الدعوة المهدوية دعوة تبشرية بطبيعتها، أي إنها تستهدف اقناع الناس بمقولاتها، وما تدعو له، فلا مصلحة لها، بالنتيجة، في استعداء الناس، فما بالك في عدائهم؟
وعلى الرغم من إن هذه الحقيقة ينبغي أن تكون واضحة، وثابتة، بحد ذاتها، ومن خلال العنوان التبشيري أو الدعوي للدعوة المهدوية، ولا تحتاج لتطويل، ولا تعريض لإثباتها، فإن السيد اليماني وأتباعه لم يكتفوا بالعنوان وإنما ضمّنوا أدبياتهم، وترجموا بسلوكهم العملي هذه الحقيقة الناصعة كالشمس في رابعة النهار.
أكثر من ذلك يلاحظ من يطلع على أدبيات الدعوة المهدوية أنها، منذ البداية، قد شخصت الجهة العدوة بالنسبة لها، متمثلة بالنواصب التكفيريين حصراً، وحددت الآخرين، بصرف النظر عن مسمياتهم، وانتماءاتهم الدينية والقومية، على أنهم محيطها الحيوي الذي تتحرك فيه، ومن خلاله، ومادتها التي تغتني بها، والمتلقي المنشود لرسالتها.
لكن يبدو أن البعض، وللأسف الشديد، لا يريد أن يقتنع بشيء من هذا، بل إنه لا يروقه الماء العذب الصافي، فيسعى جاهداً لإلقاء حجارة فيه لتعكيره، غير آبه بما قد تجره أحقاده غير المبررة من توهين للصفوف التي هي أحوج ما تكون للرص، ونزع الغل من الصدور، للتفرغ للعدو الغاشم الذي يستهدف الجميع، ولا يدخر أحداً أبداً.
إن إشاعة الشكوك والظنون، وأجواء عدم الثقة لا تخدم أحداً أبداً، بل إنها جهد يصب في حساب العدو المتربص، ويحرث له الأرض ليبث بذور الفتنة والخلافات. وسواء أدرك الغربان هذه الحقيقة، أم لم يدركوها فإنهم بالنتيجة يصطفون في الخانة الأخرى المعادية للحق، والإنسانية، خانة الدواعش، وشذاذ الآفاق، وعليهم أن يبادروا لمراجعة أنفسهم والتراجع عن غيهم، فلا قيمة للندم بعد فوات الآوان.
Comment