إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • GAYSH AL GHADAB
    مشرف
    • 13-12-2009
    • 1797

    اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصل الله عل محمد واله الائمة والمهديين وسلم تسليما



    قولهم: (اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه) فكذب، لاجماع الامه على ان ليس كل من صلح للامامه فى الصلاه صلح للامامه فى الخلافه، فقد اتفقوا، على جواز امامه التركى وغيره. وقال طوائف من الصحابه والتابعين والفقهاء، بامامه من لم يبلغ الحلم فى الفريضه راتبا للرجال وبامامه المراه للنساء، وهولاء لا تجوز خلافتهم). والجدير بالذكر، ان الذى قاس الاجماع هو الخليفه عمر بن الخطاب، وقد رايت رد ابن حزم واستنكاره الشديدين على مثل هذه المقاله من الاجماع. هل يصح قياس خلافه النبى(ص) لعلى على المدينه، خلافته للمسلمين بعد رسول اللّه(ص)؟ لو تنزلنا مع مدرسه الاجماع، وسلمنا انه لا مانع من قياس امامه المسلمين بعد النبى(ص) على امامته الصلاه فى حياته، فانا نطالبهم باجراء نفس هذا القياس، على صحه من استخلفه رسول اللّه(ص) على المدينه فى حياته، لاستخلافه على المسلمين بعد وفاته. فقد وجه حديث المنزله، علماء اهل الاجماع، بان قول النبى(ص) لعلى: (انت منى بمنزله هارون من موسى) لم يكن الا للاشاره الى استخلافه على اهله فى المدينه، حين خرج الى احد غزواته، ولم يكن هذا الحديث دليل على استخلاف على مطلقا حتى بعد وفاته، وهو كماترى توجيه جائر، الا اننا مع ذلك سنتنزل، وناخذ بهذا التوجيه فى مقامنا هذا، واليك ما قاله العينى:
    (هذا، انما قاله لعلى حين خرج الى تبوك ولم يستصحبه، فقال اتخلفنى مع الذريه، فقال اما ترضى... الى آخره، فضرب له المثل باستخلاف موسى هارون على بنى اسرائيل، حين خرج الى الطور، ولم يرد به الخلافه بعد الموت، فان المشبه وهو هارون، كانت وفاته قبل وفاه موسى عليه الصلاه والسلام، وانما كان خليفته فى حياته، فى وقت خاص، فليكن كذلك الامر فيمن ضرب المثل به قوله: ان تكون منى اى نازلا منى منزلته والتاء زائده، وهذا تعلق به الرافضه فى خلافه على). وعلى هذا، فان العينى وغيره، يرفض هكذا قياس، من صحه خلافه على بعد رسول اللّه(ص)، قياسا على خلافته للمدينه فى غزوه تبوك، واذا بطل هذا القياس، فمن الاولى بطلان قياس امامه ابى بكر للمسلمين، بعد رسول اللّه(ص) قياسا على امامته للصلاه، ووجه الاولويه، انه لم تثبت امامه ابى بكر للصلاه ايام مرض النبى(ص) كما سياتى حتى اسقط ذلك عن حجيه الاستدلال اصلا.

    المقدمه الثانيه:

    هل امر النبى(ص)، ابا بكر للصلاه بالمسلمين ايام مرضه؟ انك لو تاملت فى الاخبار الوارده عن مرض النبى(ص)، وكيف استخلف ابا بكر للصلاه، لوجدت ان هناك اضطرابا فى هذه النصوص، وستجد ان لا محيص عن اسقاطها عن الحجيه، كونها عليله لا ترقى الى مصافى الاستدلال والاخذ بها لتصحيح بيعه ابى بكر بعد النبى(ص)، يوم السقيفه وانها اجماع المسلمين، قياسا على امامته فى الصلاه ايام مرض النبى(ص)، وسننقل الواقعه، من مصادرها المختلفه، لنقف على الاضطراب الوارد فيها ومعرفه مدى قابليه مثل هذه الحادثه للاستدلال. وسننقل ما رواه الطبرى، وهو عمده المورخين، احداث صلاه ابى بكر، لنكون من خلالها قد انطلقنا لسبر غور حادثه الصلاه بكل حيثياتها.


    صلاه ابى بكر بروايه ابن جرير الطبرى:

    عن الارقم بن شرحبيل، قال: سالت ابن عباس: اوصى رسول اللّه(ص)؟ قال:لا، قلت: فكيف كان ذلك؟ قال: قال رسول اللّه(ص): ابعثوا الى على فادعوه، فقالت عائشه: لو بعثت الى ابى بكر، وقالت حفصه: لو بعثت الى عمر، فاجتمعوا عنده جميعا، فقال رسول اللّه(ص): انصرفوا فان تك لى حاجه ابعث اليكم، فانصرفوا وقال رسول اللّه(ص): آن الصلاه؟ قيل: نعم، قال فامروا ابا بكر ليصلى بالناس، فقالت عائشه: انه رجل رقيق، فمر عمر، فقال: مروا عمر، فقال عمر: ما كنت لاتقدم وابو بكر شاهد، فتقدم ابو بكر، ووجد رسول اللّه خفه، فخرج، فلما سمع ابو بكر حركته تاخر، فجذب رسول اللّه(ص) ثوبه فاقامه مكانه، وقعد رسول اللّه، فقرا من حيث انتهى ابو بكر. هذا نص الطبرى، ويمكن ان يفيدنا امورا، لا يمكن الغض عنها:

    1 - اشار ابن عباس الى ان النبى(ص) عزم على الوصيه لعلى بن ابى طالب، الا انه اجل ذلك بعد ما راى حضور الشيخين عنده، ولخطوره المنافسه الشديده التى بدت على موقف الشيخين، طلب النبى(ص) من الجميع الخروج، ليتسنى لرسول اللّه(ص) بعد ذلك ان يناجى ابن عمه بما يريد، بعيدا عن فضوليه الحضور، الذى بات يتكرر بين الحين والاخر فى حضرته(ص).

    2 - ان ابن عباس كان فى صدد ايضاح الموقف الطارى، الذى فاجى النبى(ص) من قبل بعض اصحابه، وهو فى صدد دعوته لعلى، واراد تفويت الفرصه على اقطاب التنافس من ان تستفاد القضيه لصالحها، واحس ان جهوده الان مهدده بخطر التسابق للحصول على الحظوه عنده، لذا فقد اغاض النبى(ص) حضور من لم يدعوه، واجل لقاءه بعلى الى وقت، بعيدا عن علم الجميع.

    3 - لم ينف ابن عباس وصيه النبى(ص) مطلقا، فان السائل فى مقام الاستفهام عن وصيته(ص)، بل كان ابن عباس، فى صدد بيان ما حدث فور دعوه على للحضور عنده، الا ترى ان السوال تضمن الاستفهام عن الوصيه، وكان جواب ابن عباس صريح فى انه(ص) اراد دعوه على للايصاء اليه، فى قوله: قال رسول اللّه(ص): (ابعثوا الى على فادعوه)؟ فان قرينتى المقال والمقام، تقتضيان ان يكون البعث الى على للايصاء اليه، ومما يوكد ذلك، طلب السيدتين من النبى(ص)، وبالحاح شديد حضور الشيخين، ولم نسمع فى الخبر ان النبى (ص) اقر لهن حضور الشيخين، بل عبر النبى (ص)، عن استيائه من حضورهما، اذ قد صرف الجميع فور اجتماعهم عنده دون ان يخاطبهم بشىء، فالحديث يقول: (فاجتمعوا عنده جميعا، فقال(ص): انصرفوا فان تك لى حاجه ابعث اليكم)! ومقام الدعوه لا يناسبه الامر بالانصراف فور الحضور، فلم تكن الدعوه اذن قد وجهت اليهما ولا الى احدهما. وسيوكد ذلك النقطتان اللاحقتان..

    4 - قال ابن الاسكافى المعتزلى: متى نظرنا الى آخر هذا الحديث احتجنا الى ان نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير، وذلك ان آخره: ان رسول اللّه(ص) لما وجد افاقه واحس بقوه خرج حتى اتى المسجد وتقدم فنحى ابا بكر عن مقامه، وقام فى موضعه. فلو كانت امامه ابى بكر بامره(ص) لتركه على امامته وصلى خلفه كما صلى خلف عبدالرحمن بن عوف.

