الجزء الثالث في التقليد في الميزان هل هو الطريق الى الله ام الى الشيطان
بسم الله الرحمن الرحيم
ثانياً: حديث من الرسالة المقدسة الى السفير الثاني
الرسالة المقدسة هي توقيع صادر عن الحجة (عج) الى سفيره الثاني العمري وهذا جزء منه والذي يعتمدون عليه لاثبات التقليد وهو: ( فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّينِ وَ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ أَنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَأَلْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطِّ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ ع أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَرْشَدَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ إِلَى أَنْ قَالَ وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ . )(وسائل الشيعة ج : 27 ص : 140 (
وعند قراءتنا ودراسة هذا الحديث فنرى انه مطابق الى معنى ومراد الحديث السابق من حيث انه لا يوجد تقليد ولكن فقط نقل الرواية اي انه علينا ان نعتمد ونرجع الى احاديث وروايات اهل البيت عليهم السلام عندما تواجهنا أي مسألة شرعية أو أي أمر يمس عقيدتنا أو أمورنا الحياتية ولو بحثنا بدقة في الرسالة لاستدللنا على مايلي:
1- يأمرنا الحجة (عج) بالرجوع الى رواة حديثهم ((فارجعوا الى رواة حديثنا)) وماذا يعطي راوي الحديث أي سوف يعطيك بالطبع حديثهم(ع) ولم يقل الامام (عج) ارجعوا الى الفقهاء أو العلماء بل قال رواة حديثنا ويوجد الكثير من رواة الحديث في علم الرجال من هم ليسوا بفقهاء أو علماء أو أصحاب مذاهب وهذا يخالف مبدأ التقليد حيث أنه علينا أن نقلد الأعلم فقهياً وليس من يروي الحديث عن أهل البيت (ع),حيث ان المراجع المُقلَدين حالياً لا يوجد فيهم اي راوي حديث اي انهم بعيدين كل البعد عمن اشارَ الامام(عج) بالرجوع اليهم.
2- في هذه الرواية أيضاً لم يخص الامام بالرجوع إلى شخص واحد أي الأعلم حيث قال ارجعوا الى رواة وهي جمع راوي اي لم يقل ارجعوا الى راوي حديثنا وهذا ايضاً يخالف مبدأ التقليد اي وجوب تقليد الاعلم.
3- ومن الممكن جداً وهو رأي بعض الفقهاء ان هذه الرواية تخص السفراء فقط لأن هذا التوقيع كان جواباً لعدة اسئلة من قبل اسحاق بن يعقوب اعطاها الى السفير الثاني وهو العمري فعندما سئل اسحاق عن الحوادث الواقعة اي القادمة فماذا يفعل فأجابه الامام (عج) ارجع الى رواة حديثنا اي السفراء لانهم هم من ينقل ويروي حديث وأمر الامام الحجة (عج) الى الشيعة.
وفي نفس الحديث هناك عدة قراءات الى الجزء الأخير منه وهو:
أ- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله]
ب- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم]
ج- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم]
وأصحاب التقليد يأخذون الحتمال الثالث ويعتبرون قول الامام هناك دلالة على ان العلماء أو الفقهاء هم الحجة على العوام أي لا دخل للإمام المعصوم بالعوام وأن علاقتهُ وحجيتهُ (عج) ستكون خاصة برواة الحديث الذين اعتبروهم حسب رأيهم هم الفقهاء وهو ما فندناه سابقاً,
أي ارتباط الناس بالامام (عج)وبالله عز وجل يجب أن يكون من خلال الفقهاء (الغير معصومين) لأنهم هم الحجة عليهم.
والآن نحلل المقولات الثلاثة لنرى هل هناك صحة لما يدعون:
أ- في الاحتمال الأول [وأنا حجة الله] فهو صادق (ع) ولا معنى لما يقولون من ارائهم أي أن الامام ليس بحجة عليهم فقط وانما هو حجة الله على العالمين.
ب- في الاحتمال الثاني حيث قال وهو ما قرأته في معظم الروايات [وانا حجة الله عليكم] فبهذا يثبت الامام (ع) انه حجة الله علينا في كل الأوقات أي لا يمكن أن يتعذر الانسان بأن يطيع طاعة عمياء بدون فهم ودرايه أحد رواة الحديث أو الفقهاء لانه الحجة الوحيدة عليه وان لا دور للامام في أن يكون حجة عليه وهذا يثبت مرة ثانية ان هذا الحديث يراد منه فقط رواة الحديث وليس الفقهاء الذين يجتهدون لان فقهاء التقليد يأمرون الناس بتقليدهم واتباعهم واطاعتهم بكل فتواهم سواء كانت حلال او حرام بأعتبارهم هم الحجة عليهم والمثل العامي الشائع هو(خليها براس عالم واطلع منها سالم) وبهذا ينكرون تماماً دور تفقه المسلم وارتباطه بامامه المعصوم.
