رد: حكاية من المدينة ( الحزينة )
حكاية قَسَـم عظيم من حُسـينية ..
لم تكن الحسينية التي أخبر عنها الأخ غير سياج لم يرتفع بضعة سنتيمترات عن الأرض وغرفة نائية وكوم من الطابوق ومواد البناء الأخرى البسيطة
ومكان مصلى مفروش بالرمل .. وكان الوقت يقترب من القيظ
فعلى ما أتذكر لعل في هذه الجمعة أو في الجمعة الثانية كان إمام الجمعة
رجلا يرتدي كوفية وعقال كان طويلا وأسمر
وعندما دخلنا إلى الحسينية لفت نظري أنه كان يصلي بمفرده
وباقي الناس في الحسينية كل منشغل بأمر من الأمور
وذهبنا ودخلنا في تلك الغرفة التي كان فيها أحد المشايخ يتحدث عن الدعوة
وكان اسمه (شيخ حبيب) كان شخصاً بسيطاً ويتحدث بفطرية وتلقائية عجيبة
كأنه ليس من زمننا !!
عند الرؤية الأولى لأتباع هذه الدعوة تحقق في نفسي ما جعلني أتعلق بها
وهو عندما قلت لصديقي الأستاذ :
أنا بحسب ما أعرف أن هذا الأمر لابد أن يكون أناسه من البسطاء ..
لأنني أتذكر هرقل الروم عندما كان يسأل أبا سفيان (لع) عن أتباع محمد (ص) ..
هل هم من علية القوم أو هم من البسطاء؟؟
فكان جواب أبو سفيان :
بل من البسطاء والفقراء ممن لا يلتفت إليه
فأجابه هرقل : وكذلك أتباع الأنبياء
فهذه الجملة كانت دليلي في معرفة الحق ..
فالدعوة الحق لا يتبعها إلا البسطاء في بدايتها .. وهذه الدعوة في بدايتها
وكان الحال كما أخبر هرقل عن حال أتباع الأنبياء(ع)
وخاصة هذا الشيخ المتصدي للحديث
فتعلق قلبي بالمكان وبأهله .. ومن ذلك اليوم ما عدت أستطيع مفارقته
المهم ... صلينا الجمعة خلف هذا الرجل الأسمر الطويل .. وكان يمسك بيده مصحفاً
وكان كثير الإطراق إلى الأرض وهو يتحدث
وعندما يصل الحديث إلى سيرة أولئك المعممين كان يتحدث بشدة وبانفعال واضح ..
وخاصة عندما يذكر انحرافاتهم العقائدية والأخلاقية ..
لم أجد في نفسي دافعاً للسؤال عن إمام جمعتنا فهو لابد أن يكون من الأتباع فضلاً على أنه في خطبتيه كان بسيطاً كذلك وتلقائيا .. لم يكن يتكلف
ولم أدقق فيه لأن الموقف بجملته وتفاصيله كان جديداً عليّ ..
حتى أنني كنت شبه المذهول .. بل لا أبالغ إذا قلت :
كأنني اليوم أعرف هذا العالم العجيب الذي اسمه ( الدين ) !!!
عندما تحقق دليلي في معرفة الحق ارتبطت مع المكان وأصحابه فلم أعد أفارقهم منذ أن وطئت قدمي هذا المكان الطاهر ..
فلا يمضي يوم إلا وأنا ـ وأعوذ بالله من الأنا ـ حاضر وموجود وأستمع للأخوة الأنصار وأتعلم منهم
لقد وضعتني هذه الدعوة وجهً لوجه مع (أنا) ولأول مرة أعيش هذه المواجهة المرة بكل تفاصيلها
ولأول مرة اكتشف بأنني كنت بعيداً عن فضاء الإنسانية بل لا حظ لي فيه إلا الشيء القليل القليل جداً وربما هذا القليل هو الذي جعل الله سبحانه يتفضل علي بمنه العظيم هذا
ولذا يصح أن يكون عنوان هذا الموضوع (هكذا عرفتني) وليس عرفته لأن أحمد الحسن(ع ) مرآة إلهية عظيمة استبان فيها غربة الإنسانية فينا .. واستبان فيها ضيعة الدين وغربته
وهو حقاً وصدقاً مائدة الله سبحانه الذي اكتشفنا عندها سقمنا وفقداننا للعافية ومنها وفيها
لقد كان أحمد الحسن (ع) رسالة الله سبحانه لعباده كي يوقظهم من رقدة الغفلة بالوقت الذي كانت فيه سكّين الدنيا تنوش رقابنا وتؤثر فيها ..
