معنى المحاسبة: (أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل).
محاسبة النفس كل يوم
أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) أبا ذر فقال: (يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غداً، وزن نفسك قبل أن تُوزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية). وقال (صلى الله عليه وآله): (يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمِن حلال أو من حرام. يا أبا ذر من لم يُبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أين أدخله النار).
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ابن آدم إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وما كانت المحاسبة من همك، ابن آدم إنك ميت، ومبعوث، وموقوف بين يدي الله فأعدَّ جواباً).
ومن فوائد محاسبة النفس إنها تعرِّف الإنسان بنعمة الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله ويحذر من التعرض لأسباب زوالها قال تعالى ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [إبراهيم:7].
فبداية المحاسبه أن يقيس العبد ويوازن بين نعم الله عليه من عافية وأمن وستر وغنى وبين ذنوبه فحينئذٍ يظهر التفاوت فيعلم العبد أن ليس له إلا عفوالله ورحمته أوالهلاك
حاسبت نفسي لم أجد لي *** صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد *** في الأمر إلا خفة الميزان
وبهذه المقايسة والمحاسبة يعلم العبد أن الرب رب بكرمه وعفوه وجبروته وعظمته وأن العبد عبد بذله وضعفه وفقره وعجزه وأن كل نعمة من الله فضل وكل نقمة منه عدل .
وبهذه المحاسبة يسيء العبد الظن بنفسه لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال الصلاح والتقوى فيرى المساوىء محاسن والعيوب كمالاً
فعين الرضى عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها.
فهذا صله بن أشيم يقول أحد أصحابه كنت أسمعه يقول بعد صلاة الفجر في دعاءه
(اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ومثلي لايستحق أن يطلب الجنة )
وكلما عرف الأنسان ربه حق المعرفة عرف أن ما معه من البضاعة والطاعة مهما عظمت وكبرت وزادت لاتساوي شيء ولوجاء بعمل كاالجبال لأنه أمام رب سريع الحساب.