إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الغيبة والظهور / الجزء الاول

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    الغيبة والظهور / الجزء الاول

    بسم الله الرحمان الرحيم
    اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِْصْباحِ، دَيّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ،اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الاَْرْضُ وَعُمّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما

    اخوتي المؤمنين اخواتي المؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه سلسلة من الابحاث سميتها (الغيبة والظهور) في هذه السلسلة من البحوث يُسلط فيها الضوء على غيبة الامام المهدي ع وبيان أسبابها واثباتاتها من القرآن والسنة وسير الانبياء والمرسلين والحكمة منها وبتسلسل تاريخي وتحليل تفصيلي يبين غيبة الأمام المهدي ع وظهوره وحركته واليكم الجزء الاول ومن الله التوفيق.

    تعتبر قضية المنقذ العالمي والاعتقاد بها قضية رئيسية لكل الاديان السماوية وبالأخص العقيدة الأسلامية بكل طوائفها بحيث ان مسألة الإعتقاد بالامام المهدي عليه السلام تعتبر قضية أساسية قد شغلت المسلمين و منذ ان بشّر بها خاتم المرسلين محمد (ص) و أكّد ظهور الامام المهدي ع في آخر الزمان وذلك في أحاديث كثيرة ، و في مناسبات عديدة بلغت حد التواتر ، فصار الاعتقاد بالامام المهدي ع من الضروريات لكونه المخلص الذي تنتظره الشعوب المقهورة لتخليصها وليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا ، ومع ذلك كله هناك كثيرون من أنكروا ذلك وشككوا به بسبب المذهبية والطائفية وكذلك بسبب التاثيرات العلمانية مع أن الجميع يعلم جيداً ومن خلال الروايات والكتب وجود ادلة واضحة وقوية على صدق عقيدة المنقذ والمخلص العالمي المتمثل بالإمام المهدي ع ووجوده وبما لا يدعو للشك بما أخبر به الرسول الأعظم محمد (ص) .

    ان الذي يدعوا للأستغراب هو ان بعض الطوائف الإسلامية من أبناء السنة والشيعة يشككون بعقيدة الإمام المهدي (ع)، مع انهم جميعاً ليس لديهم ما يدعم هذا التشكيك الا مابني على اختلاف مذاهبهم ومصالحهم الدنيوية متناسين بذلك إخبار الرسول محمد (ص) والروايات المتواترة ومستهزئين بأمل الشعوب المضطهدة المنتظرة للإمام المهدي ع للخلاص من الظلم والجور. وللتعرف بصورة أوسع هناك عدة محاور سيتم توضحيها ,المحور الأول هو في إثبات الغيبة والحكمة فيها

    إثبات الغيبة و الحكمة فيها
    إن الغيبة التي وقعت لصاحب الزمان ع قد لزمت حكمتها و بان حقها و فلجت حجتها للذي شاهدناه و عرفناه من آثار حكمة الله عز و جل و استقامة تدبيره في حججه المتقدمة في الأعصار السالفة مع أئمة الضلال و تظاهر الطواغيت و استعلاء الفراعنة في الحقب الخالية و ما نحن بسبيله في زماننا هذا من تظاهر أئمة الكفر بمعونة أهل الإفك و العدوان و البهتان. و ذلك أن خصومنا طالبونا بوجود صاحب زماننا ع كوجود من تقدمه من الأئمة ع فقالوا إنه قد مضى على قولكم من عصر وفاة نبينا ص أحد عشر إماما كل منهم كان موجودا معروفا باسمه و شخصه بين الخاص و العام فإن لم يوجد كذلك فقد فسد عليكم أمر من تقدم من أئمتكم كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في عدمه و تعذر وجوده.