من ضمن اللقاءات التي منَّ بها الله سبحانه عليَّ كان لقاء في حسينية أنصار الإمام المهدي (ع )
في البصرة حيث دعوت أحد الأشخاص ممن كنت أعده صديقاً لي إلى هذه الدعوة المباركة وتوافق وجودنا في الحسينية مع وجود السيد أحمد الحسن (ع) ..
وجلس هذا الشخص قبال الإمام أحمد الحسن (ع)
وراح يسأل عدداً من الأسئلة والإمام (ع) يجيب بأريحية لا تليق إلا به سلام الله عليه ..
لأن أسئلة ذلك الشخص لم تكن لطلب الحق بقدر ما كانت لاختبار داعي الله (ع )
وأتذكر من ضمن تلك الأسئلة أنه سأله عن بعض الأسماء من علماء الغرب
فسأل الإمام(ع) عن العالم النفسي فرويد ..
فعبر الإمام(ع) عن امتعاضه من هذا الرجل
ثم سأله عن إنشتاين
فأجابه (ع) أن هذا الرجل يعترف بوحدة الوجود في نظريته ..
ثم سأله عن التطور والحاسوب والإنترنت وهذه الثورة التكنلوجية الهائلة
وموقف الإمام المهدي(ص) منها؟؟
فقال له الإمام (ع) : أسألك فأجبني بصراحة
هل استطاع كل هذا التطور الذي تراه من إنقاذ إمرأة وقعت في مستنقع الرذيلة
وسار بها في طريق الفضيلة ؟؟؟
فكان جواب هذا الشخص : لا
فقال له الإمام (ع) : إذن لا قيمة لكل هذا الذي تسميه تطوراً
ومما أتذكره من أسئلة هذا الشخص قوله للإمام (ع) :
هناك رين على قلبي يحجبني عن معرفة الحقيقة فما السبيل لإزالته ؟؟
فأجابه الإمام (ع) : هل لك أتباع ؟!
قال : لا
قال له : هل لديك منصباً كبيراً أو ... أو... ؟
أجاب : لا
فقال له الإمام (ع) : فأنت تحمل هم نفسك فقط
قال : نعم
قال له هل الرين الذي على قلبك أكبر أو الرين على قلب من له أتباع ؟
فهناك من كان له أتباع ولكنه لما عرف الحق ترك كل ذلك خلف ظهره والتحق بالحق .
لقد كان اللقاء طويلا ربما استمر أكثر من ساعة ونصف مع هذا الشخص ولكنني ..
ـ وأتحدث عن نفسي ـ كنت مذهولًا ولم أمتلك نفسي فالكثير من الأسئلة لم أتذكرها لأنني كنت أبكي وأنا أسمع إجابات الإمام (ع) والكثير من الأخوة الجالسين كانت دموعهم تسيل ..
أما ذاك السائل ما رقّ له قلب !!
(سبحان الله) سلام الله على نبي الله عيسى حيث قال :
(الذي من الله يسمع كلام الله)
لقد أحسست في تلك الليلة بحب للإمام (ع)
ما كنت أشعره لأحد سابقاً حتى أنني لما رأيته تأهب للخروج أسرعت إليه وعانقته وأنا أبكي وقلت له : مولاي ادعيلي ..
فضمني صلوات الله عليه وقال : الله يوفقك .
نعم لا يملك المرء وهو يلتقي الإمام (ع) إلا أن ينخلع قلبه ..
وأعتذر لأنني أتكلم بهذه اللغة التي ربما يصفها البعض بالعاطفية ولكن هذا ما أحسسته في ذاك الموقف
كان مهيبًا (ع ) .. على الرغم من البساطة التي كانت بادية عليه في الحركة والكلام وحتى في الملبس ..
والله ـ حقا وصدقا ـ من يلتقيه (ع ) يقول مع نفسه : يا حسرتاه على الإنسانية
فمن يرى السيد سلام الله عليه يعرف معنى الإنسانية وكيف يكون الإنسان ؟
لقد كانت اللقاءات به قليلة سلام الله عليه وخاصة في الحسينية
حيث بدأ فقهاء السوء وزبانيتهم يضيقون الخناق على السيد (ع)
وحرمونا لقاءه سلام الله عليه ..
