إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

Collapse
This topic is closed.
X
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    #16
    رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

    13. هل طالب الإمام علي (عليه السلام) بحقه بالخلافة ؟

    قال الوهابي:
    (ولو سلمنا معكم جدلا بأن الوصية الثالثة كانت لولاية علي رضي الله عنه فأين كان علي وقتها ؟ لماذا لم يحاججهم بها ويقول لهم قد أوصى الرسول لكم بثلاث وصايا الثالثة هي ولايتي عليكم ؟؟ أين حاجج الإمام علي رضي الله عنه الأمة بالوصية الثالثة ؟ وهل كان معهم إذ أوصاهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالوصايا الثلاث ؟ لو أجاب اليماني على سؤال واحد لسقط ما يدعوا إليه ولعلمتم جميعا بأن ما دسه اليماني بقوله أن الوصية الثالثة هي الولاية لعلي رضي الله عنه وأرضاه).
    أقول: ما هو الذي دسسناه يا هذا ؟! هل تعرف معنى الدس يا فهيم ؟! الإمام (عليه السلام) أوضح للمسلمين الثالثة التي زعم "أحولكم" نسيانها، وقد بينت لكل طالب حق حقيقتها وهي لا تعدو ما كشفه المهدي أحمد الحسن (عليه السلام). هذا أولاً.
    وثانياً: أراك تكثر من الكلام وتعدد – بنظرك – الأسئلة التي تكررها ولا تعي قولك، فهل ترى أن كل القراء عوران مثلك ؟؟ الآن أجبني أنت: ما الفرق بين سؤالك الأول: (أين كان علي وقتها) والرابع: (هل كان معهم إذ أوصاهم) ؟؟ وما هو الفرق بين سؤالك الثاني: (لماذا لم يحاججهم بها) والثالث: (أين حاجج الإمام علي بالوصية الثالثة) ؟؟ الحمد لله على نعمة العقل والهداية والابتعاد عن السفه والجهل.
    ثالثاً: هذه بعض مواضع احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومناشدته من اغتصبه حقه ظلماً وعدواناً، وهي مجرد أمثلة لمن يطلب حقاً.
    1- قال ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة تحت عنوان "إباية علي كرم الله وجهه بيعة أبي بكر": (ثم إن عليا كرم الله وجهه أتى به إلى أبي بكر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، فقيل له بايع أبا بكر ، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلى الله عليه وسلم، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم، فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار نحن أولى برسول الله حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي: احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً).
    يعلق الدكتور طه محمد الزيني (محقق الكتاب والأستاذ بالأزهر) على "احلب حلباً لك شطره": (أي أفعل فعلاً يكون لك منه نصيب فأنت تبايعه اليوم ليبايعك غداً) الإمامة والسياسة: ج1 ص18، تحقيق الدكتور طه محمد الزيني، مؤسسة الحلبي للنشر والتوزيع.
    إن أمير المؤمنين (عليه السلام) في احتجاجه هذا – وهو الحكيم – يلزم القوم بما ألزموا به أنفسهم (وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار)، فهل تراهم أجابوه ؟!! أو تريد من باب مدينة علم الرسول أن يحتج عليهم بالوصية فيه ولا زالت كلمات السوء (هجر، غلبه الوجع) ومواقف قلة الأدب من رفع الأصوات والتنازع لم يمر عليها سوى ساعات قلائل !!!
    يكمل ابن قتيبة عن مطالبة الإمام علي (عليه السلام) بحقه: (فقال علي كرم الله وجهه: الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته، إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتتزدادوا من الحق بعدا. فقال بشير بن سعد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر، ما اختلف عليك اثنان.
    قال: وخرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي كرم الله وجهه أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟ فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما لله حسيبهم وطالبهم) المصدر السابق: ص19.
    2- مناشدته (عليه السلام) يوم الشورى، وقد أخرجها عدة من الحفاظ بطرق شتى تنتهي إلى أبي ذر وأبي الطفيل (عامر بن واثلة)، إلا أن منهم من أشار إليه إشارة كالبخاري في التاريخ الكبير: ج2 ص382، ومنهم من اقتطع منه محل حاجته كالذهبي في كتاب الغدير برقم 37 من طريق الطبري، وابن عبد البر في الاستيعاب بهامش الإصابة: ق3 ص1098 رقم 1855، وابن حجر في الصواعق المحرقة: ص126 و156.
    ومنهم من رواه بطوله على اختلاف يسير في اللفظ كغيره من الأحاديث. وممن أخرجه ابن جرير الطبري، رواه عنه الذهبي، ورواه الحافظ الطبراني بطوله، وعنه الخوارزمي في المناقب: ح314، ورواه الحافظ الدارقطني والحاكم في كتابه في حديث الطير، والحافظ ابن مردويه. وأخرجه بطوله ابن المغازلي في كتاب المناقب: ح155. والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعدة طرق بالأرقام 1140 و1141 و1142 تنتهي إلى أبي الطفيل، وفي ترجمة عثمان أيضاً. وأورده السيوطي بطوله عن أبي ذر في جمع الجوامع: ج2 ص165، وعن أبي الطفيل: ج2 ص166، وفي مسند فاطمة: ص21، والهندي في كنز العمال: ج5 ص717 - 726 ح14241 و14243.
    وهذا بعض مناشدته مما نقله ابن عساكر في تاريخه: (قال علي بن أبي طالب يوم الشورى والله لأحتجن عليهم بما لا يستطيع قرشيهم ولا عربيهم ولا عجميهم رده ولا يقول خلافه، ثم قال لعثمان بن عفان ولعبد الرحمن بن عوف والزبير ولطلحة وسعد وهم أصحاب الشورى وكلهم من قريش وقد كان قدم طلحة: أنشدكم بالله الذي لا إله ألا هو أفيكم أحد وحّد الله قبلي ؟ قالوا: اللهم لا . . قال: أنشدكم بالله أفيكم أحد أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري إذ آخى بين المؤمنين فآخى بيني وبين نفسه وجعلني منه بمنزلة هارون من موسى إلا أني لست نبي ؟ قالوا: لا. قال: أنشدكم بالله أفيكم مطهر غيري إذ سد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوابكم وفتح بابي وكنت معه في مساكنه ومسجده . . ؟ قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد أحب إلى الله وإلى رسوله مني إذ دفع الراية إلي يوم خيبر فقال لأعطين الراية إلى من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . . ؟ قالوا: اللهم لا . . قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرحم ومن جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وأبناه أبناءه ونساءه نساءه غيري ؟ قالوا: اللهم لا . . قال: نشدتكم بالله أفيكم احد ولي غمض رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الملائكة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد ولي غسل النبي صلى الله عليه وسلم مع الملائكة يقلبونه لي كيف أشاء غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله أفيكمم أحد كان آخر عهده برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضعه في حفرته غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد قضى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ديونه ومواعيده غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: وقد قال الله تعالى: وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) تاريخ دمشق: ج42 ص431.
    وفيما أخرجه ابن مردويه عن عامر بن واثلة ما يلي: (قال أنشدكم بالله أمنكم من نصبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم للولاية غيري ؟ قالوا: اللهم لا) مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه: ص135. وابن مردويه هو: الإمام أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصفهاني المتوفى سنة 410 ه‍، قال الذهبي: (الحافظ المجود العلامة، محدث أصبهان، كان من فرسان الحديث، فهما يقظا متقنا، كثير الحديث جدا، ومن نظر في تواليفه عرف محله من الحفظ) سير أعلام النبلاء: ج17 ص308. وقال الصفدي: (الحافظ العلامة، خرج حديث الأئمة، وسمع الكثير بأصبهان والعراق) الوافي بالوفيات: ج8 ص801. وقال ابن تغري بردى: (كان إماما حافظا ثقة سمع الكثير) النجوم الزاهرة: ج4 ص245.
    3- أخرج ابن مردويه بسنده عن ابن عباس: (كنا مع علي (عليه السلام) بالرحبة، فجرى ذكر الخلافة ومن تقدم عليه فيها، فقال: أما والله، لقد تقمصها فلان، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير. فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه. فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده.
    شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر
    فيا عجبا ! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء، يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم. فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض. فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم. فيالله وللشورى ! متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ! لكنني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا. فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن. إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته) المصدر السابق.
    وهناك الكثير من الاحتجاجات التي أقامها أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبناؤه الطاهرين وكبار الصحابة والتابعين من أوليائهم في كل فرصة سانحة، لا يسع المجال لذكرها وهي مذكورة في كتب الفريقين، ولتتميم الفائدة أضيف اثنتين منها واحدة لأهل البيت (عليهم السلام) والأخرى لابن عباس:
    4- جاء الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له: (انزل عن مجلس أبي)، ووقع للإمام الحسين (عليه السلام) نحو ذلك مع عمر وهو على المنبر أيضاً. راجع الصواعق المحرقة: ص160، إذ نقل ابن حجر كلتا القضيتين في المقصد الخامس، مما أشارت إليه آية المودة في القربى، وهي الآية 14 من آيات الباب 11، وقد أخرج الدارقطني قضية الحسن مع أبي بكر، وأخرج ابن سعد في ترجمة عمر من طبقاته قضية الحسين مع عمر.
    5- أخرج صاحب تاريخ بغداد – كما نقل ابن أبي الحديد عنه - محاورة جرت بين عمر وابن عباس، وسؤال الأول له: (كيف خلفت ابن عمك، قال: فظننته يعني عبد الله بن جعفر، قال: فقلت: خلفته مع أترابه، قال: لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قال: قلت: خلفته يمتح بالغرب وهو يقرأ القرآن. قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة ؟ قال: قلت: نعم. قال: أيزعم أن رسول الله نص عليه ؟ قال ابن عباس: قلت: وأزيدك سألت أبي عما يدعي - من نص رسول الله عليه بالخلافة - فقال: صدق، فقال عمر: كان من رسول الله في أمره ذرو من قول لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته من ذلك . .) شرح النهج: ج12 ص20.
    6- هذه بعض أقوال أمير المؤمنين (عليه السلام) مما ورد في نهج البلاغة:
    - (لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً. هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفئ الغالي، وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة) خطبة: 2.
    - (أيها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم. وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم.. أتتوقعون إماماً غيري يطأ بكم الطريق ويرشدكم السبيل) خطبة: 183.
    - (والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا) خطبة: 33.
    ثم أقول: إنّ علياً (عليه السلام) الذي لم يدخر شيئاً لله، كان كذلك في مواقفه كلها رغم قساوة الدهر عليه وجهالة الأعراب لقدره.
    وهذه كلمة للسيد شرف الدين (رحمه الله) يوضح فيها حال الإمام (عليه السلام)،