    إن خصومنا ومع الأسف الشديد قد جهلوا آثار حكمة الله تعالى و أغفلوا مواقع الحق و مناهج السبيل في مقامات حجج الله تعالى مع أئمة الضلال في دول الباطل في كل عصر و زمان إذ قد ثبت أن ظهور حجج الله تعالى في مقاماتهم في دول الباطل على سبيل الإمكان و التدبير لأهل الزمان فإن كانت الحال ممكنة في استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجة بين الخاص و العام كان ظهور الحجة كذلك و إن كانت الحال غير ممكنة من استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجة بين الخاص و العام و كان استتاره مما توجبه الحكمة و يقتضيه التدبير حجبه الله و ستره إلى وقت بلوغ الكتاب أجله كما قد وجدنا من ذلك في حجج الله المتقدمة من عصر وفاة آدم ع إلى حين زماننا هذا منهم المستخفون و منهم المستعلنون بذلك جاءت الآثار و نطق الكتاب.

    حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن إسحاق بن جرير عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال قال الصادق جعفر بن محمد ع يا عبد الحميد إن لله رسلا مستعلنين و رسلا مستخفين فإذا سألته بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين و تصديق ذلك من الكتاب قوله تعالى( وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً)النساء:164 (كتاب كمال الدين واتمام النعمة )للشيخ الصدوق ص 21

    فكانت حجج الله تعالى كذلك من وقت وفاة آدم ع إلى وقت ظهور إبراهيم ع أوصياء مستعلنين و مستخفين فلما كان وقت كون إبراهيم ع ستر الله شخصه و أخفى ولادته لأن الإمكان في ظهور الحجة كان متعذرا في زمانه و كان إبراهيم ع في سلطان نمرود مستترا لأمره و كان غير مظهر نفسه و نمرود يقتل أولاد رعيته و أهل مملكته في طلبه إلى أن دلهم إبراهيم ع على نفسه و أظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغيبة أمدها و وجب إظهار ما أظهره للذي أراده الله في إثبات حجته و إكمال دينه فلما كان وقت وفاة إبراهيم ع كان له أوصياء حججا لله عز و جل في أرضه يتوارثون الوصية كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت كون موسى ع فكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل في طلب موسى ع الذي قد شاع من ذكره و خبر كونه فستر الله ولادته ثم قذفت به أمه في اليم كما أخبر الله عز و جل في كتابه ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) القصص:8 و كان موسى ع في حجر فرعون يربيه و هو لا يعرفه و فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه ثم كان من أمره بعد أن أظهر دعوته و دلهم على نفسه ما قد قصه الله عز و جل في كتابه فلما كان وقت وفاة موسى ع كان له أوصياء حججا لله كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت ظهور عيسى ع.

    فظهر عيسى ع في ولادته معلنا لدلائله مظهرا لشخصه شاهرا لبراهينه غير مخف لنفسه لأن زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجة كذلك. ثم كان له من بعده أوصياء حججاً لله عز و جل كذلك مستعلنين و مستخفين إلى وقت ظهور نبينا ص فقال الله عز و جل له في الكتاب ( ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) فصلت:43 ثم قال عز و جل ( سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) الاسراء: 77 فكان مما قيل له و لزم من سنته على إيجاب سنن من تقدمه من الرسل إقامة الأوصياء له كإقامة من تقدمه لأوصيائهم فأقام رسول الله ص أوصياء كذلك و أخبر بكون المهدي خاتم الأئمة ع و أنه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و نقلت الأمة ذلك بأجمعها عنه و أن عيسى ع ينزل في وقت ظهوره فيصلي خلفه فحفظت ولادات الأوصياء و مقاماتهم في مقام بعد مقام إلى وقت ولادة صاحب زماننا ع المنتظر للقسط و العدل كما أوجبت الحكمة باستقامة التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدمة بالوجود. و ذلك أن المعروف المتسالم بين الخاص و العام من أهل هذه الملة أن الحسن بن علي والد صاحب زماننا ع قد كان وكل به طاغية زمانه إلى وقت وفاته فلما توفي ع وكل بحاشيته و أهله و حبست جواريه و طلب مولوده هذا أشد الطلب و كان أحد المتوليين عليه عمه جعفر أخو الحسن بن علي ع بما ادعاه لنفسه من الإمامة و رجا أن يتم له ذلك بوجود ابن أخيه صاحب الزمان ع فجرت السنة في غيبته بما جرى من سنن غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدمة و لزم من حكمة غيبته ع ما لزم من حكمة غيبتهم.

