إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    انقل هذا المقطع من كتاب ((من هو المصلوب)) للدكتور ابو محمد الانصاري حول النصوص التي يستدل بها النصارى على عقيدة الاقانيم او الالوهية المطلقة ليسوع ع


    2- النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله، وهي كثيرة أذكر بعضاً منها:

    (لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب)([1])، ومثله: (20 لأنالآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعلمه . وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم . 21 لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضاً يحيي من يشاء . 22 لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن . 23 لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب . من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله) ([2]).

    ومثله: (فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن وروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. آمين)([3])، وكذلك: ( 16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. 17 وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت)([4]). وكذلك: (1 تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال أيها الآب قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً * 2 إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته * 3 وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي أرسلته * 4 أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته * 5 والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم) ([5]).

    للرد على الاستدلال بهذه النصوص لابد من التذكير أولاً أن محل النزاع بيننا وبين المسيحيين - كما سلف القول - يتحدد برفضنا القاطع لقول المسيحيين بإلوهية عيسى (ع) ألوهية مطلقة، ومن الواضح أن هذه النصوص لا تسعف زعم المسيحيين بالألوهية المطلقة.

    والآن يمكننا أن ندفع بنصوص كثيرة وردت في العهدين القديم والجديد على حد سواء تنسب أبوة الله جل وعلا لغير عيسى (ع)، فعلى سبيل المثال جاء في سفر الأيام الأول الإصحاح السابع عشر: (11 ويكون متى كملت أيامك لتذهب مع آبائك إني أقيم بعدك نسلك الذي يكون من بنيك واثبت مملكته * 12 هو يبني لي بيتاً وأنا اثبت كرسيه إلى الأبد * 13 أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابناً ولا انزع رحمتي عنه كما نزعتها عن الذي كان قبلك)([6]).

    وفي متى ولوقا: (طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون)([7]).

    وكذلك: ( فصلوا انتم هكذا أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك * 10 ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض * 11 خبزنا كفافنا أعطنا اليوم * 12 واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا * 13 ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير لان لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين * 14 فانه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي) ([8]).

    وجاء في سفر التكوين: (وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض، وولد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا) ([9]).
    وفي سفر الخروج: (22 فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23 فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ) ([10]).
    وفي المزامير: (هو يدعوني: أنت أبي وإلهي وصخرة خلاصي، وأنا أيضاً أجعله بكراً، فوق ملوك الأرض علياً) ([11]).
    ولئن قيل في المسيح أنه ابن الله العلي، فكذلك سائر بني إسرائيل: (وبنو العلي كلكم) ([12]). وتلاميذ عيسى(ع) أيضاً هم بنو العلي، ففي لوقا: (أحبوا أعداءكم ... فيكون أجركم عظيماً، وتكونوا بني العلي) ([13]).
    بل كل من يؤمن يكون مولوداً من الله: (كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح، فقد ولد من الله)([14]). وكل من يصنع البر يكون مولود من الله: (من يصنع البر مولود منه) ([15]).
    وورد أيضاً: (آدم ابن الله)([16])، ومثله داود الذي قيل له: (أنت ابني، أنا اليوم ولدتك)([17])، وسليمان أيضاً ابن الله: (هو يبني لي بيتاً … أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً)([18])، والملائكةَ (أبناء الله) (مثلَ الملائكةِ وهم أبناء الله)([19])، والحواريون أيضاً: (قولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم)([20])، (فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل)([21])، بل كل الناس، أو المسيحيين على الأقل: (فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك..)([22]). وتوجد نصوص كثيرة أخرى لسنا بصدد استقصائها.

    إذن ما الذي يجعل ورود تعبير البنوة مقترناً بعيسى(ع) دالاً على ألوهيته، وما الذي يمنع من القول بإلوهية غيره إذا ما اقترن به التعبير بالبنوة ذاته ؟

    إن أي شيء يمكن أن يتقدم به المسيحيون على أنه مائز يرشح عيسى لنيل مرتبة الألوهية ويمنعها عن غيره كفيل بإسقاط استدلالهم بهذه النصوص؛ لأنه في هذه الحالة لن يكون نفس النصوص هذه، ونفس التعبير بالبنوة المقترن فيها بعيسى (ع) هو الدال على ألوهيته وإنما ذلك المائز المفترض، إذن ليتقدموا بذلك المائز المفترض لننظر فيه.
    والحق أن عبارة (ابن الله) يمكن أن نجد لها دلالات كثيرة غير ما يزعمه المسيحيون، فمن الممكن أن نقول إنها لا تعني شيئاً سوى المديح والإشادة، أي إنها تعبير مجازي، فكما إننا نسمي الشرير أو الرجل غير الصالح بأنه ابن إبليس، أو ابن الأفعى كما ورد في إنجيل متى: (يا أولاد الأفاعي، كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار)([23])، وكذلك في يوحنا: (أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب) ([24]). أقول كذلك يمكن أن نسمي الصالح ابن الله.


