إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    #16
    رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

    مقدمة كتاب (زاد المعاد)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي جعل العبادة وسيلة لنيل السعادة ، في الآخرة والأولى ، والصلاة على سيد الورى محمد وعترته أئمة الهدى . أما بعد فإن العبد الخاطئ محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن جرائمهما يدوّن على ألواح الأرواح الصافية للأخوة الإيمانيين والأخلاّء الروحانيين أن جانب الحضرة القدسية للباري تعالى شأنه جعل الصوم والصلاة والدعاء والعبادات أقصر الطرق وأشرفها لنيل السعادات وهداية التائهين في وادي الجهالة والضلالة ، وقد وردت أعمال وأدعية جمة عن رسول الله وأئمة الهدى ( صلوات الله عليه و عليهم أجمعين ) تزخر بها كتب الأدعية ، وأنا الداعي خادم أخبار الأئمة الأطهار عليهم صلوات الملك الغفار قد جمعت أكثرها في كتاب بحار الأنوار ، غير أن أكثر الناس لا يتيسّر لهم الاطلاع على ما في هذا الكتاب( ضخم جداً ) والعمل بجميع ما فيه نظراً لانشغالهم بأنواع الهموم الدنيوية ، لذا قرّرت تجميع خلاصة منتخبة من أعمال السنة وفضائل الأيام والليالي الشريفة وأعمالها في هذه الرسالة لكي يتسنى لعموم الناس الاستفادة منها ولعلّهم يذكرون هذا العبد المذنب بدعاء أو استغفار ، وأسميتها ب(زاد المعاد) عسى الله أن يهدينا وإياهم إلى سبيل الرشاد ، ونظراً لأن إتمام هذه الرسالة وإنجازها على عجالة تم في زمان دولة العدالة وأوان سلطنة السعادة صاحب الحضرة العليا سيّد سلاطين الزمان ورئيس خواقين العصر ، شيرازة أوراق الملة والدين وصفوة أحفاد سيّد المرسلين ، الماء والخضراء للبستان المصطفوي وعين وسراج البيت المرتضوي ، السلطان الذي خدمه كثير جمّ والخاقان الذي الملائكة له حشم ، سليل الشجاعة ومن سيفه البتار نهر جارف لرؤوس الكفار نحو دار البوار ، وحسامه الحارق ،كالنار يهوي على بيدر المعاندين والمخالفين مصداقاً لقوله تعالى ( يرسل عليهما شواظ من نار )، من ترتفع أيدي الداعين له بمزيد الرفعة في بلاطه العالي البنيان ، وتلهج ألسنة أرباب التصوف بزمزمة الدعاء له بخلود دولته ، تعينها على ذلك طيور العندليب الشامخة على أغصان سدرة المنتهى ، والكل له داعٍ بأن يزلزل الله كل سيف يشهر ضدّه في يد صاحبه ، ويجعل كل راية نفاق مرفوعة بوجهه كفناً لرافعها وحاملها … يا من جبين غضبه يفكّ العقد التي لا تحلّ ، وراحة يده الكريمة سحاب مطر على مزارع الآيسين ، مؤسس قواعد الملة والدين ، مروّج شريعة الآباء الطاهرين ، ومَنْ حياض بلاطه تفيض من كثرة تقبيل شفاه سلاطين الزمان وخواقين العصر ، ومن صرحه الممرّد مطرز بنداء ( قد مسّنا الضر أيها العزيز ) أعني السلطان الأعظم والخاقان الأعدل الأكرم ، ملجأ الأكاسرة ، وملاذ القياصرة محيي مراسم الشريعة الغراء ، ومشيد قواعد الملّة البيضاء ، السلطان بن السلطان ، والخاقان بن الخاقان، الشاه سلطان حسين الموسوي الحسيني الصفوي بهادر خان ، لا زالت رايات دولته مرفوعة ، وهامات أعدائه مقموعة …

    ومن هنا فإنني أقدّمها هديّة لحضرته الشريفة رجاء أن يتقبلها ببعه الأشرف ، وينتفع بها صاحب السمو والجلالة بمحمد وآله الطاهرين ، والله هو الموفق والمعين !





    وأعتذر من القارىء على هذا النقل الطويل والممل ولكنه يوضح الروح السائدة في أوساط العلماء و الروحانيين ، فهذه الروح الخانعة والمتذللة للسلاطين هي التى يربون عليها تلاميذهم وأنصارهم ولذلك سهل عليهم تصور وتصوير الأئمة بهذه الصورة المتدنية !!!
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

    Comment

    • اختياره هو
      مشرف
      • 23-06-2009
      • 5310

      #17
      رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

      نصرانية الغرب والتشيّع الصفوي ؛ الإفرنجي في كربلاء !



      من القضايا الواضحة وجود نحو ارتباط بين الصفوية والمسيحية حيث تضامن الاثنان لمواجهة الإمبراطورية الإسلامية العظمى التي كان لها حضور فاعل على الصعيد الدولي أبان الحكم العثماني وشكلت خطراً جديّاً على أوروبا ، وقد وجد رجالات التشيّع الصفوي أنه لا بدّ من توفير غطاء (شرعي ) لهذا التضامن السياسي فعملوا على تقريب التشيّع من المسيحية ، وفي هذا الإطار عمد الشاه الصفوي إلى استرضاء المسيحيين من خلال دعوتهم للهجرة إلى إيران ، وقد شيّد لمسيحيي (جلفا ) مدينة مستقلة قرب العاصمة وأخذ يتودّد إليهم ويصدر بيانات وبلاغات رسمية يعلن فيها عن تمتّعهم بحماية تامة وحرية كاملة في ممارسة طقوسهم الدينية ، ومن جهته سعى رجل الدين الصفوي إلى تجميل صورة بعض الشخصيات المسيحية وإقحامها في المشاهد التمثيلية التي تقام إحياءً لذكرى عاشوراء ، من ذلك أن رجلاً كرواتياً يحضر أحد هذه المشاهد فيتأثر بالمناخ الحزين فيقتحم المكان ببدلته الأنيقة ونظارتيه و يهاجم معسكر يزيد وأنصاره ويواسي الحاضرين بأجمل مواساة ، بحيث ما أن يراه الناظر حتى يتيقن بأن كلب هذا المسيحي الإفرنجي أطهر من (السنّة) الذين قتلوا الحسين (ع) ، ولاشك أن مُخرج المشهد المسرحي لا يريد غير ذلك[1]!

      و استحدث الصفويون منصباً وزارياً جديداً باسم وزير الشعائر الحسينية ، وقد قام هذا الوزير بجلب أول هدايا الغرب لإيران في القرنين السادس عشر والسابع عشر ، وكان هذا أول تماس حضاري بين إيران والغرب لا كما يقال من أن هذا الارتباط والتماس حصل في القرن التاسع عشر من خلال استيراد المطابع والصحف والمؤسسات والشخصيات الثقافية كدار الفنون وحاجي أمين الضرب وأمير كبير .

      ذهب وزير الشعائر الحسينية إلى أوروبا الشرقية وكانت تربطها بالدولة الصفوية روابط حميمة يكتنفها الغموض ، وأجرى هناك تحقيقات ودراسات واسعة حول المراسم الدينية و الطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك حتى أنماط الديكورات التي كانت تزين بها الكنائس في تلك المناسبات ، واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران حيث استعان ببعض الملالي لإجراء بعض التعديلات عليها لكي يصلح استخدامها في المناسبات الشيعية وبما ينسجم مع الأعراف والتقاليد الوطنية المذهبية في إيران ، ما أدى بالتالي إلى ظهور موجة جديدة من الطقوس والمراسم المذهبية لم يعهد لها سابقة في الفلكلور الشعبي الإيراني ولا في الشعائر الدينية الإسلامية ؛ ومن بين تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتطبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى ، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث يستطيع كل إنسان مطلع على تلك المراسيم أن يشخّص أن هذه ليست سوى نسخة من تلك !

      تتضمن مراسم العزاء المسيحي تمثيل حياة شهداء الحركة المسيحية الأوائل وإظهار مظلوميتهم وطريقة قتلهم بواسطة حكام الجور والشرك وقياصرة الروم وقوّاد جيشهم وكذلك التطرق لسيرة الحواريين ومأساة مريم وبيان فضائلها وكراماتها ومعاناتها ،والأهم من ذلك تجسيد مأساة عيسى المسيح وألوان التعذيب الذي لاقاه سواء من قومه(اليهود) أو من الحكام (القياصرة)، كل ذلك تحت عنوان (passions ) أي المصائب ، وهو مصطلح يطلق على مجموع هذه المراسيم التي اقتبسها الصفويون وأدخلوها إلى التاريخ الشيعي لتصبح جزءاً من الهوية الشيعية وتستخدم في تجسيد المصائب التي تعرض لها أهل البيت والزهراء (ع) والإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه .

      جدير ذكره أن مراسيم اللطم والزنجيل والتطبير وحمل الأقفال مازالت تمارس سنوياً في ذكرى (استشهاد )المسيح في منطقة(lourder) ، وعلى الرغم من أن هذه المراسيم دخيلة على المذهب وتعتبر مرفوضة من وجهة نظر إسلامية ولم تحظ بتأييد العلماء الحقيقيين بل إن كثيرا منهم عارضوها صراحة لأنها لا تنسجم مع موازين الشرع ، مع ذلك فإنها ما زالت تمارس على قدم وساق منذ قرنين أو ثلاثة ، ممّا يثير الشكوك أكثر حول منشأها ومصدر الترويج لها ، ويؤكد أن هذه المراسيم تجري بإرادة سياسية لا دينية وهذا هو السبب في ازدهارها وانتشارها على الرغم من مخالفة العلماء لها ؛ وقد بلغت هذه المراسيم من القوة والرسوخ بحيث أن كثيراً من علماء الحق لا يتجرءون على إعلان رفضهم لها ويلجأون إلى التقية في هذا المجال !!

      وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من المباشرين لهذه الأعمال يدركون جيداً موقف العلماء الحقيقيين منها ، ولكنهم يقنعون أنفسهم بأن هذه الأعمال خارجة عن نطاق الشريعة وداخلة في نطاق الحبّ الذي لا يلتزم كثيراً بالقيود والضوابط ، حتى قيل أن أحدهم واجه أحد العلماء بالقول إننا نصغي إلى أقوالكم أحد عشر شهراً في السنة ولكن عليكم في هذا الشهر (محرم ) أن تصغوا أنتم إلى أقوالنا !

      وقد اخترعوا من أنفسهم اسطوانات جديدة يكررونها لإقناع بل خداع أنفسهم قبل غيرهم فيقولون مثلاً إن هذا العمل لا يندرج تحت قائمة المستحب والمكروه أو الحلال والحرام ، إنه جنون حبّ علي والحسين ، حب الحسين أجنني،عاشوراء أغلت دماءنا ،ودَدْنا لو نحرق أنفسنا بأيدينا ، إن حساب الحسين غير حساب الله والدين والأحكام الشرعية ، ولو أن الله سبحانه تعالى ألقانا في جهنم عقوبة على حب الحسين فما أشوقنا إلى نار جهنم ! إلى غير ذلك من الجمل والعبارات التي إن دلّت على شيء فإنّما تدل على فقر أصحابها منطقياً وعدم امتلاكهم الحجة الشرعية لتبرير أفعالهم .

      واضح جداً أن هذه اللغة هي لغة التصوف وأن هذه المشاعر والأحاسيس هي مشاعر غلوّ وإفراط نجمت عن أعمال الدراويش ومبالغات الخطباء والشعراء ، وكل هذه المظاهر تستمدّ وجودها من عصب صفوي يغذّيها وينفخ فيها من أجل تضخيمها يوماً بعد يوم .

      إنني أعتقد أن ما هو معروف اليوم من أن استنكاف علماء و فقهاء الشيعة لارتقاء منبر الخطابة والتبليغ وتجنب الدخول في أحاديث التكايا والمحافل الاجتماعية الدينية ، يعود إلى إدراكهم لحقيقة أن هذه المظاهر هي مظاهرة صنيعة للحكم الصفوي وأن هذه المنابر كانت تستمدّ قوتها من الموقف السياسي لا الموقف الديني ، والدليل على ذلك أن هذه المراسيم عادة ما تنطوي على أفعال وممارسات لا تنسجم مع شرع أو سنّة ، فبرغم القدسية التي يكنّها الإنسان المسلم والشيعي على وجه الخصوص للأئمة وأهل بيت النبي وخاصة نساء آل البيت نجد أن مراسيم التشبيه تنطوي على إساءات صارخة من قبيل أن رجلاً يمثل دور سكينة أو زينب ، كما يتم استخدام الموسيقى على نطاق واسع رغم ما فيها من كراهة أو حرمة لدى العلماء ، ولاشك أن هذه المظاهر مقتبسة من النصارى ، حيث توجد لديهم ممارسات وطقوس دينية مماثلة من قبل ( الرجال السبعة ) [ 7 mysteries] أو (الميراكل)[miracles ] مضافاً إلى تشيّيع رمزي لنعش عيسى مصلوباً وهبوطه وعروجه ونحو ذلك .

      أما النوائح التي تؤدى بشكل جماعي فهي تجسيد دقيق لمراسيم مشابهة تؤدى في الكنائس ويطلق عليها اسم (كر) كما أن الستائر ذات اللون الأسود التي توشح بها أبواب وأعمدة المساجد والتكايا والحسينيات وغالباً ما تطرز بأشعار جودي ومحتشم الكاشاني هي مرآة عاكسة بالضبط لستائر الكنيسة ، مضافاً إلى مراسيم التمثيل لوقائع وشخصيات كربلاء وغيرها حيث تحاكي مظاهر مماثلة تقام في الكنائس أيضاً وكذلك عملية تصوير الأشخاص رغم كراهة ذلك في مذهبنا ، حتى هالة النور التي توضع على رأس صور الأئمة وأهل البيت هي مظهر مقتبس أيضاً وربما امتدت جذوره إلى طقوس موروثة عن قصص أيزد ويزدان وغيرها من المعتقدات الزرادشتية في إيران القديمة.

      كل هذه المراسيم والطقوس الاجتماعية والعرفية هي صيغ مقتبسة مما هو عند النصارى في أوروبا ، وقد بلغت هذه الظاهرة حداً من السذاجة بحيث أن الاقتباس يتم بصورة حرفية دون أدنى تغيير ، حتى أن بعض المظاهر تنطوي على رفع علامة الصليب ، وقد انطلت هذه المسألة على الصفويين فاستوردها من هناك وجاءوا بها إلى إيران كما هي ، ولذلك نرى أن بعض الجوقات يتقدمها ما يسمى ب(الجريدة ) وهي شيء يشبه الصليب وكان بعينه يستخدم في جوقات العزاء المسيحية ولا يعرف أحد مغزى ذلك من بسطاء الشيعة حتى حاملو هذه (الجريدة) لا يدركون السبب في حملهم إياها ، ولكن مع جهل الجميع بماهية (الجريدة ) ومعناها وفلسفة حملها فإن جميع المشتركين في الجوقة يعتقدون أن شأنهم واعتبارهم رهين بهذه (الجريدة)ومدى الاهتمام بها حتى أن معارك ومشادّات تحصل من أجل أن يحظىالأفراد بشرف حملها و تتسابق الجوقات في تزيين جريدتهم بحيث تبدو أكبر و أجمل و أثقل !