    يقول: (إنه مُني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد إذ مثل على جناحيه خطبان فادحان، الخلافة بنصوصها ووصاياها إلى جانب تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد وحنين يفتت الأكباد، والفتن الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتقاض شبه الجزيرة، وانقلاب العرب، واجتياح الإسلام، وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة، وقد مردوا على النفاق، وبمن حولهم من الأعراب، وهم منافقون بنص الكتاب، بل هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، وقد قويت شوكتهم بفقده صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، بين ذئاب عادية، ووحوش ضارية، ومسيلمة الكذاب، وطليحة بن خويلد الأفاك، وسجاح بنت الحرث الدجالة، وأصحابهم الرعاع الهمج، قائمون - في محق الإسلام وسحق المسلمين - على ساق، والرومان والأكاسرة والقياصرة وغيرهم، كانوا للمسلمين بالمرصاد .. فوقف علي بين هذين الخطرين، فكان من الطبيعي له أن يقدم حقه قرباناً لحياة المسلمين، لكنه أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة، والاحتجاج على من عدل عنه بها على وجه لا تشق بهما للمسلمين عصا، ولا تقع بينهم فتنة ينتهزها عدوهم، فقعد في بيته حتى أخرجوه كرهاً بدون قتال، ولو أسرع إليهم ما تمت له حجة، ولا سطع لشيعته برهان، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من خلافة المسلمين ..) المراجعات: ص385، فما بعد.
    الإمام علي (عليه السلام) الذي لم يغب عنه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له ووصاياه، إذ أخرج ابن حنبل - بإسناد صحيح كما يقول أحمد شاكر - عنه قوله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيكون بعدي اختلاف أو أمر فإن استطعت أن تكون السلم فافعل) مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص469 حديث695، تحقيق أحمد محمد شاكر، مطبعة دار الحديث – القاهرة، الطبعة الأولى، سنة الطبع 1416هــ ، 1995م، هل يرى حاسدوه اليوم أنه يعدو ما وصّاه به معلّمه محمد (صلى الله عليه وآله) ؟!! كلا ورب محمد وعلي.
    وهل توفر له الناصر والمعين الذي يقوى به على تنفيذ حاكمية الله في أرضه، وكم قال: (فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من طعم العلقم) نهج البلاغة: خطبة 26. وذكره المعتزلي في شرح النهج: ج2 ص20.
    وأختم بما أورده في بيان حاله (عليه السلام) في كتاب له بعثه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها، إذ قال: (أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذه الأمر من بعده صلى الله عليه وآله وسلم عن أهل بيته، ولا أنهم منحّوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت أن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب) نهج البلاغة: خطبة 62. وذكره المعتزلي في شرح النهج: ج6 ص95.
    فسلام عليك يا أبا الحسن .. هارون أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، الذي شبّهك - وليس عبثا وحاشاه - به فقال: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، سلام على الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، والحمد لله رب العالمين.

    يتبع ...

    ---


    ---


    ---

    Comment

    • محمد الانصاري
      MyHumanity First
      • 22-11-2008
      • 5048

      #17
      رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

      14. رزية الخميس في صحيح البخاري:

      بعد أذىً في الله سبحانه من أجل هداية خلقه، والذي قال عنه: (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت)، اقترب رحيل حبيب الله محمد (صلى الله عليه وآله) إلى ربه، ولأنه رحمة الله على العالمين الذي لم يأل جهداً في النصح لأمته ورسم معالم الهداية والنجاة لها، أراد في تلك الساعات الشدائد أن يكتب للمسلمين وللأجيال القادمة منهم كتاباً عاصماً لهم جميعاً من الضلال. وبدل من استقبال الحاضرين من الصحابة ذلك الأمر بالسرور وانشراح الصدور نراهم قد فعلوا العكس في مشهد يبقى عاراً على من يدعي الإسلام ويرتضيه أو يبرره، وهل تبرر الرزايا والمصائب، إنه حادثة "رزية الخميس" كما اسماها ابن عباس.
      أخرجها البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس خمس مرات:
      الأول: في باب كتابة العلم: (حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه قال: ائتوني بدواة وقرطاس اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله، وكثر اللغط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع. قال ابن عباس: الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) صحيح البخاري: ج1 ص32.
      الثاني: في باب جوائز الوفد من (كتاب الجهاد والسير): (حدثنا قبيصة: حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه. وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة) صحيح البخاري: ج4 ص31.
      الثالث: في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من (أبواب الجزية والموادعة): (حدثنا محمد: حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول: سمع سعيد ابن جبير: سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا ابن عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ماله أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه فأمرهم بثلاث قال اخرجوا المشركين من جريرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم والثالثة أما إن سكت عنها وإما إن قلها فنسيتها) صحيح البخاري: ج4 ص65 – 66.
      الرابع: في باب مرض النبي ووفاته: (حدثنا قتيبة: حدثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصاهم بثلاث قال اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة) صحيح البخاري: ج5 ص137.
      الخامس: في باب كتب المرضى، أنه قال: (حدثنا إبراهيم بن موسى: حدثنا هشام، عن معمر. وحدثني عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي البيت رجال فيهم عمر ابن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم) صحيح البخاري: ج7 ص9.
      هذا هي الموارد الخمسة التي روى فيها البخاري رزية الخميس، وواضح أن الكلمات التي قيلت للنبي (صلى الله عليه وآله) هي:
      - في رواية يحيى بن سليمان: (فقال عمر: إن رسول الله قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله).
      - في رواية قبيصة: (هجر رسول الله).
      - في رواية محمد: (ما له أهجر).
      - في رواية قتيبة: (ما شأنه أهجر).
      - في رواية إبراهيم بن موسى: (إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله).
      الآن، لنرى ما يزعمه الوهابي من "التدليس" ليعرف الجميع الحقيقة، وتظهر حقيقة الدجل والنفاق التي يتمتع بها صاحب الرد، إذ ينقل أولاً ما أخرجته عن البخاري في المورد الثاني، فيقول:
      (المحطة الثانية / (2)
      يقول اليماني في الهامش: (صحيح البخاري: ج4 ص31. وهذ هو نص الحديث عند البخاري: حدثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده ابداً، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة).
      ثم يعلق عليه قائلاً:
      أقول: قد أثبتنا فيما سبق كذبه وتدليسه في شأن اليعقوبي والآن يكذب على أحد أكابر علماء أهل السنة والجماعة وهو البخاري.
      يقول عند سرده الرواية فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
      ننظر إلى كتاب البخاري ونرى من الكاذب.
      هذا نص الرواية: (رقم الحديث: 4105 حديث مرفوع حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ، فَقَالَ: "ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ"، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَََََِ اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ وَأَوْصَاهُمْ بِثَلَاثٍ، قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا) صحيح البخاري ج4 ص31 رقم الحديث 4105.
      الحكم المبدئي: إسناده متصل، رجاله ثقات، على شرط الإمام البخاري. لكن أبى الله إلا أن يفضحه فانظروا أخوتي الكرام يا من اغتررتم بهذا الرجل كيف يدلس على الناس، وحتى ترون أن فعلا ما قلته صحيح وما أردت أن أوصله لكم هو أن الصحابة استفهموا رسول الله فقالوا (فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرًً اسْتَفْهِمُوهُ) ولم يقولوا (هجر رسول الله).
      ثم نقل صورة (اسكنر) للرواية من كتاب البخاري يريد بها إثبات زعمه.
      أقول: ما نقلته أنا في هامش كتاب "مع العبد الصالح" كان رواية البخاري في موردها الثاني من الموارد الخمسة المتقدمة، أي الواردة في باب جوائز الوفد والتي رواها البخاري عن قبيصة، وكان فيها (هجر رسول الله) والعياذ بالله، وما عرضه الوهابي هو رواية قتيبة الواردة في باب مرض النبي، وكان فيها (ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه)، فمن المدلس على الناس يا أعور، ومن الذي فضحه الله بكذبه وضلاله !!