    ولرد إشكال معارضة خصومنا أن قالوا و لم أوجبتم في الأئمة ما كان واجبا في الأنبياء فما أنكرتم أن ذلك كان جائزا في الأنبياء و غير جائز في الأئمة فإن الأئمة ليسوا كالأنبياء فغير جائز أن يشبه حال الأئمة بحال الأنبياء فأوجدونا دليلا مقنعا على أنه جائز في الأئمة ما كان جائزا في الأنبياء و الرسل فيما شبهتم من حال الأئمة الذين ليسوا بأشباه الأنبياء و الرسل و إنما يقاس الشكل بالشكل و المثل بالمثل فلن تثبت دعواكم في ذلك و لن يستقيم لكم قياسكم في تشبيهكم حال الأئمة بحال الأنبياء ع إلا بدليل مقنع والحقيقة إن خصومنا قد جهلوا فيما عارضونا به من ذلك و لو أنهم كانوا من أهل التمييز و النظر و التفكر و التدبر باطراح العناد و إزالة العصبية لرؤسائهم و من تقدم من أسلافهم لعلموا أن كل ما كان جائزا في الأنبياء فهو واجب لازم في الأئمة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة و ذلك أن الأنبياء هم أصول الأئمة و مغيضهم و الأئمة هم خلفاء الأنبياء و أوصياؤهم و القائمون بحجة الله تعالى على من يكون بعدهم كيلا تبطل حجج الله و حدوده و شرائعه ما دام التكليف على العباد قائما و الأمر لهم لازما و لو وجبت المعارضة لجاز لقائل أن يقول إن الأنبياء هم حجج الله فغير جائز أن يكون الأئمة حجج الله إذ ليسوا بالأنبياء و لا كالأنبياء و له أن يقول أيضا فغير جائز أن يسموا أئمة لأن الأنبياء كانوا أئمة و هؤلاء ليسوا بأنبياء فيكونوا أئمة كالأنبياء و غير جائز أيضا أن يقوموا بما كان يقوم به الرسول من الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلى غير ذلك من أبواب الشريعة إذ ليسوا كالرسول و لا هم برسل ثم يأتي بمثل هذا من المحال مما يكثر تعداده و يطول المقام بذكره فلما فسد هذا كله كانت هذه المعارضة من خصومنا فاسدة كفساده.

    اخوتي المؤمنين... اخواتي المؤمنات
    أن بيان التشاكل بين الأنبياء و الأئمة بين واضح فيلزمهم أنهم حجج الله على الخلق كما كانت الأنبياء حججه على العباد و فرض طاعتهم لازم كلزوم فرض طاعة الأنبياء و ذلك قول الله عز و جل ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء:59 و قوله تعالى ( وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) النساء:89 فولاة الأمر هم الأوصياء و الأئمة بعد الرسول ص و قد قرن الله طاعتهم بطاعة الرسول و أوجب على العباد من فرضهم ما أوجبه من فرض الرسول كما أوجب على العباد من طاعة الرسول ما أوجبه عليهم من طاعته عز و جل في قوله ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ) النساء:59 ثم قال ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) النساء:80

    و إذا كانت الأئمة ع حجج الله على من لم يلحق بالرسول و لم يشاهده و على من خلفه من بعده كما كان الرسول حجة على من لم يشاهده في عصره لزم من طاعة الأئمة ما لزم من طاعة الرسول محمد ص فقد تشاكلوا و استقام القياس فيهم و إن كان الرسول أفضل من الأئمة فقد تشاكلوا في الحجة و الاسم و الفعل و الفرض إذ كان الله جل ثناؤه قد سمى الرسل أئمة بقوله لإبراهيم ع ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) البقرة:124 و قد أخبرنا الله تبارك و تعالى أنه قد فضل الأنبياء و الرسل بعضهم على بعض فقال تبارك و تعالى ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ) البقرة:253 و قال ( وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) الإسراء:55 فتشاكل الأنبياء في النبوة و إن كان بعضهم أفضل من بعض و كذلك تشاكل الأنبياء و الأوصياء فمن قاس حال الأئمة بحال الأنبياء و استشهد بفعل الأنبياء على فعل الأئمة فقد أصاب في قياسه و استقام له استشهاده بالذي وصفناه من تشاكل الأنبياء و الأوصياء ع.

