بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآ محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِْصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ،اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الاَْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما
اخوتي المؤمنين ... اخواتي المؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بينا في الجزء الثالث من سلسلة الغيبة والظهور ما جرى من أمر غيبة ابراهيم النبي ع وغيبته في بطن امه وخفاءه عن نمرود وولادته السرية ومدى تشابهها مع غيبة الامام المهدي ع في بطن امه ع واخفاء حملها وسرية ولادته ع ، وكذلك استمعنا الى ما جرى من امر غيبة يوسف النبي ع عن ابيه واخوته وقومه وقصة قميصه الذي هو من مواريث الانبياء ع عند قائم آل محمد ع
في هذه الجزء الرابع سيتبين ما جرى من امرغيبة قائم آل يعقوب موسى ع
5. باب في غيبة موسى ع
و أما غيبة موسى النبي ع فإنه حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الأدمي الرازي قال حدثنا محمد بن آدم النسائي عن أبيه آدم بن أبي إياس قال حدثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير عن سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص قال قال رسول الله ص لما حضرت يوسف ع الوفاة جمع شيعته و أهل بيته فحمد الله و أثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم يقتل فيها الرجال و تشق بطون الحبالى و تذبح الأطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب و هو رجل أسمر طوال و نعته لهم بنعته فتمسكوا بذلك و وقعت الغيبة و الشدة على بني إسرائيل و هم منتظرون قيام القائم أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته و رأوا علامات ظهوره و اشتدت عليهم البلوى و حمل عليهم بالخشب و الحجارة و طلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر و راسلوه فقالوا كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك فخرج بهم إلى بعض الصحاري و جلس يحدثهم حديث القائم و نعته و قرب الأمر و كانت ليلة قمراء فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى ع و كان في ذلك الوقت حديث السن و قد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه و أقبل إليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خز فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه و انكب على قدميه فقبلهما ثم قال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرانيك فلما رأى الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم فأكبوا على الأرض شكرا لله عز و جل فلم يزدهم على أن قال أرجو أن يعجل الله فرجكم ثم غاب بعد ذلك و خرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى و كانت نيفا و خمسين سنة و اشتدت البلوى عليهم و استتر الفقيه فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا فخرج إلى بعض الصحاري و استدعاهم و طيب نفوسهم و أعلمهم أن الله عز و جل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة فقالوا بأجمعهم الحمد لله فأوحى الله عز و جل إليه قل لهم قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد لله فقالوا كل نعمة فمن الله فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرين سنة فقالوا لا يأتي بالخير إلا الله فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرا فقالوا لا يصرف السوء إلا الله فأوحى الله إليه قل لهم لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم فبينا هم كذلك إذ طلع موسى ع راكبا حمارا.
فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه و جاء موسى ع حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه ما اسمك فقال موسى قال ابن من قال ابن عمران قال ابن من قال ابن قاهث بن لاوي بن يعقوب قال بما ذا جئت قال جئت بالرسالة من عند الله عز و جل فقام إليه فقبل يده ثم جلس بينهم فطيب نفوسهم و أمرهم أمره ثم فرقهم فكان بين ذلك الوقت و بين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 145- 147 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 292 - 294
حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري و محمد بن يحيى العطار و أحمد بن إدريس جميعا قالوا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن يوسف بن يعقوب ع حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب و هم ثمانون رجلا فقال إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم و يسومونكم سوء العذاب و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران ع غلام طوال جعد آدم فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران و يسمي عمران ابنه موسى.
فذكر أبان بن عثمان عن أبي الحسين عن أبي بصير عن أبي جعفر ع أنه قال ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعي أنه موسى بن عمران فبلغ فرعون أنهم يرجفون به و يطلبون هذا الغلام و قال له كهنته و سحرته إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام من بني إسرائيل فوضع القوابل على النساء و قال لا يولد العام ولد إلا ذبح و وضع على أم موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا إذا ذبح الغلمان و استحيي النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا لا نقرب النساء فقال عمران أبو موسى ع بل باشروهن فإن أمر الله واقع و لو كره المشركون اللهم من حرمه فإني لا أحرمه و من تركه فإني لا أتركه و وقع على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت و إذا قعدت قعدت فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة.