      هل تريد الدعوة إلى عقيدتكم بهذه الأساليب الرخيصة ؟!! وهل بحوثكم وردودكم على هذا النحو من الدجل والنفاق والكذب ؟!! أعتقد جازماً أن لو كان عندك ذرة من الحياء والخجل وخوف الله لكان الموت أهون لك بكثير من أن تفضح أمام الأشهاد الآن !! ولكن لا عتب على من اشربوا حب العجل واتخذوا النصب سبيلاً.
      ثم، هب أنك لم ترَ أسماء الرواة الذين نقل عنهم البخاري الحديثين فاختلط عليك الأمر، وهو دليل عدم أهليتك لخوض غمار البحث العلمي والنقاش الموضوعي، وما أراك إلا متطفلاً على هو أكبر من حجمك - أقصد البحث العلمي الدقيق -، ولكن أيعقل أنك تتطوع للرد على غيرك وأنت غير قارئ للحديثين أصلاً !! وإلا يكفيك خاتمة الحديثين لكشف أنك تنقل في ردك غير ما نقلته أنا في هامش كتاب "مع العبد الصالح"، إذ كان خاتمة الحديث الذي نقلته أنا التالي: (ونسيت الثالثة)، في حين أن آخر ما نقلته أنت هو: (وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا)، أ فيعقل أنك لا تميز بين الاثنين؟! هذه بالإضافة إلى الاختلاف في ألفاظ الحديثين الأخرى رغم وحدة مضمون الواقعة.
      على أن إطلاق (هجر) - بالإخبار - في وجه النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن البخاري لينفرد بنقله في رزية الخميس، بل أخرجه مسلم في صحيحه (عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس! ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه نظام اللؤلؤ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بالكتف والدواة - أو اللوح والدواة - اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر) صحيح مسلم: ج3 حديث رقم 1259، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
      وكذا أخرجه أحمد بن حنبل عن ابن عباس أنه قال: (.. فقالوا: رسول الله يهجر) مسند احمد بن حنبل: ج1 ص355.
      ومثله ابن سعد في طبقاته: (.. فقالوا: إنما يهجر رسول الله) الطبقات: ج2 ص37.
      وقبل الانتقال إلى الرد على تهريج آخر من سفاسف الوهابي أود الوقوف على رزية الخميس التي يؤلم سماعها قلب كل مسلم غيور على نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله)، خصوصاً وأنها وردت في "أصح كتاب بعد كتاب الله" على حد زعم جمهور عريض من المسلمين، أعني صحيح البخاري.
      إنّ الحقيقة التي لا أكاد أخفيها أن الغيور يجد في هذه الواقعة التي اسماها ابن عباس بالرزية بل "كل الرزية" من التعدي على حدود الله الشيء الكثير، وبعد مطالعة النصوص الخمسة التي رواها البخاري في صحيحه يمكننا أن نشير إلى:
      1. انزعاج ورفض الطرف الذي كان فيه عمر كتابة الكتاب العاصم من الضلال من قبل النبي (صلى الله عليه وآله)، والمفروض بالمؤمن بالله ونبيه أن يسرّ عند سماعه ذلك، بل يكون أكثر سروراً بسماعه وقراءته من الرضيع بمحالب أمه، والسبب واضح جداً؛ إذ من يرغب من المؤمنين - بشرط أن يكونوا مؤمنين - عن كتاب هداية بضمان من لا ينطق عن الهوى !!
      2. إطلاق كلمات أقل ما يقال عنها أنها جريئة في حق النبي (صلى الله عليه وآله) كـ: (غلبه الوجع حسبنا كتاب الله، هجر، أهجر).
      فبالنسبة للأولى منها (غلبه الوجع) أقول: هل يعتقد القائل أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) في تلك اللحظات لم يعد نبياً ولا يجب استماعه وقبول أقواله، والله سبحانه يقول: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم: 3 – 4، فكيف استطاع تخصيص الآية بغير حالة المرض التي كان يمر بها النبي وهي مطلقة وواضحة غاية الوضوح ؟!
      أو كان يرى نفسه أكثر فهماً في دين الله من نبي الله (صلى الله عليه وآله) في كفاية الكتاب لعدم ضلال الأمة من عدمه ؟؟ وإذا كان الأمر كما يزعم في كفاية الكتاب، إذن هو يعتقد أن ما يريد النبي تسطيره في الكتاب لغوٌ، فإن (حسبنا = يكفينا) تعني أن لا فائدة فيما يريد محمد (صلى الله عليه وآله) كتابته ؟!!
      وأما (أهجر) - فضلاً عن (هجر) -، فالهجر هو الخلط والهذيان، قال الفيومي: (هجر المريض في كلامه هجراً: خلط وهذى) المصباح المنير: ص634. فهل يرى مسلم إمكان صدور الهذيان من رسول الله منه - وحاشاك يا حبيب الله - ليستفهموا كما زعموا ؟!!
      ثم ما الذي طلبه (صلى الله عليه وآله) ليقال في وجهه ذلك ؟! هل طلب أمراً مخلاً بالدين أو الأخلاق أو رسالات السماء أو ولد آدم الأسوياء - وهو سيدهم - ليقابل هذا النبي الكريم بما قوبل به، وهو لم يطلب أكثر من صحيفة ودواة ليكتب لكم كتاباً يضمن فيه عدم ضلالكم، فلمَ كل هذا في محضره، بل بوجهه الكريم ؟!!
      أو لا هذا ولا ذاك وأن في القضية شيئاً آخر أراد القائل منع حصوله بمحضر من حضر، ذلك القول الذي سبّب اللغط والهرج في محضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟!!
      3. وبغض النظر عن مفاد القول، نريد التعرف على القائل ؟؟ بحسب النص الأول والخامس أن القائل هو عمر، وفي باقي النصوص ورد القول بلفظ الجمع (قالوا). فلننظر إلى بعض كلمات كبارهم في تعريف القائل:
      قال ابن الأثير: (هجر يهجر هجراً بالفتح إذا اختلط في كلامه وإذا هذى، ومنه حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ما شأنه أهجر . . والقائل كان عمر) النهاية في غريب الحديث والأثر: ج5 ص245.
      وقال سبط ابن الجوزي: (ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل وفاته بيسير: إئتوني بدواة وبياض لأكتب لكم كتاباً لا تختلفوا فيه بعدي، فقال عمر: دعوا الرجل فإنه ليهجر) تذكرة الخواص: ص65.
      فعمر كان هو القائل؛ لأنه بالأساس كان أصل حدوث اللغط والخلاف ورفض الكتاب، أخرج أحمد (عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لن يضلوا بعده، فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها) مسند احمد بن حنبل: ج3 ص346.
      ولأنّ الأمر بمستوى من الوضوح لدى من لديه مسكة علم، صار كبارهم بصدد تبرير قولته التي باتت للرزية قريناً، قال النووي في إحدى محاولات التبرير: (إنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره؛ لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أموراً ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها؛ لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها) شرح صحيح مسلم للنووي: ج11 ص99. هكذا هي الفضائل إذا أُريد نسجها بخيوط العناكب، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
      ونقل ابن حجر في فتح الباري "فائدة" فقال: (قال الخطابي: إنما ذهب عمر إلى أنه لو نص بما يزيل الخلاف لبطلت فضيلة العلماء وعدم الاجتهاد .. وتعقبه ابن الجوزي .. قال إنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه حالة غلبة عليه المرض فيجد بذلك المنافقون سبيلاً إلى الطعن) فتح الباري: ج1 ص186.
      ومن الغريب حقاً أن نقرأ في سيرة عمر ما يلي: اخرج النميري فقال: (كان بين عثمان وطلحة تلاحّ في مسجد رسول الله، فبلغ عمر فأتاهم وقد ذهب عثمان، فقال: أفي مسجد رسول الله، تقولان الهجر وما لا يصلح من القول؟ فجثا طلحة على ركبتيه وقال: إني والله لأنا المظلوم المشتوم! فقال: أفي مسجد رسول الله تقولان الهجر، وما لا يصلح من القول؟ ما أنت مني بناج ..) تاريخ المدينة المنورة: ج1 ص33. لا يصلح قول الهجر في مسجد رسول الله، ولكن أن يقال له هجرت وهذيت وخلطت مع إحداث اللغط والنزاع في محضره هو روحي فداه - وليس مسجده - مما هو جائز في عرف عمر !! ولو لم يكن كل هذا وكان فقط الرد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في النص الذي نقله الوهابي (فذهبوا يردون عليه) لكفاهم خزياً وعاراً. أما لماذا كل هذا ؟؟ فقد مر ما يرتبط به في النقاط السابقة.
      4. إذا ما ضممنا ما قدمناه في النقاط أعلاه إلى الفقرة الواردة في النص الخامس: (فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف) يتضح جلياً أنّ موقف عمر وقوله هو ما أحدث الخلاف والانقسام وحصول اللغط، بل الرد على الرسول والعياذ بالله (فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَََََِ اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ)، والتي أدى بالنهاية إلى قول النبي لهم: (قوموا عني)، إلى أين ؟ أكيد إلى خارج داره ومجلسه، أي طردهم من مجلسه؛ إذ لا ينبغي عند نبي تنازع كما قال ابن عباس، والسؤال: هل يطرد من حضرة الرحمة الإلهية مؤمن ؟! وهل يجوز الرد على النبي (صلى الله عليه وآله) ؟! أو إحداث اللغط والاختلاف والتنازع بحضرته ؟!
      إذا كان حكم رفع الصوت هو حبوط الأعمال كلها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) الحجرات: 2، فما بالكم بما حصل، وإلى الله المشتكى.
      والحمد لله رب العالمين.
      يتبع ...

