بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
الثقافة والإستهلاك
الحلقة الأولى
لاشك في أن الثقافة بوصفها منهجا يؤسس للبنية التحتية التي تقوم عليها كل البنى الحضارية للمجتمعات البشرية ، فالثقافة منهج إداري للحياة بكل جوانبها فكل أثر في الواقع هو تعبير عن رقي تلك الثقافة أو تخلفها ، وكذلك تعبير عن كون هذه الثقافة استهلاكية أو انتاجية ، ومن ينتبه إلى فعل القوى السلطوية العالمية في تقسيم العالم إلى دول صناعية منتجة وأخرى دول نامية مستهلكة لم يكن هذا التقسيم بناء على واقع قائم ، بل هو تقسيم تم على أساسه تقسيم العالم إلى تلك الجهتين ؛ عالم صناعي وعالم مستهلك ، عالم ينتج وعالم يعد سوقا لتصريف المنتجات!
هل كانت الدول المستهلكة مهيأة لتكون كذلك أو هي قهرت على ذلك قهرا سواء بإعلانها الموافقة أو بإلجائها إلى الاستسلام لمراد تلك القوى إلجاءً؟؟ الواقع التاريخي يقول : إن هذا الأمر فرض فرضا على ما يصطلحون عليه بـ(الدول النامية أو دول العالم الثالث) ، وتلقى بعضها هذا الفرض مذعنا وحاول البعض منها بما لديه من عمق حضاري ان يواجه هذا الفرض القهري فوجد نفسه حيال حرب تفتقد تماما لكل ما هو أخلاقي في الخصومة ، وبالمقابل فالدول التي قبلت أن تحول جغرافيتها إلى سوق كبير ظهرت عليها علامات الانتعاش الاقتصادي المادي أو ما يسمى بـ(الرفاه المادي) ، فوجدت تلك الدول التي قاومت المشروع التسلطي الصناعي نفسها بين المطرقة والسندان وذلك باستعمال الدول المذعنة سندانا ويد تلك القوى الصناعية كانت تحمل مطرقة إغراق السوق بمنتجها على كل المستويات ، فصارت تلك الدول المقاومة ـ إذا صح التعبير ـ أمام حال من حالين ؛ إما أن تذعن وتلتحق بركب المذعنين وتتحول جغرافيتها إلى سوق للترويج ، أو تبقى تقاسي إلى ما شاءت لها إرادتها ، وعمقها الحضاري!!
هناك أمر علينا أن ننتبه له أن قضية الانتاج والتسويق ليست مختصة بالبضائع المصنعة ماديا حسب بل شمل كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية والفكرية والنفسية ، وبما أن كل هذه المفردات هي جزء من بناء الهوية الثقافية لأي مجتمع نجد أن الحرب شملتها كلها من دون استثناء ، بل ودفعة واحدة حيث عانى العالم الثالث من هجمة شرسة وغزو كاسح كاد يمحو الهوية الثقافية لشعوب لديها رصيد حضاري يؤهلها إلى أن تكون ندا حقيقيا للحضارة المادية الغربية ، بل لو شئنا الحقيقة لرأينا أن الحضارة الغربية ما هي إلا عيال على تلك الحضارة ومفرداتها ، ولكن ما جعل الموازين تتغير هكذا هو تلك الحقيقة الثابتة التي ذكرها القرآن الكريم والناس عنها معرضون وهي قوله تعالى{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(الأعراف/169).
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
الثقافة والإستهلاك
الحلقة الأولى
لاشك في أن الثقافة بوصفها منهجا يؤسس للبنية التحتية التي تقوم عليها كل البنى الحضارية للمجتمعات البشرية ، فالثقافة منهج إداري للحياة بكل جوانبها فكل أثر في الواقع هو تعبير عن رقي تلك الثقافة أو تخلفها ، وكذلك تعبير عن كون هذه الثقافة استهلاكية أو انتاجية ، ومن ينتبه إلى فعل القوى السلطوية العالمية في تقسيم العالم إلى دول صناعية منتجة وأخرى دول نامية مستهلكة لم يكن هذا التقسيم بناء على واقع قائم ، بل هو تقسيم تم على أساسه تقسيم العالم إلى تلك الجهتين ؛ عالم صناعي وعالم مستهلك ، عالم ينتج وعالم يعد سوقا لتصريف المنتجات!
هل كانت الدول المستهلكة مهيأة لتكون كذلك أو هي قهرت على ذلك قهرا سواء بإعلانها الموافقة أو بإلجائها إلى الاستسلام لمراد تلك القوى إلجاءً؟؟ الواقع التاريخي يقول : إن هذا الأمر فرض فرضا على ما يصطلحون عليه بـ(الدول النامية أو دول العالم الثالث) ، وتلقى بعضها هذا الفرض مذعنا وحاول البعض منها بما لديه من عمق حضاري ان يواجه هذا الفرض القهري فوجد نفسه حيال حرب تفتقد تماما لكل ما هو أخلاقي في الخصومة ، وبالمقابل فالدول التي قبلت أن تحول جغرافيتها إلى سوق كبير ظهرت عليها علامات الانتعاش الاقتصادي المادي أو ما يسمى بـ(الرفاه المادي) ، فوجدت تلك الدول التي قاومت المشروع التسلطي الصناعي نفسها بين المطرقة والسندان وذلك باستعمال الدول المذعنة سندانا ويد تلك القوى الصناعية كانت تحمل مطرقة إغراق السوق بمنتجها على كل المستويات ، فصارت تلك الدول المقاومة ـ إذا صح التعبير ـ أمام حال من حالين ؛ إما أن تذعن وتلتحق بركب المذعنين وتتحول جغرافيتها إلى سوق للترويج ، أو تبقى تقاسي إلى ما شاءت لها إرادتها ، وعمقها الحضاري!!
هناك أمر علينا أن ننتبه له أن قضية الانتاج والتسويق ليست مختصة بالبضائع المصنعة ماديا حسب بل شمل كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية والفكرية والنفسية ، وبما أن كل هذه المفردات هي جزء من بناء الهوية الثقافية لأي مجتمع نجد أن الحرب شملتها كلها من دون استثناء ، بل ودفعة واحدة حيث عانى العالم الثالث من هجمة شرسة وغزو كاسح كاد يمحو الهوية الثقافية لشعوب لديها رصيد حضاري يؤهلها إلى أن تكون ندا حقيقيا للحضارة المادية الغربية ، بل لو شئنا الحقيقة لرأينا أن الحضارة الغربية ما هي إلا عيال على تلك الحضارة ومفرداتها ، ولكن ما جعل الموازين تتغير هكذا هو تلك الحقيقة الثابتة التي ذكرها القرآن الكريم والناس عنها معرضون وهي قوله تعالى{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(الأعراف/169).
Comment