ولكن على الرغم من ذلك منَّ الله سبحانه عليَّ وعلى عدد من الأخوة باللقاء به (ع)
في عدد من الأماكن وفي تلك اللقاءات لمسنا همه العظيم ..
وانشغاله بحال الأمة وما تعانيه ومدى انصرافها عما يحييها ..
وسعيها خلف فقهاء السوء الذين سيوصلونها إلى الهاوية
وكان في كل ذلك كجده رسول الله(ص) جاداً ومجداً في الدعاء للناس بالهداية على الرغم من الأذى الذي يلقاه من الناس والافتراءات بل والجرأة الغريبة !!!
أتذكر مرة أن أحد الناس وفق إلى لقاء السيد في الحسينية وكان هذا الرجل أخو أحد الأنصار
وطلب هذا الرجل حتى يصدق بالسيد ( ع) ودعوته من السيد(ع)
أن يقسم له بالقرآن على أنه وصي ورسول الإمام المهدي (ص)
فقال له السيد (ع) : قبل أن أقسم لك أروي لك هذه الحكاية
التقى نفر من أهل مكة بأعرابي في الصحراء فأخبروه بدعوة محمد (ص)
وما نزل عليه من كلمات الله سبحانه .. فطلب منهم الأعرابي أن يقرؤوا له ..
فقرؤوا له قول الله سبحانه :
فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ 23 . / الذاريات
فقال الأعرابي متعجباً ومستغرباً : أوَ جعلتموه يقسم ؟؟!!
وكان (ص) بهذه الحكاية أن يوصل رسالة لهذا الرجل ..
أن القسم عظيم ومحنة كبيره لهذا الرجل ..
ولكن الرجل أصّر إلا أن يقسم السيد(ع)
فقال له السيد(ع) : اذكر لي صيغة القسم التي تريدها أنت حتى أقسم لك ..
فقدموا القرآن للسيد (ع) وأقسم للرجل على أنه وصي ورسول الإمام المهدي عليه السلام ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله الذي هدانا للإمام أحمد الحسن(ص) وهدانا به ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحانه ، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة المهديين وسلم تسليما
مقاطع من هكذا عرفت الإمام احمد الحسن .
الأستاذ زكي الأنصاري
من البصرة
16/رجب المرجب/1431هـ ق
الموافق 29/حزيران/2010م
حكاية قَسَـم عظيم من حُسـينية ..
لم تكن الحسينية التي أخبر عنها الأخ غير سياج لم يرتفع بضعة سنتيمترات عن الأرض وغرفة نائية وكوم من الطابوق ومواد البناء الأخرى البسيطة
ومكان مصلى مفروش بالرمل .. وكان الوقت يقترب من القيظ
فعلى ما أتذكر لعل في هذه الجمعة أو في الجمعة الثانية كان إمام الجمعة
رجلا يرتدي كوفية وعقال كان طويلا وأسمر
وعندما دخلنا إلى الحسينية لفت نظري أنه كان يصلي بمفرده
وباقي الناس في الحسينية كل منشغل بأمر من الأمور
وذهبنا ودخلنا في تلك الغرفة التي كان فيها أحد المشايخ يتحدث عن الدعوة
وكان اسمه (شيخ حبيب) كان شخصاً بسيطاً ويتحدث بفطرية وتلقائية عجيبة
كأنه ليس من زمننا !!
عند الرؤية الأولى لأتباع هذه الدعوة تحقق في نفسي ما جعلني أتعلق بها
وهو عندما قلت لصديقي الأستاذ :
أنا بحسب ما أعرف أن هذا الأمر لابد أن يكون أناسه من البسطاء ..
لأنني أتذكر هرقل الروم عندما كان يسأل أبا سفيان (لع) عن أتباع محمد (ص) ..
هل هم من علية القوم أو هم من البسطاء؟؟
فكان جواب أبو سفيان :
بل من البسطاء والفقراء ممن لا يلتفت إليه
فأجابه هرقل : وكذلك أتباع الأنبياء
فهذه الجملة كانت دليلي في معرفة الحق ..
فالدعوة الحق لا يتبعها إلا البسطاء في بدايتها .. وهذه الدعوة في بدايتها
وكان الحال كما أخبر هرقل عن حال أتباع الأنبياء(ع)
وخاصة هذا الشيخ المتصدي للحديث
فتعلق قلبي بالمكان وبأهله .. ومن ذلك اليوم ما عدت أستطيع مفارقته
المهم ... صلينا الجمعة خلف هذا الرجل الأسمر الطويل .. وكان يمسك بيده مصحفاً
وكان كثير الإطراق إلى الأرض وهو يتحدث
وعندما يصل الحديث إلى سيرة أولئك المعممين كان يتحدث بشدة وبانفعال واضح ..