      يجدر الإشارة على أن ( الجريدة ) ليست تقليداً للصليب بالشكل فحسب بل إن اسمها كذلك يعود تاريخيا ً إلى اسم الصليب و قد جاء معها من اوربا الشرقية وذلك أن كلمة ( جريدة ) لا مفهوم لها في الفارسية و لا في العربية [2] وهذا الكلام ينسحب على سائر الديكورات و الأزياء و الستائر التى جاءت جميعاً من اوربا الشرقية وايطاليا على وجه الخصوص حيث مركز الكنيسة الكاثوليكية ونظرا لأن المساحد لم تكن مكانا مناسبا لقبول مثل هذه البهارج فقد استحدث بناء جديد يطلق عليه اسم ( التكية ) و أصبح فيما بعد مركزا لتسويق مثل هذه الأمور الغريبة على الدين و المذهب .






      [1] خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن رجال التشيّع الصفوي كانوا وما زالوا يصورون لبسطاء الناس أن السنة هم جميعاً من النواصب –أو الوهابيين في عصرنا هذا –والنواصب طائفة منبوذة تكنّ العداء لآل علي ؛ الأمر الذي ينجم عنه أن الإيرانيين تنتابهم الدهشة كثيراً عندما يذهبون هذه الأيام إلى مصر مثلاً ويطلعون على الكتب المؤلفة هناك بحق أهل البيت ، والتي قد نعدم لها نظيراً في إيران، ويروا مدى الحفاوة والتكريم اللذين يوليهما المصريون لمرقد السيدة زينب-حيث يحتملون أن زينب الكبرى أخت الإمام الحسين مدفونة هناك – حينئذ يجد الإيراني نفسه مستغرباً جداً مما يزعمه الصفويون بأن جميع السنّة يعادون أهل البيت وينكرون فضائل علي وهم الذين قتلوا الحسين وأسروا زينب !

      على أنه في مقابل ذلك فإن التسنن الأموي يفعل الشيء ذاته فيصوّر لبسطاء السنّة أن الشيعة جميعهم من الغلاة الذين يشركون بالله من خلال تألية علي!


      [2]1 أتصور أن كلمة (جريدة ) هي التلفظ الفارسى لكلمة ( جروئيدة ) و( CROIX ) في اللا تينية حيث ان حرف ال ( C) في اللغة اللاتينية يلفظ جيما .
      السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

      Comment

      • اختياره هو
        مشرف
        • 23-06-2009
        • 5310

        #18
        رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

        حرف المسار الشيعي

        من هنا كانت بداية الانحراف للمسار الشيعي ، لقد تحرّر التشيّع وانتصر في المعركة وهو الآن يمسك بزمام الأمور ، وها قد اتخذ التشيّع منحىً آخر ، وانسلخ عن المنحى الثوري الذي كان يعتبر من أبرز معالم هويته بمثل هذه الأمور وليست له تجربة كافية في هذا المضمار ، وربما قال شيئاً أو قرّر أمراً معيّناً وتسبّب بذلك في نفور العوام منه ، وتدريجياً تضعف الشخصيات العلمية الحقيقية في عالم التشيّع وتنمو إلى جانبها شخصيات هزيلة هي التي تدعى بروحانيّي الشيعة وتتقوى شيئاً فشيئاً .

        ومنذ عصر الصفوية بات لنا نوعان من رجال الدين الشيعة: العالم الشيعي والروحانيّ الشيعي وإن حصل هذه الأيام خلط في استخدام هذه المصطلحات فقد نسمي العالم بالروحاني والروحاني بالعالم إلاّ أنه من المهم والضروري أن يكون هناك فرز ذهني بين الاثنين ، لأن الإسلام والتشيّع ينظران إلى العالم نظرة مختلفة عن نظرته إلى الروحاني ، فالأول علاقته بالناس علاقة الأستاذ بالتلميذ وصاحب الاختصاص بغيره والمثقف بالعاميّ ، أما (الروحاني) فهو اصطلاح مقتبس من المسيحية يندرج تحت مفهومه الأحبار والرهبان والقساوسة والحاخامات والبراهمة والموابدة[1] وغيرهم من المناصب الدينية للأديان الأُخرى والتي يتم توارثها أباً عن جدّ لا على أساس القابلية الذاتية والعلمية بل على أساس طبقيّ وراثيّ شأنها شأن حقوق وامتيازات الأمراء والنبلاء وغيرهم.

        لقد اعتزل العالم الشيعي طبقات الشعب ليلتصق بالسلطان الصفوي وتحول التشيّع الشعبي إلى تشيّع حكومي ، ومن ثم انقسم التشيّع إلى قسمين : تشيّع علوي منذ فجر الإسلام وما زال -لحسن الحظ- موجوداً إلى يومنا هذا ، والتشيّع الآخر هو التشيّع الصفوي الذي بدأ من حين قيام الدولة الصفوية وقام على أشلاء التشيّع العلوي بعد أن عمل على مسخه وتحريفه ، ومازال قائماً للأسف إلى الآن .

        وهكذا تبدّل المذهب بشكل هادئ بحيث لم يشعر المجتمع بهذا التبدّل والتحوّل ، لقد كان التغيّر هذه المرّة من الداخل ولم يلتفت أحد إلى أن مذهباً جديداً قد حلّ مكان المذهب القديم ، ومن هنا فإن البعض مازالوا حتى بعد مرور أربعة قرون يستثقلون الاصطلاح الذي أستخدمه في بحوثي ومحاضراتي للتعبير عن هذا النمط من التشيّع الجديد أي (التشيّع الصفوي) فيما البعض الآخر يستفزّهم هذا التعبير وينظرون إليه نظرة ريبة وغضب..





        التشيّع الصفوي ، قبل الدولة الصفوية!



        البعض يوجّه إلي انتقادات ومحور تلك الانتقادات أن الروايات التي تزعم أنها منقولة على الطريقة الصفوية موجودة في كتب ألّفت في أزمنة سابقة على ظهور الدولة الصفوية مثل كتاب الكافي وغيره ، كما أنني أرجع أحياناً إلى كتب ومراجع أقدم من الصفوية في توضيح عقائد التشيّع الصفوي فكيف تحل هذه المفارقة ؟

        كنت أتصور أن هذه المسألة واضحة وجلية لا تحتاج إلى بيان ، فالمعروف في ألسنة الأدباء أن الأحكام تصدر في الغالب على ضوء التغليب ، أي أننا عندما نريد أن نتطرق لبيان وتسمية ظاهرة معينة فإننا نعمد إلى انتخاب أبرز معالم هذه الظاهرة ونتعامل معها على أساس أنها رمز للظاهرة واسم معبر عنها . فمثلاً عندما نقول المذهب ( الجعفري ) فليس المراد هو أن المذهب الشيعي اخترعه الإمام الصادق (ع) بل كلنا يعلم أن التشيّع بدأ مع بداية الإسلام ، وأن الإمام الصادق لم يوجد هذا المذهب وإنما أرسى دعائمه الفكرية وأوضح خطوطه العريضة بالنحو الذي جعل له هوية مشخصة تميّزه عن سائر المذاهب كالمذهب المالكي والحنبلي والحنفي والشافعي وعن الشيعة الزيدية والإسماعيلية والكيسانية مستفيداً من فرصة الانفتاح السياسي التي كانت موجودة في زمانه وإلاّ فمن الواضح أن مبادئ التشيّع العلمية والعملية كانت موجودة قبل زمان الإمام الصادق سواء في القرآن أو السنة أو سيرة الأئمة السابقين للإمام الصادق (ع).

        ما جرى بشأن (التشيّع الصادق ) هو بعينه –وبدون تشبيه- ما جرى مع (التشيّع الكاذب) إبان العهد الصفوي ، حيث عمل الصفويون على تشييد أركان هذا التشيّع الدخيل على أشلاء التشيّع الأصيل ، مستفيدين من إمكانياتهم الهائلة وقدراتهم السياسية العسكرية من المتاجرين بالدين أو العلماء المغفّلين ، لقد بني هيكل التشيّع الصفوي الكاذب ؛ تشيّع الشرك والخرافة والفرقة على نمط الهيكل الظاهري للتشيّع العلوي الحقيقي ؛ تشيّع التوحيد والحقيقة والوحدة .

        ومن ثم منح المدّ الصفوي الشرعية والرسمية للتشيّع الجديد وجعله مذهباً رسمياً للبلاد وفرضه على المجتمع ، وعمل على تخريج أربعة آلاف تلميذ لهذه المدرسة –أصبحوا لاحقاً جنوداً لشريعة شاه عباس الصفوي ؛ مهمتهم تبرير ممارسات وأعمال ( الولاية الصفوية) –ولأن السلطة كانت بيد النظام الصفوي فقد حرص هذا النظام على إرسال تلاميذ مدرسته إلى المجتمع وبثّهم بين صفوف الناس بدلاً من علماء أهل البيت وتلاميذ مدرسة الإمام الصادق (ع)، وبالتالي تمت تقوية أولئك وتجهيزهم بكل وسائل التأثير ، وفي مقابل ذلك تجريد هؤلاء من كل تلك الوسائل إلى أن جرى تصفيتهم نهائياً وقطع علاقتهم بالمجتمع الإسلامي بشكل تام ، فبقوا معزولين محاصرين يعيشون خارج المجتمع والحياة ! فيما أصبح علماء الصفوية هم الكل بالكل يأمرون فيطاعون وينهون فتمتثل نواهيهم وأصبح بيدهم سلطان دين الناس ، حيث يتم تعيينهم من قبل الحكومة وعلى شكل سلسلة مراتب إدارية ورسمية ومناصب وعناوين وألقاب خاصة بهم تماماً كما هو الحال لدى القساوسة المسيحيين . مثلاً عندما تبعث الدولة بحاكم إلى إحدى المدن تبعث معه إمام جمعة لتلك المدينة ليكون دين الناس بيده رسمياً وليدعم وجود الحاكم أيضاً ، كما كانوا يرسلون شخصاً ثالثا يدعى (الخطيب) مهمته الرسمية التحرك الإعلامي لصالح الدولة وتأييد الحاكم .

        أما في المركز فكان كبار الشخصيات الروحانية تؤلف كتباً ضخمةً في إثبات الولاية والرد على ظلمة أهل البيت وشجب الحكومات الفاسدة والمترفة كل ذلك على نفقة الحكومة ! وفي ظل هذا الجهد التعبوي ورفع الشعارات المقدسة كان هؤلاء يعملون على استقطاب جميع وجوه التشيّع الكاذب وتلفيق عناصره المختلفة لتدوين مذهب محدّد ومشخص ليمنحوه الصفة الشرعية والرسمية بين أوساط المجتمع ومن ثم يتم تصدير هذه العناصر الجديدة إلى أقصى أنحاء البلاد بواسطة علماء أو قل عملاء الدين الذين سبق وأن بعثت بهم السلطة إلى مراكز المدن ليقوموا بدورهم بتسويق هذه القنا عات المختلفة إلى الناس البسطاء تحت عناوين براقة من قبيل حبّ علي ونشر مناقب آل علي ، الأمر الذي يجعل الأهالي يشعرون بالامتنان لهذه الدولة التي ترعى المذهب الشيعي وتراعي شأن رجاله الأبرار .

        فالدولة أصبحت الآن دولة الإمام الصادق والمذهب الجعفري الحق هو المذهب الرسمي للبلاد وإذا بذكر عليّ يجري على جميع الألسنة ؛ الدولة والشعب والمسجد والمنبر ، والعالم والعامي ، والفقير والغني ، والمدني والعسكري …

        من هنا نعبر عن هذا التشيّع بالتشيّع الصفوي وإلاّ فإن عناصره المتفرقة كانت موجودة قبل زمان الصفوية ، وقد تسلّلت بشكل لا شعوري حتى إلى الكتب القديمة المعتبرة حالها حال الكثير من العناصر الدخيلة التي تسلّلت إلى هذه الكتب سواء من الديانات القديمة أو من الحضارات المعاصرة أو حتى من عقائد الجاهلية الأولى ، وصفوة القول أن عناصر لا شيعية قد تجمعت في غضون القرون الثلاثة السابقة على العهد الصفوي ، بعد أن اكتسبت صبغة شيعية ظاهرية ومن هذه العناصر استطاع الصفويون أن يصنعوا المذهب الذي حقق لهم أغراضهم فكان (التشيّع الصفوي )!

        إنه أحد قوانين التاريخ ، حيث يضفون على الباطل هيئة الحق ، وعلى المغشوش هيئة الصحيح وكما قال الشاعر المولوي: (لولا رواج العملة لما تمّ تزويرها ) .

        ولقد كانت البذور الأولى لهذه الظاهرة سابقةً على الصفوية بوقت طويل بل يمكن القول أنها بدأت في الظهور منذ زمان الإمام عليّ ، ولا يهمنّي هنا أفكار ( الشيعة الغلاة) الذين يؤلّهون عليّاً ، وقد ظهروا في زمانه ، وقد أقدم عليٌّ بنفسه- طبق ما جاء في بعض كتب التاريخ ككتاب ((الملل والنحل)) للشهرستاني –على حرقهم بالنار بغية اجتثاث جذور الشرك والغلوّ والقضاء على هذه الأفكار المنحرفة في أذهان المحبّين لعليّ؛ الرجل الذي كانت شدة عبوديته لله تعدّ سرّ عظمته وسبب أفضليته المطلقة على من سواه.*
        [1] رجال الدين في الديانة الزرادشتية.


        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

        Comment

        • اختياره هو
          مشرف
          • 23-06-2009
          • 5310

          #19
          رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

          الأسس الإعتقادية للمذهبين !



          بعد قبول الافتراض الذي مفاده أن ثمة مذهبين يوجدان الآن وكلاهما يدعى بالتشيّع ، نأتي على بيان المبادئ والأسس الاعتقادية لكلا المذهبين ليتاح لكم أنتم المقارنة بين الاثنين وإدراك الفارق بينهما مع الانتباه إلى أن المذهبين لهما من حيث الاسم نفس الأصول ونفس الفروع مما يجعل قضية الفرز أكثر تعقيداً ، ذلك أن التشيّع الصفوي جاء وأرسى دعائمه على هيكلية مشابهة لهيكلية التشيّع العلوي . واستعار نفس القوالب الفكرية والعقائدية بعد أن أفرغها من مضمونها وبالاستعانة بعلماء ذوي خبرة واختصاص ليتسنى له تمرير هذه العملية على ذقون الناس وقد نجحوا بالفعل إذ لم ينتبه الناس لعملية التبديل تلك رغم أنها طالت كل شيء وشملت الله والكتاب والنبي والإمام وسائر الشخصيات البارزة في الدين والتاريخ وتم الإبقاء على القشور فقط.

          ليتهم أعلنوها صراحة وقالوا رسمياً بأن ديناً جديداً قد جاء ،وأنّ فرقة جديدة قد ظهرت إلى الوجود ، ولكن كيف يفعلون ذلك وهم يدركون أن مسعاهم هذا لن يكتب له النجاح ولن يخدم مصالحهم … فعملية التمويه التي سبق الإشارة لها كانت دقيقة ومخططة ، واندفع الشيعة وراء المظاهر الظاهرية والمراسيم الشكلية و الشعائر المفرّغة من المضمون .

          1-العترة:

          الإسلام لدى التشيّع العلوي يقوم على دعامتين رئيسيتين : القرآن والعترة ، وكما هو واضح فإن التشيّع العلوي آمن بالعترة من خلال إيمانه بالسنّة ، وأن أصل ( العترة) ليس في مقابل السنّة ولا في مقابل القرآن ، بل ولا في مرتبتهما وإنما هي طريق مباشر ومأمون للوصول إلى القرآن والسنّة .إن العترة هي الضابط والمعيار في معرفة روح الإسلام الأصيلة ، ورؤية الوجه الحقيقي للنبي ومضمون القرآن ، وقيمة ( أهل البيت ) في التشيّع العلوي لا يمكن أن تستمد وجودها من كونهم أهل بيت النبي فحسب ، بل لأن هذه الأسرة الكريمة هي أسرة مثالية يتجلى فيها مفهوم القدوة الحسنة في الإسلام ، حيث تمثل نموذجاً كاملاً وشاملاً ومثالياً ومتعالياً للأسرة الإنسانية .

