بسم الله الرحمن الرحيم
بين الجاهلية و التطور !!
إن الانهيار الثقافي الحاصل في العراق ليس وليد اليوم و ليس وليد الصدفة , أو هو ناتج عن الغزو الأمريكي الأخير للعراق كما يتصور البعض و الذي أوصل المجتمع العراقي إلى مستوى الحضيض من الرذيلة و الانحطاط الخلقي الذي فاق حد التصور حتى أصبح الإنسان العراقي يفعل أي شيء تطاله يده من قتل و سلب و نهب و اغتصاب و رشوة و فعل موبقات يندى لها جبين الإنسانية سواءاً كان ذلك حاصل في مؤسسات الدولة أو على مستوى الأفراد . بل هو متجذر عملت عليه أيدي خفية و ظاهرة في ظل حكومات فاسدة و عميلة و مؤسسات دينية هشة و ضعيفة توّجت بالنظام الأخير و الذي كان على رأسه صدام حسين البطل القومي و التاريخي للأمة العربية ؟! عبد الله المؤمن ؟! قائد الحملة الإيمانية ؟! فقد عمل هذا النظام و بمؤسساته القمعية على عسكرة المجتمع ليدخله في حروب لا طائل منها ليحرق بها الحرث و النسل بعد أن عمل مسبقاً على ضرب كل العقول النيرة من خلال ناس جهلة و أميين و نفعيين اعتمد عليهم حتى و إن كانت تلك العقول داخل مؤسساته ذاتها كل ذلك بتوجيه من مؤسسات عالمية تعلم علم اليقين أن لا يمكن السيطرة على الأمم إلا بتخريب حضاراتها و قد أنتجت تلك الحروب رجال غاية في الوحشية رجال قادة !! و أشباه رجال منقادة كالخراف بهؤلاء غير أن الحديث لم يكن عن هؤلاء و حسب بل عن الجيل الذي نشأ في ظل تلك الظروف , ظروف حرب أباء في جبهات القتال , أبناء تفتقر إلى ابسط مقاييس التربية في ظل تلك الظروف القاسية و القاهرة خصوصاً بعد نهاية الحرب و الحصار الاقتصادي الذي فرض على البلد و الذي أدى إلى أن يترك هذا الجيل التعليم غارقا في الجهل و الأمية لغرض سد متطلبات الحياة و الذي أنتج بدوره فسادا خلقيا على أعلى المستويات . جيل جريمة حتى على مستوى أولئك الذين كانوا تحت منبر الشهيد السيد محمد الصدر (رض) لذا تراهم و بمجرد أن انفتح لهم نوع من السلطة بدئوا يمارسون كل ما خالف الدين و الشريعة و الأخلاق بحجة الدفاع عن الدين و الشريعة و الأخلاق ! و لم يكن هذا الأمر بشكل من الإشكال غائب عن ذهنية السيد الصدر بدليل انه صرح بذلك علنا حيث قال ( استطيع أن أقول إن العشرات مستعدين للتضحية ) مع أن الجالسين تحت منبره مئات الألوف !! ..
أما الذين قدموا من خارج البلد فالغالبية العظمى منهم هم ناس جهلة حيث نشأ في المهجر جيل من هذا الشعب بلا تعليم خصوصا أولئك الذين كانوا في بداية الدراسة ليتركوا التعليم هناك و ينخرطوا في مؤسسات هي منخورة في الأساس و يتعلموا الدعة و الراحة مطمئنين بما هم عليه ليأتوا بعد السقوط و يتسلقوا مناصب عليا من خلال مؤسساتهم التي تدعي التدين في الظاهر و تمارس في الباطن كل أنواع الجور و التسلط . مدعومين من ذات الهيئات الدينية الهشة المتردية حتى أصبح الشعب كالمعز المهولة لا راعي لها و لا سند تستند إليه على مثل تلك التراكمات بنيت الدولة الجديدة بعد دخول الأمريكان و أذنابهم إلى البلد ليأتي الساسة الجدد و يعسكروا الشعب من جديد و يقبضوا عليه بيد من حديد و يحرقوا ما تبقى من الحرث و النسل غير أن هؤلاء وجدوا كل شيء مهيأ لهم فالبطالة تعصف بالبلد و الجهل مخيم و كل شيء معطل و مدمر , جاءوا ليستثمروا تلك العوامل مجتمعة لتدعيم مؤسساتهم للتسلق على رقاب الناس من جديد ليبقوا الشعب في دوامه العنف والجريمة على أننا نقول إن مثل تلك الأوضاع لم تكن مغيبة على الثلة الخيرة من المجتمع خصوصا وان أهل البيت (ع) وصفوا هذا الأمر وصفا دقيقا كيف لا وهم قد صعدوا ذرى الحقائق بالإيمان فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع)
كأني بكم تجولون جولان الإبل تبتغون المرعى فلا تجدونه يا معشر الشيعة ,وقال علي (ع) فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الأمة بعد قتل الحسن ابني في ضلال و ظلمة و عسف و جور و اختلاف في الدين و تغيير و تبديل لما انزل الله في كتابه و إظهار البدع و إبطال السنن و اختلاف و قياس مشتبهات و ترك محكمات حتى تنسلخ من الإسلام و تدخل في العمى و التعدد والتسكع -
وقال عليه السلام ووا أسفاه من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا المتشتتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم اخذ ( منه ) بغصن أين ما مال الغصن مال معه - و صدق أمير المؤمنين عليه السلام حيث أن الشيعة التجأت إلى الانتخابات متأملين منها الفتح حتى بات شعارهم سيء الصيت (( الأمان في البرلمان )) !! بعد ان كان في صاحب الزمان (ع) العتبى على المتصدين لأمور الدين و لكن حق فيهم قول الباقر (ع)حيث يقول : يكون في آخر الزمان قوم يتبع قوم مراءون يتقرأون و يتنسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلا إذا امنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد علمهم ..
بقلم الكاشف
Comment