    5 - ثبت عن على (ع): ان عائشه هى التى امرت بلالا ان يامر اباها ليصل بالناس، لان رسول اللّه(ص) قال: (ليصل بهم احدهم) ولم يعين.. وكان على يذكر هذا لاصحابه فى خلواته كثيرا، ويقول: وانه(ص) لم يقل (انكن لصويحبات يوسف) الا انكارا لهذه الحال، وغضبا منها لانها وحفصه تبادرتا الى تعيين ابويهما، وانه(ص) استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب كم صلى ابو بكر بالناس

    فى حياه رسول اللّه (ص)؟


    وقد يتساءل بعضنا بعد هذا الاضطراب من الروايه فى حادثه الصلاه، كم صلى ابو بكر بالناس؟ حتى يمكن جعل صلاته حجه اجماع، يعول عليها، لو تنزلنا فى القول بصحه هكذا اجماع. واذا رجعنا الى الطبرى نسال عن عدد صلوات ابى بكر امامه بالمسلمين، فانه سيشعرك ان الصلاه لم تكن سوى تلك الركعه، التى لم يتمها ابو بكر، حتى خرج عليه النبى(ص) ليد فعه عن صلاته.. وهو الموافق لروايه الصحاح والسنن المعتبره. اما ما خالف ذلك من اخبار فكلها ساقطه عن حد الاعتبار، وهذه هى النصوص الاخرى كما يرويها الطبرى:

    قال: حدثت عن الواقدى، قال: سالت ابن ابى سبره، كم صلى ابو بكر بالناس؟ قال: سبع عشره صلاه، قلت: من اخبرك؟ قال:
    ايوب بن عبد الرحمن بن ابى صعصعه عن رجل من اصحاب النبى(ص). ففى اسناد هذا الحديث من الارسال والجهاله ما يفوت فرصه الاحتجاج به، فكيف يحتج بحديث مرسل لتصحيح اهم حدث دخل فى حياه المسلمين؟ ثم قال الطبرى: وحدثنا ابن ابى سبره، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عكرمه قال: صلى بهم ابو بكر ثلاثه ايام. ولا يخفى ضعف عكرمه، واتهامه بالكذب، فلا يعتد به مطلقا، واليك ما ذكره العقيلى، فى كتابه (الضعفاء الكبير) من كلامهم فى عكرمه، فقال. حدثنا وهيب قال: شهدت يحيى بن سعيد الانصارى وايوب، فذكرا عكرمه فقال: يحيى بن سعيد، كان كذابا، وقال ايوب: لم يكن يكذب. وعن عبد اللّه بن الحارث قال: دخلت على على بن عبد اللّه بن عباس، فاذا عكرمه فى وثاق عند باب الحسن، فقلت له: الا تتقى اللّه! فقال: فان هذا الخبيث يكذب على ابى. وعن عطاء الخراسانى انه قال لسعيد بن المسيب: ان عكرمه يقول: ان رسول اللّه(ص) تزوج وهو محرم، فقال: كذب مخبثان «يعنى عكرمه». وعن عمرو بن مره قال: سالت سعيد بن المسيب، عن تفسير آيه من كتاب اللّه، فقال: ما انا بجرىء عليه، ولكن دونك من يزعم، انه لا يخفى عليه منه حرف، يعرض بعكرمه. وعن خالد بن خداش قال: شهدت حماد بن زيد، فى آخر يوم مات فيه، فقال: احدثكم بحديث لم احدث به قط، وقال: ما احدثكم به الا اكره ان القى اللّه ولم احدث به، سمعت ايوب، يحدث عن عكرمه قال: انما انزل اللّه متشابه القرآن ليضل به. انتهى ما افاده العقيلى. اقول ان ايوب هذا الذى يروى عن عكرمه خبر الاضلال، هو نفسه ايوب الذى نزه عكرمه عن الكذب سابقا، ومن يروى مثل هذا، فلا يعتد بتوثيقه وتنزيهه.

    محاولات المرحله الثانيه.. او تراجعات عن مقوله

    الاجماع. وبعد طول العناء والمشقه اللتين يجدهما الباحث فى محاوله منه لاثبات خلافه ابى بكر، قياسا على صلاته بالمسلمين، وبعد لاى من التوجيه والاعتذار، للجمع بين اخبار صلاه ابى بكر، ومحاوله منه لاثبات احقيته، استنادا الى ما قدمه من توجيه لاجماع الامه، واذا بالباحث، تفاجئه جمله من الروايات تشير اليه بالعدول عن مسيرته الاولى للتوجه الى محاوله ثانيه جديده، فقد ادخل البحث فى مناورات سياسيه عنيفه استبطنت شيئا آخر، وهى محاوله الخليفه الثانى السيطره على الوضع العام المتازم، الذى ينذر بفتنه عارمه، وحفاظا على وحده المسلمين وكلمتهم من التصدع، فقد اضطر الى ان يموه على المسلمين، بان النبى (ص) استخلف ابا بكر، وحاول كذلك ان يدخل فى روع المسلمين خصوصا الانصار منهم، بان مخالفه ابى بكر وعدم اعطاء البيعه له هى مخالفه صريحه لما اوصى به النبى(ص) من استخلاف ابى بكر. وحاول الانصار ان يذعنوا لذلك، مقنعين انفسهم كرها، ان قد صدقوا ما حدث من وصيه النبى(ص)، وكان محاوله الخليفه، قد اعانتهم على التخلص من هواجس تسلط الانصار على الانصار، او غلبه الانصار وحظوتهم عند الخليفه الجديد، على حساب الانصار الاخرين.

    وهكذا، اعان الخليفه الثانى الانصار على هاجسهم، واعان الانصار الخليفه الثانى على دعواه، وكل صدق صاحبه لا عن قناعه، بل للسيطره على الموقف الذى سيكتسح آمال بعض، او يزيد من توجسات آخرين. وقد كانت العلاقه المتبادله بين الطرفين، ضمن حدود المخاوف المفتعله والامنيات القادمه، وكان على كلا الحليفين فى القضيه الجديده ان يعترفا بعد ذلك بحقيقه الامر، اذا ما هما امنا عواقب هذا الاعتراف، فبادر الانصار الى اعتذارهم لعلى(ع)، كما سمعت من خبر ما جرى بينهم وبين على(ع)، عقيب مبايعتهم للخليفه الجديد، واعترف الخليفه الثانى بحقيقه الامر، من عدم جديه استخلاف النبى(ص) لابى بكر، وذلك فى الخبر المشهور عنه، اذ دخل عليه ابنه عبد اللّه وهو يجود بنفسه، فقال له: يا امير المومنين، استخلف على امه محمد، فانه لو جاءك راعى ابلك او غنمك وترك ابله او غنمه لا راعى لها للمته وقلت له: كيف تركت امانتك ضائعه؟ فكيف يا امير المومنين بامه محمد؟ فاستخلف عليهم، فقال: ان استخلف عليهم فقد استخلف عليهم ابو بكر، وان اتركهم فقد تركهم رسول اللّه(ص). ولم يكن ذلك بالجديد، فقد اعترف عمر بن الخطاب قبل ذلك بان استخلاف ابى بكر ما هو الا مناوره، كانت تستهدف تهدئه الوضع العام، والسيطره على الفتنه التى ستحدث اذا ما هو ترك الامور وشانها، فقال:

    قد بلغنى ان فلانا منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرو ان يقول: ان بيعه ابى بكر كانت فلته وتمت، الا وانها قد كانت كذلك، الا ان اللّه وقى شرها.. وهو اعتراف خطير افصح عن امر اخطر منه، وهو: ان الشيخين قد جازفا فى احداث فتنه، كادت ان تطير باللبيب، وتعصف بالرشيد، وقد تحركا لا على اساس اطفاء الفتنه وتهدئه النائره بين المسلمين، بل استجابه لرغبه متاصله فى ان لا تكون الخلافه فى بنى هاشم الاقربين، وعصفت محاولتهما هذه بالامه يوم السقيفه الا ان اللّه وقى الاسلام شرها كما هو صريح اعترافه، وهو صريح كذلك بان الاجماع لم يتم. وهكذا تداعت دعوى الاجماع، ولم تبق ايه قيمه لذلك النضال الدووب فى اختزال التاريخ الاسلامى من اجل اثباتها فلا التقدم فى الصلاه بقى دليلا نافعا على الامامه، ولا كان ثمه اجماع، ولم تكن دعوى الاجماع اذن الا تبريرا لامرار الظرف الطارى، الذى احدثته سقيفه بنى ساعده؟

    ابو بكر ينفى الاجماع من قبل:

    قال ابو بكر فى آخريات ايامه: ما آسى على شىء، الا على ثلاث، فعلتها وددت انى تركتها، وثلاث تركتها، وددت انى فعلتها، وثلاث وددت انى سالت رسول اللّه(ص) عنها، فاما الثلاث التى فعلتها ووددت انى تركتها: فوددت انى لم اكن فتشت بيت فاطمه، وذكر فى ذلك كلاما كثيرا.. الى ان قال: والثلاث التى وددت انى سالت رسول اللّه(ص) عنها: وددت انى كنت سالته فى من هذا الامر، فلا ينازع الامر اهله؟.. الى آخر الخبر.. هذا ما بثه الخليفه الاول من اشجان، وهو على فراش الموت، من انه لم يكن للاجماع من اثر، فى تصحيح خلافته، والا ما الذى دعاه، الى ان يدلى ما ضاقت به نفسه، من انه ود لو سال النبى(ص) فيمن هذا الامر؟ وانه لم يفتش بيت فاطمه الذى تجمع فيه المعارضون لخلافته؟ نظريتا الشورى واهل الحل والعقد..

    هل هما بديلان

    عن نظريه الاجماع؟ يلاحظ الباحث وهو فى سياق البحث العلمى، ان اصطلاحين آخرين يراودان اى بحث علمى، اذا ما تصدى لدراسه نظريه الاجماع، فكلما يصل الباحث الى مصطلح الاجماع ويصطدم بالواقع العملى الذى جرى يوم السقيفه، يقفز فجاه مصطلح اهل الحل والعقد، وهو لم يتم بعد معرفته الكامله عن مصطلح اهل الحل والعقد، حتى يزاحمه مصطلح جديد، هو مصطلح الشورى، فيفرض نفسه على الباحث، ويستبعد المصطلحين الاخرين، دونما يتم الباحث عمله، ويستكمل معرفته عن المقصود بالاولين. هذه هى مشكله الباحث، اذا ما هو دخل فى بحثه لدراسه نظريه الاجماع، وهذه هى مشكله الاجيال الباحثه عن الحقيقه دائما، تدخل فى متاهات الاصطلاحات (المقدسه)، دونما معرفه رشيده تكفل للباحث نصيبا من التدرج العلمى الوئيد الذى يضمن سلامه الفكره من الانصهار فى خضم متاهات مقصوده تطيح بالجهود العلميه دون الوصول الى الحقيقه. فالاحداث المتوثبه للاطاحه بايه معارضه فكريه مشروعه اوجدتها الظروف الطارئه، وفرضتها على الواقع فرضا، واكرهت بها وجودات كان لها حق المشاركه فى تقرير المصير - على اقل تقدير ان هى تنازلت عن جميع حقوقها - وكان لها كذلك على الاقل حق المعارضه والاستنكار، ولم يحصل هذا - للاسف - فى جو خلقته السقيفه، ولم يبح رجالاتها لرجالات المعارضه ايه مشاركه، ولو فى ابداء راى جدير فى سحق ايه محاوله خطيره، من شانها ان تثير الفتنه وترجعها قبليه مقيته، كما حدث لعلى(ع) مع ابى سفيان حين دعا ابو سفيان عليا للبيعه، فنهره على وقال انك لا زلت تكيد للاسلام، حتى بهذا المقدار، لم يبح لعلى معالجه الامور كما ينبغى، بل عمد الشيخان الى تعيين معاويه واليا فاسقط ما فى ايدى على من التصدى لمحاولات التساوم والابتزاز، وسياتى تفصيل الخبر لاحقا.

    كان الشيخان يخشيان الفتنه - كما صرحا فى اكثر من مناسبه - فبادرا الى اعلان البيعه، مع استبعاد جمع من الصحابه، وخشيا، ان هما انتظرا حتى يدفن النبى(ص)، ان تكون الفتنه قد تمكنت من المسلمين، وليتهما انتظرا ثلاثا، كما فعل الخليفه الثانى، فقد اوصى للسته بالشورى الى ثلاثه ايام، ولم تكن هناك فتنه كما تصورها الشيخان، بل قد تصاعد الخلاف بين المسلمين، عند اعلان بيعه ابى بكر، الامر الذى مهد لخلافات مستقبليه، بعد تشنجات فى المواقف، اولدت عداء تقليديا، تتوارثه ايه مدرسه تعلن اختلافها مع مدرسه النص، ولعل تعبير الخليفه الثانى، ان بيعه ابى بكر فلته، هو انضج تشخيص لما اقدما عليه. والاجماع الذى اصطلحه الاصوليون، وتبعهم على ذلك فقهاء مدرسه الاجماع، هو ما عرفه ابو الوليد الباجى، وتبعه على ذلك الفقيه ابن حزم، وغيرهما، وقد مرت الاشاره اليه فى اول مباحث نظريه الاجماع. وانت، اذا تتبعت مجريات احداث الاستخلاف الثلاثه، لوجدت ان الاجماع، يابى ان تدخل ايا منها ضمن دائرته، وذلك للاسباب التاليه:


    اولا - ان ما حدث يوم السقيفه، من الاستنكار والاعتراض، على تصدى الخليفه الاول للبيعه، واستبعاد جل الاصحاب كما سمعت، لا يمكن تفسيره على انه اجماع. ثانيا - ان عمليه استخلاف الخليفه الاول للخليفه الثانى تمت بعيدا عن مشاركه الاصحاب، وذوى الراى والمشوره، بل كانت اعتراضات تلوح فى الافق، بين صامته لا تقوى على التعبير عما يختلج فى صدرها من استنكار، وذلك للاجراءات الامنيه التى اتخذها الشيخان لتكتسح ايه قوه معارضه فكريه، او مسلحه، وبين معارضه معلنه، ابدت تخوفها عند استخلاف الخليفه الاول للخليفه الثانى، كما فى اعتراض طلحه بن عبيد اللّه، (حيث دخل طلحه على ابى بكر فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رايت ما يلقى الناس منه وانت معه، فكيف به اذا خلا بهم، وانت لاق ربك فسائلك عن رعيتك..) او قول عبد الرحمن بن عوف فى الخليفه الثانى: ان فيه غلظه. ومثل هذه الاعتراضات وغيرها لم تجد صدرا منشرحا، يستطيع الخليفه فيه فتح حوار لمناقشه الموقف، بل اصر على رايه، معتذرا انه لم يجد افضل من عمر، وواضح، ان هذا الرد لم يكن قد اقنع معارضه فكريه، قد استندت الى موروث نبوى ضخم، من النصوص على الخليفه الشرعى، فكيف يدخل اذن مثل هذا الاستخلاف ضمن الاجماع؟ ثالثا - كان الخليفه الثانى، قد عهد الى سته نفر من المسلمين انتخاب الخليفه من بعده، ولم يدخل غير هولاء النفر فى الشورى، فكيف يصح بعد ذلك الاجماع؟ هذه بعض الاشكالات التى تعترض مدرسه الاجماع، وكان على منظريها تلافى ذلك، فقدموا الحلول التاليه:


    اولا: ان ما حدث من اختلاف، لا يضر فى مقاله الاجماع، فان الاجماع المقصود، هو اجماع اهل الحل والعقد، وان قلوا، حيث ان بيعه ابى بكر تمت دون التوقف الى اتفاق الكل، والى ذلك اشار التفتازانى بقوله: (الامامه، تثبت عند اكثر الفرق، باختيار اهل الحل والعقد، وان قلوا، للاجماع على امامه ابى بكر من غير نص، ولا توقف، الى اتفاق الكل). والجواب على ذلك: ان ما حدث من طارى شاذ، جعلوه قاعده يقاس عليها، ولعل التفتازانى قد غفل عما قاله الخليفه الثانى، من ان بيعه ابى بكر فلته، والفلته، الامر يقع من غير احكام، قاله ابن منظور فى لسان العرب، واورد حديث عمر: ان بيعه ابى بكر كانت فلته وقى اللّه شرها فالفلته اذن، ما شذ من الامر، وما خرج عن المعهود، دون ترو واحكام، وما كان كذلك، فلا يكون مناطا لقاعده، ولا حجه لدليل.

    ثانيا: ان عهد الخليفه الاول، للخليفه الثانى، كان باجماع من اهل الحل والعقد. الجواب: ان الاجماع يتبادر منه الكثره ولا ينصرف الى القله، فكيف يتوافق قولنا ان الاجماع يعنى اتفاق الكل، مع قولنا ان الاجماع يحصل من اهل الحل والعقد وان قلوا؟ ثم لو سلمنا، ان الاجماع هو اجماع اهل الحل والعقد، فاى اهل الحل والعقد هم؟ بعد ما سمعنا من اعتراض طلحه بن عبيد اللّه على الخليفه الاول، عند توليته للخليفه الثانى، وبعد ما راينا من امتعاض عبد الرحمن بن عوف، من توليه عمر، بقوله: و لكن فيه غلظه فضلا عن استبعاد على بن ابى طالب، والعباس عم النبى، وبنى هاشم، وعمار، وابى ذر، والمقداد، وسلمان، والزبير وغيرهم كثير، اضافه الى استبعاد جموع الانصار واجلتهم.

    ثالثا: ان استخلاف الخليفه الثالث، كان قد تم بالشورى، وهى بالتالى اجماع اصحاب رسول اللّه(ص)، فان الخليفه الثانى عهد الى سته من اهل الحل والعقد، ليقرروا بعد ذلك الخليفه، الى ثلاثه ايام. والجواب على ذلك: ان استقراء سريعا لاحداث ذلك اليوم، يمكن ان نقرا فيه الاجابه على هذا السوال.


    اخي الباحث عن الحقيقة تابع معي البحث وكن منصفا مع نفسك

    والحمد لله وحده
    sigpic
  • أبو احمد
    عضو جديد
    • 26-08-2010
    • 37

    #2
    رد: اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

    فتن كقطع الليل المظلم
    حسبنا الله ونعم الوكيل
    [frame="3 98"]
    [CENTER]هذا توقيع إفتراضي

    [URL="http://www.al-mahdyoon.org/"]الموقع الرسمي للدعوة المباركة[/URL]
    [URL="http://www.al-mahdyoon.org/vb/"]منتديات أنصار الإمام المهدي (ع)[/URL]
    [URL="http://www.nsr313.com/"]صحيفة الصراط المستقيم[/URL]
    [URL="http://www.al-imam-almahdy-ahmad.com/"]موقع غرفة أنصار الإمام المهدي الصوتية[/URL]
    [/CENTER][/frame]

    Comment

    • GAYSH AL GHADAB
      مشرف
      • 13-12-2009
      • 1797

      #3
      رد: اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

      هو انت لحقت تقرء الموضوع
      عجيييب امركم يا ناس
      sigpic

      Comment

      • ابن الطف
        عضو جديد
        • 23-09-2009
        • 61

        #4
        رد: اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
        قد ذكر العسقلاني والبلاذري في تاريخه ومحمد خاوند شاه في " روضة الصفا " وابن عبد البر في " الاستيعاب " وغير هؤلاء أيضا ذكروا: أن سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وجماعة من قريش ما بايعوا أبا بكر، وثمانية عشر من كبار الصحابة رفضوا أيضا أن يبايعوه، وهم شيعة علي بن أبي طالب وأنصاره، وذكروا أسماءهم كما يلي:
        1 سلمان الفارسي 2ـ أبو ذر الغفاري 3ـ المقداد بن الاسود الكندي 4ـ أبي بن كعب 5ـ عمار بن ياسر 6ـ خالد بن سعيد بن العاص 7ـ بريدة الأسلمي 8ـ خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين 9ـ أبو الهيثم بن التيهان 10 ـ سهل بن حنيف 11ـ عثمان بن حنيف 12ـ أبو أيوب الأنصاري 13ـ جابر بن عبد الله الأنصاري 14ـ حذيفة بن اليمان 15ـ سعد بن عبادة 16ـ قيس بن سعد 17ـ عبد الله بن عباس 18ـ زيد بن أرقم.
        فاين الاجماع على بيعة ابي بكر

        Comment

        • السلماني الذري
          عضو نشيط
          • 23-09-2008
          • 402

          #5
          رد: اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

          بسم الله الرحمن الرحيم
          والحمد لله رب العالمين
          وصل الله عل محمد واله الائمة والمهديين وسلم تسليما

          بحث موضوعي مـوفق تسلم أيديكم في نصرة الحق .. ننتظــــــــر ما يلـــي
          اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
          يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك

          Comment

          • GAYSH AL GHADAB
            مشرف
            • 13-12-2009
            • 1797

            #6
            رد: اجمعت الصحابه على ولايه ابى بكر قياسا على تقديم النبى(ص) اياه الى الصلاه

            بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمد لله رب العالمين
            وصل الله عل محمد واله الائمة والمهديين وسلم تسليما

            تتمة الموضوع السابق


            اولا - قال الطبرى: (قالوا يا امير المومنين جاى عمرج لو عهدت عهدا، فقال: قد كنت اجمعت بعد مقالتى لكم، ان انظر، فاولى رجلا امركم، وهو احراكم ان يحملكم على الحق - واشار الى على - ورهقتنى غشيه، فرايت رجلا دخل جنه، قد غرسها فجعل يقطف كل غضه ويانعه فيضمه اليه، ويصيره تحته، فعلمت ان اللّه غالب امره، ومتوف عمر، فما اريد ان اتحملها حيا وميتا، عليكم هولاء الرهط، الذين قال رسول اللّه(ص) انهم من اهل الجنه). تيقن الخليفه الثانى من صلاحيه على بن ابى طالب للخلافه، فهو احراهم ان يحملهم على الحق، هذا هو راى الخليفه، وهذه هى كوامن نفسه، وقد قالها وهو ملاق ربه بعد ساعه. الا انه عدل عن رايه، واستبدل عزمه ليتركها فى سته نفر، وذلك لرويا رآها، فحملته ان يتراجع عن قناعته ويستلسم لما رآه، ولعل القارى لهذا الحدث لا يفوته ان يتساءل عن جمله اسئله تقفز امامه.

            1 - هل يمكن بناء الحكم الشرعى على الرويا؟ مع الاختلاف فى حقيقتها، فانكرها قوم، واختلف فيها آخرون، واليك ما افاده ابن العربى فى احكام القرآن: (واختلف الناس فيها فانكرتها المعتزله، لانها ليست من الشريعه فى شىء. وقد اتفقت الامم عليها، مع اختلافهم فى الاراء والنحل. واختلف علماونا فى حقيقتها، فقال القاضى والاستاذ ابو بكر: انها اوهام وخواطر واعتقادات). وعلى فرض انها حقيقه؟ فهل يجوز العمل بها؟ وهل يمكن تقرير حكم الشرع على اساسها؟

