اليعقوبي فارس الكلمات المزيفة
أبو محمد الأنصاري
يتندر العراقيون في وصف مرجعية اليعقوبي بمرجعية الحواسم ، ويشيرون بهذا الوصف الساخر الى حقيقة أن هذه المرجعية المزعومة قد طفت على السطح بعد الإحتلال كما تطفو ثمرة نبات الفطر المسموم ، فلم يكن الرجل قبل الإحتلال شيئاً يُذكر ، بل إن ما تسرب من أخبار ماضيه – بعد أن ادعى أنه المرجع الفذ وقائد المرحلة المدّخر – لا يُشرّف شخصاً عادياً بالمرة فكيف بشخص ينتحل لنفسه المواصفات القياسية ؟
فاليعقوبي كما اتضح من الوثائق التي عُثر عليها في مديرية أمن مدينة النجف الصدامية كان رجل مخابرات وظيفته التجسس على السيد الصدر رحمه الله ومرجعية النجف عموماً ، وكان يتقاضى راتباً خيالياً لقاء خدماته التجسسية ( لم يكن وحده بطبيعة الحال من يقدم مثل هذه الخدمات لنظام صدام ، بل إن أسماء كبيرة ومقدسة لدى الناس جداً تشاركه هذا العمل الخياني القذر يترتب على التصريح بها ثورة عارمة ، على حد تعبير مصدر المعلومات – وهذه مناسبة طيبة لحثه على نشرها فقد بلغ السيل الزبى ) .
كما إن اليعقوبي كان معروفاً عنه الجبن ، فلم يقدم أي عون يُذكر للسيد الصدر طيلة أيام مواجهته الصعبة لنظام صدام ولمرجعية النجف المنافقة ، فلا قصاصة ورق ولا خطبة جمعة ولا حتى إيماءة رأس يُستفاد منها دعم المنهج الصدري المقاوم ، ولكن كل تأريخ الجبن والخدلان هذا تحول على يدي اليعقوبي نفسه وثلة المستفيدين منه الى بطولات لم تخطر على بال سرفانتس ليسبغها على بطله ( دون كيشوت ) ، فبقدرة عجيبة أصبح اليعقوبي ذراع السيد الصدر الأيمن والعقلية الجبارة التي تقف وراء كل المشروع الصدري .
على أية حال لست بصدد الحديث عن تأريخ الرجل فما يهمني من هذه النتف القليلة جداً هو الإشارة الى طبيعة شخصية اليعقوبي الحربائية المتلونة بحسب المواقف شدة ورخاء ، فاليعقوبي يتميز بخصلتين يمكن لكل متابع لمواقفه وخطاباته أن يلحظهما بوضوح ؛ أولاهما التلون والمداهنة ، وثانيهما غياب الملامح الواضحة والهوية المتميزة ، وهاتان الخصلتان كلتاهما تجعلان منه شبحاً يقبل التلون والتشكل بحسب طبيعة المرحلة والموقف السياسي والفكري الذي تقتضيه .
فالرجل الذي أسس مرجعيته المزيفة على أساس أنه الوريث الشرعي للسيد الصدر سرعان ما تخلى عن الصدريين في أزمتهم العصيبة إبان معركة النجف الأشرف ، بل إنه أدار السفينة ( 180 ) درجة بالكمال والتمام ، حين قرأ في ملامح الخريطة السياسية التي يريدها المحتل للعراق توجهاً لا يتفق مع مقولات السيد الصدر ، فكان انخراطه في المشروع الأمريكي قوياً لا يكاد يضاهيه فيه غير أوضح العملاء ، واليعقوبي على أية حال لا يأنف من الإعتراف بهذه الحقيقة ، فهو القائل بتبجح لا يُحسد عليه أن فتواه بالمشاركة في الإنتخابات ( العنوان الأبرز للمشروع الأمريكي ) من أقوى الفتاوى ، ولعل اليعقوبي يقصد بالقوة هنا الجرأة على الله بقرينة أنه جعل الإنصياع لأمر أمريكا بالذهاب الى الإنتخابات أولى من الإنصياع لأمر الله بالصلاة والصيام !؟ بل إن اليعقوبي قد جعل من الإنتخابات فريضة شرعية ، وأدخلها في خانة الفرائض الإجتماعية ، على الرغم من تناقضها الصارخ مع الإسلام وأحكامه جملة وتفصيلاً .
وعلى الرغم من انخراطه الفعلي الذي بلغ حد الثمالة بالمشروع الأمريكي إلا أن اليعقوبي بقي يحتفظ على مستوى الخطاب الإعلامي الإستخفافي بهامش يسمح له بالمناورة الكلامية لإقناع الأتباع المستحمرين بوطنيته واستقلاليته عن المشروع الأمريكي الخياني .
