إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

وحي القلم

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • عمانوئيل
    عضو جديد
    • 07-01-2011
    • 55

    وحي القلم

    كتب جبران خليل جبران في (مساء العيد) :
    ولما بلغت الحديقة العمومية جلست على مقعد خشبي أنظر من خلال أغصان الأشجار العارية نحو الشوارع المزدحمة وأسمع عن بعد أناشيد المعيدين السائرين في موكب اللهو والخلو... وبعد ساعة مفعمة بالأفكار التفت وإذا برجل جالس بقربي على المقعد وفي يده عصا يرسم بطرفها خطوط ملتبسة على التراب ... فقلت في نفسي هو مستوحش مثلي ثم تفرست فيه متبصراً شكله فألقيته رغم أثوابه القديمة وشعره المسترسل المشوش ذا هيبة ووقار .....وقال بصوت عميق هادئ مساء الخير فأرجعت التحية اسعد الله مساءك .
    هل أنت غريب بهذه المدينة ؟ - فأجاب أنا غريب في هذه المدينة وفي كل مدينة أخرى .
    قلت إن الغريب في مثل هذه المواسم يتناسى ما في الغربة من الضيم والوحشة لما يجده في الناس من الأنس والانعطاف – فأجاب أنا غريب في مثل هذه الأيام أكثر مني في غيرها .
    قال هذا ونظر إلى الفضاء الرمادي فاتسعت عيناه وارتعشت شفتاه كأنه رأى على صفحة الفضاء رسوم وطن بعيد..
    قلت إن القوم في هذه المواسم يعطف بعضهم على بعض ..... – فأجاب : وما رحمة الغني بالفقير سوى نوع من حب الذات وليس انعطاف القوي على الضعيف إلاّ شكلاً من التفوق والافتخار .
    قلت قد تكون مصيباً ولكن ماذا يهم الفقير الضعيف ما يجول في باطن الغني القوي ...؟ - فأجاب إن الموهوب لا يفكر أما الواهب فيجب عليه أن يفكر ويفكر طويلاً.
    وبعد سكينة نظرت إليه قائلاً يلوح لي أنك في حاجة هلاّ قبلت درهماً أو درهمين ؟ - فأجاب وقد ظهرت على شفتيه ابتسامة محزنة : نعم أنا بحاجة ولكن إلى غير المال .. قلت وماذا تحتاج ؟ - فقال : أنا بحاجة إلى مأوى .. أنا بحاجة إلى مكان أسند إليه رأسي . – قلت خذ مني درهمين واذهب إلى النزل واستأجر غرفة .
    فأجاب : ذهبت إلى كل نزل........... فلم أجد مأوى وطرقت كل باب فلم أرَ صديقاً ودخلت كل مطعم فلم أعط َ خبزاً !................
    لم أهمس لفظة مجنون في أذن روحي حتى حدّق إلي شاخصاً .. نعم أنا مجنون
    قلت مستدركاً مستغفراً سامح ظنوني فأنا لا أعرف من أنت ... فهلا قبلت دعوتي وذهبت معي لتصرف الليلة في منزلي؟ - فأجاب قد طرقت بابك ألف مرة ولم يفتح لي .
    قلت وقد تحققت من جنونه تعال الآن واصرف الليلة في منزلي .
    فرفع رأسه وقال : لو عرفت من أنا لما دعوتني – قلت ومن أنت ؟
    قال وفي صوته هدير مياه غزيرة : أنا الثورة التي تقيم ما أقعدته الأمم ،أنا العاصفة التي تقلع الأنصاب التي أنبتتها الأجيال أنا الذي جاء ليلقي في الأرض سيفاً لا سلاماً .
    ووقف منتصباً وتعالت قامته وسطع وجهه وبسط ذراعيه فظهر أثر المسامير في كفيه فارتميت راكعاً أمامه وصرخت قائلاً يا يسوع الناصري.....
    فسمعته يقول العالم يعيد لاسمي وللتقاليد التي حاكتها الأيام حول اسمي أما أنا فغريب أطوف تائهاً في مغارب الأرض ومشارقها وليس بين الشعوب من يعرف حقيقتي !
    للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وليس لابن الانسان أن يسند رأسه . ( أعمال جبران العربية – العواصف "مساء العيد " ص405)
    يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك .
  • حجج الله
    عضو مميز
    • 12-02-2010
    • 2119

    #2
    رد: وحي القلم

    جبران خليل جبران اديب له كتابات رائعة و اسلوبه شيق دائما ... لكن اول مرة ارى-أعوذ بالله من الانا- له مقطع يتكلم به عن يسوع او المصلح وصف غريب ياترى هل ما مر به موقف حقيقي او ان من خيال المؤلف او انه ظن ان خياله الهمه بنما كان يغترف من عالم آخر غر مادي .؟!

