رد: هدية الاحباب
قصة نصراني أسلم عند رسول الله ( ص ) وما قاله في مجلس يزيد
بحار الانوار العلامة المجلسي ج 45 صفحة 189
روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد لعنه الله تعالى وقد حضر في مجلسه الذي اتي إليه فيه برأس الحسين فلما رأى النصراني رأس الحسين عليه السلام بكى وصاح وناح، حتى ابتلت لحيته بالدموع ثم قال:
اعلم يا يزيد : أني دخلت المدينة تاجرا في أيام حياة النبي، وقد أردت أن آتيه بهدية فسألت من أصحابه أي شئ أحب إليه من الهدايا ؟ فقالوا:
الطيب أحب إليه من كل شئ، وإن له رغبة فيه.
قال: فحملت من المسك فأرتين، وقدرا من العنبر الأشهب، وجئت بها إليه وهو يومئذ في بيت زوجته أم سلمة رضي الله عنها فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا، وزادني منه سرور، وقد تعلق قلبي بمحبته، فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه فقال:
ما هذا ؟ قلت : هدية محقرة أتيت بها إلى حضرتك فقال لي : ما اسمك ؟ فقلت : اسمي عبد الشمس، فقال لي : بدل اسمك فإني أسميك عبد الوهاب إن قبلت مني الاسلام قبلت منك الهدية
قال: فنظرته وتأملته فعلمت أنه نبي وهو النبي الذي أخبرنا عنه عيسى عليه السلام حيث قال: " إني مبشر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في تلك الساعة ورجعت إلى الروم، وأنا أخفي الاسلام، ولي مدة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم، وليس لاحد من النصارى اطلاع على حالنا.
واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وهو في بيت أم سلمة
رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا، قد دخل على جده من باب الحجرة والنبي فاتح باعه ليتناوله وهو يقول: مرحبا بك يا حبيبي حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره، وجعل يقبل شفتيه، ويرشف ثناياه، وهو يقول، بعد عن رحمة الله من قتلك، لعن الله من قتلك يا حسين وأعان على قتلك، والنبي صلى الله عليه وآله مع ذلك يبكي
.
فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبي في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن عليهما السلام وقال: يا جداه قد تصارعت مع أخي الحسن ولم يغلب أحدنا الآخر وإنما نريد أن نعلم أينا أشد قوة من الآخر، فقال لهما النبي : حبيبي يا مهجتي إن التصارع لا يليق بكما ولكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطه أحسن كذلك تكون قوته أكثر
قال: فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا وأتيا إلى جدهما النبي فأعطياه اللوح، ليقضي بينهما فنظر النبي إليهما ساعة، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال لهما : يا حبيبي إني نبي أمي لا أعرف الخط اذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما وينظر أيكما أحسن خطا
.
قال: فمضيا إليه وقام النبي أيضا معهما ودخلوا جميعا إلى منزل فاطمة عليها السلام.
فما كان إلا ساعة وإذا النبي مقبل، وسلمان الفارسي، معه، وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة فسألته كيف حكم أبوهما وخط أيهما أحسن؟
قال سلمان رضوان الله عليه: إن النبي لم يجبهما بشئ لأنه تأمل أمرهما وقال: لو قلت خط الحسن أحسن كان يغتم الحسين، ولو قلت خط الحسين أحسن كان يغتم الحسن، فوجههما إلى أبيهما.
فقلت: يا سلمان بحق الصداقة والاخوة التي بيني وبينك وبحق دين الاسلام إلا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما ؟
فقال: لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما قال لهما : أمضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما فأتيا إلى أمهما وعرضا عليها ما كتبا في اللوح، وقالا: يا أماه إن جدنا أمرنا أن نتكاتب، فكل من كان خطه أحسن تكون قوته أكثر، فتكاتبنا وجئنا
إليه، فوجهنا إلى أبينا، فلم يحكم بيننا ووجهنا إليك، فتفكرت فاطمة بأن جدهما وأباهما ما أرادا كسر خاطرهما
أنا ماذا أصنع ؟ وكيف أحكم بينهما ؟ فقالت لهما :
يا قرتي عيني إني أقطع قلادتي على رأسكما، فأيكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطه أحسن وتكون قوته أكثر، قال: وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم إنها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما، فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات والتقط الحسين ثلاث لؤلؤات وبقيت الأخرى فأراد كل منهما تناولها فأمر الله تعالى جبرئيل بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين فأخذ كل منهما نصفا.
فانظر يا يزيد كيف رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدخل على أحدهما ألم ترجيح الكتابة ولم يرد كسر قلبهما
وكذلك أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام
وكذلك رب العزة لم يرد كسر قلب أحدهما بل أمر من قسم اللؤلؤة بينهما لجبر قلبهما
وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله ؟
أف لك ولدينك يا يزيد.
ثم إن النصراني نهض إلى رأس الحسين عليه السلام واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكي ويقول:
يا حسين اشهد لي عند جدك محمد المصطفى، وعند أبيك علي المرتضى وعند أمك فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين .
قصة نصراني أسلم عند رسول الله ( ص ) وما قاله في مجلس يزيد
بحار الانوار العلامة المجلسي ج 45 صفحة 189
روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد لعنه الله تعالى وقد حضر في مجلسه الذي اتي إليه فيه برأس الحسين فلما رأى النصراني رأس الحسين عليه السلام بكى وصاح وناح، حتى ابتلت لحيته بالدموع ثم قال:
اعلم يا يزيد : أني دخلت المدينة تاجرا في أيام حياة النبي، وقد أردت أن آتيه بهدية فسألت من أصحابه أي شئ أحب إليه من الهدايا ؟ فقالوا:
الطيب أحب إليه من كل شئ، وإن له رغبة فيه.
قال: فحملت من المسك فأرتين، وقدرا من العنبر الأشهب، وجئت بها إليه وهو يومئذ في بيت زوجته أم سلمة رضي الله عنها فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا، وزادني منه سرور، وقد تعلق قلبي بمحبته، فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه فقال:
ما هذا ؟ قلت : هدية محقرة أتيت بها إلى حضرتك فقال لي : ما اسمك ؟ فقلت : اسمي عبد الشمس، فقال لي : بدل اسمك فإني أسميك عبد الوهاب إن قبلت مني الاسلام قبلت منك الهدية
قال: فنظرته وتأملته فعلمت أنه نبي وهو النبي الذي أخبرنا عنه عيسى عليه السلام حيث قال: " إني مبشر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في تلك الساعة ورجعت إلى الروم، وأنا أخفي الاسلام، ولي مدة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم، وليس لاحد من النصارى اطلاع على حالنا.
واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وهو في بيت أم سلمة
رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا، قد دخل على جده من باب الحجرة والنبي فاتح باعه ليتناوله وهو يقول: مرحبا بك يا حبيبي حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره، وجعل يقبل شفتيه، ويرشف ثناياه، وهو يقول، بعد عن رحمة الله من قتلك، لعن الله من قتلك يا حسين وأعان على قتلك، والنبي صلى الله عليه وآله مع ذلك يبكي
.
فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبي في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن عليهما السلام وقال: يا جداه قد تصارعت مع أخي الحسن ولم يغلب أحدنا الآخر وإنما نريد أن نعلم أينا أشد قوة من الآخر، فقال لهما النبي : حبيبي يا مهجتي إن التصارع لا يليق بكما ولكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطه أحسن كذلك تكون قوته أكثر
قال: فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا وأتيا إلى جدهما النبي فأعطياه اللوح، ليقضي بينهما فنظر النبي إليهما ساعة، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال لهما : يا حبيبي إني نبي أمي لا أعرف الخط اذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما وينظر أيكما أحسن خطا
.
قال: فمضيا إليه وقام النبي أيضا معهما ودخلوا جميعا إلى منزل فاطمة عليها السلام.
فما كان إلا ساعة وإذا النبي مقبل، وسلمان الفارسي، معه، وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة فسألته كيف حكم أبوهما وخط أيهما أحسن؟
قال سلمان رضوان الله عليه: إن النبي لم يجبهما بشئ لأنه تأمل أمرهما وقال: لو قلت خط الحسن أحسن كان يغتم الحسين، ولو قلت خط الحسين أحسن كان يغتم الحسن، فوجههما إلى أبيهما.
فقلت: يا سلمان بحق الصداقة والاخوة التي بيني وبينك وبحق دين الاسلام إلا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما ؟
فقال: لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما قال لهما : أمضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما فأتيا إلى أمهما وعرضا عليها ما كتبا في اللوح، وقالا: يا أماه إن جدنا أمرنا أن نتكاتب، فكل من كان خطه أحسن تكون قوته أكثر، فتكاتبنا وجئنا
إليه، فوجهنا إلى أبينا، فلم يحكم بيننا ووجهنا إليك، فتفكرت فاطمة بأن جدهما وأباهما ما أرادا كسر خاطرهما
أنا ماذا أصنع ؟ وكيف أحكم بينهما ؟ فقالت لهما :
يا قرتي عيني إني أقطع قلادتي على رأسكما، فأيكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطه أحسن وتكون قوته أكثر، قال: وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم إنها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما، فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات والتقط الحسين ثلاث لؤلؤات وبقيت الأخرى فأراد كل منهما تناولها فأمر الله تعالى جبرئيل بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين فأخذ كل منهما نصفا.
فانظر يا يزيد كيف رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدخل على أحدهما ألم ترجيح الكتابة ولم يرد كسر قلبهما
وكذلك أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام
وكذلك رب العزة لم يرد كسر قلب أحدهما بل أمر من قسم اللؤلؤة بينهما لجبر قلبهما
وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله ؟
أف لك ولدينك يا يزيد.
ثم إن النصراني نهض إلى رأس الحسين عليه السلام واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكي ويقول:
يا حسين اشهد لي عند جدك محمد المصطفى، وعند أبيك علي المرتضى وعند أمك فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين .
Comment