رد: تجميع كلام السيد أحمد الحسن ع في الآيات القرآنية
تفسير لآيات قرآنية للإمام احمد الحسن أول المهديين .
من كتابه المتشابهات .
سؤال 114 :
ما معنى قوله تعالى :
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) الواقعة . ؟
الجواب :
النشأة الأولى هي عالم الذر , وفيها الإمتحان الأول , وقد أحاط بها بنو آدم علماً , ولكنهم لما جاءوا إلى هذا العالم حجبتهم الكثافة الجسمانية , ثم شهواتهم ومعاصيهم وغفلتهم عن ذكر الله , والأولياء من الأنبياء والرسل
والحجج عليهم السلام يتذكرون هذه النشأة ويعرفون أولياءهم فيها , وكل من كانت فطرته نقية يتذكر هذا العالم السابق , ويعلم حاله فيه , ولكن عامة الناس
نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ . 19 الحشر .
فبسبب غفلتهم عن الله وإهتمامهم بالعالم الجسماني وإنغماسهم في الشهوات لا يتذكرون شيئاً عن أنفسهم والعالم السابق الذي عاشوا فيه وحالهم فيه .
احمد الحسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال 126 :
ما معنى قوله تعالى :
وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف ؟
الجواب :
الإنسان أوسع المخلوقات قدرة على معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى , ففطرة الإنسان هي الفطرة الأوسع والأعظم , وكما ورد في الحديث :
[ إنّ الله خلق آدم على صورته ] .
أي إن الإنسان مفطور على التحلي بأسماء الله سبحانه , حتى يصبح هو وجه الله سبحانه في خلقه وأسماءه الحسنى في الخلق .
فالجدل في الآية : يعني الكلام بالحق والإحتجاج به على أهل الباطل , والإنسان هو
[ علي بن أبي طالب عليه السلام ]
أما الإنسان إذا إنتكس فإنه يجادل بالباطل , ولكن مجادلة أهل الباطل سفيهة واهنة إذا ما عُرِضت على العقل السليم الذي يزن الأمور بعيداً عن الهوى والتعصبوالتَّزمُّت .
احمد الحسن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
سؤال 128 :
ما معنى قول إبراهيم ع : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي
في قوله تعالى :
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)
البقرة . ؟
الجواب :
عندما حمل إبراهيم وهو شاب الفأس و كسَّر الأصنام , وألقاه النمرود وعلماء الضلالة في النار , كافأه الله سبحانه وتعالى بدون أن يطلب هو عليه السلام , بأن جعل الأنبياء اللاحقين بعده من ذريته .
ثم إن إبراهيم عليه السلام إستمر بدعوته الإلهية , فلما إمتحنه الله سبحانه وتعالى بالكلمات ونجح إبراهيم ع بالإمتحان والإبتلاء خاطبه الله تعالى فقال له :
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا .
ومرتبة الإمامة الإلهية مرتبة عالية , لم ينلها كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ,
وهنا سأل إبراهيم ع الله سبحانه وتعالى هذا السؤال : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ,
أي وهل إن الأنبياء الذين بشرتني بهم فيما مضى هم أئمة أيضاً ؟
فقال تعالى : لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ , أي الظالمين من الأنبياء إتيانهم بالعمل ليس على الوجه الأمثل بسبب التمايز بالمعرفة بينهم عليهم السلام , فكل منهم ع يعبده سبحانه بحسب معرفته ولذا تتفاوت عبادتهم , فتكون
سجدة من محمد ص أفضل من عبادة الثقلين ,
وضربة من علي عليه السلام بــ [ عبادة الثقلين ] .
وهذا التمايز بيِّن بينهم عليهم السلام , وذكره تعالى :
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ
مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) البقرة
فنفس العمل لو كُلف به يونس النبي عليه السلام وكًلف به محمد ص لم يكن إيتان يونس به في نفس مستوى إيتان محمد ص فهذا التقصير من يونس ع في الإيتان بالعمل نسبةً إلى ما يأتي به محمد ص هو ظلم من يونس ع
لأن هذا التقصير منعه من نيل رتبة عظيمة فُطِرَ كإنسان لينالها , وبالتالي فإنّ هناك مرتبة من هذا النوع من الظلم يجب أن يتجاوزها الأنبياء والمرسلون من ذرية إبراهيم ع لينالوا مرتبة الإمامة , ولهذا قال تعالى : لَا يَنَالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ , أي لا ينال الإمامة كل الأنبياء من ذريتك يا إبراهيم , إنما ينالها الأنبياء والمرسلون من ذريتك الذين يتجاوزون هذا الظلم , فيرتقون إلى هذه المرتبة
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) النمل .
وقد أشار تعالى في القرآن لبعض الأئمة من ذرية إبراهيم عليه السلام :
ومنهم : موسى عليه السلام , قال تعالى :
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) طه .
أي خالية من الظلم , فالإنسان يأخذ ويعطي باليد , واليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى , فموسى ع طهر نفسه من الظلم بمرتبة عالية , كما في الآية :
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ .
ومنهم : عيسى عليه السلام , قال تعالى مخبراً عن عيسى ع :
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) . مريم .
أي إنّ عيسى ع نال مرتبة الإمامة , فهو يعطي الأمان لنفسه وللناس .
وأشار تعالى إلى من لم ينل مرتبة الإمامة منهم كيحيى عليه السلام , قال تعالى :
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) مريم .
أي إنه لم يصل إلى مرتبة الإمامة لكي يعطي للناس ولنفسه الأمان , وإنما هو مهَّدَ الطريق لعيسى ع و وجّه الناس إليه عليه السلام .
أما قول بعضهم : إنّ إبراهيم عليه السلام كان يحمل همَّ ذريته , فإذا كانوا يقصدون أنه ع أراد لهم الإمامة عليهم السلام فهذا لا , لأنّ إبراهيم ع لم يكن حريصاً على دنيا ولا على آخرة ’ إنما كان حريصاً على رضا
الله سبحانه وتعالى .
ودعاء الأنبياء وإبراهيم ع لذريتهم إنما هو للصالحين منهم بعد علم الأنبياء ع بصلاحهم , ومن قبل إبراهيم ع نوح ع فإنه لعن إبنه بعد أن لعنه الله سبحانه , وبعد أن علم أنه ضالّ عن الصراط المستقيم ومن أهل الجحيم .
فلم يكن إبراهيم ع أو الأنبياء يحملون همَّ ذريتهم لأنهم أولادهم , وإلاّ لكانوا بذلك على درجة كبيرة من حب الأنا والإنحراف عن الصراط المستقيم , [ حاشاهم من ذلك ] وهم خيرة الله من خلقه , إنما كان إبراهيم والأنبياء ع
يحملون همَّ الصالحين من ذريتهم , لأنهم علموا بصلاحهم , ولأنهم علموا أن هؤلاء الأبناء الصالحين سوف يخلفونهم بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى , وتحمّل العناء والمشقة والأذى من الناس في سبيل نشر التوحيد وكلمة الله
سبحانه وتعالى في أرضه .
فكان إبراهيم ع والأنبياء ع يحملون همَّ الصالحين من ذريتهم , لإنهم أولياء الله سبحانه , لا لإنهم أولادهم .
والفرق شاسع بين الأمرين , كافرق بين حب الله سبحانه , وحب الدنيا في قلب الصالح والطالح .
احمد الحسن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير لآيات قرآنية للإمام احمد الحسن أول المهديين .
من كتابه المتشابهات .
سؤال 114 :
ما معنى قوله تعالى :
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) الواقعة . ؟
الجواب :
النشأة الأولى هي عالم الذر , وفيها الإمتحان الأول , وقد أحاط بها بنو آدم علماً , ولكنهم لما جاءوا إلى هذا العالم حجبتهم الكثافة الجسمانية , ثم شهواتهم ومعاصيهم وغفلتهم عن ذكر الله , والأولياء من الأنبياء والرسل
والحجج عليهم السلام يتذكرون هذه النشأة ويعرفون أولياءهم فيها , وكل من كانت فطرته نقية يتذكر هذا العالم السابق , ويعلم حاله فيه , ولكن عامة الناس
نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ . 19 الحشر .
فبسبب غفلتهم عن الله وإهتمامهم بالعالم الجسماني وإنغماسهم في الشهوات لا يتذكرون شيئاً عن أنفسهم والعالم السابق الذي عاشوا فيه وحالهم فيه .
احمد الحسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال 126 :
ما معنى قوله تعالى :
وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف ؟
الجواب :
الإنسان أوسع المخلوقات قدرة على معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى , ففطرة الإنسان هي الفطرة الأوسع والأعظم , وكما ورد في الحديث :
[ إنّ الله خلق آدم على صورته ] .
أي إن الإنسان مفطور على التحلي بأسماء الله سبحانه , حتى يصبح هو وجه الله سبحانه في خلقه وأسماءه الحسنى في الخلق .
فالجدل في الآية : يعني الكلام بالحق والإحتجاج به على أهل الباطل , والإنسان هو
[ علي بن أبي طالب عليه السلام ]
أما الإنسان إذا إنتكس فإنه يجادل بالباطل , ولكن مجادلة أهل الباطل سفيهة واهنة إذا ما عُرِضت على العقل السليم الذي يزن الأمور بعيداً عن الهوى والتعصبوالتَّزمُّت .
احمد الحسن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
سؤال 128 :
ما معنى قول إبراهيم ع : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي
في قوله تعالى :
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)
البقرة . ؟
الجواب :
عندما حمل إبراهيم وهو شاب الفأس و كسَّر الأصنام , وألقاه النمرود وعلماء الضلالة في النار , كافأه الله سبحانه وتعالى بدون أن يطلب هو عليه السلام , بأن جعل الأنبياء اللاحقين بعده من ذريته .