ج- أما الاحتمال الثالث وهو ما يروّجون له ففي هذه الحالة أي [وأنا حجة الله عليهم] فإن صحة هذه الرواية فهي عقلياً كما سيأتي اثباته فهي تعني السفراء الأربعة (رض) فقط لأنهم اذا كانوا حجة علينا وجب عصمتهم في هذا الموضوع وهذا لا يتم إلا اذا كانوا ينقلون عن الامام مباشرةً لأنه هو المعصوم فقط (ع) وهذا لا ينطبق الا في حالة السفراء الاربعة وبهذا يكونون هم المقصودين لما لهم من الأمانة في نقل التشريعات عن المعصوم بدون أي زيادة او نقصان وان الامام مشرف على ذلك بنفسه (ع) وقد اختارهم لهذا الأمر بنفسه عليه السلام. أما ما يدعونه ان المقصود بذلك هو بالفقهاء عامة فالمعروف أنهم كلهم خطاؤون لأنهم غير معصومون وان منهم العملاء والمدسوسين ومنهم الغير متقين وهم يخفون كل ذلك في صدورهم وليس لنا قدرة على كشف ما في صدورهم حيث أن موسى (ع) نفسه لم يكشف ما في صدور أفضل سبعين رجل من قومه ممن لم يشكك في ايمانهم حيث اختارهم لميقات الله عز وجل فكانوا كلهم منافقين وقد صعقهم الله جميعاً ((فاختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا)) فكيف لنا أن نعلم ما في صدورهم وما يخططون له من مكائد للمسلمين وخاصة لشيعة أهل البيت (ع) وكيف يكونون حجة علينا وهم من الممكن أن يقودوننا الى الانحراف أو محاربة الامام نفسه (ع) عند ظهوره الشريف وهذا ما أكدته الكثير من روايات أهل البيت (ع) من معاداة الفقهاء آخر الزمان للحجة (عج) فهم شر الفقهاء وهم أول من يحاربهم الامام (عج) ويقطع رؤوسهم، فكيف يكونون حجة علينا وهم بذلك من الممكن أن يستخدموننا كجنود لمحاربة الامام نفسه (عج) وهذا نص ما ذكر في كتاب الفتوحات المكيه (يقيم الدين ينفخ الروح في الإسلام يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبي قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله ص لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله )
د- وفي نفس التوقيع حين سُئل الامام (عج) عن العمري السفير الثاني نفسه أجاب وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل، فانه ثقتي وكتابه كتابي.
2-4 إدعاء ما اختص به سفراء الغيبة
يدعي بعض فقهاء التقليد أنه ما قاله الامام (عج) في العمري من اعطائه هذه الامتيازات هي مجوز لكل مَرجع بالقيام بها حيث قال (ع) وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل، فانه ثقتي وكتابه كتابي. والرد على ذلك يكون في عدة نقاط:
1- أن السفير الثاني في هذا التوقيع وكذلك كل السفراء الاربعة (رض) هم بالفعل ياخذون كتبهم مباشرتاً من الامام الحجة (عج) نفسه اي كما قال الامام (عج) وكتابهُ كتابي, لانهُ مشرف عليهم مباشرتاً ويلتقي بهم شخصياً لذلك كانت جميع التواقيع مختومة وصادرة عن الامام الحجة (عج) نفسه ولم يخولهم بالتوقيع عنه (عج) وهو بهذا الامر يخبرنا في التوقيع اعلاه وكل التواقيع الصدرة عن السفراء الاربعة (رض) هي بالفعل صادرة عنه (عج) وانهم ثقته اي انهم لا يكذبون علينا ولا يعطوننا تواقيع صادرة عن مصدر اخر غير الامام الحجة(عج) وهكذا يكون المعنى لقول الامام (عج) بأن كتابهُ كتابي هو فعلي وليس معنى مجازي يمكن ان يطبق على غير السفراء الاربعة (رض) .
2- أما الاثبات الثاني وهو ما قاله ابي القاسم بن روح السفير الثالث عندما زاره محمد بن ابراهيم بن اسحاق وسأله عن أمر فأجابه ابن روح فلما رجع شك أنه أجابه مباشرةً أفكان هذا جوابه أم جواب الامام فعاد اليه ؟؟؟؟ ابن روح وقال [يا محمد بن ابراهيم لئن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مكان سحيق أحب الي من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه] وهذا ما قاله السفير ابن روح باعتباره اقرب شخص الى الحجة في ذلك الوقت وكلامه اعلاه هو خير حجة على كل من تسول نفسه الى الاجتهاد برأيه في دين الله وكذلك هو خير حجة على كل من يتبع هؤلاء ثم يأتي يوم القيامة ويقول ((ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً من النار فقال لكلٍ ضعف ولكن لا تعلمون)) حيث انه يقول صراحةً انه مستعد لكل هذه العذابات ولكنه غير مستعد لان يجتهد ويقول برأيه في دين الله عز وجل فأين انتم يا مجتهدين ويا مَراجع من هذا وما حجتكم يوم الحساب في إفتائكم الناس بفتواكم التي تحوي الحلال والحرام.
