بحث حول تسمية آية الله العظمى - في مدونتي شخبطة نون بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمة والمهديين
بحث حول تسمية آية الله العظمى
تمثل المرجعيات الشيعية الطبقة العليا لدى المجتمع الشيعي ، فالمجتمع الشيعي يصورهم على أنهم أفقه الناس في علوم الدين وأفهمهم في شتى المجالات ، والمجتمع بما صورهم ووهب لهم من مكانة عليا فرض على نفسه تقديسهم وتمام السمع والطاعة لما يقولوه ، وكما يقال (كـلٌ يغني على ليلاه) أي أن كل فرد شيعي اختار لنفسه مرجعاً يتبعه في أمور فقهه وغدا يهب له الطاعة والتقديس .
ولأن الناس (إلا من رحم ربي) تحب المسميات والمظاهر وتهب ألقاب التبجيل لمن أُشربوا حبه نرى اليوم أن كـل مرجع تم تسميته آية الله العظمى من قبل الحاشية التي تقدسه وتقلده وتتـتلمذ على يديه ، وهو طبعاً لا يرفض تلك التسمية ولا يستنكرها بل إنه يبدي لها الرضا ، ولأن المراجع علماء دين وتسمية آية الله العظمى تسمية دينية يتوجب على المتسمين بها اثبات امكانية انتحالهم هذا المسمى من خلال الأدوات الأولى للتشريع الديني أي القرآن أو الحديث .
ولو تأمل منصف في أحاديث أهل البيت عليهم السلام لن يجد حديثاً واحداً يسمح بتسمية العلماء الأجلاء بهذا المسمى ، وهنا بعض الكلمات البسيطة التي توضح أصل التسمية ومكانها من أحاديث أهل البيت عليهم السلام .
في اللغة العربية تعني كلمة آية العلامة الدالة على الشيء ، وآية الله تنقسم اصطلاحاً إلى قسمين :
الأول : تعني العلامة التي تدل على وجود الله سبحانه وتعالى وأنه خالق الكون ، أي كما قال الشاعر : وفي كل شيء له آية * تدل على أنه واحد .
الثاني : تعني الذي يعرفك بالله سبحانه وتعالى ويهديك إلى سبيله .
أما القسم الأول من المسمى فإن كل المخلوقات والموجودات هم آيات تدل على وجود الله سبحانه خالق الكون ، فالموجودات آثار دلت على وجود المؤثر ، وهنا يصح لنا تسمية الإنسان آية الله العظمى في إثبات وجود الله تعالى بما وهبه الله من ملكة العقل .
والعلماء قطعاً لا يريدون هذا الاصطلاح لأنه لا يميزهم عن بقية المجتمع الشيعي ولا يفضلهم عن بقية المخلوقات كالكلاب أو الحشرات ، فكل إنسان سواء كان صالحاً أم طالحاً ، مسلماً كان أو كافراً آية عظمى تدل على الله ، وبقية المخلوقات جميعها آيات الله التي تثبت وجوده ، ومن الغباء والسفه والسفسطة التي لا فائدة منها استخدام لفظ لتمييز فرد من جنس ما بالرغم من أن هذا اللفظ يشمل جميع بني جنسه ، وهذا يعني أن العلماء قطعاً يريدون بتسمية آية الله وآية الله العظمى القسم الثاني من الاصطلاح .
وفي القسم الثاني علينا التساؤل أولاً من هم آيات الله الذين يعرفون الناس بالله سبحانه وتعالى ، ومن هم الآيات التي تدل الناس على سبيل الله جل جلاله ؟
فإن قال العلماء نحن آيات الله التي تُـعرّف الناس به وتدل عليه ، وإن أعلم علمائنا هم الآيات العظمى فعليهم قبل أن يسمحوا لأنفسهم بهذه التسمية إثبات إمكانية انتحالهم هذا المسمى من خلال تملكهم دليل من القرآن أو الأحاديث يفيد بأن العلماء هم آيات الله ، والأجلاء من العلماء هم آيات الله العظمى ، وإن خوت الأيادي من الدليل فلا يصح لهم انتحال هذا المسمى ، فليس الدين وما احتوى من مسميات أو مراتب هبة للقاصي والداني ، فالمراتب والمسميات يجب أن تكون من الله لأصحابها وما غير ذلك هوى وظن لا يغني من الحق شيئا ، كما قال الله جلال جلاله في كتابه الكريم : {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ….. وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} .
