بسم الله الرحمن الرحيم
تيه بني إسرائيل
ملخص :
تاه بنو إسرائيل في سيناء أربعين سنة بعد خروجهم من مصر مع موسى وهارون عليهما السلام، وهذا التيه كان عقوبة لهم لتمردهم على موسى (ع) وعلى الأمر الإلهي بدخول الأرض المقدسة (فلسطين)، كما كان لإصلاحهم وتخليصهم من المفاسد التي ترسخت في نفوسهم نتيجة لتسلط فرعون وحزبه عليهم في مصر....
اهم الاسباب التي جعلت بني اسرائيل ترفض الدخول للأرض المقدسة :
-------------------------------------------------------------------
1- ضعف إيمانهم بنبوة موسى (ع) ورسالته؛ فكان الكثير منهم يرونه كقائد لا كنبي عظيم، بل إنّ بعضهم تمرّد حتى على قيادته (ع).
2- ضعف التقوى والخوف من الله؛ حيث أدّى بهم إلى التمرّد والمعصية دون اكتراث.
3- ضعف النفوس والخوف من الطواغيت والخضوع والاستسلام لهم والأنس بالظلم، وبالتالي ترك الجهاد في سبيل الله.
4- الاهتمام بالحياة الدنيا أكثر من الآخرة؛ وبالتالي ترسخ حب الدنيا في نفوسهم والتمسك بالحياة بشكل غير طبيعي كما هو حال الكثير من المسلمين اليوم.
5- انتشار حب الذات بينهم؛ حتى إنّ بعضهم كان يرى نفسه أفضل من موسى وهارون عليهما السلام ولا يقبل قيادتهما له!! كما جاء في التوراة سفر العدد الإصحاح السادس عشر: (وأخذ قورح ابن يصهار ابن قهات ابن لاوي وادثان وابيرام أبناء الباب واون ابن قالت ابن داوبين 2 يقاومون موسى مع أناس من بني إسرائيل مئتين وخمسين رؤساء الجماعة مدعوين للاجتماع ذوي اسم 3 فاجتمعوا على موسى وهارون وقالوا لهما كفاكما أن كل الجماعة بأسرها مقدّسة وفي وسطها الرب فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب 4 فلما سمع موسى سقط على وجهه ….. 12 فأرسل موسى ليدعوا داثان وابرام ابني الياب فقالا لا نصعد 13 قليل إنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينا أيضاً ترأساً ...).
وجاء في القرآن قريب من هذا المعنى.
وجدير بنا أن نتذكر أنّ حب الذات والتكبر آفة أخلاقية أهلكت بني آدم وأردت الكثير منهم في هاوية جهنم وكم حقق الشيطان وعده بغواية بني آدم من خلال التكبر، وكم كان التكبر العائق الرئيسي الذي يمنع الناس من طاعة الأنبياء (ع) وتصديقهم، وأكثر الناس تكبراً على الأنبياء والأوصياء (ع) هم الأغنياء والمترفون ورؤساء القوم، قال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾([8]).
حيث يرون أنفسهم أفضل من الأنبياء والأوصياء (ع)، وكل قائد معين من الله دينياً أو دنيوياً، ويحسدونهم على ما أتاهم الله، قال تعالى:
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾([9]).
ومما مر نعلم إنّ نفوس بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى (ع) قد انطوت على مساوئ أخلاقية كثيرة، فكان التيه الذي عاقبهم الله به على رفضهم الدخول إلى الأرض المقدّسة ضرورياً؛ لتطهير نفوسهم وإعادتهم إلى فطرة التوحيد والخير.
