جاء في قِصّة البراءة وقد دَفَعها النبيُّ صلّى الله عليه وآله الى أبي بكر لينْبذَ بها عَهْدَ المشركين ، فلمّا سار غير بعيدِ نَزَل جبرئيل عليه السلامَ على النبي صلّى الله عليه وآله فقال له : إنّ الله يقُرِئُك السلام ، ويقولُ لك : لا يُؤدِّي عنك إلاّّ أنت أو رجلٌ منك . فاستدعى رسولُ الله صلّى اللة عليه وآله عليّاً عليه السلام وقال له : «ارْكَبْ ناقتي العَضْباء والْحَقْ أبا بكر فخُذْ براءة من يده ، وامضِ بها إلى َمكة، فانْبِذْ عهدَ المشركين إليهم ، وخَيّرأبا بكر بينَ أن يَسيرمع رِكابك ، أو يَرْجِعَ إليّ» .
فرَكِب أميرُ المؤمنين عليه السلام ناقَةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله العَضْباء، وسارحتّى لَحِقَ أبا بكر، فلمّا رآه فَزِغَ من لحوقه به ، واستقبله وقال : فيمَ جئتَ يا أبا الحسن ؟ أسائرٌ معي أنت ، أم لغير ذلك ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ رسولَ اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمَرَني أن ألْحَقَك فاقْبضَ منك الآياتِ من براءة، وأنْبِذَ بها عهدَ المشركين إليهم ، وأمَرَني أَن أخَيِّرك بين أن تَسير معي ، أو تَرْجِع إليه» .
فقال : بل أرجعُ إليه ، وعاد إلى النبي صلّى اللّه عليه واله ، فلما دَخَلَ عليه قال : يا رسول اللّه ، إنّك أهّلْتَني لأمرٍ طالت الأعناقُ فيه إليّ، فلما توجّهتُ له رددتَني عنه ، ما لي ، أنزل فيّ قرآنٌ ؟ .
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : «لا، ولكنَّ الأمينُ هَبَطَ إليّ عن اللّه جلّ جلاله بأنّه لا يُؤَدّي عنكَ إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك ، وعليٌّ منّي ، ولايؤَدّي عَنّي إلاّ عليّ» في حديث مشهور(1) .
فكان نَبْذُ العهد مختصّاً بمن عَقَدَه ، أو بمن يَقوم مقامَه في فرض الطاعة ، وجلالةِ القدر، وعُلوِّ الرتبة ، وشرفِ المقام ، ومن لا يُرتابُ بفعاله ، ولا يُعْتَرَضُ في مَقاله ، ومن هو كنفس العاقد، وأمرُه أمره ، فإذا حكم بحكم مَضى واستقر به ،وأمِنَ الاعتراضُ فيه . وكان بنبذ العهد قوّةُ الإسلام ، وكمالُ الدين ، وصلاحُ أمر المسلمين ، وتمام فتح مكّة ، واتّساق أحوال الصلاح ، فأحبّ اللّه تعالى أن يَجْعَلَ ذلك على يد من ينوه اسمه ، ويُعْلِي ذكرَه ، ويُنَبّه على فضله ، ويَدُلّ على علوّ قدره ، ويبُيِنُه به ممّن سواه ، فكان ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .
(ولم يكن ) لأحد من القوم فضلٌ يقاربُ الفضلَ الذي وصفناه ، ولا شَرِكَه فيه أحدٌ منهم على ما بيّناه .وأمثالُ ما عددناه كثيرٌ ، إن عَمِلنا على إيراده طال به الكتاب ، واتسع به الخطاب ، وفيما أثبتناه منه في الغرض الذي قصدناه كفايةٌ لذوي الألباب .
_________
(1) انظر-على سبيل المثال لا الحصر : تاريخ اليعقوبي 2 : 76، سيرة ابن هشام 4 : 190، مسند أحمد 1 : 3 ، المستدرك على الصحيحين 3 : 51 ، جامع البيان للطبري 10 : 46 ، الدر المنثور 3 : 209 ، تاريخ دمشق
ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام - 2 : 376 - 0 39 ، كنز العمال 2 : 7 1 4 .
فرَكِب أميرُ المؤمنين عليه السلام ناقَةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله العَضْباء، وسارحتّى لَحِقَ أبا بكر، فلمّا رآه فَزِغَ من لحوقه به ، واستقبله وقال : فيمَ جئتَ يا أبا الحسن ؟ أسائرٌ معي أنت ، أم لغير ذلك ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ رسولَ اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمَرَني أن ألْحَقَك فاقْبضَ منك الآياتِ من براءة، وأنْبِذَ بها عهدَ المشركين إليهم ، وأمَرَني أَن أخَيِّرك بين أن تَسير معي ، أو تَرْجِع إليه» .
فقال : بل أرجعُ إليه ، وعاد إلى النبي صلّى اللّه عليه واله ، فلما دَخَلَ عليه قال : يا رسول اللّه ، إنّك أهّلْتَني لأمرٍ طالت الأعناقُ فيه إليّ، فلما توجّهتُ له رددتَني عنه ، ما لي ، أنزل فيّ قرآنٌ ؟ .
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : «لا، ولكنَّ الأمينُ هَبَطَ إليّ عن اللّه جلّ جلاله بأنّه لا يُؤَدّي عنكَ إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك ، وعليٌّ منّي ، ولايؤَدّي عَنّي إلاّ عليّ» في حديث مشهور(1) .
فكان نَبْذُ العهد مختصّاً بمن عَقَدَه ، أو بمن يَقوم مقامَه في فرض الطاعة ، وجلالةِ القدر، وعُلوِّ الرتبة ، وشرفِ المقام ، ومن لا يُرتابُ بفعاله ، ولا يُعْتَرَضُ في مَقاله ، ومن هو كنفس العاقد، وأمرُه أمره ، فإذا حكم بحكم مَضى واستقر به ،وأمِنَ الاعتراضُ فيه . وكان بنبذ العهد قوّةُ الإسلام ، وكمالُ الدين ، وصلاحُ أمر المسلمين ، وتمام فتح مكّة ، واتّساق أحوال الصلاح ، فأحبّ اللّه تعالى أن يَجْعَلَ ذلك على يد من ينوه اسمه ، ويُعْلِي ذكرَه ، ويُنَبّه على فضله ، ويَدُلّ على علوّ قدره ، ويبُيِنُه به ممّن سواه ، فكان ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .
(ولم يكن ) لأحد من القوم فضلٌ يقاربُ الفضلَ الذي وصفناه ، ولا شَرِكَه فيه أحدٌ منهم على ما بيّناه .وأمثالُ ما عددناه كثيرٌ ، إن عَمِلنا على إيراده طال به الكتاب ، واتسع به الخطاب ، وفيما أثبتناه منه في الغرض الذي قصدناه كفايةٌ لذوي الألباب .
_________
(1) انظر-على سبيل المثال لا الحصر : تاريخ اليعقوبي 2 : 76، سيرة ابن هشام 4 : 190، مسند أحمد 1 : 3 ، المستدرك على الصحيحين 3 : 51 ، جامع البيان للطبري 10 : 46 ، الدر المنثور 3 : 209 ، تاريخ دمشق
ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام - 2 : 376 - 0 39 ، كنز العمال 2 : 7 1 4 .