مع الشيخ الطوسي في غيبته - 3 / إثني عشر إماما
إبراهيم عبد علي
من الأدلة التي اعتمدها الشيخ الطوسي في إثبات مهدوية ابن الحسن العسكري ، هي الأحاديث التي ذكرتْ أنّ الأئمة إثنا عشر ، إضافة للتنويه بأسمائهم ، وصفاتهم ، وكناهم ، وهذه الأحاديث ، كما ينقلها المؤلف ، مروية عن سيدنا رسول الله " ص " وعن أئمة الهدى " ع " ...
ويُردّ هذا الإستدلال ، بما قدّمناه ، سابقا ، من اعتراضات ، ملخصها ؛ أنّ دليل الإثني عشرية هذا ، لا ينسجم ، والواقع التاريخي للتشيع بشكل عام ، فما رأيناه من تشكل فرق شيعية كثيرة ومتنوعة ، على مر التاريخ الشيعي ، وما يرويه الشيعة أنفسهم ، من الإختلاف الحاصل عندهم ، عند وفاة أكثر أئمتهم ، حول تعيين ، ومعرفة الإمام الذي سيليه ، كما حصل بعد " غيبة " إمامنا الصادق " ع " وافتراق شيعته ، لـ " طرائق قددا " ؛ إسماعيلية ، وفطحية ، وناووسية ، وموسوية ، وكذلك تكرار ذات الأمر عند وفاة " الكاظم " و " الرضا " و " الهادي " و " العسكري " ، علما أن هنالك أناس من أقرب مقربي الأئمة ، عليهم السلام ، لم يكونوا على اطلاع على هذه الأحاديث " الشريفة " وقد كان من المفترض إطلاعهم عليها ، خصوصا أن " الإثني عشرية " يَسِمون هذه النصوص بـ " التواتر " أو " الإستفاضة حدّ التواتر " ، ومن غير المعقول ان تغيب هذه النصوص " المقدّسة " عن " محمد بن الحنفية " أو " هشام بن الحكم " أو " ابنَي سنان ؛ محمد وعبد الله " أو " زرارة " أو " علي بن يقطين " أو " عبد الله بن جعفر الحميري " ، وكل هذه الأسماء " المهمة " هي على سبيل المثال ، لا الحصر ..
وكذلك لـ " تعيين " بعض الأئمة لأحد أولادهم ، وإشارتهم إليهم بالإمامة ، ثم حصول " البداء " في ذلك الأمر ، من خلال وفاة مَن أشير إليه في حياة أبيه ، وهذا ما حصل ـ كما هو معروف ـ مع الإمامين العظيمين جعفر الصادق " منه التسليم " وعلي الهادي " إليه التسليم " ، ولذا قال الأول " ما بدا لله في شيء ، كما بدا له في وَلدي إسماعيل " ، فيما صرّح الثاني ، مخاطبا وَلده الحسن العسكري " يا بنيّ أحدِث لله شكرا ، فقد أحدَث فيك أمرا " ـ1ـ
وبشكل إجمالي ، سنورد هنا بعض هذه الأحاديث ، التي ذكرها المؤلف ، والتي تثبت إثني عشرية " أئمة الهدى ، من آل بيت المصطفى " ، مع إبداء بعض الملاحظات ، إن تطلبَ ذلك ...
