قال تعالى في سورة الحشر: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ @ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ @ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
ما هو تفسير هذه الآيات الكريمة ؟,,الأسماء، أي أسماء الله الحسنى في الثلاث آيات الكريمة عددها أربعة عشر ما علاقة هذه الأسماء بالمعصومين الأربعة عشر ؟,, وهل هذه الأسماء هي انعكاس صفات الله في المعصومين ع ؟
فكان جواب العبد الصالح احمد الحسن ع ::
((بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
أولاً: يجب معرفة أنّ الألوهية وصف له سبحانه وتعالى، فمن عَبَدَ الله فهو مشرك في مرتبة ما، قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
فهذا الشرك وإن كان لا يخرج صاحبه عن الإيمان بالله، ولكنه نقص عظيم في معرفة المعبود سبحانه وتعالى، الذي يعرف بالأسماء والصفات، ولكن لا تدل عليه الأسماء والصفات دلالة تامّة، فهي واقعة في طريق معرفته سبحانه وتعالى، وليست هي هو سبحانه وتعالى، فهو سبحانه وتعالى تجلّى بها وبالاسم الأعظم الأعظم (الله) الذي يجمعها، ليُعرف ويُعبد هو سبحانه وتعالى لا لتعبد هي، فبها يُعرف ويُعبد، فمن قَصَرَ معرفته سبحانه على الأسماء والصفات لم يصل إلى تمام التوحيد الذي لا يكون إلاّ بتمام الإخلاص له سبحانه وتعالى، بل إنّ من عبد الذات سيجد نفسه في النهاية من هؤلاء المشركين ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
وفي الآيات أعلاه بيانٌ لهذه الحقيقة، فالحقيقة عبر عنها بضمير الغائب (هو)، والحقيقة هي الاسم الأعظم الأعظم الأعظم الذي يجب أن يتوجّه إليه العابد في عبادته. فالسجود لله، ولكن الله (الذات الإلهية) قِبلة للكنه والحقيقة وليس اسم الله هو الحقيقة.
في الآيات الثلاث تجد:
﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ففي كل الآيات وُصِفَ هو سبحانه وتعالى بالذات الإلهية (الله)، أو أنّه سبحانه وتعالى تجلّى وظهر للخلق بالذات الإلهية (الله). ولكن الذات الإلهية (الله) في كل مرّة وصفت بأسماء تختلف عن الأخرى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. في هذه الآية فتحت كلمة التوحيد بـ (هو) وختمت بـ (هو)، فهو الشاهد الغائب سبحانه يوصف بـ (الله)، والله يوصلك إلى معرفة الحقيقة، وإنّها هو سبحانه الشاهد الغائب.
وهذه الآية تبيّن التوحيد من الألف إلى الياء، فالمعبود سبحانه وتعالى تجلّى بالذات الإلهية (الله)، وبالذات الإلهية يُعرف ويُعبد هو سبحانه وتعالى. فلأن حقيقة وهوية كل مخلوق هي الظلمة والنقص، فقد واجه سبحانه وتعالى خلقه بالكمال المطلق (الله، الذات الإلهية).
﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾: هذا الوصف وإن كان للذات الإلهية (الله)، ولكن له علاقة بمعرفة الكنه والحقيقة فـ (هو) سبحانه الشاهد الغائب، والهاء دلالة على الشهود، والواو دلالة على الغيبة.
﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾: بيَّنت فيما مضى وفي أكثر من مرّة أنّ الرحمن الرحيم هو باب الذات الإلهية (الله) ، ولولا أنّه سبحانه جعل باب الذات الرحمة، لما استطاع أحد من الخلق تحصيل الكمال والوصول إلى المعرفة والعبادة.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. ومن المناسب هنا أن نلتفت إلى قوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ ولم يقل: (عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم)، فهو سبحانه وتعالى في هذه الآية بيَّن أنّه تجلّى لخلقه بالذات الإلهية (الله)، وكذا فإنّ باب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم) منها، فهو تجلّى أيضاً بالباب بل إنّ مواجهة الخلق تكون بباب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم)، ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، فهو سبحانه وتعالى أراد بيان أنّه سبحانه وتعالى تجلّى بالذات الإلهية (الله)، وتجلّى أيضاً بباب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم)؛ ولذا قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، وقال تعالى: ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
في هذه الآية الأسماء بعد قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ثمانية أسماء، والحقيقة أنّها جميعاً مرتبطة بالباب، باب الذات الإلهية باطنه وظاهره، أي: الرحمن الرحيم والواحد القهار فقد بيَّنت فيما مضى أنّ بسملة سورة التوبة (بسم الله الواحد القهار)، وبيَّنت أنّ باب الذات الإلهية له ظاهر وباطن.
