بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا
هل تعلمون ماذا فعل الحسد بصاحبه ؟
كان أيام موسى الهادي ببغداد رجل من أهل النعمة ، وكان له جار في دون حاله ، وكان يحسده ، ويسعى بكل مكروه يمكنه ، ولا يقدر عليه .
فلما طال عليه أمره ، وجعلت الأيام لا تزيده إلا غيظا ، اشترى غلاما صغيرا فرباه وأحسن إليه ، فلما شب الغلام واشتد وقوي عصبه .
قال له مولاه : يا بني ، إني أريدك لامر من الأمور جسيم ، فليت شعري ، كيف لي أنت عند ذلك ؟
قال : كيف يكون العبد لمولاه ، والمنعم عليه المحسن إليه . والله - يا مولاي - لو علمت أن رضاك في أن أتقحم في النار لرميت نفسي فيها ، ولو علمت أن رضاك في أن أغرق نفسي في لجة البحر لفعلت ذاك ، وعدد عليه أشياء .
فسر بذلك من قوله ، وضمه إلى صدره ، وأكب عليه يترشفه ويقبله ، وقال : أرجو أن تكون ممن يصلح لما أريد . قال : يا مولاي ، إن رأيت أن تمن على عبدك فتخبره بعزمك هذا ليعرفه ، وبضم عليه جوانحه ،
قال : لم يأن ذلك بعد ، إذا كان فأنت موضع سري ، ومستودع أمانتي . فتركه سنة ، فدعاه ، فقال : أي بني ، قد أردتك للامر الذي كنت أرشحك له .
قال له : يا مولاي مرني بما شئت ، فوالله لا تزيدني الأيام إلا طاعة لك .
قال . إن جاري فلانا قد بلغ مني مبلغا أحب أن أقتله .
قال . فأنا أفتك به الساعة .
قال . لا أريد هذا ، وأخاف أن لا يمكنك ، وإن أمكنك ذلك أحالوا ذلك علي . ولكني دبرت أن تقتلني أنت وتطرحني على سطحه ، فيؤخذ ويقتل بي .
فقال له الغلام : أتطيب نفسك بنفسك ، وما في ذلك تشف من عدوك ؟ وأيضا فهل تطيب نفسي بقتلك ، وأنت أبر من الوالد الحدب والأم الرفيقة ؟
قال : دع عنك هذا ، فإنما كنت أربيك لهذا ، فلا تنقض علي أمري ، فإنه لا راحة لي إلا في هذا .
قال : الله الله في نفسك يا مولاي ، وأن تتلفها للامر الذي لا تدري أيكون أم لا ، إن كان لم تر منه ما أملت وأنت ميت .
قال : أراك لي عاصيا ، وما أرضى حتى تفعل ما أهوى .
قال : أما إذا صح عزمك على ذلك فشانك وما هويت ، لأصير إليه بالكره لا بالرضا ، فشكره على ذلك ، وعمد إلى سكين فشحذها ودفعها إليه ، وأشهد على نفسه أنه دبره ، ودفع إليه من ثلث ماله ثلاثة آلاف درهم ، وقال : إذا فعلت ذلك فخذ ني أي بلاد الله شئت . فعزم الغلام على طاعة المولى بعد التمنع والالتواء . فلما كان في آخر ليلة من عمره قال : تأهب لما أمرتك به فإني موقظك في آخر الليل ، فلما كان في وجه السحر قام وأيقظ الغلام فقام مذعورا ، وأعطاه المدية ، فجاء حتى تسور حائط جاره برفق ، فاضطجع على سطحه ، واستقبل القبلة ببدنه ، وقال للغلام : ها ، وعجل . فترك السكين على حلقه ، وأفرى أوداجه ورجع إلى مضجعه ، وخلاه يتشحط في دمه .
فلما أصبح أهله خفي عليهم خبره ، فلما كان آخر النهار أصابوه على سطح جاره مقتولا ، فأخذ جاره واحضروا وجوه المحلة لينظروا إلى الصورة ، ورفعوه وحبسوه ، وكتبوا بخبره إلى الهادي ، فأحضره فأنكر أن يكون له علم بذلك ، وكان الرجل من أهل الصلاح ، فأمر بحبسه .
ومضى الغلام إلى أصبهان ، وكان هناك رجل من أولياء المحبوس وقرابته ، وكان يتولى العطاء للجند بأصبهان ، فرأى الغلام وكان عارفا فسأله عن أمر مولاه ، وقد كان وقع الخبر إليه ،
فأخبره الغلام حرفا حرفا ، فاشهد على مقالته جماعة وحمله إلى مدينة السلام ، وبلغ الخبر الهادي فأحضر الغلام فقص أمره كله عليه ، فتعجب الهادي من ذلك ، وأمر باطلاق الرجل المحبوس ، وإطلاق الغلام أيضا؟
والحمدلله رب العالمين
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا
هل تعلمون ماذا فعل الحسد بصاحبه ؟
فلما طال عليه أمره ، وجعلت الأيام لا تزيده إلا غيظا ، اشترى غلاما صغيرا فرباه وأحسن إليه ، فلما شب الغلام واشتد وقوي عصبه .