          ولو كانت قيمة عليّ تقتصر على كونه ابن عم النبي أو صهراً له ، أو كانت قيمة فاطمة في كونها ابنة للنبي ، فكيف يتاح لغيرهم من النساء والرجال أن يقتدوا بهم في حال أنهم يفتقرون إلى هذه القرابة والعلاقة ، وما معنى أن يترك النبي القرآن وأهل بيته دليلين يهتدي بهما المجتمع الذي أسسه النبي إذا لم تكن هذه الأسرة مرتبطة برابطة القرابة مع النبي هل كانت ستفقد قيمتها وصلاحيتها لأن تكون قدوة لسائر الناس ؟ كلاّ ، دون شك أن هذه الأسرة كانت ستحتفظ بكونها أسوة وقدوة حتى لو ظهرت في اليونان أو الرومان .

          إن أي أسرة يكون الرجل فيها هو علي والمرأة فاطمة والأولاد الحسن والحسين وزينب سوف تكون هي العترة والأسرة التي تتسم بالأصالة ، وسيكون الناس بحاجة إلى وجود أسرة كهذه للاقتداء والتأسي بسلوكها .

          أما التشيّع الصفوي فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة ، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة .

          2-العصمة:

          وهي تعني أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع و يتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة ،ولا يحدّث نفسه بارتكاب الرذائل أبداً ، واعتقاد الشيعة بالعصمة جعلهم على الدوام في حصانة اجتماعية وفكرية تصونهم عن التلوث بمفاسد السلطات والقوى الجائرة .

          أما في التشيّع الصفوي فإن العصمة عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وبار سيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي ، حسناً إذا كنت أنا مخلوقاً كذلك فلن أستطيع ارتكاب الذنوب حينذاك فما قيمة تقواي إذاً ؟ ما قيمة التقوى الناجمة عن العجز عن ارتكاب المعاصي . إن الجدار وفق هذا المفهوم سيكون من أتقى الأشياء لأنه –بالطبع- لا يستطيع أن يذنب ، ومثل ذلك ما يدّعيه بعض الوعاظ وأصحاب المنابر من أن السيف لم يكن يمض فى جسد الأمام في محاولة لإختراع كرامة وفضائل للمام إغفلة منهم أنهم بذلك إنما يقللون من شأن الإمام ومن مقدار شجاعته .

          إن الإمام في التشيّع الصفوي – يتمتع بنوع من العصمة الذاتية الفاقدة لأي قيمة . لا قيمة إنسانية لأن الإمام المعصوم عاجز عن ارتكاب الذنب ، ولا قيمة علمية وتربوية لأن الناس لن يكونوا قادرين على التأسي والاقتداء بشخص يختلف عنهم ذاتياً ، وحول التشيّع الصفوي الأئمة إلى موجودات ميتافيزيقية وكائنات مجردة وغيبية مصنوعة من نوع خاص من الماء والطين ،وبالتالي أفرغوا الإمام منة من محتواها القيمي كما أفرغوا الاعتقاد بالإمامة من قيمته وأثره السلوكي والعملي وهو الاقتداء !

          كل ذلك جرى تحت خيمة تقديس الإمام وتكريم مقامه بواسطة الملالي التابعين لجهاز الحكم الصفوي فلقد رفع الملاّ مقام الإمام إلى مستوى الملائكة واكتشف فضائل ومناقب عظيمة جداً لمحمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين .ومنح المعصومين الأربعة عشر مقاماً سامياً إذ نسبهم إلى طينة وجوهر غيبي من جنس ما فوق البشر وما وراء الطبيعة ، وزعم أن ذواتهم ليست ذوات إنسانية وأن خلقتهم ليست خلقة آدمية بل هم عناصر من النور الإلهي اكتسبت ظاهرة الآدميين ، وطبقاً لما زعمه الملالي فإن لأهل البيت نوعين من المناقب والفضائل بعضها مختصة بهم لا يمكن أن يتحلى بها أحد غيرهم والنوع الآخر هي مزايا إنسانية سامية لا يدانيهم فيها أحد وإن وجدت لدى إنسان غيرهم فبدرجة ضئيلة وعلى طريق الاكتساب بينما تلك الصفات لدى المعصومين هي صفات ذاتية تقتضيها طبيعة ذواتهم وليست اكتسابية ، ما يعني بالتالي-حسب هذا المنطق السقيم-أن أتباع الأئمة سيكونون أفضل منهم لوضوح أن المناقب الإرادية أفضل من المناقب الثابتة للمرء بالجبر والطبع الذاتي أو الموروث.

          من قبيل النوع الأول كونهم (ع) يعلمون الغيب وغيرهم ليسوا كذلك ، وهم قادرون على تحويل عدوّهم بنفخة واحدة إلى كلب أو ذئب أو خنزير أو أي شيء آخر يريدون بينما لا يقدر الإنسان العادي على ذلك ، مضافاً إلى فضائل ومناقب أخرى تختص بهم مما يصعب نقله وتصوّره لما يثير من الاشمئزاز والتقزز في نفوس السامعين :

          (( إن في الجنة نهر من لبن لعليّ والزهراء وحسين وحسن))!

          ومن قبيل ما ذكر أعلاه القول بأن السيدة خديجة كانت بكراً لدى زواجها من الرسول خلافاً لما هو الثابت والمعروف تاريخياً من أنها كانت متزوجة من قبل ولها ولد كبير ، ومثل هذه المزاعم ما يقال بشأن (زوجة الإمام الحسين) من أنها كانت تصير بكراً في كل ليلة[1]!

          في القاموس الصفوي ساد تصوّر مفاده أن الحاكم يجب أن يكون متقياً ومعصوماً، ولما كان الوصول إلى الإمام متعذّراً فإن هذا الشرط سيسقط عن الاعتبار وإلاّ يلزم التكليف بغير المقدور ، وينتج من ذلك أن أفعال الحكومات وأخطاءها ستصبح مبرّرة لأن العصمة لا يمكن تحصيلها في زمان الغيبة ، يقولون (( إننا غير قادرين، لأننا غير معصومين ، وعلينا أن نتوسل فقط )) ، بهذه الحيلة باتت القيادة الشيعية غير مكلّفة بمراعاة جانب التقوى الشديدة ، وبهذه الطريقة تم القضاء على هذا المبدأ الثوري والحضاري السامي وحذفه من مسرح الحياة السياسية والاجتماعية ورفعه إلى عنان السماء وطرده من عالم الناسوت إلى عالم الملكوت !


          [1] وآخر نظرية محققة في هذا السياق ما زعمه أحد الوعاظ المشهورين لإحدى المدن حين نفى أن تكون خديجة قد تزوجت أساساً قبل النبي وذلك على اعتبار أن جميع المؤرخين هم من أهل السنّة -ولا تقبل شهادتهم –مضافاً إلى أن العقل (يحكم ) ببطلان ذلك لأن الزهراء لا تولد إلاّ من رحم طاهر وبما أن خديجة هي أمها إذن فافتراض أن خديجة =كانت قد تزوجت قبل الإسلام يخدش في سلامة هذا الأصل ، وهذه هي نظرية جديدة تاريخية وتحقيقية وفلسفية ودينية وإسلامية وشيعية وعلمية ومنطقية وإشراقية وإلهامية وفيزيولوجية وبارا سيكولوجية وأخلاقية و عنصرية وجينية وتراجيدية وكوميدية في آن واحد ،ويذكر أن هذا الخطيب المشهور يفد على مشهد كل عام ليلتين يطرح خلالهما أمثال هذه المباحث وله تأثير كبير على سوقة الناس.

          السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

          Comment

          • اختياره هو
            مشرف
            • 23-06-2009
            • 5310

            #20
            رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

            الوصاية:

            إن الوصاية بحسب التشيّع العلوي وما نفهمه نحن ليست بتنصيب ولا انتخاب ولا ترشيح بل هي بمعنى قيام النبي- من منطلق موقعه القيادي للمجتمع - بتحديد أفضل الأشخاص وأكثرهم جدارة بتحمّل عبء مواصلة المسيرة وحمل الرسالة التي جاء بها ، لكي تتخذه الأمة قائداً لها وتنقاد لأوامره وتوجيهاته .

            وليست هذه الوصاية بتوصية اعتباطية من حق الآخرين أن يلتزموا بها أو لا يلتزموا ، بل إن الناس ملزمون بالانقياد لقيادة أنزه وأعلم إنسان على وجه الأرض حسب تشخيص النبي ، ولو أن الأمة الإسلامية قد التزمت بمبدأ الوصاية لكان المجتمع الإسلامي بمأمن عن خطر الانحراف على مدى اثني عشر جيلاً ولاكتسب في غضون هذه الدورة التربوية الخاصة عمقاً ونضجاً اجتماعيين كفيلين بجعله مصداقاً لقوله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) ،أمة لا توجد فيها مظاهر فساد وعبودية واستغلال وخداع وتزوير ، وكل فرد من أفرادها يتمتع بتجربة ورصيد سياسيين ودينيين يؤهلانه لتقرير مصيره على ضوء القاعدة الإسلامية الأخرى لتعيين الحاكم وهي ( الشورى والبيعة ) التي ستكون بديلاً عن قاعدة الوصاية .

            هذا هو المعنى الذي يفهمه الإنسان الواعي من سيرة محمد وعليّ حول مفهوم( الوصاية)، في مقابل المعنى المقرّر لها في التشيّع الصفوي حيث تكون (الوصاية) عبارة عن نظام وراثي وسلالات حكم تنتقل القيادة فيها من الأب إلى الابن ومن الأخ لأخيه ومن جيل إلى جيل يليه ، وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ للوصاية ، يقال أن الإمام الأول صار إماماً أول لأنه ابن عم النبي وصهره وأول السلسلة ، أما الإمام الثاني فصار إماماً ثانياً لأنه ابن للإمام الأول والإمام الثالث صار إماماً لأنه أخ الإمام الثاني ومن ثم استمرت الإمامة نسلاً بعد نسل ، فالأصالة ليست لشخصيّة الوارث والموروث وإنما لعلاقة النسب والقرابة القائمة بين الاثنين ، وفي هذا توجيه واضح لقانون انتقال الحكم بالوراثة وهو القانون الذي كان متبعاً إبان العهد الساساني والنسخة طبق الأصل منه أعني العهد الصفوي !

            4-الولاية:

            وهي في التشيّع العلوي بمعنى التزام الناس بحكومة علي بكل أبعادها وضوابطها والتبعية له والاقتداء به وقبوله كأسوة حسنة ، والتسليم المطلق لحكومته ونظامه هو فقط لا غير !

            أما الولاية عند التشيّع الصفوي فهي بمعنى ولاية (مولائية) نجم عنها بالتالي عناصر دخيلة مثل الإسماعيلية والعلي اللهية والباطنية والحلولية والصوفية والهندية ، ولا داعي للتوضيح أكثر !

            5-الإمامة :

            وهي- في قاموس التشيّع العلوي – عبارة عن الاعتقاد بنظام ثوري قادر على بناء مجتمع ينهض بواجبات نظام دولي مؤهل للوقوف بوجه الأنظمة القائمة ، وأمّة تحمل رسالة سامية بحجم الرسالة التي تطرقت لها لدى الحديث عن الوصاية ،ومصاديقها الخاصة بعد النبي هم الأئمة الذين يتحلّون بمقامات ذاتية تؤهلهم لتقلّد وسام القيادة للمجتمع وتلبية مستلزمات هذه المهمة ، وبناء على ذلك فإن الاعتقاد بالأئمة يعني في مفهوم التشيّع العلوي أن المعتقد يأبى التسليم أمام أي نظام حكومي لا ينسجم مع نظام الإمامة ، وأن الشيعي لا يعترف بأي حكومة في زمانه غيبة الإمام المعصوم ما لم تكن تلك الحكومة قد اكتسبت الشرعية من خلال نيابتها عن الإمام ، وحكمت في الناس على ضوء الضوابط والمقرّرات المنسجمة مع هدف الأئمة المعصومين وأسلوبهم في الوصول إلى ذلك الهدف .

            ولكن التشيّع الصفوي ينظر إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد ب(12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحبّ أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم ، وذلك لأننا عاجزون عن اتباع الأئمة وتقليد سيرتهم لأن ذاتهم تختلف عن ذواتنا اختلاف جوهرياً ، وعليه يكون الاعتقاد بالأئمة في منظار التشيّع الصفوي عبارة عن عبادة (12 اسماً ) والتعبد بها كما نتعبّد بوجود (124)ألف نبي ، وبالتالي يكون بمقدورنا التعاطي مع أي نظام حكم قائم في زمان غيبة الأئمة ، شريطة أن يقترن ذلك مع الإيمان القلبي بهم والتودّد لأصحاب هذه الأسماء الاثنتي عشرة ، ولا يهمّ ما سوى ذلك من نوع الحكم والنظم القائم وطبيعة التعامل مع الناس لعدم ارتباطه أساساً بموضوع الحب والتولي فالإمامة عقيدة غيبية وتاريخية ليس ذات علاقة مع طبيعة الحياة وخصوصيات الزمان والمكان !

            6-العدل :

            وهو هنا بمعنى الإيمان بأن الله عادل ، وهو في التشيّع العلوي بمعنى أن كل موبقة سيكون وراءها حساب شديد كما أن كل منقبة ستكون سبباً للفوز بالثواب الجزيل .

            الإيمان بأن الله عادل ، يعني أن العدل ليس بمثابة نظام وضعي يستحدث في المجتمع ونهج سياسي أو حزبي ، بل هو في التشيّع العلوي مبدأ مرتبط بالله بمعنى أن العدل هو أسّ بناء الخلقة ، وعليه تتمحور الرؤية الكونية للإنسان المسلم ، وإذا لم يكن البناء الاجتماعي راسياً على دعامة العدل فإن المجتمع سيصبح مجتمعاً مريضاً منحرفاً متزلزلاً ومهدّداً بالزوال .

            أما في التشيّع الصفوي ، فالعدل معناه أن الله ليس بظالم ، وأن يزيد سيذهب بعد الموت إلى جهنّم، بينما الحسين سيذهب إلى الجنة وليس ثمة علاقة لذلك بحياتنا الدنيوية وأوضاعنا الراهنة بل هو مجرد بحث علمي من شأن الفلاسفة الإلهيين ولا علاقة له بالناس .

            7-التقية:

            وهي عبارة عن نوعين من التكتيك ؛ الأول هو (تقية الوحدة):ومعنى التقية من هذا المنظار أن الشيعي لا ينبغي له أن يبرز موارد الاختلاف في المجتمع الإسلامي الكبير لئلاّ يتسبّب في إثارة الفرقة وتشتيت وحدة المسلمين فالتقية إذن هي غطاء يلجأ إليه الشيعي في الحفاظ على عقائده من الضياع والاندثار دون أن يعرض المجتمع المسلم إلى خطر التشتّت والفرقة والخصام . ولذلك يقال مثلاً أنه إذا ذهبت إلى مكة فصلّ معهم ، ويوصينا علماؤنا الكبار بالصلاة خلف إمام الجماعة في مكة والمدينة من هذا المنطلق أيضاً ، هذه هي التقية، نبذ للطائفية والتعصب ، وتجنب لترويج موارد الاختلاف والمسائل المثيرة للفرقة ، وتحمّل للرأي الآخر المخالف لرأيك ، واحترام لأفكار الأخوة وأعمالهم ، التقية هي منهج لسلوك الأقلية في مقابل الأكثرية في مجتمع معين بهدف الحفاظ على الوحدة الداخلية وضمان عدم تعريض الأهداف المشتركة إلى الخطر وشماتة الأعداء ( ومثالها الأبرز هي سيرة عليّ حيال معارضي حكومته في الداخل ) .

