إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

بدعة التقليد في حوار هادف في حلقات متسلسلة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • خادم الرضا
    عضو جديد
    • 02-02-2012
    • 15

    بدعة التقليد في حوار هادف في حلقات متسلسلة

    تمهيد:
    حوار مفترض بين أب وابنائه الثلاثة، في بدعة التقليد وبيان بطلانها بالدليل العلمي بعيدا عن التعصب وارجوا من القراء الكرام التدبر بما في الحلقات مع اثارة بعض الاشكالات لكي يكون للبحث فائدته المرجوه وفقكم الله سبحانه واسال الله ان يوفق الجميع ويبصرهم بالحق.
    الحلقة الأولى

    في بيان تعريف التقليد واختلافهم فيه
    الأب: التقليد له تعريفين: الأول: التعريف اللغوي؛ وهو ما ذكره أهل اللغة، وسأشير إلى تعريفه اللغوي استطراداً، وإليكم ثلاثة تعاريف منها: قال ابن منظور في لسان العرب:(وقد قلده قلاداً وتقلدها، ومنه التقليد في الدين وتقليد الولاة الأعمال، وتقليد البدن: أن يجعل في عنقها شعار يعلم به أنها هدي، قال الفرزدق: حلفت برب مكة والمصلى وأعناق الهدي مقلدات. وقلده الأمر: ألزمه إياه، وهو مثل بذلك. التهذيب: وتقليد البدنة أن يجعل في عنقها عروة مزادة أو خلق نعل فيعلم أنها هدي ، قال الله تعالى: ﴿ولا الهدي ولا القلائد﴾،...) ([1]). وقال الجوهري في الصحاح: ([قلد] القلادة: التي في العنق، وقلدت المرأة فتقلدت هي. ومنه التقليد في الدين، وتقليد الولاة الأعمال. وتقليد البدنة، أن يعلق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي. ويقال: تقلدت السيف)([2]). وقال الزبيدي في تاج العروس: (وقلدتها قلادة، بالكسر، وقلاداً، بحذف الهاء: جعلتها في عنقها فتقلدت، ومنه التقليد في الدين، وتقليد الولاة الأعمال وهو مجاز، منه أيضا تقليد البدنة: أن يجعل في عنقها شيئاً يعلم به أنها هدي، قال الفرزدق: حلفت برب مكة والمصلى * وأعناق الهدي مقلدات وفي التهذيب: وتقليد البدنة أن يجعل في عنقها عروة مزادة أو خلق نعل فيعلم أنها هدي، قال الله تعالى ﴿ولا الهدى ولا القلائد﴾([3]). وقال الفيومي في المصباح: (قلدت المرأة تقليدا جعلت القلادة في عنقها) ([4]). وقال الشيخ الطريحي: (وقلدته قلادة: جعلتها في عنقه، وفي حديث الخلافة: فقلدها رسول الله ص علياً u، أي ألزمه بها، أي: جعلها في رقبته، وولاه أمرها) ([5]). فنلاحظ جميع هذه التعاريف تتفق على كون التقليد هو: تعليق القلادة في العنق، وقد صرّح بذلك غير واحد ممن تعرّض لمعناه اللغوي. يقول السيد محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن: (التقليد في اللغة جعل القلادة في العنق، ومنه التقليد في حج القران، أي جعل القلادة في عنق البعير) ([6]). ويقول السيد الخوئي في بيان معنى التقليد: (إنّ التقليد بمعنى جعل الشخص أو غيره ذا قلادة فيقال: تقلد السيف أي ألقى حمالته في عنقه، ومنه تقليد البدنة في الحج لأن معناه أنه علق بعنقها النعل ليعلم أنها هدي فيكف عنها .. فمعنى أنّ العامي قلد المجتهد أنه جعل أعماله على رقبة المجتهد وعاتقه وأتى بها استنادا إلى فتواه) ([7]). ومن هنا نجد بعض علماء أبناء السنة ألفوا في التقليد كتباً كان من بينها كتاب (عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد) ([8]). الثاني: التعريف الاصطلاحي؛ وهو أنّ أهل الاصطلاح وهم الأصوليون والفقهاء ماذا يقولون في تعريفه ؟ وهذا هو المهم في حوارنا الليلة، وسنقف على الاختلاف الكبير بينهم في تعريفه، ومن هنا سأذكر لكم عدّة تعريف لنتأمل فيها وننظر الفرق بينها، ثم هل يترتّب على هذا الاختلاف ثمرة عملية أم لا ؟ إذن عندنا نقطتين: الأولى: في اختلافهم في تعريف التقليد. الثانية: في الثمرة المترتبة على اختلاف التعاريف. وسنتكلم في هذه الحلقة حول النقطة الأولى إن شاء الله تعالى، ونكمل النقطة الثانية في حلقة أخرى. النقطة الأولى: قد اختلفوا في تعريف التقليد، فاختار بعضهم تعريفاً، وأختار آخرون تعريفاً آخر، وهكذا. ومن هنا علينا أن نعرض تلك التعاريف وبيان الفرق بينها، ويمكن تقسيم تلك التعاريف إلى أقسام: القسم الأول: من عرّف التقليد بأنه قبول قول الغير.
