إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الثقافة والإستهلاك _الحلقة الأولى....الاستاذ زكي الصبيحاوي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • حمزة السراي
    مشرف
    • 17-09-2011
    • 497

    الثقافة والإستهلاك _الحلقة الأولى....الاستاذ زكي الصبيحاوي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    الثقافة والإستهلاك
    الحلقة الأولى

    لاشك في أن الثقافة بوصفها منهجا يؤسس للبنية التحتية التي تقوم عليها كل البنى الحضارية للمجتمعات البشرية ، فالثقافة منهج إداري للحياة بكل جوانبها فكل أثر في الواقع هو تعبير عن رقي تلك الثقافة أو تخلفها ، وكذلك تعبير عن كون هذه الثقافة استهلاكية أو انتاجية ، ومن ينتبه إلى فعل القوى السلطوية العالمية في تقسيم العالم إلى دول صناعية منتجة وأخرى دول نامية مستهلكة لم يكن هذا التقسيم بناء على واقع قائم ، بل هو تقسيم تم على أساسه تقسيم العالم إلى تلك الجهتين ؛ عالم صناعي وعالم مستهلك ، عالم ينتج وعالم يعد سوقا لتصريف المنتجات!
    هل كانت الدول المستهلكة مهيأة لتكون كذلك أو هي قهرت على ذلك قهرا سواء بإعلانها الموافقة أو بإلجائها إلى الاستسلام لمراد تلك القوى إلجاءً؟؟ الواقع التاريخي يقول : إن هذا الأمر فرض فرضا على ما يصطلحون عليه بـ(الدول النامية أو دول العالم الثالث) ، وتلقى بعضها هذا الفرض مذعنا وحاول البعض منها بما لديه من عمق حضاري ان يواجه هذا الفرض القهري فوجد نفسه حيال حرب تفتقد تماما لكل ما هو أخلاقي في الخصومة ، وبالمقابل فالدول التي قبلت أن تحول جغرافيتها إلى سوق كبير ظهرت عليها علامات الانتعاش الاقتصادي المادي أو ما يسمى بـ(الرفاه المادي) ، فوجدت تلك الدول التي قاومت المشروع التسلطي الصناعي نفسها بين المطرقة والسندان وذلك باستعمال الدول المذعنة سندانا ويد تلك القوى الصناعية كانت تحمل مطرقة إغراق السوق بمنتجها على كل المستويات ، فصارت تلك الدول المقاومة ـ إذا صح التعبير ـ أمام حال من حالين ؛ إما أن تذعن وتلتحق بركب المذعنين وتتحول جغرافيتها إلى سوق للترويج ، أو تبقى تقاسي إلى ما شاءت لها إرادتها ، وعمقها الحضاري!!
    هناك أمر علينا أن ننتبه له أن قضية الانتاج والتسويق ليست مختصة بالبضائع المصنعة ماديا حسب بل شمل كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية والفكرية والنفسية ، وبما أن كل هذه المفردات هي جزء من بناء الهوية الثقافية لأي مجتمع نجد أن الحرب شملتها كلها من دون استثناء ، بل ودفعة واحدة حيث عانى العالم الثالث من هجمة شرسة وغزو كاسح كاد يمحو الهوية الثقافية لشعوب لديها رصيد حضاري يؤهلها إلى أن تكون ندا حقيقيا للحضارة المادية الغربية ، بل لو شئنا الحقيقة لرأينا أن الحضارة الغربية ما هي إلا عيال على تلك الحضارة ومفرداتها ، ولكن ما جعل الموازين تتغير هكذا هو تلك الحقيقة الثابتة التي ذكرها القرآن الكريم والناس عنها معرضون وهي قوله تعالى{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(الأعراف/169).
  • حمزة السراي
    مشرف
    • 17-09-2011
    • 497

    #2
    رد: الثقافة والإستهلاك _الحلقة الأولى....الاستاذ زكي الصبيحاوي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    الثقافة والاستهلاك
    الحلقة الثانية

