قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)
فمجمل ما خلقنا من أجله نحن البشر هو أن نعرف الله ونعبده حق عبادته، ولكي نعرف الطريق الصحيح الى الله سبحانه ارسل الله لنا رحمته المتمثلة بالرسل والانبياء والاوصياء عليهم السلام الذين حملوا كتبه الينا ليدلونا ولنتهدي ونتجنب الشبهات ونصل الى الصراط المستقيم الذي هو الطريق الصحيح والوحيد اليه سبحانه...
وذكرت لنا الكتب السماوية قصص الامم الأولى التي سبقتنا لكي نعتبر منها ونتعض ونستعد للإمتحان والابتلاء الإلهي ونتجنب ما تعرضت له من تيه وضلال نتيجة ابتعادها عن التمسك بالرسل والانبياء والأوصياء عليهم السلام والكتب السماوية واتباعهم لاسيادهم الذين كانوا ممتحنين مثلهم فكانت النتيجة كارثة للتابعين وللذين اتبعوا...
في هذا البحث المتواضع وبعد صراع مرير بين التمسك باعتقادي الذي نشأت عليه وهو وجوب تقليد الفقهاء وبين التمسك بما قرأته من أدلة وبراهين من القرآن والعتره الطاهره التي تثبت عكس ذلك، حاولت وضع آراء الفقهاء غير العاملين والذين أوجبوا التقليد على عوام الناس وقالوا انه بعدمه يخرج المسلم من طاعة الله !!! في ميزان الحقيقة من خلال التدقيق والنظر بعمق ووزن براهينهم في كفة مع ماجاء بكتاب الله والسنة الشريفة واحاديث العترة الطاهرة في كفة أخرى.
أن الله سبحانه وهبنا العقل وجعله حجة علينا إذاً علينا البحث بعقولنا
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : صدر العاقل صندوق سرّه، لا غِنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، اعقلوا الخير إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإنّ روّاد العلم كثيرون ورعاته قليلون، لا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير، وليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو خصومة في معاد، أو لذّة في غير محرّم، ما استودع الله امرءاً عقلا إلاّ استنقذه به يوماً ما... (روضة الواعظين، باب ماهيّة العقول: 4 ).
و العقل في الحقيقة هو ليس مصدر للتشريع لان مصدر التشريع هو الله عز وجل ولكن يمكن أن يكون ميزان لمعرفة الحق من الباطل والتمييز بين الغث والسمين و هنالك كفتين في كل ميزان لمعرفة الأمور وهي كفة قياسية وكفة ثانية نقيم بها الأمور اعتماداً على الكفة القياسية والكفة القياسية هنا هي في الحقيقة كفة التشريع الإلهي وهي موجودة في كل زمن اي منذ خلق الله آدم ومستمرة الى يوم القيامة حيث ان لكل زمن رسول مبعوث من الله ويكون معه التشريع الإلهي والذي هو الكفة القياسية الواجب استخدامها في ميزان عقلنا البشري لمعرفة حقائق الامور وبعدم وجود الكفة القياسية فيكون هذا الميزان قد فقد ميزته كميزان واصبح هو المُشرع فلهذا نرى الكثير من العقول تذهب بعيداً عن جادة الحق بدون هذه الكفة القياسية فنرى من يعبد البقرة أوالنار أوالشمس ومن لا يعبد أي شيء وهذا الأمر موجود لحد الان وفي دول متقدمة ويوجد الان من الشعوب التي تعتقد إن الزنى هو علاقة طبيعية ومباحة وان شرب الخمر بكميات معقولة امر صحي وطبيعي وصالات القمار ترفيه للنفس ,والكثير الكثير من هذه الامثلة اي المعنى ان المباديء الانسانية باستخدامها العقل كمصدر تشريع وبدون الرجوع الى التشريع الالهي ستكون متغيره وبشكل جذري بين الشعوب وستكون بعيدة كل البعد عن المباديء التي يريدها الله في خلقه اي التشريع الإلهي للبشرية ولهذه الحقيقة يجب أن نتيقن ان العقل لا يمكن ان يكون هو مصدر التشريع لما رأينا من الامثله الحياتية اعلاه والتي تعيشها الكثير من الشعوب التي اعتمدت العقل كمصدر تشريع ولهذا نحن نعتقد بأن العقل هو مركز فحص وفهم وتدقيق للامور بشرط ان يكون معتمداً على الكفة القياسية(التشريع الإلهي), فأما الكفة القياسية لنا كمسلمين فهي ما أمرنا به الرسول الكريم محمد (ص) وهو التمسك بالقرآن الكريم والعترة الطاهرة التي إن تمسكنا بهما لن نضل أبداً.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تركت فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.)
ولهذا نرى أن كل من ترك هذه الكفة لم يسعفه عقله في التوصل الى حقيقة الخلق والعبادة الحقيقية لله عز وجل اذن سيكون بحثنا معتمد على العقل والكفة القياسية فيه هي القرآن والعترة الطاهرة، والكفة الثانية ستكون في هذا البحث هي التقليد فعلينا وزنه ومعرفة حقيقته من خلال القرآن والعترة الطاهرة ولا يمكن قبول آراء وأفكار الناس مقابل رأي وقول الله والعترة الكريمة مهما يكون هؤلاء الناس لأنهم غير معصومون، (ونقبل آراءهم فقط إذا كانت تدعم رأي الكفة القياسية)، لانهم ليسوا من الكفة القياسية التي أُمِرْنا باتباعها من قبل الرسول محمد (ص) ومع ذلك سنناقشها في بحثنا هذا لكي نعرف الحقيقة كاملة.
