إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الرد على كتاب (دور الامام الجواد في ترسيخ العقيدة المهدوية)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • خادم الجواد
    عضو نشيط
    • 09-02-2011
    • 344

    الرد على كتاب (دور الامام الجواد في ترسيخ العقيدة المهدوية)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد واله الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    بعد ان صدر في الاونة الاخيرة كتاب بأسم (دور الامام الجواد ع في ترسيخ العقيدة المهدوية)
    وكان من ضمن طيات الكتاب كلام ضمني يختص بالدعوات المهدوية على مر الزمن مع تنويه لبعض الروايات وحملها على ما اراد الكاتب كتابته ليكون مؤيدا لقوله ليس الا دون النظر الى ما يترتب عليه من التأويل الحاصل منهم ع في مثل الروايات التي تتواتر عنهم ع بخصوص نفس الروايات.
    فكان هذا البحث هو عبارة عن رد على الكتاب بالحكمة والموعظة الحسنة وانطلاقا من القران والعترة التي اوصانا الله ورسوله بعدم الشطط عنهما لنرد على الله وننهل من حوض رسول الله ص.
    وستكون فصول الكتاب هي عبارة عن ردود على كل كلمة وكل قول ورد في الكتاب لنجعل الحاكم في الامر الله ورسوله واولي الالباب اصحاب البصيرة النافذة الذين يرون ببصائرهم ويسمعون بمسامع قلوبهم ليميزوا القول ويتبعون احسنه والله ولي التوفيق نعم المولى ونعم النصير.

    الرد على المقدمة التي قدمها السيد حيدر السويج


    ورد في المقدمة على لسان السيد حيدر السويج هذه الكلمات التي تبين ان السيد المقدم هو على اطلاع بموضوع الباحث وما الذي يترتب عليه البحث من امور فكان من كلامه وهوما نرد عليه الان قوله (فان الباحث قد ركز على النقاط الاساسية في عقيدتنا بالامام(عج)وخاصة فيما يخص النيابة الخاصة وادعاء المشاهدة التي كثرت في ايامنا هذه....)انتهى كلامه.
    اذن مما يتبين من كلام السيد السويج ان الباحث قد اعطى صورة متكاملة عن موضوع النيابة الخاصة وموضوع المشاهدة مركزا على النقاط الاساسية وسنأتي الان على شرح الباحث وكلام اهل البيت ع على قوله لنبين للقارئ الكريم الامر من وجهة نظر الباحث والسيد وبين كلام ال محمد ص في هذا الصدد بما يمكننا الله سبحانه وتعالى.


    مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــة
    بعد ان اثبت الكاتب الدكتور على اهمية المصادر التي انبثق منها بحثه واصفا اياها بالمهمة فيكون ردنا ان شاء الله من نفس المصادر لكي يكون حديثنا على نفس المنهل والمنهاج ولكي لا يتبادر الشك بالنسبة للقارئ بتنوع المصادر فيبادر المغالط الى تسفيهها ولكي لا يكون المتلقي ممن قال الله فيهم (تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) .

    ومما يجدر بالذكر ان الباحث قد ثبت عقائد الامامية بشكل انشائي دون الاعتماد على ما يثبتها سوى كلمات لا مكان لها امام الحجة والدليل وسنورد الفصل الاول الذي سيكون ردا على الكلمات الاولى التي وردت في مقدمة الباحث في كتابه ليكون الرد موسع وشامل ولتعم الفائدة والمنفعة لكل من يقرأ لينتفع بالعقيدة الحقة التي خطها لنا محمد وال محمد (صلوات الله عليهم اجمعين).

    الفصل الاول
    الوصية النبوية المقدسة
    ان من اهم ما يميز المذهب الاثني عشري كما قال الكاتب هي عقيدة الامامة حيث عرج الكاتب على هذا الموضوع بقوله (ان الله تعالى لم يترك الناس سدى بعد رحيل الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله)فان هداية الناس لا بد لها من الاستمرارعن طريق الامام المعصوم وقد قامت الادلة العقلية والنقلية على ذلك ان الامامية الاثني عشرية يعتقدون بوجود اثني عشر اماما اولهم امير المؤمنين علي (ع) واخرهم الامام المهدي (ع) ( فيجب الاعتقاد بهذا العدد من الائمة ولا يمكن التفكيك) انتهى كلامه..
    ومما يلي من كلام الباحث نلاحظ ان الفرق بين الشيعة الامامية عن المذاهب الاخرى هي مسألة الامامة التي تمسكت بها الشيعةعن طريق اتباعهم وصية رسول الله التي وصى بها بالائمة ع مما جعل الشيعة هم من يتبع الوصية دون غيرهم ممن نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون؟؟

    وهنا يجب ان نثبت الوصية ووجوب كتابتها والنص عليها لنبين السبب وراء اتباعها واهميتها وحرمة تركها والاعراض عنها بوصفها الكتاب العاصم من الضلال.

    الدليل القرآني على الوصية
    قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم من سورة البقرة الاية 180

    ((كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين))

    ومما يتبين من الاية الكريمة وجوب كتابة الوصية لورود كلمة (كتب ) التي دلت على الوجوب كما وردت في ايات اخرى واوجبتها مثل (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ...)
    وايضا (كتب عليكم الجهاد وهو كره لكم....)
    ومما تبين من وجوب كتابة الوصية فيكون بذلك الاولوية بالمبادرة من قبل رسول الله (ص) لكتابة الوصية الهادية لامته من ضلال الانحراف وراء التيارات الجارفة التي تبعد الناس عن حاكمية الله المتمثلة بالائمة(ع) الى تيار الشورى وحاكمية الناس التي نهانا الله ورسوله عنها.

    وهناك العديد من الايات القرانية التي توجب كتابة الوصية التي سنذكرها بالسورة والرقم رعاية للاختصار وللقارئ ان يراجعها مع تفسيرها عن اهل البيت (ع)
    المائدة 106,
    النساء 58 غيبة النعماني, اثباة الهداة
    مريم 87 الكافي ج 7 ص 3,2
    البقرة 132,133.




    وصية رسول الله ليلة وفاته

    ومما ورد من كلام الله تعالى في وجوب الوصية فيكون اولى الناس بتطبيق الشريعة هو من جاء بها وهو الرسول الاعظم محمد (ص) ولكن اين الوصية التي وردت على لسان رسول الله في الاوصياء (ع) والتي وصفها الرسول الكريم بانها الكتاب العاصم من الضلال؟؟؟
    وهنا نورد الوصية المقدسة التي وردت في اكثر من ثلاثة عشر مصدر من مصادر الشيعة المعتبرة وهي كالاتي كما نقلناها من كتاب غيبة الطوسي ((عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه الباقر ، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين ، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة . فاملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه: عليا المرتضى ، وأمير المؤمنين ، والصديق الاكبر ، والفاروق الاعظم ، والمأمون ، والمهدي ، فلا تصح هذه الاسماء لاحد غيرك . يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم ، وعلى نسائي : فمن ثبتها لقيتني غدا ، ومن طلقتها فأنا برئ منها ، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة ، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام . فذلك اثنا عشر إماما ، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين (وفي مصادر اول المهديين) له ثلاثة أسامي : اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد ، والاسم الثالث : المهدي ، هو أول المؤمنين((.
    ونورد المصادر التي وردت فيها الوصية المقدسة وهي كالتالي:-
    1. الشيخ الطوسي ذکر رواية الوصيةً فی کتابه الغيبة ص150 مع مجموعة من الروايات لإثبات الامامة انها في اهل البيت (ع) ؛ ثم عقب الشيخ الطوسي ص156في نفس الکتاب لإثبات الروايات التي ذکرها بما فيه رواية الوصية التي کانت من ضمن المجموعة التي استدل بها لإثبات مطلبه في ان الامامة في اهل البيت (ع) فقال أما الذي يدل على صحتها فإن الشيعة الإمامية يروونها على وجه التواتر خلفا عن سلف ، وطريقة تصحيح ذلك موجودة في كتب الامامية والنصوص عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والطريقة واحدة).
    2. الشیخ الحرالعاملی فی إثبات الهداةج1 ص549 ح 376 .
    3. الشیخ الحرالعاملی کتاب الايقاظ من الهجعة ص393.
    4. الشیخ حسن بن سليمان الحلي فی کتابه مختصرالبصائرص 159
    5. العلامه المجلسي فی بحارالانوارج53 ص147ح 6 مختصرا وفی ج36ص260ح81کاملا بأستثناءعبارة( فإذا حضرته الوفاة ).
    6. الشيخ عبدالله البحراني في کتابه العوالم ج3ص236ح227.
    7. السید هاشم البحرانی فی کتابه غاية المرام ج1ص370ح59.
    8. الانصاف ص222للسید هاشم البحراني.
    9. نوادرالاخبارللفیض الکاشاني ص294
    10. الشیخ المیرزا النوری فی کتابه النجم الثاقب ج2ص71 واشار بأن الوصية معتبرة السند وهذا نص ماذكره الشیخ المیرزا النوری قال روى الشيخ الطوسي بسندٍ معتبر عن الامام الصادق(ع) خبرا ذكرت فيه بعض وصايا رسول الله(ص) لإميرالمؤمنين(ع) في الليلة التي كانت فيها وفاته ......).
    11. السید محمد محمد صادق الصدر ذکرها في کتابه تاريخ مابعدالظهور ص641
    12. كتاب مكاتيب الرسول للشيخ الميانجي ج2 ص96 .
    13. مختصرمعجم احاديث الامام المهدي للشيخ الکوراني