أما الأحاديث الشريفة الواردة عن أهل بيت النبوة عليهم السلام فقد خصصت مسمى آية الله للإمام عليه السلام والسيدة الجليلة فاطمة الزهراء عليها السلام والأئمة من ولدهم عليهم السلام ، ولم تجعل هذا الاسم مطلقاً لجميع علماء الطائفة ، وخصصت مسمى آية الله العظمى للإمام علي عليه السلام فقط ، فهو أعظم الأئمة وهو أفضل من عرّف الناس برسول الله محمد صلى الله عليه وآله والذي بدوره يمثل الله في الأرض ، فالله قال عن رسله : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى} وقال {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} .
أما سيدة نساء العالمين فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله : دخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوباً بالذهب لا اله إلا الله محمد حبيب الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، فاطمة آية الله . (كنـز الفوائد) .
وأما الأئمة كونهم آيات الله فقد ورد في هذا العديد من الأحاديث الدالة عليه ، ومنها ما ورد وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الإمام كلمة الله وحجة الله و وجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الولاية والطاعة على جميع خلقه فهو وليه في سماواته وأرضه . (مشارق أنوار اليقين)
وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أعطى الله تعالى العصا لموسى و الكلمات لإبراهيم و أعطاني هذا (يعني عليا) و لكل نبي آية و هذا آيتي و الأئمة الطاهرين من بعده آيات الله لم تخل الأرض من الإيمان ما بقي أحد من ذريته و عليهم تقوم الساعة . (الصراط المستقيم – مصدر)
وجاء شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها إِلَى آخَرِ الْآيَةِ فَقَالَ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَ يُكَذِّبُ بِهِ وَ يَقَعُ فِي الْأَئِمَّةِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَا تُقَاعِدْهُ كَائِناً مَنْ كَانَ . (وسائل الشيعة)
و روي الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في قول الله عز و جل يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ : الآيات هم الأئمة و الآية المنتظر هو القائم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف و إن آمنت بمن تقدمه من آبائه . (كمال الدين)
وتسمية الأئمة بالآيات لأنهم يعرّفون الناس بالله جل جلاله ، ويدعون الناس لسبيله ، وكما قال الإمام الصادق عليه السلام : إن الله واحد أحد متوحد بالوحدانية متفرد بأمره خلق خلقا ففوض إليهم أمر دينه فنحن هم يا ابن أبي يعفور نحن حجة الله في عباده و شهداؤه على خلقه و أمناؤه على وحيه و خزانه على علمه و وجهه الذي يؤتى منه و عينه في بريته و لسانه الناطق و بابه الذي يدل عليه نحن العالمون بأمره و الداعون إلى سبيله بنا عرف الله و بنا عبد الله نحن الأدلاء على الله و لولانا ما عبد الله . (توحيد الصدوق)
و ورد عن الإمام الرضا عليه السلام زيارة للإمام الحسين عليه السلام ورد فيها : السلام على محال معرفة الله ..... السلام على الأدلاء على الله . (الكافي)
وأما تسمية آية الله العظمى فهي حتماً لأفضل الأئمة عليهم السلام وهو الإمام علي عليه السلام ، ولقد جاء بالخبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه زار أمير المؤمنين عليه السلام بزيارة قال فيها : السلام عليك يا آية الله العظمى . (كتاب الإقبال – مفاتيح الجنان)
ولم تشر ولا عشر معشار رواية واحدة على أن العلماء هم آيات الله وأعلمهم هم آيات الله العظمى ، بينما كل الروايات خصت لقلب آية الله لهم عليهم السلام ، وحددت أن الإمام علي عليه السلام هو آية الله العظمى .