2- بدعة التقليد بين اثباتات واهية وحقائق نافية
ان بدعة التقليد ليست بدعة وقتنا الحاضر وحسب وانما بدعة ابتليت بها الامم السابقة قبلنا وهذا ما جاء في قوله تعالى سبحانه: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
وفسر لنا اهل البيت عليهم السلام هذه الآية الكريمة ليكون ما حدث مع الاولين عبرة لنا و نتجنب ما وقعوا فيه من أخطاء فعن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: "أما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما اجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً [فاتبعوهم] فعبدوهم من حيث لا يشعرون" (الكافي، ج1 باب التقليد ص37)
ولا تكون البدعة فتنة تقودالى الضلال الا اذا كانت لها براهين واهية تخلط الحقيقة مع الباطل ...
قال أمير المؤمنين عليه السلام : أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع،و أحكام تبتدع،يخالف فيها كتاب الله،يتولى فيها رجال رجالا،فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى،و لو أن الحق خلص لم يكن اختلاف .ولكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث، فيمزجان فيجيئان معا،فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه،ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» ( نهج البلاغة)
ونحتاج ان نستعرض هذه البراهين التي إعتمدها فقهاء التقليد في اثبات مبدأ التقليد ونزنها بميزان الحقيقية ونضع في كفة الميزان الأخرى ماجاء في كتاب الله سبحانه وماجاء عن أهل البيت عليهم السلام :
2-1 الاجتهاد في التفسير يقود الى الضلال
من كتاب الله قوله سبحانه : (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)( (التوبة:122)
فهذه الآية الكريمة فسرها فقهاء التقليد على أن التفقه في الدين غير ملزم لكل الناس الا ان يكون منهم طائفةً يتفقهون في دينهم وعلى باقي الناس أن يقلدوا هؤلاء ويجعلوا بذلك التفقه في الدين واجب كفائي يسقط عن العامة اذا تصدى له نفر من الخاصة. فلنعرض هذه الآية الكريمة على الميزان العقل والكفة القياسية فيه وهي القرآن و العترة الطاهرة...
الأئمة عليهم السلام يفسرون هذه الآية على أنه على كل أمة معرفة امام زمانها المعصوم وهذا ما بينه الرسول الكريم في قوله ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة الجاهلية) فلذلك من كان سكنه بعيدا عن مدينة وسكن الامام (ع) ليس عليهم كلهم أن يكونوا قريبين من سكن الامام وأن يتركوا مدنهم وبلدانهم فلذلك وجب عليهم أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة ليكونوا قريبين من الامام (ع) فإذا وافاه الأجل (ع) رجعوا الى قومهم ليخبروهم بوجوب عدولهم الى ولاية امامهم الحي (ع) وهذا ما نجده في تفسير هذه الآية المنقول عن الكافي في الجزء الأول {باب ما يجب على الناس عند مضي الامام (ع)} ويوضح فيه كل الجوانب الممكن حدوثها اي اذا مات انسان اثناء الرجوع ولم يعرف ان امام زمانه قد تغير وغيرها من الأمور التي عودنا عليها الأئمة (ع) حيث لم يتركوا شيئاً إلا وعرفونا بأمره (ع) وهذا نص من هذه الروايات في ذلك وللقارئ أن يقرأ المزيد التي تنص على نفس المعنى في الكافي أو في المراجع الأخرى :
عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبدالله (ع): إذا حدث على الامام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عز وجل ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) )) قال: هم في عذر ما داموا في الطلب، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذرٍ حتى يرجع اليهم أصحابهم.
وعن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً فَقَالَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ قُلْتُ فَإِنَّ إِمَاماً هَلَكَ وَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ لَا يَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّهُ لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ قَالَ لَا يَسَعُهُ إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا هَلَكَ وَقَعَتْ حُجَّةُ وَصِيِّهِ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَ حَقُّ النَّفْرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إِذَا بَلَغَهُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ قُلْتُ فَنَفَرَ قَوْمٌ فَهَلَكَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ فَيَعْلَمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ يَقُولُ وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ فَبَلَغَ الْبَلَدَ بَعْضُهُمْ فَوَجَدَكَ مُغْلَقاً عَلَيْكَ بَابُكَ وَ مُرْخًى عَلَيْكَ سِتْرُكَ لَا تَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِكَ وَ لَا يَكُونُ مَنْ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ فَبِمَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ قَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ قُلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ كَيْفَ قَالَ أَرَاكَ قَدْ تَكَلَّمْتَ فِي هَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ قُلْتُ أَجَلْ قَالَ فَذَكِّرْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ ع وَ مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ ع وَ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ عَلِيّاً ع وَ مَا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِ وَ نَصْبِهِ إِيَّاهُ وَ مَا يُصِيبُهُمْ وَ إِقْرَارِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ بِذَلِكَ وَ وَصِيَّتِهِ إِلَى الْحَسَنِ وَ تَسْلِيمِ الْحُسَيْنِ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ .....