و كذلك حجج الله على خلقه فقالت لها القابلة ما لك يا بنية تصفرين و تذوبين قالت لا تلوميني فإني إذا ولدت أخذ ولدي فذبح قالت لا تحزني فإني سوف أكتم عليك فلم تصدقها فلما أن ولدت التفتت إليها و هي مقبلة فقالت ما شاء الله فقالت لها أ لم أقل إني سوف أكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع و أصلحت أمره ثم خرجت إلى الحرس فقالت انصرفوا و كانوا على الباب فإنما خرج دم منقطع فانصرفوا فأرضعته فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها و جعلت تدفعه في الغمر و أن الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح فربط الله على قلبها قال و كانت المرأة الصالحة امرأة فرعون و هي من بني إسرائيل قالت لفرعون إنها أيام الربيع فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها فقالت هل ترون ما أرى على الماء قالوا إي و الله يا سيدتنا إنا لنرى شيئا فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها و كاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته و أخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها فإذا هو غلام أجمل الناس و أسترهم فوقعت عليه منها محبة فوضعته في حجرها و قالت هذا ابني فقالوا إي و الله يا سيدتنا و الله ما لك ولد و لا للملك فاتخذي هذا ولدا فقامت إلى فرعون و قالت إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي و لك فلا تقتله قال و من أين هذا الغلام قالت و الله ما أدري إلا أن الماء جاء به فلم تزل به حتى رضي فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رءوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا قالت امرأة فرعون اطلبوا لابني ظئرا و لا تحقروا أحدا فجعل لا يقبل من امرأة منهن فقالت أم موسى لأخته قصيه انظري أ ترين له أثرا فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا و هاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم و تكفله لكم فقالت أدخلوها فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون ممن أنت قالت من بني إسرائيل قالت اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقلن لها النساء انظري عافاك الله يقبل أو لا يقبل فقالت امرأة فرعون أ رأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل و المرأة من بني إسرائيل يعني الظئر فلا يرضى قلن فانظري يقبل أو لا يقبل قالت امرأة فرعون فاذهبي فادعيها فجاءت إلى أمها و قالت إن امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت إني قد أصبت لابني ظئرا و قد قبل منها فقال ممن هي قالت من بني إسرائيل قال فرعون هذا مما لا يكون أبدا الغلام من بني إسرائيل و الظئر من بني إسرائيل فلم تزل تكلمه فيه و تقول ما تخاف من هذا الغلام إنما هو ابنك ينشأ في حجرك حتى قلبته عن رأيه و رضي فنشأ موسى ع في آل فرعون و كتمت أمه خبره و أخته و القابلة حتى هلكت أمه و القابلة التي قبلته فنشأ ع لا يعلم به بنو إسرائيل قال و كانت بنو إسرائيل تطلبه و تسأل عنه فيعمى عليهم خبره قال فبلغ فرعون أنهم يطلبونه و يسألون عنه فأرسل إليهم فزاد في العذاب عليهم و فرق بينهم و نهاهم عن الإخبار به و السؤال عنه.
قال فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم فقالوا قد كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى و إلى متى نحن في هذا البلاء قال و الله إنكم لا تزالون فيه حتى يجيء الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبينما هم كذلك إذ أقبل موسى يسير على بغلة حتى وقف عليهم فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له ما اسمك يرحمك الله قال موسى قال ابن من قال ابن عمران قال فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها و ثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم و عرفوه و اتخذ شيعة فمكث بعد ذلك ما شاء الله. ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي فوكزه موسى فقضى عليه.
و كان موسى ع قد أعطي بسطة في الجسم و شدة في البطش فذكره الناس و شاع أمره و قالوا إن موسى قتل رجلا من آل فرعون ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص:18 فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل ( الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ على آخر فقالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) القصص:18 بالأمس رجل و اليوم رجل ( فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص:21 فخرج من مصر بغير ظهر و لا دابة و لا خادم تخفضه أرض و ترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض مدين فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر و إذا عندها أمة من الناس يسقون و إذا جاريتان ضعيفتان و إذا معهما غنيمة لهما قال ما خطبكما قالتا أبونا شيخ كبير و نحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا فرحمهما موسى ع فأخذ دلوهما و قال لهما قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس.
ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها ( فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص:24 فروي أنه قال ذلك و هو محتاج إلى شق تمرة فلما رجعتا إلى أبيهما قال ما أعجلكما في هذه الساعة قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا فقال لإحداهما اذهبي فادعيه لي فجاءته تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.
فروي أن موسى ع قال لها وجهيني إلى الطريق و امشي خلفي فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء (فَلَمَّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ). القصص:26
فروي أنه قضى أتمهما لأن الأنبياء ع لا يأخذون إلا بالفضل و التمام فلما قضى موسى الأجل و سار بأهله نحو بيت المقدس أخطأ عن الطريق ليلا فرأى نارا فقال لأهله امكثوا إني ءانست نارا لعلي ءاتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق فلما انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع و أوجس في نفسه خيفة ثم دنت منه الشجرة فنودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين و أن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا و لم يعقب فإذا حية مثل الجذع لأسنانها صرير يخرج منها مثل لهب النار فولى موسى مدبرا فقال له ربه عز و جل ارجع فرجع و هو يرتعد و ركبتاه تصطكان فقال يا إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك قال نعم فلا تخف فوقع عليه الأمان فوضع رجله على ذنبها ثم تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا.
و قيل له اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى فروي أنه أمر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت و روي في قوله عز و جل ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) طه:12 أي خوفيك خوفك من ضياع أهلك و خوفك من فرعون ثم أرسله الله عز و جل إلى فرعون و ملئه بآيتين بيده و العصا.
فروي عن الصادق ع أنه قال لبعض أصحابه كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى بن عمران ع خرج ليقتبس لأهله نارا فرجع إليهم و هو رسول نبي فأصلح الله تبارك و تعالى أمر عبده و نبيه موسى ع في ليلة و هكذا يفعل الله تبارك و تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة ع يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيه موسى ع و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و الظهور . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 145- 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 292 -299
حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا المعلى بن محمد البصري عن محمد بن جمهور و غيره عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول في القائم ع سنة من موسى بن عمران ع فقلت و ما سنته من موسى بن عمران قال خفاء مولده و غيبته عن قومه فقلت و كم غاب موسى عن أهله و قومه فقال ثماني و عشرين سنة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 299
و حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور قال حدثنا محمد بن هارون الهاشمي قال حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال حدثنا معاوية بن هشام عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه محمد عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص المهدي منا أهل البيت يصلح الله له أمره في ليلة و في رواية أخرى يصلحه الله في ليلة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 299
نستكمل واياكم احبتي المؤمنين والمؤمنات في أمر ماجاء في مضي موسى ع ووقوع الغيبة بالاوصياء والحجج من بعده
6. باب ذكر مضي موسى ع و وقوع الغيبة بالأوصياء و الحجج من بعده
حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا الحسن بن علي السكري قال حدثنا محمد بن زكريا البصري قال حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال قلت للصادق جعفر بن محمد ع أخبرني بوفاة موسى بن عمران ع فقال إنه لما أتاه أجله و استوفى مدته و انقطع أكله أتاه ملك الموت ع فقال له السلام عليك يا كليم الله فقال موسى و عليك السلام من أنت فقال أنا ملك الموت قال ما الذي جاء بك قال جئت لأقبض روحك فقال له موسى ع من أين تقبض روحي قال من فمك قال موسى ع كيف و قد كلمت به ربي جل جلاله قال فمن يديك قال كيف و قد حملت بهما التوراة قال فمن رجليك قال كيف و قد وطئت بهما طور سيناء قال فمن عينك قال كيف و لم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة قال فمن أذنيك قال كيف و قد سمعت بهما كلام ربي عز و جل قال فأوحى الله تبارك و تعالى إلى ملك الموت لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك و خرج ملك الموت فمكث موسى ع ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك و دعا يوشع بن نون فأوصى إليه و أمره بكتمان أمره و بأن يوصي بعده إلى من يقوم بالأمر و غاب موسى ع عن قومه فمر في غيبته برجل و هو يحفر قبرا فقال له أ لا أعينك على حفر هذا القبر فقال له الرجل بلى فأعانه حتى حفر القبر و سوى اللحد ثم اضطجع فيه موسى ع لينظر كيف هو فكشف الله له الغطاء فرأى مكانه في الجنة فقال يا رب اقبضني إليك فقبض ملك الموت روحه مكانه و دفنه في القبر و سوى عليه التراب و كان الذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدمي و كان ذلك في