إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

فتنة الدجال الأكبر وصناعة القداسة المزيفة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • أنصاري 313
    مشرف
    • 04-01-2013
    • 99

    فتنة الدجال الأكبر وصناعة القداسة المزيفة

    من هو الدجال المقصود في الروايات؟
    وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت (ع) تحذر من فتنة الدجال، واصطلاح الدجال يمكن أن ينصرف الى كل من يُظهر الحق ويُضمر الباطل، ومن هنا قيل في علماء السوء أنهم دجالون. وبقدر ما يتعلق الأمر باستعمال الروايات لاصطلاح (الدجال) و(الدجالون), فإن الملاحظ عليها إنها تصف به كل من يُظهر التدين ليخدع الناس، بينما هو في باطنه منحرف يطلب دنيا، أو جاهاً، أو زعامة. إن مقصودي من الدجال في هذا المبحث بالدرجة الأولى هو الدجال الأكبر أو أمريكا، كما فسره بعض الباحثين، ومن جملتهم السيد محمد الصدر في موسوعته، وكما وضحه وصي ورسول الإمام المهدي (ع) السيد أحمد الحسن (ع). وعلى أية حال يستطيع من يتأمل في منطق الروايات أن يتبين من الأوصاف التي يوصف بها انطباقها على دولة تمتلك جيشاً وقوة عسكرية كبيرة، وسيأتي عما قريب ذكر الروايات المشار إليها، ولما كان اصطلاح الدجال ينطبق كذلك على بعض فقهاء الضلالة، فسيكون هذا المبحث جامعاً للإثنين (الدجال الأكبر: أمريكا، والأصغر: فقهاء الضلالة أو كبيرهم على وجه الدقة).
    عن رسول الله (ص) في حديث طويل أقتبس منه موضع الشاهد، قال: (... يتقدم المهدي من ذريتي فيصلي الى قبلة جده رسول الله (ص)، ويسيرون جميعاً – أي المهدي وأصحابه – الى أن يأتوا بيت المقدس، ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال، وذكر إنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله الى آخره...) (معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)/ الشيخ الكوراني- ح659). فالدجال في هذا الحديث يملك عسكراً يقتلهم الإمام المهدي (ع) وأصحابه. وفي الحديث رقم (427) من نفس المصدر، جاء ما يأتي: (ليهبطن الدجال خوز و كرمان في ثمانين ألفاً... ). وهؤلاء الثمانون ألفاً بعض جيش الدجال على ما هو راجح، أي إنهم غير أولئك النازلين في بيت المقدس. وعن أمير المؤمنين (ع)، في حديث يذكر فيه بعض العلامات التي تسبق خروج القائم، يقول: (... وغلبة الروم على الشام، وغلبة أهل أرمينية، وصرخ الصارخ بالعراق: هُتك الحجاب وافتُضت العذراء وظهر علم اللعين الدجال، ثم ذكر خروج القائم) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (ع) . ص29). والعلم كما هو واضح علامة رمزية تتخذها الدول للإشارة الى كياناتها، وصراخ الصارخ في العراق بظهور علم الدجال إشارة الى الإحتلال الأمريكي للعراق. ويشير إليه صراحة الحديث الذي يصف دخول الدجال الى العراق من جهة جبل سنام في البصرة، فعن رسول الله (ص): (أول ما يردُه الدجال سنام ؛ جبل مشرف على البصرة هو أول ما يردُهُ الدجال) (الفتن: ابن حماد/ 150، معجم أحاديث الإمام المهدي /ج2 ص63)، ومعروف أن القوات الأمريكية دخلت العراق قادمة من الكويت من جهة الجبل المذكور.