ويُلاحظ في هذا الصدد أن اليعقوبي يختار المواقف ذات الصيت الإعلامي الفارغ من المضمون ، أو التي تقف دائماً عند الحدود المطلبية ، أو التكتيكية ولم يجرؤ ولو لمرة واحدة باتخاذ موقف حقيقي من مسألة الإحتلال أو مشروعه السياسي .
فأقوى فتوى صدرت منه هي الفتوى التي حرم على أتباعه فيها شراء السجائر الأمريكية والبريطانية والفرنسية ، وهي الفتوى التي تبجح بها قائلاً ( أنقل النص للظرافة ) : (( ومن الحالات الخاصة للتحريم ما أفتيتُ به عام 2002 بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) حيث أعلن عدد من قادة الدول الغربية بصراحة وبوضوح الحرب الصليبية على الإسلام فحرّمت التعامل بالسكاير الأمريكية لأنها من موارد التمويل الضخمة للشركات التي تدعم الجهد المعادي للإسلام )) .
أ ليس من المضحك المبكي أن يُفتي اليعقوبي بحرمة التعامل بالسكائر لمجرد إعلان عدد من قادة الدول الغربية الحرب الصليبية على الإسلام ، ولا نسمع منه كلمة بحق جيوشهم التي دنست البلاد الإسلامية ؟
وهل يعتقد اليعقوبي أن فتواه هذه ذات تأثير حقيقي ، أم إن الأمر ضحك على الذقون لا أكثر ؟ علماً أن ما أسماه فتوى لم يسمع به أحد إلا بعد فترة طويلة من الإحتلال ، ووقتها قال إن ضرر التدخين على الصحة جزء من العلة في إصدار الفتوى . أ لا يحق للبصريين إذن أن يتندروا على هذه الفتوى بتسميتها ( فتوى الحب جكاير علج ) !!
أما الإنتقاد المتكرر الذي يوجهه اليعقوبي للحكومة فهو ينطلق فيه دائماً من الزاوية المطلبية ، أولاً ثم إنه انتقاد مبني على أساس ثأري ويقصد منه توسيع القاعدة الإنتخابية لحزب الفضيلة الذي يمثل اليعقوبي عرّابه أو الأب الروحي له ، إذ في الوقت الذي ينتقد فيه اليعقوبي أداء الحكومة العميلة فيما يتعلق بالشؤون الخدمية لا نسمع أن كتلته في البرلمان اتخذت موقفاً حاسماً في هذا الصدد ، بل نسمع النقيض تماماً وهو إتهام رجالات اليعقوبي بالسرقة والإختلاس ، والإثراء الفاحش ، ولاسيما محافظ البصرة مهرب الخمور المعروف وإخوته وحاشيته .
والحق إن مرجعية اليعقوبي بقضها وقضيضها مدينة بالكامل لبعض الأشخاص من حواشيه ، ويقف على رأسهم محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي وشقيقه ، فمرجعيته نشأت باتفاق بعض المشبوهين أمثال نديم الجابري الأمين العام السابق لحزب الفضيلة والبعثي السابق ومحمد مصبح وشقيقه العميلين للأمن الصدامي وبعض المنتفعين من أمثال المدعو أبو سلام ، حتى أن إسماعيل المكنى ابو سيف الوائلي شقيق محافظ البصرة قال يوماً : ( اليعقوبي مصدك نفسه مرجع والله ارجعه يبيع جرايد اباب الامام في النجف) ، وهذه الكلمة يتناقلها أهل البصرة وهي أشهر عندهم من اليعقوبي نفسه ، بل لا تضاهيها شهرة إلا شهرة آل مصبح الوائلي في العمالة للإنكليز والكويتين ، وسرقاتهم المنظمة لنفط البصرة ، وقصص البطة ( سيارة ) التي يستخدمونها في الإغتيالات .
فمرجعية اليعقوبي مرجعية حواسم بكل المقاييس ، بل هي مرجعية مافيوية ، وليس الخطابات التي كثيراً ما يتبجح اليعقوبي بحرصه الشديد من خلالها على الوطن والمواطنين سوى ذر للرماد في العيون ، وأذكر أن أحد الأشخاص استفتى اليعقوبي بشأن سرقة أموال الدولة فأفتى له بالجواز ، واشترط عليه التخميس عنده !! سبحان الله السارق يخمس والمرجع يأخذ أموال الدولة الحريص عليها جداً !! وعلى العموم يمكنكم سؤال البصريين عن هذه الفتوى فهي معروفة للجميع هناك تقريباً .
Comment