    في هذه الوصية المقدسة يذكر رسول الله (ص) أول المهديين الإثني عشر (ع) وهو أحمد، فهل هذا المهدي الأول ( أحمد ) هو نفسه السيد أحمد الحسن (ع)؟ هذا السؤال لابد من الإجابة عليه إجابة قاطعة تدل على أن من يحتج بالوصية لابد أن يكون هو صاحبها، وأن الوصية لا يمكن أن يدعيها شخص آخر غير صاحبها.
    وفي هذا الصدد يمكن تقديم جملة من البراهين، وكما يلي:
    1- عن محمد بن الفضل عن الرضا (ع): (في حديث طويل إنه حضر في البصرة في مجلس عظيم فيه جماعة من العلماء وفيه جاثليق النصارى ورأس الجالوت، فلتفت الرضا (ع) إلى الجاثليق وقال: هل دل الإنجيل على نبوة محمد (ص)، قال: لو دل الإنجيل على ذلك لما جحدناه، فقال (ع): أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث، فقال الجاثليق: اسم من أسماء الله لا يجوز لنا أن نظهره. قال الرضا (ع): فإن أقررتك إنه اسم محمد... (وبعد أن ذكر الإمام (ع) ما جاء في الإنجيل والتوراة من ذكر للرسول (ص) )، قالا، أي الجاثليق ورأس الجالوت: والله لقد أتى بما لا يمكننا رده ولا دفعه إلا بجحود الإنجيل والتوراة والزبور، وقد بشر به موسى وعيسى عليهما السلام جميعاً، ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة إنه محمد هذا، فأما اسمه محمد فلا يصح لنا أن نقر لكم بنبوته ونحن شاكون إنه محمدكم. فقال الرضا (ع): احتججتم بالشك، فهل بعث الله من قبل أو من بعد، من آدم الى يومنا هذا نبياً اسمه محمد؟ فأحجموا عن جوابه... الخ) (إثبات الهداة 194- 195).
    وجه الاستدلال بهذه الرواية:
    الإمام الرضا (ع) يحتج على جاثليق النصارى ورأس الجالوت اليهودي، بأن نبوة الرسول الكريم محمد (ص) ثابتة، ودليله إلى إثباتها أن اسمه الشريف قد ورد في كتبهم، ويذكر لهم المواضع التي ذكر فيها اسمه (ص)، والقوم يقرون له بأن ورود نبي اسمه محمد يأتي في آخر الزمان أمر لا يسعهم إنكاره إلا بجحود الإنجيل والتوراة والزبور.
    ولكنهم مع إقرارهم هذا يشكون في أن يكون المقصود هو نبي الإسلام (ص)، أي إنهم يقبلون المفهوم ولكنهم يشكون في المصداق، فهم يقولون إنهم لا يسعهم الإقرار بنبوة محمد رسول الله (ص) لمجرد أن اسمه محمد.
    وهنا يجيبهم الإمام الرضا (ع) بقوله: ( احتججتم بالشك )، أي إنكم لا تملكون حجة إيجابية، وإنما حجتكم هي حجة سلبية، ثم يقطع عليهم هذه الحجة السلبية بقوله: (فهل بعث الله من قبل أو من بعد، من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد )؟ فيحجمون عن جوابه وتنقطع شكوكهم الواهية.
    الإمام الرضا (ع) بعبارة أخرى يقول لهم استقرأوا التاريخ من زمن آدم (ع) إلى يومكم هذا، هل تجدون فيه رجلاً اسمه محمد ادعى أنه مبعوث من الله تعالى، فإذا لم تجدوا – ولن تجدوا – فلا محيص لكم من الإقرار بأن نبينا (ص) هو النبي المقصود الذي ذكرته كتبكم.
    وبطبيعة الحال لابد أن نتذكر دوماً أن ذكر رسول الله (ص) في كتب الأديان الإلهية السابقة كان على سبيل النص عليه والوصية به، فنحن بإزاء احتجاج بالوصية على نبوة الرسول محمد (ص)، وطريق الإثبات على صدق المدعي وأنه هو المعني، هو استقراء التاريخ الذي يشهد بعدم وجود مدع للوصية سوى صاحبها (ص). وليس هذا حسب، بل يمكننا إضافة بُعدٍ مهم آخر لاستدلال الإمام الرضا (ع)، وهو ما نتوضحه بعد أن نعلم أن احتجاج الإمام الرضا (ع) كامل وصحيح، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو احتجاج رجل لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
    إذا علمنا هذا، نتساءل الآن: ماذا لو أن الجاثليق ورأس الجالوت أجابا الإمام الرضا (ع) قائلين: نعم لم يسبق لأحد أن ادعى أنه المعني بما ورد في كتبنا، ولكن هذا لا يمنع أن يأتي شخص في قابل الأيام ليدعي ذلك.
    أقول هل كان مثل هذا الجواب المفترض يسقط استدلال الرضا (ع) ؟
    قلنا فيما تقدم أن احتجاج الإمام الرضا (ع) كامل وصحيح، ولا يشك بهذا إلا جاهل بحقيقة الإمام الرضا (ع)، وبحقيقة الإمامة. ومن منطلق هذا الإيمان بصحة احتجاج الإمام (ع) يمكننا أن نتصور فهماً لاحتجاجه، هو أنه (ع) يريد أن يقرر حقيقة هي أن الوصية لا يمكن أن يدعيها غير صاحبها أبداً، وبهذا التصور نعلم أن الجواب المفترض لا يشكل نقضاً على استدلال الإمام الرضا (ع)، بل إنه لن يشكل في الحقيقة سوى استمرار لمنطق الشك الفارغ غير المستند على حجة حقيقية إيجابية.
    والحق إن العقول السليمة تدرك الضرورة المحتمة من حفظ وصايا الأنبياء، بل النص الإلهي عليهم من تلاعب المزورين ومدعي الباطل، إذ إن افتراض إمكانية أن ينتحل مزور وصايا الأنبياء والحجج أو النص الإلهي عليهم سيفتح الباب على مصراعيه لدخول الشك واستفحاله في العقول والقلوب، فلا يسع إنسان بعد تحقق افتراض الانتحال الباطل أن يطمئن أبداً لمن يدعي أنه نبي أو وصي، وستسقط الحجة الأولى والأقوى التي يحتجون بها، وهذا خلاف الفرض.
    فالمفروض كما تقدم من سرد الروايات أن الوصية هي الحجة الأولى والأهم لحجج الله، إذن لابد أن تكون الوصية أو النص الإلهي مصون من تلاعب المزورين، ومحفوظ بحفظ الله تعالى من ادعائها من قبل غير أصحابها.
    وقد ورد عن المعصومين (ع) ما يستدل منه على أن النص الإلهي لا يدعيه غير صاحبه ففي بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص223 - 224:
    عن الإمام الباقر (ع): ( يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، معه عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته ، وسلاحه ، ووزيره معه ، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء ، حتى يسمعه أهل الأرض كلهم اسمه اسمه نبي. ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه ... إلى قوله: وإياك وشذاذ من آل محمد عليهم السلام فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين ، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه ).
    الإمام الباقر (ع) في هذه الرواية يجعل من العهد وهو الوصية علامة فارقة يُعرف بها الحجة، بل إنها كما يتضح من الرواية من العلامات أو الأدلة التي لا ينبغي الشك فيها.
    بل أكثر من هذا ورد أن من يدعي هذا الأمر وهو كاذب في ادعائه يتبر أو يبتر الله عمره، وهذا المدعي كما يستدل من مجمل الروايات لا يحتج بالوصية بل يدعي منصب النبوة أو الإمامة دون احتجاج منه بأنه موصى إليه أو منصوص عليه.
    ففي الكافي للكليني ج 1 ص 372 :
    ( عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد الله يقول إن هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر الله عمره ).
    وفي الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي - ص 136:
    ( عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه ، إلا بتر الله عمره ).
    والتبر من التتبير وهو الإهلاك.
    إذن الوصية لا يدعيها غير صاحبها، والسيد أحمد الحسن (ع) احتج بأنه صاحب الوصية إذن هو صاحبها والمعني بها.
    بل يمكن القول إن احتجاج السيد أحمد الحسن (ع) بالوصية يستبطن حجيته في ذاته، فالوصية المذكور في كتاب الغيبة كانت تقريباً سراً مصوناً حتى عن علماء الشيعة فلم يلتفت لها منهم غير القليل، والأهم من هذا لم يلتفتوا إلى مضمونها الدال حتماً على مجيء الوصي أحمد قبل أبيه، كما قد برهنا في مباحث متقدمة، اعتماداً على قول رسول الله (ص) فيها: ( هو أول المؤمنين ).
    ما أريد أن أقوله هنا هو أن الوصية ذكرت أسماء الأئمة (ع) وذكرت من المهديين اسم أولهم فقط وهو ( أحمد )، ولم تذكر أسماء أبنائه من المهديين (ع)، الأمر الذي يحفز في العقول التساؤل عن السبب. وبقدر تعلق الأمر بهذا المبحث، أقول: إن من الراجح والقوي حقاً أن نستدل نتيجة تتعلق باحتجاج السيد أحمد الحسن ( صاحب الوصية ). فمن المعلوم أن الأئمة السابقين عليه يسبق في كل منهم إعلان من أبيه أو إشارة تدل على أنه الوصي والإمام اللاحق، بينما لا يتحصل شيء من هذا بالنسبة لأحمد بسبب غيبة الإمام المهدي (ع)، ومن هنا فالوصية تدل الناس عليه، وهذا سبب إضافي يحملنا على الاعتقاد بانعدام إمكانية انتحالها من قبل المبطلين.


    الفصل الثاني
    القول في ذرية الامام المهدي (ع)
    وقد تحدث الدكتور في الكتب عن موضوع الذرية وناقشها بموضوع عقلي متنا سيا الاخبار المتواترة في هذا الموضوع التي تدل على قطعية وجود ذرية للامام المهدي (ع) وسنورد البعض منها في هذا الفصل ليتسنى للقارئ معرفة تأكيد هذا الامر الذي ورد عنهم (ع) والله الموفق.

    الأدلة على وجود ذرية للإمام المهدي (ع):-


    الدليل الأول : روى الشيخ النعماني (تلميذ ثقة الإسلام الكليني) في كتاب الغيبة ، والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بسندين معتبرين عن المفضل بن عمر قال: (( سمعت أبا عبد الله يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين أحدهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل ، ويقول بعضهم ذهب ، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحداً من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره )). النجم الثاقب ج2 ص69 .
    الدليل الثاني : روى الشيخ الطوسي وجماعة بأسانيد متعددة عن يعقوب بن الضراب الاصفهاني انه حج في سنة إحدى وثمانون ومائتين فنـزل بمكة في سوق الليل بدار تسمى دار خديجة ، وفيها عجوز كانت واسطة بين الشيعة وإمام العصر {عليه السلام} – والقصة طويلة – وذكر في أخرها انه { عليه السلام } أرسل إليها دفتراً وكان مكتوباً فيه صلوات على رسول الله وباقي الأئمة وعليه {صلوات الله عليه} ، وأمره إذا أردت أن تصلي عليهم فصلي عليهم هكذا وهو طويل ، وفي موضع منه :
    ((اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه ، وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه)). وفي أخره هكذا (اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفى وجميع الأوصياء ، مصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم ، وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ، ومد في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وديناً وآخرة انك على كل شيء قدير) .
    الدليل الثالث : في زيارته المخصوصة التي تقرا في يوم الجمعة ، ونقل السيد رضي الدين علي بن طاووس في كتاب (جمال الأسبوع) (صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين) وفي موضع آخر منها : (صلوات الله عليك وعلى آل بيتك هذا يوم الجمعة) وفي أخرها قال (صلوات الله عليك وعلى آل بيتك الطاهرين) .
    الدليل الرابع : ونقل في آخر كتاب (مزار) بحار الأنوار عن كتاب (مجموع الدعوات) لهارون موسى التلعكبري (سلاماً وصلاة طويلة من رسول الله واحد واحد من الأئمة وبعد ذكر السلام والصلاة على الحجة {عليه السلام} ذكر سلاما وصلاة خاصة على ولاة عهد الحجة {عليه السلام} وعلى الأئمة من ولده ودعى لهم ، (السلام على ولاة عهده ، والأئمة من ولده اللهم صل عليهم وبلغهم أمالهم وزد في آجالهم واعز نصرهم وتمم لهم ما أسندت من أمرهم ، واجعلنا لهم أعوانا وعلى دينك أنصاراً فإنهم معادن كلماتك وخزان علمك وأركان توحيدك ودعائم دينك وولاة أمرك ، وخلصاءك من عبادك ، وصفوتك من خلقك وأولياؤك وسلائل أوليائك وصفوة أولاد أصفيائك وبلغهم منا التحية والسلام ، واردد علينا منهم السلام ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته)
    الدليل الخامس : نقل السيد ابن طاووس (رحمه الله ) في جمال الأسبوع ص306 وغيره زيارة له {عليه السلام} كان في إحدى فقراتها هذا الدعاء بعد صلاة تلك الزيارة (اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته ، و عدوه و جميع أهل الدنيا ما تقر به عينه ، وتسر به نفسه … ) .
    الدليل السادس : قصة الجزيرة الخضراء التي نقلها العلامة المجلسي في بحار الأنوار، وفيها (( فسألته عن ميرة أهل بلده من أين تأتي إليهم فاني لا أرى لهم أرضا مزروعة ، فقال : تأتي إليهم ميرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض ، من جزائر أولاد الامام صاحب الامر عليه السلام ، فقلت له : كم تأتيكم ميرتكم في السنة ؟ فقال : مرتين ، وقد أتت مرة وبقيت الأخرى فقلت : كم بقي حتى تأتيكم ؟ قال : أربعة أشهر )). بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص 164
    الدليل السابع : روى السيد الجليل علي بن طاووس في كتاب (عمل شهر رمضان) عن أبي قرة دعاء لابد أن يقرأ في جميع الأيام لحفظ وجود الإمام الحجة {عليه السلام} ومن فقرات هذا الدعاء ( وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين ) .
    الدليل الثامن: رواية الوصية التي رواها الشيخ الطوسي، وقد مر ذكرها في روايات المهديين، وفيها قال (ص): ( فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين … الخ ) .أي إذا حضرت الوفاة الإمام المهدي (ع) فليسلمها إلى ابنه أول المهديين.
    الدليل التاسع : المروي في مزار محمد بن المشهدي ص 134 عن الإمام الصادق {عليه السلام} انه قال لأبي بصير : كأني أرى نزول القائم {عليه السلام} في مسجد السهلة بأهله وعياله … ) .
    الدليل العاشر : نقل العلامة المجلسي في مجلد الصلاة من البحار في أعمال صبح يوم الجمعة عن أصل قديم من مؤلفات قدمائنا دعاءاً طويلا يقرا بعد صلاة الفجر ومن فقرات الدعاء للإمام الحجة {عليه السلام} هناك هو اللهم كن لوليك في خلقك ولياً وحافظا وقائداً ، وناصراً حتى تسكنه أرضك طوعا ، وتمتعه منها طويلا ، وتجعله وذريته فيها الأئمة الوارثين … ).