    وعلى أية حال نحن نعيش عصر الظهور، و نشهد بأم أعيننا إحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية (الدجال الأكبر)، كما إن معرفتنا بالسياسة الأمريكية توفر لنا فرصة نادرة لفهم المراد من التعبيرات الرمزية التي يوصف بها الدجال, من قبيل (المسيح الدجال)، (الأعور الدجال)، (وكونه يأتي معه بجبل من خبز، وجبل من نار)، فالرئيس الأمريكي بوش من المسيحيين المتدينين – بحسب ما يفهم هو من التدين – وقد صرح في خطاباته بأن الحرب التي يخوضها ضد الإسلام حرب صليبية، بل صرح علناً أن ما دفعه لحرب العراق رؤيا رأى فيها الرب (السيد المسيح) يأمره بإحتلال العراق، (سبحان الله حتى بوش يؤمن بالرؤيا ، فما بال فقهاء الشيعة ؟)، وأكثر من هذا كان يدعي في بعض ما صدر عنه إنه مأمور من قبل الرب بتأديب شعب الخطيئة في بابل! والعبارة الأخيرة مقتبسة من الإنجيل، وهي واحدة من علامات ظهور المصلح المنتظر. وأما أن الدجال أعور فلأنه لا يرى إلا بعين المصلحة المادية، وإن ادعى ما ادعى، ومعلوم أن السياسة الأمريكية لا تحسب حساباً لأي شئ عدا مصالحها المادية. وأما جبل الخبز فهو تعبير رمزي عن القوة الإقتصادية، وحالة الرفاه المادي التي تستخف بها أتباعها، وجبل النار قوتها الحربية التي تخيف بها الحكومات التي نسيت أن لا قوة إلا بالله.
    ما هي فتنة الدجال؟
    إن فتنة الدجال – أو أحد أهم مصاديق هذه الفتنة، ولعل الصراع الطائفي مصداق مهم آخر من مصاديق فتنة الدجال (أمريكا) – هي الديمقراطية، أو حاكمية الناس (أو قل اختيار الناس للحاكم). فأمريكا ترى الديمقراطية الحلقة الأخيرة في سلسلة التطور السياسي البشري، ونهاية التأريخ فيما يتعلق بطبيعة أنظمة الحكم (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (التوبة: 47). والحق إن الديمقراطية لا تختلف كثيراً عن الديكتاتورية ، إذ النظامان كلاهما قائمان على فكرة استبعاد السماء من معادلة اختيار الحاكم، والنظامان كلاهما يقفان على الضد، أو حتى النقيض من مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم.
    والروايات تشير الى أن فتنة الدجال تتمثل بمعارضة مبدأ التنصيب الإلهي، فإنها تدل بلاشك على أن الدجال الأكبر هو أمريكا، باعتبارها حاملة لواء الديمقراطية في العالم.
    عن حذيفة بن أسيد، قال: (سمعت أبا ذر يقول، وهو متعلق بحلقة باب الكعبة: ... إني سمعت رسول الله (ص) يقول: من قاتلني في الأولى، وفي الثانية، فهو في الثالثة من شيعة الدجال) (المعجم الموضوعي24). وفي نفس المصدر ونفس الصفحة ينقل الشيخ الكوراني نفس الرواية عن أمالي الطوسي، وفيها (وقاتل أهل بيتي في الثانية) وعن أمير المؤمنين (ع)، قال: قال رسول الله (ص): (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال) (المصدر والصفحة نفسها). وعن الإمام الصادق (ع): (قال رسول الله (ص) : ... من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً. قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به) (المعجم الموضوعي25). أقول إن من يبغض أهل البيت (ع)، ومن يقاتلهم هو بالتأكيد مبغض و متمرد على مبدأ التنصيب الإلهي، ومتبع للشيطان ولهوى نفسه، وهو بالتالي ممن يقول بحاكمية الناس قطعاً، ولعل هذه الحقيقة هي التي تشير لها الروايات حين تؤكد على إيمان مبغض أهل البيت (ع) بالدجال.