قال تعالى: ﴿بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾، وإنّ الباطن هو الرحمن الرحيم يشمل الموحدين الداخلين، والظاهر هو الواحد القهار يشمل الكافرين الذين رفضوا الدخول .
والآن نعود إلى الآية فنجد أنّ الأسماء الثمانية منقسمة بالتساوي بين باطن الباب وظاهره، فالأربعة الأولى مرتبطة بباطن الباب الرحمن الرحيم، والأربعة الأخيرة مرتبطة بظاهر الباب.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ﴾: أهمية هذا الاسم الإلهي (الملك) لا تخفى على الذين يعترفون بحاكمية الله ويرفضون حاكمية الناس، فهم يعلمون أنّ هذا الاسم هو قسيم الجنة والنار، من اعترف بتجلّي هذا الاسم في الخلق دخل الجنة، ومن لم يعترف كان ممن تابع إبليس (لعنه الله)، فحجة الله على خلقه هو تجلّي هذا الاسم في الخلق، وإبليس كان ممن كفر به وتابعه أكثر بني آدم في هذا الكفر وعدم الاعتراف بحاكمية الله. فهذا الاسم هنا في هذه الآية من آيات أمهات التوحيد، بل وبعد قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ يدل على مدى ارتباط حاكمية الله وملك الله بالتوحيد، ويبين أن المعترف بها موحد والكافر بها مشرك.
﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
في هذه الآية ثلاثة أسماء: الخالق، البارئ، المصور. وهذه الأسماء هي صفات للذات الإلهية (الله)، والفرق بينها وبين سابقاتها من الأسماء أنّ الأربعة الأولى تُبيِّن كمال الذات الإلهية، والأربعة الثانية بيَّنت هيمنة وقهر الذات الإلهية (الله) لغيره سبحانه، أمّا هذه الأسماء فهي تُبيّن عطاء وفيض الله سبحانه على غيره.))
(الجواب المنير عبر الاثير /ج2)
ما هو تفسير هذه الآيات الكريمة ؟,,الأسماء، أي أسماء الله الحسنى في الثلاث آيات الكريمة عددها أربعة عشر ما علاقة هذه الأسماء بالمعصومين الأربعة عشر ؟,, وهل هذه الأسماء هي انعكاس صفات الله في المعصومين ع ؟
فكان جواب العبد الصالح احمد الحسن ع ::
((بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
أولاً: يجب معرفة أنّ الألوهية وصف له سبحانه وتعالى، فمن عَبَدَ الله فهو مشرك في مرتبة ما، قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
فهذا الشرك وإن كان لا يخرج صاحبه عن الإيمان بالله، ولكنه نقص عظيم في معرفة المعبود سبحانه وتعالى، الذي يعرف بالأسماء والصفات، ولكن لا تدل عليه الأسماء والصفات دلالة تامّة، فهي واقعة في طريق معرفته سبحانه وتعالى، وليست هي هو سبحانه وتعالى، فهو سبحانه وتعالى تجلّى بها وبالاسم الأعظم الأعظم (الله) الذي يجمعها، ليُعرف ويُعبد هو سبحانه وتعالى لا لتعبد هي، فبها يُعرف ويُعبد، فمن قَصَرَ معرفته سبحانه على الأسماء والصفات لم يصل إلى تمام التوحيد الذي لا يكون إلاّ بتمام الإخلاص له سبحانه وتعالى، بل إنّ من عبد الذات سيجد نفسه في النهاية من هؤلاء المشركين ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
وفي الآيات أعلاه بيانٌ لهذه الحقيقة، فالحقيقة عبر عنها بضمير الغائب (هو)، والحقيقة هي الاسم الأعظم الأعظم الأعظم الذي يجب أن يتوجّه إليه العابد في عبادته. فالسجود لله، ولكن الله (الذات الإلهية) قِبلة للكنه والحقيقة وليس اسم الله هو الحقيقة.