التيه فصاح صائح من السماء مات موسى كليم الله و أي نفس لا تموت فحدثني أبي عن جدي عن أبيه ع أن رسول الله ص سئل عن قبر موسى أين هو فقال هو عند الطريق الأعظم عند الكثيب الأحمر ثم إن يوشع بن نون ع قام بالأمر بعد موسى ع صابرا من الطواغيت على اللأواء و الضراء و الجهد و البلاء حتى مضى منهم ثلاث طواغيت فقوي بعدهم أمره فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى ع بصفراء بنت شعيب امرأة موسى ع في مائة ألف رجل فقاتلوا يوشع بن نون ع فقتلهم و قتل منهم مقتلة عظيمة و هزم الباقين بإذن الله تعالى ذكره و أسر صفراء بنت شعيب و قال لها قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن ألقى نبي الله موسى ع فأشكو إليه ما لقيت منك و من قومك فقالت صفراء وا ويلاه و الله لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى فيها رسول الله و قد هتكت حجابه و خرجت على وصيه بعده فاستتر الأئمة بعد يوشع بن نون إلى زمان داود ع أربعمائة سنة و كانوا أحد عشر و كان قوم كل واحد منهم يختلفون إليه في وقته و يأخذون عنه معالم دينهم حتى انتهى الأمر إلى آخرهم فغاب عنهم ثم ظهر لهم فبشرهم بداود ع و أخبرهم أن داود ع هو الذي يطهر الأرض من جالوت و جنوده و يكون فرجهم في ظهوره فكانوا ينتظرونه. (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 153- 154 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 300 -301
هذا ماجرى من امر غيبة قائم آل يعقوب موسى ع وفيها من سنة قائم آل محمد ع وهي خفاء مولده و غيبته عن قومه وان الله يصلح له أمره في ليلة و في رواية أخرى يصلحه الله في ليلة .و كذلك غيبة الاوصياء والحجج من بعده حتى بشارة داود ع
نكتفي بهذا القدر في الجزء الرابع من سلسلة الغيبة والظهور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
اللهم صل على محمد وآ محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِْصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ،اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الاَْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما
اخوتي المؤمنين ... اخواتي المؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بينا في الجزء الثالث من سلسلة الغيبة والظهور ما جرى من أمر غيبة ابراهيم النبي ع وغيبته في بطن امه وخفاءه عن نمرود وولادته السرية ومدى تشابهها مع غيبة الامام المهدي ع في بطن امه ع واخفاء حملها وسرية ولادته ع ، وكذلك استمعنا الى ما جرى من امر غيبة يوسف النبي ع عن ابيه واخوته وقومه وقصة قميصه الذي هو من مواريث الانبياء ع عند قائم آل محمد ع
في هذه الجزء الرابع سيتبين ما جرى من امرغيبة قائم آل يعقوب موسى ع
5. باب في غيبة موسى ع
و أما غيبة موسى النبي ع فإنه حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الأدمي الرازي قال حدثنا محمد بن آدم النسائي عن أبيه آدم بن أبي إياس قال حدثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير عن سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص قال قال رسول الله ص لما حضرت يوسف ع الوفاة جمع شيعته و أهل بيته فحمد الله و أثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم يقتل فيها الرجال و تشق بطون الحبالى و تذبح الأطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب و هو رجل أسمر طوال و نعته لهم بنعته فتمسكوا بذلك و وقعت الغيبة و الشدة على بني إسرائيل و هم منتظرون قيام القائم أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته و رأوا علامات ظهوره و اشتدت عليهم البلوى و حمل عليهم بالخشب و الحجارة و طلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر و راسلوه فقالوا كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك فخرج بهم إلى بعض الصحاري و جلس يحدثهم حديث القائم و نعته و قرب الأمر و كانت ليلة قمراء فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى ع و كان في ذلك الوقت حديث السن و قد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه و أقبل إليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خز فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه و انكب على قدميه فقبلهما ثم قال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرانيك فلما رأى الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم فأكبوا على الأرض شكرا لله عز و جل فلم يزدهم على أن قال أرجو أن يعجل الله فرجكم ثم غاب بعد ذلك و خرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى و كانت نيفا و خمسين سنة و اشتدت البلوى عليهم و استتر الفقيه فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا فخرج إلى بعض الصحاري و استدعاهم و طيب نفوسهم و أعلمهم أن الله عز و جل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة فقالوا بأجمعهم الحمد لله فأوحى الله عز و جل إليه قل لهم قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد لله فقالوا كل نعمة فمن الله فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرين سنة فقالوا لا يأتي بالخير إلا الله فأوحى الله إليه قل لهم قد جعلتها عشرا فقالوا لا يصرف السوء إلا الله فأوحى الله إليه قل لهم لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم فبينا هم كذلك إذ طلع موسى ع راكبا حمارا.
فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه و جاء موسى ع حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه ما اسمك فقال موسى قال ابن من قال ابن عمران قال ابن من قال ابن قاهث بن لاوي بن يعقوب قال بما ذا جئت قال جئت بالرسالة من عند الله عز و جل فقام إليه فقبل يده ثم جلس بينهم فطيب نفوسهم و أمرهم أمره ثم فرقهم فكان بين ذلك الوقت و بين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 145- 147 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 292 - 294
حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري و محمد بن يحيى العطار و أحمد بن إدريس جميعا قالوا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن يوسف بن يعقوب ع حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب و هم ثمانون رجلا فقال إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم و يسومونكم سوء العذاب و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران ع غلام طوال جعد آدم فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران و يسمي عمران ابنه موسى.
فذكر أبان بن عثمان عن أبي الحسين عن أبي بصير عن أبي جعفر ع أنه قال ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعي أنه موسى بن عمران فبلغ فرعون أنهم يرجفون به و يطلبون هذا الغلام و قال له كهنته و سحرته إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام من بني إسرائيل فوضع القوابل على النساء و قال لا يولد العام ولد إلا ذبح و وضع على أم موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا إذا ذبح الغلمان و استحيي النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا لا نقرب النساء فقال عمران أبو موسى ع بل باشروهن فإن أمر الله واقع و لو كره المشركون اللهم من حرمه فإني لا أحرمه و من تركه فإني لا أتركه و وقع على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت و إذا قعدت قعدت فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة.
و كذلك حجج الله على خلقه فقالت لها القابلة ما لك يا بنية تصفرين و تذوبين قالت لا تلوميني فإني إذا ولدت أخذ ولدي فذبح قالت لا تحزني فإني سوف أكتم عليك فلم تصدقها فلما أن ولدت التفتت إليها و هي مقبلة فقالت ما شاء الله فقالت لها أ لم أقل إني سوف أكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع و أصلحت أمره ثم خرجت إلى الحرس فقالت انصرفوا و كانوا على الباب فإنما خرج دم منقطع فانصرفوا فأرضعته فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها و جعلت تدفعه في الغمر و أن الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح فربط الله على قلبها قال و كانت المرأة الصالحة امرأة فرعون و هي من بني إسرائيل قالت لفرعون إنها أيام الربيع فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها فقالت هل ترون ما أرى على الماء قالوا إي و الله يا سيدتنا إنا لنرى شيئا فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها و كاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته و أخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها فإذا هو غلام أجمل الناس و أسترهم فوقعت عليه منها محبة فوضعته في حجرها و قالت هذا ابني فقالوا إي و الله يا سيدتنا و الله ما لك ولد و لا للملك فاتخذي هذا ولدا فقامت إلى فرعون و قالت إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي و لك فلا تقتله قال و من أين هذا الغلام قالت و الله ما أدري إلا أن الماء جاء به فلم تزل به حتى رضي فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رءوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا قالت امرأة فرعون اطلبوا لابني ظئرا و لا تحقروا أحدا فجعل لا يقبل من امرأة منهن فقالت أم موسى لأخته قصيه انظري أ ترين له أثرا فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا و هاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم و تكفله لكم فقالت أدخلوها فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون ممن أنت قالت من بني إسرائيل قالت اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقلن لها النساء انظري عافاك الله يقبل أو لا يقبل فقالت امرأة فرعون أ رأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل و المرأة من بني إسرائيل يعني الظئر فلا يرضى قلن فانظري يقبل أو لا يقبل قالت امرأة فرعون فاذهبي فادعيها فجاءت إلى أمها و قالت إن امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت إني قد أصبت لابني ظئرا و قد قبل منها فقال ممن هي قالت من بني إسرائيل قال فرعون هذا مما لا يكون أبدا الغلام من بني إسرائيل و الظئر من بني إسرائيل فلم تزل تكلمه فيه و تقول ما تخاف من هذا الغلام إنما هو ابنك ينشأ في حجرك حتى قلبته عن رأيه و رضي فنشأ موسى ع في آل فرعون و كتمت أمه خبره و أخته و القابلة حتى هلكت أمه و القابلة التي قبلته فنشأ ع لا يعلم به بنو إسرائيل قال و كانت بنو إسرائيل تطلبه و تسأل عنه فيعمى عليهم خبره قال فبلغ فرعون أنهم يطلبونه و يسألون عنه فأرسل إليهم فزاد في العذاب عليهم و فرق بينهم و نهاهم عن الإخبار به و السؤال عنه.