            2 - ما الذى جعل الخليفه الثانى ان يغلب ظنه فى الرويا على حقيقه ما اعتقده واقعا؟

            3 - هل كان الخليفه الثانى جادا فى الرويا، ام هو التمهيد لارضيه خلافه عثمان؟ الذى لم يجد بدا من ان يدعمها، ليتراجع عن اعترافه فى صلاحيه على! ثانيا - قال ابن الاثير: قال عمر لصهيب: وادخل هولاء الرهط بيتا، وقم على رووسهم، فان اجتمع خمسه وابى واحد فاشدخ راسه بالسيف، وان اتفق اربعه وابى اثنان فاضرب روسهما، وان رضى ثلاثه رجلا، وثلاثه رجلا فحكموا عبداللّه بن عمر، فان لم يرضوا بحكم عبداللّه بن عمر، فكونوا مع اللذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين.. هكذا نظم الخليفه الثانى برنامج الشورى، ورتبه لصالح نزعته فى عثمان، فعبد اللّه بن عمر هواه فى عثمان لا محاله دون على، ودليل ذلك ان عبد اللّه بن عمر لم يبايع عليا حتى قتل، فضلا عن اعتكافه ايام خلافته وعدم خروجه ونصرته اياه. ومجموعه عبد الرحمن بن عوف تعنى مجموعه عثمان بن عفان، لان تحالفا تقليديا كان بين الرجلين من ذى قبل، فلا يقدم عبد الرحمن احدا على عثمان، فالخط السياسى الذى يلتزمه عثمان هو نفسه الخط الذى يمثله عبد الرحمن، وهو نصره الشيخين وتاييدهما، واحداث السقيفه تشهد ان تحالفا قد شكلته جبهه عبد الرحمن وعثمان لتاييد البيعه والعمل على ازواء الخلافه عن على. (ودعا جاى عبد الرحمن ج عليا، وقال: عليك عهد اللّه وميثاقه لتعملن بكتاب اللّه، وسنه رسوله، وسيره الخليفتين من بعده، قال: ارجو ان افعل، فاعمل بمبلغ علمى وطاقتى، ودعا عثمان فقال له مثل ما قاله لعلى، فقال: نعم نعمل، فرفع راسه الى سقف المسجد، ويده فى يد عثمان، فقال: اللهم اسمع واشهد، انى قد جعلت ما فى رقبتى من ذلك فى رقبه عثمان، فبايعه. فقال على: ليس هذا اول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون، واللّه ما وليت عثمان الا ليرد الامر اليك واللّه كل يوم فى شان). ولنا مع نتيجه عبد الرحمن، مناقشه:
            1 - ما معنى ان يجعل عبد الرحمن بن عوف شرطا لعلى، وهو العمل بسيره الخليفتين من بعد رسول اللّه(ص)، فهل كانت سيره الخليفتين وفق كتاب اللّه وسنه رسوله، ام خلافهما؟ فان كانت هى نفسها، فلا حاجه لهذا الشرط، لانه لغو، وان كانت سيرتهما خلاف كتاب اللّه وسنه رسوله، فعلى اولى بالرفض لسيرتهما.

            2 - هل ان الخليفه مجتهد على ضوء كتاب اللّه وسنه نبيه، ام مقلد؟ فان كان الخليفه مجتهدا على اساس كتاب اللّه، فلا معنى لتقليد غيره، وان كان مقلدا فمن الذى قلده الشيخان؟

            3 - هل كانت سيره الشيخين بديلا لسيره النبى(ص) فى نظر عبد الرحمن بن عوف؟ فان كانت كذلك، فان عليا لا يرى لسيره الشيخين من سبيل عليه، كما يراها عبد الرحمن، بل هو آخذ بسنه رسول اللّه دون غيره.

            4 - الم يكن الخليفتان يستشيران عليا فى كل معضله نزلت بساحتهما، حتى صرح الخليفه الثانى كما رواه سعيد بن المسيب، قال عمر بن الخطاب: اعوذ باللّه من معظله ليس لها ابو الحسن. يعنى عليا. واخرج الدار قطنى، ان عليا قال للسته الذين جعل عمر الامر شورى بينهم كلاما طويلا، من جملته: انشدكم باللّه هل فيكم احد، قال له رسول اللّه(ص) يا على انت قسيم الجنه والنار يوم القيامه غيرى؟ قالوا اللهم لا. وروى السماك، ان ابا بكر، قال له رضى اللّه عنهما: سمعت رسول اللّه(ص) يقول: لا يجوز احد الصراط الا من كتب له على الجواز. فهل ابين حجه من على، بعد هذا كله؟ ام هل يحتاج مع هذا، ان يسير على سنه من شهدا له بالفضل، والمنزله؟ هذه هى الشورى التى جرت يوم ذاك، فهل ترى فيما جرى من احداث الشورى، ما ناسب التشاور حقيقه؟ ام هى الخدعه، كما وصفها على بن ابى طالب، بعد اعلان نتيجه الشورى، وبهذه الكيفيه؟ قال الطبرى: فرجع على يشق الناس حتى بايع، وهو يقول:
            (خدعه، وايما خدعه)!! فهل يحق لنا ان نصف ما جرى بانه شورى؟ وقد وصفها على انها (خدعه)، وهو احد النفر السته؟ واذا عرفت هذه المقدمات، فلابد من الفصل بين مصطلحات الاجماع واهل الحل والعقد والشورى، فان مدرسه الاجماع عمدت الى الخلط بين الجميع، خروجا عن اى اشكال، فاذا اشكلت على الاجماع بانه غير تام، قالوا ان الاجماع، هو اجماع اهل الحل والعقد، وان اشكلت ان فى استخلاف الخليفه الثانى للخليفه الثالث لم يكن هناك اجماع لاهل الحل والعقد، قالوا هناك شورى لاهل الحل والعقد، ورايت الشورى، وكيف تصرف فيها شخص واحد، وقرات عن الاجماع، كيف تم يوم السقيفه، وعلمت كيف كان اجماع اهل الحل والعقد فى استخلاف الخليفه الثانى، حيث لم يكن قد اطلع على الامر سوى عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان فقط. والحق لم يتضح لنا حتى الان المراد من اهل الحل والعقد من هم، جميع اهل الحل والعقد؟ وقد رايت ان الخليفه يختار نفرا منهم، ام هو اختيار لاهل الحل والعقد، يختاره الخليفه، فهل يسمى بعد ذلك، اجماعا؟

            هل الاجماع فعلى.. ام مناورات تنظيريه؟

            قال الباحث على عبدالرازق فى كتابه، الاسلام واصول الحكملاصل فى الخلافه عند المسلمين ان تكون راجعه الى اختيار اهل العقد والحل، اذ الامامه عقد يحصل بالمبايعه من اهل الحل والعقد، لمن اختاروه اماما للامه بعد التشاور بينهم، قد يكون معنى ذلك ان الخلافه تقوم عند المسلمين على اساس البيعه الاختياريه، وترتكز على رغبه اهل العقد والحل من المسلمين ورضاهم، وقد يكون من المعقول اذا رجعنا الى الواقع ونفس الامر وجدنا ان الخلافه فى الاسلام لم ترتكز الا على اساس القوه الرهيبه، وان تلك القوه كانت، الا فى النادر، قوه ماديه مسلحه، فلم يكن للخليفه ما يحوط مقامه الا الرماح والسيوف والجيش المدجج والباس الشديد، فبتلك دون غيرها يطمئن مركزه، ويتم امره. يقف السيد على عبد الرازق من مساله اجماع اهل العقد والحل موقفا واضحا، حيث ينسف صحه وقوع مثل هذا الاجماع، ويرجع الخلافه الاسلاميه الفعليه الى انها دوله قامت على الغلبه والقوه، ويحبط فى ذلك مبتنيات نظريه الاجماع، بل وينفى قيامه مطلقا، وانما كانت بيعه ابى بكر افرازا لتنافسات سياسيه رهيبه، انتهت بغلبه فريق السقيفه على الامر، فقال:
            لم يكن خافيا على العرب، ان اللّه تعالى قد هيا لهم اسباب الدوله، ومهد لهم مقدماتها، بل ربما كانوا قد احسوا بذلك من قبل ان يفارقهم رسول اللّه(ص)، ولكنهم حين قبض رسول اللّه(ص) اخذوا من غير شك يتشاورون فى امر تلك الدوله السياسيه، التى لم يكن لهم مناص، من ان يبنوها على اساس وحدتهم الدينيه التى خلفها فيهم النبى(ع).. وما كانت نبوه الا تناسخها ملوك جبريه. كانوا يومئذ انما يتشاورون فى امر مملكه تقام، ودوله تشاد، حكومه تنشا انشاء. ولذلك جرى على لسانهم يومئذ ذكر الاماره والامراء، والوزاره والوزراء، وتذاكروا القوه والسيف، والعز والثروه، والعدد والمنعه، والياس والنجده. وما كان كل ذلك الا خوفا فى الملك، وقياما بالدوله وكان من اثر ذلك ما كان من تنافس المهاجرين والانصار وكبار الصحابه بعضهم مع بعض تمت البيعه لابى بكر، فكان هو اول ملك فى الاسلام. واذا انت رايت كيف تمت البيعه لابى بكر، واستقام له الامر تبين لك انها كانت بيعه سياسيه ملكيه، عليها كل طوابع الدوله المحدثه، وانها قامت كما تقوم الحكومات، على اساس القوه والسيف. وما ذهب اليه الاستاذ الباحث هو الاوفق بالواقع، الذى قامت عليه بيعه السقيفه.

            هل يرى الخليفه الثانى حجيه الاجماع فى بيعه ابى بكر؟

            لم يكن فى بال الخليفه الثانى الاعتذار عن بيعه ابى بكر بالاجماع الذى نصطلحه اليوم، ولن يحتمل الامر اى تخريج على انه اجماع الامه او اجتماع اهل الحل والعقد، فضلا عن اعترافه، بان بيعه ابى بكر لم تكن بدليل من كتاب اللّه وسنه نبيه، بل هو راى ارتئاه، واجبر المسلمين عليه، وهدد وتوعد ان لم يستجيبوا اليه، ولعل الفتنه التى توجس هو وحده دون غيره دفعته الى ذلك، بل اعتذر عن بيعه ابى بكر بانها فلته وقى اللّه المسلمين شرها، فلا اجماع اذن، ولا دليل من كتاب اللّه، ولا عهد من رسوله، بل هكذا راى مجرد، عمل به، واستحسنه، واليك مقالته:
            عن انس بن مالك قال: لما بويع ابو بكر فى السقيفه، وكان الغد، جلس ابو بكر على المنبر، فقام عمر، فتكلم قبل ابى بكر، فحمد اللّه واثنى عليه بما هو اهله، ثم قال:

            ايها الناس انى قد كنت قلت بالامس مقاله ما كانت الا عن رايى، وما وجدتها فى كتاب اللّه، ولا كانت عهدا عهده الى رسول اللّه(ص)، ولكنى قد كنت ارى ان رسول اللّه سيدبر امرنا، حتى يكون آخرنا، وان اللّه قد ابقى فيكم كتابه، الذى هدى به رسول اللّه، فان اعتصمتم به هداكم اللّه لما كان هداه له، وان اللّه قد جمع امركم على خيركم، صاحب رسول اللّه، وثانى اثنين اذ هما فى الغار، فقوموا فبايعوا. واذا كان الامر كذلك، فلا حاجه لنا اذن بتنظيرات الاجماع، ومقوله آراء اهل الحل والعقد، فقد كان الخليفه الثانى، واضحا وصريحا، فى الاسباب التى دفعته الى بيعه ابى بكر. واذا كنا متمردين على الحقيقه، فان وقائع التاريخ تناقض ما ندعى، وستدافع عن نفسها بنفسها، اذا ما وجدت من يقرا التاريخ قراءه معكوسه، ويتغاضى عن الحقيقه بحجه الدفاع عنها. وكم تصدت الوقائع التاريخيه ذاتها، للدفاع عن حقائق مجريات الاحداث نفسها، وكم هى صريحه فى اظهار ما لا يخفى، واذا كان البعض متبرعا فى ان يفهم الاحداث بذوق خاص، وبرويه خاصه، فلا نجد ما يسوغ له ان يلزم الاخرين برايه، وتوجيهه بالوجهه التى يرضى ما تاقت اليه نفسه، وما ذهبت اليه.

            خلفاء مدرسه الاجماع

            عن شعبه بن عبد الملك سمعت جابر بن سمره، قال: سمعت النبى(ص) يقول: يكون اثنا عشر اميرا، فقال كلمه لم اسمعها، فقال ابى: انه قال كلهم من قريش. يشير الحديث الى ان عدد الخلفاء بعد النبى(ص) اثنا عشر خليفه، كلهم من قريش، وليس ثمه غموض يوجب الحيره والتردد فى معرفه قصده(ص)، ولا ابهام يودى بالحديث الى تضارب الاراء، وتنازع الافهام، بل ان قرائن الحديث تعين القارى على استنباط القصد النبوى، من ان الائمه الاثنى عشر، هم آل بيته صلوات اللّه عليهم اجمعين، هذا هو مفهوم الحديث، وتلك هى دلالته.

            واذا اغضينا عن النصوص الوارده فى اسمائهم، فان ملامح شخصيتهم توحى الى خلافتهم، ومعالم حياتهم تنبى لا محاله عن مقتضيات الاستخلاف فيهم، واذا كان الامر كذلك فلا حاجه اذن الى الحيره فى تفسير ما يدعى البعض من ابهام الحديث، والنبى(ص) لا يلقى مبهما مجهولا، والا فلا حاجه لذكره بعد ذلك، وحكمته(ص) تقتضى خلاف ذلك، لمقامه التبليغى الذى اوجب ان يكون حديثه مبنى لحكم تشريعى، او تفسيرا لحكم تشريعى، وما اختلف فيه من قصده(ص)، ذلك لاختلاف الدليل، او تشابه القرائن لدى المجتهدين، اما كون القرائن واضحه جليه، فلا مجال بعد ذلك للاختلاف والتنازع. الا ان ظاهره الابهام فى الحديث هى الطريقه التى لاقت رواجا لدى البعض، وامتدت آثارها لتضرب مساحات واسعه من كتب المعاصرين، حتى زحفت الى ذهنيه القارى نفسه، فاورثته حاله تضخم كاذب فى الفهم والتحقيق، فتصرفه بعد ذلك عن ان يتابع معنى الحديث وتفسيره. فالحديث تدل قرائنه على شخصيه الائمه الاثنى عشر من آل البيت(عليهم السلام)، ولا مجال لتفسيره فى غيرهم، وذلك للياقتهم فضلا عن النصوص الوارده فيهم، وسياتى البحث فى معالم شخصيتهم فى البحوث القادمه ان شاء اللّه تعالى. الا ان المتتبع لبحوث مدرسه الاجماع، سيجد ان الحديث قد التزمت تفسيره ثلاث تيارات فكريه، هى خلاصه تيارات سياسيه قائمه، او ممهده لقيامها:


            التيار الاول: وهو الداعى الى ابهام الحديث، وعدم مناقشته، الا انه لا يخلو من بعض الاحتمالات التى ترجع بالقارى الى الابهام اخيرا، والى ذلك دعا الامام الكشميرى الديوبندى بقوله فى تفسير الاثنى عشر اميرا: قيل انهم متفاصلون، وقيل متوالون، وقيل هم الخلفاء الاربعه والامام الحسن، والامير معاويه، وبعض من الخلفاء العباسيين، حتى يكون آخرهم المهدى، وقيل:دعوه على ابهامه.

            التيار الثانى: فسر الحديث لصالح ترشيح ثمانيه من الامويين، اضافه الى الخلفاء الاربعه، وهو كما ترى تيار ذو نزعه امويه حاده تتطرف لنزعتها، ولم تر لغير هولاء ان يدخلوا تحت قوله(ص) الائمه من قريش، مع وجود العباسيين القرشيين، فضلا عن العلويين، ومن اعيان هذه النزعه، القاضى عياض، وقد لخص قوله ابن حجر العسقلانى بعد استعراضه لكلامه وكلام ابن الجوزى فقال: وينتظم من مجموع ما ذكراه اوجه، ارجحها الثالث من اوجه القاضى لتاييده بقوله فى بعض طرق الحديث الصحيحه على ابى بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم على، الى ان وقع امر الحكمين فى صفين، فسمى معاويه يومئذ بالخلافه، ثم اجتمع الناس على معاويه عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين امر، بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف، الى ان اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على اولاده الاربعه الوليد ثم سليمان ثم يزيد، ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز، فهولاء بعد الخلفاء الراشدين والثانى عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولى نحو اربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه.. الى آخر كلامه. التيار الثالث: تيار التزم النزعتين معا، النزعه الامويه والنزعه العباسيه، وحاول الجمع بينهما، ليخرج باحتمالات رتب فيها تشكيله غير موفقه لانعطافه كثيرا الى احتمالات غير دقيقه ولا محسوبه، واليك محاولته بعد ان استعرض السيوطى مثلا جمله من الاقوال فى تفسير الحديث، قال:
            قلت: وعلى هذا فقد وجد من الاثنى عشر خليفه الخلفاء الاربعه، والحسن ومعاويه، وابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، هولاء ثمانيه، ويحتمل ان يضم اليهم المهتدى من العباسيين لانه فيهم كعمر بن عبد العزيز فى بنى اميه وكذلك الظاهر لما اوتيه من العدل، وبقى الاثنان المنتظران احدهما المهدى من آل بيت محمد(ص). هذه هى اهم التيارات التى يمكن عرضها، ويلاحظ عليها:

            1 - لم تكن هذه التيارات موفقه مطلقا، لالتزامها مبدا البحث بالاحتمالات، ومعلوم، ان غياب الدليل عن القضيه العلميه المبحوثه يدخلها فى متاهات الاحتمالات فتفقد مصداقيتها العلميه، فضلا عن المصداقيه التاريخيه التى تنفى جميع هذه الاحتمالات.

