فقهاء آخر الزمان في روايات أهل البيت (ع)
أبو محمد الأنصاري الهدف من هذا المقال تعريف القارئ بحقيقة فقهاء آخر الزمان، كما تكشف عنها روايات أهل البيت (ع) ، فالملاحظ أن الناس بدلاً من أن يعرفوا حقيقة هؤلاء الفقهاء من أهل البيت (ع) نراهم يسعون لمعرفة أهل البيت ومعرفة الدين من خلال الفقهاء ، بل إنهم يحملون الدين كل أخطاء وأوزار هؤلاء المحرفين المنحرفين ، فيا لله كم هي الموازين مقلوبة عند الناس ؟ وكأنهم يجهلون حال فقهاء آخر الزمان ، مع إن فضائحهم أضحت حديث القاصي والداني ، وكأنه لا يكفي هؤلاء الفقهاء فضيحة أنهم مكنوا لأمريكا – الدجال الأكبر- وتركوا البلاد طعمة رخيصة لها ، فهل يرضى الله ورسوله بفعلهم هذا ، راجعوا أنفسكم وفطرتكم ؟
وسبحان الله هذا التأريخ كله بين أيدكم قلبوا صفحاته وانظروا كيف كانت مواقف الفقهاء مع الأنبياء والرسل ، هل ترونهم نصروا نبياً يوماً ، أم إنهم كانوا دائماً في طليعة المحاربين لهم ، وكانوا هم دائماً أول من يحرض الطواغيت على قتلهم ؟
هؤلاء الفقهاء المنحرفون يسعون دائماً لئن يكونوا هم في الصدارة ويكون الناس تبع لهم ، بل إنهم يزاحمون الله تعالى على عرشه ، ورد عن رسول الله (ص) : (والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لا تخطئون طريقهم، و لايخطئكم سنة بني إسرائيل) (بحار الأنوار ج52 : 180) .
ومعلوم إن بني إسرائيل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، كما أخبر عنهم القرآن الكريم {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } التوبة31 ، وورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية ما مضمونه (إنهم لم يأمروهم بعبادتهم، ولو أمروهم ما أطاعوهم، ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فأطاعوهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون).
وعن الصادق (ع) : (لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له، ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان ) (بحار الأنوار ج52 : 392). وبربط هذا الحديث بالحديث المتقدم، يتضح أن المراد من عبادة الأوثان هو إتباع الفقهاء المضلين ، الذين يريدون من الناس أن يعبدونهم من دون الله تعالى .
وبشان قوله (ع) : (لقد خرج منه) لا تحسب أن الخارجين عن أمر أهل البيت قوم آخرين غير الشيعة ، فأمرهم (ع) هو القول بإمامتهم ولا يخرج من هذا القول إلا من كان داخل فيه وهم الشيعة تحديداً وهؤلاء هم من يخرج من أمرهم (ع) والسبب لأنهم مقيمون على عبادة الأوثان ، أي إطاعة علماء السوء ، فهل من متعظ فينقذ نفسه من نار سعرها جبار السماوات والأرض ؟
وعن الرسول (ص) في حديث المعراج، قال: ... قلت إلهي فمتى يكون ذلك –أي الفرج-؟ فأوحى إلي (عز وجل): يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء و قل العمل وكثر الفتك و قل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة) (المصدر نفسه:27ومابعدها) . فمن علامات الفرج إذن كثرة فقهاء الضلالة الخونة ، و إذا أردتم مثالاً على خيانة هؤلاء الفقهاء، أذكركم بأن مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم كان دائماً الشعار المميز للشيعة ، وقد بذلوا من أجله أزكى الدماء، وتعرضوا لشتى صنوف الظلم والإضطهاد، ولم تستطع أقسى الظروف على حملهم على التنازل عنه. ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات، وها نحن اليوم نشهد مؤامرة التنصل عن هذا المبدأ المقدس التي يقودها فقهاء آخر الزمان الذين وضعوا أيديهم بأيدي الأمريكان المحتلين وآمنوا بالديمقراطية (حاكمية الناس).
وعن أمير المؤمنين (ع): ... وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه) (نهج البلاغة / ج2: 41).
وعن رسول الله (ص) : سيأتي زمان على أمتي لايبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود) (بحار الأنوار / ج52: 190).
وعن أبي عبدالله (ع) : إن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج عليه به) (غيبة النعماني: 159). ومن برأيك يتأول القرآن، عوام الناس الذين لا يعلمون أم هم الفقهاء؟ وأي فقهاء هؤلاء الذين يفتنون الناس ويبعدوهم عن القائم؟ ولكي تتعرف عليهم أكثر إليك هذه الأحاديث؛ عن الحسين (ع) : لايكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً. فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير. فقال الحسين (ع): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله) (نفسه: 213).
وقوله (لا يكون الأمر الذي تنتظرونه) خطاب للشيعة تحديداً فهم وحدهم ينتظرون القائم، وأما سبب الفرقة والخلاف بينهم فلأنهم يتبعون فقهاء آخر الزمان الخونة الذين يجعلون منهم أحزاباً وجماعات تعادي بعضها بعضاً، كما يحدث هذه الأيام، وسيزداد الأمر سوء .
يدلك عليه ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) في حديثه لمالك بن ضمرة: يا مالك بن ضمرة، كيف بك إذا اختلف الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: ياأمير المؤمنين ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) (نفسه: 214).
فالشيعة في هذا الحديث منصوص عليهم، ولاشك في أن السبعين رجلاً هم سبب الفتنة والفرقة ولهذا يقتلهم القائم (ع) وبقتلهم تعود الوحدة للشيعة. ومعنى أنهم يكذبون على الله وعلى رسوله، إنهم يشرعون أحكاماً لم ينزل الله فيها من سلطان، شأن علماء اليهود الذين يخطون الكتاب بأيديهم ويقولون هو من عند الله. وأنت تعلم أن الشيعة لا يتبعون غير فقهائهم، فالسبعون رجلاً من هؤلاء الفقهاء ، بل إنهم كبار الفقهاء، فظاهر الحديث يدل على أن الفتنة تعم الشيعة جميعاً، لا طائفة صغيرة منهم، ولو كان سبب الفتنة بعض المضلين من غير الفقهاء الكبار لما عمت الجميع. أقول وقد علق الشيخ الكوراني بعد أن أورد هذا الحديث قائلاً: أقول يظهر أن هؤلاء أصل الفتنة والإختلاف داخل الشيعة، ولايبعد أن يكونوا من علماء السوء المضلين و السياسيين المنحرفين) (المعجم الموضوعي / الكوراني: 581).
وعن أبي جعفر(ع) ، قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤن، يتقرون ويتنسكون، حدثاء سفهاء لايوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، إلا إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير، يتبعون زلات العلماء وفساد علمهم ) (تهذيب الأحكام / ج6: 180).
أعتقد إن هذا المقدار كاف لمن طلب الحق، وعلى من أراد المزيد مراجعة أحاديث أهل البيت (ع).
وأود أن أذكر الناس أ لم تسمعوا قول أمير المؤمنين (ع) (( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه )) أ لم تسمعوا قول الرسول (ص) (( الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء )) .
Comment