في الآيات الثلاث تجد:
﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، ففي كل الآيات وُصِفَ هو سبحانه وتعالى بالذات الإلهية (الله)، أو أنّه سبحانه وتعالى تجلّى وظهر للخلق بالذات الإلهية (الله). ولكن الذات الإلهية (الله) في كل مرّة وصفت بأسماء تختلف عن الأخرى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. في هذه الآية فتحت كلمة التوحيد بـ (هو) وختمت بـ (هو)، فهو الشاهد الغائب سبحانه يوصف بـ (الله)، والله يوصلك إلى معرفة الحقيقة، وإنّها هو سبحانه الشاهد الغائب.
وهذه الآية تبيّن التوحيد من الألف إلى الياء، فالمعبود سبحانه وتعالى تجلّى بالذات الإلهية (الله)، وبالذات الإلهية يُعرف ويُعبد هو سبحانه وتعالى. فلأن حقيقة وهوية كل مخلوق هي الظلمة والنقص، فقد واجه سبحانه وتعالى خلقه بالكمال المطلق (الله، الذات الإلهية).
﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾: هذا الوصف وإن كان للذات الإلهية (الله)، ولكن له علاقة بمعرفة الكنه والحقيقة فـ (هو) سبحانه الشاهد الغائب، والهاء دلالة على الشهود، والواو دلالة على الغيبة.
﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾: بيَّنت فيما مضى وفي أكثر من مرّة أنّ الرحمن الرحيم هو باب الذات الإلهية (الله) ، ولولا أنّه سبحانه جعل باب الذات الرحمة، لما استطاع أحد من الخلق تحصيل الكمال والوصول إلى المعرفة والعبادة.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. ومن المناسب هنا أن نلتفت إلى قوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ ولم يقل: (عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم)، فهو سبحانه وتعالى في هذه الآية بيَّن أنّه تجلّى لخلقه بالذات الإلهية (الله)، وكذا فإنّ باب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم) منها، فهو تجلّى أيضاً بالباب بل إنّ مواجهة الخلق تكون بباب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم)، ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، فهو سبحانه وتعالى أراد بيان أنّه سبحانه وتعالى تجلّى بالذات الإلهية (الله)، وتجلّى أيضاً بباب الذات الإلهية (الرحمن الرحيم)؛ ولذا قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ﴾، وقال تعالى: ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
في هذه الآية الأسماء بعد قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ثمانية أسماء، والحقيقة أنّها جميعاً مرتبطة بالباب، باب الذات الإلهية باطنه وظاهره، أي: الرحمن الرحيم والواحد القهار فقد بيَّنت فيما مضى أنّ بسملة سورة التوبة (بسم الله الواحد القهار)، وبيَّنت أنّ باب الذات الإلهية له ظاهر وباطن.
قال تعالى: ﴿بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾، وإنّ الباطن هو الرحمن الرحيم يشمل الموحدين الداخلين، والظاهر هو الواحد القهار يشمل الكافرين الذين رفضوا الدخول .
والآن نعود إلى الآية فنجد أنّ الأسماء الثمانية منقسمة بالتساوي بين باطن الباب وظاهره، فالأربعة الأولى مرتبطة بباطن الباب الرحمن الرحيم، والأربعة الأخيرة مرتبطة بظاهر الباب.
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ﴾: أهمية هذا الاسم الإلهي (الملك) لا تخفى على الذين يعترفون بحاكمية الله ويرفضون حاكمية الناس، فهم يعلمون أنّ هذا الاسم هو قسيم الجنة والنار، من اعترف بتجلّي هذا الاسم في الخلق دخل الجنة، ومن لم يعترف كان ممن تابع إبليس (لعنه الله)، فحجة الله على خلقه هو تجلّي هذا الاسم في الخلق، وإبليس كان ممن كفر به وتابعه أكثر بني آدم في هذا الكفر وعدم الاعتراف بحاكمية الله. فهذا الاسم هنا في هذه الآية من آيات أمهات التوحيد، بل وبعد قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ يدل على مدى ارتباط حاكمية الله وملك الله بالتوحيد، ويبين أن المعترف بها موحد والكافر بها مشرك.
﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
في هذه الآية ثلاثة أسماء: الخالق، البارئ، المصور. وهذه الأسماء هي صفات للذات الإلهية (الله)، والفرق بينها وبين سابقاتها من الأسماء أنّ الأربعة الأولى تُبيِّن كمال الذات الإلهية، والأربعة الثانية بيَّنت هيمنة وقهر الذات الإلهية (الله) لغيره سبحانه، أمّا هذه الأسماء فهي تُبيّن عطاء وفيض الله سبحانه على غيره.))
(الجواب المنير عبر الاثير /ج2)
Comment