    لقد أضاع الخلف ما تعب به السلف ، واستبدلوا خير ما أعطاهم الله سبحانه بعرض هو الأدنى كما استبدل أولئك القوم الذين زهدوا عطاء الله فاستبدلوا الأدنى بالذي هو خير ، أي استبدلوا الدنيا وزخرفها بالدين الذي أكرمهم الله به ، قال تعالى{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}(البقرة/61).
    للأسف هذه سنة جارية في الخلق ، فالشعوب والأمم التي حباها الله سبحانه بكرمه وعطائه سرعان ما تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فينظرون إلى عطاء الله جلت قدرته نظر المتعالي والمتكبر فيقعوا في سراب الذي هو أدنى ويذوقوا وبال هذا الانحراف ، ولذا فالأمة الإسلامية على اختلاف لغاتها ومساحاتها الديموغرافية نراها اليوم مستلبة للذي هو أدنى وسوقا ومثانة للعالم الغربي المادي الصناعي تستورد منه حتى العادات والتقاليد التي هي من صميم هوية الأمم الثقافية ، ولعل ما يشعر بالاسى الكبير أن ترى شعبا كشعب وادي الرافدين وريث الحضارة الإلهية منذ آدم(ع) إلى يومنا هذا يركب هذا السبيل العاثر ويهرول باتجاه الانسلاخ الحضاري ليلبس جلد الحضارة المادية ، ونراه اليوم بعد أن وضع على جسده هذا الجلد صار جسده يتقيح ويتعفن وتفوح منه رائحة الفساد!!!
    ولعلني في هذه المقالة سأقف وقفة سريعة على خطورة منهج الاستهلاك في صياغة البنية التعليمية في بلاد ما بين النهرين ، ليس تفاخرا القول بأن الفرد العراقي بخريطته الجينية يحمل مواصفات وقابليات حضارية أهلته إلى أن يكون ابن هذه البقعة الجغرافية التي منها بزغ نور العلم والحضارة ، ولذا تجد أطفال هذه الأرض يمتلكون مهارات منذ الصغر تفتقدها أغلب شعوب الأرض ـ وهذا ليس مدحا مجانيا أو تفاخرا بالفضاء ـ بل هو وصف لواقع ـ للأسف ـ يعمل الآباء الممسكون بناصية إدارة هذه البلاد طمسه وتغييره استسلاما لإرادة الآخر بالمحافظة على ما يتوهمه تقدما هو من نتاجه وجهده وعرقه ، وإن كنا لا ننكر أن الآخر بذل جهدا وعرقا من أجل الوصول إلى ما هو عليه اليوم ، ولكن بالمقابل لكي يستفرد بالساحة لوحده تعامل مع شريكه الآخر بالحضارة والحياة تعامل الخصم الذي لا شرف له ولا قيم ولا مبادئ ، فراح يبني بيد في ساحته ، ويعمل على التخريب بيده الأخرى في ساحة الآخر ، ولكي نكون منصفين في بيان الحقيقية فإنسان الطرف الآخر أعان على نفسه بأن سلم قياده لرعاة طالحين خانعين أذعنوا وانبطحوا أمام سياسات الإغراء والترهيب لتلك الحضارة المادية المسعورة!!

