رد: إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع .
إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع
سؤال 640
سلام من الله العزيز الحكيم .
وبعد .. فقد كثر الحديث عن حضرتكم من فئة الشباب وقد وصل بهم التمادي على بعض من اعلام المذهب الذين هم من يفتوننا بما نعجز عن تأويله .
ولم أجد أي من العلماء أو الخطباء من أتى بذكركم , فأنا شاب في عصر العولمة وعصر الفتن أريد من الله أن يُنجيني ويعصمني منها بمحمد وآل محمد , ولستُ بعالم حتى أُزكي أحد على أحد .
ولكن من الأمور المعروفة أنه أول رقاب تُقطف هي رقاب العلماء وليس جميعهم , لأنها لو خليت خربت .
ولكن ما إثباتك على أنه أنت اليماني المهدي الذي ذُكر في وصية الرسول محمد ص ؟
وما هو إعجازك ؟
وما أنت مقبل عليه ؟ .
المُرسل . احمد . من الكويت
الجواب :
ورد في رواية الوصية ما يلي : [ يا أبا الحسن , أحضر صحيفة ودواة , فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع , فقال : يا علي , إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً .... وساق الحديث إلى أن قال : وليُسلّمها الحسن ع إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد ص فذلك إثنا عشر إماماً , ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً , فإذا حضرته الوفاة فليُسلّمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كااسمي واسم أبي وهو عبد الله واحمد , والاسم الثالث المهدي , وهو أول المؤمنين .] .
احمد إذن هو ابن الإمام المهدي عليه السلام وهو وصيّه وهو أول المؤمنين به , وكونه أول المؤمنين به يقتضي أن يكون موجوداً في زمن الظهور , وإيمانه بالإمام المهدي يسبق الأصحاب الــ 313 .
وعن الإمام الباقر ع , قال : [ خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة , في شهر واحد , في يوم واحد , نظام كانظام الخرز يتبع بعضه بعضاً , فيكون البأس من كل وجه , ويل لمن ناواهم , وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني , هي راية هدى , لأنه يدعو إلى صاحبكم . فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس , وكل مسلم , وإذا خرج اليماني فانهض إليه , فإن رايته راية هدى , ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه , فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ,لأنه يدعو إلى الحق , وإلى طريق مستقيم . ] .
تأمّل ما يلي :
[ لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ] : وهذا يعني أنّ اليماني صاحب ولاية إلهية , فلا يكون شخص حجة على الناس بحيث إنّ إعراضهم عنه يُدخلهم جهنم وإن صلّوا وصاموا إلاّ إذا كان من خلفاء الله في أرضه وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين .
فعن أبي عبد الله ع , قال : [ إنّ الله لا يستحي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية , وإنّ الله ليستحي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة ] .
وروايات أخرى في نفس الصفحة من الكافي .
فطالما كانت معصية اليماني توجب النار إذن هو إمام عادل من الله تعالى .
[ أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ] : والدعوة إلى الحق والطريق المستقيم أو الصراط المستقيم تعني أنّ هذا الشخص لا يُخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يُخرجهم من حق , أي إنه معصوم منصوص العصمة , وبهذا المعنى يُصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني , أمّا افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام [ يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ]
فإنّه يجعل هذا الكلام منهم بلا فائدة فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم من ذلك .
ويُؤكّد هذا ما ورد في القرآن الكريم : قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) الأحقاف .
والآن تبيّن لنا أنّ اليماني حجة منصوص العصمة , والحجج تُعرّفنا بهم رواية الوصية آنفة الذّكر وهم الأئمة الإثنا عشر والمهدييون الإثنا عشر , واليماني مُمهّد للإمام المهدي , فيتعيّن كونه ولدِهِ احمد , وثمة براهين أخرى على هذه الحقيقة تجدها في كتب الأنصار حفظهم الله .
ولكب تطمئنّ إلى أنّ السيد احمد الحسن ع هو اليماني وهو وصي الإمام المهدي عليه السلام ورسوله , تأمّل هذه الرواية .