قال فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم فقالوا قد كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى و إلى متى نحن في هذا البلاء قال و الله إنكم لا تزالون فيه حتى يجيء الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبينما هم كذلك إذ أقبل موسى يسير على بغلة حتى وقف عليهم فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له ما اسمك يرحمك الله قال موسى قال ابن من قال ابن عمران قال فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها و ثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم و عرفوه و اتخذ شيعة فمكث بعد ذلك ما شاء الله. ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي فوكزه موسى فقضى عليه.
و كان موسى ع قد أعطي بسطة في الجسم و شدة في البطش فذكره الناس و شاع أمره و قالوا إن موسى قتل رجلا من آل فرعون ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص:18 فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل ( الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ على آخر فقالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) القصص:18 بالأمس رجل و اليوم رجل ( فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص:21 فخرج من مصر بغير ظهر و لا دابة و لا خادم تخفضه أرض و ترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض مدين فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر و إذا عندها أمة من الناس يسقون و إذا جاريتان ضعيفتان و إذا معهما غنيمة لهما قال ما خطبكما قالتا أبونا شيخ كبير و نحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا فرحمهما موسى ع فأخذ دلوهما و قال لهما قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس.
ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها ( فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص:24 فروي أنه قال ذلك و هو محتاج إلى شق تمرة فلما رجعتا إلى أبيهما قال ما أعجلكما في هذه الساعة قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا فقال لإحداهما اذهبي فادعيه لي فجاءته تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.
فروي أن موسى ع قال لها وجهيني إلى الطريق و امشي خلفي فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء (فَلَمَّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ). القصص:26
فروي أنه قضى أتمهما لأن الأنبياء ع لا يأخذون إلا بالفضل و التمام فلما قضى موسى الأجل و سار بأهله نحو بيت المقدس أخطأ عن الطريق ليلا فرأى نارا فقال لأهله امكثوا إني ءانست نارا لعلي ءاتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق فلما انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع و أوجس في نفسه خيفة ثم دنت منه الشجرة فنودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين و أن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا و لم يعقب فإذا حية مثل الجذع لأسنانها صرير يخرج منها مثل لهب النار فولى موسى مدبرا فقال له ربه عز و جل ارجع فرجع و هو يرتعد و ركبتاه تصطكان فقال يا إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك قال نعم فلا تخف فوقع عليه الأمان فوضع رجله على ذنبها ثم تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا.
و قيل له اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى فروي أنه أمر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت و روي في قوله عز و جل ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) طه:12 أي خوفيك خوفك من ضياع أهلك و خوفك من فرعون ثم أرسله الله عز و جل إلى فرعون و ملئه بآيتين بيده و العصا.