قال له مولاه : يا بني ، إني أريدك لامر من الأمور جسيم ، فليت شعري ، كيف لي أنت عند ذلك ؟
قال : كيف يكون العبد لمولاه ، والمنعم عليه المحسن إليه . والله - يا مولاي - لو علمت أن رضاك في أن أتقحم في النار لرميت نفسي فيها ، ولو علمت أن رضاك في أن أغرق نفسي في لجة البحر لفعلت ذاك ، وعدد عليه أشياء .
فسر بذلك من قوله ، وضمه إلى صدره ، وأكب عليه يترشفه ويقبله ، وقال : أرجو أن تكون ممن يصلح لما أريد . قال : يا مولاي ، إن رأيت أن تمن على عبدك فتخبره بعزمك هذا ليعرفه ، وبضم عليه جوانحه ،
قال : لم يأن ذلك بعد ، إذا كان فأنت موضع سري ، ومستودع أمانتي . فتركه سنة ، فدعاه ، فقال : أي بني ، قد أردتك للامر الذي كنت أرشحك له .
قال له : يا مولاي مرني بما شئت ، فوالله لا تزيدني الأيام إلا طاعة لك .
قال . إن جاري فلانا قد بلغ مني مبلغا أحب أن أقتله .
قال . فأنا أفتك به الساعة .
قال . لا أريد هذا ، وأخاف أن لا يمكنك ، وإن أمكنك ذلك أحالوا ذلك علي . ولكني دبرت أن تقتلني أنت وتطرحني على سطحه ، فيؤخذ ويقتل بي .
فقال له الغلام : أتطيب نفسك بنفسك ، وما في ذلك تشف من عدوك ؟ وأيضا فهل تطيب نفسي بقتلك ، وأنت أبر من الوالد الحدب والأم الرفيقة ؟
قال : دع عنك هذا ، فإنما كنت أربيك لهذا ، فلا تنقض علي أمري ، فإنه لا راحة لي إلا في هذا .
قال : الله الله في نفسك يا مولاي ، وأن تتلفها للامر الذي لا تدري أيكون أم لا ، إن كان لم تر منه ما أملت وأنت ميت .
قال : أراك لي عاصيا ، وما أرضى حتى تفعل ما أهوى .
قال : أما إذا صح عزمك على ذلك فشانك وما هويت ، لأصير إليه بالكره لا بالرضا ، فشكره على ذلك ، وعمد إلى سكين فشحذها ودفعها إليه ، وأشهد على نفسه أنه دبره ، ودفع إليه من ثلث ماله ثلاثة آلاف درهم ، وقال : إذا فعلت ذلك فخذ ني أي بلاد الله شئت . فعزم الغلام على طاعة المولى بعد التمنع والالتواء . فلما كان في آخر ليلة من عمره قال : تأهب لما أمرتك به فإني موقظك في آخر الليل ، فلما كان في وجه السحر قام وأيقظ الغلام فقام مذعورا ، وأعطاه المدية ، فجاء حتى تسور حائط جاره برفق ، فاضطجع على سطحه ، واستقبل القبلة ببدنه ، وقال للغلام : ها ، وعجل . فترك السكين على حلقه ، وأفرى أوداجه ورجع إلى مضجعه ، وخلاه يتشحط في دمه .
فلما أصبح أهله خفي عليهم خبره ، فلما كان آخر النهار أصابوه على سطح جاره مقتولا ، فأخذ جاره واحضروا وجوه المحلة لينظروا إلى الصورة ، ورفعوه وحبسوه ، وكتبوا بخبره إلى الهادي ، فأحضره فأنكر أن يكون له علم بذلك ، وكان الرجل من أهل الصلاح ، فأمر بحبسه .
ومضى الغلام إلى أصبهان ، وكان هناك رجل من أولياء المحبوس وقرابته ، وكان يتولى العطاء للجند بأصبهان ، فرأى الغلام وكان عارفا فسأله عن أمر مولاه ، وقد كان وقع الخبر إليه ،
فأخبره الغلام حرفا حرفا ، فاشهد على مقالته جماعة وحمله إلى مدينة السلام ، وبلغ الخبر الهادي فأحضر الغلام فقص أمره كله عليه ، فتعجب الهادي من ذلك ، وأمر باطلاق الرجل المحبوس ، وإطلاق الغلام أيضا؟
Comment