    يقول السيد المرتضى: (التقليد: قبول قول الغير من غير حجة أو شبهة) ([9]). ويقول المحقق الكركي: (التقليد هو قبول قول الغير المستند إلى الاجتهاد، أما المخبر عن يقين بأحد طرق اليقين فهو شاهد، وليس قبول خبره من التقليد في شيء) ([10]). فكلاهما عرّفاه بكونه قبول قول الغير، إلاّ أنّ السيد المرتضى قيده بقولهمن غير حجة أو شبهة)، أي: يتعين على المقَلِّد قبول قول المقَلَّد بلا مطالبة بحجة أو دليل على قوله، بل يجب عليه القبول فقط. وأمّا المحقق الكركي فأيضاً عرّف التقليد بقبول قول الغير بلا مطالبة بالدليل كما يدل على ذلك إطلاق عبارته، لكنه قيد القول بكونه مستنداً إلى الاجتهاد؛ لكي يفرّق بين أمرين: الأول: القول المستند للاجتهاد والاستنباط. والثاني: القول المستند لغير الاجتهاد، كما لو أخبر أو نقل المقَلِّد رواية أو شهد على شيء رأه كما هو الحال في البينة التي تشهد برؤية شيء معين. فخص المحقق الكركي التقليد بالأول دون الثاني، فقبول قول الغير المستند إلى الاجتهاد والنظر يكون تقليداً دون الإخبار بشيء لم يكن مستنداً إلى الاجتهاد فهو لا يسمى تقليداً. وهذا هو الحق؛ إذ من يقبل قول زرارة بعنوان كونه راوياً لا يكون مقلداً له، بل إنما قبل خبره لكونه نقل عن أهل البيت ع. وينبغي الالتفات لكلام المحقق الكركي حيث يقولأمّا المخبر عن يقين بأحد طرق اليقين فهو شاهد، وليس قبول خبره من التقليد في شيء)، فهو يشير إلى أنّ الاجتهاد لا ينتج حكماً يقينياً بل حكماً ظنياً؛ ولهذا نجده يقولأما المخبر عن يقين بأحد طرق اليقين فهو شاهد)، وسيأتينا أن شاء الله أنّ الاجتهاد لا ينتج حكماً قطعياً بل حكم ظني، ومن هنا احتار القائلون بوجوب التقليد في كيفية تخريج الحكم الظني الذي استنبطوه عن عموم النهي عن اتباع الظن!! وهذا ما بينه المولى أحمد النراقي حيث قال: (وأراد بالتقليد العمل بخبر الغير وإن أفاد الظن) ([11]). ولا تتوهموا عندما تقرؤن عبارته حيث جاء فيها (بخبر الغير)، فهو يقصد الخبر الحدسي الناتج من الاجتهاد والاستنباط لا الخبر الحسي الناتج من المشاهدة أو السماع، وهذا ما بينه المحقق الكركي كما تقدّم. وقريب من التعريفين المتقدمين تعريف المحقق الخراساني للتقليد الذي ذكره في كفاية الأصول حيث عرّفه بأنه: (أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيات،...، بلا مطالبة دليل على رأيه،..) ([12]). فنجده يعرّف التقليد بكونه أخذ قول الغير ورأيه، أي التقليد مختص بالرأي والنظر الاستنباطي فقط، ولا يشمل الخبر الذي ينقله الغير الذي لم يكن وليد عملية الاستنباط، كما لو نقل المرجع رواية فمن قبلها لا يسمى مقلِّداً له؛ لكون التقليد إنما يكون بمتابعته في رأيه الناتج من الاجتهاد دون مطلق نقله، وبهذا يكون كلام المحقق الخراساني بنفس مفاد كلام المحقق الكركي المتقدّم. نعم خصّ المحقق الخراساني التقليد بالمعنى المتقدّم ـ وهو أخذ قول الغير ورأيه للعمل وبلا مطالبته بالدليل ـ بالفرعيات فقط دون الاعتقاديات، كما أنه ردّ على من عرّف التقليد بكونه الالتزام بالعمل، وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل في القسم الثالث.