(الكافي باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام ..... ص : 378 )
أما ما يثبت قول الإمام (ع) من الناحية العقلية فإنه عند تحليل هذه الآية الكريمة نرى فيها ما يثبت قول الامام (ع) وينفي رأي فقهاء التقليد وهي كالآتي:
1- قوله عز وجل ((فلولا نَفَرَ)) والنفور في اللغة هو بمعنى الخروج من مكان الى مكان آخر وهذا يثبت أن من كانوا هم بعيدون عن سكن امام عصرهم عليهم نفور طائفة منهم الى مكان الامام (ع)والتفقه في الدين في هذه الاية الكريمة هو كما بينه الائمة (ع)هو معرفة امام زمانهم أما اذا كان المقصود التفقه في الدين هو دراسة الدين فيمكن أن يتفقه الانسان دينه من الكتب والمراجع الموجودة في منزله ولا يحتاج الى النفور فكلمة نفور أو نَفَرَ تعبير الانتقال المكاني.
2- قوله عز وجل ((ولينذروا قومهم)) فلو كان الأمر تفقه في الدين والشريعة لقال وليعلموا أو وليفقهوا قومهم ولكن المراد كما هو واضح أن ينذروهم بتغير أو موت امامهم السابق وانذارهم بالتمسك بولاية امامهم الحالي (ع) ولذلك قال عز وجل لعلهم يحذرون أي يحذروا أن يموتوا ولم يعرفوا امام زمانهم فيموتوا ميتة الجاهلية كما قال الرسول محمد (ص)
3- قوله إذا رجعوا اليهم فإذا كان الأمر هو تفقه في الشريعة فما يفعل الناس في دينهم وشرعهم في فترة الغياب أي من سفر اوترك هذه الطائفة لهم وذهابهم الى مركز العلم أو الحوزة حالياً والتي قد تستمر أربعين أو خمسين سنة وفي أكثر الأحيان هم لا يرجعون كما نرى في معظم مراجعنا الان حيث أنهم لم يرجعوا الى قومهم في ايران او افغانستان او باكستان فهل يكون هؤلاء الأناس البعيديين عن مراكز العلم في حل امام الله في عدم معرفتهم أو فقههم في دينهم فيحرموا ما أحل الله أو يحلوا ما حرم الله الى ان يعود من ارسلوهم اليهم، وهذا ينافي شرع الله وما أوصانا به الرسول الكريم وعترته الطاهرة حيث قال العلم فريضه على كل مسلم ومسلمه, ولكن معنى الآية الكريمة هي كما قاله الامام جعفر الصادق (ع) وهو ذهابهم ورجوعهم فقط لمعرفة امامهم المعصوم (ع) الحالي عند موت امامهم المعصوم الذي كانوا يوالونه سابقاً.
4- الانذار هنا ممكن أن يتم عن طريق طائفة أما التقليد فالواجب من الأعلم فقط وهذا يخالف النص إذن من هنا نرى أن القرآن الكريم في هذه الآية الكريمة بعيد كل البعد عما يتخرصهُ أو يراه فقهاء التقليد.ونرها انهم اعتبروا انفسهم هم العلماء المشار اليهم وحاشا لاهل البيت (ع) من ان يجعلونا نتبع غير المعصوم الذي جاء امر اتباعه وطاعته من الله عز وجل وهذا كلام امامنا الصادق (ع) في ايضاح اصناف الناس حتى يقطع الطريق على كل من تسول له نفسه انتحال القاب وصفاة اهل البيت (ع) عن الصادق (ع) انه قال : (يَغْدُو النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ عَالِمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَغُثَاءٍ فَنَحْنُ الْعُلَمَاءُ وَشِيعَتُنَا الْمُتَعَلِّمُونَ وَسَائِرُ النَّاسِ غُثَاءٌ ) الكافي ج : 1 ص 51
فالعلماء الواجب أتباعهم هم الرسل والانبياء والاوصياء ولايصل لدرجة اعلميتهم أحد من الناس ... فالناس كلهم متعلمون ... فكيف نقلد من هم متعلمون خطاؤن ؟؟؟
2-2 كتاب الله ينهانا عن التقليد
أما الآيات الكريمة التي تحذرنا من التقليد والاتباع الاعمى فهي واضحة وكثيرة جداً ومنها:
قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
(وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (الأحزاب:67)
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) (البقرة:166)
ونرجع مرة أخرى الى الكفة القياسية أي رأي الأئمة المعصومين (ع) من شرح هذه الآية الكريمة : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: "أما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما اجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً [فاتبعوهم] فعبدوهم من حيث لا يشعرون" (الكافي، ج1 باب التقليد ص37)
ألا ينطبق ما قاله الامام (ع) على ما نفعله اليوم كمقلديين وهو نفس ما فعله اليهود والنصارى من قبلنا وكذلك تشابه ما يفعله فقهاء التقليد بما فعله الأحبار والرهبان سابقاً ... ونوضح ذلك بالنقاط التاليه:
1- هم لم يسألونا عبادتهم (أي فقهاء التقليد أو المراجع) ولو سألوانا ما عبدناهم وهذا أمر يعتقده ويؤمن به الجميع أي اننا نعبد الله ولا نعبد الفقهاء وهذا أيضاً ما قاله الامام (ع) في اليهود والنصارى انهم لو دعودهم (أي أحبارهم ورهبانهم) لعبادة أنفسهم ما أجابوهم. وهو أمر ايجابي حيث أن عبادة الأشخاص هو أمر يؤدي الى الشرك ويوجب النار والعياذ بالله.