    وهناك وجه آخر لإثبات المشاكلة و وجه آخر من الدليل على حقيقة ما بينا من تشاكل الأئمة و الأنبياء ع أن الله تبارك و تعالى يقول في كتابه ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب:21 و قال تعالى ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر:7 فأمرنا الله عز و جل أن نهتدي بهدى رسول الله ص و نجري الأمور الجارية على حد ما أجراها رسول الله ص من قول أو فعل فكان من قول رسول الله ص المحقق لما ذكرنا من تشاكل الأنبياء و الأئمة أن قال منزلة علي ع مني كمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فأعلمنا رسول الله ص أن عليا ليس بنبي و قد شبهه بهارون و كان هارون نبيا و رسولا و كذلك شبهه بجماعة من الأنبياء ع

    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه محمد بن خالد قال حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيباني عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس قال كنا جلوسا عند رسول الله ص فقال من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه و إلى نوح في سلمه و إلى إبراهيم في حلمه و إلى موسى في فطانته و إلى داود في زهده فلينظر إلى هذا قال فنظرنا فإذا علي بن أبي طالب قد أقبل كأنما ينحدر من صبب (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 25

    فإذا استقام أن يشبه رسول الله ص أحدا من الأئمة ع بالأنبياء و الرسل استقام لنا أن نشبه جميع الأئمة بجميع الأنبياء و الرسل و هذا دليل مقنع و قد ثبت شكل صاحب زماننا ع في غيبته بغيبة موسى ع و غيره ممن وقعت بهم الغيبة و ذلك أن غيبة صاحب زماننا وقعت من جهة الطواغيت.

    و مما يفسد معارضة خصومنا في نفي تشاكل الأئمة و الأنبياء أن الرسل الذين تقدموا قبل عصر نبينا ص كان أوصياؤهم أنبياء فكل وصي قام بوصية حجة من تقدمه من وقت وفاة آدم ع إلى عصر نبينا ص كان نبيا و ذلك مثل وصي آدم كان شيث ابنه و هو هبة الله في علم آل محمد ص و كان نبيا و مثل وصي نوح ع كان سام ابنه و كان نبيا و مثل إبراهيم ع كان وصيه إسماعيل ابنه و كان نبيا و مثل موسى ع كان وصيه يوشع بن نون و كان نبيا و مثل عيسى ع كان وصيه شمعون الصفا و كان نبيا و مثل داود ع كان وصيه سليمان ع ابنه و كان نبيا و أوصياء نبينا ع لم يكونوا أنبياء لأن الله عز و جل جعل محمدا خاتما لهذه الأمم كرامة له و تفضيلا فقد تشاكلت الأئمة و الأنبياء بالوصية كما تشاكلوا فيما قدمنا ذكره من تشاكلهم فالنبي وصي و الإمام وصي و الوصي إمام و النبي إمام و النبي حجة و الإمام حجة فليس في الأشكال أشبه من تشاكل الأئمة و الأنبياء. و كذلك أخبرنا رسول الله ص بتشاكل أفعال الأوصياء فيمن تقدم و تأخر من قصة يوشع بن نون وصي موسى ع مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى و قصة أمير المؤمنين ع وصي رسول الله ص مع عائشة بنت أبي بكر و إيجاب غسل الأنبياء أوصياءهم بعد وفاتهم.