    الدليل الحادي عشر :- ذكر الشيخ عباس القمي (رحمه الله)في مفاتيح الجنان في الدعاء لصاحب الزمان (ع ) ص616 وتسلسله بعد دعاء العهد الشريف .
    وجاء في أحدى فقراته: {اللهم أعطه في نفسه وأهله ووَلَدِه وذريته و أمته وجميع رعيته ما تقربه عينه وتسربه نفسه … }.
    وهذا الدعاء يهتم بذكر ولد واحد للإمام المهدي (ع ) وبعده يذكر الذرية مما يدل على أن لهذا الولد مقاما خاصاً .
    الدليل الثاني عشر :- قول الإمام المهدي {عليه السلام} في خطبته بين الركن والمقام عند قيامه :- ( … فقد أخفنا وظلمنا وطردنا من ديارنا وأبنائنا ، وبغي علينا ودفعنا عن حقنا … ) الغيبة للنعماني ص 290. وهذا إعلان وبيان من الإمام المهدي {عليه السلام} في أول قيامه بأنه طرد من داره وأبناءه بسبب مطاردة الظالمين له ، والبحث عن آثاره {عليه السلام} في كل مكان وزمان.
    الدليل الثالث عشر :- عن أبي الحسن الرضا (ع) : ( كأني برايات من مصر مقبلات ، خضر مصبغات ، حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات ) الإرشاد للمفيد ص250 ، بشارة الإسلام ص158.
    فدلالة هذه الرواية واضحة على إن قبل قيام القائم تهدى الرايات (أي تبايع) إلى ابن صاحب الوصيات . وصاحب الوصيات هو وارث الأئمة المعصومين وخاتمهم ومن انتهت إليه الوصية وهو الإمام محمد ابن الحسن العسكري صاحب الزمان (ع) وهو المستحفظ من ال محمد (ع). والرواية تنص على أن الرايات تهدى الى ابن صاحب الوصيات أي ابن الإمام المهدي (ع) .
    الدليل الرابع عشر :- ورد ذكر ذرية الإمام المهدي (ع) في ( دعاء يوم الثالث من شعبان ) يوم ولادة الإمام الحسين (ع) .
    عن أبي القاسم ابن علاء الهمداني وكيل الإمام العسكري (ع) إن الحسين (ع) ولد يوم الخميس لثلاث خَلَون من شعبان فصمه وأدع بهذا الدعاء :
    ( اللهم أني أسألك بحق المولود بهذا اليوم …… قتيل العبرة وسيد الأسرة الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتلِه إن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار … ) مفاتيح الجنان ص222 ، ضياء الصالحين ص 31 ، مصباح الكفعمي دعاء الثالث من شعبان .
    الدليل الخامس عشر :- وهو مدح الإمام الحسن العسكري (ع) لأسباطه من ذرية القائم (ع) :- عن المجلسي قال : وجد بخط الإمام ابي محمد العسكري (ع) على ظهر الكتاب ( قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية وذرنا سبع طرائق بأعلام الفتوة والهداية ونحن ليوث الوغى وغياث الندى وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد في الآجل أسباطنا خلفاء الدين القويم ومصابيح الأمم ومفاتيح الكرم … ) بشارة الإسلام ب12 ص168 . وهنا أشار الإمام الحسن العسكري الى أسباطه ( أسباطنا خلفاء الدين القويم ) والسبط ابن الابن ولا يوجد ابن للإمام الحسن العسكري (ع) غير الإمام المهدي (ع) فتعين أن يكون هؤلاء الأسباط من ذرية الإمام المهدي (ع) وخلفاءه في الأمة . وأيضاً هذا الخبر يعضد روايات ذرية الإمام المهدي (ع) الذين يحكمون بعده (ع) .
    الدليل السادس عشر:- ما ورد في شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 28 - ص 322 – 323 : (( قلنا : يا بن رسول الله كرمنا وشرفنا ببعض ما أنت تعرفه من علم ذلك . قال : إن الله جعل في القائم منا سننا من سنن أنبيائه : سنة من نوح طول العمر ، وسنة من إبراهيم خفاء الأولاد واعتزال الناس ، وسنة من موسى الخوف والغيبة ، وسنة من عيسى اختلاف الناس فيه ، وسنة من أيوب الفرج بعد الشدة ، وسنة من محمد الخروج بالسيف يهتدي بهداه ويسير بسيرته )). وخفاؤهم هو استتارهم وعدم معرفة الناس بهم، بل يمكن أن نفهم منه أيضاً عدم معرفتهم هم أنفسهم بذلك.
    والحق إن علماء كثيرون قالوا بوجود الذرية والولد للإمام المهدي (ع) منهم الميرزا النوري في كتابه ( النجم الثاقب) حيث ذكر الكثير من الأدلة على هذه الحقيقة، وقال بعد ذكر الأدلة: (( ولم يصل خبر يعارض هذه الأخبار إلا حديث رواه الشيخ الثقة الجليل الفضل بن شاذان النيسابوري في غيبته بسند صحيح عن الحسن بن علي الخراز قال : دخل علي بن أبي حمزة على أبي الحسن الرضا {عليه السلام} فقال له : (أنت إمام ؟ قال : نعم فقال له : أني سمعت جدك جعفر بن محمد {عليه السلام} يقول لا يكون الإمام إلا وله عقب فقال : أنسيت يا شيخ أو تناسيت ؟ ليس هكذا قال جعفر {عليه السلام} إنما قال جعفر {عليه السلام} :لا يكون الإمام إلا وله عقب إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي {عليه السلام} فانه لا عقب له فقال له صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول) وقال السيد محمد الحسيني الملقّب بـ (مير لوحي) تلميذ المحقق الداماد في كفاية المهتدي بعد أن ذكر هذا الخبر: " قد وفق في رياض المؤمنين بأنّ هذا خبر مدينة الشيعة والجزيرة الخضراء والبحر الأبيض الذي ذكر فيه ان لصاحب الزمان عليه السلام عدّة أولاد هذا أقل اعتبار بالنسبة إلى هذا الحديث الصحيح، ومن أراد أن يطّلع على ذلك فليرجع إلى الكتاب المذكور ".
    وقد نقل هذا الخبر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة إن مقصود الإمام عليه السلام من انه لا ولد له، أي أن لا يكون له ولد يكون إماماً يعني انّه عليه السلام خاتم الأوصياء وليس له ولد إمام. أو إن الذي يرجع عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) ليس له ولد. فلا يعارض الأخبار المذكورة والله العالم )). النجم الثاقب ج2ص50وما بعدها.
    أقول إن الشيخ الطوسي رحمه الله في توجيهه لحديث الإمام الرضا (ع)، ذهب مرة إلى احتمال أن يكون المقصود عدم وجود ولد إمام، وأخرى إلى أن من يرجع عليه الحسين (ع) هو من لا ولد له. وهذا الأخير صحيح إن كان مقصوده المهدي الأخير من المهديين الإثني عشر، ولعله أراده والله أعلم، لاسيما هو ينقل رواية الوصية في غيبته ويصححها، كما هو المعروف عن منهجه.
    ومنهم الشيخ الطبرسي في تاج المواليد (المجموعة)، فقد قال في الصفحة/ 78:
    (( الفصل الخامس في ذكر ولده ع وأما الولد لصاحب الزمان عليه السلام ، فقد وردت الروايات عنهم عليهم السلام بأنه يولد له الأولاد ، وغير ممتنع أن يكون له في هذا الوقت أهل وولد ، وجايز أن يكون ذلك بعد خروجه وفى أيام دولته ولا قطع على أحد الأمرين والله أعلم )). أقول إن القطع على وجود الذرية للإمام المهدي (ع) قبل خروجه ممكن، بل متحقق كما سيتضح في قابل البحث. وعلى أية حال فإن الشيخ الطبرسي كما يتضح من كلامه أعلاه يرى أن الإمام المهدي (ع) ليس هو الإمام الذي لا عقب له.
    وقال الكوراني في ( برنامج شمس خلف السحاب ) من قناة الكوثر، الموجودة على الرابط أدناه.
    (( أيضا سؤالهم من الذي يقوم بتجهيز الأمام المهدي أرواحنا فداه ودفنه رواية عندنا صحيحة أنه في زمن الامام المهدي روحي له الفداء يتحقق الانفتاح على الكون على الكواكب الأخرى على الأراضي السبع ست الأخرى يعني ورواح ومجيء الى هذه الأكوان والكواكب رواح ومجيء للآخرة أيضا يكون وأول من يرجع الأمام الحسين(ع) هو الذي يتولى تجهيز الأمام المهدي تغسيله وتكفينه والصلاة عليه وهو الذي يخلفه في الحكم يحكم الأمام الحسين(ع) هو حتى يسقط حاجباه من الكبر يعني مدة طويلة الأمام الحسين(ع) ولعله يدفن أيضاً في مكان القبر الأول(س) وربما يكون بعده اثنا عشر مهديا من اولاد المهدي(س) والبرنامج الذي وضعه الله عز وجل لمراحل الرجعة الى أن تقوم القيامة والحمد لله رب العالمين )).
    كلمة الكوراني نموذج لارتباك فقهاء آخر الزمان، فالتردد والحيرة واضحة فيها، فهي تُشعر بذهابه إلى القول بالرجعة مرة، والقول بحكم المهديين (ع) مرة أخرى. والكوراني في الحقيقة اضطر إلى الإعتراف بالمهديين (ع) بعد أن أحرجته حوارات أنصار الإمام المهدي (ع) التي جرت في هذا البرنامج، وفي غيره من المناسبات التي جمعتهم به.
    والحق إنه بعد أن بيّن الأنصار أعزهم الله تعالى، حقيقة المهديين اضطر الكثير من الفقهاء للإعتراف بوجودهم (ع)، ومنهم السيد محمد الشوكي الذي قال في برنامج (شمس خلف السحاب) إجابة على سؤال وجه له بهذا الخصوص :
    (( السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، هذا ينصب في سياق مجموعة من الاخبار الاخرى التي تقول بان هناك بعد الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف اثنى عشر مهدياً من ولده يحكمون من بعده وهؤلاء بطبيعة الحال المهديون الاثنى عشر هم ليسوا الائمة الاثنى عشر المعهودين لدينا وليسوا اهل البيت الذين يبتدأون بالامام امير المؤمنين عليه السلام ويختمون بالمنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وانما هم شخصيات علماء عارفون على كل حال من العناوين الكبيرة من اولاد الامام المهدي(عج) الذين يكملون المسيرة من بعده ويحكمون الدنيا بعد ابيهم عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهناك روايات تقول بان الذي يحكم بعد الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف هم الائمة المعصومين خلال رجعتهم وهناك روايات تقول بان الذي يحكم من بعده هم اولاده الاثنى عشر المهديون وربما يحل التنافي بان هؤلاء الاولاد الكرام يحكمون بعد الامام المهدي سلام الله عليه العالم ما قبل الرجعة طبعاً هناك من يرجع مع الامام المهدي سلام الله عليه لهذا قد يقال ان هناك رجعة صغرى ورجعة كبرى، هناك من يرجع مع الامام مباشرة في حين ظهوره سلام الله عليه لا في الرجعة الاخرى التي يرجع فيها الائمة سلام الله عليهم ثم يحكمون قبل هذه الفترة قبل الرجعة الكبرى التي يرجع فيها الائمة ويحكمون هذه الفترة الممتدة بعد الامام المهدي سلام الله عليه قد يحكم فيها اولاده المهديون وهم ائمة ولكن لا بالمعنى الخاص الذي نعرفه لاهل البيت عليهم السلام وانما هم قادة الامة وهم قادة المجتمع والحكام على الارض بعد الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والله العالم بذلك )).
    وقال ايضاً
    : (( ما من شك وحتى هو لفظ المهديون ربما يوحي بعصمتهم يعني هم اناس ليسوا اناس عاديون وانما بلغو اقصى درجات الورع والتقوى بل قد يقال بعصمتهم لانهم مهديون من قبل الله تبارك وتعالى يعني هذا العنوان قد يوحي لهذا المعنى انهم يمتلكون درجة العصمة ومنزلة العصمة وهم يكملون المشوار ويكملون المشروع، لان الدولة المهدوية المباركة هي حلم في تفاصيلها التي وردت في الروايات، بطبيعة الحال ليس كل التفاصيل وردت في الروايات الشريفة وانما بعض التفاصيل التي وردت عن دولة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف على ألسنة اهل البيت عليهم السلام نستشف منها بان هذه الدولة مثال نموذج لا يخطر حتى على بال الانسان في كل جوانبها العبادية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الى اخره، فهذه الدولة تحتاج الى بناء فمدة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ليست بتلك المدة الكبيرة جداً يعني الامام كشخص ليس كدولة لان هناك فرق بين عمر الامام وعمر الدولة، فاذن هذه الدولة تحتاج الى بناء سواء في جانبها العمراني او جانبها العبادي والتربوي، والناس ايضاً تحتاج الى بناء، القضية ليست عندما يأتي الامام المهدي(عج) الكل يصبحون معصومين وانما الامام هو يضع رؤوسهم على العباد يضع رؤوسهم قد يقال عبارة عن تربية الامام سلام الله عليه وابوة الامام للامة هذه التربية تربية النفوس على الورع وعلى التقوى وعلى العلم وعلى المعرفة ايضاً تحتاج من يكملها ومن يسددها ومن يرشدها، كذلك عمليات البناء الاخرى في جوانب ومرافق الحياة المتعددة، فهم انما يكملون مسيرة الامام المهدي سلام الله عليه في تطبيق العدل الكامل والشامل في ربوع الدنيا وخلق المجتمع الفريد الذي سينعم به الناس في زمانه وبعد زمانه سلام الله عليه.

    أقول لعل حديثه عن ما يسميه بالرجعة الصغرى المراد منه ليس الرجعة بالمعنى الذي تحدثت عنها الروايات الشريفة، وإنما هذه الرجعة المراد منها وجود أشخاص أمثال سلمان والمقداد وغيرهم ممن ذكر أنهم يرجعون في زمن القائم ومن بين أصحابه سلام الله عليه، أي وجود أمثالهم بين أصحاب القائم، والله أعلم. ولا يعني هذا إني أقول إن من ذكرت من الأسماء لا يرجع بشخصه في عالم الرجعة الذي يسميه هو الرجعة الكبرى.