فروي عن الصادق ع أنه قال لبعض أصحابه كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى بن عمران ع خرج ليقتبس لأهله نارا فرجع إليهم و هو رسول نبي فأصلح الله تبارك و تعالى أمر عبده و نبيه موسى ع في ليلة و هكذا يفعل الله تبارك و تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة ع يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيه موسى ع و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و الظهور . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 145- 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 292 -299
حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا المعلى بن محمد البصري عن محمد بن جمهور و غيره عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول في القائم ع سنة من موسى بن عمران ع فقلت و ما سنته من موسى بن عمران قال خفاء مولده و غيبته عن قومه فقلت و كم غاب موسى عن أهله و قومه فقال ثماني و عشرين سنة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 299
و حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور قال حدثنا محمد بن هارون الهاشمي قال حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال حدثنا معاوية بن هشام عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه محمد عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص المهدي منا أهل البيت يصلح الله له أمره في ليلة و في رواية أخرى يصلحه الله في ليلة . (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 152 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 299
نستكمل واياكم احبتي المؤمنين والمؤمنات في أمر ماجاء في مضي موسى ع ووقوع الغيبة بالاوصياء والحجج من بعده
6. باب ذكر مضي موسى ع و وقوع الغيبة بالأوصياء و الحجج من بعده
حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا الحسن بن علي السكري قال حدثنا محمد بن زكريا البصري قال حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال قلت للصادق جعفر بن محمد ع أخبرني بوفاة موسى بن عمران ع فقال إنه لما أتاه أجله و استوفى مدته و انقطع أكله أتاه ملك الموت ع فقال له السلام عليك يا كليم الله فقال موسى و عليك السلام من أنت فقال أنا ملك الموت قال ما الذي جاء بك قال جئت لأقبض روحك فقال له موسى ع من أين تقبض روحي قال من فمك قال موسى ع كيف و قد كلمت به ربي جل جلاله قال فمن يديك قال كيف و قد حملت بهما التوراة قال فمن رجليك قال كيف و قد وطئت بهما طور سيناء قال فمن عينك قال كيف و لم تزل إلى ربي بالرجاء ممدودة قال فمن أذنيك قال كيف و قد سمعت بهما كلام ربي عز و جل قال فأوحى الله تبارك و تعالى إلى ملك الموت لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك و خرج ملك الموت فمكث موسى ع ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك و دعا يوشع بن نون فأوصى إليه و أمره بكتمان أمره و بأن يوصي بعده إلى من يقوم بالأمر و غاب موسى ع عن قومه فمر في غيبته برجل و هو يحفر قبرا فقال له أ لا أعينك على حفر هذا القبر فقال له الرجل بلى فأعانه حتى حفر القبر و سوى اللحد ثم اضطجع فيه موسى ع لينظر كيف هو فكشف الله له الغطاء فرأى مكانه في الجنة فقال يا رب اقبضني إليك فقبض ملك الموت روحه مكانه و دفنه في القبر و سوى عليه التراب و كان الذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدمي و كان ذلك في التيه فصاح صائح من السماء مات موسى كليم الله و أي نفس لا تموت فحدثني أبي عن جدي عن أبيه ع أن رسول الله ص سئل عن قبر موسى أين هو فقال هو عند الطريق الأعظم عند الكثيب الأحمر ثم إن يوشع بن نون ع قام بالأمر بعد موسى ع صابرا من الطواغيت على اللأواء و الضراء و الجهد و البلاء حتى مضى منهم ثلاث طواغيت فقوي بعدهم أمره فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى ع بصفراء بنت شعيب امرأة موسى ع في مائة ألف رجل فقاتلوا يوشع بن نون ع فقتلهم و قتل منهم مقتلة عظيمة و هزم الباقين بإذن الله تعالى ذكره و أسر صفراء بنت شعيب و قال لها قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن ألقى نبي الله موسى ع فأشكو إليه ما لقيت منك و من قومك فقالت صفراء وا ويلاه و الله لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى فيها رسول الله و قد هتكت حجابه و خرجت على وصيه بعده فاستتر الأئمة بعد يوشع بن نون إلى زمان داود ع أربعمائة سنة و كانوا أحد عشر و كان قوم كل واحد منهم يختلفون إليه في وقته و يأخذون عنه معالم دينهم حتى انتهى الأمر إلى آخرهم فغاب عنهم ثم ظهر لهم فبشرهم بداود ع و أخبرهم أن داود ع هو الذي يطهر الأرض من جالوت و جنوده و يكون فرجهم في ظهوره فكانوا ينتظرونه. (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ج1 ص 153- 154 و (كتاب معجم الملامح والفتن) للسيد الده سرخي الاصفهاني ج 4 ص 300 -301
هذا ماجرى من امر غيبة قائم آل يعقوب موسى ع وفيها من سنة قائم آل محمد ع وهي خفاء مولده و غيبته عن قومه وان الله يصلح له أمره في ليلة و في رواية أخرى يصلحه الله في ليلة .و كذلك غيبة الاوصياء والحجج من بعده حتى بشارة داود ع
نكتفي بهذا القدر في الجزء الرابع من سلسلة الغيبة والظهور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما