إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء السادس

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء السادس

    مع الشيخ الطوسي في غيبته - 5 / أمن وُلد الحسين هوَ ، ومَن ؟

    إبراهيم عبد علي

    ( لا خلاف ، بين الأمة ، أنه سيخرج في هذه الأمة ، مهديّ ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما مُلئت ظلما وجورا ، وإذا بيّنا أنّ ذلك المهدي " هو " من وُلد الحسين " ع " ، وأفسدنا قول كل مَن يدّعي ذلك ، من وُلد الحسين ، سوى إبن الحسن " ع " ؛ ثبتَ أنّ المراد به " أي المهدي " هو عليه السلام ) ـ1ـ

    وبعد هذه المقدمة التمهيدية ، يبدأ " المؤلف " بذكر الروايات التي تشير إلى " المهدي " بشكل عام ، من قِبل السنة والشيعة ، وكلها تؤكد ضرورة وحتمية خروج " المهدي " في آخر الزمان ، وأنه من عترة النبي " ص " ، ثم يعرج على ذكر النصوص " الشريفة " التي تؤكد أنه من وُلد السيدة الزهراء فاطمة " ع " .... ولحد الآن ليس هنالك أي إشكال ، أو اختلاف ، بين " الإسلامَين " السني والشيعي ، في الإتفاق على هذه الجزئية ....

    وبعد ذلك يقوم " الشيخ " بذكر الأحاديث التي تشير إلى أنّ المهدي هو من وُلد سيدنا الحسين " ع " على الخصوص ، دون تحديد إسم معيّن ، فيسرد لنا خمسة روايات ، كلها مروية عن أحمد بن علي الرازي ، وأحمد بن إدريس ..

    ( الأولى ) : عن سيدنا زيد بن علي " الشهيد " يقول فيها " إنّ وليّ الحسين الذي قتل ـ في كربلاء ـ مظلوما ، هو رجل من ذريته ، من عقبه ) ـ2ـ

    ولا أظن أنّ هذه الرواية واضحة الدلالة على أنّ المهدي هو من وُلد الحسين ، فهي لم تُشر إلى " المهدي " ، فكل ما تقوله " الرواية " هو أنّ وليّ الدم ، من نسل الحسين ، ولا شأن لها بالمهدي ، صاحب الأطروحة الإلهية التغييرية الهائلة ...

    أما ( الرواية الثانية ) فهي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي يقول : ( والله ، لا يكون المهدي ، أبدا ، إلا من وُلد الحسين ) ـ3ـ

    هذا رأيكَ ، يا سيدي ، ولستَ حجة عليّ لتزمنيه ، خصوصا أنكَ لم تذكر لنا ، أنكَ رويتَ هذا الكلام عن رسول الله " ص " أو عن أحد من أئمة أهل البيت ...

    أما ( النص الثالث ) فهو :

    ( عن أحمد بن علي الرازي ، عن أحمد بن إدريس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن اسماعيل بن عيّاش ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال: نظرَ أمير المؤمنين " ع " إلى إبنه الحسين " ع " فقال : إنّ إبني هذا سيد ، كما سمّاه الله سيدا ، وسيُخرج الله تعالى من صلبه ، رجلا باسم نبيكم ، فيشبهه في الخلق والخُلق ، يخرج على حين غفلة من الناس ، وإماتة من الحق ، وإظهار من الجور ، والله لو لمْ يخرج ؛ لضُربتْ عنقه ، يفرح لخروجه أهل السماء وسكانها ، يملأ الأرض عدلا ، كما مُلئت جورا وظلما ) ـ4ـ

    وهذا النص ـ وبغضّ النظر ، كالعادة ، عن رجال سنده ـ واضح الدلالة ، على أنّ المهدي هو من وُلد سيدنا الحسين " ع " ، فقط أحببتُ أن أشير إلى ملاحظة وردتْ في ثنايا النص ، وهي قول أمير المؤمنين علي " ع " متحدثا عن " المهدي " ( والله لو لم يخرج لضُربتْ عنقه ) ولا أدري مَن سيضرِبُ ، إن لم يخرج ، عنقه ؟ وهل إنّ خروجه هو بسبب أنه سيُقتل إن لم يخرج ؟ .. وبشكل عام ، فهذا النص ؛ لا يوحي بـ " غيبة " إنما بـ " خروج " ، وإن كان ، كما قلنا ، يصرّح ، فعلا ، بأن " المهدي " هو من وُلد الحسين ..