وخاصة عندما يذكر انحرافاتهم العقائدية والأخلاقية ..
لم أجد في نفسي دافعاً للسؤال عن إمام جمعتنا فهو لابد أن يكون من الأتباع فضلاً على أنه في خطبتيه كان بسيطاً كذلك وتلقائيا .. لم يكن يتكلف
ولم أدقق فيه لأن الموقف بجملته وتفاصيله كان جديداً عليّ ..
حتى أنني كنت شبه المذهول .. بل لا أبالغ إذا قلت :
كأنني اليوم أعرف هذا العالم العجيب الذي اسمه ( الدين ) !!!
عندما تحقق دليلي في معرفة الحق ارتبطت مع المكان وأصحابه فلم أعد أفارقهم منذ أن وطئت قدمي هذا المكان الطاهر ..
فلا يمضي يوم إلا وأنا ـ وأعوذ بالله من الأنا ـ حاضر وموجود وأستمع للأخوة الأنصار وأتعلم منهم
لقد وضعتني هذه الدعوة وجهً لوجه مع (أنا) ولأول مرة أعيش هذه المواجهة المرة بكل تفاصيلها
ولأول مرة اكتشف بأنني كنت بعيداً عن فضاء الإنسانية بل لا حظ لي فيه إلا الشيء القليل القليل جداً وربما هذا القليل هو الذي جعل الله سبحانه يتفضل علي بمنه العظيم هذا
ولذا يصح أن يكون عنوان هذا الموضوع (هكذا عرفتني) وليس عرفته لأن أحمد الحسن(ع ) مرآة إلهية عظيمة استبان فيها غربة الإنسانية فينا .. واستبان فيها ضيعة الدين وغربته
وهو حقاً وصدقاً مائدة الله سبحانه الذي اكتشفنا عندها سقمنا وفقداننا للعافية ومنها وفيها
لقد كان أحمد الحسن (ع) رسالة الله سبحانه لعباده كي يوقظهم من رقدة الغفلة بالوقت الذي كانت فيه سكّين الدنيا تنوش رقابنا وتؤثر فيها ..
من ضمن اللقاءات التي منَّ بها الله سبحانه عليَّ كان لقاء في حسينية أنصار الإمام المهدي (ع )
في البصرة حيث دعوت أحد الأشخاص ممن كنت أعده صديقاً لي إلى هذه الدعوة المباركة وتوافق وجودنا في الحسينية مع وجود السيد أحمد الحسن (ع) ..
وجلس هذا الشخص قبال الإمام أحمد الحسن (ع)
وراح يسأل عدداً من الأسئلة والإمام (ع) يجيب بأريحية لا تليق إلا به سلام الله عليه ..
لأن أسئلة ذلك الشخص لم تكن لطلب الحق بقدر ما كانت لاختبار داعي الله (ع )
وأتذكر من ضمن تلك الأسئلة أنه سأله عن بعض الأسماء من علماء الغرب
فسأل الإمام(ع) عن العالم النفسي فرويد ..
فعبر الإمام(ع) عن امتعاضه من هذا الرجل
ثم سأله عن إنشتاين
فأجابه (ع) أن هذا الرجل يعترف بوحدة الوجود في نظريته ..
ثم سأله عن التطور والحاسوب والإنترنت وهذه الثورة التكنلوجية الهائلة
وموقف الإمام المهدي(ص) منها؟؟
فقال له الإمام (ع) : أسألك فأجبني بصراحة
هل استطاع كل هذا التطور الذي تراه من إنقاذ إمرأة وقعت في مستنقع الرذيلة
وسار بها في طريق الفضيلة ؟؟؟
فكان جواب هذا الشخص : لا
فقال له الإمام (ع) : إذن لا قيمة لكل هذا الذي تسميه تطوراً
ومما أتذكره من أسئلة هذا الشخص قوله للإمام (ع) :
هناك رين على قلبي يحجبني عن معرفة الحقيقة فما السبيل لإزالته ؟؟
فأجابه الإمام (ع) : هل لك أتباع ؟!
