تفاهة الدنيا وخستها (شيء يسير)
من كلام لأمير المؤمنين : (أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ...).في شرح نهج البلاغة بمعنى أن الدنيا بتقلب أحوالها وبما نرى من طبيعتها فكل يوم في شكل من تغيراتها, فأول نظرة من كل إنسان عاقل إليها يحصل له اليقين بفنائها وانقضائها, وليس وراء الدنيا إلا الآخرة، فإن كانت الأولى وهي الدنيا مودعة فالآخرة مشرفة ومستقبلة، (وإن الآخرة قد أشرفت بإطلاع) أي جاءت إلينا فجأة.
(ألا وإن المضمار اليوم) معنى المضمار الموضع والمكان الذي يكون فيه التدريب ومن ثم يكون بعد ذلك السباق.
(والسباق غداً والسبقة الجنة) بمعنى بعد أن يفوز الإنسان بالسباق تكون جائزته الجنة.
(والغاية النار أفلا تائب من خطيته قبل منيته ؟ الا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ؟) أي قبل أن تشتد الحاجة وسوء الحالة مع الفقر من الأعمال الصالحة, ولا يستطيع أن يعمل صالحاً؛ لأنه يوم جزاء لا يوم عمل.
(ألا وإنكم في أيام أمل) الأمل في البقاء واستمرار الحياة.
(من ورائه أجل، فمن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضره أجله، ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أجله، ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة) أي اعملوا لله في السراء والرخاء كما تعملون له في الضراء، لا تصرفكم النعم والراحة عن خشيته والخوف منه.
ثم قال : (... ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، ألا وإنه من لا ينفعه الحق يضره الباطل ...) ، أي النفع الصحيح كله في الحق، فإن قال قائل إن الحق لم ينفعه فالباطل أشد ضرراً له.
(ومن لم يستقم به الهدى يجزيه الضلال الى الردى) أي ومن لم يستقم به الهدى المرشد إلى الحق، أي لم ينج به، أخذه الضلال إلى الردى والهلاك.
(ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن) أي الرحيل عن الدنيا، وأمرنا به أمر تكوين رغماً عنا رضينا أم جزعنا كما في النهج. كما خلقنا الله خلق فينا أن نرحل عن حياتنا الأولى رحمة بنا لنستقر في الآخرة.
وقال : (ودُللتم على الزاد)، والزاد الذي دلنا الله عليه هو العمل الصالح وترك السيئات.
(وأن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، تزودوا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غداً) تحرزون أنفسكم أي تحفظونها .
والحمد لله وحده وحده وحده
Comment