    الفصل الثالث
    الاعتراض برواية السمري
    والقول فيها
    وسنستعرض في هذا الفصل اولا قول العلماء السابقين في رواية السمري وتعليقهم عليها ونورد الرد الشافي عنها والتحقق منها من جميع الجوانب والله الموفق:-

    1- يعلق العلامة المجلسي في بحار الأنوار - ج 52 - ص 151 بعد أن ينقل التوقيع الشريف قائلاً: (( بيان : لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة ، على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم )).
    وقوله : ( لعله ...الخ ) واضح في أنه يحتمل هذا المعنى احتمالاً ولا يقطع به ، وواضح أيضاً إنه إنما ذهب هذا المذهب هروباً مما اعتبره تعارضاً بين مفاد التوقيع الذي ينفي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة وما دلت عليه الأخبار من حصول المشاهدة لأناس كثيرين جداً.
    2- و قال الميرزا النوري في جنة المأوى / بحار الأنوار - ج 53 – ص318-325: (( روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحسن بن أحمد المكتب والطبرسي في الاحتجاج مرسلا أنه خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمري : يا علي بن محمد السمري اسمع أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وما بين ستة أيام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد الأمد ، وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة ، فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وهذا الخبر بظاهره ينافي الحكايات السابقة وغيرها مما هو مذكور في البحار والجواب عنه من وجوه :
    الأول : أنه خبر واحد مرسل ، غير موجب علما ، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها بل ومن بعضها المتضمن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره عليه السلام ، فكيف يجوز الإعراض عنها لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقله ، وهو الشيخ في الكتاب المذكور كما يأتي كلامه فيه ، فكيف بغيره والعلماء الأعلام تلقوها بالقبول ، وذكروها في زبرهم وتصانيفهم ، معولين عليها معتنين بها
    الثاني : ما ذكره في البحار بعد ذكر الخبر المزبور ما لفظه : لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة ، وإيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وسيأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم .
    الثالث : ما يظهر من قصة الجزيرة الخضراء ، قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل المازندراني : فقلت للسيد شمس الدين محمد وهو العقب السادس من أولاده عليه السلام : يا سيدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السلام أنه قال : لما أمر بالغيبة الكبرى : من رآني بعد غيبتي فقد كذب ، فكيف فيكم من يراه ؟ فقال : صدقت إنه عليه السلام إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته ، وغيرهم من فراعنة بني العباس ، حتى أن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره ، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وأيس منه الأعداء ، وبلادنا نائية عنهم ، وعن ظلمهم وعنائهم ، الحكاية . وهذا الوجه كما ترى يجري في كثير من بلاد أوليائه عليهم السلام.
    الرابع : ما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر التوقيعات المشهورة الصادرة منه عليه السلام في حقه ما لفظه : وقد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى ، مع جهالة المبلغ ، ودعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى ، ويمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن ، واشتمال التوقيع على الملاحم والإخبار عن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله وأولياؤه بإظهاره لهم ، وأن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام عليه السلام ويعلم أنه الحجة عليه السلام حال مشاهدته له ، ولم يعلم من المبلغ ادعاؤه لذلك . وقال رحمه الله في فوائده في مسألة الإجماع بعد اشتراط دخول كل من لا نعرفه : وربما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام عليه السلام بعينه على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في مدة الغيبة ، فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه عليه السلام فيبرزه في صورة الإجماع ، جمعا بين الأمر بإظهار الحق والنهي عن إذاعة مثله بقول مطلق ، انتهى . ويمكن أن يكون نظره في هذا الكلام إلى الوجه الآتي ... إلى أن يقول:
    السادس: أن يكون المخفي على الأنام ، والمحجوب عنهم ، مكانه عليه السلام ومستقره الذي يقيم فيه ، فلا يصل إليه أحد ، ولا يعرفه غيره حتى ولده ، فلا ينافي لقاءه ومشاهدته في الأماكن والمقامات التي قد مر ذكر بعضها ، وظهوره عند المضطر المستغيث به ، الملتجئ إليه التي انقطعت عنه الأسباب وأغلقت دونه الأبواب )) انتهى.
    واضح إن الميرزا النوري يركز على دلالة واحدة يراها ظاهرة في التوقيع هي المتعلقة بالمشاهدة بمعنى الرؤية البصرية أو اللقاء، وما يسوقه من دلالات أو وجوه يستهدف صرف التوقيع عن هذه الدلالة التي يراها معارضة لما دلت عليه الأخبار من تحقق الرؤية، بل إنه في النقطة الأولى من الفائدة الأولى لا يتوانى عن نفض يده من مضمون التوقيع عبر التذكير بكونه خبراً مرسلاً لم يعمل به ناقله وهو الشيخ الطوسي ولا يقوى بالنتيجة على معارضة الأخبار الكثيرة التي حظيت بالعناية والقبول من طرف الكثيرين. أما في النقطة الثانية فالميرزا يقتبس كلام العلامة المجلسي حرفياً ليدلل على أنه شأنه شأن العلامة لا يذهب إلى القول بأن المشاهدة التي يمنعها التوقيع هي المقترنة بادعاء السفارة إلا على سبيل الاحتمال الذي يُلجأ إليه لدفع المعنى الظاهر لتعذر القبول به. فالميرزا والعلامة بكلمة أخرى لا يريدان من كلامهما تقرير معنى يتعلق بانعدام السفارة في الغيبة الكبرى، فهما وإن كانا يقولان بهذا المعنى على سبيل الاحتمال، إلا أنهما – كما هو واضح – لا يقولان به على أنه المقصود الأول والمحدد لكلامهما، فالقول بانتفاء السفارة ليس مقصوداً من طرفهما بذاته ولذاته، وإنما جاء في معرض النقض على من يمكن أن يذهب إلى امتناع المشاهدة بدلالة التوقيع. فكأنهما يعترضانه بالقول : إذا كنت تصر على أن المقصود من التوقيع هو نفي المشاهدة بمعنى الرؤية البصرية فعليك أن تثبت عدم إمكان أن يكون المقصود هو ادعاء المشاهدة المقترن بادعاء السفارة، فنحن على الأقل نحتمل هذا المعنى احتمالاً، ولا يسعك والحال هذه إلا أن تنقض هذا الاحتمال لتثبيت مدعاك.
    إن ملاحظة الجانب السلبي النقضي في توجيه العلامة والميرزا يعززها عدم اكتفائهما بهذا التوجيه، وصيرورتهما ولاسيما الميرزا إلى وجوه أخرى يُحتمل أن يكون التوقيع قاصداً لها.
    والآن ماذا يعني كونهما لم يقصدا بالذات الدلالة التي يستشف منها انتفاء السفارة في الغيبة الكبرى؟
    الأكيد في هذا الصدد إن أحداً لا يسعه الزعم بأنهما يقطعان بانتفاء السفارة في الغيبة الكبرى اعتماداً على ما ورد هنا من توجيه للتوقيع الشريف، ولا يمكنه أن يقطع بالتأكيد أنهما لن يتراجعا عن هذا القول ليقولا إنهما لم يكونا في معرض تحقيق هذا المعنى تحديداً، وإنما أبرزاه في مقام النقض على من يذهب إلى أن دلالة التوقيع هي تكذيب مدعي الرؤية، والنقض كما هو معروف لا يستلزم التقدم بجواب إيجابي مُتحقق منه، بل يكفي فيه اعتراض المعنى المنقوض عليه بدلالة يزعم الناقض كونها محتملة، ولا يلزمه تقديم البرهان على أنها هي المرادة تحديداً إذ يكفيه في مقام النقض كونها محتملة، وعلى من يتقدم بدلالة إيجابية، أو كان في مقام الحل أو تحديد معنى معيناً، عليه أن يبرهن على عدم إمكان الدلالة الناقضة.
    ومن جهة أخرى يمكننا فهم أن من يحاول النقض على معنى ما فأن غايته هي نفس النقض، أو نفس سلب المعنى الإيجابي الذي يقول به الآخر ( أو يُتصور إنه يمكن أن يقول به أو يفهمه من خطاب ما )، وعلى هذا لابد أن يكون واضحاً إن من ينقض مستعد دائماً للتنازل عن المعنى الذي ذهب إليه في نقضه في حال تحصل على معنى آخر يحقق مراده النقضي، وكان هذا المعنى الجديد أكثر قوة، أو أقدر على منع الخصم من توجيه الطعن له أو توهينه. فإن إمكانية الطعن في النقض أو توهينه وإن كان لا يلغي احتماليته غير أنه يضعف النقض في الوقت نفسه من تحقيق أكبر غاياته وهي إعدام المعنى المنقوض.
    وليس من شك في أن النقض الموجه هنا يمكن توهينه بمطالبة صاحب النقض بالدليل القطعي على انتفاء السفارة، وهو منعدم كما هو معروف، وعليه تبقى الدلالة الإيجابية المفترضة حاضرة وعالقة بالأذهان، لا يسع النقض سوى التخفيف من أثرها لا محوه كلياً ولا حتى تضعيفه إلى حد كبير.
    وسنرى في مستقبل البحث إن المعنى الجديد المشار إليه ممكن التحصيل.
    وبالعودة إلى ما ذكره الميرزا النوري نلاحظ أنه يسوق نقضاً آخر في إطار ذكره قصة الجزيرة الخضراء مفاده إن امتناع المشاهدة كان لوقت محدد فهو عليه السلام ( إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته ، وغيرهم من فراعنة بني العباس ، حتى إن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره ، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وأيس منه الأعداء ، وبلادنا نائية عنهم ، وعن ظلمهم وعنائهم ، الحكاية . وهذا الوجه كما ترى يجري في كثير من بلاد أوليائه عليهم السلام ).
    أقول هذا التوجيه لدلالة التوقيع يُسقط الفكرة السابقة المنبنية على انعدام السفارة في الغيبة الكبرى، بحيث يمكن التمسك به في معرض النقض على من يصر على أن التوقيع يراد منه انعدام السفارة، هذا علاوة على دلالته الواضحة على أنهم قد اختلفوا في تحديد المراد من المشاهدة، فالتوجيه الذي بين أيدينا يحددها بالرؤية البصرية واللقاء، ويذهب إلى أن المنع لم يكن مطلقاً بل كان لفترة محددة، هي الفترة الموصوفة بكثرة الأعداء، فالأمر إذن لا علاقة له بالسفارة، ولا يتناقض مع الأخبار الواردة في حصول المشاهدة واللقاء بالإمام (ع).
    وفي النقطة الرابعة ينقل الميرزا رأياً مختلفاً ذهب إليه العلامة الطباطبائي هو ( أن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام عليه السلام ويعلم أنه الحجة عليه السلام حال مشاهدته له ). وهذا الرأي لا يتعرض لمسألة السفارة، ولا يرى في التوقيع ما يدل على انتفائها.
    أما النقطة السادسة فتوجه التوقيع على أن المراد من المشاهدة المنتفية هو (أن يكون المخفي على الأنام ، والمحجوب عنهم ، مكانه عليه السلام ومستقره الذي يقيم فيه ، فلا يصل إليه أحد ، ولا يعرفه غيره حتى ولده ). وهذا التوجيه بدوره لا يتعرض لمسألة السفارة لا من قريب ولا من بعيد.
    3- وفي رجال الخاقاني للشيخ علي الخاقاني / ص 177 - 178 ، قال: (( وروى إبراهيم بن هشام قال كنت في مدينة السلام في السنة التي توفى فيها علي بن محمد السمري فحضرته قبل وفاته بأيام فاخرج إلى الناس توقيعا نسخته " بسم الله الرحمن الرحيم ، يا علي بن محمد السمري أعظم الله اجر اخوتك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع امرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالى ذكره - وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جورا وسيأتي بعدي من شيعتي من يدعى المشاهدة الا فمن يدعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم قال : فانتسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له : من وصيك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وقبض رحمه الله - وهو آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه فكانت الغيبة الصغرى أربعا وسبعين سنة ثم وقعت بعد ذلك الغيبة الكبرى التي نحن فيها نسأل الله جل شانه ونضرع إليه أن يعجل فرجه وفرجنا به ولعل ما نفاه - عليه السلام من دعوى المشاهدة وان المدعى كذاب مفتر إنما هو دعوى المشاهدة متى شاء على الاستمرار كما كان للأبواب الأربعة مخافة الانتحال لجمع الأموال لا ما قد يقع لبعض الصلحاء الأبرار أو المتحيرين في القفار من المشاهدة بعض الأحيان مع المعرفة له صلوات الله عليه وعلى آبائه أو بدونها. قال الشيخ رحمه الله وقد كان في زمن السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل )).
    وهنا نصادف توجيهاً جديداً لدلالة التوقيع يختلف عن كل ما تقدم، وفيه أن التكذيب يقع على من يدعي المشاهدة (متى شاء على الاستمرار كما كان للأبواب الأربعة مخافة الانتحال لجمع الأموال لاما قد يقع لبعض الصلحاء الأبرار أو المتحيرين في القفار من المشاهدة بعض الأحيان مع المعرفة له صلوات الله عليه وعلى آبائه أو بدونها ). أقول يفهم من كلام الشيخ الخاقاني إنه لا يرى ضيراً حتى في ادعاء السفارة إن كانت بنحو مختلف عن المعروف في الغيبة الصغرى؛ أي سفارة لا تكون المشاهدة فيها (متى شاء على الاستمرار ) كما عبر.
    4- وفي كشف الغمة لابن أبي الفتح الإربلي - ج 3 - ص 347 : (( قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى أثابه الله وعفا عنه: إن قال قائل كيف يقول الطبرسي رحمه الله تعالى إنا لا نقطع على أن الإمام لا يصل إليه أحد إلى آخره ويلزمه القطع بذلك لأنه قال قبل هذا بقليل فيما حكاه عن توقيعاته عليه السلام " فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر" والذي أراه انه إن كان يراه أحد فقد علم منهم أنهم لا يدعون رؤيته ومشاهدته وان الذي يدعيها كذاب فلا مناقضة إذا والله أعلم )).
    المشاهدة المنفية بحسب الاربلي إذن هي تلك التي يذيع الشخص خبرها دون سواها. وهي هنا مطلق الرؤية البصرية كما لا يخفى، لا خصوص المقترنة بادعاء السفارة.
    5- وقال العلامة المجلسي في بحار الأنوار ج 53 ص 321 : (( وفي خبر علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي المروي في إكمال الدين وغيبة الشيخ ومسند فاطمة عليها السلام لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري وفي لفظ الأخير أنه قال له الفتى الذي لقيه عند باب الكعبة ، وأوصله إلى الإمام عليه السلام : ما الذي تريد يا أبا الحسن ؟ قال : الإمام المحجوب عن العالم ، قال : ما هو محجوب عنكم ولكن حجبه سوء أعمالكم . الخبر.
    وفيه إشارة إلى أن من ليس له عمل سوء فلا شئ يحجبه عن إمامه عليه السلام وهو من الأوتاد أو من الأبدال ، في الكلام المتقدم عن الكفعمي ، رحمه الله )).
    أقول وهذا توجيه جديد للعلامة المجلسي مفاده أن المشاهدة المنفية هي مطلق الرؤية البصرية لا خصوص المقترنة بادعاء السفارة كما سبق منه، ولكنه قصر النفي هنا على من كانت أعماله سيئة تحجب عنه رؤية الإمام (ع).
    6- وقال المحقق النهاوندي في كتابه ( العبقري الحسان ): (( لا معارضة بين توقيع السمري وقصص اللقاءات حتى يحتاج إلى الجمع ، لان التوقيع الشريف بصدد منع دعوى الظهور العلني للإمام ، وذكر المشاهدة في التوقيع بمعنى الظهور والحضور كما في الآية (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).