( عن عبد الله بن جعفر ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن نعمة السلولي ، عن وهب بن جعفر ، عن عبد الله بن قاسم ، عن عبد الله بن خالد ، عن أبي السفاتج ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر " ع " ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخلتُ على فاطمة " عليها السلام " وبين يديها أسماء الأوصياء من وُلدها ، فعددتُ إثني عشر إسما ، آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد ، وثلاثة منهم علي ) ـ2ـ
وهنا ، كما هو بيّن ، يستدلّ الشيخ " رحمه الله " بـ " ثلاثة عشر " على " إثني عشر " ، فالرواية ، آنفة الذكر ، تشير إلى أنّ الأئمة ثلاثة عشر ، لا إثنا عشر ، فجابر الأنصاري دخل على سيدتنا الزهراء ، ليجد بين يديها أسماء الأوصياء " من وُلدها " فعدّ " إثني عشر إسما " من هذه الأسماء ، التي هي من وُلدها ، وبذا يبقى عندنا إسم زوجها أمير المؤمنين ، فيكونوا بذلك ثلاثة عشر .. إضافة لذلك ، وللتأكيد على أنّ الإثني عشر " المذكورين في هذه الرواية " هم فقط أولاد السيدة الطاهرة ، حبيبة الحبيب ؛ يذكر لنا " الأنصاري " أنه رأى ثلاثة من الأسماء باسم " محمد " وثلاثة منهم باسم " علي " ، بينما كان المفروض أن يكون من إسمه " عليا " أربعة لا ثلاثة ، فيما يؤكد لنا الراوي أنهم ثلاثة فقط ، وهذا يعني أنّ العدد المذكور " إثني عشر " خاص بأولاد الزهراء " ع " ، ولو لم يكن مختصا فقط بهم ؛ لذكرَ أنّ أسماء أربعة منهم " علي " ، وبذلك يشمل سيدنا أمير المؤمنين " كرّم الله وجهه " ببقية الأسماء ، لكن شطري النص ، يشيران ، وبوضوح ، إلى ؛ أنّ الأئمة ، من وُلد الزهراء ، هم إثنا عشر ، ثلاثة منهم علي " علي زين العابدين / علي الرضا / علي الهادي " ..
( عن محمد بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن أحمد بن يحيى ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر " ع " قال : قال رسول الله " ص " : .... فإذا ذهبَ الإثنا عشر من وُلدي ؛ ساخت الأرض بأهلها ، ولم يُنظروا ) ـ3ـ
وواضح أن الرسول الكريم " ص " يؤكد هنا أنّ الإثني عشر هم من وُلده ، فإذا أضفنا لهم سيدنا وسيدهم ، علي بن أبي طالب ، تكون عدّتهم ثلاثة عشر ..
( سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتيتُ أمير المؤمنين " ع " فوجدته ينكت في الأرض ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ؛ مالي أراك مفكرا تنكت في الأرض ، أرغبة منك فيها ؟ ..
قال : لا والله ، ما رغبت فيها ، ولا في الدنيا قط ، ولكني تفكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من وُلدي ، هو المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا ، كما مُلئت ظلما وجورا ) ـ4ـ
وفي هذا النص ، نجد أن عليا " ع " يفكر ـ مهموما ـ في مولود له ، سيكون من ظهر الحادي عشر من وُلده ، هو المهدي المنتظر ، وهذا يعني أنّ " المولود المبارك " هذا سيكون إكمالا لعدة الإثني عشر ، فصار العدد من وُلد علي " رضي الله عنه " هو إثنا عشر ، فإذا أضفناه إليهم ، أو أضفناهم إليه ؛ يكون عندنا ثلاثة عشر " إماما " ..
( أخبرني جماعة ، عن عدة من أصحابنا ، عن محمد بن يعقوب ، عن أبي علي الأشعري ، عن الحسين بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن علي بن الحسن بن أسباط ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال : سمعتُ أبا جعفر " ع " يقول : الإثنا عشر من آل محمد ، كلهم وُلد رسول الله " ص " ووُلد علي بن أبي طالب " ع " ، فرسول الله ، وعلي ، هما الوالدان ) ـ5ـ
وهذا النص ، كالذي سبقه من النصوص " الشريفة " التي ذكرها الشيخ " رحمه الله " ، يؤكد ، أيضا ، أن الأئمة ثلاثة عشر ، لا إثنا عشر ، بدليل قوله " الإثنا عشر كلهم وُلد رسول الله " .. الغريب في الأمر ؛ هو أن المؤلف " عفا الله عنا وعنه " يسرد هذه الأحاديث كأدلة تثبت أنهم إثني عشر ، فيما تكون النتيجة ، وفق أدلته نفسها ، مغايرة لما يريد ..