    نقل مميز جدا اتمنى ان نرى المزيد او ربما احد الاخوة الانصار لديهم إضافات تثري الموضوع موفق لكل خير اخي الكريم عمانويل

    ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: (( ترد على احدهم القضيه في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ، ثم ترد تلك القضيه بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله وإلاههم واحد ، ونبيهم واحد ، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه ؟ ام نهاهم عنه فعصوه ؟ أم انزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فأستعان بهم على اتمامه ؟ أم كانوا شركاء لهُ، فلهم أن يقولوا ، وعليه أن يرضى ؟ أم انزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول (( صلى الله عليه واله وسلم )) عن تبليغه وادائه ؟ والله سبحانه يقول ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) وفيه تبيان لكل شيء وذكر ان الكتاب يصدق بعضة بعضا ، وانه لا اختلاف فيه فقال سبحانه ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) وان القرآن ظاهره انيق ، وباطنه عميق ، لاتفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولاتكشف الظلمات الا به ) نهج البلاغه ج1 ( ص 60-61 ).

    صدقت أيها الصديق الأكبر


    Comment

    • Bushra
      مشرف
      • 24-12-2009
      • 306

      #3
      رد: وحي القلم

      يا الله ! جميلة و مؤثرة جدا... شكرا على مشاركتكم

      وفقكم الله

      للتفاصيل اضغط الصورة

      Comment

      • عمانوئيل
        عضو جديد
        • 07-01-2011
        • 55

        #4
        رد: وحي القلم

        اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
        في الحقيقة لجبران الكثير من أمثال هذا بل أغلب أعماله لا تخلوا من هذه الإشارات انصح - لمن يرغب بقراءة - رمتا البانية ، والخوري سمعان والشيطان والأجنحة المتكسرة ولجبران قصة طويلة مع علماء الشريعة الضالين تقرأونها في تلك الأعمال ، وبالنسبة لواقعية القصة ؟؛ فضّلت عنوان وحي القلم لأني أُؤمن بأنه وحي - بمعنى أن الإنسان يقترب دائماً من الحقائق الملكوتية بقدر صفائه فالمشهور عن جبران خياله وتحليقه والسؤال هو عندما يسرح الإنسان في ذلك الفضاء من يكون المهيمن عليه ؟ وبالمناسبة عندي بحث مفصل عن هذه المسألة - سأشارك به عندما ينتهي بإذن الله والذي نبهني عليه هو كشف لأحد الأصدقاء رأى فيه أن الإمام علي عليه السلام هو الذي أعطى قصيدة (شيعوا بالدم إسمك الأعظم) لكاتبها بأن أهمه إياها ثم شرح- الإمام عليه السلام- حقيقة ما جاء فيها لصديقي ثم رأيت رؤيتين أيضا بهذا الخصوص وللعلم يوجد العديد من أفلام ومسلسلات الكرتون مذكور فيها الإبن البار وصراع الخير والشر بشكل صريح والغريب أكثر أن الدبلجة العربية استخدمت عبارات موجودة في الروايات وبعض أسفار التوراة - بالتأكيد من غير قصد ( خاصة بعض الاحداث التي لا يمكن لمن قاموا بالعمل أن يتعمدوا تخريجها من مصادرها )
        أخيراً أشير لكاتب مرموق اتصف أيضاً بشيء غريب وهو أن أكثر أعماله كانت رؤى كان يراها والغريب أنه يقول على شكل مسلسلات ( عندما يفكر بأمر ما ينام فيرى أحداث قصته تتكامل وعندما ينهض يكتبها ) وهو روبرت لويس ستيفنسون صاحب جزيرة الكنز 1883م ويقول عنه دايل كارينجي ( كاتب وصحفي أمريكي شهير ) أنه عندما كان يكتب كان ينبطح على بطنه ويضع رأسه في الكتاب وبعدها لا يعد يشعر بما حوله أي كان .. أين يذهب ؟ يقول إلى أبطال قصته !! - شكررً جزيلاً على المشاركات أسألكم الدعاء .