    والقرينة على المعنى أمران: الأول قوله (ع): فلا ظهور إلا بعد الهرج والمرج، والفتنة والفساد . والثاني قوله (ع) ألا من ادعى المشاهدة – أي الظهور ، ظهور الإمام (ع) – قبل خروج السفياني والصيحة من علامات الظهور ، وعلى هذا لا تعارض أبداً بين التوقيع الشريف وبين الحكايات …)).
    أقول كلام المحقق النهاوندي يصرف المراد من المشاهدة إلى وجهة مختلفة، فالمشاهدة بحسبه يراد منها الظهور، ويستدل لهذا المعنى بالآية الكريمة (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ). أي من كان الشهر حاضراً أو ظاهراً له، ويقوي هذا المعنى بقرينتين يذكرهما في كلامه، وكلامه على أي حال أكثر متانة من كل ما سبقه.
    7- وعلق السيد الشهيد الصدر (رحمه الله) على هذا التوقيع الشريف تعليقاً طويلاً ننقل منه مقدار الحاجة، قال: (( إذن مدعي المشاهدة كاذب مزور في خصوص ما إذا كان منحرفاً ينقل أموراً باطلة عن الإمام المهدي (ع). وأما فيما سوى ذلك فلا يكون التوقيع الشريف دالاً على بطلانه . سواء نقل الفرد عن المهدي أموراً صحيحة بحسب القواعد الإسلامية أو محتملة الصحة على اقل تقدير ، أو لم ينقل شيئاً على الإطلاق )).
    وقال رحمه الله في موضع آخر:
    (( إذن فقد تحصل من كل ذلك أن الإشكال الذي ذكروه غير وارد على التوقيع ولا على أخبار المشاهدة وانه بالإمكان الأخذ به وبأخبار المشاهدة ولا يجب تكذيبهما إلا ما كان قائماً على الانحراف والخروج عن الحق …)) الغيبة الصغرى ص654.
    السيد الصدر إذن يرى التكذيب منصرفاً لخصوص الشخص المنحرف الذي ينقل أموراً باطلة.
    8- وفي زمننا هذا، وبعد أن بدأت الدعوة اليمانية المباركة تستقطب القلوب، وتسحب البساط من تحت أقدام فقهاء الضلالة الذين اتخذوا الدين تجارة، دفعت حوزة النجف بعض المحسوبين على العلم ليكون رأس حربة في حربها الشعواء على الدعوة، وكان من بين أهم المتسربلين بزي رجال العلم الذين جندتهم حوزة النجف الشيخ محمد السند الذي كتب بحثاً بعنوان ( فقه علائم الظهور ) استدل فيه بالتوقيع الشريف على انتفاء السفارة في زمن الغيبة الكبرى بالصورة التالية:-
    استدل الشيخ بموضعين من هذا التوقيع على بطلان السفارة، كالأتي:
    الأول: -
    يمثله قوله (ع) (( فاجمع أمرك ولا توص لأحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة )) .وصورة استدلاله كانت على النحو الأتي : إن قوله وقعت الغيبة التامة ، وقع وصفاً للغيبة الكبرى ، وإذا كانت الغيبة الكبرى تامة فهذا يعني أن مقابلها ، أي الغيبة الصغرى لم تكن تامة ، فما الذي ميز بين الغيبتين فجعل الكبرى تامة والصغرى غير تامة ؟ .
    جواب الشيخ أن المائز هو وجود السفارة في الغيبة الصغرى ، وانعدامها في الكبرى . بمعنى أن انعدام السفارة في الغيبة الكبرى هو الذي أضفى عليها صفة التمامية .
    هذا الجواب مردود من عدة وجوه:
    1 – لا ينص التوقيع ، ولا توجد أية رواية عن أهل البيت (ع) تنص على انتفاء السفارة في زمن الغيبة الكبرى .
    2- استدلال الشيخ يدخل في باب التخرصات العقلية، وعبارة ( الغيبة التامة ) متشابهة الدلالة، فإن بالإمكان القول إنها تعني الغيبة التي يتحقق الغرض بها ويتم الظهور، فلا غيبة بعدها، وبعبارة أخرى الغيبة التي يتم فيها اكتمال غربلة الأمة وتمحيصها وإعداد أو فرز العشرة آلاف والثلاثمائة والثلاث عشر، فالمراد هنا من التمام هو تمام الغرض من الإختفاء ليتحقق بعدها الظهور والقيام وانتهاء الغيبة، وغيره من الوجوه.
    3- يمكن مقابلة أطروحة الشيخ بأطروحة أخرى تنقضها من الأساس؛ فإذا كانت وظيفة السفير في الغيبة الصغرى تتحدد بنقله تساؤلات واستفسارات القاعدة عبر ما اصطلح عليه بـ( التوقيعات ) ، فإن هذه الوظيفة توفر نوعاً من الإتصال غير المباشر بين الإمام وقاعدته ، الأمر الذي يضفي على غيبته صورة الغيبة غير التامة. وإذا كان لابد من إلتزام التمامية في الغيبة الكبرى فهذا الشرط يتحقق فيما لو أرسل الإمام (ع) رسولاً أو سفيراً بعد أن يكون قد زوده سلفاً بما يحتاج من علم لقيادة الناس، على أن يكون السفير هو القائد والموجه لحركة الجماهير، وينعدم تماماً أي اتصال بين الإمام والجماهير، وبهذه الطريقة تتحقق تمامية الغيبة ويبقى السفير موجوداً، والسفارة قائمة. ولعل القارئ يلاحظ أن هذه الأطروحة تنطوي على مساحة حركة أوسع، وتوفر شروط أمان أكبر للإمام، إذ يمكن للإمام – على سبيل المثال – أن يطلب من سفيره عدم التصريح بكونه سفيراً ويكتفي بممارسة عمله على وفق الخطة المرسومة له. ولاتنافي بين عدم التصريح وبين كون السفير سفيراً طالما كان العمل المنشود متحققاً، وبطبيعة الحال يمكن للخطة أن تتخذ منهجاً يقوم على أساس التصريح المطلق، أو المحدد بجماعة معينة، وغيرها من الوجوه.
    وبهذه الأطروحة يسقط استدلال السند ولو من باب ( إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال ). وعلى سبيل الاستطراد أقول إن السيد الصدر (رحمه الله) استدل بهذا الموضع أيضاً على انتفاء السفارة، وذهب إلى أن المستفاد منه انتفاؤها على مدى التأريخ! واللافت أنه ترك الأمر دون توضيح، فلم يذكر كيفية دلالة الموضع على ما ذهب إليه. والمظنون إن ماذهب إليه السيد واحدة من فلتات القلم التي قلما يسلم منها إنسان. إذ ما أن يصل الدور الى الموضع الثاني المتعلق بتكذيب مدعي المشاهدة حتى نجده يقدم أطروحة - يرجحها على ما عداها - تقول بإمكانية تصديق مدعي المشاهدة فيما لو أخبر بأمور معلومة الصحة، أو حتى محتملة أو ممكنة قياساً بالقواعد كما يعبر، وقد تقدم ذكر قوله، وهو كما يظهر يحتمل معنى السفارة، فالذي ينقل خبراً عن الإمام هو سفير بنحو من الأنحاء، ويكفي هنا أن يتحقق مسمى السفير ليتبين أن الإطلاق الذي قال به السيد الصدر متناقض.
    - الثاني:- يمثله قوله (ع) (( وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو مفتر كذاب )) .
    يقول السند: ((والظاهر من ادعاء المشاهدة هو السفارة والنيابة، بقرينة السياق والصدور على يد النائب الرابع، حيث أمره بعدم الوصية لأحد أن يقوم مقامه)).
    ويرد عليه :
    1 – إن الظاهر من المشاهدة هو الرؤية البصرية لا ما زعمه.
    2 – إن قرينة السياق المزعومة لا حقيقة لها، ففي غيبة الطوسي - ص 395 : (( عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس سره ، فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : " بسم الله الرحمن الرحيم : يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا . وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ( ألا فمن ادعى المشاهدة ) قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه وقضى . فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه )).
    أقول إن صدور التوقيع الشريف على يد السفير الرابع لا يعني بحال أن السفارة قد انتفت، فمن المعلوم إن السفير ليس هو من يعين الخلف له، وإنما مهمته هو إعلام الناس بمن يعينه الإمام (ع)، والإمام (ع) يمكنه بطبيعة الحال أن يعين سفيراً له دون أن يطلب من السفير السابق إذاعة خبره، لاسيما إذا اقتضت الحكمة ذلك، وسيأتي عند بيان أسباب الغيبة الكبرى إن الناس كانوا قد أعرضوا عن الإمام وعن سفرائه واستحقوا العقوبة التأديبية، ومنها عدم إذاعة شخص السفير لهم. وعلى أي حال يدل الخبر الذي نقله الطوسي في غيبته إن السفير الرابع حين سألوه عن وصيه قال: ( لله أمر هو بالغه )، ولم يقل لا سفير بعدي، كما هو المتوقع فيما لو كانت السفارة قد انتفت بموته. فالتمسك بالسياق في هذا الصدد تخرص واضح، وتشبث بالمتشابهات.
    بل إن مما يثير الاستغراب إن السند وهو يتحدث عن سياق صدور التوقيع على يد السفير الرابع ويرتب النتيجة الغريبة التي ذهب إليها، أقول مما يثير الاستغراب إنه لم يلتفت إلى أن معاصري السفير الرابع لم يفهموا من صدور التوقيع على يده ما فهمه السند، فجاءوا له بعد ستة أيام من نسخهم التوقيع وفي لحظات احتضاره يسألونه عن الوصي من بعده!؟
    3 – لو سلمنا جدلاً بأن المراد من المشاهدة هو السفارة، كما يزعم الشيخ السند ، فإن القضية المتمثلة بقوله (ألا فمن ادعى المشاهدة... الخ) هي قضية غير مسورة، وهي بالتالي بقوة الجزئية، ومحصلها: إن بعض من يدعى السفارة كذاب لا الجميع، لاسيما بوجود أخبار تدل على وجود السفير، وترجح بالتالي كون القضية غير المسورة قضية جزئية.
    4 – إن الظاهر من المشاهدة كما سبق القول هو الرؤية بالعين، وإنما فروا من هذا الظاهر ظناً منهم أنه يناقض ما ورد من أخبار فاقت حد التواتر – على حد تعبير السيد الصدر – عن أناس التقوا الإمام المهدي(ع).
    و الحقيقة إن التناقض المزعوم لا يعدو عن كونه وهماً، فكما أفاد الشيخ النهاوندي يراد من تكذيب مدعي المشاهدة خصوص من يدعي أن الإمام قد ظهر للعيان وأنه شاهده مع أن علامتي الظهور القريبتين (السفياني والصيحة) لم تقعا، فهذا وحده من ينصرف إليه التكذيب. فمدعي المشاهدة هو ذلك الشخص الذي يزعم إن بإمكان كل شخص أن يرى الإمام لأنه قد ظهر، مع أن الصيحة والسفياني لم يقع أي منهما. ولا أدري لماذا أغفل السند وسواه ذكر رأي الشيخ النهاوندي هذا.
    5- وردت روايات تدل على إمكان حدوث البداء في العلامات المحتومة من قبيل السفياني والصيحة، ففي كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني - ص 314 – 315: (( أخبرنا محمد بن همام ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الخالنجي ، قال : حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ، قال : " كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا ( عليه السلام ) فجرى ذكر السفياني ، وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم ، فقلت لأبي جعفر : هل يبدو لله في المحتوم ؟ قال : نعم . قلنا له : فنخاف أن يبدو لله في القائم . فقال : إن القائم من الميعاد ، والله لا يخلف الميعاد" )).
    وفي بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - ص 542: (( حدثنا محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن ضريس قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت إن لم يكن الصوت الذي قلنا لكم أن يكون ما أنت صانع قال قلت انتهي فيه والله إلى أمرك قال: فقال: هو والله التسليم وإلا فالذبح و أهوى بيده إلى حلقه )).
    من هذين الحديثين يتبين أن البداء قد يجري على العلامات المحتومة من قبيل السفياني والصيحة، وعليه فإن الحكم الذي أصدرته حوزتي النجف وقم دون دليل ولا دين سيطال محمد ذو النفس الزكية الذي سيرسله الإمام قبل قيامه بمدة قصيرة، ولعله والله أعلم سيكون سبب قتله على أيديهم، ولعله كذلك السبب في تكذيب الإثني عشر رجلاً الذين يجمعون على قول إنهم قد رأوه، فقد ورد في كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ص 285عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال: (( لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلا كلهم يجمع على قول إنهم قد رأوه فيكذبونهم )). وهذا الحديث أورده الكوراني في كتابه الاستدلالي عصر الظهور ص 253،ولكنه في معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ج 3 - ص 488 أورده بالصورة التالية : (( لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلا كلهم يجمع على قول أنهم قد رأوه فيكذبهم ( فيكذبونهم ) )). وكأنه يريد القول إن الحيرة قد تملكته أخيراً – أي بعد انتشار خبر الدعوة اليمانية – ولم يعد يدري أي الروايتين أصح ؛ أ هي رواية ( يكذبهم ) أم ( يكذبونهم ) على الرغم من ورود رواية ( يكذبونهم ) في غيبة النعماني، وعلى الرغم من وضوح ضعف رواية (يكذبهم)، إذ المفروض إنهم يأتون القوم قبل خروج الإمام (ع) فالأولى أن يكذبونهم هم لا هو (ع) لاسيما وهي مسبوقة بحرف الفاء الذي يفيد الترتيب دون تراخي.
    والعجيب إن الكوراني نفسه بعد أن نقل هذه الرواية عن البحار ج52ص 244عن الإمام الصادق عليه السلام قال " لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلا كلهم يجمع على قول إنهم قد رأوه فيكذبونهم " ، قال معقباً ( ويبدو أنهم رجال صادقون بقرينة تعبيره عليه السلام عن اجماعهم على رؤيته ، وتعجبه من تكذيب الناس لهم ، أي عامة الناس . ويظهر أن رؤيتهم له عليه السلام تكون في تلك الفترة التي يظهر فيها في خفاء ليستبين ، فيعلو ذكره ويظهر أمره ). عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - ص 253 -254.
    وعلى أي حال الكوراني نفسه رجح أن يكون اليماني سفيراً للإمام (ع)، فقد قال في عصر الظهور ص 147: (( ولكن المرجح ان يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى أنها تحضى بشرف التوجيه المباشر من المهدي عليه السلام ، وأنها جزء مباشر من خطة حركته عليه السلام ، وأن اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه )).
    وقال في المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي / الكوراني ص652: (( وهنا سؤال عن سبب كون راية اليماني أهدى راية ، مع أن راية الخراساني وأهل المشرق موصوفة بأنها راية هدى، ومنهم شعيب بن صالح الذي يجعله المهدي× قائد جيشه العام، ومع أن الممهدين الإيرانيين لهم فضل السبق في التمهيد للمهدي ×وبهم يبدأ أمره ؟! والمرجح عندنا في الجواب: أن ثورة اليماني تحضى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي× فاليماني سفيره الخاص يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه وأحاديث اليمانيين تركز على شخص اليماني وأنه: (يهدي إلى الحق ويدعو إلى صاحبكم ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو إلى النار) )). أقول اليماني قبل الصيحة ويرافق خروجه خروج السفياني، فخروج السفياني في رجب والصيحة في رمضان، وعلى هذا لابد أن القوم لن يصدقوا اليماني في دعوته وسفارته عن الإمام، وهو ما نراه بأم أعيننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وسيعلم الذين ظلموا يماني آل محمد أي منقلب ينقلبون.
    6- ورد عن حذلم بن بشير قال: قلت لعلي بن الحسين (ع): صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته؟ فقاليكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت، وقتله بمسجد دمشق، ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقتد، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي، ثم يخرج بعد ذلك) (غيبة الطوسي444).
    وهو واضح في ظهور الإمام (ع) قبل السفياني، الأمر الذي يطيح كلياً بما ورد في التوقيع.
    أخيراً أقول أين تذهبون مما ورد عن أبي جعفر (ع) : (( … فإذا حدثناكم بحديث فجاء على ما حدثناكم به ، فقولوا صدق الله ، وإذا حدثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به ، فقولوا : صدق الله ، تؤجروا مرتين )) غيبة النعماني ص305 .
    كلام السيد احمد الحسن (ع) في رواية السمري وتعليقه عليها:-

    قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7). كلامهم (ع) فيه متشابه كما إن كلام الله سبحانه وتعالى فيه متشابه وهذا ورد عنهم (ع) وما أحوجهم (ع) للمتشابه فيما يخص صاحب هذا الأمر (ع) وكما عبر الإمام الرضا (ع) (… إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر (ع) ). قرب الإسناد ص380.
    وعن الرضا (ع) (من رد متشابه القرآن الى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم ثم قال (ع) إن في أخبارنا محكم كمحكم القرآن ومتشابه كمتشابه القرآن فردوا متشابهها الى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا) وسائل الشيعة ج18 ص82 .
    فالإنسان غير المعصوم لو اخلص نيته لله سبحانه وتعالى وأراد الخوض في فهم كلامهم (ع) وبالخصوص في ما ورد عن قضية صاحب الأمر (ع) لربما وقع في سوء الفهم جملة وتفصيلا وإذا أصاب فهم أمر ما فقطعاً سيقع الخطأ منه في فهم أمر آخر لورود الباطل على عقله كونه غير معصوم. فما بالك فيمن يتعصب لأمر ويتحامل على أمر وهو يجهلهما معاً ولعل من خاض في رواياتهم (ع) يعلم انه حدث في يوم أن أحد الذين ظلموا أنفسهم كتب كتاباً في تفنيد القرآن الكريم فأرسل إليه الإمام (ع): (لعل المتكلم أراد شيئاً من كلامه غير الذي فهمته أنت ) فاتعظ هذا الشخص ومزق كتابه الباطل.
    فاسأل هذا السؤال أيضاً لكل من يكتب في قضية الإمام المهدي (ع) (لعل المتكلم (وهم الرسول والأئمة (ع) ) أراد شيئاً من كلامه غير الذي فهمته أنت ) ؟!.
    وهل أرجعت يا من تكتب في قضية الإمام (ع) متشابه كلامهم إلى محكم كلامهم ؟
    والآن أسال: هل إن رواية علي بن محمد السمري محكمة أم متشابهة ؟ فإن قلت محكمة بينة المعنى، أقول لقد صنف كثير من العلماء معاني كثيرة في فهمها ، منهم السيد مصطفى الكاظمي (رحمه الله) والسيد الصدر (رحمه الله) وغيرهم. وهذا يدل على عدم وضوح معناها لهم بشكل لا يقبل اللبس فلا تكون محكمة بل متشابهة ، فهل يمكن انك وقعت في فهم خاطئ للرواية ؟ ثم ألا تعلم انه توجد روايات محكمة بينة المعنى دالة على وجود سفير قبل قيام الإمام ، وهي كثيرة جداً وهذا مثال منها ، فقط للذكرى ، عن الباقر (ع) (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب – و أوما بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم هاهنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ، ثم يأتيهم من القابلة ويقول : أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ، ويعدهم الليلة التي تليها) النعماني ص187 .
    وفي قصة الجزيرة الخضراء التي نقلها ثقاة من علماء الشيعة ورواها كبار علماء الشيعة في مصنفاتهم (ومنهم الميرزا النوري في النجم الثاقب ج2 ص 172 ، والسيد نور الله التستري في مجالس المؤمنين ج1 ص78 ، والشيخ علي الحائري في إلزام الناصب ج2 ص85 ، والمقدس الاردبيلي في حديقة الشيعة ص729 ، والفيض الكاشاني في نوادر الأخبار ص 300 والشهيد الأول محمد بن مكي ، والسيد هاشم البحراني في تبصرة الوالي في من رأى القائم المهدي {عليه السلام} . ومنهم العلامة الميرزا الرضا الاصفهاني في تفسير الأئمة لهداية الأمة ، ومنهم الحر العاملي في إثبات الهداة ج7 ص 371 ، ومنهم المحقق الكركي ، ومنهم مؤسس المدرسة الأصولية الوحيد البهبهاني في بحث صلاة الجمعة ص221 ، والسيد عبد الله شبّر في جلاء العيون ، ومنهم السيد مهدي بحر العلوم صاحب الكرامات والمقامات في الفوائد الرجالية ج3 ص 136) ينقل بيان لرواية علي بن محمد السمري عن الإمام المهدي (ع) هذا نصه (( فقلت يا سيدي قد روينا عن مشايخنا أنه روي عن صاحب الأمر ع أنه قال لما أمر بالغيبة الكبرى من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف وفيكم من يراه فقال صدقت إنه ع إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته و غيرهم من فراعنة بني العباس حتى إن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره و في هذا الزمان تطاولت المدة و أيس منه الأعداء و بلادنا نائية عنهم و عن ظلمهم و عنائهم و ببركته ع لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا )) بحار الأنوار ج : 52 ص : 172 .
    وإذا لم تكتفِ بهذا أقول من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم : إن القاعدة العقلية التي يقرها القوم في المنطق والأصول هي : ( إن القضية المهملة بقوة الجزئية ) ، والقضية الموجودة في رواية السمري وهي (فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر) قضية مهملة فهي بقوة الجزئية ، أي تكون هكذا : (فبعض من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر) ، ولا توجد قرينة خارجية تفيد كليتها بل توجد قرينة خارجية دالة على جزئيتها وهي الروايات الدالة على إرسال الإمام المهدي (ع) من يمثله في فترة ما قبل القيام ومنها الرواية التي مرت ورواية اليماني وغيرها كثير.
    وليتضح الأمر اكثر وخصوصاً لمن لم يطلع على المنطق والأصول أقول : إن القضية أما تكون مسورة أو مهملة . والمسورة أما كلية أو جزئية ، (فإذا قلت : كل من يدعي المشاهدة … فهو كاذب ، فهذه قضية كلية لأنك بدأتها بكل ) . ( وإذا قلت : بعض من يدعي المشاهدة … فهو كاذب ، فهذه قضية جزئية لأنك بدأتها ببعض ) ، أما إذا أهملت القضية ولم تجعل لها سور كل أو بعض فهي تكون بقوة الجزئية فلا تفيد الكلية إلا إذا كانت هناك قرينة خارجية دالة على كليتها فإذا لم توجد هذه القرينة ووجدت قرينة على جزئيتها أصبحت هذه القضية جزئية ، والقضية أعلاه مهملة ولا توجد قرينة تدل على كليتها بل توجد قرينة تدل على جزئيتها ( وهي روايات الأئمة (ع) ) فيتحصل إنها جزئية ، وبهذا لا تدل رواية السمري على انقطاع السفارة لا من قريب ولا من بعيد ، والحمد لله وحده.
    فكيف يرجع المحكم إلى المتشابه ؟ !!! ، وكيف يضرب بالمحكم عرض الجدار ؟!!! ، قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) (آل عمران: 7) .
    ثم أسال: هل اليماني بعد الصيحة كما صرح بعض من كتب عن قضية الإمام (ع) ؟ إذن التفت : إن الصيحة في رمضان وخروج اليماني أي قيامه في رجب . فإذا كان بعد الصيحة أي في رجب الذي بعدها يكون خروج اليماني بعد قيام الإمام (ع) على أساس هذا الفهم الخاطئ لان قيام الإمام (ع) في محرم وشهر رجب يأتي بعد محرم وهذا بيّن .
    وسبحان الله بعضهم يقول إننا مأمورون أن نكذب رسول الإمام المهدي (ع) مهما أوتي من العلم بحسب رواية السمري ، متناسين أن الأئمة (ع) بينوا إن الذي يأتي يعرف بالعلم (عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في إحداهما إلى أهله و الأخرى يقال هلك في أي واد سلك قلت كيف نصنع إذا كان ذلك قال إن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله ) غيبة النعماني ص173.[ نصيحة الى طلبة الحوزات العلمية والى كل من يطلب الحق].