    أما بالنسبة للـ ( الرواية الرابعة ) فهي :

    ( عن أحمد بن إدريس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن عبيد الله بن شريك قال : مرّ الحسين " ع " على حلقة من بني أمية ، وهم جلوس ، في مسجد الرسول " ص " فقال : أما والله لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله مني رجلا ، يقتل منكم ألفا ، ومع الألف ألفا ، ومع الألف ألفا .. فقلت : جُعلتُ فداك ، إنّ هؤلاء ، أولاد كذا وكذا ، لا يبلغون هذا .. فقال : ويحكَ .. في ذلك الزمان ، يكون الرجل من صلبه كذا وكذا رجلا ، وإنّ مولى القوم من أنفسهم ) ـ5ـ

    وهذا النص ، أيضا ، لا يشير إلى المهدي ، بقدر ما يشير إلى رجل من وُلد الحسين ، يُعمل القتلَ في بني أمية ...

    أما ( الرواية الأخيرة ) التي يذكرها المؤلف " رحمه الله " فهي أيضا ( عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد الأهوازي ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله " ص " لفاطمة " ع " : يا بنيّ إنا أعطينا ، أهل البيت ، سبعا ، لم يُعطها ، أحد قبلنا ؛ نبينا خير الأنبياء ، وهو أبوك ، ووصيّنا خير الأوصياء ، وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء ، وهو عم أبيك ، حمزة ، ومنا مَن له جناحان خضيبان ، يطير بهما في الجنة ، وهو إبن عمك ، جعفر ، ومنا سبطا هذه الأمة ، وهما إبناك الحسن والحسين ، ومنا ، والله الذي لا إله إلا هو ، مهديّ هذه الأمة ، الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم ... ثمّ ضربَ بيده على منكب الحسين " ع " فقال : مِن هذا " ثلاثا " ) ـ6ـ

    وهذه الرواية ، تثبت ، بما لا مجال للشك فيه ، بأنّ المهدي هو من وُلد سيدنا الحسين ، لكن المشكلة ليست هنا ، فحتى لو أثبتَ " المؤلف " أنّ المهدي هو من وُلد الحسين ، تحديدا ، واثبتَ ، أيضا ، بطلان إدعاء مهدوية كل من ادّعاها لأحد من أولاد الحسين ، غير محمد بن الحسن ؛ مع ذلك كله ، فإنّ هذا ، لا يُثبت أنّ المهدي هو ، تحديدا ، محمد بن الحسن العسكري ، فإثبات الشيخ كون المهدي من وُلد الحسين ، وبذات الوقت ، الذي يُبطل فيه ، دعوة من ادّعاها لغير ابن الحسن ؛ لا يعني كونها منحصرة في " محمد بن الحسن " ، فقد يعني هذا ، أحدا آخر من وُلد الحسين ، يولد آخر الزمان .. وكما هو معروف ، فنسل سيدنا الحسين الشهيد " ع " كثير ، وباق لزماننا هذا ، فمن غير الممتنع ، أن يكون المهديّ ، هو أحد الصالحين من نسل الحسين ، يولد في الوقت المناسب للظهور ، وهذا ، على ما أظن ، هو الأقرب للواقع ، والأبعد عن التكلف ...

    وبعد أن أثبت " المؤلف " أنّ " مهدينا " هو أحد وُلد الحسين " ع " ، ينتقل بنا ، إلى ما وعدنا إيّاه من تفنيد الإدّعاءات المهدوية ، من غير محمد بن الحسن ، بالطبع ، من خلال تأكيده على " موت " مَن يدّعون مهدويته ، كالإمام علي ، ومحمد بن الحنفية ، والصادق ، والكاظم ، ومحمد بن علي الهادي ، ومحد النفس الزكية ، والحسن العسكري ..