      ---


      ---


      ---

      Comment

      • محمد الانصاري
        MyHumanity First
        • 22-11-2008
        • 5048

        #18
        رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

        15. بضعة محمد (عليها السلام) صديقة شهيدة:

        بضعة محمد (صلى الله عليه وآله)، وروحه التي بين جنبيه ومهجة قلبه وثمرة فؤاده، سيدة نساء العالمين، الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء روحي فداها.
        قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقها: (إنما فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها) الراوي: الزبير بن العوام، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 2366، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
        وأخرج البخاري: (عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني) صحيح البخاري: ج4 ص210، باب مناقب المهاجرين وفضلهم.
        وأخرج الحاكم قول النبي (صلى الله عليه وآله فيها) بسنده عن علي (عليه السلام): (إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) المستدرك: ج3 ص154. وذكره الهيثمي وقال: (رواه الطبراني وإسناده حسن) مجمع الزوائد: ج9 ص203.
        والروايات في فضلها لدى المسلمين لا تكاد تخفى، ولست بصدد بحثها الآن، ولكني أركز الحديث على ما يرتبط بما لاقته بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله).


        1. السلاطين تعقد السقائف وفاطمة بعدُ تنظر أباها مسجىً لم يدفن
        قال ابن قتيبة: (وخرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي كرم الله وجهه أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟ فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما لله حسيبهم وطالبهم) الإمامة والسياسة: ج1 ص19، تحقيق الزيني.

        2. عمر وجماعته يهدد بحرق دار فاطمة وقتل علي عليهما السلام
        قال ابن قتيبة: (وإن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له يا أبا حفص إن فيها فاطمة ؟ فقال وإن، فخرجوا فبايعوا إلا عليا فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقا. فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ فقال أبو بكر لقنفد وهو مولى له: اذهب فادع لي عليا، قال فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك ؟ فقال يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله. فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلا. فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر رضي الله عنه لقنفد: عد إليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفد، فأدى ما أمر به، فرفع علي صوته فقال سبحان الله قد ادعى ما لبس له، فرجع قنفد، فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً، ثم قام عمر، فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليا، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح ويبكي، وينادي: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ..) المصدر السابق: ص19 – 20.
        وروى الطبري في تاريخه: (دعا عمر بالحطب والنار وقال: لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنها على من فيها فقالوا له: إن فيها فاطمة قال: وإن) تاريخ الطبري: ج3 ص203.
        وأخرج أيضاً: (عن زياد بن كليب، قال: أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقنّ عليكم، أو لتخرجنّ إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتا سيفه، فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه) المصدر السابق: ج2 ص202.

        3. عمر يحرق دار فاطمة (عليها السلام) ويكسر ضلعها ويسقط جنينها المحسن
        ذكر صاحب "مروج الذهب" المسعودي (ت: 346 هـ) في كتابه (إثبات الوصية) عند شرحه قضايا السقيفة والخلافة وما جرى على علي (عليه السلام): (فهجموا عليه وأحرقوا بابه، واستخرجوه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً) إثبات الوصية: ص142، تحت عنوان: حكاية السقيفة.
        وقال ابن حجر العسقلاني في ترجمة أحمد بن محمد بن السري المحدث أبو بكر الكوفي، قال: (قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرخ موته: كان مستقيم الأمر عامة دهره ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب، حضرته ورجل يقرأ عليه: إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن) لسان الميزان: ج1 ص268.
        وقال ابن أبي شيبة (ت: 235 هـ) في مصنفه - وكذا السيوطي-: (كان علي والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشاورونها ويرجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله والله ما من الخلق أحد أحب إلي من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرق عليهم الباب ..) المصنف: ج7 ص432، مسند فاطمة: ص76، طبعة بيروت، دار ابن حزم.
        وأخرج البلاذري (ت: 279 هـ) في (أنساب الأشراف) بإسناده عن سليمان التميمي، وعن ابن عون: (إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد بيعته فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقّته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يا بن الخطاب أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال :نعم وذلك أقوى ممّا جاء به أبوك) أنساب الأشراف: ج1 ص586، طبعة دار المعارف.
        وقال ابن عبد ربه الأندلسي (ت: 328 هـ): (الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له: ا نابوا فقاتلهم، فاقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟ قال: نعم) العقد الفريد: ج5 ص13.
        وقال الصفدي في كتاب (الوافي بالوفيات) في حرف الألف عند ذكر إبراهيم بن سيار المعروف بالنظام، ونقل كلماته وعقائده، يقول: (إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها) الوافي بالوفيات: ج6 ص76.
        وقال أبو الفتح الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل): (وقال النظام: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح أحرقوا دارها بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين) الملل والنحل: ج1 ص57.
        وقال المؤرخ إسماعيل أبو الفداء في (المختصر): (ثم إن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها، وقال: إن أبوا عليك فاقتلهم، فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار، فلقيته فاطمة رضي الله عنها، وقالت: إلى أين يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت به الأمة) المختصر في أخبار البشر: ج1 ص156.
        وقال الشيخ حسن بن فرحان المالكي في كتابه (قراءة في كتب العقائد): (ولكن حزب علي كان أقل عند بيعة عمر منه عند بيعة أبي بكر الصديق، نظراً لتفرقهم الأوّل عن علي بسبب مداهمة بيت فاطمة في أول عهد أبي بكر وإكراه بعض الصحابة الذي كانوا مع علي على بيعة أبي بكر، فكانت لهذه الخصومة والمداهمة، وهي ثابتة بأسانيد صحيحة، ذكرى مؤلمة لا يحبّون تكرارها) قراءة في كتب العقائد: ص52.
        وأما ابن الحديد في (شرح النهج)، فبعدما نقل خبر هبار بن الأسود الذي أباح رسول الله (صلى الله عليه وآله) دمه يوم فتح مكة لترويعه زينب بنت رسول الله حتى طرحت جنينها، يقول: (قلت: وهذا الخبر أيضاً قرأته على النقيب أبي جعفر رحمه الله، فقال: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أباح دم هبار بن الأسود لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها، فظهر الحال إنه لو كان حياً لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها ..) شرح نهج البلاغة: ج14 ص193، دار إحياء الكتب العربية.
        يبقى علي الاشارة الى أن أبا بكر نفسه اعترف بكشفه دار فاطمة (عليها السلام)، إذ يقول: (.. أما إني لا آسي على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني تركتهن ..... إلى قوله: فأما الثلاث التي فعلتهن: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا قد أغلقوه على الحرب ..) انظر: تاريخ الطبري: ج2 ص619، مروج الذهب للمسعودي: ج1 ص414، العقد الفريد: ج3 ص569، تاريخ الذهبي: ج1 ص388، الإمامة والسياسة، ج1 ص18، كنز العمال: ج3 ص125، وغيرها.

        4. منع فاطمة (عليها السلام) إرثها من أبيها
        لما نزل قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة وأعطاها فدك، وهذا أمر واضح في كتب القوم رووه عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري وغيرهم. ولكن كان نصيب فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أبيها هو المنع والتكذيب وحاشاها.
        ‏أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما في أكثر من موضع، هذا أحدها واللفظ للبخاري: (عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير إن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر قالت وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به فاني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ ..) صحيح البخاري: ج4 ص42، صحيح مسلم: ج5 ص155.
        وفي نص آخر للبخاري ومسلم بسندهما إلى عائشة: (‏أن ‏‏فاطمة ‏عليها السلام ‏بنت النبي صلى الله عليه وسلم ‏أرسلت إلى‏ ‏أبي بكر ‏‏تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏مما ‏‏أفاء ‏الله عليه‏ ‏بالمدينة ‏وفدك‏ ‏وما بقي من خمس ‏خيبر ... فأبى ‏أبو بكر ‏‏أن يدفع إلى ‏‏فاطمة ‏منها شيئا فوجدت ‏فاطمة ‏على ‏‏أبي بكر ‏في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي ..) صحيح البخاري: ج5 ص82، باب غزوة خيبر، صحيح مسلم: ج5 ص154 – 155.
        يمنعاها حقها من "خيبر" وغيرها في ذات الوقت الذي يقسم عمر "خيبر" أيام ولايته لأزواج النبي ويخيرهن، روى البخاري: (.. فقسم عمر خيبر فخير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهن من الماء والأرض أو يمضى لهن فمنهن من اختار الأرض ومنهن من اختار الوسق وكانت عائشة اختارت الأرض) صحيح البخاري: ج3 ص68، ما جاء في الحرث والمزارعة.
        إذن، لماذا تمنع بضعة محمد حقها، ألانها فاطمة يا مسلمين !! حسبنا الله ونعم الوكيل.

        5. غضب فاطمة عليها السلام ووجدها على أبي بكر وعمر
        من راجع نصوص البخاري ومسلم وغيرهما لاحظ ذلك بكل وضوح.
        وذكر ابن قتيبة عن سخط فاطمة عليهما: (فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله والله إن قرابة رسول الله أحب إلى من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه، فقال أبو بكر أنا عائذ بالله تعالى مني سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها ..) الإمامة والسياسة: ج1 ص20، تحقيق الزيني.

        6. فاطمة تودع الدنيا وتدفن ليلاً ويصلي عليها علي (عليه السلام)
        بنت رسول الله الوحيدة لم تعش بعد أبيها أكثر من ستة أشهر وتموت غاضبة واجدة على أبي بكر وعمر، وفق ما رواه البخاري ومسلم ولم يحضرا حتى جنازتها والصلاة عليها.
        هذه قطرة من بحر مظلومية الصديقة فاطمة (عليها السلام)، وعيّنة سريعة مما جرى عليها، ولو أتعمد الاستقصاء فيما أخرجه علمائهم واثنّيه بما رواه أبنائها الطاهرين (عليهم السلام) فيما نقله إلينا أصحابهم وشيعتهم الأبرار لاستحق أن يكون مؤلفاً ضخماً، وفيما بينته كفاية تناسب المقام.
        كما اني أوردت النصوص من دون تعليق عليها غالباً؛ لاني ازعم انها واضحة غاية الوضوح لطالب الحق والهدى، وايضا قد يرى البعض ان تعليق المحب لفاطمة بكل روحه مقدوح فيه.

        يتبع ...



        ---


        ---


        ---

        Comment

        • محمد الانصاري
          MyHumanity First
          • 22-11-2008
          • 5048

          #19
          رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

          والآن، لننظر إلى تهريج النواصب الجدد – أعني الوهابيين – لنرى قول أحد تلامذتهم الذي تكفل الرد، يقول:
          (المحطة الثانية / (3)
          يقول اليماني: (أيضاً: في مناظراتهم دائماً ركزوا على المثال في نقض الإشكال على الدليل المطروح، يعني مثلاً: تقول لهم هذا هو الدليل من كتبكم أن عمر اقتحم بيت الزهراء عليها السلام وأحرق باب دارها، يقولون لك: كيف وأين شجاعة علي بن أبي طالب، وكيف رضي أن تضرب الزهراء عليها السلام ويكسر ضلعها ؟ أنت هنا ركز، هم ماذا فعلوا ؟
          أولاً: لم يردوا الدليل بدليل ينقضه، إذن ثبت الدليل وقد أقرّوا الأمر ابتداءً؛ لأنهم ذهبوا إلى الإشكال عليه لا نقضه بدليل مخالف، يعني هم لو كان عندهم دليل نقض لطرحوه، وبما أنهم لم يطرحوا دليلاً للنقض فقد لزمهم الدليل وأقروا به، وهم في مرحلة رفع الشبهات عن الدليل بطرح الإشكالات عليه. ركز هنا، فأنت بهذا تحرجهم أيما إحراج؛ لأن معنى طرحهم الإشكال هو إقرارهم بالدليل، ومعنى طرحهم الإشكال هو أنهم فاقدون لدليل النقض، ومعنى طرحهم الإشكال أنهم في مرحلة تجلية الدليل ورفع الشبهات عنه).
          أقول: هذا كان كلام الامام أحمد الحسن (عليه السلام) في توضيح نقطة مهمة تتعلق بمنهج الحوار والمناظرات العلمية التي يخوض غمارها أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) مع الوهابيين، وأزعم أن الاستماع إلى واحدة منها يكفي للتعرف على المنهج الذي يعتمدونه في النقاش وهو لا يعدو أن يكون مقابلة الدليل بطرح الإشكال عليه، واهمين أنفسهم أن هذا يكفي في نقض الدليل، هذا كل ما عندهم.
          يعلق الوهابي على هذا فيقول:
          (أقول: دس السم في العسل. هذا هو ديدن أحمد الحسن وأتباعه. شبهاتهم كثيرة لا حصر لها، وحقدهم الدفين على الفاروق فاتح دولة فارس (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه بأنه اقتحم بيت فاطمة رضوان الله عليها وكسر ضلعها (6)).
          ثم يعلق في الهامش فيقول:
          (6- قد يقول قائل إنما أراد اليماني ضرب مثال لا أكثر ولا أقل ! أقول عليه أن يتكلم بعلميه ولا يدس سمه في العسل وينشر الشبهات بطريقة غير مباشرة).
          أقول: قدمت ذكر بعض من أشار إلى اقتحام عمر وزمرته للدار الطاهرة واعتدائه على من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ومن جعل الله مودتهم أجر الرسالة، فهل تراهم كلهم يحملون حقداً دفيناً على فاروقك !!
          ويكفيك اعتراف شيخك ابن تيمية - رغم كل سعيه لإطفاء معالم أهل بيت الوحي الطاهرين وطعنه فيما صح فيهم، ودفاعه وتبريره لمن آذاهم – بالهجوم على دار فاطمة (عليها السلام)، يقول في منهاج سنته: (إنّه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقّه، ثمّ رأى أنّه لو تركه لهم لجاز، فإنّه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء) منهاج السنة: ج8 ص291.
          ولا أعتقد أن نصباً لآل محمد - والعياذ بالله – يمكن أن يتصوره احد أكثر من قول هذا الحراني الخبيث، وهل مؤمن بالله ونبيه من يتهم آل محمد بإبقاء مال لمستحق في دارهم والقرآن يصرخ في المسلمين ليل نهار في فضل من يتهمهم ابن تيمية، قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً﴾، ومن يبقى طاوياً ثلاثة أيام ويطعم طعامه للمسكين واليتيم والاسير فهل يراه "شيخ إسلام الوهابيين" يُبقي في داره مالاً لمستحق ليكشفاه عمر وأبو بكر بهجومهم على دار الرسالة ؟!!
          على ان دس السم في العسل - يا هذا - ليس من شيمة وخلق ال محمد (عليهم السلام) الكرام وانصارهم، بل هو سيرة اسلافك الامويين وتحديدا ابن هند في سمه للامام الحسن السبط الشهيد وكذلك ربيب علي (عليه السلام) مالك الاشتر.
          يكمل الوهابي فيقول:
          (ثم يقول في تفنيده لطرق المناظرة يقول: (لم يردوا الدليل بدليل ينقضه) وهذا من العجب!! أولا: القصة المفبركة هذه كذبة مفتراه على أولئك الخلفاء رضي الله عنهم).
          القصة مفبركة ؟!! من فبركها تقصد ؟! الطبري أو ابن شيبة أو ابن قتيبة أو البلاذري أو السيوطي أو من ممن تقدم ذكرهم ؟! وما بال البخاري ومسلم وغيرهم ينقلون في صحاحهم وكتبهم غضب فاطمة ووجدها وسخطها بل دعاءها عليهما وعدم رد السلام عليهما، وعدم إذنها بصلاتهم عليها وغير ذلك مما مر نقله ؟!! هل ترى ذلك بلا سبب ؟! أو أنك تتهم فاطمة بالهجر – وحاشاها – كما اتهم إمامك أباها بالهجر والهذيان، وحاشاه ؟! متى تفيقون وتتركون نصبكم وحقدكم على محمد وآله الطاهرين ؟!! متى ؟!!
          وقال: (ثانيا: نحن (نسلم جدلا) ولا يعني بذلك تسليما مطلقا يعني الموافقة على هذه القصة المكذوبة وإنما الغاية من وراء ذلك هو أن نبين أن في القصة كذب).
          ماذا ؟؟ بالنسبة لي لم أفهم شيئاً من كلامك فهلا علمك احد كيفية صياغته، أما إن كنت تريد تكذيب ما جرى على سيدة النساء (عليها السلام)، فما فرقه عن نقطتك الاولى إذن ؟! الحمد لله على كل حال.
          ثم يختم فيقول: (ثالثا: أتحدى أحمد الحسن وكل أتباع اليماني بأن يأتوا بهذه القصة لكن بشروط وعند الإخلال بأحدها يثبت يعلن إفلاسه. "اسم الكتاب، مؤلف الكتاب، رقم الطبعة، سند الحديث، متن الحديث، رجال الحديث، تخريج الحديث، رقم الصفحة، رقم الحديث، رابط المصدر").
          أقول: اقرأ ما ذكرته لك ورده عليّ إن استطعت ولا تكثر التهريج، أما إن أردت أن آتيك وأفتح عوار عينك وقلة فهمك وألقمك العلم كما تلقم بطنك الثريد فاذهب إلى معالف الثيران أفضل لك من خوض غمار النقاشات والردود العلمية.
          أخيراً: أورد بعض ما جاء في خطبة فاطمة (عليها السلام) لما منعت حقها:
          روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه (عليهم السلام): إنه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة (عليها السلام) فدكا وبلغها ذلك .. لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت .. ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء، فارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم .. فقالت (عليها السلام) بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله: (... لما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، واطلع الشيطان رأسه من مغرزة هاتفا بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا، وأحشمكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم ووردتم غير مشربكم هذا والعهد قريب والكلم رحيب، والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، فهيهات منكم، وكيف بكم، وأني تؤفكون ..... أيها المسلمون أغلب على إرثي؟ يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا إرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا ! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: "وورث سليمان داود"، وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: "فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب" وقال: "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" وقال: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وقال: إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين، وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم هل تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا ينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.
          ثم رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت: يا معشر النقيبة وأعضاد الملة وحضنة الإسلام، ما هذه الغميزة في حقي والسنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول: "المرء يحفظ في ولده" .. إيهاً بني قيلة أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى مني ومسمع .. حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، ودر حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين فأنى حزتم بعد البيان، وأسررتم بعد الإعلان، ونكصتم بعد الإقدام، وأشركتم بعد الإيمان، بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم ..) الاحتجاج: ج1 ص131 فما بعد.
          وروى سويد بن غفلة خطبتها الثانية إذ يقول: لما مرضت فاطمة سلام الله عليها المرضة التي توفيت فيها دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها، فقلن لها: كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله؟ فحمدت الله، وصلت على أبيها، ثم قالت: (أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتهم بعد أن عجمتهم وسئمتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد، واللعب بعد الجد، وقرع الصفات وصدع القناة، وختل الآراء وزلل الأهواء، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون .. ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمور الدنيا والدين ؟! ألا ذلك هو الخسران المبين. وما الذي نقموا من أبي الحسن عليه السلام ؟! نقموا والله منه نكير سيفه، وقلة مبالاته لحتفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، وتالله لو مالوا عن المحجة اللايحة وزالوا عن قبول الحجة الواضحة، لردهم إليها وحملهم عليها .. ليت شعري إلى أي أسناد استندوا، وإلى أي عماد اعتمدوا ؟! وبأية عروة تمسكوا ؟! وعلى أية ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ؟! أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملاء القعب دما عبيطا وزعافا مبيدا، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف البطالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا، واطمأنوا للفتنة جاشا، وأبشروا بسيف صارم، وسطوة معتد غاشم، وبهرج شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ..) الاحتجاج: ج1 ص146 فما بعد.
          قال ولدها الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) بعد ذكره لمحنة كربلاء: (وإن كان يوم السقيفة وإحراق النار على باب أمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة وزينب وأم كلثوم وفضة وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمر، لأنه أصل يوم العذاب).
          فهل بقي شك عند من يخاف الله أنّ "فاطمة صديقة شهيدة"، كما يقول ولدها الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) ؟؟
          سلام الله عليكِ يا ابنة رسول الله وحبيبته وروحه التي بين جنبيه وعلى أبيك المصطفى وبعلك المرتضى وأبنائك الطاهرين الأئمة والمهديين ما بقي الليل والنهار، والله سبحانه أسأل الثبات على ولايتكم ونصرتكم، والحمد لله رب العالمين.

          يتبع ...
          Last edited by محمد الانصاري; 30-03-2011, 12:10.

          ---


          ---


          ---

          Comment

          • محمد الانصاري
            MyHumanity First
            • 22-11-2008
            • 5048

            #20
            رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

            16. يروون ما قاله النبي في كيفية الصلاة عليه ويخالفونها !!

            قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ الأحزاب: 56.
            قال ابن حجر في صواعقه: (صح عن كعب بن عجرة: لما نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد") الصواعق المحرقة: ص146.
            أخرج البخاري بسنده عن: (عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك قال فقولوا صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد) صحيح البخاري: ج7 ص156، باب الصلاة على النبي.
            وأخرج أيضاً بسنده: (عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم) صحيح البخاري: ج7 ص156، باب الصلاة على النبي.
            وأخرج مسلم بإسناده عن أبي مسعود الأنصاري قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله عز وجل أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم) صحيح مسلم: ج1 ص305، باب الصلاة على النبي.
            وأخرج الهيثمي: (عن علي يعني ابن أبي طالب قال: كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات) مجمع الزوائد: ج10 ص160.
            ثم إن الصلاة حق لمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين، يقول ابن قيم الجوزية: (.. فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حق له ولآله دون سائر الأمة، ولهذا تجب عليه وعلى آله عند الشافعي رحمه الله وغيره) جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام: ص56.
            اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد.
            وهذا من الواضحات عند المسلمين الأسوياء، وما كنت أتوقع أن الوهابيين يصل حالهم إلى أن يثير فيهم إبليس (لعنه الله) الحسد لآل محمد (عليهم السلام) والمجادلة بالباطل حتى في الواضحات من حقوقهم روحي فداهم.
            يقول الوهابي في محطته الجديدة:
            (المحطة الثالثة .. يقول اليماني: (ورغم أنّ النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" قد بيّن لهم حتى كيفية الصلاة عليه، ونهاهم عن الصلاة البتراء، إذ قال "صلى الله عليه وآله": "لا تصلوا علي الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء ؟ قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، نجدهم يتعمدون ترك ذكر الآل كما هو الشائع عند أهل السنة وخصوصاً الوهابية، أو إضافة من شاءوا من الأزواج والصحابة بل حتى الصحابة أجمعين بما فيهم شارب الخمر والمنافق والزاني والقاتل والمقتول، وكأنهم - سبحان الله - يصرّوا على مخالفة أمره وبيانه "صلى الله عليه وآله").
            وجاء في الهامش: (الغدير للاميني: ج2 ص303، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص146)
            أقول: لا وجود لهذا الحديث وعليه البينة).
            بل أقول: له وجود، أما "الغدير" فأهله يعرفونه، وأما المصدر الآخر فما نقلته موجود في كتاب الصواعق المحرقة: ص146 الباب 11 الفصل 1 الآية الثانية. وفي الطبعة المحققة منه موجود في: (ج2 ص430، تحقيق كامل الخراط وعبد الرحمن التركي، طبعة الرسالة). وهذا رابط لأحد منتدياتكم باسم: (ملتقى أهل الحديث)، راجعه لتعرف وجود الحديث فيما ذكرته لك من طبعات:
            http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9783
            أما إن كنت تقصد أنك لم تجده في الطبعات الحديثة للكتاب، فلك أن تسأل الحاقدين الذين لا يروق لهم ذكر أيّ فضيلة لآل محمد (عليهم السلام)، والله حسيبهم وسائلهم عن قبيح صنيعهم.
            ثم إنّ ما طلبت عليه البينة ذكره أيضاً: القندوزي في "ينابيع المودة": ج2 ص434، طبعة دار الأسوة. والسمهودي في "جواهر العقدين": ص217. واللكنهوي في "مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين": ص15. والشيخ الشعراني في "كشف الغمة": ج1 ص219، فصل في الأمر بالصلاة على النبي، ط مصر 1327، المطبعة الميمنية. وغيرهم.
            ولست الآن مناقشاً تضعيف بعض علمائكم للحديث واستعراض شواهده من البخاري ومسلم وغيرهما، لكني أقول: دع عنك الحديث الذي طالبتني ببينته، وانظر ما ذكرته لك من صحيح البخاري ومسلم، أفلا يكفيك لتتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنته فيما علّمنا من كيفية الصلاة عليه، فهل أراك تنتهي بعد ذلك عن بتر الصلاة عند ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) وتكف عن قولك: (صعسلم)، وكأن كلباً مفترساً يطاردك عند ذكرها ؟!!
            لا أعتقد ذلك؛ فالنواصب رضعوا الحقد على آل محمد الطيبين (عليهم السلام) رضاعاً كـ"إرضاع الكبير" واشتد عليه عودهم العفن، ولا يسرهم سماع فضيلة لآل محمد الطاهرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
            عن الإمام الحق أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (سمع أبي رجلاً متعلقاً بالبيت وهو يقول: اللهم صل على محمد، فقال له أبي: يا عبد الله لا تبترها، لا تظلمنا حقنا، قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته) الكافي: ج2 ص495.
            اللهم صلِّ على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
            اللهم صل على محمد وآل محمد (الأئمة والمهديين) وسلم تسليماً، والحمد لله رب العالمين.

