنين ] بأنّه هو السبق إلى الإيمان والتصديق والإقرار , ولذلك دائماً يقول بعد
[ أول الؤمنين ] : [ إيماناً ] أو [ إيماناً وإسلاماً ] أو [ معي إيماناً ] أو [ أول من آمن بي وصدق ] ,
وخصوصاً في الرواية الأخيرة جعل الرسول ص صفة [ أول المؤمنين ] من الحجج التي يحاجج بها أمير المؤمنين ع فلا يغلب , فهل يصح لأحد أن يقول لأمير المؤمنين إن قول الرسول فيك بأنك
[ أول المؤمنين ] لا يدل على أنك أول من آمن به وصدقه , بل ربما يدل على معنى آخر ؟!! .
فإذا كان لا يصح ذلك كذلك لا يصح الإعتراض على السيد احمد الحسن بأنّ كلام رسول الله ص في حق الوصي الأول للإمام المهدي ووصفه بــ [ أول المؤمنين ] لا على أول من يؤمن ويصدق الإمام المهدي عليه السلام وينصره , وبهذا يتضح أنّ المراد من عبارة [ أول المؤمنين ] في القرآن والسنّة هي أول السابقين في الإيمان والتصديق والإقرار والنصرة , وأمّا من حاول إبتداع التاويلات الباطلة فهو من أتباع اليهود والمسيح الذين أولوا كلام الرسول ص في كتبهم , ولم يعترفوا بإنطباقها عليه , أو كأبناء العامة الذين تأولوا كلام الرسول ص لعلي يوم الغدير :
[ من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ] , وقالوا إنه لا يدل على الإمامة والخلافة , وإنما يدل كذلك على الصاحب والمُحب والمُوالي في الدين إلى غيرها من التأويلات الباطلة المستوجات من وساوس الشيطان
[ أعاذنا الله من ذلك ] .
وبهذا يثبت أنّ المقصود من كلام الرسول ص في وصف أول وصي للإمام المهدي عليه السلام بأنه أول المؤمنين , أي : أول من يؤمن ويصدق بقيام الإمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان , وبهذا لا بد أن يكون مولوداً قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام ليصح إطلاق هذا الوصف عليه .
الرواية الثانية : ....
عن حذيفة بن اليمان قال : سمعت رسول الله ص يقول ــ وذكر المهدي :
[ أنه يبايع بين الركن والمقام , اسمه احمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماؤه ثلاثتها ] .
وهذا الحديث ينطبق على وصي الإمام المهدي عليه السلام أول المهديين من ذريته , ويتضح إنطباقه عند مقارنة هذا الحديث مع وصية رسول الله ص في وصف وصي الإمام المهدي عليه السلام حيث قال :
[ .... له ثلاثة اسامي : اسم كاسمي واسم أبي , وهو عبد الله واحمد , والاسم الثالث المهدي , وهو أول المؤمنين ] .
فأحمد ومحمد هما اسم واحد , والاسم الثاني عبد الله والاسم الثالث المهدي , وبعبارة أخرى :
إن قوله ص : [ هو عبد الله واحمد ] شرح وتفصيل لقوله قبل ذلك : [ اسم كأسمي واسم أبي ] .
والتطابق بين الروايتين محكم وبيّن ومقصود ومخطط له من قبل الرسول ص وليس من باب الصدفة , فإنّ القول بالصدفة ليس من مبادئ الإسلام , بل من مبادئ الماديين والملاحدة والزنادقة .
عن جابر الجعفي , قال : قال لي محمد بن علي ع :
[ يا جابر , إنّ لبني العباس راية ولغيرهم رايات فإياك ثم إياك ــ ثلاثاً ــ حتى رجلاً من ولد الحسين ع يبايع بين الركن المقام معه سلاح رسول الله وغفر رسول الله ص ودرع ... ] .
والرجل الحسيني في هذه الرواية لا يمكن أن يكون هو الإمام المهدي عليه السلام فلو كان المقصود به الإمام المهدي عليه السلام لحرم إتباع أي راية قبل قيام القائم الحجة ابن الحسن عليه السلام وهذا الفهم يتناقض مع الروايات التي تأمر بإتباع اليماني ونصرته , فيجب أن يكون الرجل الحسيني الذي يبايع له بين الركن والمقام في الرواية السابقة هو اليماني الموعود وصي الإمام المهدي احمد , وهو الذي له ثلاثة أسامي : احمد وعبد الله والمهدي .