2- أن أحبار اليهود ورهبان النصارى قد أحلوا حراماً وحرموا حلالاً أي لم يحلوا كل الحرام ولم يحرموا كل الحلال أي جزءً منه لأنهم غير معصومين وخطائيين.
وهذا هو حال فقهائنا و من كل الأطياف ولكننا نركز هنا على فقهاء التقليد والذين يدعون أنهم على منهج أهل البيت (ع) إذ نرى تشابه واضح جداً من حيث أن كثير من المسائل الشرعية لا يوجد أية اجماع عليها ... ونرى نفس حكم المسألة عند مجموعة من الفقهاء بأنها حلال وعند أخرى مستحب وعند أخرى مكروه وعند أخرى حرام، والأمثلة كثيرة وخطيرة فالزواج المنقطع في بعض أحكامه(مثل الزواج بالسنية أو الزواج بالمشهورة بالزنا) عند بعض العلماء حرام وعند الآخر حلال ويعتبروه سنة مستحبة وعند آخرين مكروه وكذلك التدخين اثناء الصيام فهو غير مفطر عند البعض ومفطر عند البعض الآخر وكذلك حلق اللحية فهو فسوق عند البعض وحلال عند الآخر ومكروه عند البعض والكثير الكثير وهذه الأمثلة هي خطيرة جداً لانه قد تكون زانياً وانت تعتقد انك تُحيي سُنه, وقد تكون مفطر شهر رمضان وانت تعتقد انك اديت فرض واجب، وقد تكون فاسقاً وتعتبر نفسك متديناً وهذه الامور من الكبائر التي قد تأخذك للنار وهكذا نرى إن تناقضاتهم تكاد تكون عامة وفي جميع الأمور وأعلاه كانت أمثلة بسيطة لهذا البحث فقط والواضح هنا أنه أكيدً أن فقهاءنا قد حللوا حراماً وحرموا حلالاً فلا يمكن لنفس المسألة أن تكون حلالاً وحراماً في نفس الوقت ولنفس الدين لأن حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة, وهذا تشابه واضح جداً بين ما يفعله فقهاؤنا وما فعله الأحبار والرهبان في الآية الكريمة.
3- والمسألة الأخطر هي التشابه الثالث حيث أننا أطعنا فقهائنا واتباعنا فتاويهم وهو نفس اطاعة واتباع اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم في شرح الامام (ع) ولهذا يكون التطابق الكامل من حيث اننا اتخذنا فقهاءنا الغير معصومين أولياء من دون الله والعياذ بالله من ذلك، وهذا ما يؤكده لنا الله عز وجل في كتابه حيث قال سبحانه: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (الانشقاق:19)
وقول النَّبِيُّ ص : يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ) منلايحضرهالفقيه ج : 1 ص : 203 (
وقوله الله عَزَّ وَ جَلَّ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا
هذا كله يؤكد وقوع هذا الأمر الجسيم الأليم بيننا حيث قمنا بعبادة فقهائنا من حيث لا نشعر كما فعل اليهود والنصارى مع أحبارهم ورهبانهم.
وحذرنا الله سبحانه في كتابه الكريم إذ قال :
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) (البقرة:166)
(وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:167)
(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:38)
والواضح هنا أن الله عز وجل قد جعل لكل منهم ضعف لأن المُضل قد أعانه الضال فإحدهما أعان الآخر في هذه الضلالة فوجب لكل منهم الضِعف من العذاب والعياذ بالله. لذلك وجب على كل انسان أن يحذر ويتأكد من أين يأخذ دينه ولمن يتبع حتى لا يكون ممن شملهم العذاب في هذه الآية وعندها لا تنفع حسرته ولومه نفسه.
وشدة الامتحان تكمن في ان هؤلاء الفقهاء يلبسون رداء الرسول واهل البيت صلوات الله عليهم وسلامه وجعلوا إئمة للضلال .
قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (القصص:41)
ومن هنا نرى ان فقهاء التقليد ليس لديهم ما يثبت بدعتهم من القرآن سوى آية وحيدة اخذوا متشابهها ولم يأخذوا محكمها من تفسير أهل البيت(ع) وقد ذهبوا بتفسيرها الى طريق يختلف كل الاختلاف عن الحق لأنه تفسيرهم هم القاصرين الغير معصومين ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم)) آل عمران 7
وكما رأينا اعلاه فأن الآيات التي تثبت وتحذر من ذلك كثيرة جداً في القرآن لأن هذا الأمر خطير لذلك فأن الله العزيز الحكيم عز وجل قد جعل له ما يناسبه من الآيات الكريمة المحكمة التي تضرب لنا الأمثال وتحذرنا مما قد نواجهه في امتحان مماثل وما قد ينتج عند الفشل في الامتحان .