    فيبدأ بـ " علي " ثم " ابن الحنفية " ليصل إلى " الصادق " و" الناووسية " ليقول :

    ( وأما الناووسية ، الذين وقفوا على أبي عبد الله جعفر بن محمد ، وقالوا هو المهدي ؛ قد بيّنا ، أيضا ، فساد قولهم ، بما علمناه ، من موته ، واشتهار الأمر فيه ، ولصحة إمامة أبنه موسى بن جعفر " ع " ، وبما ثبتَ من إمامة الإثني عشر " ع " ) ـ7ـ

    ثم يذكر لنا " الشيخ " خبرا يؤكد فيه ، ايضا ، موت سيدنا جعفر الصادق " رضي الله عنه " والخبر يرويه لنا أبو أيوب الخوزي ، الذي يقول :

    ( بعث إليّ أبو جعفر المنصور ، في جوف الليل ، فدخلت عليه ، وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة ، وفي يده كتاب ، فلما سلمتُ عليه ، رمى الكتاب إليّ ، وهو يبكي ، وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان ، يُخبرنا أنّ جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون " ثلاثا " ، وأين مثل جعفر ؟.. ثمّ قال لي : اكتب ، فكتبتُ صدرَ الكتاب ، ثم قال : اكتب إن كان قد أوصى إلى رجل بعينه ، فقدّمه ، واضرب عنقه .. قال : فرجع الجواب إليه ؛ انه قد أوصى إلى خمسة ، أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله وموسى ، إبني جعفر ، وحميدة ... فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل ) ـ8ـ

    ولنا على هذا النص ، مجموعة ملاحظات ، نجملها بما يلي :

    1ـ في النص تناقض غريب ، فمن جانب ، نجد أنّ الخليفة " المنصور " في حالة حزن وبكاء ، وترديد لـ " إنا لله وإنا إليه راجعون " لثلاثة مرات ، مع قوله ، أسِفا " وأين مثل جعفر ؟ " ورميه الكتاب بوجه أبي أيوب الخوزي ، دليلا آخر على الإنفعال والحزن ، ومن جانب آخر ، وبنفس اللحظة الوجدانية تلك ، نراه يقول لأبي أيوب " اكتب إن كان قد أوصى لأحد بعينه ، فقدمه واضرب عنقه " ، وهذا الأمر غريب ، ولا يتناسب مع حالة الحزن على فقد " الصادق " وتقدير الخليفة لجلالة قدره ، وعلوّ شأنه ..

    2ـ إملاء المنصور بعبارة " بعينه " توحي لنا بأنه يعرف ، مسبقا ، أنّ وصية الإمام الصادق ، ليست لرجل بعينه ، وهذا أمر من غير المتيسر للخليفة معرفته ، كونه في بغداد ، والإمام في المدينة ، فكانت العبارة الأنسب هي " إن كان قد أوصى لأحد فقدمه ، واضرب عنقه " أو " اضربوا عنق مَن أوصى له جعفر بن محمد من بعده " ..

    3ـ يقول الراوي " فرجع الجواب " ، متى رجع الجواب ؟ .. بالتأكيد بعد شهور ، لبعد المسافة بين بغداد والمدينة ، خصوصا أنّ الرحلة هي ذهاب وإياب ، لكنّ ما يستشفه قارئ النص ، هو أنّ الجواب كان حاضرا ، ذات الليلة ، أو على الأقل ، هذا ما يوحيه لنا جو النص بشكل عام ..

    4ـ الجواب حينما رجع إلى المنصور ، قال الراوي " أنه قد أوصى إلى خمسة ، أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله وموسى ، ابني جعفر ، وحميدة " وهذا الجواب أيضا غريب ، وواضح الإختلاق ، فإما أن يقول الراوي ؛ أنه أوصى إلى خمسة أحدهم ابو جعفر المنصور ، ويكتفي بذلك دون ذكر من تبقى .. أو أنه يقول " أنه أوصى إلى خمسة ، هم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان " ويذكر تمام بقية الأسماء ... أمّا أنه يقول انه أوصى إلى خمسة أحدهم ابو جعفر ، ومحمد بن سليمان ...الخ ، فهذا أمر غريب ، ومستهجن لغويا وبلاغيا ..

    5ـ نفهم من خلال وصية الصادق ، لخمسة ، أحدهم حميدة ، زوجته ، أنّ الوصية هي ليست وصية بالإمامة ، إنما هي وصية بالإرث وقضاء الدين ، وغيرها من الأمور المتعلقة بتركة الميّت ، فمن غير المعقول أن يوصي الصادق بالإمامة منه بعده لأمرأة ، مهما كان شأنها ، وقدرها ..



    6ـ لماذا قال المنصور " ليس إلى قتل هؤلاء سبيل " علما أنه من الممكن له أن يقتل خاصة الإمام " الصادق " وهم زوجته حميدة ، وإبنيه عبد الله وموسى ، مبقيا على نفسه ، وعلى محمد بن سليمان ، عامله في المدينة ..

