فما ورد عن أئمة الهدى والنور
الإمام الباقر عليه السلام في ليلة القدر :
" لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن إنا أنزلناه ،
ولكل شيء كنز وكنز القرآن إنا أنزلناه ،
ولكل شيء عون وعون الضعفاء إنا أنزلناه
ولكل شيء يسر ويسر المعسرين إنا أنزلناه ،
ولكل شيء عصمة وعصمة المؤمنين إنا أنزلناه ،
ولكل شيء هدى وهدى الصالحين إنا أنزلناه ،
ولكل شيء سيد وسيد القرآن إنا أنزلناه ،
ولكل شيء زينة وزينة القرآن إنا أنزلناه ،
ولكل شيء فسطاط وفسطاط المتعبدين إنا أنزلناه ،
ولكل شيء بشرى وبشرى البرايا إنا أنزلناه ،
ولكل شيء حجة والحجة بعد النبي في إنا أنزلناه فآمنوا بها قيل :
وما الإيمان بها ؟ قال : إنها تكون في كل سنة وكل ما ينزل فيها حق .
وعنه عليه السلام : "
هي نعم رفيق المرء : بها يقضي دينه ، ويعظم دينه ، ويظهر فلجه ، ويطول عمره ، ويحسن حاله ، ومن كانت أكثر كلامه لقي الله تعالى صديقا شهيدا . "
ـ بحار الأنوار ج85 ـ
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلجوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا ب " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله،
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله عز وجل في ليلة القدر " فيها يفرق كل أمر حكيم " يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين، إنما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عزوجل، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأي أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عزوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر، ثم قرأ: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيما.
وعنه عليه السلام أيضاً في رواية:
لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل، و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبوجعفر عليه السلام: من أنكره فليس منا.
وعنه عليه السلام أيضاً:
فضل إيمان المؤمن بحمله " إنا أنزلنا " وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم
ـ الكافي الشريف ج1 , كتاب الحجة, باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرهاـ
و عن يعقوب ، سمعت رجلاً يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن ليلة القدر ؟ فقال : أخبرني عن ليلة القدر ، كانت أو تكون في كل عام ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن .
ـ الكافي والفقيه وعلل الشرائع ـ
ولأن الأمر صعب مستصعب
نزيد في بيان الحجة والدليل والبرهان على ما قدمناه
الإسلام وخاتم النبيين والمرسلين
نبينا ورسولنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خاتم النبيين والمرسلين, ورسالته خاتمة رسالات رب العالمين (القرآن والفرقان العظيم), إلى الناس أجمعين, فلا نبي مرسل من بعده, ولا رسالة سماوية من بعد رسالته الخاتمة.
أما الإسلام
فهو وحي السماء المستمر نزوله على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بتفسير وبيان للقرآن, وبيان أحكامه وتعاليمه وشرائعه, لكل زمان ومكان, أي بتعاليم وشرائع وأحكام السماء وإقامة دولته وحكمه ونظامه, وبما يريه الله عز وجل .. "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ", "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ", بيانه في ليلة القدر فقد قضى الله عز وجل أن يكون في كل سنة ليلة (ليلة القدر) يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة ... وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد ... وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ " إنا أنزلناه " بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: لما رأت عيني ووعى قلبي .. هل بقي شئ بعد قوله عزوجل: " كل أمر " فيقولان: لا..
فليلة القدر وما ينزل فيها باستمرار تعني الشيء الكثير لاستمرارية نزول أمر وتعاليم وأحكام الإسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإقامة دولته وحكمه ونظامه.
والسؤال الفيصل يأتي بعد قليل
هكذا كان الإسلام وطريقته, واستمرارية نزول تعاليمه وشرائعه وأحكامه, وإقامة دولته وحكمه ونظامه, على عهد النبوة .. فهل انتهى هذا الأمر وتوقف بمجرد رحيل النبوة, أم أنه مستمر وإلى أن تقوم الساعة؟
أقول:
ومن الذي يجيبنا على ذلك غير كتاب الله عز وجل وقرآنه, والراسخون في العلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام), وقد قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي, أحدهما أعظم من الأخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض, وعترتي أهل بيتي, ولن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض, فانظروا كيف تخلفوني فيهما".