            2 - تعثرت هذه المحاولات فى تقديم الحلول الصحيحه، وذلك لاقحامها وجودات حاكميه ذات سمه قيصريه وكسرويه، لا تتناسب مع ما تعارف من ورع الخليفه، وزهده وتقواه، وسياتى فى البحوث القادمه بيان ذلك.

            3 - عبرت هذه التيارات عن ولاءاتها السياسيه غير الحياديه، وادخلت فى حساباتها برمجه الاحاديث النبويه لصالح نزعتها، مما حدى بالقارى ان لا يسكن الى احدها، خصوصا وهو يجد التضارب فى مصاديق التفسير، دون الاعتماد على دليل ناضج، او تفسير رشيد.

            4 - ان المتتبع لهذه الجهود التفسيريه فى الحديث، وبهذه الطريقه المتشنجه والغير العلميه يشعر ان هناك تنافسا محموما على ايجاد حاله من الابهام المفتعل فى قراءه الحديث، فان التفسير ينزع الى تثبيت رويه اخرى غير رويه تشخيص الاشخاص، وهى اهم فى نظر هولاء الباحثين من تسميه الخلفاء، وهذه الرويه تحاول التضبيب على الفهم الطبيعى للحديث، وتتهمه بالابهام لسد الطريق على الاخرين من مواصله بحوثهم.

            5 - ان دوافع ذلك واضحه، تكمن فى ان الحديث يشير الى الائمه الاثنى عشر من آل البيت(عليهم السلام)، لقرائن مقاليه مستفاده من احاديث صحيحه روتها الاماميه بطرقها تنص على خلافتهم، ولا يمكننا ذكرها هنا لعدم مناسبتها مع خطه البحث الهادفه الى قراءه خلفاء المدرستين بنصوص اهل السنه، فضلا عن القرائن الحاليه التى توكد جداره وواقعيه الائمه من آل البيت(عليهم السلام) لخلافه النبى(ص) ووراثته.

            اختيار خطه البحث:

            ومن خلال استعراضنا لتيارات التفسير هذه، يمكننا الان دراسه اى المفاهيم التى تختارها هذه التيارات الثلاث، وسوف لا نفاضل فى الاختيار لعدم مصداقيه هذه التيارات علميا، هذا من جهه، ومن جهه اخرى ان عروضا لمثل هذه التيارات تملا كتب الباحثين، ولا يروقنا الانجرار وراءها بعد ان كشفنا عن نوايا وواقعيه هذه الدراسات، ولكننا سوف نختار التيار الثانى، وهو تفسير القاضى عياض ذلك لانه اوفق بخطه البحث، فان استعراضا لخلفاء بنى اميه يمهد السبيل لاستعراض الائمه الاثنى عشر، لا فى صدد المقارنه والتفاضل الواقعيين، بل من اجل استقطاب اغلب البحوث المعروضه فى خطه واحده، وذلك من اجل دراسه مقارنه لشخصيتى المدرستين ولمقتضيات فنيه، ثم نكون قد عرجنا على حياه بعض خلفاءبنى العباس وبمايقتضيه مقام البحث،وبذلك سوف نجمع روى التيارات الثلاث المعروضه، وسنوفر على الباحث جهد البحث والمتابعه غير الجاده.

            قائمه القاضى عياض:

            فى قائمه القاضى عياض - وهى التى يرجحها ابن حجر العسقلانى - جاء ترتيب الخلفاء، كالاتى:
            الخلفاء الراشدون، معاويه بن ابى سفيان، يزيد بن معاويه، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، الوليد بن يزيد بن عبد الملك. ولما كانت البحوث السابقه قد قدمت لنا قراءه عن حقبه تاريخيه تكشف ملامح شخصيه الخلفاء الراشدين، فضلا عن معالم ومبتنيات دوره زمنيه مكتظه بالاحداث والتحولات، لذا فاننا سننتقل مباشره الى معاويه بن ابى سفيان لنبدا بدراسه قائمه خلفاء الاجماع:

            اولا - معاويه بن ابى سفيان

            ولى معاويه الشام فى عهد عمر بن الخطاب، وبقى هناك، حتى قتل عثمان، فلما ولى على بن ابى طالب الخلافه، لم يبايعه معاويه، بل اعلن نفسه خليفه، وهو اول من ادعى الخلافه مع وجود الخليفه الشرعى، الذى بايعته الامه، وهو امر لم تعرفه اصول الخلافه الاسلاميه، ولم تالفه الامه، ذلك لان الخلافه، اما ان تكون بالنص، وهو ما ذهبت اليه الاماميه، واما بالاجماع وآراء اهل الحل والعقد، كما ذهب الى ذلك اهل السنه، فاما النص، فان الامه اجتمعت فى وقتها، على خلافه على بن ابى طالب وبايعته، فلا مجال لتخلف احد من المسلمين عن ذلك، فضلا عن دعوى الخلافه مع وجود الخليفه الشرعى.

            فهنا امران:

            الاول: اما انخرام قاعده الاجماع - والتى مفادها ان الامه متى اجتمعت على الخليفه صار شرعيا، لا ينازعه احد، ولا يحق الخروج عليه - فان عليا وهو خليفه، لم يجتمع عليه البعض، كالشاميين ولم يبايعوه ثم نازعوه، فاين الاجماع اذن بعد المنازعه وعدم البيعه؟ الثانى: رد دعوى معاويه بانه خليفه، لان الخلافه استقرت فى على بن ابى طالب، وان الامه اتفقت كلمتها على ذلك، فاهل النص، وهم الاماميه، قالوا بامامته، للنصوص النبويه الصحيحه، واهل السنه، ذهبوا الى خلافته، لان الامه اجتمعت عليه بعد مبايعتهم له، فكان خروج معاويه على خلافه على خروجا على امه المسلمين، القائلين بالنص، او الذاهبين الى الاجماع.

            والاخذ بهذين الامرين يترتب عليه ما يلى:

            اولا: عند انخرام قاعده الاجماع، فلا محيص من الاخذ بالنصوص النبويه الوارده فى تعيين الخليفه الشرعى، وهو الامر الذى قالت به الاماميه، ووافقهم على ذلك المعتزله مع اختلاف فى التفصيل، ليس هنا محله، فصار تقديم مدرسه النص، على مدرسه الاجماع احرى بمقتضيات البحث العلمى فى المقام واوفق. الثانى: يترتب على رد دعوى معاويه للخلافه، اما كفره، او فسقه، وهو ما يقتضى مقاتلته ودفعه عن دعواه، وذلك يثبت بالصحاح الاتى ذكرها:


            1 - ما يقتضى فسقه:

            روى البخارى فى صحيحه، عن المساور الحميرى، عن امه، قالت: دخلت على ام سلمه، فسمعتها تقول: كان رسول اللّه(ص) يقول: (لا يحب عليا منافق، ولا يبغضه مومن). وعن ابى سعيد الخدرى، قال: انا كنا نعرف المنافقين نحن معشر الانصار، ببغضهم على بن ابى طالب. وفى سنن ابن ماجه، عن زربن حبيش، عن على، قال: عهد الى النبى الامى(ص) انه لا يحبنى الا مومن، ولا يبغضنى الا منافق. ولا يخفى، ان معاويه حينما اعلن خروجه على على بن ابى طالب، اعلن لاصحابه ان عليا لم يكن خليفه شرعيا، ومن كان هذا حاله فيجب مقاتلته، حتى نصب له العداوه والبغضاء، واعلن سبه على منابره، وامر اصحابه بذلك، فجعلها سنه باقيه عند قومه، وهى اقصى غايات البغض التى عرف بها معاويه، طيله خلافه على، ومن كان كذلك، فان نفاقه ثابت بنص الاحاديث التى سلف ذكرها.