واليك بعض تعليقات الفقهاء حول هذا التوقيع :-
1ـ الفيض الكاشاني في كتابه الحق المبين ص9-10 ، قال :
(( وقال صاحب زماننا - صلوات ربي عليه - : وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )) وبالجملة قد أذنوا في الأخذ بالأخبار والكتب بالتسليم والانقياد ولم يأذنوا في الأخذ بالآراء والاجتهاد بل نهوا عنه فليس لنا إلا الإتباع والاقتصار على السماع من دون ابتغاء الدليل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل )) .
2- السيد الخميني في كتابه الاجتهاد والتقليد (ص) 100، قال بعد كلام طويل حول هذا التوقيع : ((.... وفيه بعد ضعف التوقيع سنداً - أن صدره غير منقول إلينا ، ولعله كان مكتنفاً بقرائن لا يفهم منه إلا حجية حكمهم في المتشابهات الموضوعية ، أو الأعم وكان الإرجاع في القضاء لا في الفتوى )) .
وقال أيضاً في كتاب البيع ج2 ص474 : (( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )) وعن الشيخ ( قده ) روايته في كتاب الغيبة بسنده إلى محمد بن يعقوب والرواية من جهة إسحاق بن يعقوب غير معتبرة )).
3- المحقق الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد ص358 ، قال بعد كلام طويل نأخذ منه ما يخص هذا التوقيع سنداً ودلالة ، إذ قال : ( ويرد عليه : ..... وكذلك الحال في التوقيع الشريف فان في سنده إسحاق بن يعقوب ومحمد بن محمد بن عصام ولم تثبت وثاقتهما . نعم محمد بن محمد شيخ الصدوق ( قده ) إلا أن مجرد الشيخوخة لمثله لا يقتضي التوثيق أبداً .
هذا مضافا إلى إمكان المناقشة في دلالته ، فان الإرجاع إلى رواة الحديث ظاهره الإرجاع إليهم بما هم رواة حديث لا بما أنهم مجتهدون ...) .
4- السيد أحمد الخونساري في كتابه جامع المدارك ج3 ص100 قال:
( .... والتوقيع لم يعلم المراد من الحوادث الواقعة المذكورة فيها لان الظاهر أن اللام فيه للعهد وما ذكرت من المقربات لا يوجب سكون النفس كما لا يخفى بل يستبعد من جهة أن مقتضى الاستظهار المذكور ثبوت الولاية لكل من يروي ويصدق عليه الراوي ، وهل يمكن ثبوت هذا المنصب الخطير له مضافاً إلى أن الراوي لا يصدق على المطلع على كتب الحديث وإلا لصدق على كل من طالع كتب الحديث انه راوي للحديث .... ) .
مما تقدم وما نعرفه من عقيدة التقليد التي أوجبها الفقهاء المتأخرين على عوام شيعة أهل البيت (ع)(أول من أوجبالتقليد المرجع كاظم اليزدي عام 1919 م)ان هذه العقيدة تعفي المقلِد أو عوام الناس من التفقه والبحث في أمور دينهم لأنهم قد أوكلوا هذا الامر الى طائفة منهم يخرج منهم الأعلم فيقلده الجميع أي يأخذون كل أحكامهم الشرعية والحياتية منه وقد اطلعنا على أدلتهم التي يستندون عليها من أحاديث أهل البيت (ع) سابقاً وانها بالحقيقة هي تماماً عكس ما يدَّعون.
3- التفقه بالدين واجب على كل إنسان
أما الآن لنرى ماذا قال أهل البيت (ع) في ما يخص التفقه بالدين والتقليد ، وهو بالطبع عكس ما نص عليه فقهاء التقليد حيث أوجب اهل البيت(ع) على كل مسلم أن يبحث ويتفقه في دينه لأنه ان لم يفعل فسوف ينقاد الى هؤلاء المضلين فيضلونه عن الطريق الحق، وهي في الحقيقة أحاديث وروايات كثيرة جداً ومحكمه وليست يتيمة ومتشابهه كما في اثباتاتهم ولنطلع عليها وهي في الكتب القيمة والمقبولة لدى كل الفقهاء ولنأخذ هنا كتاب الكافي للكليني الذي يختصر كثير من روايات أهل البيت ويأخذ الأصح والأثبت والمتفق عليه منها فقط، وهذه منها:-
1- عن بشير الذهان قال أبو عبدالله (ع): (لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا، يا بشير ان الرجل منهم ان لم يستغنِ بفقهه احتاج اليهم فإذا احتاج اليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم) [الكافي، ج1، باب صفة العلم وفضله حديث رقم 49 ص50] ونرى هنا وبوضوح وبدون التعقيد والتدليس الذي يفعلهُ فقهاء التقليد للأحاديث لكي يجعلوها توهِم العوام بأنها تدعم آراءهم وأفكارهم وانهم نواب عامون للحجة (عج) فنرى هنا وبوضوح أن الامام (ع)يحثنا على أن نتفقه في ديننا ويحذرنا من عدم الامتثال لذلك لأننا ان لم نفعل فسنحتاج الى هؤلاء الفقهاء الغير عاملين وهنا سيدخلوننا في باب ضلالتهم من دون أن نعلم والعياذ بالله من ذلك.