    ويدلك على خطورة فتنة الديمقراطية، أو اختيار الناس للحاكم، التحذير الشديد الصادر عن رسول الله (ص) من الشورتين, الكبرى والصغرى، فعن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري، عن رسول الله (ص)، إنه قال: (الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما، فقال: أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي) (مناقب العترة /ومائتان وخمسون علامة130). ورغم هذا التحذير الشديد، أبت الأمة إلا مخالفة الرسول (ص) فانعقدت سقيفة بني ساعدة لغصب خلافة علي (ع)، حتى لم يبق على عهد الله ورسوله سوى قلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وأبى شيعة آخر الزمان إلا اقتفاء أثر من سبقهم حذو النعل بالنعل ، فانعقدت سقيفة الزوراء برعاية الدجال، وفقهاء آخر الزمان لانتخاب حاكم للعراق، وتبديل أحكام الله ورسوله (ص) عبر كتابة الدستور سيئ الصيت. وإذا كان اتباع أبي بكر وعمر ( لعنهما الله ) قد خرجوا من ولاية الله بتمردهم على خليفة رسول الله (ص)، فإن من يدّعون اليوم إنهم شيعة لعلي (ع) قد التحقوا بركبهم، ودخلوا جحر الضب نفسه الذي أدخل أولئك أنفسهم به.

    الدجال الأصغر

    سأنقل الرواية التي وصفت المكان الذي يأتي منه الدجال الأصغر، قال رسول الله (ص): (لما عرج بي الى ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد، قلت: لبيك... الى أن قال: وخروج رجل من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب، وخروج الدجال يخرج من سجستان، وظهور السفياني) (بحار الأنوار ج51 ص70). ولو رجعت الى المعاجم، من قبيل القاموس المحيط، وتاج العروس لعلمت أن سجستان هي اللفظ المعرّب لكلمة سيستان الفارسية، فالدجال بتعبير آخر يخرج من مدينة سيستان [يحسن الرجوع الى بيان السيد أحمد الحسن (ع) المؤرخ ب ( 27 / رمضان / 1425)].
    والحق إن الدجال الأكبر ما كان له أن يُضل الناس لولا فتاوى الضلال التي أصدرها فقهاء آخر الزمان، ودفعوا الناس بها الى هاوية الإنتخابات السحيقة. فلقد بلغ الإستهتار بهم أن عدّوا المشاركة في الإنتخابات فريضة (كذا) أفضل من الصلاة والصوم! ولم يتورع بعضهم عن تشبيه خروج المرأة لمعصية الإنتحاب بخروج زينب (ع) لنصرة الإمام الحسين (ع). فبربكم هل التنصل من مبدأ التنصيب الإلهي، والدخول في مشروع الدجال الأكبر المحتل أفضل من الصلاة والصوم؟ أ ليس هذا التجني على حدود الله من مصاديق (كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً)؟ وهل ترضى مروءاتكم أن يُشبّه مراجعكم خروج العقيلة (ع) لنصرة حجة الله والدفاع عن حاكمية الله، بخروج نسائكم لخذلان حجة الله، وتوجيه طعنة لقلب رسول الله (ص) وعلي (ع) والمهدي (ع)؟

    الأساليب المتبعة لصناعة قداسة مزيفة

    (مقتبس من كتاب "الشيعة على محك الأختبار" بتصرف)
    حين يُفلس الزعيم ، أي زعيم كان ؛ سياسياً أو دينياً أو غير ذلك ، يشهد جهازه الإعلامي حركة ونشاطاً غير عاديين ، من أجل ترقيع صورته الباهتة والحيلولة دون سقوط صورة الزعيم في أعين الناس ، ومحاولة الحد من سَورة السخط الجماهيري المتعاظم . إن أفضل الطرق التي ابتكرتها الآلة الإعلامية تتجسد بإحاطة الزعيم بهالة من القداسة ( أو الكاريزمية بحسب التعبير المعاصر ) تنأى به عن دائرة النقد ، وتحيل سقطاته الى قرارات تأريخية فريدة قلما يجود بمثلها الزمن ، وتصبح فلتاته رشحات عبقرية تند عن فهم العقول القاصرة.