عن محمد بن الفضل , وعن الرضا ع : [ في حديث طويل أنه حضر في البصرة في مجلس عظيم فيه جماعة من العلماء وفيه جاثليق النصارى ورأس الجالوت , فالتفت الرضا ع إلى الجاثليق وقال : هل دلّ الإنجيل على نبوّة محمد ص . قال : لو دلّ الإنجيل على ذلك لما جحدناه , فقال الرضا ع : أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث . فقال الجاثليق : اسم من أسماء الله لا يجوز لنا أن نُظهره . قال الرضا ع : فإن أقررتُك أنّه اسم محمد .... [ وبعد أن ذَكر الإمام الرضا ع ما جاء في الإنجيل والتوراة من ذكرٍ للرسول ص ] , قالا ــ أي الجاثليق ورأس الجالوت ــ : والله لقد أتى بما لا يُمكننا ردّه ولا دفعه إلاّ بجحود الإنجيل والتوراة والزبور , وقد بشّر به موسى وعيسى ع جميعاً , ولكن لم يتقرّر عندنا بالصحة أنّه محمدٍ هذا , فأمّا اسمه محمد فلا يصح لنا أن نقرّ لكم بنبوّته ونحن شاكّون أنّه محمدكم , فقال الرضا ع : احتججتم بالشك , فهل بعث الله من قبل أو من بعد , من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد ؟ فأحجموا عن جوابه .. إلخ .] .
وجه الإستدلال بهذه الرواية :
الإمام الرضا ع : يحتج على جاثليق النصارى ورأس الجالوت اليهودي بأنّ نبوة الرسول الكريم محمد ص ثابتة , ودليله إلى إثباتها إنّ اسمه الشريف قد ورد في كتبهم , ويذكر لهم المواضع التي ذُكر فيها اسمه ص , والقوم يُقرّون له بأنّ ورود نبي اسمه محمد يأتي في آخر الزمان أمر لا يسعهم إنكاره إلاّ بجحود الإنجيل والتوراة والزبور . ولكنهم مع إقرارهم هذا يشكّون في أنّ يكون المقصود هو نبي الإسلام ص , أي إنهم يقبلون المفهوم ولكنهم يشكّون في المصداق , فهم يقولون إنّهم لا يسعهم الإقرار بنبوة محمد رسول الله لمجرد أنّ اسمه محمد .
وهنا يُجيبهم الإمام الرضا ع : بقوله : [ احتججتم بالشك ] , أي إنّكم لا تملكون حجة إيجابية , وإنمّا حجتكم سلبية , ثم يقطع عليهم هذه الحجة السلبية بقوله :
[ فهل بعث الله من قبل أو من بعد , من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد ؟ ] فيحجمون عن جوابه وتنقطع شكوكهم الواهية .
الإمام الرضا ع بعبارة أخرى يقول لهم استقرأوا التاريخ من زمن آدم ع إلى يومكم هذا , هل تجدون فيه رجلاً اسمه محمد ادّعى أنّه مبعوث من الله تعالى , فإذا لم تجدوا ــ ولن تجدوا ــ فلا محيص لكم من الإقرار بأن نبينا ص هو النبي المقصود الذي ذكرته كُتبكم .
وبطبيعة الحال لا بد أن نتذكّر دوماً أنّ ذِكر رسول الله في الأديان الإلهية السابقة كان على سبيل النص عليه والوصية به , فنحن بإزاء احتجاج بالوصية على نبوة الرسول محمد , وطريق الإثبات على صدق المُدّعي وأنّه هو المعني , هو استقراء التاريخ الذي يشهد بعدم وجود مدّعٍ للوصية سوى صاحبها . وليس هذا فحسب , بل يُمكننا إضافة بُعدٍ مهم آخر لاستدلال الإمام الرضا ع , وهو ما نتوضّحه بعد أن نعلم أنّ احتجاج الإمام الرضا ع كاملٌ وصحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فهو احتجاج رجلٍ لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي ٌ يُوحى .
