السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
بسم الله الرحمن الرحيم
انتفاع الموتى بأعمال الأحياء
ينتفع الإنسان بالإيمان إذا انضم إليه العمل الصالح ولا ينفع إيمان تجرد عن العمل ، ولأجل ذلك قرن الله سبحانه العمل الصالح إلى جانب الإيمان في أكثر الآيات ، وقال : * ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * . ( 1 ) فالاعتماد على الإيمان مجردا عن العمل فعل الحمقى .
وهذا هو الإمام أمير المؤمنين علي " عليه السلام " يؤكد في خطبته على العمل ، إذ يقول : " فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل " . ( 2 )
ويقول في خطبة أخرى : " ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة والغاية النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته ، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه " . ( 3 )
انتفاع الإنسان بعمله وعمل غيره كما أن الإنسان ينتفع بعمل نفسه كصلاته وصومه كذلك ينتفع بعمل غيره إذا كان له دور فيه كما إذا خلف أعمالا خيرية يستفيد منه الناس كصدقة جارية أجراها أو إذا ترك علما ينتفع به أو
ربى ولدا صالحا يدعو له ، فهو ينتفع بصدقاته وعلومه ودعاء ولده . ونظيره الجسر الذي بناه ، والنهر الذي أجراه ، والمدرسة التي شيدها ، والطريق الذي عبده ، فقد ينتفع به لأنها أعمال قام بها بنفسه باقية بعد موته .
أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " ، قال : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " . ( 1 )
وأخرج مسلم ، عن جرير بن عبد الله ، قال : قال رسول الله : من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شئ ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شئ . ( 2 )
ففي هذا المورد ينتفع الميت بعد موته بعمل الغير لقيامه في ترغيب ذلك الغير وتشويقه إلى فعله ، فإن من سن سنة حسنة كأنه يدعو الغير بعمله هذا إلى الاقتداء به . إنما الكلام فيما إذا لم يكن للميت نصيب في العمل ، فهل يصل ثواب عمل الغير إليه إذا أهدى صاحب العمل ثوابه إليه ؟
فالظاهر من الكتاب والسنة أنه سبحانه بعميم فضله وواسع جوده يوصل ثواب عمل الغير إلى الميت فيما إذا قام الغير بعمل صالح نيابة عنه وبعث ثوابه إليه ، ويدل عليه لفيف من الآيات والروايات .
1 . استغفار الملائكة للمؤمنين قال تعالى : * ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) * . ( 1 )
وقال تعالى : * ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) * . ( 2 )
2 . دعاء المؤمنين للسابقين إلى الإيمان * ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) * . ( 3 ) فلو لم يكن لاستغفار الملائكة ودعاء المؤمنين للتابعين سبيل
الله مفيدا ، فما معنى نقله سبحانه عنهم كما عرفت .
وأما الروايات فحدث عنها ولا حرج .
1 . أخرج مسلم ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه . ( 1 )
2 . وأخرج أيضا عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضي عنها ، قال : نعم ، فدين الله أحق أن يقضى . ( 2 )
3 . روى سعد بن عبادة ، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزي عنها أن أعتق عنها ، قال : أعتق عن أمك . ( 3 )
4 . روى أبو هريرة ، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبي مات وترك مالا ولم يوص ، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال : نعم . ( 4 )
5 . روى سعد بن عبادة ، أنه قال : يا رسول الله ، إن أم سعد ماتت ، فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الماء . قال : فحفر بئرا ، وقال : هذه لأم سعد . ( 5 )
واللام في قوله : هذه لأم سعد هي لام الاختصاص ، نظير قوله سبحانه : * ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء ) * ( 1 ) وهي دالة على الجهة التي تصرف فيها الصدقة ، وليست من قبيل اللام الداخلة على لفظ الجلالة في قولنا : نذرت لله ، فإن اللام هناك للتقرب وفي المقام لبيان المحل .
وقد اقتصرنا بالقليل من الكثير فمن أراد الوقوف على مصادر الروايات فليرجع إلى المصدر أدناه . ( 2 ) وعلى ذلك سارت المذاهب الفقهية الأربعة حيث يفتون بانتفاع الميت بعمل الحي حتى إذا لم يوص به ولم يكن له في السعي نصيب .
فهذه الروايات والفتاوى تثبت ضابطة كلية وهي وصول ثواب كل عمل قربي إلى الميت إذا أوتي به نيابة عنه سواء أكان من قبيل الصوم والحج أو غيرهما .
وعلى هذا يعلم صحة عمل المسلمين حيث يقومون بأعمال حسنة صالحة ربما أهدوا ثوابها إلى أحبائهم وأعزتهم الموتى وهو أمر يوافق عليه الكتاب والسنة ، فما يقوم به المسلمون لموتاهم من إهداء ثواب الأعمال الصالحة لهم ، أو عندما يفعلونه عند قبور الأنبياء والأولياء من إطعام الطعام وتسبيل الماء بنية أن يصل ثوابها إليهم إنما
1 . التوبة / 60 . 2 . لاحظ للوقوف على مصادر هذه الروايات : صحيح مسلم : 5 / 73 - 78 ، كتاب النذر ، سنن النسائي : 6 / 251 فضل الصدقة على الميت .
يقتدون فيها بسعد بن عبادة الذي سأل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " عن حكم الصدقة عن أمه أينفعها ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : نعم ، فقال فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الماء فحفر بئرا ، وقال : هذه لأم سعد .
فهم في هذا سعديون لا يريدون عبادة الموتى ، بل يريدون إيصال الثواب إليهم كما فعل سعد .
النذر لأهل القبور :
النذر عبارة عن إلزام الإنسان نفسه بالقيام بأداء عمل إذا قضيت حاجته كأن يقول : لله علي أن أختم القرآن إذا نجحت في الامتحان ، هذا هو النذر الشرعي ويعتبر أن يكون النذر لله سبحانه ولا يجوز لغيره .
وربما يلتزم في ضمن النذر إهداء ثواب عمله إلى المقربين له كالأب والأم أو الأنبياء والأولياء ، فيقول : نذرت لله أن أختم القرآن واهدي ثوابه لفلان .
واللام الداخلة على لفظ الجلالة غير اللام الداخلة على لفظة " فلان " فاللام الأولى للغاية أي لغاية التقرب إلى الله سبحانه ، واللام الثانية لبيان موضع الانتفاع .
هذا هو المتعارف بين المسلمين ينذرون عملا لله ثم يلتزمون بإهداء ثوابه لأحد أولياء الله وعباده الصالحين.
وربما يختصرون في العبارة ويقولون : هذه - الشاة - منذورة
للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، والمراد هو جهة انتفاعه ، والقرآن الكريم مشحون بكلا الاستعمالين .
قال سبحانه حاكيا عن امرأة عمران : * ( رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ) * ( 1 ) فاللام في هذه الآية نظير قولنا : " صليت لله ونذرت لله " .
وقال سبحانه : * ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ) * ( 2 ) واللام للفقراء بمعنى الانتفاع ، نظير قولنا عند الاختصار : هذا للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أو للإمام " عليه السلام " وقد مضى أن سعد بن عبادة لما حفر بئرا قال : هذه لأم سعد . وبذلك ظهر أنه لا مانع من النذر للأولياء والصالحين ، على ما عرفت من تفسيره . ولأجل إيضاح الحال نأتي بكلام بعض المفكرين وعلماء الإسلام .
يقول الخالدي : إن المسألة تدور مدار نيات الناذرين ، وإنما الأعمال بالنيات فإن كان قصد الناذر الميت نفسه والتقرب إليه بذلك لم يجز ، قولا واحدا ، وإن كان قصده وجه الله تعالى وانتفاع الأحياء - بوجه من الوجوه - به وثوابه لذلك المنذور له سواء عين وجها من
وجوه الانتفاع أو أطلق القول فيه ، وكان هناك عندما يطرد الصرف فيه في عرف الناس أو أقرباء الميت ، أو نحو ذلك - ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالنذور . ( 1 )
وقال العزامي في كتاب " فرقان القرآن " : " . . . ومن استخبر حال من يفعل ذلك من المسلمين ، وجدهم لا يقصدون بذبائحهم ونذورهم للأموات - من الأنبياء والأولياء - إلا الصدقة عنهم وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أن إجماع أهل السنة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة . ( 2 )
أخرج أبو داود عن ميمونة أن أباها قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ذكر أن أنحر على رأس " بوانة " في عقبة من الثنايا ، عدة من الغنم . قال الراوي عنها : لا أعلم إلا أنها قالت : خمسين . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل من الأوثان شئ ؟ قال : لا . قال : أوف بما نذرت به لله . ( 3 )
تجد أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يؤكد السؤال عن
وجود الأصنام في المكان الذي تذبح فيه الذبائح أن هذا دليل على أن النذر الحرام هو النذر للأصنام حيث جرت عادة أهل الجاهلية على ذلك كما قال تعالى : * ( . . . وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ . . . ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) * . ( 1 ) وكل من وقف على أحوال الزائرين للعتبات المقدسة ومراقد أولياء الله الصالحين يجد أنهم ينذرون لله تعالى ولرضاه ، ويذبحون الذبائح باسمه عز وجل بهدف انتفاع صاحب القبر بثوابها وانتفاع الفقراء بلحومها .
بسم الله الرحمن الرحيم
انتفاع الموتى بأعمال الأحياء
ينتفع الإنسان بالإيمان إذا انضم إليه العمل الصالح ولا ينفع إيمان تجرد عن العمل ، ولأجل ذلك قرن الله سبحانه العمل الصالح إلى جانب الإيمان في أكثر الآيات ، وقال : * ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * . ( 1 ) فالاعتماد على الإيمان مجردا عن العمل فعل الحمقى .
وهذا هو الإمام أمير المؤمنين علي " عليه السلام " يؤكد في خطبته على العمل ، إذ يقول : " فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل " . ( 2 )
ويقول في خطبة أخرى : " ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة والغاية النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته ، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه " . ( 3 )
انتفاع الإنسان بعمله وعمل غيره كما أن الإنسان ينتفع بعمل نفسه كصلاته وصومه كذلك ينتفع بعمل غيره إذا كان له دور فيه كما إذا خلف أعمالا خيرية يستفيد منه الناس كصدقة جارية أجراها أو إذا ترك علما ينتفع به أو
1 . العصر / 3 .
2 . نهج البلاغة : الخطبة 42 . 3 . نهج البلاغة : الخطبة 27 . - ص 121 -
ربى ولدا صالحا يدعو له ، فهو ينتفع بصدقاته وعلومه ودعاء ولده . ونظيره الجسر الذي بناه ، والنهر الذي أجراه ، والمدرسة التي شيدها ، والطريق الذي عبده ، فقد ينتفع به لأنها أعمال قام بها بنفسه باقية بعد موته .
أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " ، قال : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " . ( 1 )
وأخرج مسلم ، عن جرير بن عبد الله ، قال : قال رسول الله : من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شئ ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شئ . ( 2 )
ففي هذا المورد ينتفع الميت بعد موته بعمل الغير لقيامه في ترغيب ذلك الغير وتشويقه إلى فعله ، فإن من سن سنة حسنة كأنه يدعو الغير بعمله هذا إلى الاقتداء به . إنما الكلام فيما إذا لم يكن للميت نصيب في العمل ، فهل يصل ثواب عمل الغير إليه إذا أهدى صاحب العمل ثوابه إليه ؟
1 . صحيح مسلم : 5 / 73 ، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات .
2 . صحيح مسلم : 8 / 61 ، باب " من سن سنة حسنة أو سيئة " من كتاب العلم .
2 . صحيح مسلم : 8 / 61 ، باب " من سن سنة حسنة أو سيئة " من كتاب العلم .
- ص 122 -
فالظاهر من الكتاب والسنة أنه سبحانه بعميم فضله وواسع جوده يوصل ثواب عمل الغير إلى الميت فيما إذا قام الغير بعمل صالح نيابة عنه وبعث ثوابه إليه ، ويدل عليه لفيف من الآيات والروايات .
1 . استغفار الملائكة للمؤمنين قال تعالى : * ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) * . ( 1 )
وقال تعالى : * ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) * . ( 2 )
2 . دعاء المؤمنين للسابقين إلى الإيمان * ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) * . ( 3 ) فلو لم يكن لاستغفار الملائكة ودعاء المؤمنين للتابعين سبيل
1 . المؤمن / 7 .
2 . الشورى / 5 . 3 . الحشر / 10 . - ص 123 -
الله مفيدا ، فما معنى نقله سبحانه عنهم كما عرفت .
وأما الروايات فحدث عنها ولا حرج .
1 . أخرج مسلم ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه . ( 1 )
2 . وأخرج أيضا عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضي عنها ، قال : نعم ، فدين الله أحق أن يقضى . ( 2 )
3 . روى سعد بن عبادة ، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزي عنها أن أعتق عنها ، قال : أعتق عن أمك . ( 3 )
4 . روى أبو هريرة ، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبي مات وترك مالا ولم يوص ، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال : نعم . ( 4 )
5 . روى سعد بن عبادة ، أنه قال : يا رسول الله ، إن أم سعد ماتت ، فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الماء . قال : فحفر بئرا ، وقال : هذه لأم سعد . ( 5 )
1 . صحيح مسلم : 3 / 155 - 156 ، باب قضاء الصيام عن الميت ، وفي هذا الباب روايات تركنا ذكرها للاختصار .
2 . صحيح مسلم : 3 / 155 - 156 ، باب قضاء الصيام عن الميت ، وفي هذا الباب روايات تركنا ذكرها للاختصار .
3 . سنن النسائي : 6 / 253 ، باب فضل الصدقة على الميت .
4 . صحيح مسلم : 5 / 73 ، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات .
5 . سنن أبي داود : 2 / 130 برقم 1681 ، باب " في فضل سقي الماء " .
2 . صحيح مسلم : 3 / 155 - 156 ، باب قضاء الصيام عن الميت ، وفي هذا الباب روايات تركنا ذكرها للاختصار .
3 . سنن النسائي : 6 / 253 ، باب فضل الصدقة على الميت .
4 . صحيح مسلم : 5 / 73 ، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات .
5 . سنن أبي داود : 2 / 130 برقم 1681 ، باب " في فضل سقي الماء " .
- ص 124 -
واللام في قوله : هذه لأم سعد هي لام الاختصاص ، نظير قوله سبحانه : * ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء ) * ( 1 ) وهي دالة على الجهة التي تصرف فيها الصدقة ، وليست من قبيل اللام الداخلة على لفظ الجلالة في قولنا : نذرت لله ، فإن اللام هناك للتقرب وفي المقام لبيان المحل .
وقد اقتصرنا بالقليل من الكثير فمن أراد الوقوف على مصادر الروايات فليرجع إلى المصدر أدناه . ( 2 ) وعلى ذلك سارت المذاهب الفقهية الأربعة حيث يفتون بانتفاع الميت بعمل الحي حتى إذا لم يوص به ولم يكن له في السعي نصيب .
فهذه الروايات والفتاوى تثبت ضابطة كلية وهي وصول ثواب كل عمل قربي إلى الميت إذا أوتي به نيابة عنه سواء أكان من قبيل الصوم والحج أو غيرهما .
وعلى هذا يعلم صحة عمل المسلمين حيث يقومون بأعمال حسنة صالحة ربما أهدوا ثوابها إلى أحبائهم وأعزتهم الموتى وهو أمر يوافق عليه الكتاب والسنة ، فما يقوم به المسلمون لموتاهم من إهداء ثواب الأعمال الصالحة لهم ، أو عندما يفعلونه عند قبور الأنبياء والأولياء من إطعام الطعام وتسبيل الماء بنية أن يصل ثوابها إليهم إنما
1 . التوبة / 60 . 2 . لاحظ للوقوف على مصادر هذه الروايات : صحيح مسلم : 5 / 73 - 78 ، كتاب النذر ، سنن النسائي : 6 / 251 فضل الصدقة على الميت .
- ص 125 -
يقتدون فيها بسعد بن عبادة الذي سأل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " عن حكم الصدقة عن أمه أينفعها ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : نعم ، فقال فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الماء فحفر بئرا ، وقال : هذه لأم سعد .
فهم في هذا سعديون لا يريدون عبادة الموتى ، بل يريدون إيصال الثواب إليهم كما فعل سعد .
النذر لأهل القبور :
النذر عبارة عن إلزام الإنسان نفسه بالقيام بأداء عمل إذا قضيت حاجته كأن يقول : لله علي أن أختم القرآن إذا نجحت في الامتحان ، هذا هو النذر الشرعي ويعتبر أن يكون النذر لله سبحانه ولا يجوز لغيره .
وربما يلتزم في ضمن النذر إهداء ثواب عمله إلى المقربين له كالأب والأم أو الأنبياء والأولياء ، فيقول : نذرت لله أن أختم القرآن واهدي ثوابه لفلان .
واللام الداخلة على لفظ الجلالة غير اللام الداخلة على لفظة " فلان " فاللام الأولى للغاية أي لغاية التقرب إلى الله سبحانه ، واللام الثانية لبيان موضع الانتفاع .
هذا هو المتعارف بين المسلمين ينذرون عملا لله ثم يلتزمون بإهداء ثوابه لأحد أولياء الله وعباده الصالحين.
وربما يختصرون في العبارة ويقولون : هذه - الشاة - منذورة
- ص 126 -
للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، والمراد هو جهة انتفاعه ، والقرآن الكريم مشحون بكلا الاستعمالين .
قال سبحانه حاكيا عن امرأة عمران : * ( رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ) * ( 1 ) فاللام في هذه الآية نظير قولنا : " صليت لله ونذرت لله " .
وقال سبحانه : * ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ) * ( 2 ) واللام للفقراء بمعنى الانتفاع ، نظير قولنا عند الاختصار : هذا للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أو للإمام " عليه السلام " وقد مضى أن سعد بن عبادة لما حفر بئرا قال : هذه لأم سعد . وبذلك ظهر أنه لا مانع من النذر للأولياء والصالحين ، على ما عرفت من تفسيره . ولأجل إيضاح الحال نأتي بكلام بعض المفكرين وعلماء الإسلام .
يقول الخالدي : إن المسألة تدور مدار نيات الناذرين ، وإنما الأعمال بالنيات فإن كان قصد الناذر الميت نفسه والتقرب إليه بذلك لم يجز ، قولا واحدا ، وإن كان قصده وجه الله تعالى وانتفاع الأحياء - بوجه من الوجوه - به وثوابه لذلك المنذور له سواء عين وجها من
1 . آل عمران / 35 .
2 . التوبة / 60 . - ص 127 -
وجوه الانتفاع أو أطلق القول فيه ، وكان هناك عندما يطرد الصرف فيه في عرف الناس أو أقرباء الميت ، أو نحو ذلك - ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالنذور . ( 1 )
وقال العزامي في كتاب " فرقان القرآن " : " . . . ومن استخبر حال من يفعل ذلك من المسلمين ، وجدهم لا يقصدون بذبائحهم ونذورهم للأموات - من الأنبياء والأولياء - إلا الصدقة عنهم وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أن إجماع أهل السنة منعقد على أن صدقة الأحياء نافعة للأموات واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة . ( 2 )
أخرج أبو داود عن ميمونة أن أباها قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ذكر أن أنحر على رأس " بوانة " في عقبة من الثنايا ، عدة من الغنم . قال الراوي عنها : لا أعلم إلا أنها قالت : خمسين . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل من الأوثان شئ ؟ قال : لا . قال : أوف بما نذرت به لله . ( 3 )
تجد أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يؤكد السؤال عن
1 . صلح الإخوان : للخالدي : 102 وما بعده .
2 . فرقان القرآن : 133 . 3 . سنن أبي داود : 2 / 81 . - ص 128 -
وجود الأصنام في المكان الذي تذبح فيه الذبائح أن هذا دليل على أن النذر الحرام هو النذر للأصنام حيث جرت عادة أهل الجاهلية على ذلك كما قال تعالى : * ( . . . وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ . . . ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) * . ( 1 ) وكل من وقف على أحوال الزائرين للعتبات المقدسة ومراقد أولياء الله الصالحين يجد أنهم ينذرون لله تعالى ولرضاه ، ويذبحون الذبائح باسمه عز وجل بهدف انتفاع صاحب القبر بثوابها وانتفاع الفقراء بلحومها .
1 . المائدة / 3 . الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
انصار الله
انصار الله