ـ صحيح الترمذي, ومسند أحمد ـ
القرآن المنزل من لدن حكيم خبير قطع باستمرارية الأمر بعد رحيل النبوة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وهذا أمر يترتب عليه ثوابت ومعالم, وأركان وأصول لهذا الدين, ومنكرها يكون خارج على الدين نفسه, ومتمرداً على أمر الله عز وجل.
الدليل والحجة البالغة
ـ والدليل الأول في سورة "إنا أنزلناه" وهو قول الله عز وجل" تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ", النص القرآني يقطع باستمرارية ليلة القدر من بعد النبوة , واستمرارية نزول الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر.
ـ والدليل الثاني في سورة الدخان, وهو قول الله عز وجل " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ", النص القرآني يقطع باستمرارية ليلة القدر, وأنه ينزل فيها كل شيء يكون في تلك السنة.
وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في شرحه وتفسيره للآيتين الكريمتين, نذكر منه حسب الحاجة:
ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك بنبأه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ولقال: نزلت الملائكة وفرق كل أمر حكيم ولم يقل: تنزل الملائكة ويفرق كل أمر حكيم " .
ـ الاحتجاج للطبرسي ـ
قال الإمام الصادق عليه السلام:
" للقرآن تأويل يجري كما يجري الليل والنهار, وكما تجري الشمس والقمر, فإذا جاء تأويل شيء منه وقع, فمنه ما قد جاء, ومنه ما لم يجىء".
ـ الغيبة للنعماني ـ
فمن هم أصحاب هذا ألأمر الذي ينزل في كل ليلة قدر من بعد النبوة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
لقد تم ذكر نزول الأمر أولاً في سورة القدر والدخان, ثم أمرنا الله عز وجل بطاعة أصحابه في آية أولي الأمر بقوله عز وجل " أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ " .. وتم ذكرهم بأنهم الأئمة الذين يوحى إليهم في سورة الأنبياء في قول الله عز وجل " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ " ـ الأنبياء 73 –
عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير هذه الآية الكريمة :
يعني الأئمة من ولد فاطمة عليها السلام يوحى إليهم بالروح في صدورهم ، ثم ذكر ما أكرمهم الله به فقال : فعل الخيرات .
- البرهان في تفسير القرآن –
وعنه أيضاً عليه السلام, قال له المفضل:
جعلت فداك : يفرض الله طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر
السماء؟
قال عليه السلام: لا الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحاً ومساءً .
ـ الكافي ج 1 ص 261ـ
وورد في حديث للإمام الصادق عليه السلام عن الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام قال:
..ثم قال: في بعض كتابه: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " في " إنا أنزلناه في ليلة القدر " وقال في بعض كتابه: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " يقول في الآية الأولى: إن محمدا حين يموت، يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله فهذه فتنة أصابتهم خاصة، وبها ارتدوا على أعقابهم، لأنه إن قالوا: لم تذهب، فلابد أن يكون لله عزوجل فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد.
ـ الكافي ج1ـ
وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله عزوجل علمه ..
ـ الكافي ج1ـ
وكما أن الأمر لابد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض, لابد له من صاحب, من إمام مستحفظ له, سواء كان حاضراً أو غائباً, ممكناً أو مطارداً, والإمام عليه السلام في مثل زماننا الحاضر غائباً بالإسلام ـ المستمر نزوله عليه ـ عن الأنظار, ولم يبق لنا منه إلا بعض آثاره وثوابته وواضحاته, فأنى لهؤلاء وهؤلاء وغيرهم أن يرفعوا على مذاهبهم عنوان الإسلام, وما هي من الإسلام في شيء, وما هي إلا الدين المبدّل, والتلون في الدين, والدخول فيه بالرجال, وعبادة الأحبار والرهبان .
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
" فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الأمة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور و اختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات وترك محكمات حتى تنسلخ من الإسلام و تدخل في العمى والتلدد والتكسع"
ــ بحار الأنوار ـ
السلام على محيي السنن ومميت البدع وشارعة الفتن والظلال
Comment