    ولصناعة القداسة أساليب أهمها خطابات البلاغة الجوفاء التي تديم الطرق على مسامع الناس لتخلق إلفة بين أسماعهم والفكرة التي تدعو إليها ( اكذب واكذب حتى يصدقك الناس ) ، وبين يدي الآن إنموذجاً لهذه الخطابات البلاغية الجوفاء أضعه بين أيديكم لتتأملوا فيه !! والخطاب يحمل عنوان ( لا تقلقوا على العراق ما دام السيستاني معكم ) نشرته جريدة ( الهداية ) التي تصدر عن ممثلية المرجعية الدينية في مدينة الزبير ، في العدد ( 25 ) السنة الثالثة / 10 شوال / 1426 ، يقول الخطاب : (( آخر المراجع العمالقة ، وحامل مفاتيح أمير المؤمنين علي ، وحارس بوابة العراق من الشر ، صامت كالأضرحة ، هادئ كقمر في برية ، وعذب كالفرات ، وفي يده راية الحسين وفي كفه وصية قمر بني هاشم . عملاق لا يقاس بالأقزام بل بالجبال ، وهو القامة التي تشمخ يوم تتصاغر القامات حتى لا تكاد ترى بكل أنواع المجاهر والمكبرات والمراصد الفلكية ، كبير بلا تكبر وزعيم أمة بلا جيوش وقائد حشود الفقراء يوم تنتفض العمامة على السيف . يجلس خبراء السياسة وخبراء المال والمصارف وأنصاف الرجال وربعهم لتجهيز وليمة دفن الوطن وحرقه وتقطيعه ، لكنه في النهاية المتكلم الوحيد حين تصرخ عراقية على أبواب كربلاء ( يا سيدي ما تسقط نجوم السما ما دام عدنا تفك ) أي إننا نرفع نجوم السماء بالطلقات . شاحب كهلال العيد فوق مئذنة موسى بن جعفر ، ونحيل مثل سيف قمر بني هاشم . وحين يتكلم تتكلم معه قرون من التمرد والعصيان والثورة والرفض . آخر سلالات الفرسان على باب أبو الفضل وآخر قامة عطرة تدخل محراب إمام الفقراء وآخر السيوف الممتشقة يوم تنكس الرؤوس آخر من يتكلم وأول من يحسم ، وهو رجل الحسم وآخر من يرفع كفه بحكمة الكبار فلا تسقط نجوم السماء مادام عدنا تفك . حكيم بلبدة أسد عند باب الضريح وحارس بوابة الأمل من الدخيل والطارئ والمتنكر والقاتل والجبان والصغير ...(إلى أن يقول) يجلس الجنرالات على مناضد الرمل وخلف الأجهزة ويحشدون الجيوش لمعارك مقبلة وهو يجلس على سجادة صلاة تليق بإمام عملاق وليس عنده غير كتاب الله ومسبحة إن اهتزت يهتز معها تأريخ من التمرد على السلاطين والملوك والأشباه . تشرق الدنيا وتغرب ، توضع الخطط والبرامج ، يبيع الساسة ويشترون ، تكتب الأقلام ما تكتب يتخاصمون على هذه الأسمال أو تلك يزحفون أو ينبطحون ، ترتعش القلوب خوفاً أو قلقاً على الوطن لكنه هادئ كبوابة الأمير ، وصامت صمت خيول الأنبياء ، وحين تسقط دموعه على سجادة صلاته تتساقط عروش وتهرب جيوش وتنكشف أقنعة وتنهار مصارف وتمطر الدنيا حجرا . 14قرناً من الثورة ، 14قرناً من سلالات العصيان ، 14قرناً من المقابر الجماعية ، حتى أن خلفاء بني أمية كانوا يتباهون بعدد الجماجم التي يورثونها في الخزائن لأحفادهم ، 14قرناً من جنود العسل والسم والسجون وما ركعت هذه السلالة . لم نسأله من أين جاء ؛ من خراسان أو سمرقند أو كراشي أو أبعد قرية في تركيا ، لأننا لسنا عنصريين متنكرين ولأننا نعرف أن نبينا الكريم كان محاطاً بالحبشي والفارسي واليمني . لم نسأله ماذا نفعل لأننا نعرف ماذا يفعل ، وحين يتكلم هذا الهلال النجفي ستتكلم معه قرون من الرمل والدم والحب والخير والخصب . آخر حراس الضريح ، آخر الكبار في أزمنة الرداءة ، صمام أمان المرحلة ، فلا تقلقوا مادام السيد السيستاني معكم ، ولن تسقط نجوم السما )) .
    اللغة بحسب بعض الدراسات النقدية الحديثة تؤدي وظيفتين أساسيتين هما الوظيفة التوصيلية ، وهي ما نجده في لغة العلم التي تهتم بتوصيل المعلومات الى القارئ أو المتلقي ، والوظيفة الإنشائية أو الشاعرية ، التي لا يعنيها توصيل المعلومة بقدر ما يعنيها التأثير الجمالي أو الشعوري في المتلقي ، وهذه الوظيفة تمثل أساس اللغة الشعرية ، فالشعر عادة لا يهتم بتوصيل معلومات الى المتلقين ، وإنما همه الأول إثارة مشاعرهم وعواطفهم ليتفاعلوا مع الرؤية التي يصور من خلالها العالم ، أقول إن اللغة التي يستعملها الخطاب الذي بين أيدينا تتعمد التركيز على الوظيفة الإنشائية للغة بقصد إثارة مخيلة المتلقي وتعطيل وعيه المراقب ليتم من خلال لغة الإفيون هذه التي تخدر العقل تمرير أكثر شفرات الخداع قسوة . ولو شئنا الآن استقراء بعض المضامين المشفرة التي يُراد لها المرور الى وعي القارئ بغفلة من مراكز عقله النائمة بفعل المخدر الإنشائي لوجدنا ما يأتي :
    1- تصوير الصمت المعروف عن مرجعية السيستاني ، وهو صمت كان على الدوام مثار انتقادات الناس وتندراتهم ، تصويره على أنه حكمة وصبر على الأذى ، وإحاطة هذا السلوك على العموم بهالة من القداسة .
    2- تصوير مرجعية السيستاني وكأنها امتداد يختصر أسمى لحظات التأريخ الشيعي .
    3- ربط مرجعية السيستاني بأئمة أهل البيت والحرص على الإيحاء بأنها الحارس الأمين لمبادئهم .
    4- تصوير مرجعية السيستاني على أنها الوحيدة القادرة على المحافظة على تماسك الكيان الشيعي ، والدفاع عن مصالحه في المرحلة الحاضرة، ويمكنكم استخلاص مضامين أخرى .
    ولعلكم تلاحظون أن أكثر هذه المضامين ، إن لم يكن جميعها ، مما تفتقر له مرجعية السيستاني الأمر الذي يؤكد فكرة أن هذه المرجعية قد أحلت الخطاب الإعلامي بديلاً عن العمل ، فهي بدل أن تتاجر بالأعمال تبيع الوهم للناس .
    والحق إن اللجوء الى اللغة الإنشائية الدعائية من أوضح ملامح سياسة الإستخفاف ، إذ بخلاف اللغة العلمية التي تهتم بطرح الأدلة ، وتستقرأ الواقع الموضوعي ، وتفتح الباب بالنتيجة للمناقشة والنقد ، تُعتّم اللغة الإنشائية على هذا كله ، لترسم صورة مقدسة لموضوعها ، تتعدى مراكز الوعي لتطال مراكز الخيال ، وبكلمة واحدة هي تستبدل الأسطورة (الوهم ) بالتأريخ ( الواقع الموضوعي ) . ولضرب المثل أقول أن أبناء العامة ( أهل السنة كما يسمون أنفسهم ) واجهوا عقيدة الشيعة بالأئمة المعصومين (ع) من خلال ابتكار نظرية عدالة الصحابة ، وحيث أن الصحابة الذين يعنونهم – عمر وأبو بكر (لع) – لهم من الفضائح ما تعج به صفحات التأريخ فقد لجأوا الى وضع الأحاديث المناقبية لهم ليخلقوا واقعاً أسطورياً لهؤلاء الصحابة يستبدلون به الواقع الحقيقي الذي حرّموا قراءته على الناس أصلاً بزعم أنه يثير الفتنة ، وهذه بعينه ما يحدث اليوم مع فقهاء آخر الزمان ( حذو النعل بالنعل ) ، حتى إن كتابات من قبيل ما يكتبه ( عادل رؤوف ) صدرت بحقها فتاوى التحريم من قبل بشير النجفي بدعوى أنها كتب فتنة وضلالة .
    إن إختلاق واقع أسطوري ( غير حقيقي ) يصور رجال المرجعية ( فقهاء آخر الزمان ) على أنهم لا يخالفون الشرع قيد أنملة ، أو إنهم مثال التقوى والزهد والورع ، وسواها من أخلاق إيمانية عالية يُراد منه صرف انتباه الناس عن ما يصدر من هؤلاء الفقهاء من مواقف وسلوكيات لا تتفق مع الشرع ، بل تناقضه تناقضاً صارخاً ، ولا أريد الخوض في صفحات التأريخ ، فيكفي أن أذكّر بموقف هؤلاء الفقهاء من مسألة الديمقراطية ( تنصيب الناس للحاكم ) التي تقف على النقيض من عقيدة الإسلام فيما يتعلق باختيار الحاكم ( التنصيب الإلهي للحاكم ) ، ويكفي أن أذكّر بالفتوى الغريبة التي صدرت عن السيستاني بتكذيب كل من يدعي رؤية الإمام المهدي (ع) في اليقظة أو في المنام ، وهي فتوى ينبغي دائماً استحضارها لما تنطوي عليه من اعتقاد بأن الإمام المهدي (ع) مات أو هلك ، أعوذ بالله من قول السوء .
    من الوسائل الدعائية التي يلجأ إليها مقلدة الفقهاء ، والأحزاب الإسلامية (كما يسمون أنفسهم ) الصور واللافتات التي تمجد المرجع ، وقد بلغت هذه الظاهرة من الإستشراء حداً فاق ما كان على عهد صدام اللعين بأضعاف مضاعفة ، حتى إنك لا تجد حائطاً في المدينة إلا وقد شوهته الصور أو الكتابات الرخيصة ، وأذكر إن أحد الأصدقاء قال يوماً : أفكر في وسيلة لإحصاء ما تكلفه هذه الصور واللافتات ، فأنا على قناعة كبيرة من أن الأموال التي تصرف عليها تكفي لسد جوع الملايين من الناس !! أقول لصديقي : وهل تعتقد أن سد رمق الملايين أهم عند الجماعة إياهم من تلميع صورة المرجع ؟!
    إحدى القنوات الفضائية المعروفة بولائها لمرجعية السيد السيستاني ابتكرت وسيلة غريبة لتكريس قدسية المرجعية وترسيخها في أذهان الناس ، فصرنا لأول مرة في تأريخ التشيع نشهد صورة المرجع وهو يحدق بكتاب الله ، وفي أعلى الشاشة عبارة ( حصرياً ) بينما تنطلق أغنية ( نعم أغنية ) تمجد المرجع إياه !!! فما يهمني حقاً هو أن صورة المرجع وهو يمسك بيده القرآن يثير في المشاهد فكرة مفادها إهتمام المرجع بالقرآن وإنه من التقوى والتدين بحيث لا يتخلى عن القرآن حتى وهو يمنح حقاً حصرياً بتصويره ، ولعلكم تتذكرون أن أبناء الجماعة قد غسلوا كل عار عن عثمان بن عفان بتصويره ممسكاً كتاب الله لحظة مقتله ، وكلكم مدرك – كما أتوقع – ما تركته هذه الأسطورة الإعلامية من أثر على حياة المسلمين ، ولكن هذه في الحقيقة دلالة مباشرة ومقصودة من قبل المرجع والقناة على حد سواء ، أما الدلالة العميقة التي يُراد لها أن تغيب عن الناس فهي مغايرة تماماً ، فالمرجع الذي أعطى الموافقة على تصويره لأول مرة في حياته الطويلة كان يمكن له أن يُفاجئنا بكلمة يتحدث بها ، أو كان يمكن أن يبقي على عادة الصمت المألوفة ( صامت كصمت خيول الأنبياء/ على حد تعبير صاحب المقال أعلاه ) ، أما اختيار مسك كتاب الله بهذه الطريقة الإستعراضية ( لحظة التصوير الحصرية ) فيُراد منه خلق علاقة بين المرجع وكتاب الله ، علاقة مفقودة على مستوى الحقيقة ، لأن تجلياتها ببساطة منعدمة ، أقصد العمل ، فهل سمعتم مرجعهم ينبس يوماً ببنت شفة ؟ هل رأيتموه دعا يوماً لما يرفع عنهم الظلامة ، لا شئ فهو صامت كصمت خيول الأنبياء ، أ ليس كذلك ؟ طبعاً أنتم مثلي لا يمكنكم الإقتناع بأن القناة المقربة جداً من المرجع قد فاجأته متلبساً بلحظة قراءة القرآن ، وخصوصا أن تصوير المرجع المسكون بالهاجس الأمني لا يتم دون مقدمات وأخذ الأذونات .