( عن محمد بن يحيى ، عن محمد الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ، ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال ( في حديث طويل حول يهودي من " عظماء يثرب " جاء ليسأل سيدنا أمير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " رضي الله عنه " ، فأرشده الخليفة " الفاروق " إلى سيدنا علي بن أبي طالب " رضي الله عنه " ليجيبه عن أسئلته ) : فقال له " علي " : إن لهذه الأمة إثني عشر إمام هدىً من ذرية نبيها ، وهم مني ... وأما منزلة نبينا في الجنة ؛ فهو في أفضلها وأشرفها ، جنة عدن ، وأما مَن معه في منزله منها ؛ فهؤلاء الإثني عشر من ذريته ) ـ6ـ
والنص ، كما لا يخفى ، واضح الدلالة ، على أنّ الإئمة " الإثني عشر " هم من ذرية النبي الكريم " ص " ، وعلي " صلوات الله عليه " ليس من ذريته ، إنما هو من أهل بيته ، الذين أذهبَ الله عنهم الرجس ، وطهّرهم " غصبا عاليرضَه والمايرضه " تطهيرا .. ويؤكد ذلك قول سيدنا علي " كرّم الله وجهه " ، بنفس الرواية ، في معرض ذكره للإثني عشر إماما " وهم مني " ....
ويستمر " مولانا الطوسي " بإيراده للروايات " الشريفة " حول هذا الموضوع ، فيذكر بعض النصوص ، التي تشير إلى الأئمة بالإسم والصفة ، وأحيانا بالكنى ، كـ " حديث أبي موسى ، عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، عن علي الهادي " ـ7ـ
و " حديث اللوح ، المروي عن جابر الأنصاري " ـ8ـ
و " حديث جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عليه السلام " ـ9ـ
و" حديث أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني ، عليه السلام " ـ10ـ
و " حديث الوصية ، المروي عن جعفر بن أحمد المصري ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن الصادق ، عليه السلام " ـ11ـ ، والذي سنفرد له موضوعا خاصا ، كما أشرت سابقا ، لارتباطه بقضية معاصرة ومهمة ، وهي قضية " الإمام أحمد الحسن اليماني ، مكن الله له في الأرض ، وجعلنا من أنصاره وأعوانه " ...
وعلى العموم ، فهذه النصوص ، التي ذكرها المؤلف ، والتي تشير إلى أئمة أهل البيت ، بالإسم والصفة ، قد نوّهنا ، مرارا ، إلى أنها لا يمكن أن تنسجم ووقائع التاريخ الشيعي ، المليء بالإنقسامات ، والإختلافات ، حول تعيين الأئمة " ع " من قبل أخلص خلصاء الأئمة أنفسهم ، وأقربهم إليهم ، إضافة لما اعتاده الأقربون والأبعدون من عمليات الإختبار للأئمة لمعرفة صدق دعواهم من كذبه ، ولا ننسى بالطبع قضية " البداء " التي حصلت مع إمامين بارزين من أئمة " الطائفة الشيعية الكريمة " ، فلو كانت هذه النصوص موجودة ومتداولة ، على كثرتها التي نرى ، لما كان ما كان من " إختلاف " و " حيرة " و " وقف " " وبداء " ، اليس كذلك ؟...
وبعد إيراده لهذا " الدليل " ينتقل بنا " شيخنا " إلى دليل آخر ، يرى أنه يثبت ما ذهبت إليه " الفرقة الناجية " من إمامة ومهدوية محمد بن الحسن العسكري " عجّل الله تعالى فرجه " ؛ وهو ما ذكره آباؤه " رضي الله عنهم جميعا " من غيبته واستتاره ، قبل زمن طويل من هذه " الغيبة " ...
ونبدأ باسم مَن :
" تشخّصَ للأنام فشبّهوهُ
بأنفسهم ، ولم يتحققوهُ
ولو عرفوا الذي عُرّفتُ منهُ
على تحقيقه ؛ لتألــــهوهُ
ولمْ يخفَ على العقلاء لمّا
أتى بالمعجزاتِ ؛ فوحّدوهُ
لقد دلّ " الحجابُ " عليه حتى
تجلى للعبادِ ؛ فعايــــنوهُ " ـ12ـ
ـــــــــــ
1ـ الكتاب : 122
2ـ الكتاب : 92
3ـ الكتاب : 92
4ـ الكتاب : 104
5ـ الكتاب : 97
6ـ الكتاب : 97ـ98
7ـ الكتاب : 90ـ91
8ـ الكتاب : 93ـ94
9ـ الكتاب : 96
10ـ الكتاب : 98ـ99
11ـ الكتاب : 96ـ97
12ـ " سيدنا " أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ( ت 346 هـ ) وهو من أجلّ ، وأعظم ، علماء ، وسادة " طائفتنا " النصيرية " المظلومة " ...
إبراهيم عبد علي
من الأدلة التي اعتمدها الشيخ الطوسي في إثبات مهدوية ابن الحسن العسكري ، هي الأحاديث التي ذكرتْ أنّ الأئمة إثنا عشر ، إضافة للتنويه بأسمائهم ، وصفاتهم ، وكناهم ، وهذه الأحاديث ، كما ينقلها المؤلف ، مروية عن سيدنا رسول الله " ص " وعن أئمة الهدى " ع " ...
ويُردّ هذا الإستدلال ، بما قدّمناه ، سابقا ، من اعتراضات ، ملخصها ؛ أنّ دليل الإثني عشرية هذا ، لا ينسجم ، والواقع التاريخي للتشيع بشكل عام ، فما رأيناه من تشكل فرق شيعية كثيرة ومتنوعة ، على مر التاريخ الشيعي ، وما يرويه الشيعة أنفسهم ، من الإختلاف الحاصل عندهم ، عند وفاة أكثر أئمتهم ، حول تعيين ، ومعرفة الإمام الذي سيليه ، كما حصل بعد " غيبة " إمامنا الصادق " ع " وافتراق شيعته ، لـ " طرائق قددا " ؛ إسماعيلية ، وفطحية ، وناووسية ، وموسوية ، وكذلك تكرار ذات الأمر عند وفاة " الكاظم " و " الرضا " و " الهادي " و " العسكري " ، علما أن هنالك أناس من أقرب مقربي الأئمة ، عليهم السلام ، لم يكونوا على اطلاع على هذه الأحاديث " الشريفة " وقد كان من المفترض إطلاعهم عليها ، خصوصا أن " الإثني عشرية " يَسِمون هذه النصوص بـ " التواتر " أو " الإستفاضة حدّ التواتر " ، ومن غير المعقول ان تغيب هذه النصوص " المقدّسة " عن " محمد بن الحنفية " أو " هشام بن الحكم " أو " ابنَي سنان ؛ محمد وعبد الله " أو " زرارة " أو " علي بن يقطين " أو " عبد الله بن جعفر الحميري " ، وكل هذه الأسماء " المهمة " هي على سبيل المثال ، لا الحصر ..
وكذلك لـ " تعيين " بعض الأئمة لأحد أولادهم ، وإشارتهم إليهم بالإمامة ، ثم حصول " البداء " في ذلك الأمر ، من خلال وفاة مَن أشير إليه في حياة أبيه ، وهذا ما حصل ـ كما هو معروف ـ مع الإمامين العظيمين جعفر الصادق " منه التسليم " وعلي الهادي " إليه التسليم " ، ولذا قال الأول " ما بدا لله في شيء ، كما بدا له في وَلدي إسماعيل " ، فيما صرّح الثاني ، مخاطبا وَلده الحسن العسكري " يا بنيّ أحدِث لله شكرا ، فقد أحدَث فيك أمرا " ـ1ـ
وبشكل إجمالي ، سنورد هنا بعض هذه الأحاديث ، التي ذكرها المؤلف ، والتي تثبت إثني عشرية " أئمة الهدى ، من آل بيت المصطفى " ، مع إبداء بعض الملاحظات ، إن تطلبَ ذلك ...
( عن عبد الله بن جعفر ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن نعمة السلولي ، عن وهب بن جعفر ، عن عبد الله بن قاسم ، عن عبد الله بن خالد ، عن أبي السفاتج ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر " ع " ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخلتُ على فاطمة " عليها السلام " وبين يديها أسماء الأوصياء من وُلدها ، فعددتُ إثني عشر إسما ، آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد ، وثلاثة منهم علي ) ـ2ـ
وهنا ، كما هو بيّن ، يستدلّ الشيخ " رحمه الله " بـ " ثلاثة عشر " على " إثني عشر " ، فالرواية ، آنفة الذكر ، تشير إلى أنّ الأئمة ثلاثة عشر ، لا إثنا عشر ، فجابر الأنصاري دخل على سيدتنا الزهراء ، ليجد بين يديها أسماء الأوصياء " من وُلدها " فعدّ " إثني عشر إسما " من هذه الأسماء ، التي هي من وُلدها ، وبذا يبقى عندنا إسم زوجها أمير المؤمنين ، فيكونوا بذلك ثلاثة عشر .. إضافة لذلك ، وللتأكيد على أنّ الإثني عشر " المذكورين في هذه الرواية " هم فقط أولاد السيدة الطاهرة ، حبيبة الحبيب ؛ يذكر لنا " الأنصاري " أنه رأى ثلاثة من الأسماء باسم " محمد " وثلاثة منهم باسم " علي " ، بينما كان المفروض أن يكون من إسمه " عليا " أربعة لا ثلاثة ، فيما يؤكد لنا الراوي أنهم ثلاثة فقط ، وهذا يعني أنّ العدد المذكور " إثني عشر " خاص بأولاد الزهراء " ع " ، ولو لم يكن مختصا فقط بهم ؛ لذكرَ أنّ أسماء أربعة منهم " علي " ، وبذلك يشمل سيدنا أمير المؤمنين " كرّم الله وجهه " ببقية الأسماء ، لكن شطري النص ، يشيران ، وبوضوح ، إلى ؛ أنّ الأئمة ، من وُلد الزهراء ، هم إثنا عشر ، ثلاثة منهم علي " علي زين العابدين / علي الرضا / علي الهادي " ..
( عن محمد بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن أحمد بن يحيى ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر " ع " قال : قال رسول الله " ص " : .... فإذا ذهبَ الإثنا عشر من وُلدي ؛ ساخت الأرض بأهلها ، ولم يُنظروا ) ـ3ـ
وواضح أن الرسول الكريم " ص " يؤكد هنا أنّ الإثني عشر هم من وُلده ، فإذا أضفنا لهم سيدنا وسيدهم ، علي بن أبي طالب ، تكون عدّتهم ثلاثة عشر ..
( سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتيتُ أمير المؤمنين " ع " فوجدته ينكت في الأرض ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ؛ مالي أراك مفكرا تنكت في الأرض ، أرغبة منك فيها ؟ ..
قال : لا والله ، ما رغبت فيها ، ولا في الدنيا قط ، ولكني تفكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من وُلدي ، هو المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا ، كما مُلئت ظلما وجورا ) ـ4ـ
وفي هذا النص ، نجد أن عليا " ع " يفكر ـ مهموما ـ في مولود له ، سيكون من ظهر الحادي عشر من وُلده ، هو المهدي المنتظر ، وهذا يعني أنّ " المولود المبارك " هذا سيكون إكمالا لعدة الإثني عشر ، فصار العدد من وُلد علي " رضي الله عنه " هو إثنا عشر ، فإذا أضفناه إليهم ، أو أضفناهم إليه ؛ يكون عندنا ثلاثة عشر " إماما " ..
( أخبرني جماعة ، عن عدة من أصحابنا ، عن محمد بن يعقوب ، عن أبي علي الأشعري ، عن الحسين بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن علي بن الحسن بن أسباط ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال : سمعتُ أبا جعفر " ع " يقول : الإثنا عشر من آل محمد ، كلهم وُلد رسول الله " ص " ووُلد علي بن أبي طالب " ع " ، فرسول الله ، وعلي ، هما الوالدان ) ـ5ـ
وهذا النص ، كالذي سبقه من النصوص " الشريفة " التي ذكرها الشيخ " رحمه الله " ، يؤكد ، أيضا ، أن الأئمة ثلاثة عشر ، لا إثنا عشر ، بدليل قوله " الإثنا عشر كلهم وُلد رسول الله " .. الغريب في الأمر ؛ هو أن المؤلف " عفا الله عنا وعنه " يسرد هذه الأحاديث كأدلة تثبت أنهم إثني عشر ، فيما تكون النتيجة ، وفق أدلته نفسها ، مغايرة لما يريد ..
