بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمدالائمة والمهديين وسلم تسليماfficeffice" /> >>
القرينة الأولى :-
موافقة رواية الوصية للقرآن الكريم والسنّة الثابتة وهذا كاف في قبولها فقد روي عن أبي عبد الله (ع) قال : ( خطب النبي (ص) بمنى فقال : أيها الناس ما جائكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جائكم يخالف كتاب الله فلم أقله ) الكافي 1 /90.
وكذلك عن أبي عبد الله (ع) قال : ( إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول (ص) وإلا فالذي جائكم به أولى به ) الكافي 1 /89 .
والشاهد الأول والثاني لرواية الوصية من القرآن الكريم هو قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) . وقوله تعالى يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ...) .
فالوصية عند الموت واجبة على كل مسلم بنص القرآن والرسول محمد (ص) لا يقول ما لا يفعل فلا بد أن يكون قد أوصى في ليلة وفاته امتثالاً لقوله تعالى ولا توجد أي رواية غير رواية الوصية تذكر نص وصية رسول الله (ص) ليلة وفاته فهي المصداق الوحيد للآية السابقة الذكر وبإنكار الوصية يحكم على الرسول (ص) بأنه خالف قول الله تعالى ولم يوص عند الموت وحاشاه من ذلك .
والشاهد الثالث من القرآن الكريم قوله تعالى : (لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) مريم / 87.
وهذا العهد هو الوصية عند الموت وذلك ما نص عليه الإمام الصادق (ع) عندما روى كيفية وصية المسلم عندما تحضره الوفاة وقال عنها (ع) بأنها هي العهد المذكور في هذه الآية من سورة مريم (ع) .
عن ابى عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : (من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله قيل : يا رسول الله وكيف يوصي الميت قال : إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال : اللهم فاطر السماوات الارض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللهم انى أعهد اليك في دار الدينا إنى أشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك ...الى أن قال : ثم يوصى بحاجته) وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التى يذكر فيها مريم في قوله عز وجل : ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ) فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها وقال أمير المومنين (ع) : علمنيها رسول الله (ص) وقال رسول الله (ص) : علمنيها جبرئيل (ع) ) الكافي 7 / 2ـ3 /الفقيه 4 /188 ، التهذيب 9 /174.
فكيف يمكن للرسول محمد (ص) أن يترك الوصية حين الوفاة في حين أنها العهد الذي به تملك الشفاعة بنص القرآن الكريم فيكون بذلك عاصياً لأمر الله تعالى (وحاشاه) أعاذنا الله من هذا القول الشطط .
وبهذا يثبت بما لا يقبل الشك أن رواية الوصية التي نص فيها الرسول (ص) على الأئمة والمهديين (ع) هي عهد الرسول محمد (ص) لأنها هي التي أملاها حين حضرته الوفاة ولا يوجد غيرها كمابينت ذلك فيما سبق ويكون المشكك بهذه الوصية من أتباع ابليس وقابيل وعمر (أعاذنا الله من ذلك ).
والشاهد الرابع لرواية الوصية من القرآن الكريم هو قوله تعالى : (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ* أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 132 ـ 133.
عن الإمام الباقر (ع) :
عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : سألته عن تفسير هذه الاية من قول الله (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ) قال : جرت في القائم عليه السلام ) تفسير العياشي 1 / 61.
أي ان القائم (ع) ستكون له ذرية ويحضرون عنده حين تحضره الوفاة ويقول لهم ما قاله نبي الله يعقوب (ع) لأولاده وهذا يدعم صحة رواية الوصية لأنها تثبت الذرية للقائم (ع) وانه يسلم الوصية والإمامة لابنه أحمد المهدي (ع) والذي هو أول المهديين وأول المؤمنين .
والشاهد الخامس لرواية الوصية من القرآن الكريم هو قوله تعالى : (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ* فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) يس49 ـ 50 .
وهذا يعني إن الله تعالى يباغت الكافرين المشركين بالعذاب ولا يمهلهم لكي يوصوا الى أهليهم قبل وفاتهم وطبعاً يعتبر ذلك سوء عاقبة كتبها الله تعالى على الكافرين بما كسبت أيديهم فاضافة الى أنهم يموتون بالعذاب الألهي أيضاً لا يُمكنهم الله تعالى من الوصية عند الموت ومن مات ولم يوص مات ميتة جاهلية فيكونون في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها وإذا كان عدم الايصاء عند الموت يعتبر سوء عاقبة لمن يبتليه الله بذلك من المنحرفين فلا يمكن أن يُبتلى بذلك المؤمنون وخصوصاً الرسول محمد (ص) الذي هو أفضل الخلق أجمعين فكيف يمكن أن نتوقع أن يموت بلا وصية !!! فيكون بذلك داخلاً في مفهوم قوله تعالى : (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً... ) ومخالفاً لقوله تعالى : (كتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة180 !!! وحاشاه من كل ذلك .
إذن فالقرآن الكريم يوجب على كل مؤمن أن يوصي إذا حضره الموت وقطعاً ان السبّاق لكل معروف هو الرسول محمد (ص) فلابد أن يكون قد أوصى حين حضرته الوفاة وهذا ما أثبتته رواية الوصية وهو المطلوب .
وقوله تعالى ( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) أي لا يستطيعون توصية حين يحل بهم العذاب أي عندما تحضرهم الوفاة وليس قبل ذلك خلال أيام حياتهم وهذا المعنى واضح من سياق الآية الكريمة لأنها تنفي الوصية عن أولئك المنحرفين عند نزول العذاب بهم وهذا المعنى ما أيده العلماء المتقدمون وغيرهم في تفاسيرهم :
قال علي بن إبراهيم القمي ( رحمه الله ) في تفسيره : ( وقوله ) قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم إلى منزله ولا يوصي بوصية وذلك قوله (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) تفسير القمي 2 / 215.
وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله ) في التبيان : ( [فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً] أي لا يقدر بعضهم على أن يوصي إلى بعض [وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ] أي لا يردون إلى أهلهم فيوصون إليهم ) التبيان 8 / 464.
وقال العلامة المجلسي (رحمه الله ) في بحاره : ( وقيل : وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب أم لا ( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ) يعني إن الساعة إذا أخذتهم بغتة لم يقدروا على الايصاء بشئ ( وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) أي ولا إلى منازلهم يرجعون من الاسواق وهذا إخبار عما يلقونه في النفخة الاولى عند قيام الساعة ) بحار الأنوار6 /320.
وقال المجلسي أيضاً : ( قوله : ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) إلى قوله : ( يَخِصِّمُونَ ) قال : ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم إلى منزله ولا يوصي بوصية وذلك قوله : ( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) بحار الأنوارج 6 / 323.
وشاهد الوصية السادس من القرآن والسنّة الصحيحة هو ما أكد عليه الثقلان من أن الإمامة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة أي أنها في ذرية الأئمة واحداً بعد واحد إلى يوم القيامة
وقد فسر أهل البيت (ع) قوله تعالى (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) قالوا : ( هي الإمامة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة ) .
فتكررت كلمة (الأعقاب) مرتين وهذا فيه اشارة إلى مرور الإمامة في عقب الحسين (ع) بمرحلتين وهي الإمامة والهداية أي الأئمة والمهديين (ع) ، وإلا فكلمة (الأعقاب) مرة واحدة تكفي لإنطباقها على ذرية الحسين ولا حاجة لتكرارها مرتين ، كما سبق بيانه .
وعلى أي حال فمادام أنه قد ثبت وجود خلفاء للإمام المهدي (ع) من خلال الروايات المتواترة فلابد أن يكونوا هولاء الخلفاء من ذريته (ع) لقوله تعالى : (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) أي في عقب الحسين إلى يوم القيامة من والد إلى ولد وهكذا وقوله تعالى : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقوله تعالى : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) .
وبما ان الوصية تثبت أن الإمامة بعد الإمام المهدي (ع) لذريته المهديين (ع) فهي إذاً موافقة للقرآن الكريم ، وهذه قرينة قطعية على صحتها كما صرحت بذلك الروايات الواردة عن أهل البيت كما مر ذكرها . وكذلك ذكر ذلك الحر العاملي في خاتمة الوسائل 94 حيث قال : ( ومنها (أي من القرائن القطعية) كونه موافقاً للقرآن لما عرفت في القضاء من النص المتعدد والمراد الآيات الواضحة الدلالة أو المعلوم تفسيرها عنهم (ع) ) .
وهناك قرائن اخرى لم اذكرها مراعاة للاختصار سوف اوردها بوقت لاحق بحول الله تعالى
والحمد لله وحده
>