        Comment

        • عمانوئيل
          عضو جديد
          • 07-01-2011
          • 55

          #5
          رد: وحي القلم

          ( خليل الكافر- لجبران أيضاً ) :- وفيه تبكيت شديد لعلماء السوء ولا حظوا أن ّ مواقفهم لا تكاد تتبدل !
          كان النهار من أواخر أيام الصوم وسكان تلك القرى المنقطعون عن اللحوم أصبحوا يترقبون بفضلات الصبر مجيء عيد الفصح أما يوحنا فمثل جميع المزارعين لم يكن يفرق بين أيام الصيام وغيرها فالعمر كله كان صوماً...
          كانت العصافير ترفرف متناجية حول يوحنا وأسراب الحمام تتطاير مسرعة والزهور تتمايل مع النسيم كأنها تتحمم بأشعة الشمس وهو يقرأفي كتابه بتمعن ثم يرفع رأسه ويرى قبب الكنائس في المدن والقرى المنثورة على جانبي الوادي ويسمع طنين أجراسها فيغمض عينيه وتسبح نفسه فوق أشلاء الاجيال إلى اورشليم القديمة متبعة أقدام يسوع في الشوارع سائلة العابرين عنه ..
          حتى إذا ما انتصف النهار قام من مكانه ونظر حوله فلم يرى عجوله ؟
          رأى عن بعد رجاً بملابس سوداء واقفاً بين البساتين فأسرع نحوه .. هل رأيت عجولاً سائرة بين هذه البساتين يا أبتاه ؟ فنظر إليه الراهب متكلفاً وأجاب بخبث نعم رأيتها فهي هناك تعال وانظر فسار يوحنا وراء الراهب حتى بلغا الدير- دير اليشع- فإذا بالعجول ضمن حظيرة واسعة موثقة يخفرها أحد الرهبان وفي يده نبوت ( عصى مقدمتها غليظة) .........
          قال يوحنا : ( هي بهائم لا عقل لها يا أبتاه وأنا فقير لا أملك غير قوى ساعدّي وهذه العجول فاتركني أقودها وأسير واعداً إياك بأن لا أجيء إلى هذه المروج مرة أخرى ) فقال الرئيس وقد تقدم قليلاً إلى الأمام ورفع يده نحو السماء ( إن الله قد وضعنا ههنا ووكل إلينا حماية مختاره اليشاع العظيم فنحن نحافظ عليها ليلاً ونهاراً بكل قوانا لأنها مقدسة وهي كالنار تحرق كل من يقترب منها فإذا امتنعت محاسبة الدير انقلبت الأعشاب في أجواف عجولك سموماً آكلة ...) وهم الرئيس بالذهاب فأوقفه يوحنا متذللاً متوسلاً ( استحلفك يا سيدي بهذه الأيام التي تألم فيها يسوع وبكت لأحزانها مريم أن تتركني أذهب بعجولي لا تكن قاس القلب عليّ فأنا فقير مسكين والدير غني عظيم فهو يسامح تهاملي ويرحم شيخوخة والدي )
          فالتفت إليه الرئيس وقال بهزء : ( لا يسامح الدير بمثقال ذرة أيها الجاهل فقيراً كنت أم غني فلا تستحلفني بالأشياء المقدسة لأننا أعرف منك بأسرارها وخفاياها وإن شئت أن تقود عجولك فافتدها بثلاثة دنانير ) فقال يوحنا بصوت مختنق ( إنني لا أملك باراً واحدة يا أبتاه ....)
          فسكت يوحنا دقيقة واحدة وقد أبرقت عيناه وانبسط محياه وتبدلت لوائح الاسترحام بملامح القوة والإرادة فقال بصوت تمتزج فيه المعرفة بعزم الشبيبة :" هل يبيع الفقير حقله منبت خبزه ومورد حياته ليضع ثمنه إلى خزائن الدير المفعمة بالفضة والذهب ؟ .. فقال الرئيس هازاً رأسه استكباراً هكذا يقول يسوع المسيح : من له يعطى ويزاد ومن لس له يؤخذ منه .
          سمع يوحنا هذه الكلمات فاضطرب قلبه في صدره وكبرت نفسه وتعالت قامته عن ذي قبل فانتشل الانجيل من جيبه كما ينتشل الجندي سيفه للمدافعة وصرخ قائلاً : هكذا تتلاعبون بتعاليم هذا الكتاب أيها المراؤون هكذا تستخدمون أقدس ما في الحياة لتعميم شرور الحياة فويل لكم إذ يأتي ابن الإنسان ثانيه ويخرب أديرتكم ويلقي حجارتها في هذا الوادي محرقاً بالنار مذابحكم ورسومكم وتماثيلكم ويل لكم من دماء يسوع الزكية ودموع أمه الطاهرة إذ تنقلب سيلاً عليكم وتجرفكم إلى أعماق الهاوية ويل وألف ويل لكم أيها الخاضعون لأصنام مطامعكم الساترون بالأثواب السوداء اسوداد مكروهاتكم المحركون بالصلاة شفاهكم وقلوبكم جامدة كالصخور الراكعون بتذلل أمام المذابح ونفوسكم متمردة على الله قد قدتموني بخباثة إلى هذا المكان المملوء بآثامكم وكمجرم قبضتم علي من أجل قليل من الزرع تستنبته الشمس لي ولكم على السواء ولما استعطفتكم باسم يسوع واستحلفتكم بأيام حزنه وأوجاعه استهزأتم بي ....
          خذو وابحثوا في هذا الكتاب وأروني متى لم يكن يسوع غفوراً ؟! أفي موعظته على الجبل أم في تعاليمه في الهيكل امام مضطهدي تلك الزانية أم على الجلجلة عندما بسط ذراعيه على الصليب ليضم الجنس البشري ؟!
          انظروا يا قساة القلوب إلى هذه المدن والقرى الفقيرة ففي منازلها يتلوى المرضى على أسرة الأوجاع وفي حبوسها تفنى أيام البائسين .... وأنتم ههنا تتمتعون براحة التواني والكسل .( البقية في عرائس المروج ) .

          Comment

          Working...
          X
          😀
          🥰
          🤢
          😎
          😡
          👍
          👎