    [1]- لسان العرب - ابن منظور - ج 3 - ص 367.

    [2]- الصحاح - الجوهري - ج 2 - ص 527.

    [3]- تاج العروس - الزبيدي - ج 5 - ص 205.

    [4]-

    [5]-

    [6]- الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 638 – 641.

    [7]- كتاب الاجتهاد والتقليد: ص78.

    [8]- كما يقول فريد وجدي في دائرة معارفه ج3 ص245.

    [9]- رسائل المرتضى: ج2 ص265.

    [10]- جامع المقاصد: ج2 ص69.

    [11]- مستند الشيعة: ج4 ص186.

    [12]- المحقق الخراساني في كفاية الأصول - الآخوند الخراساني - ص 472 – 474.
  • خادم الرضا
    عضو جديد
    • 02-02-2012
    • 15

    #2
    رد: بدعة التقليد في حوار هادف في حلقات متسلسلة

    عطفا على ما تقدم:
    القسم الثاني: من عرّف التقليد بالعملمستنداً لفتوى المجتهد. قال صاحب المعالم: ( والتقليد هو العمل بقول الغير من غير حجة) ([1]). وقال العلامة في النهاية: (التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجة معلومة) ([2]). ويقول السيد المرعشي: (الأقوى إنّ التقليد هو العمل المستند إلى فتوى الغير، أو الاستناد إليه في مقام العمل أو تطبيق عمله على فتواه فما شئت فعبّر) ([3]).
    ويقول السيد مهدي الشيرازي في تعريف التقليد: (بل هو العمل بقول الغير) ([4]). ويقول السيد الخميني في تعريف التقليد: (بل هو العمل مستنداً إلى فتوى المجتهد)([5]). ويقول المولى أحمد النراقي: (وأراد بالتقليد العمل بخبر الغير وإن أفاد الظن) ([6]). فنلاحظهم يعرفون التقليد بالعمل؛ بمعنى أن يكون العمل مستنداً لفتوى المجتهد، وهذا ما صرّح به السيد الخوئي في تعريفه للتقليد حيث قال هو: (الاستناد إلى فتوى الغير في العمل) ([7]). القسم الثالث: من عرّف التقليد بالالتزام بالعمل لا نفس العمل. قال السيد كاظم اليزدي في كتابه العروة الوثقى: (مسألة 8: التقليد: هو الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين وإن لم يعمل بعد، بل ولو لم يأخذ فتواه فإذا أخذ رسالته والتزم بالعمل بما فيها كفى في تحقق التقليد) ([8]). فهو يعرّف التقليد بالالتزام بالعمل لا نفس العمل، فلو التزم المكلف بالعمل برسالة مرجع معين من المراجع فهو مقلداً له وإن لم يعمل بعد، فيكفي في تحقق عنوان التقليد الالتزام بالعمل لا نفس العمل. إلاّ أنّ الكثير لم يرتض هذا التعريف فراح يعلق على هذه المسألة، وإليكم بعض تلك التعليقات: علّق السيد المرعشي قائلاً: (الأقوى إنّ التقليد هو العمل المستند إلى فتوى الغير، أو الاستناد إليه في مقام العمل أو تطبيق عمله على فتواه فما شئت فعبر) ([9]). وكذلك علّق السيد مهدي الشيرازي قائلاً: (بل هو العمل بقول الغير) ([10]). وعلّق السيد الخميني قائلاً: (بل هو العمل مستنداً إلى فتوى المجتهد)([11]). وعلّق السيد صدر الدين الصدر: (الأظهر إنّ التقليد عبارة عن تطبيق العمل على رأي الغير فالعمل محققه). وعلّق السيد الخوئي قائلاً: (بل هو الاستناد إلى فتوى الغير في العمل) ([12]). فلاحظتم الاختلاف في تعريف التقليد يا أبنائي ؟ واثق: نعم يا أبي، ولكن لم نفهم لماذا بعضهم عرفه بنفس العمل والآخر عرفه بالالتزام بالعمل! أحمد: يا أبي الفتني اختلافهم هذا إلى قوله سبحانه:﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ([13]). الأب: نعم أحسنت يا أحمد فلو كان من عنده سبحانه لما اختلفوا فيه أبداً، وهذا ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب u وهو يتكلم عن اختلاف الفقهاء في الفتوى: (ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد. أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه. أم نهاهم عنه فعصوه. أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه. أم كانوا شركاء له. فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول صلى الله عليه وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ ([14])، فيه تبيان كل شيء وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ ([15]). روي عن الإمام الباقر u أنه قال: (أبى الله عزّ وجل أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه تناقض ) ([16]). ولذا لو أجتمع جميع حجج الله في زمن واحد ومكان واحد لما اختلفت كلمتهم لكونهم من الله الواحد الأحد، ولما أصبح أحدهم مخطأ والآخر مصيباً، وهذا ما جاء عن أهل البيت ع.
    محمود: يا أبي إنّ اختلافهم هذا في تعريف التقليد يدل على عدم وجود تعريف له من أهل البيت ع. الأب: نعم يا محمود لم يرد تعريف للتقليد في الشرع، فلذا نجد البعض يصرّح بكون التعريف الاصطلاحي للتقليد لم يتغير عن معناه اللغوي، بل لم يرد لفظ التقليد إلاّ في رواية واحدة وهي مرسلة عندهم لا يعملون بها. يقول البسهودي: (ولكن التحقيق أنّ التقليد في العرف باقٍ على معناه اللغوي، وهو جعل الغير ذا قلادة) ([17]). أي ليس له معنى شرعي يختلف عن معناه اللغوي. وقال محمد تقي الحكيم: (ولكن النزاع إنما يكون له ثمرة لو كان للفظ التقليد موضع من لسان الأدلة ليقال بأن المراد منه أي شيء هو ولكن هذا اللفظ لم يرد - فيما يقال - إلاّ في رواية ضعيفة لا تصلح لأن تكون مستنداً لحكم شرعي) ([18]). كما وقال ولده محمد سعيد الحكيم: (وكيف كان ، فلا ثمرة في تحقيق مفهوم التقليد الاصطلاحي، إذ لا مشاحة في الاصطلاح. كما لا ثمرة مهمة في تحقيق مفهومه العرفي واللغوي، لعدم أخذ عنوانه في أدلة أحكامه، وإنما أخذ في مرسل الاحتجاج، المتضمن لاعتبار العدالة في مرجع التقليد التي كان وضوح اعتبارها مغنياً عن النظر في المرسل المذكور) ([19]). إلاّ أنه سيأتينا في النقطة الثانية أنّ هناك ثمرة مترتبة على تحقيق مفهوم التقليد كما صرّح البعض بذلك. واثق: لكن ما وجه اختيار مفردة التقليد هذه لمن أخذ وعمل بفتوى الغير ؟ الأب: نعم يا ولدي، إنما سمّوه تقليداً لوجود مناسبة بين ما يفعله المكلف الذي يعمل بفتوى الغير وبين التقليد بمعناه اللغوي، فكأن المكلف وضع فتوى الغير قلادة في رقبته. يقول البسهودي: (وبالجملة لما كان وزر عمل العامي على المفتي، صح إطلاق التقليد على العمل بفتواه باعتبار أنه قلادة له) ([20]). ويقول السيد محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن في معرض ردّه على تعريف التقليد بأنّه الالتزام بفتوى الغير فقال: (وربما ناسب هذا المعنى تحديد اللغويين له، وكأن المنشأ في تسمية عمل العامي تقليداً، هو ما ينطوي عليه من جعل أعماله قلادة في عنق من يرجع إليه وتحميله مسؤوليتها، وهذا المعنى أجنبي عن الالتزام. ومع غض النظر عن هذه الجهة فالمتبادر من لفظ التقليد عرفا هو المحاكاة للغير في عمله أو تركه لا العمل وحده ولا الالتزام، والأمر هين ما دام لم يرد لفظ التقليد في الأدلة المعتبرة) ([21]). وقال الشيخ الطريحي: (والتقليد في اصطلاح أهل العلم: قبول قول الغير من غير دليل، سمي بذلك لأنّ المقلد يجعل ما يعتقده من قول الغير من حق وباطل قلادة في عنق من قلده). وعلّق السيد المروج في كتابه منتهى الدراية في توضيح الكفاية على عبارة الشيخ الطريحي المتقدمة قائلاً: (وعلى هذا فلفظ التقليد يتعدّى إلى مفعولين أحدهما القلادة أو ما هو بمنزلتها من الأمور الحقيقة أو الاعتبارية ، والأخر ذو القلادة، ومنه تقليد السيف أي جعل السيف قلادة، وقوله u في الخطبة الشقشقية: (تقلدها فلان وهو يعلم أنّ محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير) فجاعل السيف في العنق مقلد - بالكسر - ومن يعلق السيف في عنقه - مقلد - بالفتح، و ما به التقليد هو السيف، فالمفعول الأول هو المقلد بالفتح، والمفعول الثاني هو القلادة كالسيف. هذا بحسب اللغة وقريب منه معناه العرفي، فمعنى (قلد زيد عمراً) هو محاكاته في فعله وقوله، وأن يأتي به بالكيفية الخاصة التي يأتي بها زيد، ويعبر عن هذا التقليد في الفارسية ب (أدا در آوردن). وعرّف في اصطلاح الفقهاء بأمور سيأتي بيانها. وعلى كل فلما لم يكن في العمل بفتوى المجتهد قلادة خارجية ولا مقلد بالكسر وبالفتح فلا بد أن يكون استعماله في المقام ونحوه من باب الاستعارة، والمناسب لهذا المعنى اللغوي هنا أحد أمرين: الأول: جعل فتوى العالم للجاهل بمنزلة القلادة في عنقه، فالجاهل مقلد بالكسر وبالفتح باعتبارين، فمن حيث جعل فتوى العالم في عنق نفسه مقلد بالكسر، ومن حيث صيرورة الفتوى قلادة في عنقه مقلد بالفتح. الثاني: أن يجعل الجاهل دينه قلادة في عنق العالم في الفرعيات، ويحمله مسؤولية أعماله عبادة كانت أو معاملة أو غيرهما. فالجاهل مقلد بالكسر، لكونه جاعلاً للقلادة - وهي الدين - والمجتهد مقلد بالفتح، لصيرورته ذا قلادة بجعل الجاهل) ([22]). أحمد: مالفرق بين من عرّف التقليد بأنه الأخذ للعمل، وبين من عرّفه بنفس العمل يا أبي؟ الأب: الآن أعرض بخدمتكم ما يوضح لكم سبب تعريف بعضهم التقليد بنفس العمل والآخر بالأخذ للعمل أو الالتزام، وسأقف عند تعريف المحقق الخراساني في كتاب الكفاية، لكي تتعرفوا على سبب تعريفه التقليد بالأخذ للعمل لا نفس العمل.