مقارنة بين الاباء وابناء التيه :
----------------------------
كما أنّ في سنين التيه الأربعين تربى جيل من بني إسرائيل في الصحراء، وهم أبناء وأحفاد الذين خرجوا مع موسى (ع)، لم يكن لهم موطن يستقرون فيه ولا الكثير من زخرف الدنيا يشدّهم لها ويربطهم بأهلها، ولم يكونوا تحت سلطة أي طاغوت يسومهم سوء العذاب ويغرس في نفوسهم الضعف والخوف، فتربوا أحراراً ومحبين للحرية. ولعل للمعجزات التي كانوا يرونها في التيه أثراً كبيراً في تربيتهم تربية روحية وإيمانية عالية. فنشأ في التيه جيل مؤمن قوي وشجاع مؤهل لحمل الرسالة الإلهية ونشرها، ومؤهل لقتال الظلمة والجهاد في سبيل الله ودخول الأرض المقدّسة.
مصيرالأشخاص ممن خرج مع موسى :
--------------------------------------
ومن هنا يتبيّن سبب الاهتمام الرباني بالآباء وإرسال نبي عظيم من أولي العزم لهم وهو موسى (ع) مع أنّ أغلبهم كانوا فاسقين ولم يكونوا صالحين لحمل الرسالة الإلهية، بل إنّ هؤلاء الذين خرجوا مع موسى (ع) ماتوا في التيه بأجمعهم ولم يبق منهم إلاّ كالب ويوشع عليهما السلام ليقود يوشع (ع) فيما بعد الأبناء والأحفاد لدخول الأرض المقدّسة والانتصار على الجبابرة.
ثمار التيه :
-----------
وبالجملة فإنّ المستفاد من التيه أنّه عملية إصلاحية إضافة إلى أنه عقوبة، وكان الهدف الرئيسي منه إصلاح نفوس بني إسرائيل وتربيتهم على رفض الظلم والفساد وحكّام الجور والطاغوت بعد أن كانوا أنسوا به واستسلموا له ولم يحركوا ساكناً لتغيير وضعهم السيء في مصر، وكان لمكان التيه أثر كبير كونه قفراً فيلجأ فيه الإنسان إلى الله ويتوكل عليه ويتحصّن بولاية الله وذكر الله،
المصدر
من كتاب التيه أو الطريق الى الله
تيه بني إسرائيل
ملخص :
تاه بنو إسرائيل في سيناء أربعين سنة بعد خروجهم من مصر مع موسى وهارون عليهما السلام، وهذا التيه كان عقوبة لهم لتمردهم على موسى (ع) وعلى الأمر الإلهي بدخول الأرض المقدسة (فلسطين)، كما كان لإصلاحهم وتخليصهم من المفاسد التي ترسخت في نفوسهم نتيجة لتسلط فرعون وحزبه عليهم في مصر....
اهم الاسباب التي جعلت بني اسرائيل ترفض الدخول للأرض المقدسة :
-------------------------------------------------------------------
1- ضعف إيمانهم بنبوة موسى (ع) ورسالته؛ فكان الكثير منهم يرونه كقائد لا كنبي عظيم، بل إنّ بعضهم تمرّد حتى على قيادته (ع).
2- ضعف التقوى والخوف من الله؛ حيث أدّى بهم إلى التمرّد والمعصية دون اكتراث.
3- ضعف النفوس والخوف من الطواغيت والخضوع والاستسلام لهم والأنس بالظلم، وبالتالي ترك الجهاد في سبيل الله.
4- الاهتمام بالحياة الدنيا أكثر من الآخرة؛ وبالتالي ترسخ حب الدنيا في نفوسهم والتمسك بالحياة بشكل غير طبيعي كما هو حال الكثير من المسلمين اليوم.
5- انتشار حب الذات بينهم؛ حتى إنّ بعضهم كان يرى نفسه أفضل من موسى وهارون عليهما السلام ولا يقبل قيادتهما له!! كما جاء في التوراة سفر العدد الإصحاح السادس عشر: (وأخذ قورح ابن يصهار ابن قهات ابن لاوي وادثان وابيرام أبناء الباب واون ابن قالت ابن داوبين 2 يقاومون موسى مع أناس من بني إسرائيل مئتين وخمسين رؤساء الجماعة مدعوين للاجتماع ذوي اسم 3 فاجتمعوا على موسى وهارون وقالوا لهما كفاكما أن كل الجماعة بأسرها مقدّسة وفي وسطها الرب فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب 4 فلما سمع موسى سقط على وجهه ….. 12 فأرسل موسى ليدعوا داثان وابرام ابني الياب فقالا لا نصعد 13 قليل إنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينا أيضاً ترأساً ...).