في الجزء الثاني انشاءالله سنبين الاحاديث التي حرفها الفقهاء الغير عاملين ليثبتوا بدعتهم
فمجمل ما خلقنا من أجله نحن البشر هو أن نعرف الله ونعبده حق عبادته، ولكي نعرف الطريق الصحيح الى الله سبحانه ارسل الله لنا رحمته المتمثلة بالرسل والانبياء والاوصياء عليهم السلام الذين حملوا كتبه الينا ليدلونا ولنتهدي ونتجنب الشبهات ونصل الى الصراط المستقيم الذي هو الطريق الصحيح والوحيد اليه سبحانه...
وذكرت لنا الكتب السماوية قصص الامم الأولى التي سبقتنا لكي نعتبر منها ونتعض ونستعد للإمتحان والابتلاء الإلهي ونتجنب ما تعرضت له من تيه وضلال نتيجة ابتعادها عن التمسك بالرسل والانبياء والأوصياء عليهم السلام والكتب السماوية واتباعهم لاسيادهم الذين كانوا ممتحنين مثلهم فكانت النتيجة كارثة للتابعين وللذين اتبعوا...
في هذا البحث المتواضع وبعد صراع مرير بين التمسك باعتقادي الذي نشأت عليه وهو وجوب تقليد الفقهاء وبين التمسك بما قرأته من أدلة وبراهين من القرآن والعتره الطاهره التي تثبت عكس ذلك، حاولت وضع آراء الفقهاء غير العاملين والذين أوجبوا التقليد على عوام الناس وقالوا انه بعدمه يخرج المسلم من طاعة الله !!! في ميزان الحقيقة من خلال التدقيق والنظر بعمق ووزن براهينهم في كفة مع ماجاء بكتاب الله والسنة الشريفة واحاديث العترة الطاهرة في كفة أخرى.
أن الله سبحانه وهبنا العقل وجعله حجة علينا إذاً علينا البحث بعقولنا
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : صدر العاقل صندوق سرّه، لا غِنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، اعقلوا الخير إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإنّ روّاد العلم كثيرون ورعاته قليلون، لا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير، وليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو خصومة في معاد، أو لذّة في غير محرّم، ما استودع الله امرءاً عقلا إلاّ استنقذه به يوماً ما... (روضة الواعظين، باب ماهيّة العقول: 4 ).
و العقل في الحقيقة هو ليس مصدر للتشريع لان مصدر التشريع هو الله عز وجل ولكن يمكن أن يكون ميزان لمعرفة الحق من الباطل والتمييز بين الغث والسمين و هنالك كفتين في كل ميزان لمعرفة الأمور وهي كفة قياسية وكفة ثانية نقيم بها الأمور اعتماداً على الكفة القياسية والكفة القياسية هنا هي في الحقيقة كفة التشريع الإلهي وهي موجودة في كل زمن اي منذ خلق الله آدم ومستمرة الى يوم القيامة حيث ان لكل زمن رسول مبعوث من الله ويكون معه التشريع الإلهي والذي هو الكفة القياسية الواجب استخدامها في ميزان عقلنا البشري لمعرفة حقائق الامور وبعدم وجود الكفة القياسية فيكون هذا الميزان قد فقد ميزته كميزان واصبح هو المُشرع فلهذا نرى الكثير من العقول تذهب بعيداً عن جادة الحق بدون هذه الكفة القياسية فنرى من يعبد البقرة أوالنار أوالشمس ومن لا يعبد أي شيء وهذا الأمر موجود لحد الان وفي دول متقدمة ويوجد الان من الشعوب التي تعتقد إن الزنى هو علاقة طبيعية ومباحة وان شرب الخمر بكميات معقولة امر صحي وطبيعي وصالات القمار ترفيه للنفس ,والكثير الكثير من هذه الامثلة اي المعنى ان المباديء الانسانية باستخدامها العقل كمصدر تشريع وبدون الرجوع الى التشريع الالهي ستكون متغيره وبشكل جذري بين الشعوب وستكون بعيدة كل البعد عن المباديء التي يريدها الله في خلقه اي التشريع الإلهي للبشرية ولهذه الحقيقة يجب أن نتيقن ان العقل لا يمكن ان يكون هو مصدر التشريع لما رأينا من الامثله الحياتية اعلاه والتي تعيشها الكثير من الشعوب التي اعتمدت العقل كمصدر تشريع ولهذا نحن نعتقد بأن العقل هو مركز فحص وفهم وتدقيق للامور بشرط ان يكون معتمداً على الكفة القياسية(التشريع الإلهي), فأما الكفة القياسية لنا كمسلمين فهي ما أمرنا به الرسول الكريم محمد (ص) وهو التمسك بالقرآن الكريم والعترة الطاهرة التي إن تمسكنا بهما لن نضل أبداً.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (تركت فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.)
ولهذا نرى أن كل من ترك هذه الكفة لم يسعفه عقله في التوصل الى حقيقة الخلق والعبادة الحقيقية لله عز وجل اذن سيكون بحثنا معتمد على العقل والكفة القياسية فيه هي القرآن والعترة الطاهرة، والكفة الثانية ستكون في هذا البحث هي التقليد فعلينا وزنه ومعرفة حقيقته من خلال القرآن والعترة الطاهرة ولا يمكن قبول آراء وأفكار الناس مقابل رأي وقول الله والعترة الكريمة مهما يكون هؤلاء الناس لأنهم غير معصومون، (ونقبل آراءهم فقط إذا كانت تدعم رأي الكفة القياسية)، لانهم ليسوا من الكفة القياسية التي أُمِرْنا باتباعها من قبل الرسول محمد (ص) ومع ذلك سنناقشها في بحثنا هذا لكي نعرف الحقيقة كاملة.