            يتبع ...

            ---


            ---


            ---

            Comment

            • محمد الانصاري
              MyHumanity First
              • 22-11-2008
              • 5048

              #21
              رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

              17. وهابي يستكثر دخول إمام من آل محمد الجنة بغير حساب:

              قال الوهابي:
              (المحطة الرابعة .. يقول اليماني: (وعن بداية السنة عند الله سألت العبد الصالح "عليه السلام" فقلت: هل وقت السنة عند الله تعالى يبدأ من ليلة القدر. فأجابني "عليه السلام": (نعم، السنة بدايتها في رمضان، القدر النافذ من العام الماضي ينتهي في ليلة القدر، ويبدأ قدر جديد بليلة القدر). فقلت: ألأجل هذا يكون الخوف في هذا الشهر الكريم ؟ فقال "عليه السلام": (الخوف في كل آن، فمن عرف نفسه وظلمتها وتقصيرها الدائم كيف لا يخاف. قبل ليلة القدر رأيت رؤيا هي متعلقة بحدث وقد مضى، ولكن أقص لك الرؤيا: رأيت مجموعة من الملائكة وكنت أريد أن أقوم بعمل، فطلبت منهم أن يجلبوا لي بعض الأشياء المتعلقة بهذا العمل، جلبوها ولكنهم اعترضوا وقالوا لماذا تعرّض نفسك لهذا، فأنت لا يحاسبك الله وليس عليك وزر تكفر عنه. المهم أني أكملت العمل وكان فيه صعوبة أو أذى محتمل، وبعد أن انتهيت وأنا أغادر المكان خاطبت الملائكة الذين طلبوا مني تجنب هذا العمل فقلت لهم: لا خاف ولا صلى ولكن تنجس وتولى، هكذا يقول الله، فهل تريدون مني أن لا أكون خائفاً).
              أقول: سوف أعلق على الجزئية الأخيرة أو الرؤيا المزعومة. لن أرد عليك بل كتاب الله يرد عليك .. هذا إذا كان حجة عليك !!!
              قال تعالى: وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا 48 وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا 49 الكهف: 48 - 49.
              وقال تعالى: وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ الزمر: 69.
              وقال تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ الزمر: 24.
              أين الاستثناء في الآيات ؟ أين استثنى الله الإمام حمد الحسن في الآيات الكريمة ؟ وهناك آيات كثيرة فمن أنت حتى لا يحاسبك الله ؟).
              أقول: أنبه قبل كل شيء إلى أن الآية الثالثة هي عبارة عن آيتين هما الآية (20 - 21) من سورة فصلت، وليس كما اشتبه الوهابي في تخريجها (الزمر: 24).
              وعلى كل حال، أراد الوهابي باستعراض هذه الآيات أن يقول إن جميع الخلق يحاسبون من قبل ربهم سبحانه بما فيهم الأنبياء والشهداء لما يُجاء بهم، وأنّ كل الخلق يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون، وأن لا استثناء فيها ليخرج أحداً من الخلق أو نزر قليل منهم يكون الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) أحدهم.
              وهذا في الحقيقة غباء صارخ وجهل فضيع ابتلى به قائله، ولو أنه مر - ولو سريعاً - على مصنفات علمائه وما نقلوه فيها من عشرات بل مئات الروايات وأقوال لكبار العلماء لما تفوه بما قال. بل هو أمر جديد مبتدع في العقيدة والتفسير لم يطالعنا به قبل اليوم أحد، بل ما أراد الوهابي استفادته تخالفه الآيات التي استشهد بها نفسها، إضافة إلى الروايات التي يعتقد بها، قبح الله الجهل والحماقة.
              لذا لزاماً عليّ - من باب النصح - أن أوضح له ما ورد في كتبه من روايات وأقوال تلزمه في هذه المسألة، ويكون التوضيح عبر نقاط:
              أولاً: كل الخلق يعرضون، وليس كل من يعرض يحاسب
              روى البخاري في صحيحه: (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حوسب عذب قالت عائشة فقلت أوليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قالت فقال إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك) صحيح البخاري: ج1 ص34 كتاب العلم.
              وأخرج عنها أيضاً: (أن رسول الله صلى الله عليه قال ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب) صحيح البخاري: ج7 ص198 كتاب الرقاق.
              وما أخرجه البخاري واضح في التمييز بين العرض والحساب، وأن من يحاسب هو المعذب والهالك فقط دون غيره. قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه لما أخرجه البخاري ما يلي: (يعني أنه لو ناقش في حسابه لعبيده لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولكنه تعالى يعفو ويصفح) شرح العقيدة الطحاوية: ص466.
              ثانياً: أصناف من يدخل الجنة بغير حساب في رواياتهم
              إن علماء أهل السنة قد جعلوا أبواباً خاصة في كتبهم لمن يدخل الجنة بغير حساب، وذكروا تحته عشرات الأحاديث، وهذه بعض الأصناف التي ذكرت في مصادرهم:
              1. السبعون ألف، وقد ذكرته روايات كثيرة جداً، هذا أحدها: أخرج أحمد في مسنده: (عن أبي بكر الصديق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد فاستزدت ربي عز وجل فزادني مع كل واحد سبعين ألفا. قال أبو بكر رضي الله عنه فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ومصيب من حافات البوادي) مسند أحمد: ج1 ص6. وروى عن عمر بن الخطاب حديثاً في هذا الموضوع أيضاً راجع: مسند أحمد: ج1 ص197.
              2. الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون، روى البخاري ومسلم بسندهما - واللفظ للبخاري -: (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وآله يوما فقال عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه ثم قيل لي انظر فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل لي انظر هكذا وهكذا فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل هؤلاء أمتك ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فتفرق الناس ولم يبين لهم فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا بالله ورسوله ولكن هؤلاء هم أبناؤنا فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون) صحيح البخاري: ج7 ص26 كتاب الطب، صحيح مسلم: ج1 ص38 باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة.
              3. السابق بالخيرات، فقد أخرج أحمد في مسنده قول أبي الدرداء: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فمنهم ظالم لنفسه يعني الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك فذلك الهم والحزن ومنهم مقتصد قال يحاسب حسابا يسيرا ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله قال الذين يدخلون الجنة بغير حساب) مسند أحمد: ج5 ص194.
              4. من هم في أصلاب أصلاب أصلاب الصحابة، أخرج الهيثمي فقال: (عن سهل بن سعد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساءا يدخلون الجنة بغير حساب، ثم قرآ "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم". رواه الطبراني وإسناده جيد) مجمع الزوائد: ج10 ص408.
              ورووا أيضاً فيمن يدخل الجنة بغير حساب أصناف أخرى، مثل: من مشى في قضاء حاجة لأخيه المؤمن، والصابر والمحتسب ومن لديه ورع، وغيرهم مما نقلوه في روايات كثيرة وردت في مصادرهم، بل ورد في بعضها أن الميزان والحساب يجيء بعد دخول من لا حساب عليهم الجنة، وبوسع كل أحد مطالعة ذلك.
              ثالثاً: كلمات علمائهم في من يدخل الجنة بغير حساب
              هذه نماذج من كلمات بعض علمائهم وهم يتحدثون عمن يدخل الجنة بغير حساب:
              قال النووي - ناقلاً تعليق القاضي عياض على إحدى الروايات -: (.. وإنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لهم مزية وفضيلة يدخلون الجنة بغير حساب وبأن وجوههم تضئ إضاءة القمر ليلة البدر ..) شرح مسلم: ج3 ص90.
              وقال ابن حجر عن شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله): (ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد أن دخلوها، وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها فظهر الاشتراك في السعادة بالشفاعة) فتح الباري: ج1 ص174.
              وقال المباركفوري: (الشفاعة خمسة أقسام؛ أولها: مختصة بنبينا وهي الإراحة من هول الموقف وتعجيل الحساب. الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه أيضا وردت لنبينا وقد ذكرها مسلم) تحفة الاحوذي: ج7 ص108.
              رابعاً: بعض ما ورد في كتبنا ممن يدخلون الجنة بغير حساب
              يوسف القطان في تفسيره عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: "يوم ندعو كل أناس بإمامهم" قال: (إذا كان يوم القيامة دعا الله عز وجل أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى أمير المؤمنين والحسن والحسين، ثم يقال لهم جوزوا الصراط أنتم وشيعتكم وادخلوا الجنة بغير حساب، ثم يدعوا أئمة الفسق وان والله يزيد منهم فيقال له خذ بيد شيعتك إلى النار بغير حساب).
              عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سره أن يجوز على الصراط كالريح العاصف ويلج الجنة بغير حساب، فليتول وليي ووصيي وصاحبي وخليفتي على أهلي وأمتي علي بن أبي طالب، ومن سره أن يلج النار فليترك ولايته، فو عزة ربي وجلاله إنه لباب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وإنه الصراط المستقيم، وإنه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة).
              عن محمد بن علي عن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: (جاء رجل إلى أبى فحدثه فقال إن الرجل من شيعتنا ليأتي يوم القيامة عليه تاج نبوة قدامه سبعين ملكا ينساق سوقا إلى باب الجنة فيقال له ادخل الجنة بغير حساب).
              عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: (إذا جمع الله الأولين والآخرين قام مناد ينادى بصوت يسمع الناس فيقول: أين المتحابون في الله ؟ قال: فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب ..).
              عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب، وثلاثة يدخلهم الله النار بغير حساب، فأما الذين يدخلهم الله الجنة بغير حساب فإمام عادل، وتاجر صدوق، شيخ أفنى عمره في طاعة الله عز وجل، وأما الثلاثة الذين يدخلهم الله النار بغير حساب فإمام جائر، وتاجر كذوب، وشيخ زان).
              وسئل (صلى الله عليه وآله): (هل من رجل يدخل الجنة بغير حساب ؟ قال (صلى الله عليه وآله): نعم، كل رحيم صبور).
              وقال (صلى الله عليه وآله): (من أجاب داعي الله، استغفرت له الملائكة، ويدخل الجنة بغير حساب).
              وغيرها الكثير.
              خامساً: وقفة مع الآيات التي استشهد بها الوهابي
              الآية الأولى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
              جعل الوهابي الآية شاملة لكل الخلق، والحال أن إمامه ابن كثير يرى أنها متعلقة بالكافرين، قال: (وقوله تعالى: "بل هم في شك منها" عائد على الجنس والمراد الكافرون كما قال تعالى: "وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا" أي الكافرون منكم وهكذا قال ههنا) تفسير ابن كثير: ج3 ص385.
              الآية الثانية: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
              حاول الوهابي أن يجرها لحساب الأنبياء والشهداء أيضاً، ويبدو أنه غير مطلع أصلاً على ما قاله كبار مفسري السنة، وقولهم - كما سنرى - بعيد عن مرامه تماماً، وأن المجيء بهم ليس لمحاسبتهم على أفعالهم وإنما ليسألهم ربهم عما أجابهم به أقوامهم لتكتمل الحجة عليهم وينقطع عذرهم، قال الطبري: (وقوله: "وجئ بالنبيين والشهداء" يقول: وجئ بالنبيين ليسألهم ربهم عما أجابتهم به أممهم وردت عليهم في الدنيا حين أتتهم رسالة الله) جامع البيان: ج24 ص42.
              وقال الشوكاني: ("وهو أعلم بما يفعلون" في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد، وإنما وضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة) فتح القدير: ج4 ص476.
              الآية الثالثة: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ...).
              وهذه الآية التي قبلها: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) فصلت: 19. والآيات واضحة في أنها تتحدث عن أهل النار، فما دخلها بحساب الخلائق أجمعين، الموضوع الذي يتكلم عنه الوهابي وجعل الآية شاهداً عليه في عدم استثناء أحد من الحساب ؟!!
              قال الشنقيطي: (وبين في غير هذا الموضع أن بعض أجزاء الكافر تشهد عليه يوم القيامة غير اللسان كقوله تعالى: "اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون"، وقوله تعالى: "حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء") أضواء البيان: ج5 ص490.
              الآن، وقد اتضح حال الآيات البعيدة عن مرام الوهابي، وبان حال الروايات التي ذكرت الكثير من أصناف الناس الذين يدخلون الجنة بغير حساب وكان منهم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون بل هم سبعون ألفاً، بل مع كل واحد من السبعين سبعين ألفاً، فهم بنظر أبي بكر (4.900.000.000) أربعة مليارات وتسعمائة مليون إنسان يدخلون الجنة بغير حساب، فلو أردنا تصوير الرقم بمن يدعي الإسلام اليوم بكل مللهم وطوائفهم لوجدناه يفوق امة الإسلام اليوم بأكثر من ثلاث مرات؛ لان عددهم بحسب التقديرات اليوم (1.200.000.000) مليار ومئتا مليون، طبعاً هذا الرقم يشمل الخونة والفسقة والسراق والمنافقين والعوران والسائحين في جزر الفلبين والغرب طلبا للملاهي والمنكرات وكذلك يشمل الحكام الفجرة والقتلة وحواشيهم. بل من يدخلون الجنة بغير حساب - وفق رواية البخاري - سواد عظيم يسدون الأفق من كثرتهم.
              أقول: إذا كان الأمر كذلك كما في ورد في صحاحكم، فما بال الوهابي يستكثر على إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، المهدي الذي بشر به جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) وذكره باسمه وصفته وعلمه ورايته ومبدأه ومسكنه وشمائله وكل ما يتعلق بأمره والاهتداء إليه، ووعد بأنه يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، إمام ينشر التوحيد والحق والعدل على ربوع الأرض كلها، بل يأتم به نبي من أنبياء أولي العزم كما ورد في صحاحكم، وأمرنا بإتيانه ولو حبواً على الثلج، فهل ترى خلوه من الذنب ودخوله الجنة بغير حساب بفضل الله ولطفه وكرمه كبيرة بالنسبة إليه ؟!! فهلا عاملته معاملة من لا يتطير ويترقى ويكتوي وغيرهم مما نقلت لك نماذج منه ؟!! سبحانك يا رب، أعوذ بالله من حسد آل محمد.
              ما بكم ؟!! أ وليسوا هم أبناء نبيكم ؟! فلم كل هذا الحقد عليهم ؟!! ألا تستحون من الله ومن جدهم محمد (صلى الله عليه وآله) ؟!! هل فعلوا لكم شيئاً منكراً – وحاشاهم – لتقابلوهم بكل هذه الإساءة وقلة الأدب ؟!!
              يبقى لكل طالب حق أن يسأل: ما هو الدليل الذي احتج به أحمد الحسن يثبت أنه المهدي الموعود الذي بشر به جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وهذا ما طلبناه من الجميع مراراً وتكراراً في حواراتنا، بدل اللجوء إلى التهريج والطعن والتكذيب وسوء الأدب كما يفعل صاحب الرد الوهابي في رده البائس هذا.
              وإذا ثبت صدق خليفة الله - وهو كذلك - فلا قيمة لكل ما هو سواه مما قام به صاحب الرد هنا أو ما فعله غيره من أدعياء التشيع والتسنن على حد سواء من حملات والتكذيب والتسقيط لتضليل الناس وإبقائها على عبودية رجال همهم بطونهم وشهواتهم.
              ثم يقول الوهابي بعد كلامه السابق:
              (الآن أحد أمرين إما أن الرؤيا صحيحه والملائكة قالت للمهدي أنه لا يحاسب فيكون أحمد الحسن مطالب بدليل يقول بأن الأئمة والمهديين لا يحاسبون ولا وزر لهم، وإما أن تقولون أن المهدي كذب في هذه الرؤيا فتسقط عصمته وإمامته، وإما أن الملائكة كذبوا وحاشاهم).
              نعم، الرؤيا حق وصدق، والمهدي لا وزر عليه؛ لأن الوزر والذنب رجس وقذارة، والمهدي أحمد من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، بل آل محمد كلهم الوارد ذكرهم في وصية جدهم ليلة وفاته - التي تقدمت - لا وزر عليهم؛ لأنهم خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته، والإمام الذي يأمر الله بطاعته لا يكون إلا معصوماً طاهراً، هذه هي سنة الله في خلفائه وحججه منذ ادم والى آخر خليفة من خلفائه في أرضه. هذه هي عقيدتنا ناظرني فيها أو أحد شيوخك لأبين لكم الحق وفساد ما تعتقدون.
              ثم هلا أرشدك عقلك - إن بقي منه شيء - كيف يأتم عيسى ابن مريم وهو نبي معصوم طاهر من أولي العزم برجل عليه أوزار وذنوب !! أيعقل أنكم تروون في الصحاح روايات ولا تعقلونها ؟!!
              المهدي أحمد، الذي سوّلت لك نفسك الخبيثة المساس به وذكره بألفاظ بذيئة، هو برعم زاهر من دوحة محمد الطاهرة وغصن مورق من تلك الشجرة الطيبة، وبه يطهر الله الأرض من الكفر والنفاق والضلال والظلم والجور والفساد كله، وسترى ذلك بعينك قريباً إذا شاء الله وبقيتَ حياً ولم تذهب طعمة الفتن والعذابات الإلهية النازلة بأهل الأرض اليوم نتيجة تكذيبهم لداعي الله المهدي أحمد الحسن (عليه السلام)، والحمد لله رب العالمين.