    [1]- يوحنا 5: 23.

    [2]- يوحنا: 5.

    [3]- متى28: 18 – 20.

    [4]- متى: 3.

    [5]- يوحنا: 17.

    [6]- سفر الأيام الأول: 17.

    [7]- متى: 5 / 9, لوقا:20 / 36.

    [8]- متى: 6 /9 – 14.

    [9]- التكوين:6/ 1 – 2.

    [10]- الخروج: 4.

    [11]- المزمور: 89 / 26 – 27.

    [12]- المزمور: 82 / 6.

    [13]- لوقا: 6 / 35.

    [14]- يوحنا: 1 – 5 / 1.

    [15]- يوحنا: 1 – 2 / 29.

    [16]- لوقا: 3 / 38.

    [17]- المزمور:2 / 7.

    [18]- الأيام: 1 – 17 / 12 – 13.

    [19]- لوقا: 20 / 36.

    [20]- يوحنا: 20 / 17.

    [21]- متى: 5 / 48.

    [22]- متى: 6 / 9.

    [23]- متى: 12 / 34.

    [24]- يوحنا: 8 / 44.
    Last edited by نجمة الجدي; 13-06-2011, 11:06.
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    #2
    رد: هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

    ورد في متى: (44 وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم * 45 لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين * 46 لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك * 47 وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل تصنعون أليس العشارون أيضاً يفعلون هكذا * 48 فكونوا انتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل) ([1]).
    من هذا النص يتبين أن ابن الله يراد منه الإنسان البار الصالح. ويؤكده ما ورد في إنجيل مرقس: (ولما رأى قائد المائة الواقف مقابلة أنه صرخ هكذا وأسلم الروح، قال: حقاً كان هذا الإنسان ابن الله)([2]). هنا نقل مرقس كلمة قائد المائة بتعبير (ابن الله) بينما نقلها لوقا بكلمة (بار)، الأمر الذي يفيد تساوي الكلمتين أو التعبيرين: (بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً)([3]). أم إن المسيحيين يقولون إن خطأ ما قد وقع فيه لوقا ؟ وعندها عليهم أن يعذرونا إذا ما قلنا لهم: إذن ابحثوا لكم عن أدلة أخرى فنصوصكم لا يسعنا الوثوق بها على الإطلاق.
    بل إن عيسى (ع) يقول إن معنى البنوة هو طاعة الله وعمل أعماله: (إن قال: آلهةً لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله .. فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف، لأني قلت: إني ابن الله ؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي..)([4]).
    فقوله: (إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي) تفسير لمعنى قوله (ابن الله)، فهو ابن الله؛ لأنه يعمل أعمال الله، أي يطيع أوامره وينتهي عن نواهيه. أي إنه يقول لهم: كما وصفكم كتابكم بأنكم آلهة مجازاً فأنا كذلك ابن الله مجازاً، سواء بسواء.
    ومثله: (31 فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجاً وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32 وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِساً حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجاً يَطْلُبُونَكَ. 33 فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي ؟ 34 ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي)([5]).
    ويمكن أيضاً أن نحمل تعبير البنوة والأبوة على دلالة أخرى هي أن الناس جميعاً هم عيال الله أو ابناؤه، بمعنى أنه تعالى يرعاهم ويرزقهم ويربيهم وينعم عليهم كما يفعل الوالد لولده.
    وهذا تدل عليه نصوص كثيرة من قبيل ما ورد في متى: (أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه)([6])، وفي رسالة يوحنا الأولى: (انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله)([7]).
    ورد في سفر التثنيه: (أليس هو أباك ومقتنيك. هو عملك وأنشأك)([8])، أو كما قال النبي أشعياء: (يا رب أنت أبونا)([9]).
    وفي سفر هوشع: (لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي. 2 كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ، وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ الْمَنْحُوتَةِ. 3 وَأَنَا دَرَّجْتُ أَفْرَايِمَ مُمْسِكاً إِيَّاهُمْ بِأَذْرُعِهِمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا أَنِّي شَفَيْتُهُمْ. 4 كُنْتُ أَجْذِبُهُمْ بِحِبَالِ الْبَشَرِ، بِرُبُطِ الْمَحَبَّةِ، وَكُنْتُ لَهُمْ كَمَنْ يَرْفَعُ النِّيرَ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ مُطْعِماً إِيَّاهُ) ([10]).
    وفي إشعياء: (15 هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا ؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ )([11]).
    واستعمال كلمة الابن بهذا المعنى يبدو معروفاً لليهود، فقد قالوا لعيسى (ع): (... إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد، وهو الله)([12]).