    7ـ نجد في وصية الصادق ذكرا لوَلده " عبد الله " ، إضافة لولده موسى ، وهذا يخالف ما ذكره الشيخ في الصفحة ( 75 ) من كتابه هذا ، من أنّ عبد الله لم يُذكر في وصية الصادق ، وإليك نص كلام الشيخ " رحمه الله " :

    ( أسندَ ـ أي الصادق ـ وصيته إلى خمسة نفر ، أولهم المنصور ، ولم يُفرد إبنه موسى بها ، إبقاء عليه ، وأشهد معه ؛ الربيع ، وقاضي الوقت ، وجاريته أم ولده حميدة البربرية ، وختمهم بذكر موسى بن جعفر " ع " لستر أمره ، وحراسة نفسه ، ولم يذكر مع وَلده موسى أحدا من أولاده الباقين ، لعلمه أنه كان فيهم مَن يدّعي مقامه ، من بعده ) ـ9ـ

    فلو كان اعتقاد الشيخ أنّ " الصادق " لم يذكر في وصيته ولده عبد الله " الأفطح " فكيف يسوّغ لنفسه أن يستدلّ على قضية ما ، برواية يرفض شطرا كبيرا ومهما من محتواها ؟

    8ـ أليست هذه الرواية ، والتي تذكر أن عبد الله هو من ضمن من أوصى لهم الصادق بالإمامة من بعده ، تُعدّ مبررا للـ " الفرقة الفطحية " في إتجاهها وإصرارها على إمامة عبد الله الأفطح " ع " ، خصوصا أنّ هذه الفرقة تضمّ أجلاء فقهاء الشيعة وأصحاب الأئمة " ع " ومن المقرّبين جدا إليهم ؟..

    ثم يبدأ الشيخ بالردّ على ما تبنّته " الفرقة المحمدية " من مهدوية محمد بن علي الهادي ، وإمامته ، من خلال سرده لمجموعة من الروايات ، منها :

    ( روى سعد بن عبد الله الأشعري قال : حدثني أبو هاشم دواد بن القاسم الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن " ع " وقت وفاة إبنه أبي جعفر ، وقد كان أشار إليه ودلّ عليه ، فإني لأفكر في نفسي وأقول ؛ هذه قضية أبي إبراهيم ، وقضية أسماعيل .. فأقبلَ عليّ أبو الحسن ، عليه السلام ، فقال : نعم يا أبا هاشم ، بدا لله تعالى في أبي جعفر ، وصيّر مكانه أبا محمد ، كما بدا لله في إسماعيل ، بعدما دلّ عليه أبو عبد الله " ع " ونصبه ، وهو كما حدّثت به نفسك ، وإن كره المبطلون ) ـ10ـ

    ويردّ " المؤلف " على هذه الرواية ، من خلال توجيهها الوجهة التي يرى ، فيقول " عفا الله عنه " :

    ( ما تضمّن الخبر المتقدم ، من قوله " بدا لله في محمد كما بدا له في إسماعيل " معناه ؛ ظهرَ من الله وأمره ، في أخيه الحسن ، ما أزال الريب والشك ، في إمامته ، فإنّ جماعة من الشيعة ، كانوا يظنون ، أنّ الأمر في " محمد " من حيث كان هو الأكبر ، كما كان يظن جماعة ، أنّ الأمر في إسماعيل بن جعفر ، دون موسى ، فلمّا مات محمد ؛ ظهرَ من أمر الله فيه ، وأنه " أي الله " لم ينصّبه إماما ، كما ظهر في إسماعيل ، مثل ذلك ، لا أنه كان نصّ عليه ، ثمّ بدا له في النصّ على غيره ) ـ11ـ

    وتوجيه الشيخ للرواية السابقة ، هو من ضمن غرائبه المتكررة ، والتي تذهل المرء ، وتستفزه لإعادة النظر في الكثير من " المسلمات " و " القداسات " ، ولنا على هذا " التوجيه " ملا حظات ، منها :