وجاء في القرآن قريب من هذا المعنى.
وجدير بنا أن نتذكر أنّ حب الذات والتكبر آفة أخلاقية أهلكت بني آدم وأردت الكثير منهم في هاوية جهنم وكم حقق الشيطان وعده بغواية بني آدم من خلال التكبر، وكم كان التكبر العائق الرئيسي الذي يمنع الناس من طاعة الأنبياء (ع) وتصديقهم، وأكثر الناس تكبراً على الأنبياء والأوصياء (ع) هم الأغنياء والمترفون ورؤساء القوم، قال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾([8]).
حيث يرون أنفسهم أفضل من الأنبياء والأوصياء (ع)، وكل قائد معين من الله دينياً أو دنيوياً، ويحسدونهم على ما أتاهم الله، قال تعالى:
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾([9]).
ومما مر نعلم إنّ نفوس بني إسرائيل الذين خرجوا مع موسى (ع) قد انطوت على مساوئ أخلاقية كثيرة، فكان التيه الذي عاقبهم الله به على رفضهم الدخول إلى الأرض المقدّسة ضرورياً؛ لتطهير نفوسهم وإعادتهم إلى فطرة التوحيد والخير.
مقارنة بين الاباء وابناء التيه :
----------------------------
كما أنّ في سنين التيه الأربعين تربى جيل من بني إسرائيل في الصحراء، وهم أبناء وأحفاد الذين خرجوا مع موسى (ع)، لم يكن لهم موطن يستقرون فيه ولا الكثير من زخرف الدنيا يشدّهم لها ويربطهم بأهلها، ولم يكونوا تحت سلطة أي طاغوت يسومهم سوء العذاب ويغرس في نفوسهم الضعف والخوف، فتربوا أحراراً ومحبين للحرية. ولعل للمعجزات التي كانوا يرونها في التيه أثراً كبيراً في تربيتهم تربية روحية وإيمانية عالية. فنشأ في التيه جيل مؤمن قوي وشجاع مؤهل لحمل الرسالة الإلهية ونشرها، ومؤهل لقتال الظلمة والجهاد في سبيل الله ودخول الأرض المقدّسة.
مصيرالأشخاص ممن خرج مع موسى :
--------------------------------------
ومن هنا يتبيّن سبب الاهتمام الرباني بالآباء وإرسال نبي عظيم من أولي العزم لهم وهو موسى (ع) مع أنّ أغلبهم كانوا فاسقين ولم يكونوا صالحين لحمل الرسالة الإلهية، بل إنّ هؤلاء الذين خرجوا مع موسى (ع) ماتوا في التيه بأجمعهم ولم يبق منهم إلاّ كالب ويوشع عليهما السلام ليقود يوشع (ع) فيما بعد الأبناء والأحفاد لدخول الأرض المقدّسة والانتصار على الجبابرة.
ثمار التيه :
-----------
وبالجملة فإنّ المستفاد من التيه أنّه عملية إصلاحية إضافة إلى أنه عقوبة، وكان الهدف الرئيسي منه إصلاح نفوس بني إسرائيل وتربيتهم على رفض الظلم والفساد وحكّام الجور والطاغوت بعد أن كانوا أنسوا به واستسلموا له ولم يحركوا ساكناً لتغيير وضعهم السيء في مصر، وكان لمكان التيه أثر كبير كونه قفراً فيلجأ فيه الإنسان إلى الله ويتوكل عليه ويتحصّن بولاية الله وذكر الله،
المصدر
من كتاب التيه أو الطريق الى الله
Comment