    حدثنا علي بن أحمد الدقاق رحمه الله قال حدثنا حمزة بن القاسم قال حدثنا أبو الحسن علي بن الجنيد الرازي قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن أبيه عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن مسعود قال قلت للنبي ص يا رسول الله من يغسلك إذا مت قال يغسل كل نبي وصيه قلت فمن وصيك يا رسول الله قال علي بن أبي طالب قلت كم يعيش بعدك يا رسول الله قال ثلاثين سنة فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة و خرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى ع فقالت أنا أحق منك بالأمر فقاتلها فقتل مقاتليها و أسرها فأحسن أسرها و إن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا و كذا ألفا من أمتي فتقاتله فيقتل مقاتليها و يأسرها فيحسن أسرها و فيها أنزل الله عز و جل ( وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 27 يعني صفراء بنت شعيب فهذا الشكل قد ثبت بين الأئمة و الأنبياء بالاسم و الصفة و النعت و الفعل و كل ما كان جائزا في الأنبياء فهو جائز يجري في الأئمة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة و لو جاز أن تجحد إمامة صاحب زماننا هذا لغيبته بعد وجود من تقدمه من الأئمة ع لوجب أن تدفع نبوة موسى بن عمران ع لغيبته إذ لم يكن كل الأنبياء كذلك فلما لم تسقط نبوة موسى لغيبته و صحت نبوته مع الغيبة كما صحت نبوة الأنبياء الذين لم تقع بهم الغيبة فكذلك صحت إمامة صاحب زماننا هذا مع غيبته كما صحت إمامة من تقدمه من الأئمة الذين لم تقع بهم الغيبة. و كما جاز أن يكون موسى ع في حجر فرعون يربيه و هو لا يعرفه و يقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه فكذلك جائز أن يكون صاحب زماننا موجودا بشخصه بين الناس يدخل مجالسهم و يطأ بسطهم و يمشي في أسواقهم و هم لا يعرفونه إلى أن يبلغ الكتاب أجله.

    فقد روي عن الصادق جعفر بن محمد ع أنه قال في القائم سنة من موسى و سنة من يوسف و سنة من عيسى و سنة من محمد ص فأما سنة موسى فخائف يترقب و أما سنة يوسف فإن إخوته كانوا يبايعونه و يخاطبونه و لا يعرفونه و أما سنة عيسى فالسياحة و أما سنة محمد ص فالسيف (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 28

    فكان من الزيادة لخصومنا أن قالوا ما أنكرتم إذ قد ثبت لكم ما ادعيتم من الغيبة كغيبة موسى ع و من حل محله من الأئمة الذين وقعت بهم الغيبة أن تكون حجة موسى لم تلزم أحدا إلا من بعد أن أظهر دعوته و دل على نفسه و كذلك لا تلزم حجة إمامكم هذا لخفاء مكانه و شخصه حتى يظهر دعوته و يدل على نفسه كذلك فحينئذ تلزم حجته و تجب طاعته و ما بقي في الغيبة فلا تلزم حجته و لا تجب طاعته.

    إن خصومنا غفلوا عما يلزم من حجة حجج الله في ظهورهم و استتارهم و قد ألزمهم الله تعالى الحجة البالغة في كتابه و لم يتركهم سدى في جهلهم و تخبطهم و لكنهم كما قال الله عز و جل ( أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) محمد:24 إن الله عز و جل قد أخبرنا في قصة موسى ع أنه كان له شيعة و هم بأمره عارفون و بولايته متمسكون و لدعوته منتظرون قبل إظهار دعوته و من قبل دلالته على نفسه حيث يقول ( وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) القصص:15 و قال عز و جل حكاية عن شيعته ( قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) الأعراف:129 فأعلمنا الله عز و جل في كتابه أنه قد كان لموسى ع شيعة من قبل أن يظهر من نفسه نبوة و قبل أن يظهر له دعوة يعرفونه و يعرفهم بموالاة موسى صاحب الدعوة و لم يكونوا يعرفون أن ذلك الشخص هو موسى بعينه و ذلك أن نبوة موسى إنما ظهرت من بعد رجوعه من عند شعيب حين سار بأهله من بعد السنين التي رعى فيها لشعيب حتى استوجب بها أهله فكان دخوله المدينة حين وجد فيها الرجلين قبل مسيره إلى شعيب و كذلك وجدنا مثل نبينا محمد ص قد عرف أقوامُ أمره قبل ولادته و بعد ولادته و عرفوا مكان خروجه و دار هجرته من قبل أن يظهر من نفسه نبوة و من قبل ظهور دعوته و ذلك مثل سلمان المحمدي و مثل قس بن ساعدة الأيادي و مثل تبع الملك و مثل عبد المطلب و أبي طالب و مثل سيف بن ذي يزن و مثل بحيرى الراهب و مثل كبير الرهبان في طريق الشام و مثل أبي مويهب الراهب و مثل سطيح الكاهن و مثل يوسف اليهودي و مثل ابن حواش الحبر المقبل من الشام و مثل زيد بن عمرو بن نفيل و مثل هؤلاء كثير ممن قد عرف النبي ص بصفته و نعته و اسمه و نسبه قبل مولده و بعد مولده و الأخبار في ذلك موجودة عند الخاص و العام فليس من حجة الله عز و جل نبي و لا وصي إلا و قد حفظ المؤمنون وقت كونه و ولادته و عرفوا أبويه و نسبه في كل عصر و زمان حتى لم يشتبه عليهم شي‏ء من أمر حجج الله عز و جل في ظهورهم و حين استتارهم و أغفل ذلك أهل الجحود و الضلال و الكنود فلم يكن عندهم علم شي‏ء من أمرهم و كذلك سبيل صاحب زماننا ع حفظ أولياؤه المؤمنون من أهل المعرفة و العلم وقته و زمانه و عرفوا علاماته و شواهد أيامه و كونه و وقت ولادته و نسبه فهم على يقين من أمره في حين غيبته و مشهده و أغفل ذلك أهل الجحود و الإنكار و العنود و في صاحب زماننا ع قال الله عز و جل ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) الانعام:158 و سئل الصادق ع عن هذه الآية فقال الآيات هم الأئمة و الآية المنتظرة هو القائم المهدي ع فإذا قام لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف و إن آمنت بمن تقدم من آبائه ع ، حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير و الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب و غيره عن الصادق جعفر بن محمد ع (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 31