2- بدعة التقليد بين اثباتات واهية وحقائق نافية
ان بدعة التقليد ليست بدعة وقتنا الحاضر وحسب وانما بدعة ابتليت بها الامم السابقة قبلنا وهذا ما جاء في قوله تعالى سبحانه: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
وفسر لنا اهل البيت عليهم السلام هذه الآية الكريمة ليكون ما حدث مع الاولين عبرة لنا و نتجنب ما وقعوا فيه من أخطاء فعن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: "أما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما اجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً [فاتبعوهم] فعبدوهم من حيث لا يشعرون" (الكافي، ج1 باب التقليد ص37)
ولا تكون البدعة فتنة تقودالى الضلال الا اذا كانت لها براهين واهية تخلط الحقيقة مع الباطل ...
قال أمير المؤمنين عليه السلام : أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع،و أحكام تبتدع،يخالف فيها كتاب الله،يتولى فيها رجال رجالا،فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى،و لو أن الحق خلص لم يكن اختلاف .ولكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث، فيمزجان فيجيئان معا،فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه،ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» ( نهج البلاغة)
ونحتاج ان نستعرض هذه البراهين التي إعتمدها فقهاء التقليد في اثبات مبدأ التقليد ونزنها بميزان الحقيقية ونضع في كفة الميزان الأخرى ماجاء في كتاب الله سبحانه وماجاء عن أهل البيت عليهم السلام :
2-1 الاجتهاد في التفسير يقود الى الضلال
من كتاب الله قوله سبحانه : (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)( (التوبة:122)
فهذه الآية الكريمة فسرها فقهاء التقليد على أن التفقه في الدين غير ملزم لكل الناس الا ان يكون منهم طائفةً يتفقهون في دينهم وعلى باقي الناس أن يقلدوا هؤلاء ويجعلوا بذلك التفقه في الدين واجب كفائي يسقط عن العامة اذا تصدى له نفر من الخاصة. فلنعرض هذه الآية الكريمة على الميزان العقل والكفة القياسية فيه وهي القرآن و العترة الطاهرة...
الأئمة عليهم السلام يفسرون هذه الآية على أنه على كل أمة معرفة امام زمانها المعصوم وهذا ما بينه الرسول الكريم في قوله ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة الجاهلية) فلذلك من كان سكنه بعيدا عن مدينة وسكن الامام (ع) ليس عليهم كلهم أن يكونوا قريبين من سكن الامام وأن يتركوا مدنهم وبلدانهم فلذلك وجب عليهم أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة ليكونوا قريبين من الامام (ع) فإذا وافاه الأجل (ع) رجعوا الى قومهم ليخبروهم بوجوب عدولهم الى ولاية امامهم الحي (ع) وهذا ما نجده في تفسير هذه الآية المنقول عن الكافي في الجزء الأول {باب ما يجب على الناس عند مضي الامام (ع)} ويوضح فيه كل الجوانب الممكن حدوثها اي اذا مات انسان اثناء الرجوع ولم يعرف ان امام زمانه قد تغير وغيرها من الأمور التي عودنا عليها الأئمة (ع) حيث لم يتركوا شيئاً إلا وعرفونا بأمره (ع) وهذا نص من هذه الروايات في ذلك وللقارئ أن يقرأ المزيد التي تنص على نفس المعنى في الكافي أو في المراجع الأخرى :
عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبدالله (ع): إذا حدث على الامام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عز وجل ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) )) قال: هم في عذر ما داموا في الطلب، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذرٍ حتى يرجع اليهم أصحابهم.
وعن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً فَقَالَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ قُلْتُ فَإِنَّ إِمَاماً هَلَكَ وَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ لَا يَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّهُ لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ قَالَ لَا يَسَعُهُ إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا هَلَكَ وَقَعَتْ حُجَّةُ وَصِيِّهِ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَ حَقُّ النَّفْرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إِذَا بَلَغَهُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ قُلْتُ فَنَفَرَ قَوْمٌ فَهَلَكَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ فَيَعْلَمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ يَقُولُ وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ فَبَلَغَ الْبَلَدَ بَعْضُهُمْ فَوَجَدَكَ مُغْلَقاً عَلَيْكَ بَابُكَ وَ مُرْخًى عَلَيْكَ سِتْرُكَ لَا تَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِكَ وَ لَا يَكُونُ مَنْ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ فَبِمَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ قَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ قُلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ كَيْفَ قَالَ أَرَاكَ قَدْ تَكَلَّمْتَ فِي هَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ قُلْتُ أَجَلْ قَالَ فَذَكِّرْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ ع وَ مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ ع وَ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ عَلِيّاً ع وَ مَا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِ وَ نَصْبِهِ إِيَّاهُ وَ مَا يُصِيبُهُمْ وَ إِقْرَارِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ بِذَلِكَ وَ وَصِيَّتِهِ إِلَى الْحَسَنِ وَ تَسْلِيمِ الْحُسَيْنِ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ .....