    تقولات أخرى تفوه بها السند

    استدل الشيخ السند في كتابه ( فقه علائم الظهور ) بأمور أخرى زعم أنها تدل على انتفاء السفارة في الغيبة الكبرى، وهذه الأدلة المزعومة كالتالي:-
    1- استدل الشيخ السند بالروايات التي تتحدث عن وقوع غيبتين؛ صغرى وكبرى، وذهب الى أن وجود غيبتين يقتضي وجود مائز بينهما وإلا لكانتا غيبة واحدة لا غيبتين، وليس هذا المائز - برأيه - سوى انتفاء السفارة في الكبرى!؟
    وهذا الإستدلال في الحقيقة ليس سوى صورة طبق الأصل من إستدلاله في الموضع الأول من توقيع السمري آنف الذكر. وجوابه إن الروايات التي أشار لها لا تنص على انعدام السفارة في الغيبة الكبرى، ولا يستظهر منها هذا الأمر. ويكفي في جوابه ما سبق أن أجبنا به على استدلاله المشار إليه، ونضيف هنا قائلين إن من تدبر كلام الصادق (ع) في الروايتين الآتيتين يتضح له الفرق بين الغيبتين واضحاً جلياً دون حاجة الى تأويلات لا أساس لها، فعن أبي عبدالله (ع) قال : ( للقائم غيبتان ؛ أحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الأولى لايعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لايعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه) . وعنه (ع) : ( لصاحب هذا الأمر غيبتان؛ إحداهما يرجع الى أهله، والأخرى يقال: هلك في أي واد سلك... ) .
    فالفرق كما تنص هاتان الروايتان هو:
    أ – الأولى قصيرة ، والأخرى طويلة.
    ب – الأولى يطلع على مكانه خاصة شيعته، والثانية يطلع على مكانه خاصة مواليه
    ج – إحداهما يرجع منها إلى أهله والأخرى يقال:هلك في أي واد سلك .
    ولعل في روايات أخرى فروقاً أخرى تركنا تتبعها ، والمهم أن انتفاء السفارة ليس منها.
    2- استدل الشيخ السند أيضاً بالروايات الآمرة بالانتظار، والروايات التي تتحدث عن وقوع التمحيص والامتحان. فبزعمه إن الروايات التي تأمر بالانتظار، وعدم تعجل الظهور تقتضي وجود حيرة واضطراب، ومن هنا تأتي الروايات لتعصم الناس من الانزلاق في الضلال المترتب على هذه الحيرة. وما سبب هذه الحيرة ؟ يجيب الشيخ السند : إنه عدم الاتصال بالإمام (ع) ، أو غياب السفير!
    والنتيجة إذن إن الروايات هذه يستفاد منها انعدام السفارة في الغيبة الكبرى!؟
    يرد على هذا الاستدلال:-
    أ – لا دليل على اختصاص فترة الغيبة الكبرى بأوامر الانتظار، بل ورد النص من المعصومين (ع) على شمول أصحابهم، ومعاصريهم بانتظار الفرج، بل إن الأمة في اضطراب دائم طالما كان حجج الله مقهورين ومبعدين عن مراتبهم التي رتبهم الله بها والأمة معرضة عنهم، ومع عدم الاختصاص لا يبقى وجه لاستدلال السند . ورد عن الإمام الصادق (ع): (( من بات منكم على هذا الأمر منتظراً كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم)) و عنه أيضاً قال: ((ألا أخبركم بما لايقبل الله (عز وجل) من العباد عملاً إلا به؟ فقلت: بلا. فقال: ... والإنتظار للقائم (ع) )).
    ب - لا دليل على أن سبب الحيرة والاضطراب هو عدم وجود السفير، بل الأحرى أن يقال أن السبب هو عدم معرفة ولي الله؛ سفيراً كان أو إماماً، وعدم الالتفاف حوله، والإلتجاء إليه، وإطاعته، وإلا كيف نفسر حدوث الحيرة والاضطراب في أزمان سابقة للغيبة الكبرى (فتنة الواقفية على سبيل المثال) ؟
    ج – إذا كان غياب السفير هو سبب الحيرة والاضطراب، فهذا يعني أن الحيرة وما يتبعها من ضلال لا يمكن أن ترتفع إلا بوجود السفير، لأن المعلول يدور مدار علته وجوداً وعدماً، وهنا نسأل إذا كان الأمر هكذا فما جدوى روايات الانتظار طالما لا تعصم الناس من الضلال؟ لأنه بحسب الفرض وجود السفير وحده يعصمهم. وإذا كان السند يقول إن من شأن روايات الانتظار أن تعصم الناس من الضلال، وأن حصول الحيرة والاضطراب التي يفترضهما لابد أن ينتج عن عدم تمسك الناس بمفاد هذه الروايات وإعراضهم عنها، فالأمر إذن لا علاقة له بوجود السفير أو حتى الإمام (ع) أو عدم وجوده، بل بإقبال الناس على كلامهم (ع) أو إعراضهم عنه. وعلى أي حال اعتقد إن أي عاقل سيرى بوضوح أن استدلال السند غاية في التهافت، بل ومعيب أيضا.
    وبخصوص روايات التمحيص يسوق الشيخ السند استدلاله بالصورة الآتية: تشير هذه الروايات إلى وجود تمحيص يخضع له الناس، وهذا التمحيص يقتضي وجود محن شديدة يمر بها الناس يكون التمحيص نتيجتها، وهذه المحن الشديدة لا تكون إلا عند انعدام السفارة أو انعدام الاتصال بالإمام، وهكذا تشير هذه الروايات إلى انعدام السفارة!
    يرد على هذا الاستدلال:-
    أ – لا يختص التمحيص بزمن دون زمن، بل يشمل الأزمان كلها، بما فيها الأزمان التي يوجد فيها الأنبياء والأوصياء والسفراء، ومع عدم الاختصاص لايبقى موجب لأن نستدل منه عدم وجود السفراء.
    ب – لا تنص هذه الأحاديث على عدم وجود سفارة في الغيبة الكبرى، ولا تنص على أن سبب المحن هو انقطاع السفارة. ويرد عليه ما ورد في النقطة السابقة.
    3- ادعى الشيخ تسالم الطائفة على القول بانقطاع السفارة في الغيبة الكبرى، واستشهد بنماذج من كلماتهم، سيتم عرضها خلال المناقشة.
    ويرد عليه:-
    1- لا وجود لأثر عن المعصومين (ع) ينص على انقطاع السفارة، فمن أين لعلماء الطائفة القول بانقطاعها، على فرض حصوله؟
    2 – ادعاء الشيخ لا حقيقة له، والأقوال التي استشهد بها لا تحقق غرضه، وإليك هذه الأحاديث:
    أ- (قال الشيخ سعد بن عبدالله الأشعري القمي – وقد كان معاصراً للإمام العسكري، وكان شيخ الطائفة وفقيهها- في كتابه المقالات والفرق بعد أن بين لزوم الإعتقاد بغيبة الإمام عجل الله فرجه، وانقطاع الإرتباط بهفهذه سبيل الإمامة، وهذا المنهج الواضح، والغرض الواجب اللازم الذي لم يزل عليه الإجماع من الشيعة الإمامية المهتدية رحمة الله عليها، وعلى ذلك إجماعنا الى يوم مضى الحسن بن علي رضوان الله عليه). أقول واضح إن الشيخ القمي يتحدث عن اجماع حاصل في زمن الإمام العسكري (ع)، ومعلوم أن السفارة لا عين لها ولا أثر في هذا الوقت، وعليه لايمكن أن تكون مقصودة لحديثه، وإلا شمل حديثه االسفارة في الغيبة الصغرى. وأغلب الظن أن عبارة (وانقطاع الإرتباط به) – إن كانت مما تفوه به الشيخ – يراد منها عدم لقاء الناس بالإمام المهدي(ع) أيام أبيه للضرورة المعروفة. كما إنه واضح إن الإجماع الذي يتحدث عنه إجماعهم على لزوم الإعتقاد بالغيبة.
    ب- قول الشيخ ابن قولويه (إن عندنا إن كل من ادعى الأمر بعد السمري – وهو النائب الرابع – فهو كافر منمس، ضال مضل).
    أقول كلام ابن قولويه هذا ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ص412 باب ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية [ والسفارة كذبا وافتراء ] ( لعنهم الله ). والخبر بتمامه كالآتي: (( أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال : سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول : أما أبو دلف الكاتب - لا حاطه الله - فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ، ثم جن وسلسل ، ثم صار مفوصا وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ، ولا عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة ، والجماعة تتبرأ منه وممن يومي إليه وينمس به . وقد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه ، فأنكر ذلك وحلف عليه ، فقبلنا ذلك منه ، فلما دخل بغداد مال إليه وعدل عن الطائفة وأوصى إليه ، لم نشك أنه على مذهبه ، فلعناه وبرئنا منه ، لان عندنا أن كل من ادعى الأمر بعد السمري رحمه الله فهو كافر منمس ضال مضل ، وبالله التوفيق )).
    وهذا الكلام منصرف كما هو واضح لجهة تكذيب أشخاص بعينهم كانوا قد ادعوا السفارة بعد السمري زوراً وبهتاناً، وقد ذكرهم الطوسي في الباب المذكور، فهو لا يعبر عن مبدأ تعتقده الطائفة المحقة كما يريد السند أن يوهم، ولعل قوله ( ادعى ) بصيغة الماضي لا ( يدعي ) بصيغة المضارع قرينة واضحة على ما نقول.
    ج- قول الشيخ الصدوق (فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي السمري رضي الله عنه).
    كلمة الشيخ الصدوق هذه وردت في كتابه كمال الدين وتمام النعمة/ ص 432 – 433، وإليك تمامها: (( حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بمدينة السلام قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن خليلان قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن غياث بن أسيد قال : ولد الخلف المهدي عليه السلام يوم الجمعة ، وأمه ريحانة ، ويقال لها : نرجس ، ويقال : صقيل ويقال : سوسن إلا أنه قيل : لسبب الحمل صقيل وكان مولده عليه السلام لثمان ليال خلون من شعبان سنة ست وخمسين ومائتين ، ووكيله عثمان بن سعيد ، فلما مات عثمان أوصى إلى ابنه أبي جعفر محمد بن عثمان ، وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح ، وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنهم ، قال : فلما حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصى فقال : لله أمر هو بالغه ، فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي السمري رضي الله عنه )).
    أقول لا أدري كيف استساغ الشيخ السند الاستدلال بهذا القول، مع أن الصدوق لا يريد منه أكثر من الإشارة إلى مبتدأ الغيبة الكبرى. ولعل الشيخ السند توهم أن الصدوق يفهم التمامية كما يفهمها هو، وإذا كان هذا فعليه إبراز الدليل، وعندئذ يرد ما سبق أن أوردناه على فهم السند.
    د- قول الشيخ المفيد : (وله غيبتان؛ إحداهما أطول من الأخرى، كما جاءت بذلك الأخبار؛ فأما القصرى منهما فمنذ وقت مولده الى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة، وأما الطولى فهي بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف) .
    أقول أين الدليل الذي يطلبه الشيخ السند؟ هل في هذا الكلام ما يدل و لو من بعيد على انتفاء السفارة في الغيبة الكبرى؟ أم إن الأمر تسطير كلمات فقط؟ أليس حديث الشيخ المفيد منصرفاً إلى التحديد التاريخي للغيبتين لا أكثر؟ وإذا كان السند قد توهم من قوله ( وعدم السفراء بالوفاة ) ما توهمه، فإن من البين الواضح إن مراد الشيخ المفيد هو الإشارة إلى موت السفراء الأربعة لا انعدام السفارة. والذي يؤكد قولنا إن الشيخ المفيد قد ذكر هذا القول في كتاب الإرشاد / ج 2 – باب ذكر الإمام القائم بعد أبي محمد عليه السلام وتاريخ مولده ، ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره وغيبته ، وسيرته عند قيامه ومدة دولته. وهو واضح في المنحى التاريخي.

    والان نورد الادلة التي جاء بها السيد احمد الحسن على وجه الاجمال ليتعرف كل انسان على ما جاء به من ادلة تؤيد صدق ما جاء به والله الموفق


    أولاً: الوصية:

    وردت روايات عن الأئمة (ع) تنص على أن الحجة على الخلق يعرف بالوصية أي وصية الرسول محمد (ص) ليلة وفاته التي نص فيها على إثني عشر إماماً واثني عشر مهدياً.
    عن الحرث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام بم يعرف صاحب هذا الأمر ؟ قال: ( بالسكينة والوقار والعلم والوصية ) بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 509.
    وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره هو أولى الناس بالذي قبله وهو وصيه وعنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيته وذلك عندي لا أنازع فيه ) بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 202.
    واليكم وصية رسول الله (ص) ليلة وفاته:
    ... عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام قال : (( قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملا رسول الله (ع) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي انه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتها لقيتني غداًً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد فذلك إثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده إثناعشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى إبنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي أسم كاسمي وأسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) الغيبة للشيخ الطوسي ص107- 108.
    ووردت روايات تؤكد على أن الإمام المهدي (ع) والممهد الرئيسي له (ع) يعرف بالوصية أو عهد رسول الله (ص)، منها:
    عن الإمام الصادق (ع) في حديث قال : ( ... فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد توارثته الأبناء عن الآباء... ) غيبة النعماني ص282.
    وعنهم (ع): (...يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام معه عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه ووزيره معه فينادي المنادي بمكة بإسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل الارض كلهم اسمه اسم نبي . ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه... ) بحار الأنوار 25 /223.
    عن الإمـام الباقر (ع) في الدلالة على الإمام المهدي: (... ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورايته وسلاحه ) وفي رواية أخرى: (معه عهد رسول الله).
    فهنا نجد تأكيداً من آل البيت (ع) على العهد ( الوصية ) وأنها العلامة الفارقة بين مدعي الحق من مدعي الباطل، بل في الرواية الأخيرة بين الإمام الباقر (ع) انه اذا اشتبهت العلامات فإن الوصية ... لا تشكل عليكم، وهذا دليل واضح على أن الوصية لا يمكن أن يدعيها غير صاحبها الحق.
    وكذلك اليماني يعرف بالوصية، وهو الراية الوحيدة التي أمر أهل البت (ع) باتباعها وصفوها بأنها أهدى الرايات والملتوي عليها من أهل لنار:
    عن أبي جعفر في خبر طويل قال : ((... إياك وشذاذ من آل محمد فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين (ع) معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين (ع) ثم صار عند محمد بن علي (ع) ويفعل الله ما يشاء فألزم هؤلاء أبداً وإياك ومن ذكرت لك...)) إلزام الناصب 2/96-97.
    وهنا حصر الإمام الباقر الراية التي يجوز اتباعها في عصر الظهور بأنها حسينية ويجب أن يكون صاحبها عنده عهد رسول الله ورايته ( البيعة لله ) وسلاحه ( القرآن ).
    ولا يظن أحد أن هذه الرواية تخص الإمام المهدي (ع)، لأن الإمام المهدي (ع)، قد أمر أهل لبيت (ع) باتباع اليماني الذي يظهر قبله، فلو حملناها على الإمام المهدي (ع) يصبح تعارضاً في كلام أهل البيت (ع) لأنهم قد أمروا باتباع اليماني الذي يظهر قبل قيام الإمام المهدي (ع)، فكيف يقول الإمام الباقر (ع) لا تتبع أحداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين معه عهد رسول الله ...
    فلابد أن يكون ذلك الحسيني الوصي الذي معه عهد رسول الله (ص) هو اليماني الموعود، وكذلك لابد أن يكون اسمه أحمد، لأن رسول الله (ص) نص في وصيته على أن وصي الإمام المهدي (ع) اسمه أحمد، وهو أول المؤمنين، أي أول المؤمنين بالإمام المهدي ونصرته، فلابد أن يكون موجوداً قبل قيام الإمام المهدي (ع) ليصدق أن يكون أول المؤمنين به (ع)، كما كان أمير المؤمنين (ع) أول المؤمنين برسول الله (ص) ووصيه ووارثه ويمينه ( يمانية ).
    وهناك روايات كثيرة لا يتسع لها المجال، ومن أراد الاحاطه عليه مراجعة اصدارات انصار الإمام المهدي (ع)، منها المهدي والمهديون في القرآن والسنة واليماني حجة الله ودفاعاً عن الوصية والوصية والوصي – قيد الاصدار- وغيرها.