ولقد ثبتت الروايات عدم جواز تسمية لقب أمير المؤمنين إلا للإمام علي عليه السلام ، حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أن رجلاً سأله عن القائم عليه السلام يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ فقال لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر فقال الرجل : جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ثم قرأ (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) . (الكافي)
فإذا كان لا يتسمى بعد الإمام علي عليه السلام بلقبه الخاص (أمير المؤمنين) إلا كافر فما هو الدليل على جواز تسمية العلماء بلقب الإمام علي الخاص وهو آية الله العظمى ؟!
بل ورد في الروايات أن أشر خلق الله المتسمين بأسماء الأئمة عليهم السلام و الـمتلقبين بألقابهم ، فقد ورد أنه قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : من خير خلق الله بعد أئمة الهدى و مصابيح الدجى قال العلماء إذا صلحوا قيل فمن شرار خلق الله بعد إبليس و فرعون و نمرود و بعد المتسمين بأسمائكم و المتلقبين بألقابكم و الآخذين لأمكنتكم و المتأمرين في ممالككم قال العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقائق و فيهم قال الله عز و جل أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا . (الاحتجاج)
إذاً العلماء المتسمين بآية الله أو المراجع المتلقبين بآية الله العظمى مفتقرين لعشر معشار دليل يسمح لهم بتسميتهم بهذه الألقاب ، بل الوارد هو عكس ذلك تماماً ، فأرجو من عقلاء العالم الشيعي قاطبة مطالبة علماءهم بدليل علمي واحد يخولهم من سرقة ألقاب الأئمة عليهم السلام وإلصاقها فيهم {فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} ، وأنصح العلماء والمراجع الكرام الأجلاء بمحو هذا المسمى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يزيد من الحقيقة شيء ولا ينقصها ولا يسهل للمتلقي فهم الفقه ولا يصعبه ، وليعلموا تماماً أن بالتواضع تنبت الحكمة لا بالتكبر ، وليراجعوا أنفسهم فإن الدين يؤخذ بالدليل وليس بالأهواء .
ملاحظة : يمكنكم مراجعة مقال (أزمة الألقاب) الموجود في مدونتي (شخبطة نون
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمة والمهديين
بحث حول تسمية آية الله العظمى
تمثل المرجعيات الشيعية الطبقة العليا لدى المجتمع الشيعي ، فالمجتمع الشيعي يصورهم على أنهم أفقه الناس في علوم الدين وأفهمهم في شتى المجالات ، والمجتمع بما صورهم ووهب لهم من مكانة عليا فرض على نفسه تقديسهم وتمام السمع والطاعة لما يقولوه ، وكما يقال (كـلٌ يغني على ليلاه) أي أن كل فرد شيعي اختار لنفسه مرجعاً يتبعه في أمور فقهه وغدا يهب له الطاعة والتقديس .
ولأن الناس (إلا من رحم ربي) تحب المسميات والمظاهر وتهب ألقاب التبجيل لمن أُشربوا حبه نرى اليوم أن كـل مرجع تم تسميته آية الله العظمى من قبل الحاشية التي تقدسه وتقلده وتتـتلمذ على يديه ، وهو طبعاً لا يرفض تلك التسمية ولا يستنكرها بل إنه يبدي لها الرضا ، ولأن المراجع علماء دين وتسمية آية الله العظمى تسمية دينية يتوجب على المتسمين بها اثبات امكانية انتحالهم هذا المسمى من خلال الأدوات الأولى للتشريع الديني أي القرآن أو الحديث .
ولو تأمل منصف في أحاديث أهل البيت عليهم السلام لن يجد حديثاً واحداً يسمح بتسمية العلماء الأجلاء بهذا المسمى ، وهنا بعض الكلمات البسيطة التي توضح أصل التسمية ومكانها من أحاديث أهل البيت عليهم السلام .
في اللغة العربية تعني كلمة آية العلامة الدالة على الشيء ، وآية الله تنقسم اصطلاحاً إلى قسمين :
الأول : تعني العلامة التي تدل على وجود الله سبحانه وتعالى وأنه خالق الكون ، أي كما قال الشاعر : وفي كل شيء له آية * تدل على أنه واحد .
