بسم الله الرحمن الرحيم
ولاحول لاقوة الا بالله العلي العظيم
وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
هذه ومضات من حياة الرسول الأكرم ص
انزلها على ثلاث حلقات ..
الرسول الأعظم وحيدا شريدا
عام الحزن
قال الشيخ الأبطح * لعائديه من قريش :
« لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمدٍ واتبعتم أمره ، فأطيعوه تنالوا السعادة في دنياكم وآخرتكم » ..
كانت هذه الكلمات الرحيمة تتهدل بين شفتي أبي طالب ـ عمّ الرسول وكافله ـ وهو يُزمعُ الرحيل عن هذه الدنيا ، فقد إشتد به المرض بعد أن تخطّى الثمانين من عمره واثقلت الهموم كاهله ، وبينما كان النبي (ص) خارجاً لبعض حوائجه ، إذا بالناعي ينعى له عمه.
أقبل النبي مسرعاً نحو البيت الذي فيه عمه أبو طالب حتى إذا وصل إليه مسح جبينه الأيمن ثم مسح الأيسر ـ كما كان هو يمسح جبين النبي ـ ثم رثاه بهذه الكلمات :
« رحمك الله يا عم ، ربيت صغيراً وكفلتَ يتيماً ، ونصرتَ كبيراً ، فجزاك الله عني وعن الإسلام خير جزاء العاملين المجاهدينَ في سبيله بأموالهم وأنفسهم ». ثم بكى وأبكى من كان حول عمه أبي طالب.
أبو طالب ، هذا الذي لم يترك النصح والنصرة لابن أخيه حتى آخر لحظةٍ من لحظات حياته ، ترك غيابه فراغاً في حياة النبي (ص) ترجمته لنا دموع النبي ، وأفصح عنه حزنه وأساه عليه.
وما مضت أيام على موت أبي طالب ، حتى واجه النبي مصيبةً أخرى ليست بأقل من مصابه بعمه ، فها هي خديجة أيضاً تحتظر ! خديجة التي بذلت مالها وحياتها في نصرة محمد وانجاح رسالته .. صاحبة اليد الكريمة التي كانت تمسح دموع محمد وآلامه وأحزانه .. هذه اليد بدأت ترتعد من وطأة المرض أيضاً .. وماتت خديجة ! بذلك فقد محمد (ص) عمه الذي رباه ونصره وضحى لأجله خلال أربعين عاماً أو تزيد ، كما فقد زوجته التي بذلت له مالها وواسته في جميع الخطوب ، والتي كانت تود أن تتحمل عن كل شيء ليسلم لرسالته.
هاتان الفاجعتان الأليمتان في أيام معدودات ، كل واحدة منهما على انفرادها تكفي لأن تترك أقوى النفوس كليمة مضعضعة ! فكيف وقد اجتمعتا على محمد (ص) في عام واحد ! لذلك ، فقد سمي هذا العام بعام « الحزن ».
ووجدت قريش في موت أبي طالبٍ وخديجة ثغرةً واسعة يمكن معها النيل من محمد ومضايقته ومطاردته ، فأبو طالب كان الدرع الواقي والحصن الحصين للنبي ، وقريش مهما بلغ بها التعسف والحقد فإنها لن تستطيع الوصول إلى محمدٍ وأبو طالب حيّ ، أما الآن فقد هوى ذلك الحصن ، بل بالأحرى ذلك العملاق ، وبقي محمدّ وحده في الساحة معه لفيف من الدهماء وبعض العبيد ، وقليل من بني هاشم ليسوا بذات أثر في نظر قريش ! لذلك فقد جدت قريش في إيذائه والتنكيل بأصحابه ، وكان من أيسر أنواع الأذى الذي أنزلته به ـ بعد فقد عمه ـ أن مر عليه أحد سفهاء قريش ، فاغترف بكلتا يديه من التراب والأوساخ ، وألقاها على
وجهه ورأسه.
فدخل بيته وهو بهذه الحالة ، فقامت إليه ابنته فاطمة وكانت أصغر بناته ـ وهي حديثة عهد بفاجعة أمها خديجة ـ فجعلت تغسل رأسه وتميط عنه التراب وتبكي ، فالتفت اليها ومسح رأسها بكلتا يديه وقال لها : لا تبكي يا بنية فإن الله مانع آباك وناصره على أعداء دينه ورسالته.
لقد كان هذا العام عام الحزن والأذى والأسى ، إلا أنه كان إيذاناً بمرحلةٍ انتقالية جديدة في حياة الرسول والرسالة. تلك هي مرحلة الإنتقال من الدعوة إلى الدولة.