    [1]-

    [2]

    [3]-

    [4]-

    [5]-

    [6]- مستند الشيعة: ج4 ص186.

    [7]- العروة الوثقى: ج1 ص14.

    [8]-

    [9]-

    [10]-

    [11]-

    [12]-

    [13]- النساء:82.

    [14]- الأنعام: 38.

    [15]- النساء:82. نهج البلاغة بشرح محمد عبده: ج 1 - ص 54

    [16]- الكافي : ج1،ص251.


    [17]- مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئي ، للبهسودي - ج 3 - ص 446 - 448

    [18]- الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 638 – 641.

    [19]- المحكم في أصول الفقه - السيد محمد سعيد الحكيم - ج 6 - ص 310 – 316

    [20]- مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئي ، للبهسودي - ج 3 - ص 446 – 448.


    [21]- الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 638 – 641.

    [22]- منهتى الدراية في توضيح الكفاية:ج8 شرح ص484.

    Comment

    • ثورة اليماني
      مشرف
      • 07-10-2009
      • 1068

      #3
      رد: بدعة التقليد في حوار هادف في حلقات متسلسلة

      احسنتم شيخنا الفاضل على هذا الموضوع جزاكم الله خير الجزاء

      قال الامام علي ع في خطبة له
      يا كميل لو لم يظهر نبي وكان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا ، بل والله مخطئا حتى ينصبه الله لذلك ويؤهله له
      يا كميل الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا . يا كميل هي نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين ، إنما يتقبل الله من المتقين
      .
      قال الامام أحمد الحسن (ع) : أيها الناس لا يخدعكم فقهاء الضلال وأعوانهم ، إقرؤوا ، إبحثوا ، دققوا ، تعلموا ، واعرفوا الحقيقة بأنفسكم ، لا تتكلوا على أحد ليقرر لكم آخرتكم فتندموا غداً حيث لا ينفعكم الندم ، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، هذه نصيحتي لكم ، ووالله إنها نصيحة مشفق عليكم ، رحيم بكم ، فتدبروها وتبينوا الراعي من الذئاب .

      Comment

      • ابو هاجر الانصاري
        عضو جديد
        • 15-10-2011
        • 67

        #4
        رد: بدعة التقليد في حوار هادف في حلقات متسلسلة

        عن رسول الله (ص) من وصيته لأبن مسعود ,,, يا ابن مسعود : ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال أولئك أذلاء هذه الأمة في دنياهم . والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير . قال : فبكى رسول الله (ص) وبكينا لبكائه وقلنا : يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال : رحمة للأشقياء يا ابن مسعود : علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة ، ألا إنهم أشرار خلق الله ، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ( …… يا ابن مسعود : يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل القابض على الجمر بكفه ، فإن كان في ذلك الزمان ذئبا ، وإلا أكلته الذئاب
        [CENTER][CENTER][IMG]http://www.7ammil.com/uploads/13363164671.png[/IMG][/CENTER]

        [SIZE=4][SIZE=4][COLOR="#FF0000"][COLOR="#FF0000"][SIZE=3]اللهم صل على محمد وال محمد الائمه والمهديين وسلم تسليماً كثيرا[/CENTER][/SIZE][/COLOR][/COLOR][/SIZE][/SIZE]

        Comment

        Working...
        X
        😀
        🥰
        🤢
        😎
        😡
        👍
        👎