إذا علمنا هذا , نتساءل الآن : ماذا لو أنّ الجاثليق ورأس الجالوت أجابا الإمام الرضا ع قائلين : نعم لم يسبق لأحد أنّه المعني بما ورد في كتبنا , ولكن هذا لا يمنع أن يأتي شخص في قابل الأيام ليدّعي ذلك .
أقول : هل كان مثل هذا الجواب المُفترض يُسقط استلال الرضا ع ؟
قلنا فيما تقدّم أنّ احتجاج الإمام الرضا ع كاملٌ وصحيح , ولا يشكّ بهذا إلاّ جاهل بحقيقة الإمام الرضا ع وبحقيقة الإمامة .
ومن منطلق هذا الإيمان بصحة احتجاج الإمام ع يُمكننا أن نتصور فهماً لاحتجاجه هو أنّه عليه السلام يريد أن يقرّر حقيقة هي أنّ الوصية لا يُمكن أن يدّعيها غير صاحبها أبداً , وبهذا التصوّر نعلم أنّ الجواب المفترض لا يشكّل نقضاً على استدلال الإمام الرضاع , بل إنّه لن يُشكّل في الحقيقة سوى استمرار لمنطق الشكّ الفارغ غير المُستند على حجة حقيقة إيجابية .
والحق أنّ العقول لسليمة تُدرك الضرورة المُحتمة من حفظ وصايا الأنبياء , بل النص الإلهي عليهم من تلاعب المزوّرين ومُدّعي الباطل , إذ أنّ افتراض إمكانية أن ينتحل مزوّر وصايا الأنبياء والحجج أو النص الإلهي عليهم سيفتح الباب على مصارعيه لدخول الشك واستفحاله في العقول و القلوب , فلا يسع إنسان بعد تحقق افتراض الإنتحال الباطل أن يطمئن أبداً لمن أنّه نبي أو وصي , وستسقط الحجة الأولى والأقوى التي يحتجون بها وهذا خلاف الفرض .
أبو محمد الأنصاري
5/ 4 / 2010 م .
كتاب
الجواب المنير عبر الأثير .
.............................
إستفسارات وأجوبة حول شخصية السيّد اليـماني ع
سؤال 640
سلام من الله العزيز الحكيم .
وبعد .. فقد كثر الحديث عن حضرتكم من فئة الشباب وقد وصل بهم التمادي على بعض من اعلام المذهب الذين هم من يفتوننا بما نعجز عن تأويله .
ولم أجد أي من العلماء أو الخطباء من أتى بذكركم , فأنا شاب في عصر العولمة وعصر الفتن أريد من الله أن يُنجيني ويعصمني منها بمحمد وآل محمد , ولستُ بعالم حتى أُزكي أحد على أحد .
ولكن من الأمور المعروفة أنه أول رقاب تُقطف هي رقاب العلماء وليس جميعهم , لأنها لو خليت خربت .
ولكن ما إثباتك على أنه أنت اليماني المهدي الذي ذُكر في وصية الرسول محمد ص ؟
وما هو إعجازك ؟
وما أنت مقبل عليه ؟ .
المُرسل . احمد . من الكويت
الجواب :
ورد في رواية الوصية ما يلي : [ يا أبا الحسن , أحضر صحيفة ودواة , فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع , فقال : يا علي , إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً .... وساق الحديث إلى أن قال : وليُسلّمها الحسن ع إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد ص فذلك إثنا عشر إماماً , ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً , فإذا حضرته الوفاة فليُسلّمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كااسمي واسم أبي وهو عبد الله واحمد , والاسم الثالث المهدي , وهو أول المؤمنين .] .
احمد إذن هو ابن الإمام المهدي عليه السلام وهو وصيّه وهو أول المؤمنين به , وكونه أول المؤمنين به يقتضي أن يكون موجوداً في زمن الظهور , وإيمانه بالإمام المهدي يسبق الأصحاب الــ 313 .