    [1]- متى: 5.

    [2]- مرقس: 15 / 39.

    [3]- لوقا: 23 / 27.

    [4]- يوحنا:10 / 37.

    [5]- مرقس: 3.

    [6]- متى: 6 / 11.

    [7]- يوحنا: 1 – 3 – 1.

    [8]- التثنيه: 32 / 6.

    [9]- أشعيا: 64 / 8.

    [10]- هوشع: 11.

    [11]- أشعياء: 49 / 15.

    [12]- يوحنا: 8 / 41.
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

    Comment

    • اختياره هو
      مشرف
      • 23-06-2009
      • 5310

      #3
      رد: هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

      يقول السيد أحمد الحسن (ع): (هذه الكلمات التي جاءت في التوراة أو الإنجيل واشتبهت في موارد على جاهلها وتأولها العلماء غير العاملين، ليدعوا بنوة إنسان لله سبحانه أو ليدعوا الألوهية المطلقة لإنسان لا تعني بأي شكل من الأشكال ألوهية إنسان ألوهية مطلقة، بل هي بمجموعها تنفي البنوة الحقيقية لأي إنسان، وإذا التفت إليها الإنسان بقلب مفتوح طالباً معرفة الحقيقة كما أرادها الله سبحانه وتعالى الذي خلقه لرأى أن عيسى (ع) يحمد الله ويثني عليه قبل أن ينطق بهذه الكلمات، ولو نظر الإنسان بعين الإنصاف لعرف أن هذه الكلمات منطبقة على كل الأنبياء والمرسلين والأوصياء الذين كانوا حجج الله على خلقه وخلفاءه في أرضه.
      فكل حجة من حجج الله هو أعرف أهل زمانه بالله، فيصدق عليه انه من يعرف الله دون من سواه من أهل زمانه، وأيضاً يصدق أنه لا يعرف خليفة الله وحجة الله حق معرفته إلا الله الذي خلقه (وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له) وهذا تجده في قول رسول الله محمد لوصيه علي بن أبي طالب (ع): (يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وأنا)، وأيضاً لعرف الإنسان الحقيقة، وهي أن الخلق كلهم عيال الله سبحانه وتعالى، فهو يرحمهم كما يرحم الأب أبناءه بل هو أرحم بالخلق من الأم بولدها الوحيد، وأكيد أن المخلصين من الأنبياء والأوصياء والأولياء أحب الخلق إلى الله سبحانه، فهم أولى بأن يكون الله سبحانه وتعالى أبوهم بهذا المعنى، ولأنهم أطاعوه ولم يعصوه سبحانه كما يطيع ويبر الابن الصالح أباه فيصح أنهم أبناء الله بهذا المعنى، وهم ليسوا لاهوتاً مطلقاً بل عباد مكرمون؛ لأنهم شاكرون ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾، ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ([1]).
      وقد بيّن القرآن أنهم (سلام الله عليهم): ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾([2])،أي إنهم الله في الخلق، أي تجلي الله وصورة الله كما في الحديث عنهم : ( أن الله خلق آدم على صورته)، (26 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا)([3])، وليسوا الله سبحانه وتعالى، وبالتالي فان النظر إليهم هو نظر إلى الله ومعاينتهم هي معاينة الله، وفي الإنجيل (طوبى للأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله . 9 طوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناء الله يدعون)، وفي القرآن تجد نفس الكلام ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾([4])، عن أبى الصلت الهروي، عن الإمام الرضا (ع)، قال: (قال النبي : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله تعالى، ودرجة النبي في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى، قال: فقلت له: يا بن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه إن ثواب لا اله إلا الله النظر إلى وجه الله تعالى ؟ فقال (ع): يا أبا الصلت، من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز وجل وإلى دينه ومعرفته، وقال الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وقال عز وجل: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾) ([5]).
      قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ ([6]).
      ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾: أي إن محمداً أقرب شيء إلى الله سبحانه، وأول مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، وأول من عبد الله سبحانه وتعالى فلو كان لله سبحانه وتعالى ولد (تعالى الله عن ذلك) لكان محمداً ؛ لأنهم يقولون إن أول ما صدر منه سبحانه وتعالى الولد أو الكلمة، فمحمد الذي يقول أنا أقرب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى، لم يقل أنا ابن انفصل عن الله سبحانه وتعالى، لم يقل أنا لاهوت مطلق بل قال أنا عبد الله وابن عبد الله ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾([7])، فمن يبحث عن الحقيقة لابد له من تحري الدقة والإخلاص في البحث ليصل إلى الحقيقة وينجي نفسه من سخط الله سبحانه وتعالى، ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾
      ([8]))([9]).
      ويرى الدكتور شارل جنيبير أن اليهود كانوا يطلقون لقب (خادم يهوا) على كل إنسان يظنون لديه إلهاماً، وإن الكلمة التي استعملتها الترجمة السبعينية تعني (خادم) و(طفل) وقد تطورت لاحقاً لتكون (ابن)([10]).
      وقد جرت محاورة بين عيسى وأحد الفريسيين توضح معنى البنوة والولادة من غير طريق الجسد: ( 1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2 هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّماً، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ». 4 قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ ؟» 5 أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. 7 لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ. 8 اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ. 9 أَجَابَ نِيقُودِيمُوسُ وَقَالَ لَهُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا ؟ 10 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا! 11 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. 12 إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ ؟ 13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ .31 اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ)([11]).
      هذا النص أنموذج تعليمي ممتاز يوجه عيسى (ع) من خلاله الأذهان إلى الابتعاد عن الفهم الحرفي المادي لكلماته، الذي يبدو إنه كان راسخاً في أذهان اليهود، نتيجة انغماسهم بالمادة.
      وورد عن رسول الله في محاججته للنصارى: (فقال بعضهم لبعض: وفي الكتب المنزلة إن عيسى قال: (أذهب إلى أبي وأبيكم)، فقال رسول الله : فإن كنتم بذلك الكتاب تعملون فإن فيه (أذهب إلى أبي وأبيكم)، فقولوا إن جميع الذين خاطبهم عيسى كانوا أبناء الله كما كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه، ثم إن ما في هذا الكتاب مبطل عليكم هذا الذي زعمتم أن عيسى من وجهة الاختصاص كان ابناً له؛ لأنكم قلتم إنما قلنا إنه ابنه؛ لأنه اختصه بما لم يختص به غيره، وأنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى (أذهب إلى أبي وأبيكم)، فبطل أن يكون الاختصاص لعيسى؛ لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى، وأنتم إنما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها؛ لأنه إذا قال (أذهب إلى أبي وأبيكم) فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه، وما يدريكم لعله عنى أذهب إلى آدم أو إلى نوح، وأن الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح، بل ما أراد غير هذا)([12]).
      ومعناه: إنكم إذا ما قلتم إن الله تعالى سمّى عيسى ابناً لشيء يختص به، فإن عليكم إذا أن تفهموا ما ورد في كتبكم على غير ما تفهمونه؛ لأن غيره قد شاركه بالتسمية، ولم يكن له الاختصاص الذي تزعمونه.
      أخيراً يقول شارل جنيبير: أما بالنسبة للابن فإنه على أي وضع تصورته، يكون إمّا مولوداً وإمّا مخلوقاً، فهو لا مناص قد سبقه عدم وأنه وجد بعد عدم، إذاً فلا يكون إلهاَ؛ لأنه حادث([13]).
      أقول: أي لا يكون إلهاً مطلقاً.
      الزمر:4.-1
      [2]- النور: 35.
      [3]- التوراة: سفر التكوين الإصحاح الأول.
      4- القيامة:22 – 23.
      5- عيون أخبار الرضا: ج2 ص106.
      6- الزخرف: 81.
      1- الأنبياء: 26.
      2- مريم: 88 – 92.
      [9]- كتاب التوحيد: ص94 وما بعدها.
      [10]- انظر المسيحية تطورها ونشأتها: شارل جنيبير. ترجمة الدكتور عبدالحليم محمود: ص106. المكتبة العصرية صيدا– بيروت.
      [11]- يوحنا: 3.
      [12]- الاحتجاج: ج1، الشيخ الطبرسي: ص19.
      [13]- انظر المسيحية نشأتها وتطورها: ص8.
      السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