            والمعنى الآخر للتقيّة هو عبارة عن مراعاة الشروط الخاصة بمواصلة النضال في دوره السلبي حفاظاً على قوى الإيمان ( لا على نفس المؤمن)!، ومعناه أن الشيعة يجب أن يستمروا في مزاولة نشاطهم الفكري والاجتماعي والسياسي مع رعاية جانب الكتمان وحفظ الأسرار وعدم إعطاء ذريعة للحكام الظلمة و دليل يسوّغ لهم إبادتهم وتدمير تشكيلاتهم بلا مبرّر منطقي ومعقول ، إذن فالتقية هي منهج علمي وعملي لضمان سلامة الكيان الشيعي مقابل أجهزة السلطة التي تتحين الفرص للإجهاز على هذا الوجود والقضاء عليه .( والمثال الأبرز لهذا النمط من التقية هي سيرة الأئمة إبان الحكم الأموي و العباسي ).

            أما ما تفهمه العقلية الصفوية من التقية فهو واضح ولا يحتاج إلى مزيد بيان .كما أن أمثلته واضحة لديكم ، وخير من عبّر عن هذا المعنى من التقية هو الشاعر مولوي في قوله:

            (لا ينبغي قول الحق إلاّ تحت اللحاف)!

            إن المؤمن بالتقية على الطريقة الصفوية عندما يسأل عن عنوان منزله يضطرب ويذهب لون وجهه من شدّة الخوف ، وهو من شدّة تقيته وتكتمه على معتقده يكاد ينسى الشيء الذي يعتقد ويدين به !

            التقية في التشيّع الصفوي ، تعني السكوت أمام كل الانحرافات وأعمال الضلال والظلم التي تمارسها السلطات الحاكمة ، بحجة الحفاظ على النفس من الضرر مهما كانت درجة ضئيلة ومهما تسبّب ذلك في تعطيل المسؤوليات الاجتماعية والعقائدية !

            ومن هنا نجدُ أن التقية حسب التصور العلوي هي عامل وحدة وانسجام مع الأخ وكفاح للعدو، بينما هي في التصور الصفوي مبرر لشلّ إرادة الرفض والنضال أمام العدو وفي نفس الوقت هي سبب فاعل في إثارة النعرات الطائفية والفرقة والاختلاف بين الأخوة !

            التقية، في التشيّع العلوي ، عبارة عن تكتيك عملي يخضع لضوابط وظروف معيّنة يقدّرها القائد ، ولذا قد تجب التقية وقد تحرم ، بينما التقية في المنظار الصفوي هي جزء من عقائد الشيعة الثابتة والملازمة لشخصية الشيعي في كل الأحوال !

            8-السنّة ونبذ البدعة:

            وفق المفهوم الصحيح للسنة فإن التشيّع العلويّ يعد أكثر المذاهب والفرق الإسلامية تسنّناً ! بمعنى أنه أقرب المذاهب وأضبطها في الاعتقاد بالسنّة النبوية والالتزام بها عملياً .

            علي (ع) كان يعتقد بأن سنة النبي لا توجد قوة قادرة على تغييرها والتلاعب بها بزيادة او نقصان أو تحريف هذا في حال أن منافسي عليّ ممّن ادعوا حمل لواء التسنّن هم أكثر من أعطى لأنفسهم الحق في التلاعب بالسنة وعدم الالتزام بها إلاّ حسب اجتهادهم ، وجوّزوا لأنفسهم الاجتهاد مقابل النص وهو ما حرّمه عليّ على نفسه .

            في ضوء ذلك يجب القول أن التسمية الحقيقية للتشيّع العلوي هو أن يقال بأنه المذهب الحافظ للسنة والمناهض للبدعة ، وأن علياً هو أجلى مصاديق التبعية الحقة والالتزام الدقيق بالسنّة سواء على صعيد الروح والمضمون والاتجاه العام (المنهج النبوي) أو على صعيد الأحكام والأفعال والأقوال (السنّة النبوية).

            غير أن التشيّع يبدو في حلّة أخرى عندما ننظر إليه بعدسة صفوية فيتحول إلى فرقة ومذهب مناوئ للسنة النبوية بحيث يضع العترة وأهل البيت في مقابلها .

            يقول أحد المعتقدين بالتشيّع الصفوي : هل رأيت في هذا الكتاب نصّاً عن النبي يقول فيه ( إني تارك لكم الثقلين كتاب الله وسنتي ) ؛ إذن من أين جئت بذلك ؟! النبي قال ( كتاب الله وعترتي) و لم يقل (كتاب الله وسنتي)!

            التشيّع الصفوي ينفي –إذن – وجود حديث فيه عبارة (كتاب الله وسنتي ) مثلما أن أركان التسنن الأموي ينفون النصّ القائل (كتاب الله وعترتي) ، هذا في حال أن ( كتاب الله وعترتي ) ليست سوى تفسير وتتميم ونتيجة ! ( كتاب الله وسنتي ) ،ويجب الاعتقاد بالاثنين معاً إذ لا تنافي بينهما ، بل أحدهما مكمّل للآخر كمصراعي باب ؛ لا فائدة من وجود أحدهما منفرداً!

            بيد أن التشيّع الصفوي يرى أن (كتاب الله وعترتي ) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً ، بينما يسعى التشيّع العلوي لتأكيد حقيقة أن (العترة) هي الناطق الرسمي باسم كتاب الله وسنة النبي وعناوينها … كم هو التناقض بين هذين التشيعين؟!
            السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

            Comment

            • اختياره هو
              مشرف
              • 23-06-2009
              • 5310

              #21
              رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

              الغيبة:

              الغيبة لها فلسفة دقيقة وأبعادها الاجتماعية والسياسية أكبر وأهم بكثير من الجانب الميتافيزيقي فيها.

              في التشيّع الصفوي يحمل الانتظار مفهوماً سلبياً ويعبّر به عن منهج التسليم والتحمّل والصبر والسكوت ، وفيه يكون الإمام المعصوم غائباً ممّا يعني ضرورة تعطيل الإسلام ببعده الاجتماعي وعدم إعادته إلى مسرح الحياة إلاّ بعودة الإمام وظهوره من جديد . ذلك أن الإمام غير موجود وبالتالي لا مجال لإقامة الجمعة ولا الجماعة ولا الدعوة إلى الجهاد[1] .

              إن نائب الإمام موجود بالطبع ، ولكن وجوده ليس لأجل الجهاد وما شابه ، بل لأجل جمع الحقوق و(الضرائب) الشرعية واستلام سهم الإمام الغائب ، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهما وظيفتان ساقطتان إلاّ في المجالات الفردية والأخلاقيات الشخصية والنصائح الأخوية فيما يرتبط بفوائد الأعمال الحسنة ومضار الأعمال السيئة ! وتجنب الخوض في المنكرات الاجتماعية من قبيل (الكلام بأمور الدنيا في المسجد) والانحرافات السلوكية نظير أكل المشمش مع اللبن وأسوأ من ذلك إطلاق شعر الرأس وحلق اللحية ، مضافاً إلى مقارعة البدع التي تظهر في المجتمعات الإسلامية وتحذير الناس من الأخطار التي تهدد هذه المجتمعات في أيامنا هذه كاستبدال منبر النبيّ بمنصة وميكروفون ومكبرات صوت وتصفيق الحاضرين ! وتناول الماء أثناء الخطبة … [2]

              والأهم من ذلك كله الوقوف بوجه الأخطار الناجمة عن الوحدة بين المسلمين في مقابل الاستعمار والصهيونية !

              ويعود السبب في ذلك إلى أن التشيّع الصفوي هوفي الأساس فرقة طائفية مناوئة للمجتمع المسلم وتقوم فلسفة وجوده على أساس بثّ الفتنة وزرع الاختلاف بين أعضاء الجسد الإسلامي الواحد ، والانفصال عن الجسد الإسلامي الأم الكبير ، وما وجد التشيّع الصفوي إلاّ من أجل تحقيق هذا الغرض ويؤيد هذا التصور أن التشيّع الصفوي ظهر وتحالف مع القوى الصليبية والبرجوازية العدوانية في أوروبا لضرب القوة الإسلامية الوحيدة التي كانت تتصدى لهم ولو باسم الإمبراطورية العثمانية البغيضة ، وقد كانت الضربة التي وجّهها التشيّع الصفوي بمثابة طعنة في الظهر ، تجلّت على شكل لقاءات مشتركة بين السلاطين الصفويين وسلاطين أوروبا الشرقية تمخّضت عن اتفاقات ومخططات للقضاء على العدو المشترك للمسيحية الغربية والتشيّع الصفوي والتمثل آنذاك بالدولة العثمانية .

              في الوقت الذي شعرت به كل معسكرات الغرب بالخطر يداهمها متمثلاً بهجوم الجيش الإسلامي الهادر ، وبعد أن تحوّل اسم القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشقية والمركز العالمي المقتدر للمسيحية إلى مدينة (إسلامبول ) ، فيما خضعت اليونان وبلغاريا ويوغسلافيا وغيرها إلى هيمنة المسلمين وسيطرت القوات الإسلامية على البحر الأبيض المتوسط وحاصرت كلاً من النمسا وإيطاليا ، آنذاك تعرّض التشيّع العلوي القائم على أساس العدل والإمامة والحامل لهمّ الدفاع عن الحق حيال الباطل وعن السنّة تجاه البدعة وعن الخط الإسلامي الأصيل بازاء النظم المنحرفة التي طرأت على الإسلام وغصبت الخلافة من أهلها وتنكّرت لوصية النبي ؛ التشيّع العلوي الذي يسخط نفسياً على غصبه الحق ومردة كربلاء ويشجب فكرياً كل من يرضى بأعمالهم ويتبع منهجهم ويسير على خطاهم ؛ هذا التشيّع تبدّل فجأة إلى التشيّع الصفوي وهو تشيّع يتعاطى مع كل العقائد والعواطف النبيلة المشار إليها أعلاه بشكل مختلف ويحولها إلى أحقاد دفينة وضغائي سياسية وقومية وعداء بين العرب والترك والإيرانيين ، ويحيل الاختلاف بين التشيّع والتسنن الذي يعكس في واقعه الاختلاف بين إسلام الشعب وإسلام الحكومة بين إسلام الرب وإسلام الأرباب ، بين إسلام النبي وإسلام الخليفة المزعوم !… يحيله إلى حقد أعمى بين السنة والشيعة ، بين المجتمع السني الموجود الآن وبين المجتمع الشيعي الذي يعايشه وبالتالي عمل على توظيف كل العواطف والعقد الشيعية في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه المتمثلة بإقامة الدولة الصفوية ، وبدلاً من أن يوظف هذه العواطف والمشاعر الجياشة في العمل من أجل إنقاذ الناس من مظاهر الزور والتزوير وإقرار العدالة الاجتماعية عمد على العكس من ذلك إلى جعلها مادة استهلاكية على الصعيدين الإعلامي والعسكري لتدعيم موقعية الجيش ( القزلباشي) ،وإيجاد رابطة وآصرة بين سلالة السلطنة الصفوية وسلسلة الإمامة العلوية . وبِمَنْح رجال الصفوية لقب (السيادة) –وهم أحفاد الشيخ صفي[3]- تمّ ربط الدم الصفوي بآل البيت النبوي ، وتحول الشاه عباس الفاسد ، والذي لم يتورع حتى عن إبادة رجال أسرته ، إلى (الخضر) الموعود ليصبح فارس أحلام العوام.

              لقد ظلّ التشيّع يرفض كل أشكال الحكم إلاّ ما كان ينطبق وينسجم مع نظام حكم وقيادة عليّ وأتباع عليّ ، وقد شمل هذا الرفض –بحق- حتى حكومة عمر بن عبد العزيز الوجه الذي تمتع بتقوى وعدالة نسبية عاليتين ، وذلك لأن الرفض العلوي لم يكن رفض أشخاص بل رفض مناهج وأفكار وأشكال حكم خالفت المنهج الإلهي الأصيل ، بيد إن هذا التشيّع تعرّض إلى عملية تحوير شاملة انتهت به إلى أن يعتبر قيام الدولة الصفوية نصراً تاريخياً له ! ومن ثم عمل على شدّ أزر الشاه عباس الصفوي لجهاد الأخوة المسلمين أمام أنظار الغرب الكافر !

              ونظراً لأن التشيّع الصفوي يرى ضرورة تجميد كل الفعاليات والأنشطة الاجتماعية في زمان الغيبة ، فلقد بات من غير المبرّر الاهتمام بصلاح أو فساد المجتمع وشكل الحكومة حقاً أو باطلاً ، وذلك لأن حكومة الحق مختصة بحكومة الإمام المعصوم بشخصه ولأن الإمام غائب بالفعل ، فليس للإسلام ما يقوله خلال فترة الغيبة على صعيد الحياة الاجتماعية والسياسية للمجتمعات ، فالإسلام صامت تجاه هذه الأمور وأمثالها ،وكون الإسلام ساكتاً يفتح المجال للشاه عباس في أن يتحدّث بحرية ويقول ما يشاء دونما إشكال عليه ! وهكذا أصبحت فترة تعطيل وتجميد للطاقات والنشاطات ولا ينبغي فيها سوى الانتظار والتحمل وكفى !

              وبسبب انتفاء موضوعة المجتمع وموضوعة الحكومة وما لازمهما ، فمن الطبيعي حينئذ أن تتحدد المسؤوليات الاجتماعية في إطار الوظائف الأخلاقية والواجبات الفردية ، ويتعين على كل إنسان أن يحفظ نفسه لصعوبة حفظ المجتمع ،لأن القاعدة والتيار العام يؤول إلى انحطاط المجتمع وزوال الإيمان وانهيار النظام وتفسخ الأخلاق الاجتماعية وفساد الثقافات إلى حين ظهور الإمام ! من هنا نرى أن الغيبة تصبح وفق هذا المنظور بمثابة صكّ غفران لقوى الهيمنة وأنظمة الجور لتفعل كل ما يحلو لها ، وهي في الوقت ذاته فتوى بوجوب التسليم بل الاستسلام للأمر الواقع ؛ أيّ شيء كان ومن أيّ مصدر وعلى أيّ شاكلة !

              هذا النوع من التثقيف الديني يؤدي بالتالي إلى تحجيم الشعور بالمسؤولية العامة لدى أفراد المجتمع ليحلّ محلّه الاتجاه الفردي في التعاطي مع الأوضاع والمستجدات الاجتماعية والسياسية ، واختزال جميع الآمال والتطلعات و الأحاسيس والمسؤوليات للإنسان الشيعي في دائرتين ضيقتين هما : العزاء ،والعداء للسنّة ، ولا غير !

              هذا ، بينما نرى بالمقابل أن فترة الغيبة في أفق الذهنية التي يتبنّاها التشيّع العلوي تعدّ من أحرج الفترات على صعيد تحمّل المسؤوليات الاجتماعية والسياسية والعقائدية والفكرية ، وبكلمة أوضح ، فإن التاريخ الإنساني ينقسم في منظار التشيّع العلوي إلى أربعة مراحل : المرحلة الأولى تبتدأ من زمان آدم ( بدء البشرية ) إلى زمان الخاتم ( نبي الإسلام ) وهي مرحلة النبوة ، وفيها يتحمل الأنبياء مهمة حمل الرسالة الإلهية .