الثاني : تعني الذي يعرفك بالله سبحانه وتعالى ويهديك إلى سبيله .
أما القسم الأول من المسمى فإن كل المخلوقات والموجودات هم آيات تدل على وجود الله سبحانه خالق الكون ، فالموجودات آثار دلت على وجود المؤثر ، وهنا يصح لنا تسمية الإنسان آية الله العظمى في إثبات وجود الله تعالى بما وهبه الله من ملكة العقل .
والعلماء قطعاً لا يريدون هذا الاصطلاح لأنه لا يميزهم عن بقية المجتمع الشيعي ولا يفضلهم عن بقية المخلوقات كالكلاب أو الحشرات ، فكل إنسان سواء كان صالحاً أم طالحاً ، مسلماً كان أو كافراً آية عظمى تدل على الله ، وبقية المخلوقات جميعها آيات الله التي تثبت وجوده ، ومن الغباء والسفه والسفسطة التي لا فائدة منها استخدام لفظ لتمييز فرد من جنس ما بالرغم من أن هذا اللفظ يشمل جميع بني جنسه ، وهذا يعني أن العلماء قطعاً يريدون بتسمية آية الله وآية الله العظمى القسم الثاني من الاصطلاح .
وفي القسم الثاني علينا التساؤل أولاً من هم آيات الله الذين يعرفون الناس بالله سبحانه وتعالى ، ومن هم الآيات التي تدل الناس على سبيل الله جل جلاله ؟
فإن قال العلماء نحن آيات الله التي تُـعرّف الناس به وتدل عليه ، وإن أعلم علمائنا هم الآيات العظمى فعليهم قبل أن يسمحوا لأنفسهم بهذه التسمية إثبات إمكانية انتحالهم هذا المسمى من خلال تملكهم دليل من القرآن أو الأحاديث يفيد بأن العلماء هم آيات الله ، والأجلاء من العلماء هم آيات الله العظمى ، وإن خوت الأيادي من الدليل فلا يصح لهم انتحال هذا المسمى ، فليس الدين وما احتوى من مسميات أو مراتب هبة للقاصي والداني ، فالمراتب والمسميات يجب أن تكون من الله لأصحابها وما غير ذلك هوى وظن لا يغني من الحق شيئا ، كما قال الله جلال جلاله في كتابه الكريم : {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ….. وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} .
أما الأحاديث الشريفة الواردة عن أهل بيت النبوة عليهم السلام فقد خصصت مسمى آية الله للإمام عليه السلام والسيدة الجليلة فاطمة الزهراء عليها السلام والأئمة من ولدهم عليهم السلام ، ولم تجعل هذا الاسم مطلقاً لجميع علماء الطائفة ، وخصصت مسمى آية الله العظمى للإمام علي عليه السلام فقط ، فهو أعظم الأئمة وهو أفضل من عرّف الناس برسول الله محمد صلى الله عليه وآله والذي بدوره يمثل الله في الأرض ، فالله قال عن رسله : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى} وقال {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} .
أما سيدة نساء العالمين فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله : دخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوباً بالذهب لا اله إلا الله محمد حبيب الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، فاطمة آية الله . (كنـز الفوائد) .