    Comment

    • حمزة السراي
      مشرف
      • 17-09-2011
      • 497

      #3
      رد: الثقافة والإستهلاك _الحلقة الأولى....الاستاذ زكي الصبيحاوي

      بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

      الثقافة والاستهلاك
      الحلقة الثالثة

      انظروا إلى المنهج التعليمي في العراق منذ مراحله الأولى وحتى المراحل المتقدمة ، فستجدونه منهجاً استهلاكياً بامتياز قائم على اجترار ما لدى الآخر بغض النظر إن كان ذلك الذي لدى الآخر صالحا أو طالحا ، وهو طالح في أغلبه ، وحتى الصالح منه لا يعدو أن يكون كما معلوماتيا حسب ، وهنا نسأل وبحرقة : هل عقمت هذه الأرض أن تخرج لنا رجالاً لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله الذي هو سر بناء الحضارة الحقيقي؟؟!!
      وسأشير إلى ملمح واحد من ملامح كثيرة تقتل في أبنائنا تلك القابليات الإلهية التي حباهم بها بارئهم سبحانه ، وهو : ليس هناك رؤية واضحة في بناء المنهج الدراسي لكل المراحل ، ما الغاية التي يريد كل منهج دراسي بلوغها ويريد من الطلاب الوصول إليها؟؟ هل نحن ندرس لكي نحصل على وظيفة تدر علينا معاشا شهريا حسب؟؟ هل نحن ندرس لتكون لنا شخصية حضارية تجعلنا قادرين على أن نحقق الغاية التي من أجلها خلقنا الله سبحانه؟؟ لماذا تقتل مناهجنا الدراسية في ابنائنا القدرة على التعبير والإبداع وتجتهد في تحويلهم إلى ببغاوات تردد ما تسمع دون نظر وتفكر ودون بحث وتفحص ، حتى صارت القراءة لدى عامة المتعلمين مهارة تقارب الانقراض إن لم تكن انقرضت فعلا ، ونحن اليوم نندب رحيلها المأسوف عليه؟؟؟؟!!
      هذا فضلا على أن المعلم ـ ويؤسفني قول ذلك ـ فاقد لمهارة التعليم للأسف إلا القليل القليل الذي لا يكاد يرى أثرهم في واقع التعليم ذلك لأن سوء الواقع ضيع لهم كل جهد يمكن نسبته إلى الصلاح ، فمعلمنا اليوم لا ينظر إلى نفسه عامل بناء لأصعب شيء وهو بناء الشخصية الإنسانية ، فتجده مضطرباً ليس لديه خطة عمل واضحة المعالم فهو يتصرف استنادا إلى ردة الفعل النفسية اتجاه المواقف التي يتعرض لها فضلا على أن موقفه موقف سلبي تماما اتجاه المنهج الذي يعلمه لأولئك الغرس المسكين الذي يذبح يوميا بسكين باردة ، حتى يجد نفسه هذا التلميذ أمام حال من حالين إما العزوف عن الدراسة لأن ما يدرسه لا يثور فيه طاقاته الكامنة بقدر ما يقتلها ويطمسها ويقهره على ما لا يحب ، أما الحال الآخر فهو من يسمونهم الطلبة المتفوقين وهم أولئك الذي لديهم القدرة على التنمذج والاندماج في هذا المنهج المضطرب وهدفه من وراء ذلك هو تحقيق درجة النجاح بغض النظر عن الفائدة المتحققة في بناء شخصيته ، وبين هذين الحالتين حالة ثالثة تعاني الأمرين فلا هي تملك الجرأة للتمرد ، ولا هي قادرة على التنمذج كأولئك (المتفوقين) ، ومن الغريب العجيب أن الطبقة المتنمذجة هي من تمسك بدفة قيادة العمل ، وتعاد المأساة نفسها ، ويبقى المتمردون الذين تمردهم كان نتيجة استشعارهم لحالة الرفض للتنمذج الممنهج يعيشون على هامش الحياة ، مع أن أولئك الذين تمردوا على هذا المنهج المضطرب التسلطي فيهم الكثير ممن يمتلكون قدرات عجيبة!
      فهل هناك من ينتبه إلى هذه المأساة التي ينسحق فيها في كل حصة دراسية الالاف من ابنائنا بمختلف المراحل الدراسية ، انقذوهم من منهج الاستهلاك ، واجتهدوا في بناء منهج دراسي انتاجي لنجد جامعات ترفد المصانع وجامعات ترفد ميادين التخطيط الحقيقي والحضاري ، شعب بلاد الرافدين بطبعه يأنف النمذجة والاستهلاك ، وليس بعيداً ستكون لديه ردة عكسية اتجاه هذا الإغراق في الاستهلاك لينهض جيل من تحت ركام الاستهلاك ليكون جيلا بناء ، جيل قبل الحجر المرفوض ليعمل أثماره ، فيعيد لهذه الأرض إشراقتها الحضارية البهية.

      Comment

      • حمزة السراي
        مشرف
        • 17-09-2011
        • 497

        #4
        رد: الثقافة والإستهلاك _الحلقة الأولى....الاستاذ زكي الصبيحاوي

        بسم الله الرحمن الرحيم
        الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