    إن ثقافة الصور والكلمات المقتبسة عن الفقهاء تمثل حالة من الوثنية الفكرية ، فالمرجع الغائب عن الساحة الإجتماعية يصبح حاضراً بفعل هاتين الصيغتين الدعائيتين ، فمن خلال حضور هذه الصور والكلمات يترسب في وعيك حضور المرجع فلا تعود تسأل عن عدم حضوره الفعلي ، وبكلمة أدق إن حضور الصورة يقتل في وعيك حضور السؤال عن غياب المرجع ، أي يحدث ما يشبه – أو هو هكذا– استبدال الحقيقة الغائبة بالوهم الحاضر . إن الإله المزيف ، الإله الوهم عند الأقوام الوثنية يتم استحضاره من خلال الوثن أو التمثال !!
    وللصور وظيفة تضليلية أخرى ، فالصور التي توضع على بنايات الأحزاب أو التي تنشرها الأحزاب السياسية نفسها ، وغالباً ما تتم الإشارة الى الحزب أسفل الصورة ، هذه الصور في حقيقتها قصصاً رمزية من أكثر القصص مأساوية . فالأحزاب التي لا تجد ما تقنع به الشعب ليلتف حولها تبادر الى هذه الصور لتخلق في روع الناس إنها تهتم بدينهم ( باعتبار المرجع رمزاً دينياً ) ، والحق إن هذه الأحزاب حققت نجاحاً منقطع النظير عبر هذه الوسيلة ، بل إنها وقد اطمأنت الى النتيجة لم تعد تأبه بالناس ، فالناس – وهذه مأساة – تم استبدالهم أو إلغاؤهم واستعيض بالمرجع بدلاً عنهم ، فالحصول على رضا المرجع يستتبعه بالضرورة الحصول على رضا الناس . أي إن الأحزاب ضمنت عبر الصور رضا المرجع وهذا بدوره سيحرك الناس لمصلحة الأحزاب بكلمة واحدة ، فإذا أردت أن يتبعك القطيع ما عليك سوى أن تجعل قائده يتبعك !! هذا هو المنطق الذي تمارسه الأحزاب ، وإلا فليقل لي أحد ماذا فعلت لكم الأحزاب لتكسب ودكم ؟ لا شئ . والمرجع بطبيعة الحال شريك في هذه اللعبة ، فهو يعلم تماماً أن زيارات السياسيين له تدخل في دائرة اللعبة ، ويعلم تماماً أن صوره يتم استثمارها للغرض غير الشريف الذي بينّاه ، أما إذا كان لا يعلم ، وهو أمر أبعد من الثريا ، فالمصيبة أعظم .
    والمرجع الذي يُقتل شعبه يومياً بالغارات الأمريكبة وتُنتهك حرماته فيما هو يلوذ بالصمت ( صامت كصمت خيول الأنبياء !! ) ، يحتاج أشد الإحتياج الى من يلمع صورته ويسبغ عليه بطولات ومناقب مجانية .

    وصل الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