              أما المرحلة الثانية فتبدأ بعليّ وتنتهي بنهاية الغيبة الصغرى – الزمان الذي اختفى فيه الإمام الثاني عشر عن الأنظار واستمرّ يتصل بالناس ويقودهم عبر وكلائه الأربعة – وهي مرحلة( الوصاية) بازاء اصطلاح الخلافة الخاص بالحكومات القائمة آنذاك !

              المرحلة الثالثة ، وتبتدئ مع بداية الغيبة الكبرى عام 319 ﻫ ، حيث اختفى الإمام لمدة طويلة مجهولة الأمد وانقطعت صلته بالناس رسمياً ، وهي المرحلة الغيبية التي نحن الآن فيها .

              والمرحلة الرابعة ، هي مرحلة ما بعد الظهور حيث تنتهي غيبية الإمام ويعود إلى تولي قيادة العالم بعد ثورة عالمية شاملة لإرساء العدالة على مستوى البشرية جمعاء .

              والملاحظ أن في المرحلتين الأولى والثانية وكذلك في المرحلة الرابعة تقع مهمة حمل رسالة القيادة على عاتق النبي أو الوصي حيث يتمّ تعيين كل منهما سماوياً لتولّي مهمة القيادة السياسية والاجتماعية والفكرية والتربوية شخصياً ، بينما الأمر يختلف في ظل المرحلة الثالثة إذ لا نبي ولا وصي ظاهر ، وبالتالي تقع مسؤولية الأنبياء والأوصياء على كاهل المجتمع نفسه ، وعلى الناس أن يعرفوا الإسلام ويشخصوا الحق ويجروا الحدود ويديروا أمر المجتمع بأنفسهم ، ويختاروا الشكل الأنسب لطريقة قيادة المجتمع والأسلوب الأمثل للدفاع عن الإسلام والمسلمين إزاء الخطر المحدق بهم من اليهود والنصارى وغيرهم من أعداء الدين ،وعليهم تبعاً لذلك أن يفتحوا باب الاجتهاد وأن ينفر منهم طائفة ليتفقهوا في الدين واستنباط الأحكام والقوانين وحلّ مشاكل المجتمع والتعاطي مع المستجدّات والمظاهر المعاصرة ، وأن يتولوا بأنفسهم مهمة قيادة المجتمع فكرياً وسياسياً ويختاروا الرجل الأصلح والأجدر بالقيادة من حيث الوعي والكفاءة والتخصص والالتزام وينتخبوه للتصدي لمهام القيادة كبديل عن الإمام الذي هو بدوره بديل عن النبي ، ما يؤهلهم للإحساس بالمسؤولية أكثر تجاه الوظائف الحساسة المناطة به ، وهي بالطبع نفس وظائف الإمام ويجعلهم ذلك جديرين بإقامة حكومة العلم وتحديداً العلم الملتزم كما تمنّاها أفلاطون - !

              وهكذا نرى أن الغيبة في التشيّع العلويّ هي على طرف نقيض من الغيبة في التشيّع الصفويّ الذي يدعو إلى تعطيل المسؤوليات الاجتماعية وتفويض مصير الناس إلى عامل الجبر المهيمن على الزمان والمكان.

              الغيبة في التشيّع العلوي تحمّل الناس مسؤوليات أكثر وأكبر من تلك المسؤوليات التي يتحتّم عليهم القيام بها إبان مرحلة النبوة أو مرحلة الوصايا أو مرحلة ما بعد الظهور ، وتضع في أعناق الناس مهام ّحساسة وخطيرة من قبيل بذل أقصى الجهد في مجال نشر الحق ومقارعة الباطل والجهاد والتربية والحكم وهداية المجتمع ، إن المجتمع الشيعي يتحمل جميع هذه المسؤوليات مضافاً إلى أن عليه اختيار الشخص الذي تناط به مهمة القيام بدور الإمام في قيادة الأمة نحو الصالح العام وفي إطار الإسلام. وصفوة القول أن الشخص الذي يختاره الله في مرحلتي النبوة والوصاية ، يتعين على الناس أنفسهم اختياره في المرحلة الثالثة (الغيبة)!

              في ضوء ما ذكرناه تتبين فلسفة الغيبة في التشيّع العلوي وأنها لا تكتفي بعدم تعطيل الوظائف الاجتماعية لأبناء المجتمع الشيعي بل على العكس من ذلك تضيف إليها وظائف إلهية أعظم خطراً!

              وباختصار نقول إن الأمة الإسلامية تضطلع بمهمة اختيار أشخاص يتحلّون بالتقوى والورع والعلم والوعي والكفاءة للقيام بدور النيابة عن النبي أو الإمام في قيادتها على الصعيد الفكري والاجتماعي ، ومعنى ذلك أن مهام القيادة تناط بأشخاص ينتخبون بواسطة الناس الذين يصبحون وفق ذلك بديلاً عن النص الإلهي في تحديد مورد القيادة المعنوية والمادية لمجتمع المسلم ، إن مرحلة الغيبة هي في الواقع مرحلة الديمقراطية التي فيها مهمة انتخاب القائد مهمة اجتماعية يشترك جميع أفراد المجتمع في إعداد مقدماتها وتهيئة ظروفها ومزاولتها عملياً ! وإذا كان مصدر تحديد القيادة في المرحلتين الأولى والثانية (النبوة والإمامة ) يأتي من فوق فإن مصدر تعيينها في المرحلة الثالثة يأتي من تحت ، من صلب المجتمع ومن إجماع أبنائه على اتخاذ قرار!


              [1] حسب ما زعمه أحد كبار الفقهاء المعاصرين فإن البعض يميل إلى القول بتعطيل الحدود وعدم إجراء الأحكام والمقررات الجزائية في الإسلام ! ((وبالطبع يقصد أن أحكام الدين تعطلت منذ عام 250 هجري قمري إلى حين ظهور الإمام الثاني عشر )).

              انظروا إلى ظاهرة أل(آثار شيسم ) الدينية !


              [2] يراجع كتاب( الروحانية في الشيعة ) (روحانيت در شيعة ).


              [3] المؤلف هنا يشير أن صفة السيادة للصفويين مفتعلة هي الأُخرى ، والسيّد والشيخ مصطلحان مختلفان عند الشيعة ، يرمز الأول إلى من يعود نسبتهم إلى النبي.
              السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

              Comment

              • اختياره هو
                مشرف
                • 23-06-2009
                • 5310

                #22
                رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                الشفاعة :

                إنني أؤمن بالشفاعة، ليس ذلك فحسب بل أعتبرها عنصراً فاعلاً وبنّاء ًفي تحقيق التكامل المعنوي والتربوي والثقافي وإنني لا أكتفي بقبول مبدأ شفاعة النبي والإمام بشخصيهما بل أعمم ذلك لكل الشخصيات الصالحة العظيمة ( الصلحاء والأولياء بالمعنى الحقيقي للكلمة أي أولئك الذين يتحلّون بروح عالية وزاخرة بالجمال والعطاء المعنوي والقيم الإلهية المتعالية ) وأرى أن ذلك أمر منطقي يدركه العقل وتؤيده تجربتي الخاصة!

                والتشيّع الصفوي يقول بذلك أيضاً ، هنا وفي أي مكان آخر ، فقد أكدت في أكثر من موقع على أن التشيّع الصفوي حافظ على نفس معتقدات التشيّع العلوي غير أنه جرّ نفع وفائدة ذلك إلى نفسه وبما يضرّ المجتمع ككل .

                الشيعي الصفوي يقول أن الإمام الحسين وأبا الفضل العباس وزينب وعلي الأكبر والأصغر سوف يشفعون له في لحظة الامتحان النهائي.

                في تلك اللحظة الحرجة ، حيث ينصب ميزان العدل الإلهي ليزن بدقة بالغة الأعمال الحسنة والسيئة لكل إنسان ويعلن عن النتيجة وليصدر الحكم في ضوئها على الشخص بنجاة أو سقوط ، هناك يعمد الشيعي الصفوي إلى الغش في قاعة الامتحان فيتواطأ مع أحد المراقبين في القاعة من أقربائه أو معارفه ليسرّب إليه بخفاء الأجوبة الصحيحة ، أو أنه لا يتجشّم حتى عناء الكتابة فيعطي ورقته بيضاء أو محشوّة بكلام هراء من سب و سخرية أو طلاسم وأوراد فالولد لم يتصفح كتاباً من قبل ولم ير مدرسة أصلاً ، فإذا بالنتيجة تأتي عشرة من عشرة وربما كان صاحبنا هو الأول بين سائر التلاميذ ؛ إذا كانت تربطه صلة خاصة بالمشرفين على نتائج الامتحانات أو أنه قد نسّق معهم من ذي قبل !

                إن الشفاعة –في المنظار الصفوي-لها آثار أخطر من أثار الغش في الامتحان أو الرشوة في القضاء أو دفع الضرائب ، فإن أقوى (واسطة ) في الامتحان هي تجاهل أخطاء واشتباهات الطالب الكسول ، كما أن أكثر ما يمكن أن يفعله موظف في دائرة الضرائب أو قاض في محكمة هو إعفاء من يدفع الرشوة من دفع الضرائب أو من عقوبة التهمة الموجهة إليه ، بيد أن الشفاعة في التشيّع الصفوي تذهب أبعد من ذلك فتمنح الجواب الخاطئ درجة إضافية وتحوّل مبلغ الضرائب إلى استحقاقات للفرد على الدولة كما تحول التهمة بقتل النفس إلى معجزة بإحيائها وفق قانون ( يبدل الله سيئاتهم حسنات ) حيث تفهمه الصفوية على هذا المنوال : إن سيئات الإنسان الشيعي تتبدل يوم القيامة إلى حسنات لا إنها تمحى عنهم فقط ! ومعنى ذلك بالجملة إن الإنسان الشيعي يعتبر مغفلاً للغاية إذا لم يسرف في ارتكاب الذنوب ولم يسوّد صحيفة أعماله ، إذ لن تكون لديه مادّة وفيرة صالحة لتبديلها إلى حسنات !

                بالطبع فإن للشفاعة في المنظار الصفوي للتشيّع ضريبة وتكاليف ، وهذا أمر طبيعي لأن المهمة صعبة ، إذ كيف يمكن الاحتيال في امتحان يشرف عليه بصورة مباشرة الله سبحانه وتعالى ويتولى بنفسه فيه طرح الأسئلة وتصحيح أوراق الامتحان وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ! ويعلم ما تبدي الأعين وما تخفي الصدور ، ويطلع على ما تخفيه السرائر والضمائر وما يدور في الأذهان من خواطر ، وأن كل شيء عنده إلا بمقدار ، يزن أعمال الخير والشر فمن عمل مثقال ذرة خيراً يره ومن عمل مثقال ذرة شراً يره ، كل ذلك على أساس قرآنه الذي وبّخ فيه نبيّه العزيز ، لا شيء إلاّ لمجرد أنه عبس وجهه في وجه الأعمى الذي زاحمه وهو عاكف على تبليغ رسالة السماء وأداء وظيفته الإلهية في هداية الناس إلى الدين القويم .

                لم يشفع ذلك له كلّه ، فاستحق التقريع والعتاب بشكل صريح وواضح وعلى مرأى ومسمع جميع الناس بل جميع من يخلق منهم إلى يوم القيامة .وهذا يعني أن الإرادة الإلهية لم تكن مستعدة لأن تشمل بكرمها الواسع شخص النبي المصطفى رغم تضحياته الجسيمة وإيثاره العظيم ، فتغفر له هذه ( التعبيسة )حفاظاً على كرامته وحرمته بين الناس ، أو على الأقل يوبّخ ولكن ليس في القرآن الذي سيبقى مقروءاً إلى الأبد !

                ومثل ذلك ما حصل مع نوح الذى ظل تسعمائة عام يدعو قومه إلى الهدى لإنقاذهم من المصير المحتوم الذي كان بانتظارهم ، وفي تلك اللحظات وعندما كان نوح يُدخل الحيوانات والطيور إلى سفينة النجاة ، وقعت عينه على ابنه الذي كان في معرض الغرق في الطوفان ، فسأل الله سبحانه أن يغفر له إكراماً لأبيه فجاء الردّ الإلهي حاسماً بالرفض ، وجاء الجواب على شفاعة نوح النبي العظيم بتعبير قاطع وعميق ودقيق –لا تستوعبه العقلية الضيقة والمحدودة للشيعي الصوفيّ الصفوي – (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) !

                هذا هو تمام القول في معنى الشفاعة عند التشيّع العلوي –وهو ليس إلاّ الإسلام المحمدي – فلا شيء غير سنّة الله التي لا تتبدّل في هداية الإنسان وكشف واستخلاص كنوز الوعي والمعرفة والإحساس والقيم والقابليات الإعجازية المذخورة في فطرة الإنسان والمحبوسة بين أنقاض وجوده الحيواني الظاهري ،وذلك ضمن عملية التكامل المعنوي للإنسان !

                نلاحظ في هذه القصة أن طلب النبي نوح لم يكن اعتباطياً بل مستنداً إلى وعد إلهي محدّد لأن الله تعالى هو الذي وعد نوحاً بإنقاذ أهله إذا حصل الطوفان وهيمن الماء على كل شيء .

                وهذا بخلاف الطلبات الشائعة فيما بيننا والمنطلقة في الغالب من عواطف جوفاء غير منضبطة ، من قبيل أننا ( الأمة المرحومة) فلنا حصانة اسمها (الدمع) وضمانة اسمها (الولاية) لم يكن يتمتع بها مَن هم قبلنا من أنبياء أولي العزم ولا حتى نبي الإسلام ووصيّه و عترته من أئمة التشيّع العلوي الذين لا يجمعهم مع أئمة التشيّع الصفوي سوى الاسم !

                كلاّ ، لم يتوجّه نوح -عليه السلام –إلى ربّه بالمطالبة بإنقاذ ابنه إلاّ على أساس الوعد الإلهي السابق له بذلك : ولم يكن خطأ نوح هنا سوى أنه لم يكن يدرك بالضبط المراد الإلهي من اصطلاح (أهلك) ففسّره بما هو المعهود من هذه اللفظة بين أهل زمانه حيث تطلق على من تربطهم بالمرء رابطة الدم فيقال أنهم أهله ! وهو ذات الخطأ الذي ما زلنا نقع فيه نحن بالنسبة لمفهوم أهل البيت حيث نعتبر الأئمة أئمة كراماً ومعصومين فقط لأنهم ذرية النبي ، ومن السلالة الأنقى والأطهر نحن نقدّس عليّاً وفاطمة لأنهم ( أهل بيت الرسول ) فالحسين ابن فاطمة وعلي، وفاطمة ابنة النبي وعلي ابن عمه وصهره !( وكأننا ننسى أو نتناسى أن أبا لهب عمّ النبي وأولاده أصهاره)!.

                ها هنا يبين الله تعالى لنوح المعنى الحقيقي للقرابة والأهلية والقومية والوراثة والشفاعة عسى أن نفهم نحن ونعتبر ( ولكن هيهات كيف سنفهم وهناك من يحول بيننا وين ذلك زاعماً أن القرآن لا يمكنه أن يفهمه أمثالنا ، وإلاّ فما فرقه عن سائر كتب المطالعة؟! ) الله سبحانه يقول لنوح أن ابنك ليس من أهلك وذلك لأن قوام الانتماء ليس باللحم والدم والتراب والنطفة والجوهر والماء والعناصر المركبة أو الملّة أو الطبقة أو النسب أو العلم أو المال … كل هذه الأمور لا تصمد أمام عامل أهم في هذا المضمار ألا وهو (العمل)!