        منبر الجمعة بين الثقافة والاستهلاك
        الحلقة الرابعة

        لاشك في أن هذا المنبر الشريف لم تكن نشأته إلا لهدف عظيم وهو الدعوة لحاكمية الله في كل زمان ومكان، فهذا المنبر الشريف مكانه في بيوت الله أينما كانت، فهو منبر للدعوة الى الله سبحانه، وهو منبر للتعريف بخلفاء الله، وبيان منهج الدين الحنيف، وليس منبرا ـ كما نرى اليوم ـ للدعاء للطواغيت، والتبشير بمناهج الفساد والضلال، فما معنى أن يقال على منبر رسول الله(ص) : مفردات مثل الديمقراطية، والعملية السياسية، والانتخابات، وما شابه تلك المفردات التي هي مفردات طاغوتية لاشك ولا ريب؟؟!!
        من هذا الواقع الأسبوعي الذي يعيشه المسلمون في كل بقاع المعمورة ندرك معنى الاستهلاك للدين الحنيف الذي هو لب الحياة وقلبها النابض، لقد حول وعاظ السلاطين منبر رسول الله(ص) إلى منبر متاجرة في الدين، وحولوا الدين إلى سلعة تباع وتشترى للإستهلاك ليس إلا، ولذا هذا الخلق العقيم تسرب إلى الناس عموما فصار تواجدهم في بيوت الله سبحانه ليس لذكر الله جل شأنه، وإعداد النفوس وترويضها لطاعة خليفة الله المنتظر، بل تحول بيت الله إلى موسم لعرض الصفقات وتداول أمور الدنيا الدنية التي انغمس فيها الناس إلى هاماتهم فلم يعودوا يروا شيئا غيرها.
        انتبهوا أيها الأخوة إلى ما يطرح في خطبتي الجمعة؛ الخطبة الأولى خطبة استهلاكية بامتياز، كل شيء فيها للاستهلاك؛ الدعاء، مناقب الأولياء، كلماتهم الطاهرة، بل تبدأ من أولها إلى آخرها كلمات للإستهلاك ليس فيها ما يحفز السامعين على العمل مطلقا، وإن وجدتم الخطيب يرعد ويزبد ويقول: متى نكون مثل أولئك الرجال العظام؟؟!! ومثال هذه العبارات التي سئم منها حتى طلبة المدارس في مواضيع الإنشاء أو التعبير ـ سمه ما شئت ـ فتأكد أنها ليست أكثر من زوبعة في فنجان.
        أما الخطبة الثانية فهي التي فيها تظهر مهارات الخطيب ولوذعيته بالمطالبة بحقوق الناس، وطلب الرفاهية المادية للناس، وانتقاد العملية السياسية، وما شاكل ذلك من مثل مواسم الحزن الكذاب على من تحصدهم أيدي المجرمين من ذباحي القاعدة في عموم بقاع الأرض، ثم يختم بالدعاء لحكومته الطاغوتية ويسأل الله لها الصلاح!!!!!
        وسؤاله الصلاح ـ وهذا للبيب العاقل ـ لا يعني غير أن حكومته واحدة من اثنتين لا ثالث لهما؛ إما هي حكومة صالحة ويدعو لها بثباتها على الصلاح وزيادة، أو حكومته فاسدة ويتمنى تغير حالها إلى الصلاح، وهل يرجى الصلاح في حكومة الطاغوت؟! خاصة وخطيب الجمعة في الخطبة الثانية يشنف أذان سامعيه بالحديث عن ملفات الفساد الذي يزكم الأنوف!!
        فخطباء الجمعة اليوم غصبوا منبر رسول الله(ص) وخاصة الذين يدعون أنهم أتباع أهل البيت(ص)، لأن غير الأتباع كان غصبهم للمنبر من يوم السقيفة الشيطانية، ولكن أولئك الذين يدعون أنهم أتباع أهل البيت(ص) ويطبلون ويزمرون للديمقراطية على منبر الإمام المهدي(ص)، حتى لم يعد لصاحب المنبر ذكر، سوى ذكره في تعداد الأسماء، وعندما يصلوا إلى ذكر اسمه يقوم الناس بحركة استعراضية ومعهم خطيب الجمعة المتمرس بوضع الأيادي على الرؤوس، وليت شعري ما يفعل أولئك!!!
        وبالمقابل هناك ثلة مستضعفة آلت على نفسها إلا أن تقيم منبر الجمعة على الأساس الذي بني عليه على الرغم من كل ما يفعل بها، فهذه الثلة ممثلة بسيدها أول المؤمنين ـ في وصية جده رسول الله(ص) ـ أعاد للمنبر الشريف هيبته ومكانته، وبين للناس أن هذا المنبر هو منبر للدعوة إلى حاكمية الله، وأن بيوت الله سبحانه أقيمت لتكون ساحة لذكره، والتسبيح له وتنزيهه من غيره، وحمده والثناء عليه، وتقديسه، ومن لا يفعل ذلك في كل بيت من بيوت الله، فهو يرتكب ظلما عظيما بحق البيت وبحق مالكه رب العزة والجلال سبحانه.
        الجمعة التي يقيمها أنصار الإمام المهدي(ص) في كل بقعة وفق الله سبحانه أن يتواجدوا فيها، هي جمعة للإعداد والاستعداد لقائم الحق(ص)، هي جمعة للتسبيح، والحمد، والتقديس، وتلك المبادئ لم يجعلها الله سبحانه للاستهلاك، بل تلك مبادئ عملية حقيقية من لا يفعلها فليعلم أنه لا يعدو أن يكون صورة من صور الاستهلاك في المكان الخاطئ، فمن يكن بين أنصار الله فعليه أن يتيقن أن كل كلمة تقال في ساحة الله سبحانه هي منهاج عمل، وإذا لم تترجم تلك الكلمة إلى عمل فستكون شاهدة غدا على قائلها.
        وكم هو البون كبير والمساحة شاسعة بين منبر مغصوب يعمل بمنهج الإستهلاك، والبحث عن الرفاه المادي والراحة في الدنيا، وكأن الله سبحانه وتعالى خلقهم للدنيا، لكي يغرقوا في مادياتها، وبين منبر أسس على التقوى يدعو إلى حاكمية الله، ويعمل على الإعداد والاستعداد لجعل شهادة (لا إله إلا الله) واقعا عمليا يكيف كل حركة من حركاتهم وكل عمل يعملونه.
        والحمد لله وحده وحده وحده.

        Comment

        Working...
        X
        😀
        🥰
        🤢
        😎
        😡
        👍
        👎