بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد ال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كتاب الغيبة للشيـخ الطوسي موجود :
أخبرني جماعة عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن المطلب رحمه الله قال حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني قال أخبرنا علي بن الحارث عن سعد بن المنصور الجواشني قال أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال أخبرني أبي عن سدير الصيرفي : قال دخلت أنا والمفضل بن عمر وداود بن كثير الرقي وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا الصادق عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطرف بلا جيب مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى ذات الكبد الحري قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضيه وأبلى الدمع محجريه وهو يقول سيدي غيبتك نفت رقادي وضيقت على مهادي وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصائبي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد بفناء الجمع والعدد فما أحس بدمعة ترقأ من عيني وأنين يفشا من صدري قال سدير فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل فظننا أنه سمت لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله عينيك يا ابن خير الورى من أية حادثة تستذرف دمعتك وتستمطر عبرتك وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم قال فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه فقال ويكم إني نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه السلام وتأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينه وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله عز وجل (وكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان فقلنا يا ابن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك قال إن الله تعالى ذكره أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر عليه السلام دليلا على عمره فقلنا اكشف لنا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وجوه هذه المعاني قال أما مولد موسى عليه السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة فدلوا على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرون ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تعالى إياه كذلك بنو أمية وبنو العباس لما أن وقفوا على أن به زوال مملكة الأمراء والجبابرة منهم على يدي القائم منا ناصبونا للعداوة ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون وأما غيبة عيسى عليه السلام فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله عز وجل بقوله (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها فمن قائل يقول إنه لم يولد وقائل يفتري بقوله إنه ولد ومات وقائل يكفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا وقائل يعصي الله بدعواه أن روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره وأما إبطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل العقوبة من السماء بعث الله إليه جبرئيل عليه السلام معه سبع نويات فقال يا نبي الله إن الله جل اسمه يقول لك إن هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه واغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص وبشر بذلك من تبعك من المؤمنين فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزها الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره الله تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في عدته خلف ثم إن الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرة أن يغرس تارة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا الأمر للايمان من
وأما العبد الصالح أعني الخضر عليه السلام فإن الله تعالى ما طول عمره لنبوة قررها له ولا لكتاب نزل عليه ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء عليه السلام ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ولا لطاعة يفرضها بلى إن الله تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدره وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد ال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كتاب الغيبة للشيـخ الطوسي موجود :
أخبرني جماعة عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن المطلب رحمه الله قال حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني قال أخبرنا علي بن الحارث عن سعد بن المنصور الجواشني قال أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال أخبرني أبي عن سدير الصيرفي : قال دخلت أنا والمفضل بن عمر وداود بن كثير الرقي وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا الصادق عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطرف بلا جيب مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى ذات الكبد الحري قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضيه وأبلى الدمع محجريه وهو يقول سيدي غيبتك نفت رقادي وضيقت على مهادي وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصائبي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد بفناء الجمع والعدد فما أحس بدمعة ترقأ من عيني وأنين يفشا من صدري قال سدير فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل فظننا أنه سمت لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله عينيك يا ابن خير الورى من أية حادثة تستذرف دمعتك وتستمطر عبرتك وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم قال فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه فقال ويكم إني نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه السلام وتأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينه وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله عز وجل (وكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان فقلنا يا ابن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك قال إن الله تعالى ذكره أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر عليه السلام دليلا على عمره فقلنا اكشف لنا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وجوه هذه المعاني قال أما مولد موسى عليه السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة فدلوا على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرون ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تعالى إياه كذلك بنو أمية وبنو العباس لما أن وقفوا على أن به زوال مملكة الأمراء والجبابرة منهم على يدي القائم منا ناصبونا للعداوة ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون وأما غيبة عيسى عليه السلام فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله عز وجل بقوله (وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها فمن قائل يقول إنه لم يولد وقائل يفتري بقوله إنه ولد ومات وقائل يكفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا وقائل يعصي الله بدعواه أن روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره وأما إبطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل العقوبة من السماء بعث الله إليه جبرئيل عليه السلام معه سبع نويات فقال يا نبي الله إن الله جل اسمه يقول لك إن هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه واغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص وبشر بذلك من تبعك من المؤمنين فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزها الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره الله تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في عدته خلف ثم إن الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرة أن يغرس تارة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا الأمر للايمان من
وأما العبد الصالح أعني الخضر عليه السلام فإن الله تعالى ما طول عمره لنبوة قررها له ولا لكتاب نزل عليه ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء عليه السلام ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ولا لطاعة يفرضها بلى إن الله تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدره وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة
Comment