وهذا الرجل الحسيني المذكور في الرواية السابقة و المأمور بطاعته فقط والذي يبايع له بين الركن والمقام هو نفسه الرجل الحسيني في الرواية الآتية التي تصفه بأنّه المأمور بطاعته فقط من دون سائر الرايات الشاذة التي يحرم إتباعها , وتصفه أيضاً بأنّ معه عهد رسول الله ص , أي وصيته التي أوصى بها عندما حضرته الوفاة .
عن أبي جعفر في خبر طويل قال :
[ ... إياك واشذاذ من آل محمد , فإنّ لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات , فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين ع معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه , فإنّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ع ثم صار عند محمد بن علي ع ويفعل الله ما يشاء فألزم هؤلاء أبداً وإياك ومن ذكرت لك... ] .
ورب قائل يقول : إنّ هذا يتعارض مع الروايات المثيرة التي تنص على إنّ الذي يبايع بين الركن والمقام هو الإمام المهدي وليس أول المهديين من ذريته [ الوصي ] .
فأقول : لا يوجد تعارض بين هذه الرواية وسائر الروايات بعد الإلتفات إلى تصور معنيين لبيعة وصي الإمام المهدي عليهم السلام بين الركن والمقام وكلاهما يصح ولا إشكال عليه :
أولاً : ...
بعدما تتم البيعة للإمام المهدي عليه السلام بين الركن والمقام يأخذ البيعة أيضاً من أنصاره لوصية المهدي الأول من ذريته ,وهذه سنّة متبعة وأحد أوجه التشابه بين الإمام علي ع وصي رسول الله ص وبين المهدي الأول وصي الإمام المهدي عليه السلام , فكذلك قد أخذ رسول الله ص البيعة من المسلمين لوصيه علي بن أبي طالب ع في حادثة الدار عندما دعا عشيرته وطبخ لهم يد شاة , وكذلك في حادثة يوم الغدير المشهورة .
وبهذا لا يكون تعارض بين الروايات وخصوصاً إذا لاحظنا حديث بيعة الوصي بأنّه لا يلغي بيعة الإمام المهدي عليه السلام ولا يقول إنّ بيعة الوصي هي البيعة الوحيدة أو المستقلة بين الركن والمقام , فتأمل .
ثانياً : ....
يُوكِّل الإمام المهدي عليه السلام وصيه في أخذ البيعة نيابة عنه من الأنصار بين الركن والمقام , وفي هذه الحالة تكون البيعة منتسبة للإمام المهدي عليهم السلام , لأنها بأمره وتدبيره وتكون منتسبة للوصي , لأنه هو المباشر في أخذها للإمام المهدي عليه السلام .
وهذا المعنى وارد حتى في القرآن الكريم , فتارة ينسب قبض الأرواح إلى الله تعالى :
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا 42 . الزمر .
وتارة ينسب قبض الأرواح إلى ملك الموت :
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ . 11 السجدة .
وتارة ثالثة ينسب قبض الأرواح إلى الملائكة :
تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ . 27 محمد .
ولا تعارض في كلام الله تعالى . فنسبة قبض الأرواح له تعالى , لأنه هو الآمر وهو المدبّر وهو المسيطر , وملك الموت والملائكة جنود عنده لا يسبقونه بالقول وبأمره يعملون فعملهم هو عمل الله تعالى , لأنهم موكلّون عنه في قبض الأرواح , وأيضاً ينسب العمل لهم لمباشرتهم لهذه المهمة .
فيمكن أن تكون البيعة بين الركن والمقام واحدة يباشرها وصي الإمام المهدي عليه السلام نيابة عنه فهي بيعة للإمام المهدي عليه السلام لأنه هو الآمر بها , وبيعة لوصيه لأنه هو المباشر لها , وخصوصاً إذا لاحظنا إنّ هناك بعض الروايات نصت على ذلك .
فالرواية الآتية تنص على أنّ هناك مولى للإمام المهدي عليه السلام بوليه الإمام المهدي عليه السلام ,
إستلام البيعة من الناس : ....
عن الباقر ع أنه قال في حديث طويل :
[ ... ثم قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من أشدّ الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر , فيقول : يا هذا , ما تصنع فوالله إنك لتجفل الناس النعم أفبعهد من رسول الله ص أم بماذا ؟! فيقول المولى الذي ولي البيعة : والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك . فيقول القائم : أسكت يا فلان , أي والله إن معي عهد من رسول الله ص هات لي البيعة , فيأتيه فيقرأ العهد من رسول الله ص
فيقول : جعلني الله فداك أعطني رأسك أقبله , فيعطيه رأسه فيقبل عينيه , ثم يقول : جعلني الله فداك جدّد لنا البيعة فيجدّد لهم البيعة ...] .
فبعد غض النظر عن أمر مهم في هذه الرواية أتركه إلى وقته أقول : ....