                وفي ضوء ما تقدّم ، فإن البشرية تنقسم في جميع مناطقها ومراحلها الزمنية إلى رسالتين أساسيتين وخطين منفصلين ينحدران من العمل الصالح والعمل الفاسد ! وكل من كان عمله صالحاً فهو من أهل بيت نوح ! ربان سفينة النجاة في طوفان الهلاك المحتّم على العالم ، ( كل شيء هالك إلا وجهه) … أما العمل غير الصالح فهو عمل محكوم بالعدم والبطلان وهذه سنّة إلهية ، والسنن الإلهية لا تتبدل ولا تتحول حتى الإرادة الإلهية فكيف يمكن للشفاعة أن تفعل ذلك ؟!

                لا يوجد شيء في مسرح الوجود بوسعه أن يمنح العمل غير الصالح مصيراً يضاهي المصير المترتب على العمل الصالح . ولكن ثمة عوامل لا تحصى يمكنها أن تبدل العمل غير الصالح إلى عمل صالح .والشفاعة هي أحد هذه العوامل ، وليس المراد من الشفاعة هنا شفاعة نوح وإبراهيم ومحمد وعلي والحسنين وزينب فقط ، بل شفاعة التراب وشفاعة الدم ، كلمة الشفاعة تستبطن هذه المضامين كلّها على خلاف ما ربّينا عليه في الأنظمة الاستبدادية و النبلائية إذ فهمناها وفق هذه التربية على أنها عبارة عن توسط شخصية ذات جاه ونفوذ لتخليص صاحب الذنب أو الجريمة من عواقب الجرم الذي ارتكبه . كلاّ ! ليس هذا معنى الشفاعة ، الشفاعة في اللغة تأتي من الشفع إلى الزوج وهي تعطي مفهوم التركيب والتوصيل بين شيئين اثنين ليصبحا شيئاً واحداً بعد أن ينضمّا إلى بعضهما ويقترنا معاً وتسري خصائص وصفات كل منهما إلى الآخر …

                إن الشيعي الصفوي يؤمن أيضاً بشفاعة الحسين ولكن بأي معنى ؟ إنه يؤمن بها بالمعنى المنافي لعناها الحقيقي وبالمعنى الذي يفرّغها من مضمونها ويسلب منها آثارها …

                ما المراد من شفاعة التراب وشفاعة الدم ؟ الشيعي الصفوي يرى أن تراب كربلاء له خواص مميّزة ينفرد بها عن سائر الأتربة ويتألف من مواد مختلفة عن تلك التي تتألف منها الأتربة الأخرى ، وربما كانت له خواص فيزياوية وكيماوية فريدة من نوعها ! في تراب كربلاء وروح خفية وقوة غيبية وخاصية إعجازية ميتافيزيقية وله كرامة ذاتية جوهرية وفضائل ومناقب لا يدركها عقل الإنسان هي التي أكسبته هذه القدسية الدينية التي تفتقر إليها سائر أنواع التراب .

                ما وراء هذا التراب ثمة (مانا)[1]غيبية وخاصية سحرية و إكسير كيماوي يفعل في المريض فعل الدواء ويؤثر أثره في الشفاء بصورة أسرع إنه يذيب المرض مثلما يذيب التيزاب كل شيء يلامسه او يقع فيه ، هذا الإكسير له فوق ذلك خاصية تبديل الأشياء إلى أشياء أخرى لها صفات وخصائص تختلف جوهرياً عن صفاتها الأولى !


                [1] المانا : قوة تأثير غيبي في أدبيات الديانة المانوية وهي ديانة قريبة من الزردشتية .

                السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                Comment

                • اختياره هو
                  مشرف
                  • 23-06-2009
                  • 5310

                  #23
                  رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                  ومن ثم فإن هذا التراب يلجأ إليه في حال أريد إنقاذ نفس شيطانية وتجنبها خطر مواجهة نتائج أعمالها الخبيثة ، وهو لذلك يباع ويشترى بأسعار باهظة، أو يتم اقتناؤه عن طريق توسيط شخصيات ذات وجاهة اجتماعية ونفوذ أو عبر إنجاز سلسلة صفقات ومعاملات رسمية أو غير رسمية لأجل أن تدفن في جنازة متعفنة لشخصية من أصحاب الذوات ، وذلك كما تتولى هذه التربة المقدسة وبمقدار ما بذل من أجل تحصيلها من مال في حياته أو بمقدار ما كان له من مكانة له أو لأولاده من وجاهة ونفوذ ، فإن هذه التربة ستطوّقه بنفسها وتمنع وصول منكر ونكير إليه وتعمل على إعفائه من الحساب كلياً أو على الأقل تخفيف حسابه بشكل مؤثر وتعينه على عبور الصراط بسرعة ويخرج منتصراً من محكمة العدل الإلهي كما خرج اسفنديار من المخمصة وكأن شيئاً لم يكن !

                  بيد أن الشيعي العلوي يدرك جيداً أن تراب الحسين لا يفرق عن باقي الأتربة أصلاً ، ليس فيه قوة غيبية وخاصية إعجازية ولا ميزة ما وراء الطبيعة ، إنه تراب مثل سائر الأتربة ، غير أن هذا التراب فيه تذكير للشيعي العلوي صاحب الروح الحسينية وللإنسان الكربلائي الحقيقي (لا الكربلائي الشائع وجوده في قاموس التشيّع الصفوي ، فالفرق بينهماكبير )! الإنسان الكربلائي الحقيقي هو رجل عقيدة و جهاد ،

                  إنسان يفهم معنى الشهادة وفلسفتها ، يدرك مغزى الحرية الإنسانية التي يدعو إليها الحسين كما يدعو لها الدين ، ويعلم أن كربلاء لم تكن مجرد مصيبة وحدث تراجيدي نستخدمه سنوياً للبكاء واللطم والغيبوبة عن الوعي أو غير ذلك من المظاهر التي نكررها كل عام طوال عمرنا ، بلى ! إن كربلاء مدرسة ومنهج وخط ، كربلاء ليست مقبرة للنوح ولبس السواد ، إنها جامعة للتربية والتعليم والبناء والتحضّر ، ليست لوحة موت وفناء إنما هي لوحة حياة وحركة وإحساس بالمسؤولية وشجاعة ووعي …

                  الإنسان الكربلائي في التشيّع العلوي يعني أن يتخلص الإنسان من انتماءاته الأخرى فهو ليس دمشقياً ولا مدائنياً ولا قسطنطينياً ولا كوفياً ولا بغدادياً ولا أصفهانياً ، وعلى الصعيد التاريخي والحضاري هو ليس من أثينا ولا من اسبارتا ولا من بنارس ولا…ولا

                  إنه كربلائي وحسب ! ابن هذا التراب وخريج هذه المدرسة وربيب هذه الأرض وأسير هذا التاريخ ، بالنسبة لإنسان كهذا فإن تراب الحسين وزيارة هذا التراب وشمّه وتذكّر هذا التراب وضمّه هو في الواقع استذكار لكل ما يريد منه خونة التاريخ أن ينساه ! ويريدون أن ننساه أيضاً ! هذا التراب يبعث الحياة في عقولنا الخاملة وينشط قلوبنا المتعبة ويحرّك إرادتنا الميتة ويبعث في أجسادنا الحرارة وفي أرواحنا الحياة ! إنه يعيد لنا إنسانيتنا التي معها فقط نستحق النجاة ، هكذا يشفع لنا تراب الحسين ، وهذه الشفاعة ليست غشّاً في الامتحان وإنما هي حثّ لنا على الدراسة المكثفة وتأهيل لنا لدخول قاعة الامتحان ، الشفاعة بمعناها الصفوي إنقاذ لغير المؤهل بينما هي عند التشيّع العلوي تأهيل لمن يراد إنقاذه ، وشتان بين الاثنين !

                  11-الاجتهاد :

                  يعد الاجتهاد واحداً من أجلّ وأعظم المبادئ الشيعية – في التشيع العلوي – وهي مفخرة للشيعة ومورد اعتزازهم جميعاً .

                  وحقيقة الاجتهاد تكمن في أن القوانين والمقررات العامة للشريعة وأحكام الفقه المدونة قد لا تستوعب جميع الحالات الاجتماعية بالتفصيل نظراً لتعدد خصوصيات الزمان والمكان وتبدّلها وتبدل النظم الاجتماعية التي تنبثق عنها ، ما يجعل الحاجة ملحة لفتح باب الاجتهاد المتحرك لكي يلبي المجتهد عبر ذلك المتطلبات المستجدة أو بتعبير الرواية (الحوادث الواقعة) ، ويتاح هذا العمل للمجتهد المحقق المنفتح في عقله وتفكيره فيعكف على استنباط الأحكام على حسب القواعد العامة ومع الأخذ بعين الاعتبار روح الشريعة السمحاء وأهدافها وخصالها الكلية من العدل والمساواة استناداً إلى الأصول الأربعة متمثلة بالكتاب والسنة والعقل والإجماع ،ليخرج بأحكام وفتاوى تتلاءم مع الواقع الراهن وقادرة على تلبية وإشباع الطلبات المتنوعة للتزود بأحكام الشريعة في مختلف الوقائع وفي كافة المجالات القضائية والاقتصادية والسياسية وغيرها .

                  وفي ضوء ما تقدّم فإن الاجتهاد الحرّ يُسهم كثيراً في عدم تقوقع الدين على نفسه وانكماشه في زاوية ضيقة وينمّي الذهنية المتفتحة بين المسلمين لإثراء ملكة الاستنباط والاستدلال والبحث العلمي وتهذيب الروح وشحذ همة الإنسان للانطلاق في عالم التكامل والسموّ الفردي و الاجتماعي مواكبةً لحركة التطور البشري عبر التاريخ . الاجتهاد الحر يمثل عنصراً فعالاً في الحيلولة دون بقاء المذهب أسيراً في قوالب ثابتة قديمة الأمر الذي حصل مع المذاهب الإسلامية الأربعة لأهل السنة . لكنه –أي الاجتهاد – في التشيّع الصفوي ليس أكثر من ادعاء ضخم ولقب عظيم فارغ من المحتوى ، وهو مجرد منصب رسمي ديني للمجتهد أشبه ما يكون بالبطريرك أو الأسقف أو الكاردينال ، خلافاً للمجتهد عند التشيّع العلوي فهو عبارة عن مفكر ومحقق مجدّد وذي عقلية مواكبة لتطورات الزمن له قدرة على أن يتواءم مع حركة التاريخ والاطلاع على الحوادث الواقعة والمشاكل والمعضلات السياسية والاجتماعية والعلمية والفكرية والجزائية المتجددة ، وهذا ما يجب أن يكون ، لأن المسؤولية الجسيمة التي ينهض بأعبائها تتطلب منه ذلك ، أما المجتهد الصفوي فكلما كان أكثر رجعية وتخلفاً وتحجراً وجموداً كلما كان شأن مرجعيته واجتهاده أكثر !

                  إذا ارتدى المجتهد الصفوي لباساً أقدم ، وكان هندامه أقدم وسلوكه أقدم وحياته ونمط تفكيره أقدم وكذلك مزاجه وذوقه ولغته وأخلاقه ومعلوماته ، كان شأنه ومكانته وقدسيته أرفع وأسمى وأعظم ، خاصة إذا كان أكثر جهلاً لأصول الحياة الجديدة والاكتشافات الحديثة وتطورات الزمن الذي يعيش فيه ! لا يطالع الصحف ، ولا يصغي للمذياع ، ولا يجيد لغة أجنبية ، ولا يعلم أي شيء عن شؤون عصره ، ما أروعه إذا كان كذلك ! انظروا إليه ! نور عليّ يطفح على وجهه وعينيه ، إنه ملاك من نور ، ليس من أهل هذه الدنيا ، إنه يتعلق بعالم آخر ، عالم القدس والمعنوية والانجذاب ! ذات مرة رأيت ((مريداً))صفوياً يتحدث عن شيخه (المراد) بشغف وانفعال ، ويقول بشأنه إنه ليس من أهل هذه الدنيا ! وأنه سأله ذات يوم عن جواز الإصغاء إلى الراديو باعتبار أنه يقدم أحياناً محاضرات دينية وهناك فترات دينية فيه لتلاوة القرآن أو رفع الأذان … فأجابه صاحبنا بسؤال:

                  لا أعلم عمّن تتحدث ، وتشخيص الموضوع ليس من وظائفي كمجتهد ، اذهب أنت وتفحص عنه لتعرف إن كان مسلماً أم لا ، وما هي معتقداته وأعماله فإذا كانت سابقة حسنة لم لا ؟! يجوز الاستماع له ، ولكن قل لي أولا ً أين يرتقي صاحبك المنبر؟!

                  لاحظوا كيف يتغزل هذا المريد بمراده ويعتبره تحفة خالصة حباها الله إياه في هذا الزمن العصيب !

                  المجتهد الصفوي لا ينبغي له أن يكثر الحديث والكلام والكتابة ، ولا يليق به أن يشتغل بتفسير القرآن ، أو أن يقرأ السيرة والتاريخ ، لأن هذه المهام خاصة بالفضلاء وليس بالمجتهدين والعلماء ! المهمة الوحيدة للمجتهد أن يتقن ( الفقه) ، ولكن أي فقه وعلى خلفية أي متطلبات وحاجات ومسائل ؟ النظام الاقتصادي على أساس الإنتاج الزراعي والحيواني لقبائل الجزيرة في عهد النبي أما النظام الاجتماعي فعلى أساس قانون الاستعباد ، أما النظام السياسي فهيهات !

                  التشيّع الصفوي لا يتدخل بشؤون السياسة ، فقد فوض هذا الحقل الحياتي إلى السلطان ! فالمرحلة هي مرحلة الغيبة الكبرى ، فماذا تعني السياسة والحكومة ؟

                  وهل لهما معنى في ظل غياب الإمام ؟! الأرجح للمجتهد إذن أن يعكف على استنباط الأحكام الفردية التي توطد جسور الصلة والارتباط بين العبد وربه وليذهب العالم إلى الجحيم !اسأله حول أي مسألة بشأن الحيض والنفاس والجنابة وآداب بيت الخلاء وأحكام العبيد وحقوق الأسياد ستجد الجواب حاضراً على البديهة وبمنتهى التفصيل ، فلقد أمضى الأستاذ الكبير زهاء ستة أشهر في مجال البحث حول آداب التخلّي فقط ! أما المواضيع ذات الصلة بالسياسة والتي يمكن أن تثير سخط الشاه عباس فما شأننا بها ، إنها أمور دنيا ، والمجتهد الصفوي إنسان شديد الورع والتقوى ، ولا علاقة له مطلقاً بمثل هذه الأمور!

                  12-الدعاء :

                  الدعاء في التشيّع العلوي هو دعاء النبي ودعاء القرآن ودعاء علي ومظهر تجليه في دعاء الإمام زين العابدين ، والدعاء بهذا المعنى هو وسيلة لتلقين النفس على أن تظل طامحةً دائماً إلى الأهداف والطموحات الإنسانية السامية وإحياء هذه المطامح في نفس الداعي ، والدعاء هو مجموع هذه الأهداف والطموحات المتكونة من الحكم المتعالية والأفكار السامية في معرفة الله والكون والإنسان .