    و تصديق ذلك أن الآيات هم الحجج من كتاب الله عز و جل قول الله تعالى ( وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً) المؤمنون:50 يعنى حجة و قوله عز و جل لعزير حين أحياه الله من بعد أن أماته مائة سنة ( وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) البقرة:259 يعني حجة فجعله عز و جل حجة على الخلق و سماه آية و إن الناس لما صح لهم عن رسول الله ص أمر الغيبة الواقعة بحجة الله تعالى ذكره على خلقه وضع كثير منهم الغيبة غير موضعها أولهم عمر بن الخطاب فإنه قال لما قبض النبي ص و الله ما مات محمد و إنما غاب كغيبة موسى ع عن قومه و أنه سيظهر لكم بعد غيبته.

    حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل قال حدثنا أبو جعفر محمد بن العباس بن بسام قال حدثنا أبو جعفر محمد بن يزداد قال حدثنا نصر بن سيار بن داود الأشعري قال حدثنا محمد بن عبد ربه و عبد الله بن خالد السلولي أنهما قالا حدثنا أبو معشر نجيح المدني قال حدثنا محمد بن قيس و محمد بن كعب القرظي و عمارة بن غزية و سعيد بن أبي سعيد المقبري و عبد الله بن أبي مليكة و غيرهم من مشيخة أهل المدينة قالوا لما قبض رسول الله ص أقبل عمر بن الخطاب يقول و الله ما مات محمد و إنما غاب كغيبة موسى عن قومه و أنه سيظهر بعد غيبته فما زال يردد هذا القول و يكرره حتى ظن الناس أن عقله قد ذهب فأتاه أبو بكر و قد اجتمع الناس عليه يتعجبون من قوله فقال اربع على نفسك يا عمر من يمينك التي تحلف بها فقد أخبرنا الله عز و جل في كتابه فقال يا محمد ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) الزمر:30 فقال عمر و إن هذه الآية لفي كتاب الله يا أبا بكر فقال نعم أشهد بالله لقد ذاق محمد الموت و لم يكن عمر جمع القرآن. (كتاب كمال الدين واتمام النعمة) للشيخ الصدوق ص 33

    مما ما تقدم أخوتي المؤمنين ... اخواتي المؤمنات ان ما يجري على الامام المهدي ع في غيبته قد جرى على انبياء الله ورسله وحججه على خلقه ولا استغراب في ذلك فهذا الشكل قد ثبت بين الأئمة و الأنبياء بالاسم و الصفة و النعت و الفعل و كل ما كان جائزا في الأنبياء فهو جائز يجري في الأئمة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة نكتفي بهذا القدر في الجزء الاول من سلسة الغيبة والظهور
    اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