    1ـ الرواية التي يوجّهها المؤلف وجهته الغريبة تلك ، هي ، كما هو بيّن ، واضحة الدلالة ، جليّة المعنى ، ولا تتناسب مع ما ذهب إليه وارتآه ، سامحنا وسامحه الله .. فالرواية تبدأ هكذا ، وبمثل هذا الوضوح والمباشرة " كنتُ عند أبي الحسن ، وقت وفاة ابنه أبي جعفر ، وقد كان أشار إليه ، ودلّ عليه " فكيف يأتي الشيخ هنا ليقول " أنّ جماعة من الشيعة كانوا يظنون أن الأمر في محمد من حيث كان ، هو ، الأكبر " بالله عليكم هل ذكر الراوي مثل هذا الأمر ؟ فالراوي صرّح أنّ أباه قد كان " أشار إليه " بالإمامة ، و " دلّ " عليه ، ولم يقل أنّ جماعة من الشيعة ظنوا أن الأمر لمحمد بإعتباره الأكبر سنا .. فلا أدري كيف فهم الشيخ الطوسي من الرواية ما ذهب إليه ؟

    2ـ الشطر الثاني من النص ، يقول ، وأيضا بمنتهى الوضوح ، " قال أبو الحسن ؛ كما بدا لله في إسماعيل ، بعدما دلّ عليه أبو عبد الله ، ونصبه " ليأتي المؤلف ، مرة أخرى ، ليوجه هذا الشطر من النص ، بهذا الشكل المذهل : ( كما كان يظنّ جماعة أن الأمر في إسماعيل بن جعفر دون موسى ، فلما مات محمد ظهر من أمر الله فيه ، وأنه لم ينصبه إماما ، كما ظهر في إسماعيل ، مثل ذلك ، لا أنه نصّ عليه ، ثم بدا له في النص على غيره ) وكما هو جليّ ، فتوجيه الشيخ للشطر الثاني من الرواية ، بعيد تماما عن المنطق ، وواضح التكلف ، بل لا يمكن استساغته إطلاقا ..

    3ـ هنالك رواية يذكرها الشيخ نفسه ، تخصّ موضوع إمامة الحسن العسكري ، بدلا من أخيه محمد ، والرواية هذه تؤكد ، أنّ الإمام الهادي كان قد أشار إلى وَلده محمد ، ثم عند وفاته ، أشار إلى ولده الثاني الحسن العسكري .. الغريب في الأمر ، هو أنّ المؤلف يذكر هذه الرواية في الصفحة التي تلي توجيهه الغريب والمتكلف للنص السابق ، وإليك الرواية بقضّها وقضيضها :

    ( روى محمد بن الحسن بن أبي الخطاب ، عن ابن أبي الصهبان قال : لمّا مات أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى " ع " وُضع لأبي الحسن علي بن محمد كرسي ، فجلس عليه ، وكان أبو محمد الحسن بن علي " ع " قائما في ناحيته ، فلما فرغ من غسل أبي جعفر ، إلتفتَ أبو الحسن إلى أبي محمد " ع " فقال : يا بنيّ ، أحدِث لله شكرا ، فقد أحدَث فيك أمرا ) ـ12ـ

    أليس هذا النص في غاية الوضوح ، من الإمام الهادي ، لابنه العسكري ، يؤكد له فيه ، أنّ الإمامة كانت لأخيه محمد ، فانتقلت ، بسبب موته ، " إليك " " فاشكر اللهَ ، ربك ، على هذه النعمة التي أحدثها فيك ، وجلبها إليك " ..

    4ـ كلنا نعرف ، والشيخ ، بالتأكيد ، منا ، أنّ تنصيب " الإمام " لله وحده ، وليس للإمام نفسه ، أن ينصّب من يشاء من ولده ، وهذا يعني أنّ " الصادق " و " الهادي " حينما أشارا ( كما تؤكد الرواية السابقة ) إلى ولديهما إسماعيل ومحمد ، بالإمامة ، ونصباهما لهذا المقام العظيم ، فلا شكّ أنهما " ع " لم يقوما بذلك ، من تلقاء أنفسهما ( وأظن أن هذه هي عقيدة الشيخ نفسه ، ولا أعتقد أنه يخالف ذلك ) إنما من عند الله ، سبحانه وتعالى ، ولذا نرى " الهادي " يقول " بدا لله " كما قال " الصادق " قولته الشهيرة " ما بدا لله في شيء ، مثلما بدا له في وَلدي إسماعيل " ...