                  أما الدعاء الصفوي فهو وسيلة لتغليف مواطن الضعف والنقص والمذلّة وفي إطار أناني ضيق ووضيع ! لقد كان الإمام زين العابدين يدعو لأهل الثغور في ظل حكومة يزيد وطغيان بني أمية ، لم تكن بحوزته مسؤولية اجتماعية ولم يكن يتاح له فعل شيء لصالح الأمة والمجتمع ، فمقاليد الأمور بيد أعدائه ، ولكن لا شيء يمنعه من الدعاء لجنود الإسلام وحراس ثغور الدولة الإسلامية … وعندما يتعرض للدعاء لنفسه يدعو لها بأن لا يجعلها الله أداة بيد أعداء الإسلام ! هذا هو دعاؤه كما هو دعاة شيعته !

                  أما دعاء الشيعي الصفوي فيقتصر على التوسل بالله سبحانه ليقضي له دَيْنه ويحفظ أقرباءه الذاهبين في سفر بعيد ويعجّل بعودتهم سالمين غانمين ! جميع المسلمين يبادون اليوم في فلسطين ولكن صاحبنا لديه مسافر عزيز ! زوجته أو ابنه أو أخوه أو شريكه في التجارة ويخاف أن ينقطع به السبيل أو ينفجر به أحد إطارات سيارته أو يصيبه الإسهال نتيجة عدم مراعاة مطاعم الطريق للمقررات الصحية … إلهي بلطفك وقدرتك التي لا يردها شيء اجعل مسؤول الذاتية في دائرتنا يشتبه بحقّي فيمنحني أربع علاوات دفعة واحدة !

                  الأدعية الصفوية جميعها تدور في هذا الفلك وتنحصر في هذا الإطار الضيق المحدود إنه وسيلة للتخلص من المسؤولية والهرب منها ، هو وسيلة للحصول مجاناً على ما يحتاح تحصيله إلى بذل جهد وتحمل مشقة وعناء .

                  لقد جعلت الذهنيةُ الصفوية الدعاءَ بديلاً عن العمل ، بينما كان النبي يجهد نفسه بالعمل ومن ثم يدعو !يذهب إلى الجهاد ويقاتل ببسالة ويصاب ويصيب ومن ثم يدعو ، لقد تحمل النبي عناء شهر كامل من المرابطة في الخندق ، وفي أُحد جهّز المهاجرين والأنصار وكان على رأسهم حمزة ومصعب بن عمير وأبي دجانة ، وأعطى اللواء لعليّ، وتولى القيادة بنفسه ، ولكنّه خسر المعركة، لماذا؟ فقط لأن ثلّة من مقاتليه لم يعملوا على تطبيق ما أمرهم به ، نعم عصيان أمر واحد تسبّب في تلك الخسارة الجسيمة ! بينما يريد صاحبنا هنا أن يحقق بالدعاء وحده جميع آمال وتطلعات المسلمين !

                  إن من حق أي إنسان عاقل ومتفتح أن يرفض هذا المنهج ، ومن الطبيعي جداً أن يسخر من أصحابه والمتمسكين به، بينما هو مضطر إلى أن يقدر ويحترم المنهج الآخر ؛منهج محمد وعلي اللذين كانا يقاومان بجميع وظائفهما وعلى أتمّ ما يكون ومن ثم يرفعان أيديهما إلى السماء !

                  _________________
                  السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                  Comment

                  • اختياره هو
                    مشرف
                    • 23-06-2009
                    • 5310

                    #24
                    رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                    التقليد:

                    التقليد في -التشيّع العلوي –كان مبدأ في غاية الأهمية في مجال قيادة الأمة في العهود التي كانت كل مراكز القوى الرسمية حكراً على أبناء الطائفة السنّية ولم يكن للشيعيّ الحق في التصدّي لأي منصب ريادي يتمكن من خلاله من الدفاع عن وجوده الحضاري والاجتماعي ، وكان –التقليد – في الوقت ذاته عنصراً فاعلاً جداً في الحيلولة دون انهيار الوحدة الفكرية للشيعة مضافاً إلى ما يتيحه العلماء من الحرية في الاجتهاد والاستنباط ( على خلاف ما نراه اليوم من الإجهاز والقتل المعنوي لكل من يأتي بفكرة جديدة أو حتى باصطلاح جديد ) وكان الاختلاف الفكري أمراً طبيعياً للغاية حتى أنه يمكن القول أن الاختلافات الاجتهادية والمناظرات و الاعتقادية بين علماء الشيعة الكبار كالسيد الرضى والسيد المرتضى والشيخ الكليني ربما كانت أكثر حدّة من الاختلافات بينهم وبين علماء المذاهب الأخرى ، ولقد أسهم ذلك كثيراً في إثراء الحركة الفقهية وتكاملها في إطار التراث الشيعي ، بما يحقق مصداقاً واضحاً للحديث المروي عن النبي( اختلاف علماء أمتي رحمة).

                    وهكذا نفهم أن الباحث الذي يبذل جهده في الوصول إلى الحقيقة له أجر وثواب حتى لو لم ينجح في الوصول إليها ، وهذا إنما يعكس مدى الاهتمام والاحترام الذي يوليه الدين الإسلامي والتشيّع على وجه خاص لمهامّ البحث العلمي، ومنه نكتشف سعة الفجوة بين نمط التفكير السائد هذه الأيام وبين ما كان عليه قبيل ظهور التشيّع الصفوي ، والأنكى من ذلك أن هذا الجمود والتعصّب والتحجّر ينتشر باسم الإسلام ليبلغ درجات مثيرة للقرف من قبيل الاعتراض على المحاضر لمجرد أنه يشرب الماء خلف المنصة ، والاعتراض على آخر لأنه ألقى محاضرة جيدة حول صاحب الزمان إلا أنه استخدم فيها اصطلاحاً يثير امتعاض أحد وجهاء المنطقة ، والاعتراض على ثالث لأنه تحدث عن قيمة الدعاء والمناجاة وكان موفّقاً في الحديث لولا أنه انتقد ضمن ثنايا حديثه مطلباً وارداً في هامش لكتاب ألفه أحد الوعّاظ المشار إليهم بالبنان ، وما كان ينبغي ذلك ! في التشيّع العلوي ، يكون العالم الباحث حرّاً في اجتهاده ، وعلى العامي أن يقلّده ، وهذه منظومة اجتماعية علمية جديرة بالتقدير ، بينما التقليد في التشيّع الصفوي يعني أن يكون الناس جميعاً صماً بكماً عمياً بازاء من يرتدي اللباس الرسمي المعترف به من قبل أجهزة السلطة ، ولا يجوز لغيره ولوج هذا الباب ليس في المجالات الفقهية الفنية وحسب بل حتى في مضمار فهم واستنباط القضايا الاعتقادية التي يفترض أن كل إنسان يكون مطالباً بنفسه بالاجتهاد فيها .

                    ومن ثم يقوم هذا العالم الرسمي بتقرير جميع الأصول العقائدية والأحكام الشرعية والنظريات العقلية والاجتماعية ويقدمها للملأ على شكل تعليمات إلزامية يجب على العوام اتباعها دون السؤال عن مستند أو دليل .وهكذا يتضح لنا أن التشيّع العلوي لا يؤمن بالتقليد في باب الأصول والعقائد ، ويحصره في دائرة الأحكام الشرعية والفروع بل يذهب أبعد من ذلك ولا يسوّغ التقليد إلاّ في تفاصيل الفروع وفروعها حيث يوجد مجال لاختلاف العلماء حولها ، أما فروع الدين الثابتة كالصلاة والصوم والحج فلا مجال للتقليد فيها لأنها مسلّمة وضرورية ، إذ من الثابت عدد ركعات الصلاة وأركانها والأذكار الواردة فيها ولا يمكن التقليد في ذلك ، إذن ما هي الموارد التي يجوز فيها التقليد ؟! الجواب يجوز التقليد في مثل الجهل بعدد الفراسخ التي ينبغي طيّها لتحقق المسافة الشرعية التي توجب قصر الصلاة وترك الصيام ، أو في المسائل المستحدثة والتي ليس لها موضوع في السابق حيث يتعين على الفقيه استنباط حكمها ويتعين على المقلّد أن يلتزم بحكم الفقيه فيها من قبيل أحكام البنوك والمصارف واليانصيب والسرقفلية وما شابه ذلك .

                    أما في التشيّع الصفوي فيتعين على المرء أن يكون تابعاً ومقلداً أعمى في جميع الأمور والمجالات !(الروحاني ) الذي يعيّن –عبر الفتاوى التي يصدرها على نحو دساتير مقتضبة وقاطعة – كل ما يتعلق بأفكار الناس وعقائدهم وأحاسيسهم وأمزجتهم وطبيعة حياتهم الفردية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية والتربوية …



                    13-التقليد :

                    التقليد ، في التشيّع العلوي ، لا يكون إلاّ في المسائل الفرعية العملية ، وهو عادة ما يكون على شكل إبداء رأي كلّي وبيان مفهوم ذي طابع عام ، فمثلاً يفتي الفقيه بحسب الضوابط العلمية والموازين التي لديه بجواز الاشتراك في الانتخابات وعدم جوازه ،أو جواز الدخول في معاملات مع الأجانب الذين لهم الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكذائي وعدم جوازه ، أو إمكانية مطالعة الكتاب الفلاني لكاتب غير مسلم أو شيعي أو عدم إمكانية ذلك ، أو أنه يجوز لنا أو لا يجوز حضور المحافل التي يجري فيها الحديث عن ضرورة توحّد المسلمين لمواجهة المستعمر الغربي .وفي كل هذه المسائل وأمثالها تكون مهمة تشخيص الموضوع والمورد بعهدة عقل المكلف المقلّد .

                    بيد أن هذه المهمة –في التشيّع الصفوي- تكون هي الأخرى من مهامّ وصلاحيات (الروحاني) وعلى المقلّد أن يستفتيه فيها ليجيبه جواباً فورياً صريحاً فيقول لمقلّده مثلاً : أعط رأيك لفلان لأنه رجل صالح ! ولا تنتخب فلاناً من الناس لأنه إنسان منحرف ، وعليك أن تقرأ الكتاب الفلاني لأن مؤلفه هو عماد الدين وثقة الإسلام والمسلمين ومروج أحكام الدين المبين وغير ذلك من الألقاب المجّانية ! وإذا بنا نتصفح الكتاب فنعثر فيه على رواية منقولة عن النبي : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أكل البطيخ وجبت له الجنة)[1].

                    أو ينهاه عن مطالعة الكتاب الفلاني لأن مؤلفه لم يتطرق للتعريض بالصحابي الفلاني والقول بأنه كان مبتلىً بالمرض الفلاني ، ومن خلال ذلك يعلم أن عقيدة المؤلف فاسدة وربما كان وهابياً لا يؤمن بالولاية ! صحيح أن المؤلف له مؤلفات وبحوث عديدة في إثبات أصالة التشيّع وأحقيّة المذهب والغدير والوصاية وأرجحية أهل البيت وعدم صلاحية مناوئيهم لخلافة النبي ، وصحيح أنه سخّر قلمه ولسانه للدفاع عن التشيّع بالحكمة والدليل والأسلوب المعاصر ، غير أن إمامة أهل البيت وولاتهم ممّا لا صلة له بالدليل ومنطق البرهنة والاستدلال ، ولا تُنال مثل هذه الأمور وتدرك إلاّ بتوفيق من الله عزّ وجلّ –يؤتيه من يشاء ويمنعه عمّن يشاء ، ومن كان لديه هذا التوفيق الإلهي لا حاجة له بالدليل والآية والحجة ، وكل من سوّد الله قلبه ولم يكن مستحقاً للفوز بالهدى ونوال هذه المكرمة الإلهية فلن ينفع معه الدليل ولا يمكن أن يهتدي إلى الحق بالمنطق والحجة والاستدلال ، لأن قضية الولاية هي بالأساس أجنبية عن مضامير البحث العلمي والاستدلالات العقلية والذهنية ، إنها قضية قلبية وتعبدية ! دعك من ذلك كله ، فالتولّي لأهل البيت والتبرّي من أعدائهم لا يتمّ بإيراد مئات الأدلة والشواهد التحليلية التاريخية على خطأ سياسة عمر وأبي بكر وبطلان الشورى وإدانة مؤامرة السقيفة وبيان الخطوط العامة لمنهجية عليّ ، بل هو يتمّ من خلال التعرّض للخلفاء وسبّ الصحابة والتعريض بزوجة النبي وما شابه ذلك من الأعمال التي قد تعدّ علامة للإنسان الشيعي!!

                    كما أن أراء و سلوكيات أجهزة الإعلام الديني الصفوي ساهمت في تلطيخ صورة الشيعة في أذهان إخوانهم المسلمين في شتى أنحاء العالم الإسلامى و صورت التشيع بأنه مركب من اليهود والمجوس يختبىء وراء لا فتة أهل البيت لتوجيه ضربة غادرة للأسلام و أنهم يعتبرون القرآن ناقصا ً ، و ينسبون الكفر إلى الصحابة و القول بأن الخلفاء منافقون و خونة و مشركون و أن الشيعة لا يؤمنون بالصلاة مع المسلمين ويعبدون علياً ، ويعدّون جبرائيل خائناً لأنه كان مأموراً بإبلاغ الرسالة إلى علي ولكنه قام بتبليغها إلى محمد ! الشيعة يعبدون التربة ويستشفون بالقبور ويشيّدون للأولياء أضرحةً ليطوفوا حولها بدلاً من الطواف حول الكعبة ، ويتقربون بالنذور لغير الله ويعتبرون أئمتهم شركاء لله في خلق الموجودات وتسيير أمور الكائنات وطلوع الشمس ونزول المطر ونبات الشجر ، ولهذا وغيره فالشيعة مشركون وأعداء للإسلام والمسلمين والقرآن والرسول …


                    [1] يراجع كتاب : )راه بهشت = طريق الجنة ) طبع مشهد .
                    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                    Comment

                    • اختياره هو
                      مشرف
                      • 23-06-2009
                      • 5310

                      #25
                      رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                      وختاماً، سوف أحاول تلخيص نتائج هذا البحث في رؤوس أقلام أؤشر من خلالها على الفوارق المبدئية والمنهجية بين التشيّعين المتشابهين في الشكل والمتناقضين في المحتوى والمضمون :



                      التشيّع العلوي.................................................... التشيّع الصفوي

                      الوصاية: هي توصية من النبي بأمر ...............................الوصاية : هي قاعدة تنصيب وراثي

                      من الله لتشخيص الفرد الأصلح .................................وسلاليّ للحكم على أساس العنصر

                      طبق معياري العلم والتقوى. .....................................والقرابة .

                      الإمامة : القيادة الثورية النزيهة الهادفة ..............................الإمامة : هي الاعتقاد باثني عشر

                      لهداية الناس وبناء المجتمع بناءً سليماً .................................إماماً معصوماً مقدساً من عالم (ما فوق

                      والارتقاء به إلى مستوى الطموح ...................................الإنسان ) وهم الوسيلة الوحيدة للتقرب

                      والنضج والاستقلال وتربية(الإنسان ....................................إلى الله والتوسل به والاستشفاع إليه ،

                      المافوق) لكي يمثّل التطبيق الحسّي ................................... ...وهم اثنا عشر ملاكاً غيبياً يلعبون دور

                      للدين ولكي يتسنّى للآخرين التأسّي ....................................الآلهة الصغار ويدورون حول إله

                      به والاقتداء بسيرته. ............................................... السماء الأكبر.