2- قال ابو عبدالله (ع): قال رسول الله (ص): "طلب العلم فريضة على كل مسلم، إلا وإن الله يحب بُغاةَ العلم" [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث39 ص48] وهذا الرسول الكريم محمد (ص) وهو لا ينطق عن الهوى يقول انه (فريضة على كل مسلم) فهل هناك ما هو أوضح من ذلك ولم يقل انه أمر كفائي بل أوجبه على كل من يُسمي نفسه انه مسلم.
3- عن أبان بن تغلب عن ابي عبدالله (ع) قال: "لوددتُ أن اصحابي ضربت رؤسهم بالسياط حتى يتفقهوا" [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث 42 ص48]
4- عن ابي اسحاق السبيعي عمن حدثهقال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: أيها الناس، اعلموا ان كمال الدين طلب العلم والعمل به، الا وان طلب العلم اوجبُ عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفي لكم والعلم مخزون عند أهله وقد أُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث 38 ص47] وهذا أمير المؤمنين (ع) يؤكد وجوب طلب العلم وانه اهم من طلب المال وقد أوجبه صراحة وبدون مواراة حيث قال أوجب عليكم وقد أمرنا وبصراحة أن نطلبه من أهله وهل أهله الا اهل بيت الرسول (ص) حيث قال (ص) نحن أهل بيت العلم ومعدن الرسالة.
5- وهل هناك عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعراباً فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة ولم يُزك له عملاً [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث41 ص48]هل هناك كلام أوضح من هذا مما يوجب على الكل التفقه في دين الله وانه ليس بواجب كفائي لانه من لم يتفقه في دين الله وليس دين الفقهاء فإن الله لم ينظر اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً وهل هناك عقوبة أشد وأعظم من ذلك أي انه لن تنفعنا صلاة أو صوم أو زكاة إن لم نتفقه في دين الله فأين نحن من ذلك وكلما أسأل أو أتحدث الى احد الاخوان في وجوب التفقه يقول لي ان لا علم لي ولا عقل لي وهذا ليس من اختصاصي و....، فماذا سيقول لله الكريم يوم الحساب وقد سمع وعرف ما وجب عليه وأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ولو كان هذا الأمر بهذه الصعوبة والاستحالة كما يدعون فحاشى لله ان يجعلها بهذه الأهمية والالزامية لكل مسلم كما سمعنا ولكنهم قد ركنوا الى الدنيا وزخرفها وان هناك من يقوم بالتحليل والتحريم لهم فيتبعوه وهو بالحقيقة عبادة الرجال بعينها كما قال الباري سبحانه :
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
وكيف يتوقع أن أهل البيت (ع) يجوزون للناس الإفتاء بالرأي والاجتهاد وهم الذين ورد عنهم (ع) بأنهم أنفسهم لا يجوز لهم ذلك مع أنهم معصومون عن الزلل والخطأ ؟!!
( عن أبي جعفر(ع) أنه قال : (( لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا و لكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه فبينها لنا )) بصائر الدرجات (ص) 299.
وعن الباقر(ع) : ((إنا لو كنا نفتي الناس برأينا و هوانا لكنا من الهالكين و لكنا نفتيهم بآثار من رسول الله (ص) و أصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم )) بحار الأنوارج2ص172/ ميزان الحكمة ج3 ص 2374 لمحمدي الريشهري.
وعن الصادق (ع) : ((فو الله ما نقول بأهوائنا و لا نقول برأينا و لا نقول إلا ما قال ربنا )) الأمالي (ص) 60 للشيخ المفيد / بصائر الدرجات ص320 /البحار ج2 ص173 .
وعن علي بن الحسين (ع) : (( إن دين الله عز و جل لا يصاب بالعقول الناقصة و الآراء الباطلة و المقاييس الفاسدة و لا يصاب إلا بالتسليم فمن سلم لنا سلم و من اقتدى بنا هدي و من كان يعمل بالقياس و الرأي هلك و من وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالذي أنزل السبع المثاني و القرآن العظيم و هو لا يعلم )) كمال الدين ص324/ البحار ج17 (ص) 262 .
وللقاريء والباحث المنصف فأن ما تقدم اعلاه من ادلة قرأنية وادلة من احاديث بيت الرسالة (ع) هي حجة بالغة امام الله بأن التقليد هو بدعة حذرنا منها الثقلين بشدة لما لها من اثار خطيرة في الامة الاسلامية ,
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد .
في الجزء الرابع سنبحث انشاءالله الادلة العقلية التي يستند عليها فقهاء التقليد وبطلانها
بسم الله الرحمن الرحيم
ثانياً: حديث من الرسالة المقدسة الى السفير الثاني
الرسالة المقدسة هي توقيع صادر عن الحجة (عج) الى سفيره الثاني العمري وهذا جزء منه والذي يعتمدون عليه لاثبات التقليد وهو: ( فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّينِ وَ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ أَنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَأَلْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطِّ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ ع أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَرْشَدَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ إِلَى أَنْ قَالَ وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ . )(وسائل الشيعة ج : 27 ص : 140 (
وعند قراءتنا ودراسة هذا الحديث فنرى انه مطابق الى معنى ومراد الحديث السابق من حيث انه لا يوجد تقليد ولكن فقط نقل الرواية اي انه علينا ان نعتمد ونرجع الى احاديث وروايات اهل البيت عليهم السلام عندما تواجهنا أي مسألة شرعية أو أي أمر يمس عقيدتنا أو أمورنا الحياتية ولو بحثنا بدقة في الرسالة لاستدللنا على مايلي:
1- يأمرنا الحجة (عج) بالرجوع الى رواة حديثهم ((فارجعوا الى رواة حديثنا)) وماذا يعطي راوي الحديث أي سوف يعطيك بالطبع حديثهم(ع) ولم يقل الامام (عج) ارجعوا الى الفقهاء أو العلماء بل قال رواة حديثنا ويوجد الكثير من رواة الحديث في علم الرجال من هم ليسوا بفقهاء أو علماء أو أصحاب مذاهب وهذا يخالف مبدأ التقليد حيث أنه علينا أن نقلد الأعلم فقهياً وليس من يروي الحديث عن أهل البيت (ع),حيث ان المراجع المُقلَدين حالياً لا يوجد فيهم اي راوي حديث اي انهم بعيدين كل البعد عمن اشارَ الامام(عج) بالرجوع اليهم.
2- في هذه الرواية أيضاً لم يخص الامام بالرجوع إلى شخص واحد أي الأعلم حيث قال ارجعوا الى رواة وهي جمع راوي اي لم يقل ارجعوا الى راوي حديثنا وهذا ايضاً يخالف مبدأ التقليد اي وجوب تقليد الاعلم.
3- ومن الممكن جداً وهو رأي بعض الفقهاء ان هذه الرواية تخص السفراء فقط لأن هذا التوقيع كان جواباً لعدة اسئلة من قبل اسحاق بن يعقوب اعطاها الى السفير الثاني وهو العمري فعندما سئل اسحاق عن الحوادث الواقعة اي القادمة فماذا يفعل فأجابه الامام (عج) ارجع الى رواة حديثنا اي السفراء لانهم هم من ينقل ويروي حديث وأمر الامام الحجة (عج) الى الشيعة.
وفي نفس الحديث هناك عدة قراءات الى الجزء الأخير منه وهو:
أ- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله]
ب- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم]
ج- [فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم]
وأصحاب التقليد يأخذون الحتمال الثالث ويعتبرون قول الامام هناك دلالة على ان العلماء أو الفقهاء هم الحجة على العوام أي لا دخل للإمام المعصوم بالعوام وأن علاقتهُ وحجيتهُ (عج) ستكون خاصة برواة الحديث الذين اعتبروهم حسب رأيهم هم الفقهاء وهو ما فندناه سابقاً,
أي ارتباط الناس بالامام (عج)وبالله عز وجل يجب أن يكون من خلال الفقهاء (الغير معصومين) لأنهم هم الحجة عليهم.
والآن نحلل المقولات الثلاثة لنرى هل هناك صحة لما يدعون:
أ- في الاحتمال الأول [وأنا حجة الله] فهو صادق (ع) ولا معنى لما يقولون من ارائهم أي أن الامام ليس بحجة عليهم فقط وانما هو حجة الله على العالمين.
ب- في الاحتمال الثاني حيث قال وهو ما قرأته في معظم الروايات [وانا حجة الله عليكم] فبهذا يثبت الامام (ع) انه حجة الله علينا في كل الأوقات أي لا يمكن أن يتعذر الانسان بأن يطيع طاعة عمياء بدون فهم ودرايه أحد رواة الحديث أو الفقهاء لانه الحجة الوحيدة عليه وان لا دور للامام في أن يكون حجة عليه وهذا يثبت مرة ثانية ان هذا الحديث يراد منه فقط رواة الحديث وليس الفقهاء الذين يجتهدون لان فقهاء التقليد يأمرون الناس بتقليدهم واتباعهم واطاعتهم بكل فتواهم سواء كانت حلال او حرام بأعتبارهم هم الحجة عليهم والمثل العامي الشائع هو(خليها براس عالم واطلع منها سالم) وبهذا ينكرون تماماً دور تفقه المسلم وارتباطه بامامه المعصوم.