ثم إن إبراهيم عليه السلام إستمر بدعوته الإلهية , فلما إمتحنه الله سبحانه وتعالى بالكلمات ونجح إبراهيم ع بالإمتحان والإبتلاء خاطبه الله تعالى فقال له :
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا .
ومرتبة الإمامة الإلهية مرتبة عالية , لم ينلها كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ,
وهنا سأل إبراهيم ع الله سبحانه وتعالى هذا السؤال : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ,
أي وهل إن الأنبياء الذين بشرتني بهم فيما مضى هم أئمة أيضاً ؟
فقال تعالى : لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ , أي الظالمين من الأنبياء إتيانهم بالعمل ليس على الوجه الأمثل بسبب التمايز بالمعرفة بينهم عليهم السلام , فكل منهم ع يعبده سبحانه بحسب معرفته ولذا تتفاوت عبادتهم , فتكون
سجدة من محمد ص أفضل من عبادة الثقلين ,
وضربة من علي عليه السلام بــ [ عبادة الثقلين ] .
وهذا التمايز بيِّن بينهم عليهم السلام , وذكره تعالى :
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ
مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) البقرة
فنفس العمل لو كُلف به يونس النبي عليه السلام وكًلف به محمد ص لم يكن إيتان يونس به في نفس مستوى إيتان محمد ص فهذا التقصير من يونس ع في الإيتان بالعمل نسبةً إلى ما يأتي به محمد ص هو ظلم من يونس ع
لأن هذا التقصير منعه من نيل رتبة عظيمة فُطِرَ كإنسان لينالها , وبالتالي فإنّ هناك مرتبة من هذا النوع من الظلم يجب أن يتجاوزها الأنبياء والمرسلون من ذرية إبراهيم ع لينالوا مرتبة الإمامة , ولهذا قال تعالى : لَا يَنَالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ , أي لا ينال الإمامة كل الأنبياء من ذريتك يا إبراهيم , إنما ينالها الأنبياء والمرسلون من ذريتك الذين يتجاوزون هذا الظلم , فيرتقون إلى هذه المرتبة
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) النمل .
وقد أشار تعالى في القرآن لبعض الأئمة من ذرية إبراهيم عليه السلام :
ومنهم : موسى عليه السلام , قال تعالى :
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) طه .
أي خالية من الظلم , فالإنسان يأخذ ويعطي باليد , واليد البيضاء تشير إلى عدالة الإنسان التامة مع الناس ومع الله سبحانه وتعالى , فموسى ع طهر نفسه من الظلم بمرتبة عالية , كما في الآية :
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ .
ومنهم : عيسى عليه السلام , قال تعالى مخبراً عن عيسى ع :
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) . مريم .
أي إنّ عيسى ع نال مرتبة الإمامة , فهو يعطي الأمان لنفسه وللناس .
وأشار تعالى إلى من لم ينل مرتبة الإمامة منهم كيحيى عليه السلام , قال تعالى :
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) مريم .
أي إنه لم يصل إلى مرتبة الإمامة لكي يعطي للناس ولنفسه الأمان , وإنما هو مهَّدَ الطريق لعيسى ع و وجّه الناس إليه عليه السلام .
أما قول بعضهم : إنّ إبراهيم عليه السلام كان يحمل همَّ ذريته , فإذا كانوا يقصدون أنه ع أراد لهم الإمامة عليهم السلام فهذا لا , لأنّ إبراهيم ع لم يكن حريصاً على دنيا ولا على آخرة ’ إنما كان حريصاً على رضا
الله سبحانه وتعالى .
ودعاء الأنبياء وإبراهيم ع لذريتهم إنما هو للصالحين منهم بعد علم الأنبياء ع بصلاحهم , ومن قبل إبراهيم ع نوح ع فإنه لعن إبنه بعد أن لعنه الله سبحانه , وبعد أن علم أنه ضالّ عن الصراط المستقيم ومن أهل الجحيم .
فلم يكن إبراهيم ع أو الأنبياء يحملون همَّ ذريتهم لأنهم أولادهم , وإلاّ لكانوا بذلك على درجة كبيرة من حب الأنا والإنحراف عن الصراط المستقيم , [ حاشاهم من ذلك ] وهم خيرة الله من خلقه , إنما كان إبراهيم والأنبياء ع
يحملون همَّ الصالحين من ذريتهم , لأنهم علموا بصلاحهم , ولأنهم علموا أن هؤلاء الأبناء الصالحين سوف يخلفونهم بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى , وتحمّل العناء والمشقة والأذى من الناس في سبيل نشر التوحيد وكلمة الله
سبحانه وتعالى في أرضه .
فكان إبراهيم ع والأنبياء ع يحملون همَّ الصالحين من ذريتهم , لإنهم أولياء الله سبحانه , لا لإنهم أولادهم .
والفرق شاسع بين الأمرين , كافرق بين حب الله سبحانه , وحب الدنيا في قلب الصالح والطالح .
احمد الحسن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
Comment