الحلقة القادمة النبي الأعظم يطلب النصرة من القبائل
المصدر
المقداد ابن الأسود الكندي أوّل فارس في الإسلام
ولاحول لاقوة الا بالله العلي العظيم
وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
هذه ومضات من حياة الرسول الأكرم ص
انزلها على ثلاث حلقات ..
الرسول الأعظم وحيدا شريدا
عام الحزن
قال الشيخ الأبطح * لعائديه من قريش :
« لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمدٍ واتبعتم أمره ، فأطيعوه تنالوا السعادة في دنياكم وآخرتكم » ..
كانت هذه الكلمات الرحيمة تتهدل بين شفتي أبي طالب ـ عمّ الرسول وكافله ـ وهو يُزمعُ الرحيل عن هذه الدنيا ، فقد إشتد به المرض بعد أن تخطّى الثمانين من عمره واثقلت الهموم كاهله ، وبينما كان النبي (ص) خارجاً لبعض حوائجه ، إذا بالناعي ينعى له عمه.
أقبل النبي مسرعاً نحو البيت الذي فيه عمه أبو طالب حتى إذا وصل إليه مسح جبينه الأيمن ثم مسح الأيسر ـ كما كان هو يمسح جبين النبي ـ ثم رثاه بهذه الكلمات :
« رحمك الله يا عم ، ربيت صغيراً وكفلتَ يتيماً ، ونصرتَ كبيراً ، فجزاك الله عني وعن الإسلام خير جزاء العاملين المجاهدينَ في سبيله بأموالهم وأنفسهم ». ثم بكى وأبكى من كان حول عمه أبي طالب.
أبو طالب ، هذا الذي لم يترك النصح والنصرة لابن أخيه حتى آخر لحظةٍ من لحظات حياته ، ترك غيابه فراغاً في حياة النبي (ص) ترجمته لنا دموع النبي ، وأفصح عنه حزنه وأساه عليه.
وما مضت أيام على موت أبي طالب ، حتى واجه النبي مصيبةً أخرى ليست بأقل من مصابه بعمه ، فها هي خديجة أيضاً تحتظر ! خديجة التي بذلت مالها وحياتها في نصرة محمد وانجاح رسالته .. صاحبة اليد الكريمة التي كانت تمسح دموع محمد وآلامه وأحزانه .. هذه اليد بدأت ترتعد من وطأة المرض أيضاً .. وماتت خديجة ! بذلك فقد محمد (ص) عمه الذي رباه ونصره وضحى لأجله خلال أربعين عاماً أو تزيد ، كما فقد زوجته التي بذلت له مالها وواسته في جميع الخطوب ، والتي كانت تود أن تتحمل عن كل شيء ليسلم لرسالته.
هاتان الفاجعتان الأليمتان في أيام معدودات ، كل واحدة منهما على انفرادها تكفي لأن تترك أقوى النفوس كليمة مضعضعة ! فكيف وقد اجتمعتا على محمد (ص) في عام واحد ! لذلك ، فقد سمي هذا العام بعام « الحزن ».
ووجدت قريش في موت أبي طالبٍ وخديجة ثغرةً واسعة يمكن معها النيل من محمد ومضايقته ومطاردته ، فأبو طالب كان الدرع الواقي والحصن الحصين للنبي ، وقريش مهما بلغ بها التعسف والحقد فإنها لن تستطيع الوصول إلى محمدٍ وأبو طالب حيّ ، أما الآن فقد هوى ذلك الحصن ، بل بالأحرى ذلك العملاق ، وبقي محمدّ وحده في الساحة معه لفيف من الدهماء وبعض العبيد ، وقليل من بني هاشم ليسوا بذات أثر في نظر قريش ! لذلك فقد جدت قريش في إيذائه والتنكيل بأصحابه ، وكان من أيسر أنواع الأذى الذي أنزلته به ـ بعد فقد عمه ـ أن مر عليه أحد سفهاء قريش ، فاغترف بكلتا يديه من التراب والأوساخ ، وألقاها على
وجهه ورأسه.
فدخل بيته وهو بهذه الحالة ، فقامت إليه ابنته فاطمة وكانت أصغر بناته ـ وهي حديثة عهد بفاجعة أمها خديجة ـ فجعلت تغسل رأسه وتميط عنه التراب وتبكي ، فالتفت اليها ومسح رأسها بكلتا يديه وقال لها : لا تبكي يا بنية فإن الله مانع آباك وناصره على أعداء دينه ورسالته.
لقد كان هذا العام عام الحزن والأذى والأسى ، إلا أنه كان إيذاناً بمرحلةٍ انتقالية جديدة في حياة الرسول والرسالة. تلك هي مرحلة الإنتقال من الدعوة إلى الدولة.
الحلقة القادمة النبي الأعظم يطلب النصرة من القبائل
المصدر
المقداد ابن الأسود الكندي أوّل فارس في الإسلام
Comment