              يتبع .. الحلقة الاخيرة

              ---


              ---


              ---

              Comment

              • محمد الانصاري
                MyHumanity First
                • 22-11-2008
                • 5048

                #22
                رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                18. واجعل لنا المتقين إماماً:

                قال الوهابي:
                (المحطة الخامسة .. يقول اليماني: (وفي نهاية الآية، قال تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، والمتقون هم آل محمد "عليهم السلام"، وقد قال الصادق "عليه السلام" لمن قرأ: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾: لقد طلبوا عظيماً، إنما هي: واجعل لنا المتقين إماماً، فما هي الأمور التي يعملها الإنسان ليكون من هؤلاء ؟).
                المصدر: (3. انظر: تفسير القمي: ج1 ص10، بحار الأنوار: ج24 ص133 - 134).
                أقول: والله العظيم إن هذا الرجل لكذاب ويعلم أنه كذاب لكن يا حسرتي على من لم يعرفه لقد كذب ودلس أنظروا النص الأصلي في كتاب بحار الأنوار: (فس: أبي عن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قرئ عند أبي عبد الله عليه السلام: "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" فقال: لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين أئمة أئمة فقيل له:كيف هذا يابن رسول الله ؟ قال: إنما أنزل الله "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما") بحار الأنوار: ج24 ص133و134.
                وكذب وافترى على تفسير القمي: (ومثله آية قرئت على أبي عبد الله عليه السلام: "الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما" فقال أبو عبد الله عليه السلام: لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما، فقيل له: يا بن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال: إنما نزلت "الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما"، وقوله: "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله") تفسير القمي: ج1 ص10.
                أقول: أنظروا يا امة محمد، يقول اليماني: (إنما هي: واجعل لنا المتقين إماماً). ويقول المجلسي والقمي: (واجعل لنا من المتقين إماما). الله أكبر. إذا كان هذا الرجل يبتر من كتبه فليس بغريب أن يبتر في كتب المخالفين !
                وهذا والحمد لله رب العالمين اللهم أفضح هذا الدعيّ واهد أتباعه فإنهم لا يعلمون وافضح كل من يسانده اللهم آمين. والحمد لله رب العالمين
                كتبه / مايهزك ريح).
                هذا كان آخر ما جاء في رده، ويلاحظ عليه:
                أولاً: إن ما جاء في الهامش هو كلام المحاور أبو حسن، وأما كلام الإمام احمد الحسن (عليه السلام) الذي كان عبارة عن نصيحة لأنصاره، فهو التالي:
                قال (عليه السلام): (نصيحتي لكم قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، تدبروه وعوه وتجنبوا اتباع أهوائكم، والانتصار لأنفسكم على الحق. إذا كنتم تريدون أن تكونوا فعلاً عوناً للحق فاعملوا بهذه الآية، وإلا يستبدل الله بكم قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم، وأنتم تعلمون فهم إلى جواركم وقد حان وقتهم، فاتقوا الله، واقتلوا أنفسكم وأهواءكم، وانصروا ربكم.
                ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا﴾: لم يقل الله نصيب من الدار الآخرة، ولم يقل نجعل له نصيباً من الدار الآخرة، بل قال: تلك الدار الآخرة نجعلها، أي الدار الآخرة بما فيها يجعلها لهؤلاء، أي إنهم ملوك الآخرة، فهؤلاء هم آل محمد (عليهم السلام) وخاصة شيعتهم، فاعملوا أن تكونوا منهم، وإلا فلا أريد أن أرى صوركم وأنتم تتبعون أهواءكم.
                وفي نهاية الآية، قال تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، والمتقون هم آل محمد (عليهم السلام)، وقد قال الصادق (عليه السلام) لمن قرأ: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾: (لقد طلبوا عظيماً، إنما هي: واجعل لنا المتقين إماماً)، فما هي الأمور التي يعملها الإنسان ليكون من هؤلاء ؟
                ﴿لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾، أنتم لا تريدون علواً، ولا تريدون فساداً ؟؟ هل تعرف معنى هذا ؟ أي أن لا يمر بخاطرك أنك خير من أحد، ولا تفضّل نفسك على أحد.
                لا يريدون علواً ولا فساداً .. لا يريدون الفساد، وليس لا يعملون الفساد. في آيات أخرى قال تعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾، أما هنا في هذه الآية ليس لا يفسدون، بل لا يريدون الفساد أي لا يمر بخاطرهم الفساد، ولا يخطر ببالهم الفساد. أين أنتم من هذا ؟؟؟
                اتقوا الله، وانشغلوا بإصلاح أنفسكم، كل واحد منكم يرى نفسه أنه خير الخلق، وأنه أفضل من كل الأنصار، أو أفضل من بعض الأنصار ؟!! هذه نصيحتي لكم واعذرني على شدتي معكم).
                فلم يرد في كلامه (عليه السلام) أي ذكر لكتاب "بحار الأنوار" أو "تفسير القمي" حتى يتهجم هذا الناصبي الخبيث على إمام من أئمة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، ويتهمه بالكذب والتدليس والافتراء، الدال على ما يحمل من حقد ونصب لآل محمد، والعياذ بالله.
                ثانياً: أنا من قام بتخريج ما ذكره الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) من "تفسير القمي" و"بحار الأنوار"، وهذا توضيح ما قمت به:
                بالنسبة لي اعتبر قول الإمام احمد الحسن حجة وقوله دليل بذاته؛ واعتباري ذلك سببه ثبوت صدقه في أنه خلفية الله المهدي الذي ذكره جده بكل ما يتعلق بأمره، وأمرنا رسول الله بنصرته وطاعته، وبعد ثبوت ذلك بالدليل فليس من نهج المؤمنين سؤال أئمتهم: (هذا منك أم من الله)، كما فعل مثل ذلك الكثير من أسلاف الوهابي ممن آلموا قلب حبيب الله محمد (صلى الله عليه وآله) بمثل هذه الأسئلة.
                ولكن، ولأني أعرف جيداً أن هناك الكثير - بلا فرق في ذلك بين من كان من شيعة المراجع أو سنة المشايخ - ممن يتبع الهوى وتسوّل له نفسه تكذيب آل محمد (عليهم السلام) بلا دليل، ويروق لهم أخذ قراءة كتاب الله حتى من أهل مجالس اللهو والخمر والولع بالغلمان - كما كان شأن الكسائي (أحد القراء السبعة) - في ذات الوقت الذي يثقل عليهم سماع قراءة لإمام من آل محمد، بل لا يتورعوا بالإفتاء بكفره وخروجه عن دين جده (صلى الله عليه وآله) لمجرد قراءته بما يخالف نسخة القرآن بطباعة فهد آل سعود، أتيت بمصدرين عند الشيعة فيهما روايات تذكر قراءة للإمام الصادق (عليه السلام) يخالف فيها ما هو موجود في طبعة فهد، وهي قريبة مما قرأ به ولده أحمد الحسن (عليه السلام)، وكان ذلك رفقاً بالقارئ عن أن يكون مطية لإبليس (لعنه الله) ويعجل بتكذيب الإمام (عليه السلام).
                ولأن عملي سابقاً كان في تحقيق الكتب، فأزعم أن لدي معرفة بالنهج التحقيقي الذي تعتمده مراكز تحقيق الكتب والمخطوطات القديمة وإظهارها بحلة جديدة، فكان من المتبع أن يوضع المحقق كلمة (انظر) أو ما شابهها قبل المصدر الذي يريد تخريج حديث أو قول قريب مما ينقله مؤلف الكتاب، ومن غير الصحيح أن يضع المحقق المصدر في الهامش بلا هذه الإشارة؛ لأنّ المؤلف غير مصرح بذلك وربما لديه مصدر اعتمده ونقل منه لم يكن المحقق قد اطلع عليه، وهو ما فعلته تماماً في المورد الذي أكثر فيه الوهابي التهريج بلا علم ودراية، ألا لعنة الله على الجهل الذي يورد صاحبه الحضيض وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.
                وهذا أمر معروف عند من لديه شيء بسيط من المعرفة بمناهج التحقيق المتبعة، وما كنت أتوقع أن يفاجئني الدهر بوهابي بكل هذا المستوى من الجهل والغباء لا يفقه شيئاً من عقيدته وكتبه ورواياته ومؤلفات علمائه بكل ما أتى به، ويزعم أنه صاحب رد علمي لا تهزه ريح، ولم أجده يحسن شيئاً أبداً سوى الجرأة على آل محمد (روحي فداهم) وتكذيبهم واتهامهم وجحود حقهم، وهو علامة النصب الذي يكون به صاحبه أنجس من الكلب، والعياذ بالله.
                * * *
                كان هذا آخر سفاسف المتطفلين على موائد العلم والمعرفة، المشرف في منتدى عثمان الخميس (المنهج)، وقد قام بإنزال ما يزعم من رد فيه، وهذا رابطه:
                وبعد إنزاله قام أحد الإخوة باسم (كتاب التوحيد) من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) بالإجابة عليه في الحال، فكتب راداً عليه:
                بسم الله الرحمن الرحيم
                والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما.
                لملم فضيحتك .. ما تنقله هو كلام الأنصاري الشيخ أبو حسن وليس كلام الإمام احمد الحسن عليه السلام. يعني ليس فقط لا تميز بين كلام الإمام احمد الحسن عليه السلام وكلام الأنصار، بل لا تميز بين اللون الأخضر المكتوب به كلام الإمام احمد الحسن عليه السلام والكلام بالأسود المكتوب به كلام الأنصاري. وا فضيحتك.
                عيب وكذب وتدليس وعمي البصر قبل البصيرة .. هذا نهاية من يحارب أولياء الله .. أطالبك فورا بالاعتذار عن التدليس.
                فأجابه صاحب الرد بالتالي:
                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                أضحكتني والله !
                أولا: من الذي كذب هل إمامكم كذب عليكم أم أن الذي أجرى الحوار كذب على إمامكم أم أن الذي أجرى الحوار كذب عليكم ؟
                ثانيا: تقول لي تكذب وتدلس ؟؟؟ أأنا الذي كذبت أم إمامكم أم شيخكم ؟؟
                ثالثا: لم تجد ردا لم تجد جوابا لم تجد شيئا توارى به هذا العار فلجأت بالقول بأنني أكذب عليكم هداكم الله
                رابعا: أنت هنا تكذب شيخك !
                خامسا: اكتفي بهذا الرد وأتحفظ بالباقي
                * * *
                فكان الرد الذي عرضته بين يدي القراء من الإخوة الأنصار وغيرهم من طلاب الحق، راجياً من ربي القبول والصفح بفضله ومنّه.
                يبقى أنّ الوهابي أخبرنا بأنه لديه باقي، فحتى أوفر عليه جهد الكتابة - خصوصاً وقد رأيت الركاكة في الأسلوب ومعاناته وهو يستنطق الحروف التي يخط بها رده - أدعوه أمام الجميع إلى حوار علمي هادئ يضمن له كل حقوق الحوار الهادف، ويحضره كل من يريد الاستماع إلى الحقيقة في مواضيع العقيدة مما جاء في الكتاب الشريف أعني "مع العبد الصالح" أو غيره، حوار ليس الهدف منه الغلبة أو الانتصار بقدر ما يكون رضا الله سبحانه والوصول إلى الحق.
                وهذا هو عنوان غرفتنا على البالتوك وبانتظاره متى ما أحب:
                paltalk>>>actions>>>join a chat room>>>middle east>>>islam>>>ansar al imam al mahdy


                * * *
                اللهم متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما يشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابق النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت، وشكور إذا شكرت، وذكور إذا ذكرت. أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك فقيراً، وأفزع إليك خائفاً، وأبكي إليك مكروباً، وأستعين بك ضعيفاً، وأتوكل عليك كافياً، احكم بيننا وبين من ظلم آل محمد وشيعتهم بالحق، ومكن لوليك المظلوم في أرضك، وانصره نصراً عزيزاً، وافعل به ما أنت أهله بفضلك وكرمك وجودك وعطاؤك الابتداء، يا أرحم الراحمين.
                وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                والحمد لله وحده.

                أبو حسن
                26 ربيع الثاني 1432 هـ . ق
                الموافق: 31 / 3 / 2011 م



                ---


                ---


                ---

                Comment

                • محمد الانصاري
                  MyHumanity First
                  • 22-11-2008
                  • 5048

                  #23
                  رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليما
                  الإخوة إدارة منتدى أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) من إداريين ومشرفين
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  اسأل الله لكم التوفيق والسداد والعمل بما يحبه الله سبحانه ويرضاه
                  أشكر لكم صبركم على استمرار غلق الموضوع طيلة فترة إنزال حلقات الرد .. ويعزّ عليّ ذلك لولا الانشغال وخشية عدم القدرة على متابعة الردود والتعليقات، فاعذروا أخاكم على ذلك.
                  الآن، وقد اكتملت حلقات الرد الذي أرجو الله أن يكون نافعاً ومفيداً لمن طلب الحق وهدف الحقيقة، فالأمر بأيديكم في فتح الموضوع أو إبقائه على ما هو عليه. ورجائي إن تم فتحه متابعة أسئلة السائلين والمعلقين لأني قليل الدخول إلى المنتدى إن لم يكن بالكاد.
                  وفقكم الله جميعاً لكل خير ونصر بكم دينه وأوليائه.
                  والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليما
                  أخوكم / أبو حسن



                  ---


                  ---


                  ---

                  Comment

                  • Be Ahmad Ehtadait
                    مشرف
                    • 26-03-2009
                    • 4471

                    #24
                    رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                    بسم الله الرحمن الرحیم

                    اللهم صل علی محمد وال محمد الائمه والمهدیین وسلم تسلیما

                    احسنتم ... فی میزان حسناتکم

                    لاتقصروا فی نصره قائم آل محمد علیه السلام ... والحمدلله رب العالمین



                    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

                    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

                    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

                    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

                    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

                    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم

                    Comment

                    Working...
                    X
                    😀
                    🥰
                    🤢
                    😎
                    😡
                    👍
                    👎