    ثانياً: العلم:
    وهو علم المحكم والمتشابه من القرآن الكريم الذي نصت كثير من الروايات على أنه علم خاص بأهل البيت (ع)، لا يمكن لأحد غيرهم معرفته، فالذي يستطيع معرفة وتفسير متشابه القرآن لابد أن يكون متصلاً بأهل البيت (ع)، لأنه لا مصدر لذلك غيرهم (ع).
    وقد جاء السيد أحمد الحسن بهذا العلم وتحدى جميع العلماء بالرد عليه ان استطاعوا، وقد أصدر الى الآن أربعة أجزاء منه بعنوان ( المتشابهات ) اضافة الى غيرها من الكتب.
    وقد ذكر أهل البيت (ع) بأنهم هم أهل القرآن لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم، لأنهم أهله وترجمانه، فمن يدعي أنه منهم فلابد أن يفحم الجميع في معرفة أسرار قرآن الكريم:
    •عن أمير المؤمنين (ع) قال :
    ( إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا ) أصول الكافي ج1 ص214.
    •عن الفضيل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ولكل قوم هاد) فقال كل إمام هاد للقرآن الذي هو فيهم ) أصول الكافي ج1 ص214.
    •عن المفضل بن عمر قال ( سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله والأخرى يقال هلك في أي واد سلك ، قلت كيف نصنع إذا كان ذلك ؟ قال إن ادعى مدع أسالوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله ) غيبة النعماني ص178 ،إلزام الناصب ج1 ص247 ، بحار الأنوار ج52 .
    •عن المفضل بن عمر قال ( سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله والأخرى يقال هلك في أي واد سلك ، قلت كيف نصنع إذا كان ذلك ؟ قال إن ادعى مدع أسالوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله ) غيبة النعماني ص178 ،إلزام الناصب ج1 ص247 ، بحار الأنوار ج52 .
    •عن أبي جعفر (ع) : (…ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن ) تفسير البرهان ج1 ص22 .
    •عن أمير المؤمنين (ع) في خبر طويل :
    ( ….ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتموني عنه لعلمتكم ) أصول الكافي ج1 ص82 تفسير البرهان ج1 ص15.
    •عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده (ع) قال :خطبنا أمير المؤمنين (ع ) خطبة فقال:
    ( فيها نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بكتاب فصله و أحكمه وأعزه وحفظه بعلمه وأحكمه بنوره وأيده بسلطانه و كلأه من لم يتنـزه هوى أو يميل به شهوة لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ و لا يخلقه طول الرد و لا يفنى عجائبه من قال به صدق و من عمل أجر و من خاصم به فلج و من قاتل به نصر و من قام به هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فيه نبأ من كان قبلكم و الحكم فيما بينكم…) تفسير البرهان ج1 ص8 ، بحار الأنوار ج25 ص89 .
    •عن أمير المؤمنين (ع) في رسالته إلى معاوية (لع)
    (… فإن أولى الناس بأمر هذا الأمة قديما و حديثا أقربها من الرسول و أعلمها بالكتاب ……ألا و إني أدعوكم إلى كتاب الله و سنة نبيه (ص) و حقن دماء هذه الأمة فإن قبلتم أصبتم رشدكم و اهتديتم لحظكم و إن أبيتم إلا الفرقة و شق عصا هذه الأمة لن تزدادوا من الله إلا بعدا و لن يزداد الرب عليكم إلا سخطا و السلام) بحار الأنوار ج : 32 ص : 430.
    ولا ننسى كلام القائم (ع) عندما يسند ظهره إلى الكعبة ويخطب بالناس ويقول من جملة خطابه:
    ( ... ومن حاجني في كتاب الله فانا أولى الناس بكتاب الله …… ).
    نعم الاحتجاج الفصل في كتاب الله تعالى لا في الأصول والمنطق والفلسفة وغيرها....
    ثالثاً: المباهلة:
    عندما كذب المراجع السيد أحمد الحسن دعاهم إلى المباهلة كما دعا رسول الله (ص) نصارى نجران الى المباهلة عندما كذبوه، قال تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }آل عمران61.
    وهناك روايات وردت عن الأئمة (ع) وعن ابن عباس تدل على حجية المباهلة وانها كانت متعارفة بين المسلمين آنذاك:
    عن أبي مسروق عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت : إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فيقولون : نزلت في أمراء السرايا ، فنحتج عليهم بقوله عز وجل : " إنما وليكم الله ورسوله إلى آخر الآية " فيقولون : نزلت في المؤمنين ، ونحتج عليهم بقول الله عز وجل : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فيقولون : نزلت في قربى المسلمين ، قال : فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذه وشبهه إلا ذكرته ، فقال لي إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة ، قلت : وكيف أصنع ؟ قال : أصلح نفسك ثلاثا وأظنه قال : وصم واغتسل وأبرز أنت وهو إلى الجبان فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ، ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل : " اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما " ثم رد الدعوة عليه فقل : " وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما " ثم قال لي : فانك لا تلبث أن ترى ذلك فيه ، فوالله ما وجدت خلقا يجيبني إليه ) الكافي ج 2 ص 513.
    عن علي ( عليهم السلام ) ، أنه قال : ( من شاء باهلته ، ليس في الأمة ظهار ، لان الله عز وجل يقول : ( الذين يظاهرون من نسائهم ) والأمة ليست بزوجة ) مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 51 ص 393.
    عن ابن عباس أنه كان يقول : ( من شاء باهلته عند الحجر الأسود أن الله تعالى لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا ) مسالك الأفهام للشهيد الثاني ج 31 ص 113.
    عن ابن عباس كان يقول: ( الوضوء غسلتان ومسحتان من باهلنى باهلته ) مشرق الشمسين للبهائي العاملي ص 286.
    . وهذه سنة سنها لنا الله تعالى ورسوله (ص) وأهل البيت (ع) لمعرفة الصادق من الكاذب، فأين هم الذين يدعون أنهم متيقنون من كذب السيد أحمد الحسن ( وحاشاه ) لماذا لا يعملوا بيقينهم ويباهلوه ليحيى من يحيى عن بينة وليهلك من يهلك عن بينة ؟؟
    رابعاً: الرؤيا بالمعصومين (ع):
    فقد رأى المؤمنون مئات الرؤى بالرسول محمد (ص) وبالصديقة الزهراء والأئمة (ع) وكل هذه الرؤى تنص وتشير إلى ان السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام الهدي (ع)، ومجموعة من الرؤى مدونة في كتاب البلاغ المبين – الرؤيا حجة – وهو عدة أجزاء.
    ولا يخفى أن هناك روايات كثيرة تنص على أن الشيطان لا يتمثل بهم لا في النوم ولا في اليقظة. وكذلك آمن الكثير بالرسول محمد (ص) والأئمة الأطهار (ع) عن طريق الرؤى الصادقة، وقصة السيدة نرجس أم الإمام المهدي (عليه وعليها سلام الله تعالى ) خير دليل على ذلك. والكلام طويل جداً في هذا الموضوع، فمن أراد المزيد فعليه مراجعة كتاب (فصل الخطاب في رؤيا أولي الألباب) وغيره من إصدارات أنصار الإمام المهدي(ع).
    وهناك أدلة وروايات كثيرة تركتها لضيق المقام، وربما سأذكرها لاحقاً ان شاء الله تعالى.
    وأرجو من الذي يريد المناقشة في هذه الأدلة الأربعة، أن يناقش بموضوعية وبالدليل الشرعي، وبدون تشتيت للموضوع ، وأن يتجنب الاستهزاء والسب والتهجم فهذا سلاح العاجزين.
    والحمد لله رب العالمين.
    جانب من علامات الظهور التي تحققت

    الكثير من علامات الظهور التي تحققت

    قال أمير المؤمنين ع( بين يدي القائم) موت أحمر و موت أبيض و جراد في حينه و جراد في غير حينه كألوان الدم فأما الموت الأحمر فالسيف و أما الموت الأبيض فالطاعون
    منتخب‏الأنوارالمضيئة 30 – كشف‏الغمة 459 2
    ورد عن رسول الله (ص) ، قوله : ((يحكم الحجاز رجل اسمه اسم حيوان ، إذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد ، وإذا اقتربت منه لاترى في عينه شيئاً ، يخلفه أخ له اسمه عبدالله. ويل لشيعتنا منه ، أعادها ثلاثاً ؛ بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة )) (مئتان وخمسون علامة ص122)
    عن رسول الله (ص) ، إنه قال : (( الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما ، فقال : أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي ، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي )) [مناقب العترة / ومائتان وخمسون علامة 130
    قال رسول الله (ص) (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق ، كما تداعى الآكلة على قصعتها ، قال قلنا : يا رسول الله ، أمن قلة بنا يومئذ ؟ قال : أنتم يومئذ كثير ، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ، ويجعل في قلوبكم الوهن قال قلنا : وما الوهن ؟ قال : حب الحياة وكراهية الموت) معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) – الشيخ علي الكوراني ج 1 ص 78
    عن المفضل بن عمر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، قال المفضل يا سيدي فالزوراء التي تكون في بغداد ما يكون حالها في ذلك الزمان فقال : (تكون محل عذاب الله وغضبه والويل لها من الرايات الصفر ومن الرايات التي تسير إليها في قريب وبعيد والله لينزلن من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم …… فالويل لمن اتخذ بها مسكناً …… ) بشارة الإسلام ص 143
    عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) (… ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله ، ، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر بخبر وعند ذلك خروج السفياني ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل ، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم … ) الملاحم والفتن – السيد بن طاووس الحسني ص 134.
    عن أبي عبد الله (ع) (… إذا هدم حائط مسجد الكوفة مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان آما إن هادمه لا يبنيه ) البحار ج52 ص210.
    عن جابر قال قلت لأبي جعفر (ع) : (… متى يكون هذا الأمر ؟ فقال (ع): أنى يكون ذلك يا جابر ولم تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة …) بحار الأنوار ج52 ص209
    عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله ( ع) يقول : من يضمن لي موت عبد الله ، أضمن له القائم ، ثم قال : إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام . فقلت : يطول ذلك ؟ قال : كلا ) بحار الأنوار ج52 ص210.
    وعن أمير المؤمنين (ع) من خطبة له طويلة قال (… وعقدت الراية لعماليق كردان ، وتغلبت العرب على بلاد الارمن والسقلاب ، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان ، فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور ، فيظهر هذا ظاهر مكشوف ، ومعاين موصوف … ) مشارق أنوار اليقين – الحافظ رجب البرسي ص265 .
    عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل وفيه : ( ولذلك آيات وعلامات : أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الروايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وكشف الهيكل ، وخفق الرايات حول المسجد الأكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل سريع ، وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين – الخبر ) نفس الرحمن في فضائل سلمان - ميرزا حسين النوري الطبرسي ص 304
    .
    وعن جعفر بن محمد (ع) ( … وأهل مدينة تدعى سجستان (أي سيستان) ، هم لنا أهل عداوة ونصب وهم شر الخلق و الخليقة ، عليهم من العذاب ما على فرعون وهامان وقارون . وأهل مدينة تدعى الري ، هم أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل بيته ، يرون حرب أهل بيت رسول الله ( ص ) جهادا ومالهم مغنما ، لهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا والآخرة ولهم عذاب مقيم . وأهل مدينة تدعى الموصل ، هم شر من على وجه الأرض وأهل مدينة تسمى الزوراء تبنى في آخر الزمان ، يستشفون بدمائنا ويتقربون ببغضنا ويوالون في عداوتنا ويرون حربنا فرضا وقتالنا حتما ، يا بني فاحذر هؤلاء ثم أحذرهم فإنه لا يخلوا اثنان منهم بأحد من أهلك إلا هموا بقتله . الفصول المهمة ج 3 – الحر العاملي ص 263.
    عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) ( … فقال لي يا أبا عبد الله إياكم و التنويه و الله ليغيبن سبتا من الدهر … لترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي قال المفضل فبكيت فقال لي ما يبكيك قلت جعلت فداك كيف لا أبكي و أنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي قال فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال أ هذه الشمس مضيئة قلت نعم فقال و الله لأمرنا أضوأ منها) الغيبة للنعماني ص 152
    وهنا قوله (ع) اثنتا عشرة راية مشتبهة دالة على انهم شيعة اثني عشرية ، فانهم لو كانوا غير اثني عشرية لما كان في أمرهم أي اشتباه ، أي يمكن الحكم ببطلانهم بسهولة للشيعي الاثني عشري ، وإنما وقع الاشتباه لتشابه العقيدة فالأمر الذي يتحدث عنه (ع) أمر عقائدي .
    ومن هذه النقطة لابد أن نعرف أن الحق واحد ما بين عدة رايات مشتبهة كلها تدعوا إلى النار ، و تثنية الحق وتعدده أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة وأن الحق واحد فقط وهو في راية آل محمد (ع) ، فلابد أن نبحث عن حامل لواء آل محمد في زمن الظهور من خلال كلامهم (ع).
    وكما لايخفى على طالب الحق إن أهل البيت كما وصفوا الحق الوحيد بأنه موجود بين رايات متعددة ، وصفوا أيضاً أن أهدى هذه الرايات هي راية اليماني .
    فعن الإمام الباقر (ع) ( … وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) الغيبة - محمد بن ابراهيم النعماني ص 264
    فما قدمناه من احاديث اهل البيت (ع) هو اكبر دليل على ظهور صاحب راية الحق لانها احاديث قد طبقت على ارض الواقع ويوجد الكثير من ما ذكروا اهل البيت (ع) ولكنا اقتصرنا على شئ يسير منها لان طالب الحق رواية تكفيه والمعاند الكافي لا يكفيه

    والحمد لله رب العالمين
    بقلم خادم الانصار


    خادم الجواد
    أبتاه قل على العداة معيني
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