قد ذُكر المولى الذي يتولى البيعة نيابة عن الإمام المهدي عليه السلام والظاهر أنّ العهد الذي أخرجه الإمام المهدي عليه السلام للمتعرض
هو وصية الرسول ص ليلة وفاته , لأنها هي الموصوفة بالعهد في أكثر من رواية .
وأيضاً ورد ذكر هذا المولى في عدّة روايات منها الرواية الآتية التي تبيّن غيبة الإمام المهدي عليه السلام وأمر المولى الوحيد الذي يطلع على موضع الإمام المهدي عليه السلام .
الرواية الثالثة : ...
وعن حذلم بن بشير , قال : قلت لعلي بن الحسين ع :
صف لي خروج المهدي وعرّفني دلائله وعلاماته , فقال :
[ يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد , ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند , ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان , فإذا ظهر السفياني إختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك ] .
وقول الإمام السجاد ع في نهاية الرواية : [ فإذا ظهر السفياني إختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك ]
حار في تفسيره بعض العلماء والباحثين , لأنها لا تنطبق على الإمام المهدي عليه السلام , وذلك لأنّ هذه الرواية تفيد أنّ الإمام المهدي عليه السلام يكون موجوداً قبل ظهور السفياني , وهذا مخالف للكثير من الروايات المتكاثرة والمتواترة التي تنص على أنّ السفياني يخرج قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام بخمسة عشر شهراً وعلى أقل تقدير ثمانية أشهر , أي : إنّ السفياني علامة من علامات قيام الإمام المهدي عليه السلام فكيف يكون الإمام المهدي ظاهراً قبل خروج السفياني ثم يختفي عند خروجه ثم يظهر بعد ذلك ؟
واضطر البعض إلى تأويل هذه الرواية بوجوده بعيدة عن الواقع .
والحق إنّ هذا من الأمور التي حاول الأئمة إخفائها في كلامهم وتمويهها على الناس لتكون دليلاً على إنّ المقصود بــ [ المهدي ] في هذه الرواية وأشباهها ليس الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام لأنه يظهر بعد السفياني لا قبله وإنما المقصود بذلك المهدي الأول من ذرية الإمام المهدي عليه السلام الذي ذكره الرسول في وصيته ووصفه بأول المؤمنين وأول المهديين , وهو الذي يستلم الوصية من الإمام المهدي عليه السلام عند وفاته ,وأيضاً قال عنه إنه يبايع بين الركن والمقام .
وبهذا ينكشف الخفاء وينحل التعارض بين هذه الرواية وباقي الروايات ويكون المقصود منها وصي الإمام المهدي عليه السلام وأول المهديين من ذريته الذي يكون ظاهراً قبل السفياني ثم يختفي عند خروج السفياني ثم يظهر بعد ذلك ويقاتل السفياني وينتصر عليه ويمهد لقيام أبيه الإمام المهدي عليه السلام .
الرواية الرابعة : ....
أخرج الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد عن الرضا ع قال :
[ كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات ] .
وبعد ملاحظة ما ذكرته سابقاً من هذا البحث يتّضح أنّ هذه الرواية تنطبق على وصي الإمام المهدي عليه السلام الذي يقوم ممهداً لدولة أبيه الإمام المهدي عليه السلام ولا تنطبق على غيره , لأنه هو ابن صاحب الوصيات , أي : وصايا الأنبياء والأئمة ع التي استقرت عند القائم الحجة ابن الحسن عليه السلام , ولذلك وصف في وصية الرسول ص بــ [ المستحفظ من آل محمد ] و وبرواية الإمام الصادق ع :
[ الحافظ لما استودع ] , أي الحافظ لوصايا الأنبياء والأئمة ع فهو وارثهم .
وذكرت الرواية إنّ الرايات تهدى إلى ابن صاحب الوصيات , أي تُبايع ابن وصي الإمام المهدي عليه السلام , وهذه البيعة أكّد عليها الرسول ص والأئمة ع في عدّة روايات
نقلتُ قسماً منها فيما سبق كــ [ فبايعوه فإنه خليفة [ الله ] المهدي ] و [ فأتوه ولو حبواً على الثلج ] إضافة إلى الروايات التي أوجبت إتّباع اليماني ونصرته والذي هو نفسه ابن صاحب الوصيات , كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى , إنتهى .
وغير ذلك الكثير الكثير تجده في هذا الكتاب وغيره من كتب أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
اللجنة العلمية
أنصار الإمام المهدي مكّن الله له في الأرض .
الشيخ ناظم العقيلي .
كتاب
الجواب المنير عبر الأثير .
...................................
Comment