قال : لا
قال له : هل لديك منصباً كبيراً أو ... أو... ؟
أجاب : لا
فقال له الإمام (ع) : فأنت تحمل هم نفسك فقط
قال : نعم
قال له هل الرين الذي على قلبك أكبر أو الرين على قلب من له أتباع ؟
فهناك من كان له أتباع ولكنه لما عرف الحق ترك كل ذلك خلف ظهره والتحق بالحق .
لقد كان اللقاء طويلا ربما استمر أكثر من ساعة ونصف مع هذا الشخص ولكنني ..
ـ وأتحدث عن نفسي ـ كنت مذهولًا ولم أمتلك نفسي فالكثير من الأسئلة لم أتذكرها لأنني كنت أبكي وأنا أسمع إجابات الإمام (ع) والكثير من الأخوة الجالسين كانت دموعهم تسيل ..
أما ذاك السائل ما رقّ له قلب !!
(سبحان الله) سلام الله على نبي الله عيسى حيث قال :
(الذي من الله يسمع كلام الله)
لقد أحسست في تلك الليلة بحب للإمام (ع)
ما كنت أشعره لأحد سابقاً حتى أنني لما رأيته تأهب للخروج أسرعت إليه وعانقته وأنا أبكي وقلت له : مولاي ادعيلي ..
فضمني صلوات الله عليه وقال : الله يوفقك .
نعم لا يملك المرء وهو يلتقي الإمام (ع) إلا أن ينخلع قلبه ..
وأعتذر لأنني أتكلم بهذه اللغة التي ربما يصفها البعض بالعاطفية ولكن هذا ما أحسسته في ذاك الموقف
كان مهيبًا (ع ) .. على الرغم من البساطة التي كانت بادية عليه في الحركة والكلام وحتى في الملبس ..
والله ـ حقا وصدقا ـ من يلتقيه (ع ) يقول مع نفسه : يا حسرتاه على الإنسانية
فمن يرى السيد سلام الله عليه يعرف معنى الإنسانية وكيف يكون الإنسان ؟
لقد كانت اللقاءات به قليلة سلام الله عليه وخاصة في الحسينية
حيث بدأ فقهاء السوء وزبانيتهم يضيقون الخناق على السيد (ع)
وحرمونا لقاءه سلام الله عليه ..
ولكن على الرغم من ذلك منَّ الله سبحانه عليَّ وعلى عدد من الأخوة باللقاء به (ع)
في عدد من الأماكن وفي تلك اللقاءات لمسنا همه العظيم ..
وانشغاله بحال الأمة وما تعانيه ومدى انصرافها عما يحييها ..
وسعيها خلف فقهاء السوء الذين سيوصلونها إلى الهاوية
وكان في كل ذلك كجده رسول الله(ص) جاداً ومجداً في الدعاء للناس بالهداية على الرغم من الأذى الذي يلقاه من الناس والافتراءات بل والجرأة الغريبة !!!
أتذكر مرة أن أحد الناس وفق إلى لقاء السيد في الحسينية وكان هذا الرجل أخو أحد الأنصار
وطلب هذا الرجل حتى يصدق بالسيد ( ع) ودعوته من السيد(ع)
أن يقسم له بالقرآن على أنه وصي ورسول الإمام المهدي (ص)
فقال له السيد (ع) : قبل أن أقسم لك أروي لك هذه الحكاية
التقى نفر من أهل مكة بأعرابي في الصحراء فأخبروه بدعوة محمد (ص)
وما نزل عليه من كلمات الله سبحانه .. فطلب منهم الأعرابي أن يقرؤوا له ..
فقرؤوا له قول الله سبحانه :
فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ 23 . / الذاريات
فقال الأعرابي متعجباً ومستغرباً : أوَ جعلتموه يقسم ؟؟!!
وكان (ص) بهذه الحكاية أن يوصل رسالة لهذا الرجل ..
أن القسم عظيم ومحنة كبيره لهذا الرجل ..
ولكن الرجل أصّر إلا أن يقسم السيد(ع)
فقال له السيد(ع) : اذكر لي صيغة القسم التي تريدها أنت حتى أقسم لك ..
فقدموا القرآن للسيد (ع) وأقسم للرجل على أنه وصي ورسول الإمام المهدي عليه السلام ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله الذي هدانا للإمام أحمد الحسن(ص) وهدانا به ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحانه ، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة المهديين وسلم تسليما
مقاطع من هكذا عرفت الإمام احمد الحسن .
الأستاذ زكي الأنصاري
من البصرة
16/رجب المرجب/1431هـ ق
الموافق 29/حزيران/2010م
Comment