(الكافي باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام ..... ص : 378 )
أما ما يثبت قول الإمام (ع) من الناحية العقلية فإنه عند تحليل هذه الآية الكريمة نرى فيها ما يثبت قول الامام (ع) وينفي رأي فقهاء التقليد وهي كالآتي:
1- قوله عز وجل ((فلولا نَفَرَ)) والنفور في اللغة هو بمعنى الخروج من مكان الى مكان آخر وهذا يثبت أن من كانوا هم بعيدون عن سكن امام عصرهم عليهم نفور طائفة منهم الى مكان الامام (ع)والتفقه في الدين في هذه الاية الكريمة هو كما بينه الائمة (ع)هو معرفة امام زمانهم أما اذا كان المقصود التفقه في الدين هو دراسة الدين فيمكن أن يتفقه الانسان دينه من الكتب والمراجع الموجودة في منزله ولا يحتاج الى النفور فكلمة نفور أو نَفَرَ تعبير الانتقال المكاني.
2- قوله عز وجل ((ولينذروا قومهم)) فلو كان الأمر تفقه في الدين والشريعة لقال وليعلموا أو وليفقهوا قومهم ولكن المراد كما هو واضح أن ينذروهم بتغير أو موت امامهم السابق وانذارهم بالتمسك بولاية امامهم الحالي (ع) ولذلك قال عز وجل لعلهم يحذرون أي يحذروا أن يموتوا ولم يعرفوا امام زمانهم فيموتوا ميتة الجاهلية كما قال الرسول محمد (ص)
3- قوله إذا رجعوا اليهم فإذا كان الأمر هو تفقه في الشريعة فما يفعل الناس في دينهم وشرعهم في فترة الغياب أي من سفر اوترك هذه الطائفة لهم وذهابهم الى مركز العلم أو الحوزة حالياً والتي قد تستمر أربعين أو خمسين سنة وفي أكثر الأحيان هم لا يرجعون كما نرى في معظم مراجعنا الان حيث أنهم لم يرجعوا الى قومهم في ايران او افغانستان او باكستان فهل يكون هؤلاء الأناس البعيديين عن مراكز العلم في حل امام الله في عدم معرفتهم أو فقههم في دينهم فيحرموا ما أحل الله أو يحلوا ما حرم الله الى ان يعود من ارسلوهم اليهم، وهذا ينافي شرع الله وما أوصانا به الرسول الكريم وعترته الطاهرة حيث قال العلم فريضه على كل مسلم ومسلمه, ولكن معنى الآية الكريمة هي كما قاله الامام جعفر الصادق (ع) وهو ذهابهم ورجوعهم فقط لمعرفة امامهم المعصوم (ع) الحالي عند موت امامهم المعصوم الذي كانوا يوالونه سابقاً.
4- الانذار هنا ممكن أن يتم عن طريق طائفة أما التقليد فالواجب من الأعلم فقط وهذا يخالف النص إذن من هنا نرى أن القرآن الكريم في هذه الآية الكريمة بعيد كل البعد عما يتخرصهُ أو يراه فقهاء التقليد.ونرها انهم اعتبروا انفسهم هم العلماء المشار اليهم وحاشا لاهل البيت (ع) من ان يجعلونا نتبع غير المعصوم الذي جاء امر اتباعه وطاعته من الله عز وجل وهذا كلام امامنا الصادق (ع) في ايضاح اصناف الناس حتى يقطع الطريق على كل من تسول له نفسه انتحال القاب وصفاة اهل البيت (ع) عن الصادق (ع) انه قال : (يَغْدُو النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ عَالِمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَغُثَاءٍ فَنَحْنُ الْعُلَمَاءُ وَشِيعَتُنَا الْمُتَعَلِّمُونَ وَسَائِرُ النَّاسِ غُثَاءٌ ) الكافي ج : 1 ص 51
فالعلماء الواجب أتباعهم هم الرسل والانبياء والاوصياء ولايصل لدرجة اعلميتهم أحد من الناس ... فالناس كلهم متعلمون ... فكيف نقلد من هم متعلمون خطاؤن ؟؟؟
2-2 كتاب الله ينهانا عن التقليد
أما الآيات الكريمة التي تحذرنا من التقليد والاتباع الاعمى فهي واضحة وكثيرة جداً ومنها:
قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
(وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (الأحزاب:67)
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) (البقرة:166)
ونرجع مرة أخرى الى الكفة القياسية أي رأي الأئمة المعصومين (ع) من شرح هذه الآية الكريمة : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: "أما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما اجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً [فاتبعوهم] فعبدوهم من حيث لا يشعرون" (الكافي، ج1 باب التقليد ص37)
ألا ينطبق ما قاله الامام (ع) على ما نفعله اليوم كمقلديين وهو نفس ما فعله اليهود والنصارى من قبلنا وكذلك تشابه ما يفعله فقهاء التقليد بما فعله الأحبار والرهبان سابقاً ... ونوضح ذلك بالنقاط التاليه:
1- هم لم يسألونا عبادتهم (أي فقهاء التقليد أو المراجع) ولو سألوانا ما عبدناهم وهذا أمر يعتقده ويؤمن به الجميع أي اننا نعبد الله ولا نعبد الفقهاء وهذا أيضاً ما قاله الامام (ع) في اليهود والنصارى انهم لو دعودهم (أي أحبارهم ورهبانهم) لعبادة أنفسهم ما أجابوهم. وهو أمر ايجابي حيث أن عبادة الأشخاص هو أمر يؤدي الى الشرك ويوجب النار والعياذ بالله.
