الأوبانيشاد تترجم إلى العربية لأول مرة
كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني
الأوبانيشاد تعني (سر الأسرار ، او السر الأكبر )
القاهرة: صدر في القاهرة مؤخرا كتاب الأوبانيشاد عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام؛ للكاتب والأكاديمي المقيم في السويد عبد السلام زيان، ويقع الكتاب في نحو 232 صفحة من القطع الكبير.
والأوبانيشاد وفقاً لجريدة "الاتحاد" الإماراتية هو أحد الكتب المقدسة الهندوسية القديمة، ويحتوي على معلومات عن الحقيقة السامية وأسطورة الخلق، ويعد المرجع الرئيسي للسلطة الدينية للهندوس. وهذه النصوص لم تعرفها اللغة العربية في أي عصر من عصورها، بل ربما لم تسمع الثقافة العربية بها منذ العهد العباسي حتى اليوم. فحسب الوثائق التاريخية، أقدم أبوالريحان البيروني المولود في 973 م في العصر العباسي على ترجمة جزء من بهاجافاد جيتا، ولقد ضاعت مخطوطته ولم يعثر عليها حتى اليوم.
ويورد المترجم في مقدمته بأن الكتب المقدسة الهندوسية قديمة جدا وكلها مكتوبة بلغة السانسكريت، وهي تتكون من جزءين: جزء نظري وآخر عملي تطبيقي، والجزء الأول يحتوي على معلومات عن الحقيقة السامية ويسمى الأوبانيشاد، والجزء الثاني يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية وقوانين تخص الحياة اليومية.
والترجمة الحرفية لـأوبانيشاد حسبما ذكرت "الاتحاد" هي "أن تجلس عن قرب بخشوع" وهذا يعني التلميذ الذي يجلس بكل احترام أمام معلمه ليتلقى منه العلم. كما تعني أيضاً "المذهب السرّي" وتعني كذلك "علوم عن البراهمن" وهو العلم الذي يكسر قيود الجهل ويقود إلى الحرية السامية. ولا أحد يعرف كم كان عدد الحكماء الذين كتبوا الأوبانيشاد، فالمثبت حالياً مئة وثمانية، بعضهم كتب بضعة مئات من الكلمات، وآخرون كتبوا عدة آلاف، البعض كتب على شكل قصائد وآخرون كتبوا على شكل نثر، ومنهم من مزج الشعر بالنثر. ومحتوى النصوص يختلف حتى في نفس الكتاب، حيث إننا نجد في بعض الأماكن حوارات وحكايات بسيطة جدا، وفي أماكن أخرى نجد نصوصا نظرية فلسفية.
ويذكر على لسان آرتو شوبنهاور (1860-1788) أحد اشهر الفلاسفة الألمان على الإطلاق: إن ترجمة الأوبانيشاد إلى اللاتينية سنة 1818 هو أكبر إنجاز لهذا القرن مقارنة بكل القرون الماضية.
جدير بالذكر أن الهندوسية ديانة وثنية يعتنقها أهل الهند، وقد تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر، وتتخذ عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها فلكل منطقة إله، ولكل عمل أو ظاهرة إله.
للهندوس عقائد تصور دورة حياة الإنسان، حيث يرون أن روح الإنسان خلقت من الإله ثم ركبت في هذا الجسد الفاني، والهندوس لا يؤمنون بجنة ولا بنار مثل شريعة المسلمين ، ولكنهم يؤمنون بجزاء آخر للمحسن والمسيء فيقولون : " إن المحسن عندما يموت، يموت جسده وتبقى روحه باقية لا تموت، لأنها جزء من الإله فتجازى بأن توضع في جسد صالح وهو ما يعرف بتناسخ الأرواح أو انتقالها " فجزاء المحسن أن توضع روحه في جسد صالح تتنعم فيه وجزاء المسيء أن توضع روحه في جسد شقي تشقى به ، بحسب الاعتقاد الهندوسي.
يعتقد الهندوس أن أرواحهم إذا كانت طيبة ستتحد بإله يدعونه " براهما " ولكن هذا لن يحصل وفقا لمعتقداتهم إلا إذا تخلصت النفس من شرورها ونزعاتها وشهواتها ورغباتها وهو ما يسمونه مرحلة الانطلاق .
تحتل البقرة عند الهندوس مكانة هامة تصل إلى حد التأليه والتقديس ، يقول مهاتما غاندي : " عندما أرى بقرة لا أعدني أرى حيونا لأني أعبد البقرة، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع"، ويقول "وأمي البقرة تفضل أمي الحقيقية من عدة وجوه، فالأم الحقيقة ترضعنا مدة عام أو عامين وتتطلب منا خدمات طول العمر نظير هذا ، ولكن أمنا البقرة تمنحنا اللبن دائما ، ولا تتطلب منا شيئا مقابل ذلك سوى الطعام العادي . وعندما تمرض الأم الحقيقية تكلفنا نفقات باهظة ، ولكن أمنا البقرة لا نخسر لها شيئا ذا بال ، وعندما تموت الأم الحقيقية تتكلف جنازتها مبالغ طائلة، وعندما تموت أمنا البقرة تعود علينا بالنفع كما كانت تفعل وهي حية لأننا ننتفع بكل جزء من جسمها حتى العظم والجلد والقرون ".