            2 - ما يقتضى كفره:


            فقد اوردت الصحاح ما نصه: ان رسول اللّه(ص) قال: (اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما). قال شارح صحيح مسلم: انه لا يجوز عقد البيعه لخليفتين فى زمن واحد، والا لما جاز قتل الاخر منهما. قال الشارح: واتفق العلماء على انه لا يجوز عقدها لخليفتين فى عصر واحد سواء اتسعت دار الاسلام ام لا، وقال امام الحرمين:
            وعندى انه لا يجوز عقدها لاثنين فى عصر واحد وهذا مجمع عليه، فان بعد ما بين الامامين فللاحتمال فيه مجال، وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف ولظواهر اطلاق الاحاديث. وروى البخارى فى صحيحه عن رسول اللّه(ص) انه قال: (من خرج من السلطان شبرا مات ميته جاهليه). ومعلوم، ان قتل المومن لا يحل، الا اذا خرج عن ايمانه الى الكفر. الموجب مقاتلته، اذ لا يحل قتال المسلم فضلا عن المومن، وكل من امر به النبى(ص) بمقاتلته فقد اخرجه من الاسلام الى الكفر، فان دم المسلم حرام، فلما بويع على خليفه، اعلن معاويه نفسه خليفه متمردا عليه، فوجب مقاتلته استنادا الى الحديث النبوى الذى اخرجه مسلم آنفا، وكل من امر به النبى(ص) بمقاتلته، فقد اقتضى كفره. واذا ضممنا حديث ابن الجوزى فى قتال على، فاننا نكون قد حصلنا على ما يويد مقتضى فسقه، فضلا عن كفره، حيث قال:
            ولا يختلف العلماء ان عليا(رضى اللّه) لم يقاتل احدا الا والحق مع على، كيف وقد قال رسول اللّه(ص): (اللهم ادر معه الحق كيفما دار). ويويده حديث ام سلمه، كما رواه ابو بكر الهيثمى وابن حجر فى مجمع الزوائد ومنبع الفوائد عنها انها قالت: سمعت رسول اللّه(ص) يقول: (على مع القرآن والقرآن مع على، لا يفترقان حتى يردا على الحوض). ومثله ما اخرجاه عن ام سلمه، انها كانت تقول: كان على على الحق، من اتبعه اتبع الحق ومن تركه ترك الحق، عهد معهود قبل يومه هذا. هذا ما اقتضته الاحاديث النبويه الصحيحه، حيث اوجبت علينا الاخذ بامور:

            1 - القول بخلافه على، وبطلان خلافه من اعلن نفسه خليفه فى عرضه.

            2- القول بوجوب فسق من جاهد عليا، ونصب له العداوه والبغضاء.

            3- القول بوجوب الكفر المودى الى قتل من اعلن نفسه خليفه، مع وجود من بايعته الامه.

            4 - عدم القول باجماع الامه، المفضى الى طرح النصوص النبويه الداله على تسميه الخليفه، لان مع عدم اجتماع بعض الامه كالشاميين وغيرهم، صحت خلافه على وقال المسلمون بها، واتفقوا عليها، حتى عدوه الخليفه الرابع.

            5 - القول بالاخذ بالنصوص النبويه،الداله على الخليفه الشرعى، والتزام ما قالت به الاماميه، من ان الخلافه بالنص، لا باجتماع الامه. فان تمسك بعضهم بان معاويه صحت خلافته بعد صلحه مع الحسن بن على(ع)، ولما كان الوقت قد خلى من حجه، وهو الخليفه السائس لئلا تترك امه محمد (ص) سدى، فقد وجب القول، بخلافه معاويه، فان الامه لا تترك دون خليفه وامام! فان هذا متمسك متهافت حتى لو اعرضنا عن الطريق الذى سلكه معاويه لحيازه الخلافه، ذلك ان للخلافه شروطا عددها هذا الفريق نفسه المتمسك بهذه الدعوى، وان اى واحد من هذه الشروط كفيل بسلب الشرعيه عن خلافه معاويه. فسنقرا من اقوال السلف فى معاويه، ما يكشف عن مدى انطباق شرائط الخلافه تلك عليه.

            1 - قال الحسن البصرى: اربع خصال كن فى معاويه، لو لم تكن فيه الا واحده لكانت موبقه: انتزاوه على هذه الامه بالسيف، حتى اخذ الامر من غير مشوره، وفيهم بقايا الصحابه وذوو الفضيله. واستخلافه بعده ابنه، سكيرا خميرا، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير. وادعاوه زيادا، وقد قال رسول اللّه(ص): (الولد للفراش وللعاهر الحجر). وقتله حجرا واصحاب حجر، فيا ويلا له من حجر، ويا ويلا له من حجر واصحاب حجر.

            2 - قالت عائشه: لولا انا لم نغير شيئا الا صارت بنا الامور الى ما هو اشد منه، لغيرنا قتل حجر، اما واللّه ان كان ما علمت لمسلما، حجاجا معتمرا. وكانت عائشه تقنت فى صلاتها بلعن معاويه وابن العاص بعد مقتل اخيها محمد بن ابى بكر.

            3- قال عمر بن الخطاب: ان عباده بن الصامت، انكر على معاويه اشياء، ثم قال له لا اساكنك بارض، فرحل الى المدينه، فقال له عمر ما اقدمك الى، لا يفتح اللّه ارضا لست فيها انت وامثالك، فانصرف لا امره لمعاويه عليك.

            4 - قال عمرو بن العاص: لولا مصر وولايتها، لركبت المنجاه منها، فانى اعلم ان على بن ابى طالب على الحق، واننا على ضده.

            5 - كان الناس يقولون: اول ذل دخل الكوفه، موت الحسن بن على، وقتل حجر، ودعوه زياد. ومن كانت هذه حاله فلا يمكن ان يصدق عليه شىء من شروط الامامه والخلافه. فلا نص، ولا اجماع، ولا شىء من شروط الخلافه متوفر فيه.. وعليه فخلافه معاويه، مخالفه لمبانى مدرسه اهل السنه القائلين بالاجماع، وخلافها لمدرسه الاماميه القائلين بالنص، اظهر.



            واكثر من ذلك، ان من يقرا ما روى عن معاويه لا يتوقف فى كفره والحاده بعد ذلك، فان الزبير بن بكار قال: سمعت المدائنى يقول: قال مطرف بن المغيره بن شعبه وفدت مع ابى المغيره الى معاويه، فكان ابى ياتيه يتحدث عنه ثم ينصرف الى فيذكر معاويه ويذكر عقله ويعجب مما يرى منه، اذ جاء ذات ليله فامسك عن العشاء، فرايته مغتما، فانتظرته ساعه، وظننت انه لشى‏ء حدث فينا او فى عملنا، فقلت: مالى اراك مغتما منذ الليله؟ قال: يابنى انى جئت من عند اخبث الناس، قلت له: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: انك قد بلغت مناك يا امير المومنين، فلو اظهرت عدلا وبسطت خيرا فانك قد كبرت، ولو نظرت الى اخوتك من بنى هاشم فوصلت ارحامهم فواللّه ما عندهم اليوم شى‏ء تخافه، فقال لى. هيهات هيهات!! ملك اخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فواللّه ما عدا ان هلك فهلك ذكره، الا ان يقول: قائل: ابو بكر، ثم ملك اخو عدى فاجتهد وشمر عشر سنين، فواللّه ما عدا ان هلك فهلك ذكره، الا ان يقول قائل:
            عمر، ثم ملك اخونا عثمان فملك رجل لم يكن احد فى مثل نسبه، فعمل ما عمل وعمل به فواللّه ما غدا ان هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعل به، وان اخا هاشم يصرخ به فى كل يوم خمس مرات: اشهد ان محمدا رسول اللّه فاى عمل يبقى مع هذا؟ لا ام لك، واللّه الا دفنا دفنا!

            والحمد لله مالك الملك
            sigpic

            Comment

            Working...
            X
            😀
            🥰
            🤢
            😎
            😡
            👍
            👎