2- أن أحبار اليهود ورهبان النصارى قد أحلوا حراماً وحرموا حلالاً أي لم يحلوا كل الحرام ولم يحرموا كل الحلال أي جزءً منه لأنهم غير معصومين وخطائيين.
وهذا هو حال فقهائنا و من كل الأطياف ولكننا نركز هنا على فقهاء التقليد والذين يدعون أنهم على منهج أهل البيت (ع) إذ نرى تشابه واضح جداً من حيث أن كثير من المسائل الشرعية لا يوجد أية اجماع عليها ... ونرى نفس حكم المسألة عند مجموعة من الفقهاء بأنها حلال وعند أخرى مستحب وعند أخرى مكروه وعند أخرى حرام، والأمثلة كثيرة وخطيرة فالزواج المنقطع في بعض أحكامه(مثل الزواج بالسنية أو الزواج بالمشهورة بالزنا) عند بعض العلماء حرام وعند الآخر حلال ويعتبروه سنة مستحبة وعند آخرين مكروه وكذلك التدخين اثناء الصيام فهو غير مفطر عند البعض ومفطر عند البعض الآخر وكذلك حلق اللحية فهو فسوق عند البعض وحلال عند الآخر ومكروه عند البعض والكثير الكثير وهذه الأمثلة هي خطيرة جداً لانه قد تكون زانياً وانت تعتقد انك تُحيي سُنه, وقد تكون مفطر شهر رمضان وانت تعتقد انك اديت فرض واجب، وقد تكون فاسقاً وتعتبر نفسك متديناً وهذه الامور من الكبائر التي قد تأخذك للنار وهكذا نرى إن تناقضاتهم تكاد تكون عامة وفي جميع الأمور وأعلاه كانت أمثلة بسيطة لهذا البحث فقط والواضح هنا أنه أكيدً أن فقهاءنا قد حللوا حراماً وحرموا حلالاً فلا يمكن لنفس المسألة أن تكون حلالاً وحراماً في نفس الوقت ولنفس الدين لأن حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة, وهذا تشابه واضح جداً بين ما يفعله فقهاؤنا وما فعله الأحبار والرهبان في الآية الكريمة.
3- والمسألة الأخطر هي التشابه الثالث حيث أننا أطعنا فقهائنا واتباعنا فتاويهم وهو نفس اطاعة واتباع اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم في شرح الامام (ع) ولهذا يكون التطابق الكامل من حيث اننا اتخذنا فقهاءنا الغير معصومين أولياء من دون الله والعياذ بالله من ذلك، وهذا ما يؤكده لنا الله عز وجل في كتابه حيث قال سبحانه: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (الانشقاق:19)
وقول النَّبِيُّ ص : يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ) منلايحضرهالفقيه ج : 1 ص : 203 (
وقوله الله عَزَّ وَ جَلَّ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا
هذا كله يؤكد وقوع هذا الأمر الجسيم الأليم بيننا حيث قمنا بعبادة فقهائنا من حيث لا نشعر كما فعل اليهود والنصارى مع أحبارهم ورهبانهم.
وحذرنا الله سبحانه في كتابه الكريم إذ قال :
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) (البقرة:166)
(وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:167)
(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:38)
والواضح هنا أن الله عز وجل قد جعل لكل منهم ضعف لأن المُضل قد أعانه الضال فإحدهما أعان الآخر في هذه الضلالة فوجب لكل منهم الضِعف من العذاب والعياذ بالله. لذلك وجب على كل انسان أن يحذر ويتأكد من أين يأخذ دينه ولمن يتبع حتى لا يكون ممن شملهم العذاب في هذه الآية وعندها لا تنفع حسرته ولومه نفسه.
وشدة الامتحان تكمن في ان هؤلاء الفقهاء يلبسون رداء الرسول واهل البيت صلوات الله عليهم وسلامه وجعلوا إئمة للضلال .
قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (القصص:41)
ومن هنا نرى ان فقهاء التقليد ليس لديهم ما يثبت بدعتهم من القرآن سوى آية وحيدة اخذوا متشابهها ولم يأخذوا محكمها من تفسير أهل البيت(ع) وقد ذهبوا بتفسيرها الى طريق يختلف كل الاختلاف عن الحق لأنه تفسيرهم هم القاصرين الغير معصومين ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم)) آل عمران 7
وكما رأينا اعلاه فأن الآيات التي تثبت وتحذر من ذلك كثيرة جداً في القرآن لأن هذا الأمر خطير لذلك فأن الله العزيز الحكيم عز وجل قد جعل له ما يناسبه من الآيات الكريمة المحكمة التي تضرب لنا الأمثال وتحذرنا مما قد نواجهه في امتحان مماثل وما قد ينتج عند الفشل في الامتحان .
في الجزء الثاني انشاءالله سنبين الاحاديث التي حرفها الفقهاء الغير عاملين ليثبتوا بدعتهم
Comment