      Comment

      • اختياره هو
        مشرف
        • 23-06-2009
        • 5310

        #4
        رد: هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

        يقول البابا شنودا الثالث:
        (الابن في المسيحية ليس نتيجة تناسل جسداني. حاشا أن تنادي المسيحية بهذا، فالله روح (يو4 : 24). و هو منزه عن التناسل الجسدي. و الابن في المسيحية هو عقل الله الناطق، أو نطق الله العاقل. و بنوة الابن من الآب في الثالوث المسيحي، مثلما نقول (العقل يلد فكراً) ومع ذلك فالعقل وفكره كيان واحد. ولا علاقة لهما بالتناسل الجسداني ... الفكر يخرج من العقل و يظل فيه، غير منفصل عنه. أما في التناسل الجسداني، فالابن له كيان مستقل قائم بذاته منفصل عن أبيه وأمه. وكل من الأب والأم له كيان قائم بذاته منفصل عن الآخر. و هنا نجد خلافاً مع الثالوث المسيحي. الله في الثالوث المسيحي فهو كائن منذ الأزل، وعقله فيه منذ الأزل، وروحه فيه منذ الأزل. لم يمر وقت كان فيه أحد هذه الأقانيم غير موجود)([1]).
        واضح إن البابا يحاول جاهداً تضليل قارئه بافتراض أن ولادة الأقنوم الثاني على حد تعبيرهم شبيهة بولادة الفكر من العقل، ويتناسى أن وجود الفكر هو وجود اعتباري لا حقيقي. ثم إن البابا يترك فكرته مضطربة، متناقضة، ولا أدري كيف لم يشعر أن سياقها يناقض ما يريده تماماً، بل لعله شعر بذلك فتركها مبتورة دون إكمال.
        فهو يقابل بين ولادة الفكر من العقل والولادة الجسدية، ويقرر أن الولادة الجسدية تقتضي استقلال المولود، وهذا يعني أن عليه أن يقول بعدم استقلال الفكر المولود عن العقل، ويناقض بذلك قولهم باستقلالية الأقانيم.
        ويقول أيضاً: (الملاحظة الأخرى التي أوردها القديس أوغسطينوس هي، قال: إلى أبى وأبيكم ، ولم يقل إلى أبينا. وقال: إلى إلهي وإلهكم ، ولم يقل إلهنا مفرقاً بين علاقته بالآب، وعلاقتهم به.
        فهو أبي من جهة الجوهر والطبيعة واللاهوت، حسبما قلت من قبل (أنا والآب واحد)
        (يو10 :30). واحد في اللاهوت والطبيعة والجوهر. لذلك دعيت في الإنجيل بالابن الوحيد (يو3 : 16، 18) (1يو4 : 9). أما أنتم قد دعيتم أبناء من جهة الإيمان (وأما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه) (يو1: 12). وكذلك أبناء من جهة المحبة كما قال يوحنا الرسول (انظروا أية محبة أعطانا الآب، حتى ندعي أولاد الله) (1يو3 : 1). و باختصار هي بنوة من نوع التبني، كما قال بولس الرسول: (إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف، بل أخذتم روح التبني، الذي به نصرخ يا أبانا، الآب) ( رو8 : 15). و قيل (ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني) (غل 4 : 5) [ أنظر أيضاً ( رو 9 :5)، (أف 1 : 5) ] .إذن هو أبي بمعني، وأبوكم بمعني آخر) ([2]).
        أقول: إن كلام القديس أوغسطينوس غريب حقاً، فقوله: (إلهي وإلهكم) هو نفسه القول: (إلهنا)، فالتفريق في الضمير المضاف إليه، أي (ياء المتكلم) و (وكاف المخاطب) لا يتضمن أية دلالة على أنه إله لعيسى (ع) بكيفية تختلف عن ألوهيته لهم.
        أما كلام البابا شنودا فهو من نوع المصادرة والتحكم كما هو واضح، وعلى البابا أن يقدم دليله على أن أبوة الله لعيسى هي من جهة الجوهر والطبيعة واللاهوت كما يزعم. وإذا كان مقصودهم أن إله عيسى يختلف عن إلههم، فإله عيسى هو الله أو الآب كما يعبرون، فهل يقولون أن الآب ليس إلهاً لهم وأن إلههم هو الابن فقط ؟ ثم ألا يشعرون أنهم بهذا القول يدمرون المثلث الإلهي الذي يؤمنون به ؟ فالآب لم يعد أحد الأقانيم الثلاثة للإله الذي يؤمنون به، وكذلك الابن لم يعد ينتمي للدائرة الأقنومية.
        ولا ينفعه في هذا الصدد استشهاده بقول عيسى (ع): (أنا والآب واحد)؛ لأن المقصود منه هو إن هدفنا واحد ونحن بالتالي نمثل جهة واحدة، أي إن عيسى(ع) لا يعمل سوى مشيئة الآب: (34 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ)([3]). كما أن هنا واحدية (أنا والآب واحد)، بينما تقتضي البنوة إثنينية.
        أما قوله: (لذلك دعيت في الإنجيل بالابن الوحيد) فهو يعتمد على تحرير معنى البنوة قبل كل شيء، فالوحيد صفة للبنوة ودلالتها تتقرر بالنتيجة تبعاً لدلالة البنوة. أما بقية كلامه واستشهاداته فلا قيمة لها دون تحرير دلالة ما تقدم.