                      العصمة : الإيمان بنزاهة وتقوى روّاد ............................... العصمة : وهي تعبر عن وجود ذوات

                      المجتمع على الصعيد الفكري ...................................... استثنائية وموجودات غيبية ليست من

                      والاجتماعي وكونهم أئمة مسؤولون ................................صنف البشر المخلوق من الطين،

                      عن صيانة إيمان الناس وقيادتهم .....................................وليس بوسعهم ارتكاب المعاصي

                      بالعدل ونبذ الظلم والخيانة والتبعية .................................والأخطاء، والإيمان بأن المعصومين

                      وعملاء الأجهزة الحاكمة ........................................ الأربعة عشر هم جميعا كذلك .

                      ............................................................... وبالتالي فإن الخيانة والظلم من غير

                      ................................................................ هؤلاء المعصومين تعدّ أمراً وارداً ولا

                      ................................................................. محيص عنه !

                      الولاية : وتعني المحبة والقيادة وقبول ..................................... الولاية : الاقتصار على حبّ عليّ

                      حكومة عليّ وأتباع عليّ دون غيرهم، ................................ والتهرب من كافة المسؤوليات وذلك

                      وحب عليّ لأنه المثال الأسمى ......................................... كفيل بضمان الفوز بالجنة والنجاة من

                      للعبودية ، ولأن قيادته للمجتمع ........................................ النار . مضافاً إلى الاعتقاد بأن الولاية

                      ستكون مصباح النجاة ، ولأن حكومته .................................... ليست من شؤون الناس والمجتمع بل

                      كانت وما تزال تمثل أمل الإنسانية. ...................................... هي شأن إلهي له صلة بخلق الكائنات

                      ...................................................................... . وإرادتها .

                      الشفاعة: هي سبب لكسب استحقاق ...................................... الشفاعة:طريق لنجاة غير المستحق !

                      النجاة.

                      الاجتهاد: سبب لبقاء الدين متحركاً ........................................... الاجتهاد: عنصر تحجر وجمود

                      وحيّاً ونابضاً في مختلف الأزمنة ............................................. وحيلولة دون التقدم والتطور

                      ومواكباً لحركة التاريخ وتكامل الرؤية ........................................ والتجديد وأداة للتفكير والتفسيق

                      الدينية ومواءمة تحولات النظم .............................................. وشجب وإدانة لكل تحرك جديد أو

                      الاجتماعي البشري. ...................................................... كلام جديد أو أسلوب جديد في فهم

                      ...................................................................... . الدين ونظم الحياة على الأصعدة

                      ...................................................................... .... الفكرية والعلمية والاجتماعية

                      ...................................................................... .......... وغيرها .

                      التقليد :علاقة طبيعية ومنطقية بين ............................................ التقليد:وهو الطاعة العمياء والتبعية

                      العالم والجاهل والمتخصص وغير ............................................. المطلقة !ل ( الروحاني ) في قناعاته

                      المتخصص في مجال الأحكام ............................................... وتصرفاته وفتاواه وبالتعبير القرآني

                      القضائية والشرعية ذات الطابع الفني ............................................. عبادة الأحبار والرهبان.

                      التفصيلي.

                      العدل: وهي عقيدة أن الله عادل وأن ............................................ العدل: هو بحث علمي في باب

                      نظام الوجود قائم على أساس العدل .......................................... الصفات الإلهية يرتبط بما بعد الموت

                      وكذلك نظام المجتمع والحياة ، وأن ........................................... وتوقع الكيفية التي سيحكم بها الله بين

                      الظلم والتمييز هو مظهر غير طبيعي ............................................ عباده يوم القيامة ، ولا صلة له بما قبل

                      ويتنافى مع الغرض الإلهي ، وأن العدل ............................................. الموت، فالعدل في هذا العالم هو مهمة

                      هو إحدى دعامتي المذهب وهو هدف ............................................ الشاه عباس ومن لفّ لفّه ، ما لله لله وما

                      الرسالة وشعار الإسلام الكبير . ................................................ لقيصر لقيصر ، والدنيا تقع ضمن دائرة

                      ...................................................................... ... سلطنة الشاه عباس ، وليس لله سوى

                      ......... الآخرة .

                      الدعاء : هو نصّ تعليمي تربويّ يربّي .......................................... الدعاء: هو مجموعة من الأوراد

                      الإنسان على الفضائل ، وهو ممارسة .......................................... والأذكار، إذا حملها الإنسان أو تلاها

                      عملية تكسب الروح صفاءً ومعنوية .......................................... تكفيه مؤونة السعي وراء رزقه وتحمل

                      وتعرج بها إلى مقامات القرب الإلهي . .......................................... مسؤولياته ، وتمنحه ثواباً وعطاء في

                      ...................................................................... ..... الدنيا والآخرة دون الحاجة إلى العمل

                      ...................................................................... ..... أو التفكير.

                      الانتظار: استعداد روحي وعملي .......................................... الانتظار:تلقين على الرضوخ

                      واعتقادي للإصلاح والثورة على .......................................... والاستسلام للوضع القائم وتبرير

                      الوضع الفاسد ، وقناعة راسخة بأن .......................................... لفساد الأوضاع ويأس من إمكانية

                      الظلم يزول وأن الحق سينتصر لا .......................................... إصلاحها وإدانة كل خطوة في هذا

                      محالة وأن الأرض يرثها المستضعفون .......................................... الاتجاه ، والانتظار السلبي لظهور

                      وأهل الصلاح. .............................................................. المصلح الكبير .
                      السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                      Comment

                      • اختياره هو
                        مشرف
                        • 23-06-2009
                        • 5310

                        #26
                        رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                        وختاماً، سوف أحاول تلخيص نتائج هذا البحث في رؤوس أقلام أؤشر من خلالها على الفوارق المبدئية والمنهجية بين التشيّعين المتشابهين في الشكل والمتناقضين في المحتوى والمضمون :



                        التشيّع العلوي.................................................... التشيّع الصفوي

                        الوصاية: هي توصية من النبي بأمر ...............................الوصاية : هي قاعدة تنصيب وراثي

                        من الله لتشخيص الفرد الأصلح .................................وسلاليّ للحكم على أساس العنصر

                        طبق معياري العلم والتقوى. .....................................والقرابة .

                        الإمامة : القيادة الثورية النزيهة الهادفة ..............................الإمامة : هي الاعتقاد باثني عشر

                        لهداية الناس وبناء المجتمع بناءً سليماً .................................إماماً معصوماً مقدساً من عالم (ما فوق

                        والارتقاء به إلى مستوى الطموح ...................................الإنسان ) وهم الوسيلة الوحيدة للتقرب

                        والنضج والاستقلال وتربية(الإنسان ....................................إلى الله والتوسل به والاستشفاع إليه ،

                        المافوق) لكي يمثّل التطبيق الحسّي ................................... ...وهم اثنا عشر ملاكاً غيبياً يلعبون دور

                        للدين ولكي يتسنّى للآخرين التأسّي ....................................الآلهة الصغار ويدورون حول إله

                        به والاقتداء بسيرته. ............................................... السماء الأكبر.

                        العصمة : الإيمان بنزاهة وتقوى روّاد ............................... العصمة : وهي تعبر عن وجود ذوات

                        المجتمع على الصعيد الفكري ...................................... استثنائية وموجودات غيبية ليست من

                        والاجتماعي وكونهم أئمة مسؤولون ................................صنف البشر المخلوق من الطين،

                        عن صيانة إيمان الناس وقيادتهم .....................................وليس بوسعهم ارتكاب المعاصي

                        بالعدل ونبذ الظلم والخيانة والتبعية .................................والأخطاء، والإيمان بأن المعصومين

                        وعملاء الأجهزة الحاكمة ........................................ الأربعة عشر هم جميعا كذلك .

                        ............................................................... وبالتالي فإن الخيانة والظلم من غير

                        ................................................................ هؤلاء المعصومين تعدّ أمراً وارداً ولا

                        ................................................................. محيص عنه !

                        الولاية : وتعني المحبة والقيادة وقبول ..................................... الولاية : الاقتصار على حبّ عليّ

                        حكومة عليّ وأتباع عليّ دون غيرهم، ................................ والتهرب من كافة المسؤوليات وذلك

                        وحب عليّ لأنه المثال الأسمى ......................................... كفيل بضمان الفوز بالجنة والنجاة من

                        للعبودية ، ولأن قيادته للمجتمع ........................................ النار . مضافاً إلى الاعتقاد بأن الولاية

                        ستكون مصباح النجاة ، ولأن حكومته .................................... ليست من شؤون الناس والمجتمع بل

                        كانت وما تزال تمثل أمل الإنسانية. ...................................... هي شأن إلهي له صلة بخلق الكائنات

                        ...................................................................... . وإرادتها .

                        الشفاعة: هي سبب لكسب استحقاق ...................................... الشفاعة:طريق لنجاة غير المستحق !

                        النجاة.

                        الاجتهاد: سبب لبقاء الدين متحركاً ........................................... الاجتهاد: عنصر تحجر وجمود

                        وحيّاً ونابضاً في مختلف الأزمنة ............................................. وحيلولة دون التقدم والتطور

                        ومواكباً لحركة التاريخ وتكامل الرؤية ........................................ والتجديد وأداة للتفكير والتفسيق

                        الدينية ومواءمة تحولات النظم .............................................. وشجب وإدانة لكل تحرك جديد أو

                        الاجتماعي البشري. ...................................................... كلام جديد أو أسلوب جديد في فهم

                        ...................................................................... . الدين ونظم الحياة على الأصعدة

                        ...................................................................... .... الفكرية والعلمية والاجتماعية

                        ...................................................................... .......... وغيرها .

                        التقليد :علاقة طبيعية ومنطقية بين ............................................ التقليد:وهو الطاعة العمياء والتبعية

                        العالم والجاهل والمتخصص وغير ............................................. المطلقة !ل ( الروحاني ) في قناعاته

                        المتخصص في مجال الأحكام ............................................... وتصرفاته وفتاواه وبالتعبير القرآني

                        القضائية والشرعية ذات الطابع الفني ............................................. عبادة الأحبار والرهبان.

                        التفصيلي.

                        العدل: وهي عقيدة أن الله عادل وأن ............................................ العدل: هو بحث علمي في باب

                        نظام الوجود قائم على أساس العدل .......................................... الصفات الإلهية يرتبط بما بعد الموت

                        وكذلك نظام المجتمع والحياة ، وأن ........................................... وتوقع الكيفية التي سيحكم بها الله بين

                        الظلم والتمييز هو مظهر غير طبيعي ............................................ عباده يوم القيامة ، ولا صلة له بما قبل

                        ويتنافى مع الغرض الإلهي ، وأن العدل ............................................. الموت، فالعدل في هذا العالم هو مهمة

                        هو إحدى دعامتي المذهب وهو هدف ............................................ الشاه عباس ومن لفّ لفّه ، ما لله لله وما

                        الرسالة وشعار الإسلام الكبير . ................................................ لقيصر لقيصر ، والدنيا تقع ضمن دائرة

                        ...................................................................... ... سلطنة الشاه عباس ، وليس لله سوى

                        ......... الآخرة .

                        الدعاء : هو نصّ تعليمي تربويّ يربّي .......................................... الدعاء: هو مجموعة من الأوراد

                        الإنسان على الفضائل ، وهو ممارسة .......................................... والأذكار، إذا حملها الإنسان أو تلاها

                        عملية تكسب الروح صفاءً ومعنوية .......................................... تكفيه مؤونة السعي وراء رزقه وتحمل

                        وتعرج بها إلى مقامات القرب الإلهي . .......................................... مسؤولياته ، وتمنحه ثواباً وعطاء في

                        ...................................................................... ..... الدنيا والآخرة دون الحاجة إلى العمل

                        ...................................................................... ..... أو التفكير.

                        الانتظار: استعداد روحي وعملي .......................................... الانتظار:تلقين على الرضوخ

                        واعتقادي للإصلاح والثورة على .......................................... والاستسلام للوضع القائم وتبرير

                        الوضع الفاسد ، وقناعة راسخة بأن .......................................... لفساد الأوضاع ويأس من إمكانية

                        الظلم يزول وأن الحق سينتصر لا .......................................... إصلاحها وإدانة كل خطوة في هذا

                        محالة وأن الأرض يرثها المستضعفون .......................................... الاتجاه ، والانتظار السلبي لظهور

                        وأهل الصلاح. .............................................................. المصلح الكبير .
                        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                        Comment

                        • اختياره هو
                          مشرف
                          • 23-06-2009
                          • 5310

                          #27
                          رد: مختصر كتاب "التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي "للدكتور علي شريعتي

                          الغيبة: تحمّل الناس أنفسهم لمهمة .......................................... الغيبة :سلب المسؤوليات وتعطيل

                          تحديد المصير وقيادة المجتمع معنوياً .......................................... الأحكام الاجتماعية للإسلام

                          ومادياً ، وانتخاب الفرد الأصلح ليقوم .................................. والتملّص من مواجهة المسؤولية تحت

                          بمهامّ النيابة عن الإمام الغائب . .......................................... ذريعة عدم جدوى العمل والتغيير لأن

                          ....................................................................ر الإمام هو الوحيد القادر على إصلاح

                          ...................................................................... ما فسد وكل ما سوى ذلك هباء. ولا

                          ...................................................................... .يجوز العمل إلا بحضور الإمام ، حيث

                          ...................................................................... ... أنه غائب فلا مشروعية لكل شيء!


                          التشيّع العلوي هو تشيّع الحب والمعرفة .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع الجهل والمحبّة

                          التشيّع العلوي تشيّع السنة .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع البدعة

                          التشيّع العلوي تشيّع الوحدة .......................................... التشيّع الصفوي:تشيّع الفرقة

                          التشيّع العلوي:تشيّع العدل .......................................... التشيّع الصفوي:تشيّع العدل!

                          (العدل الاجتماعي في المجتمع .......................................... (العدل الفلسفي لما بعد الموت )

                          والحياة )

                          التشيّع العلوي تشيّع السماء .......................................... التشيع الصفوي تشيّع الاسم

                          التشيّع العلوي تشيّع الاقتداء .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع المدح والثناء

                          التشيّع العلوي تشيّع الاجتهاد .......................................... التشيع الصفوي تشيّع الجمود

                          التشيّع العلوي تشيّع المسؤولية .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع تعطيل

                          ...................................................................... .... المسؤوليات

                          التشيّع العلوي تشيّع الحرية .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع العبودية

                          التشيّع العلوي تشيّع ثورة كربلاء .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع مصيبة كربلاء

                          التشيّع العلوي تشيّع الشهادة .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع الموت

                          التشيّع العلوي تشيّع التوسل لأجل .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع التوسل لأجل

                          التكامل ...................................................................... ..... الخداع

                          التشيّع العلوي تشيّع التوحيد .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع الشرك

                          التشيّع العلوي تشبّع الاختيار .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع الجبر

                          التشيّع العلوي تشيّع نصرة الحسين .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع ندب الحسين

                          التشيّع العلوي تشيّع الإنسانية ................................................ التشيّع الصفوي تشيّع القومية

                          التشيّع العلوي تشيّع الإمامة العلوية .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع السلطنة الصفوية

                          التشيّع العلوي تشيّع الانتظار الإيجابي .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع الانتظار السلبي

                          التشيّع العلوي تشيّع تقية المناضل .......................................... التشيّع الصفوي تشيّع تقية الخامل

                          الشجاع ...................................................................... .. الجبان



                          التشيّع العلوي ..................................................................... التشيّع الصفوي

                          تشيّع (لا) ...................................................................... ..... تشيّع (نعم)!



                          انتهى الكتاب الحمد الله ورحمك الله يا علي شريعتي
                          صقر الصقور
                          السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                          Comment

                          Working...
                          X
                          😀
                          🥰
                          🤢
                          😎
                          😡
                          👍
                          👎