    ثمّ يذكر الشيخ " رحمه الله " رواية أخرى ، لنفي إمامة محمد بن علي الهادي ، وإثبات إمامة أخيه العسكري ، لكنه لا يلتفت إلى أن روايته هذه تؤكد أنّ إمامه الهادي قد نصّ على إبنه محمد ، قبل موته ، وهل تعرفون أين يذكر الشيخ هذه الرواية ؟ إنها في نفس الصفحة ، بل قبل أسطر قليلة من توجيهه " المتكلف ، والسّمِج " لروايتنا السابقة ، وإليكم نص الرواية :

    ( عن سعد بن عبد الله الأشعري ، عن علي بن محمد الكليني ، عن إسحاق بن محمد النخعي ، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال : كنت رويتُ عن أبي الحسن العسكري " ع " في أبي جعفر ، ابنه ، روايات تدلّ عليه ، فلمّا مضى أبو جعفر ، قلقلتُ لذلك ، وبقيتُ متحيّرا ، لا أتقدم ولا أتأخر ، وخفتُ أن أكتبَ إليه ، في ذلك ، فلا أدري ما يكون ، فكتبت إليه ، أسأله الدعاء ، وأن يفرّج الله تعالى عنا ، في أسباب من قبل السلطان ، كنا نغتمّ في غلماننا ، فرجعَ الجواب بالدعاء ، وردّ الغلمان علينا ، وكتبَ " أي الإمام الهادي " في آخر الكتاب : أردتَ أن تسال عن الخلف ، بعد مُضيّ أبي جعفر ، وقلقتَ لذلك ، فلا تغتمّ ، فإنّ الله لا يُضلّ قوما بعد إذ هداهم ، حتى يبيّن لهم ما يتقون ، صاحبكم بعدي أبو محمد ابني ، وعنده ما تحتاجون إليه ، يقدّم الله ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ما ننسخ من آيةٍ أو نُنسها ، نأتِ بخير منها ، أو مثلها ) ـ13ـ

    وهذه الرواية واضحة لكل ذي عقل ، حول نصب الهادي لولده " محمد " ، قبل موته ، ثم انتقلت الإمامة بـ " موته " إلى ولده الثاني " الحسن العسكري " ولذا يستشهد إمامنا الهادي " ع " بالآية الشريفة " ما ننسخ من آية أو ننسها ، نأت بخير منها أو مثلها " ...

    وقد مر معنا ، تفنيد الشيخ " رحمه الله " لأدلة الواقفة ، والكيسانية ، وهو هنا ركّز على ردّ بقية الفرق ممن يقولون بمهدوية وغيبة أئمتهم ، ليبقى لديه ، التصديق بمهدوية وغيبة " إمامه " محمد بن الحسن " ع " ...

    وأظنّ أننا أطلنا المكوث بهذا المكان ، كثيرا ، وآن لنا الرحيل لمتاهات ودروب جديدة ، علّنا نجد على نارٍ هدى ، وإن كنتُ أرى ، أننا الآن ، والآن فقط ، سنلج العتمة ، لتصفعنا وحشتُها ، فنحنُّ ، بملأ الروح ، لِكسرة ضوء ...



    ـــــــــــــ

    1ـ الكتاب : 109

    2ـ الكتاب : 115

    3ـ الكتاب : 117

    4ـ الكتاب : 115ـ116

    5ـ الكتاب : 116

    6ـ الكتاب : 116

    7ـ الكتاب : 119

    8ـ الكتاب : 119

    9ـ الكتاب : 75

    10ـ الكتاب : 120ـ121

    11ـ الكتاب : 121

    12ـ الكتاب : 122

    13ـ الكتاب : 121
  • فداء احمد
    عضو نشيط
    • 10-04-2010
    • 763

    #2
    رد: تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء السادس

    اللهم صل على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    جزاك الله خير الاخرة والدنيا اخي الفاضل
    بارك الله بجهودك .. في ميزان حسناتك ان شاء الله
    موضوع جيد ومتعوب عليه جدا
    موفق
    ((حتى متى نبقى ننظر إلى أنفسنا.
    والله لو أنه سبحانه وتعالى استعملني من أول الدهر حتى آخره ثم أدخلني النار لكان محسناً معي، وأيّ إحسان أعظم من أنه يستعملني ولو في آن.
    المفروض أننا لا نهتم إلا لشيء واحد هو أن نرفع من صفحتنا السوداء هذه الأنا التي لا تكاد تفارقنا))

    الإمام أحمد الحسن (عليه السلام)

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