        3- (41 وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ 42 قَائلاً: (مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ ؟ قَالُوا لَهُ: ابْنُ دَاوُدَ. 43 قَالَ لَهُمْ: فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً ؟ قَائِلاً: 44 قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ)([4]).

        في هذا النص يقولون أن داود (ع) سمّى المسيح(ع) ربي، الأمر الذي يعني برأيهم أن عيسى بالنتيجة لاهوت مطلق.
        أقول: هذه الكلمة ترجمتها نسخ أخرى بصورة (قال الرب لسيدي)([5]) الأمر الذي يقوض استدلالهم من الأساس، فالسيد تعني الشخص ذو المكانة الرفيعة، ولا تعني الإله بالضرورة، فكيف بالإله المطلق ؟
        بل إن مجرد اختلافهم في الترجمة يدل على أنهم لا يملكون ما يجعلهم يقطعون بدلالة محددة للعبارة، فكيف إذن يستدلون بها على مراد محدد ؟ أليس هذا من قبيل التعسف، بل المجازفة والاستهتار ؟
        ولكن حتى لو قلنا إن داود (ع) نطق بكلمة (قال الرب لربي)، فلا ضرورة تحملنا على أن نفهم منها معنى أن عيسى (ع) هذا، بعد التنزل وموافقتهم على أن المعني هو عيسى وليس شخصاً آخر؛ لأننا نعتقد أن المعني شخص آخر.
        أقول: ما هي الضرورة التي تدفعنا إلى أن نفهم منها أن عيسى هو إله ؟ أليس من معاني الرب هو المربي أو المعلم ؟ فلماذا نتجاهل هذه الدلالة وننساق وراء فهم لا دليل عليه ؟ ثم لو تنزلنا عن هذه الدلالة الأخيرة جدلاً وقلنا إن الرب تعني الإله، فهل من الضرورة أن يكون هذا الإله إلهاً مطلقاً ولاهوته لاهوتاً مطلقاً ؟



        [1]- البابا شنودا الثالث - سنوات مع أسئلة الناس: السؤال رقم 3.

        [2]- البابا شنودا الثالث - سنوات مع أسئلة الناس: سؤال رقم17.

        [3]- يوحنا: 4.

        [4]- متى22: 42 – 45.

        [5]- انظر على سبيل المثال نسخة الكتاب المقدس لدار المشرق (1994م).
        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

        Comment

        • 9a7eb Althar
          عضو نشيط
          • 20-11-2011
          • 219

          #5
          رد: هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

          موفقين للمواضيع المفيده شكرا لكم لما تبذلوه لنصرة يماني ال محمد ع

          Comment

          • مستجير
            مشرفة
            • 21-08-2010
            • 1034

            #6
            رد: هل تدل النصوص التي ورد فيها لفظ الابن أو ابن الله على الالوهية المطلقة ليسوع ع ؟

            جزاك الله خير الجزاء على النقل


            قال الامام أحمد الحسن ع:
            [ والحق أقول لكم ، إن في في التوراة مكتوب:
            "توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك ، في كل طريق اعرفني ،
            وأنا أقوم سبيلك ، لا تحسب نفسك حكيماً ، أكرمني وأدب نفسك بقولي."
            ]

            "اللهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ، وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، فَأَجِرْنِيْ مِنْ نَفْسِيْ يَا مُجِيرَ"

            Comment

            Working...
            X
            😀
            🥰
            🤢
            😎
            😡
            👍
            👎