ج- أما الاحتمال الثالث وهو ما يروّجون له ففي هذه الحالة أي [وأنا حجة الله عليهم] فإن صحة هذه الرواية فهي عقلياً كما سيأتي اثباته فهي تعني السفراء الأربعة (رض) فقط لأنهم اذا كانوا حجة علينا وجب عصمتهم في هذا الموضوع وهذا لا يتم إلا اذا كانوا ينقلون عن الامام مباشرةً لأنه هو المعصوم فقط (ع) وهذا لا ينطبق الا في حالة السفراء الاربعة وبهذا يكونون هم المقصودين لما لهم من الأمانة في نقل التشريعات عن المعصوم بدون أي زيادة او نقصان وان الامام مشرف على ذلك بنفسه (ع) وقد اختارهم لهذا الأمر بنفسه عليه السلام. أما ما يدعونه ان المقصود بذلك هو بالفقهاء عامة فالمعروف أنهم كلهم خطاؤون لأنهم غير معصومون وان منهم العملاء والمدسوسين ومنهم الغير متقين وهم يخفون كل ذلك في صدورهم وليس لنا قدرة على كشف ما في صدورهم حيث أن موسى (ع) نفسه لم يكشف ما في صدور أفضل سبعين رجل من قومه ممن لم يشكك في ايمانهم حيث اختارهم لميقات الله عز وجل فكانوا كلهم منافقين وقد صعقهم الله جميعاً ((فاختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا)) فكيف لنا أن نعلم ما في صدورهم وما يخططون له من مكائد للمسلمين وخاصة لشيعة أهل البيت (ع) وكيف يكونون حجة علينا وهم من الممكن أن يقودوننا الى الانحراف أو محاربة الامام نفسه (ع) عند ظهوره الشريف وهذا ما أكدته الكثير من روايات أهل البيت (ع) من معاداة الفقهاء آخر الزمان للحجة (عج) فهم شر الفقهاء وهم أول من يحاربهم الامام (عج) ويقطع رؤوسهم، فكيف يكونون حجة علينا وهم بذلك من الممكن أن يستخدموننا كجنود لمحاربة الامام نفسه (عج) وهذا نص ما ذكر في كتاب الفتوحات المكيه (يقيم الدين ينفخ الروح في الإسلام يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبي قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله ص لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله )
د- وفي نفس التوقيع حين سُئل الامام (عج) عن العمري السفير الثاني نفسه أجاب وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل، فانه ثقتي وكتابه كتابي.
2-4 إدعاء ما اختص به سفراء الغيبة
يدعي بعض فقهاء التقليد أنه ما قاله الامام (عج) في العمري من اعطائه هذه الامتيازات هي مجوز لكل مَرجع بالقيام بها حيث قال (ع) وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل، فانه ثقتي وكتابه كتابي. والرد على ذلك يكون في عدة نقاط:
1- أن السفير الثاني في هذا التوقيع وكذلك كل السفراء الاربعة (رض) هم بالفعل ياخذون كتبهم مباشرتاً من الامام الحجة (عج) نفسه اي كما قال الامام (عج) وكتابهُ كتابي, لانهُ مشرف عليهم مباشرتاً ويلتقي بهم شخصياً لذلك كانت جميع التواقيع مختومة وصادرة عن الامام الحجة (عج) نفسه ولم يخولهم بالتوقيع عنه (عج) وهو بهذا الامر يخبرنا في التوقيع اعلاه وكل التواقيع الصدرة عن السفراء الاربعة (رض) هي بالفعل صادرة عنه (عج) وانهم ثقته اي انهم لا يكذبون علينا ولا يعطوننا تواقيع صادرة عن مصدر اخر غير الامام الحجة(عج) وهكذا يكون المعنى لقول الامام (عج) بأن كتابهُ كتابي هو فعلي وليس معنى مجازي يمكن ان يطبق على غير السفراء الاربعة (رض) .
2- أما الاثبات الثاني وهو ما قاله ابي القاسم بن روح السفير الثالث عندما زاره محمد بن ابراهيم بن اسحاق وسأله عن أمر فأجابه ابن روح فلما رجع شك أنه أجابه مباشرةً أفكان هذا جوابه أم جواب الامام فعاد اليه ؟؟؟؟ ابن روح وقال [يا محمد بن ابراهيم لئن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مكان سحيق أحب الي من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه] وهذا ما قاله السفير ابن روح باعتباره اقرب شخص الى الحجة في ذلك الوقت وكلامه اعلاه هو خير حجة على كل من تسول نفسه الى الاجتهاد برأيه في دين الله وكذلك هو خير حجة على كل من يتبع هؤلاء ثم يأتي يوم القيامة ويقول ((ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً من النار فقال لكلٍ ضعف ولكن لا تعلمون)) حيث انه يقول صراحةً انه مستعد لكل هذه العذابات ولكنه غير مستعد لان يجتهد ويقول برأيه في دين الله عز وجل فأين انتم يا مجتهدين ويا مَراجع من هذا وما حجتكم يوم الحساب في إفتائكم الناس بفتواكم التي تحوي الحلال والحرام.