وقال الكاتب والأكاديمي التونسي عبدالسلام زيان المقيم في السويد عن ترجمته للأوبانيشاد " هذه النصوص لم تعرفها اللغة العربية فى أى عصر من عصورها، بل ربما لم تسمع الثقافة العربية بها منذ العهد العباسى حتى اليوم. فحسب الوثائق التاريخية التى توفرت لدى، أقدم محمد بن أحمد البيروني فى العصر العباسى على ترجمة جزء من "بهاجافاد جيتا" ولكن لسوء الحظ ضاعت مخطوطته ولم يعثر عليها حتى اليوم. والبهاجافاد جيتا هو أحد الكتب المقدسة الرئيسية فى الديانة الهندوسية، وهو ما كانت أعود إليه دائما أثناء ترجمتى لنصوص الأوبانيشاد، لأتأكد من دقة المعانى وصحة التأويلات، مستعيناً بعدد من الترجمات الغربية بلغات مختلفة وهى جميعها منقولة مباشرة من (السانسكريتية) لغة النصوص الأصلية. بقى أن أقدم اعتذاراً مسبقاً لمعتنقى الدين الهندوسى خشية أن أكون قد ارتكبت أى هفوة فى تأويلى وترجمتى ".
وقد صدرت عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام في القاهرة الترجمة العربية لـ"الأوبانيشاد" وهو أقدم دستور ديني في العالم, فعمره يصل إلى ستة آلاف عام، ويمثل المرجع الرئيس للهندوس. وهذه الترجمة أنجزها الكاتب والأكاديمي التونسي عبدالسلام زيان المقيم في السويد، وهي الترجمة الأولى إلى اللغة العربية, إذا تم استثناء الجزء الذي ترجمه محمد بن أحمد البيروني في العهد العباسي وضاع للأسف.
و"الفيدا" هي مجموعة الكتب الدينية لدى الهندوس، تنقسم إلى قسمين، قسم نظري يحتوي على معلومات عن الله سبحانه وتعالی والحقيقة السامية ويتمثل في "الأوبانيشاد"، وقسم عملي يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية والطب وقوانين فحص الحياة اليومية، ومنها كتاب "الغاب" الذي يجب على الهندوسي قراءته عندما يكون وحيداً في الغابة. و"البراهمن" وهو من أهم رموز الأوبانيشاد والفيدا إذ يمثل الإله المطلق والقائم بذاته والحقيقة العليا وهو خال من كل الصفات ولا يمكن الحديث عنه بالكلمات. تبدأ الاوبانيشاد مع "فاجاسرافا" وابنه "ناخيكيتا" الذي يتعرض لابتلاء تلخصه قصة شديدة الشبه بقصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام وتقديم إسماعيل نفسه قرباناً لله تعالیولا نجد الشبه فقط في الخطوط العامة للقصة بل حتى في بعض الجمل.
يا أبتِ أهبك نفسي فافعل بها ما تشاء
ستجدني من الطيعين الممتثلين
لكن ناخيكيتا يتعلم على يد إلهة الموت الكثير من الحكمة والأسرار حتى يخرج من هذا الاختبار أكثر حكمة وعمقاً وتفهماً لذاته والوجود و البراهمن. تقدم الأوبانيشاد التعاليم والنصائح التي تمكّن الفرد من بلوغ حقيقة مؤداها أن البراهمن هو الطاقة التي تجدها وراء كل تعابير حياة الإنسان والطبيعة، ومن يصل إلى هذه الحقيقة يتجاوز الموت ويصل إلى الأبدية السامية. ومن التعاليم التي تؤكدها الأوبانيشاد أن الإنسان يتماهى مع بقية أرجاء الكون: أنا هو الذات/ الذات هي الحياة التي لا تموت/ انتصر على الأكوان/ أنا المملوء بالنور الذهبي/ الذين يعرفونني يحيون الحقيقة. وتطرح مجموعة من التساؤلات التي تبرز أهمية العناصر الخمسة الأولى: الهواء والنار والماء والأثير والأرض التي تتكون منها الموجودات كافة.وفي ختام الأوبانيشاد مجموعة ضخمة من الأسئلة والحوادث والقصص تجمع مفاهيم الديانة ومعتقداتها وحدودها وقوانينها وتفسيراته
Comment