وعن الإمام الباقر ع , قال : [ خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة , في شهر واحد , في يوم واحد , نظام كانظام الخرز يتبع بعضه بعضاً , فيكون البأس من كل وجه , ويل لمن ناواهم , وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني , هي راية هدى , لأنه يدعو إلى صاحبكم . فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس , وكل مسلم , وإذا خرج اليماني فانهض إليه , فإن رايته راية هدى , ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه , فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ,لأنه يدعو إلى الحق , وإلى طريق مستقيم . ] .
تأمّل ما يلي :
[ لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ] : وهذا يعني أنّ اليماني صاحب ولاية إلهية , فلا يكون شخص حجة على الناس بحيث إنّ إعراضهم عنه يُدخلهم جهنم وإن صلّوا وصاموا إلاّ إذا كان من خلفاء الله في أرضه وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين .
فعن أبي عبد الله ع , قال : [ إنّ الله لا يستحي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية , وإنّ الله ليستحي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة ] .
وروايات أخرى في نفس الصفحة من الكافي .
فطالما كانت معصية اليماني توجب النار إذن هو إمام عادل من الله تعالى .
[ أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ] : والدعوة إلى الحق والطريق المستقيم أو الصراط المستقيم تعني أنّ هذا الشخص لا يُخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يُخرجهم من حق , أي إنه معصوم منصوص العصمة , وبهذا المعنى يُصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني , أمّا افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام [ يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ]
فإنّه يجعل هذا الكلام منهم بلا فائدة فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم من ذلك .
ويُؤكّد هذا ما ورد في القرآن الكريم : قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) الأحقاف .
والآن تبيّن لنا أنّ اليماني حجة منصوص العصمة , والحجج تُعرّفنا بهم رواية الوصية آنفة الذّكر وهم الأئمة الإثنا عشر والمهدييون الإثنا عشر , واليماني مُمهّد للإمام المهدي , فيتعيّن كونه ولدِهِ احمد , وثمة براهين أخرى على هذه الحقيقة تجدها في كتب الأنصار حفظهم الله .
ولكب تطمئنّ إلى أنّ السيد احمد الحسن ع هو اليماني وهو وصي الإمام المهدي عليه السلام ورسوله , تأمّل هذه الرواية .
عن محمد بن الفضل , وعن الرضا ع : [ في حديث طويل أنه حضر في البصرة في مجلس عظيم فيه جماعة من العلماء وفيه جاثليق النصارى ورأس الجالوت , فالتفت الرضا ع إلى الجاثليق وقال : هل دلّ الإنجيل على نبوّة محمد ص . قال : لو دلّ الإنجيل على ذلك لما جحدناه , فقال الرضا ع : أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث . فقال الجاثليق : اسم من أسماء الله لا يجوز لنا أن نُظهره . قال الرضا ع : فإن أقررتُك أنّه اسم محمد .... [ وبعد أن ذَكر الإمام الرضا ع ما جاء في الإنجيل والتوراة من ذكرٍ للرسول ص ] , قالا ــ أي الجاثليق ورأس الجالوت ــ : والله لقد أتى بما لا يُمكننا ردّه ولا دفعه إلاّ بجحود الإنجيل والتوراة والزبور , وقد بشّر به موسى وعيسى ع جميعاً , ولكن لم يتقرّر عندنا بالصحة أنّه محمدٍ هذا , فأمّا اسمه محمد فلا يصح لنا أن نقرّ لكم بنبوّته ونحن شاكّون أنّه محمدكم , فقال الرضا ع : احتججتم بالشك , فهل بعث الله من قبل أو من بعد , من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد ؟ فأحجموا عن جوابه .. إلخ .] .
وجه الإستدلال بهذه الرواية :
الإمام الرضا ع : يحتج على جاثليق النصارى ورأس الجالوت اليهودي بأنّ نبوة الرسول الكريم محمد ص ثابتة , ودليله إلى إثباتها إنّ اسمه الشريف قد ورد في كتبهم , ويذكر لهم المواضع التي ذُكر فيها اسمه ص , والقوم يُقرّون له بأنّ ورود نبي اسمه محمد يأتي في آخر الزمان أمر لا يسعهم إنكاره إلاّ بجحود الإنجيل والتوراة والزبور . ولكنهم مع إقرارهم هذا يشكّون في أنّ يكون المقصود هو نبي الإسلام ص , أي إنهم يقبلون المفهوم ولكنهم يشكّون في المصداق , فهم يقولون إنّهم لا يسعهم الإقرار بنبوة محمد رسول الله لمجرد أنّ اسمه محمد .
وهنا يُجيبهم الإمام الرضا ع : بقوله : [ احتججتم بالشك ] , أي إنّكم لا تملكون حجة إيجابية , وإنمّا حجتكم سلبية , ثم يقطع عليهم هذه الحجة السلبية بقوله :
[ فهل بعث الله من قبل أو من بعد , من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد ؟ ] فيحجمون عن جوابه وتنقطع شكوكهم الواهية .
الإمام الرضا ع بعبارة أخرى يقول لهم استقرأوا التاريخ من زمن آدم ع إلى يومكم هذا , هل تجدون فيه رجلاً اسمه محمد ادّعى أنّه مبعوث من الله تعالى , فإذا لم تجدوا ــ ولن تجدوا ــ فلا محيص لكم من الإقرار بأن نبينا ص هو النبي المقصود الذي ذكرته كُتبكم .
وبطبيعة الحال لا بد أن نتذكّر دوماً أنّ ذِكر رسول الله في الأديان الإلهية السابقة كان على سبيل النص عليه والوصية به , فنحن بإزاء احتجاج بالوصية على نبوة الرسول محمد , وطريق الإثبات على صدق المُدّعي وأنّه هو المعني , هو استقراء التاريخ الذي يشهد بعدم وجود مدّعٍ للوصية سوى صاحبها . وليس هذا فحسب , بل يُمكننا إضافة بُعدٍ مهم آخر لاستدلال الإمام الرضا ع , وهو ما نتوضّحه بعد أن نعلم أنّ احتجاج الإمام الرضا ع كاملٌ وصحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فهو احتجاج رجلٍ لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي ٌ يُوحى .
إذا علمنا هذا , نتساءل الآن : ماذا لو أنّ الجاثليق ورأس الجالوت أجابا الإمام الرضا ع قائلين : نعم لم يسبق لأحد أنّه المعني بما ورد في كتبنا , ولكن هذا لا يمنع أن يأتي شخص في قابل الأيام ليدّعي ذلك .
أقول : هل كان مثل هذا الجواب المُفترض يُسقط استلال الرضا ع ؟
قلنا فيما تقدّم أنّ احتجاج الإمام الرضا ع كاملٌ وصحيح , ولا يشكّ بهذا إلاّ جاهل بحقيقة الإمام الرضا ع وبحقيقة الإمامة .
ومن منطلق هذا الإيمان بصحة احتجاج الإمام ع يُمكننا أن نتصور فهماً لاحتجاجه هو أنّه عليه السلام يريد أن يقرّر حقيقة هي أنّ الوصية لا يُمكن أن يدّعيها غير صاحبها أبداً , وبهذا التصوّر نعلم أنّ الجواب المفترض لا يشكّل نقضاً على استدلال الإمام الرضاع , بل إنّه لن يُشكّل في الحقيقة سوى استمرار لمنطق الشكّ الفارغ غير المُستند على حجة حقيقة إيجابية .
والحق أنّ العقول لسليمة تُدرك الضرورة المُحتمة من حفظ وصايا الأنبياء , بل النص الإلهي عليهم من تلاعب المزوّرين ومُدّعي الباطل , إذ أنّ افتراض إمكانية أن ينتحل مزوّر وصايا الأنبياء والحجج أو النص الإلهي عليهم سيفتح الباب على مصارعيه لدخول الشك واستفحاله في العقول و القلوب , فلا يسع إنسان بعد تحقق افتراض الإنتحال الباطل أن يطمئن أبداً لمن أنّه نبي أو وصي , وستسقط الحجة الأولى والأقوى التي يحتجون بها وهذا خلاف الفرض .
أبو محمد الأنصاري
5/ 4 / 2010 م .
كتاب
الجواب المنير عبر الأثير .
.............................
Comment