واليك بعض تعليقات الفقهاء حول هذا التوقيع :-
1ـ الفيض الكاشاني في كتابه الحق المبين ص9-10 ، قال :
(( وقال صاحب زماننا - صلوات ربي عليه - : وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )) وبالجملة قد أذنوا في الأخذ بالأخبار والكتب بالتسليم والانقياد ولم يأذنوا في الأخذ بالآراء والاجتهاد بل نهوا عنه فليس لنا إلا الإتباع والاقتصار على السماع من دون ابتغاء الدليل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل )) .
2- السيد الخميني في كتابه الاجتهاد والتقليد (ص) 100، قال بعد كلام طويل حول هذا التوقيع : ((.... وفيه بعد ضعف التوقيع سنداً - أن صدره غير منقول إلينا ، ولعله كان مكتنفاً بقرائن لا يفهم منه إلا حجية حكمهم في المتشابهات الموضوعية ، أو الأعم وكان الإرجاع في القضاء لا في الفتوى )) .
وقال أيضاً في كتاب البيع ج2 ص474 : (( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )) وعن الشيخ ( قده ) روايته في كتاب الغيبة بسنده إلى محمد بن يعقوب والرواية من جهة إسحاق بن يعقوب غير معتبرة )).
3- المحقق الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد ص358 ، قال بعد كلام طويل نأخذ منه ما يخص هذا التوقيع سنداً ودلالة ، إذ قال : ( ويرد عليه : ..... وكذلك الحال في التوقيع الشريف فان في سنده إسحاق بن يعقوب ومحمد بن محمد بن عصام ولم تثبت وثاقتهما . نعم محمد بن محمد شيخ الصدوق ( قده ) إلا أن مجرد الشيخوخة لمثله لا يقتضي التوثيق أبداً .
هذا مضافا إلى إمكان المناقشة في دلالته ، فان الإرجاع إلى رواة الحديث ظاهره الإرجاع إليهم بما هم رواة حديث لا بما أنهم مجتهدون ...) .
4- السيد أحمد الخونساري في كتابه جامع المدارك ج3 ص100 قال:
( .... والتوقيع لم يعلم المراد من الحوادث الواقعة المذكورة فيها لان الظاهر أن اللام فيه للعهد وما ذكرت من المقربات لا يوجب سكون النفس كما لا يخفى بل يستبعد من جهة أن مقتضى الاستظهار المذكور ثبوت الولاية لكل من يروي ويصدق عليه الراوي ، وهل يمكن ثبوت هذا المنصب الخطير له مضافاً إلى أن الراوي لا يصدق على المطلع على كتب الحديث وإلا لصدق على كل من طالع كتب الحديث انه راوي للحديث .... ) .
مما تقدم وما نعرفه من عقيدة التقليد التي أوجبها الفقهاء المتأخرين على عوام شيعة أهل البيت (ع)(أول من أوجبالتقليد المرجع كاظم اليزدي عام 1919 م)ان هذه العقيدة تعفي المقلِد أو عوام الناس من التفقه والبحث في أمور دينهم لأنهم قد أوكلوا هذا الامر الى طائفة منهم يخرج منهم الأعلم فيقلده الجميع أي يأخذون كل أحكامهم الشرعية والحياتية منه وقد اطلعنا على أدلتهم التي يستندون عليها من أحاديث أهل البيت (ع) سابقاً وانها بالحقيقة هي تماماً عكس ما يدَّعون.
3- التفقه بالدين واجب على كل إنسان
أما الآن لنرى ماذا قال أهل البيت (ع) في ما يخص التفقه بالدين والتقليد ، وهو بالطبع عكس ما نص عليه فقهاء التقليد حيث أوجب اهل البيت(ع) على كل مسلم أن يبحث ويتفقه في دينه لأنه ان لم يفعل فسوف ينقاد الى هؤلاء المضلين فيضلونه عن الطريق الحق، وهي في الحقيقة أحاديث وروايات كثيرة جداً ومحكمه وليست يتيمة ومتشابهه كما في اثباتاتهم ولنطلع عليها وهي في الكتب القيمة والمقبولة لدى كل الفقهاء ولنأخذ هنا كتاب الكافي للكليني الذي يختصر كثير من روايات أهل البيت ويأخذ الأصح والأثبت والمتفق عليه منها فقط، وهذه منها:-
1- عن بشير الذهان قال أبو عبدالله (ع): (لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا، يا بشير ان الرجل منهم ان لم يستغنِ بفقهه احتاج اليهم فإذا احتاج اليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم) [الكافي، ج1، باب صفة العلم وفضله حديث رقم 49 ص50] ونرى هنا وبوضوح وبدون التعقيد والتدليس الذي يفعلهُ فقهاء التقليد للأحاديث لكي يجعلوها توهِم العوام بأنها تدعم آراءهم وأفكارهم وانهم نواب عامون للحجة (عج) فنرى هنا وبوضوح أن الامام (ع)يحثنا على أن نتفقه في ديننا ويحذرنا من عدم الامتثال لذلك لأننا ان لم نفعل فسنحتاج الى هؤلاء الفقهاء الغير عاملين وهنا سيدخلوننا في باب ضلالتهم من دون أن نعلم والعياذ بالله من ذلك.