وأما الأئمة كونهم آيات الله فقد ورد في هذا العديد من الأحاديث الدالة عليه ، ومنها ما ورد وعن أمير المؤمنين عليه السلام : الإمام كلمة الله وحجة الله و وجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الولاية والطاعة على جميع خلقه فهو وليه في سماواته وأرضه . (مشارق أنوار اليقين)
وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : أعطى الله تعالى العصا لموسى و الكلمات لإبراهيم و أعطاني هذا (يعني عليا) و لكل نبي آية و هذا آيتي و الأئمة الطاهرين من بعده آيات الله لم تخل الأرض من الإيمان ما بقي أحد من ذريته و عليهم تقوم الساعة . (الصراط المستقيم – مصدر)
وجاء شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها إِلَى آخَرِ الْآيَةِ فَقَالَ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَ يُكَذِّبُ بِهِ وَ يَقَعُ فِي الْأَئِمَّةِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَ لَا تُقَاعِدْهُ كَائِناً مَنْ كَانَ . (وسائل الشيعة)
و روي الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في قول الله عز و جل يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ : الآيات هم الأئمة و الآية المنتظر هو القائم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف و إن آمنت بمن تقدمه من آبائه . (كمال الدين)
وتسمية الأئمة بالآيات لأنهم يعرّفون الناس بالله جل جلاله ، ويدعون الناس لسبيله ، وكما قال الإمام الصادق عليه السلام : إن الله واحد أحد متوحد بالوحدانية متفرد بأمره خلق خلقا ففوض إليهم أمر دينه فنحن هم يا ابن أبي يعفور نحن حجة الله في عباده و شهداؤه على خلقه و أمناؤه على وحيه و خزانه على علمه و وجهه الذي يؤتى منه و عينه في بريته و لسانه الناطق و بابه الذي يدل عليه نحن العالمون بأمره و الداعون إلى سبيله بنا عرف الله و بنا عبد الله نحن الأدلاء على الله و لولانا ما عبد الله . (توحيد الصدوق)
و ورد عن الإمام الرضا عليه السلام زيارة للإمام الحسين عليه السلام ورد فيها : السلام على محال معرفة الله ..... السلام على الأدلاء على الله . (الكافي)
وأما تسمية آية الله العظمى فهي حتماً لأفضل الأئمة عليهم السلام وهو الإمام علي عليه السلام ، ولقد جاء بالخبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه زار أمير المؤمنين عليه السلام بزيارة قال فيها : السلام عليك يا آية الله العظمى . (كتاب الإقبال – مفاتيح الجنان)
ولم تشر ولا عشر معشار رواية واحدة على أن العلماء هم آيات الله وأعلمهم هم آيات الله العظمى ، بينما كل الروايات خصت لقلب آية الله لهم عليهم السلام ، وحددت أن الإمام علي عليه السلام هو آية الله العظمى .
ولقد ثبتت الروايات عدم جواز تسمية لقب أمير المؤمنين إلا للإمام علي عليه السلام ، حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أن رجلاً سأله عن القائم عليه السلام يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ فقال لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر فقال الرجل : جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ثم قرأ (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) . (الكافي)
فإذا كان لا يتسمى بعد الإمام علي عليه السلام بلقبه الخاص (أمير المؤمنين) إلا كافر فما هو الدليل على جواز تسمية العلماء بلقب الإمام علي الخاص وهو آية الله العظمى ؟!
بل ورد في الروايات أن أشر خلق الله المتسمين بأسماء الأئمة عليهم السلام و الـمتلقبين بألقابهم ، فقد ورد أنه قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : من خير خلق الله بعد أئمة الهدى و مصابيح الدجى قال العلماء إذا صلحوا قيل فمن شرار خلق الله بعد إبليس و فرعون و نمرود و بعد المتسمين بأسمائكم و المتلقبين بألقابكم و الآخذين لأمكنتكم و المتأمرين في ممالككم قال العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقائق و فيهم قال الله عز و جل أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا . (الاحتجاج)
إذاً العلماء المتسمين بآية الله أو المراجع المتلقبين بآية الله العظمى مفتقرين لعشر معشار دليل يسمح لهم بتسميتهم بهذه الألقاب ، بل الوارد هو عكس ذلك تماماً ، فأرجو من عقلاء العالم الشيعي قاطبة مطالبة علماءهم بدليل علمي واحد يخولهم من سرقة ألقاب الأئمة عليهم السلام وإلصاقها فيهم {فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} ، وأنصح العلماء والمراجع الكرام الأجلاء بمحو هذا المسمى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يزيد من الحقيقة شيء ولا ينقصها ولا يسهل للمتلقي فهم الفقه ولا يصعبه ، وليعلموا تماماً أن بالتواضع تنبت الحكمة لا بالتكبر ، وليراجعوا أنفسهم فإن الدين يؤخذ بالدليل وليس بالأهواء .
ملاحظة : يمكنكم مراجعة مقال (أزمة الألقاب) الموجود في مدونتي (شخبطة نون
Comment