( عن محمد بن يحيى ، عن محمد الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ، ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال ( في حديث طويل حول يهودي من " عظماء يثرب " جاء ليسأل سيدنا أمير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " رضي الله عنه " ، فأرشده الخليفة " الفاروق " إلى سيدنا علي بن أبي طالب " رضي الله عنه " ليجيبه عن أسئلته ) : فقال له " علي " : إن لهذه الأمة إثني عشر إمام هدىً من ذرية نبيها ، وهم مني ... وأما منزلة نبينا في الجنة ؛ فهو في أفضلها وأشرفها ، جنة عدن ، وأما مَن معه في منزله منها ؛ فهؤلاء الإثني عشر من ذريته ) ـ6ـ
والنص ، كما لا يخفى ، واضح الدلالة ، على أنّ الإئمة " الإثني عشر " هم من ذرية النبي الكريم " ص " ، وعلي " صلوات الله عليه " ليس من ذريته ، إنما هو من أهل بيته ، الذين أذهبَ الله عنهم الرجس ، وطهّرهم " غصبا عاليرضَه والمايرضه " تطهيرا .. ويؤكد ذلك قول سيدنا علي " كرّم الله وجهه " ، بنفس الرواية ، في معرض ذكره للإثني عشر إماما " وهم مني " ....
ويستمر " مولانا الطوسي " بإيراده للروايات " الشريفة " حول هذا الموضوع ، فيذكر بعض النصوص ، التي تشير إلى الأئمة بالإسم والصفة ، وأحيانا بالكنى ، كـ " حديث أبي موسى ، عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، عن علي الهادي " ـ7ـ
و " حديث اللوح ، المروي عن جابر الأنصاري " ـ8ـ
و " حديث جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عليه السلام " ـ9ـ
و" حديث أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني ، عليه السلام " ـ10ـ
و " حديث الوصية ، المروي عن جعفر بن أحمد المصري ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن الصادق ، عليه السلام " ـ11ـ ، والذي سنفرد له موضوعا خاصا ، كما أشرت سابقا ، لارتباطه بقضية معاصرة ومهمة ، وهي قضية " الإمام أحمد الحسن اليماني ، مكن الله له في الأرض ، وجعلنا من أنصاره وأعوانه " ...
وعلى العموم ، فهذه النصوص ، التي ذكرها المؤلف ، والتي تشير إلى أئمة أهل البيت ، بالإسم والصفة ، قد نوّهنا ، مرارا ، إلى أنها لا يمكن أن تنسجم ووقائع التاريخ الشيعي ، المليء بالإنقسامات ، والإختلافات ، حول تعيين الأئمة " ع " من قبل أخلص خلصاء الأئمة أنفسهم ، وأقربهم إليهم ، إضافة لما اعتاده الأقربون والأبعدون من عمليات الإختبار للأئمة لمعرفة صدق دعواهم من كذبه ، ولا ننسى بالطبع قضية " البداء " التي حصلت مع إمامين بارزين من أئمة " الطائفة الشيعية الكريمة " ، فلو كانت هذه النصوص موجودة ومتداولة ، على كثرتها التي نرى ، لما كان ما كان من " إختلاف " و " حيرة " و " وقف " " وبداء " ، اليس كذلك ؟...
وبعد إيراده لهذا " الدليل " ينتقل بنا " شيخنا " إلى دليل آخر ، يرى أنه يثبت ما ذهبت إليه " الفرقة الناجية " من إمامة ومهدوية محمد بن الحسن العسكري " عجّل الله تعالى فرجه " ؛ وهو ما ذكره آباؤه " رضي الله عنهم جميعا " من غيبته واستتاره ، قبل زمن طويل من هذه " الغيبة " ...
ونبدأ باسم مَن :
" تشخّصَ للأنام فشبّهوهُ
بأنفسهم ، ولم يتحققوهُ
ولو عرفوا الذي عُرّفتُ منهُ
على تحقيقه ؛ لتألــــهوهُ
ولمْ يخفَ على العقلاء لمّا
أتى بالمعجزاتِ ؛ فوحّدوهُ
لقد دلّ " الحجابُ " عليه حتى
تجلى للعبادِ ؛ فعايــــنوهُ " ـ12ـ
ـــــــــــ
1ـ الكتاب : 122
2ـ الكتاب : 92
3ـ الكتاب : 92
4ـ الكتاب : 104
5ـ الكتاب : 97
6ـ الكتاب : 97ـ98
7ـ الكتاب : 90ـ91
8ـ الكتاب : 93ـ94
9ـ الكتاب : 96
10ـ الكتاب : 98ـ99
11ـ الكتاب : 96ـ97
12ـ " سيدنا " أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ( ت 346 هـ ) وهو من أجلّ ، وأعظم ، علماء ، وسادة " طائفتنا " النصيرية " المظلومة " ...
Comment