2- قال ابو عبدالله (ع): قال رسول الله (ص): "طلب العلم فريضة على كل مسلم، إلا وإن الله يحب بُغاةَ العلم" [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث39 ص48] وهذا الرسول الكريم محمد (ص) وهو لا ينطق عن الهوى يقول انه (فريضة على كل مسلم) فهل هناك ما هو أوضح من ذلك ولم يقل انه أمر كفائي بل أوجبه على كل من يُسمي نفسه انه مسلم.
3- عن أبان بن تغلب عن ابي عبدالله (ع) قال: "لوددتُ أن اصحابي ضربت رؤسهم بالسياط حتى يتفقهوا" [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث 42 ص48]
4- عن ابي اسحاق السبيعي عمن حدثهقال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: أيها الناس، اعلموا ان كمال الدين طلب العلم والعمل به، الا وان طلب العلم اوجبُ عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفي لكم والعلم مخزون عند أهله وقد أُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث 38 ص47] وهذا أمير المؤمنين (ع) يؤكد وجوب طلب العلم وانه اهم من طلب المال وقد أوجبه صراحة وبدون مواراة حيث قال أوجب عليكم وقد أمرنا وبصراحة أن نطلبه من أهله وهل أهله الا اهل بيت الرسول (ص) حيث قال (ص) نحن أهل بيت العلم ومعدن الرسالة.
5- وهل هناك عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعراباً فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة ولم يُزك له عملاً [الكافي ج1 باب فرض العلم ووجوب طلبه حديث41 ص48]هل هناك كلام أوضح من هذا مما يوجب على الكل التفقه في دين الله وانه ليس بواجب كفائي لانه من لم يتفقه في دين الله وليس دين الفقهاء فإن الله لم ينظر اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً وهل هناك عقوبة أشد وأعظم من ذلك أي انه لن تنفعنا صلاة أو صوم أو زكاة إن لم نتفقه في دين الله فأين نحن من ذلك وكلما أسأل أو أتحدث الى احد الاخوان في وجوب التفقه يقول لي ان لا علم لي ولا عقل لي وهذا ليس من اختصاصي و....، فماذا سيقول لله الكريم يوم الحساب وقد سمع وعرف ما وجب عليه وأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ولو كان هذا الأمر بهذه الصعوبة والاستحالة كما يدعون فحاشى لله ان يجعلها بهذه الأهمية والالزامية لكل مسلم كما سمعنا ولكنهم قد ركنوا الى الدنيا وزخرفها وان هناك من يقوم بالتحليل والتحريم لهم فيتبعوه وهو بالحقيقة عبادة الرجال بعينها كما قال الباري سبحانه :
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
وكيف يتوقع أن أهل البيت (ع) يجوزون للناس الإفتاء بالرأي والاجتهاد وهم الذين ورد عنهم (ع) بأنهم أنفسهم لا يجوز لهم ذلك مع أنهم معصومون عن الزلل والخطأ ؟!!
( عن أبي جعفر(ع) أنه قال : (( لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا و لكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه فبينها لنا )) بصائر الدرجات (ص) 299.
وعن الباقر(ع) : ((إنا لو كنا نفتي الناس برأينا و هوانا لكنا من الهالكين و لكنا نفتيهم بآثار من رسول الله (ص) و أصول علم عندنا نتوارثها كابر عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم )) بحار الأنوارج2ص172/ ميزان الحكمة ج3 ص 2374 لمحمدي الريشهري.
وعن الصادق (ع) : ((فو الله ما نقول بأهوائنا و لا نقول برأينا و لا نقول إلا ما قال ربنا )) الأمالي (ص) 60 للشيخ المفيد / بصائر الدرجات ص320 /البحار ج2 ص173 .
وعن علي بن الحسين (ع) : (( إن دين الله عز و جل لا يصاب بالعقول الناقصة و الآراء الباطلة و المقاييس الفاسدة و لا يصاب إلا بالتسليم فمن سلم لنا سلم و من اقتدى بنا هدي و من كان يعمل بالقياس و الرأي هلك و من وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالذي أنزل السبع المثاني و القرآن العظيم و هو لا يعلم )) كمال الدين ص324/ البحار ج17 (ص) 262 .
وللقاريء والباحث المنصف فأن ما تقدم اعلاه من ادلة قرأنية وادلة من احاديث بيت الرسالة (ع) هي حجة بالغة امام الله بأن التقليد هو بدعة حذرنا منها الثقلين بشدة لما لها من اثار خطيرة في الامة الاسلامية ,
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد .
في الجزء الرابع سنبحث انشاءالله الادلة العقلية التي يستند عليها فقهاء التقليد وبطلانها
Comment