بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
تعتبر الرسالات السماوية عبارة عن حلقات متكاملة تصل بعضها بعضا لتشكل سلسلة الإيمان برسالة التوحيد، فما من نبي أو ولي إلا وبشّر بمن يليه، باعتبار أن «خلافة الله» في الأرض لا تنقطع لئلا يزيغ الناس عن الحق، ولذا فلا بد في كل زمان من حجة على الخلق يكون ترجمانا لوحي الله تعالى وتعاليمه.
ونظرا لما للقائم المهدي ع من خصوصية بكونه رسالة عالمية ، فإن كل الأنبياء السابقين وأوصيائهم عليهم السلام كانوا قد قاموا بعملية تهيئة مستمرة للبشرية لتقبل واستيعاب هذه الرسالة. فقد تتالت البشارات حول المخلص والمنقذ المتمثل بقائم ال محمد عليهم السلام ، منذ عهد آدم عليه السلام، وحتى وصية رسول الله ص في ليلة وفاته التي ذكرته عليه السلام بالاسم.
توالت البشارات بخصوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسيماهم وصفاتهم التي وردت بحقهم في التوراة والإنجيل وبقية أسفار الكتاب المقدس.
إلا أن التحريف الذي وقع في التوراة والإنجيل غيّر كثيرا من معالم النصوص التي تتحدث عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والتي كان الأنبياء السابقون يتلونها على أممهم. ومع هذا يمكن للقارىء المدقق أن يعيد قراءة تلك النصوص ليكتشف كثيرا من المؤشرات واضحة الدلالة إليهم عليهم السلام رغم تلاعب الايدي بتلك النصوص وصرفها عن اذهان الناس.
من تلك النصوص ما جاء في المزمور الاصحاح 72 من مزامير النبي داود عليه السلام التي وردت في الكتاب المقدس، والتي تشير إلى منقذ سيصلح هذا العالم ويقيم دولة العدل والقسط ويخلص البشرية من نير الظلم والجور. وهذا المنقذ - كما في المزمور - هو ابن صاحب رسالة عالمية ستسود على هذه الأرض في آخر الزمان.
فلنتأمل في ما جاء في هذا السفر:
1 اَلَّلهُمَّ، أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ، وَبِرَّكَ لابْنِ الْمَلِكِ.
2 يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ، وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ.
3 تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَمًا لِلشَّعْبِ، وَالآكَامُ بِالْبِرِّ.
4 يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ، وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ.
5 يَخْشَوْنَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ، وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.
6 يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ، وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ.
7 يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ، وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ.
8 وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ.
9 أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ، وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ.
10 مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً.
11 وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ.
12 لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ، وَالْمِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ.
13 يُشْفِقُ عَلَى الْمِسْكِينِ وَالْبَائِسِ، وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ.
14 مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ، وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ.
15 وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ.
16 تَكُونُ حُفْنَةُ بُرّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا، وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ.
17 يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. ». (المزمور 72: 1 - 17).
وهذا النص ذو دلالة واضحة بالإمام المهدي الملك وابنه المهدي الاول ابن الملك عليهم السلام، لكن البعض ينسبه إلى نبي الله داود عليه السلام، فيما ينسبه بعض آخر منهم إلى ابنه سليمان عليه السلام، وهم إثر ذلك واقعون في خلاف حول هاتين الشخصيتين اللتين يُتوسّل بهما - كما في النص - إلى الله تعالى كي يرسلهما لإنقاذ المستضعفين في الأرض وإقامة العدل.
ومطابقة الأوصاف الواردة في النص على الواقع، تكشف أنها تخص الامام المهدي محمد بن الحسن وولده احمد الحسن عليهما الصلاة والسلام، فالفقرة الأولى من هذه البشارة والتي جاءت على شكل دعاء تشير إلى أنه سوف تظهر بعد زمن داود عليه السلام شخصيتان عظيمتان، إحداهما عُبِّر عنها بالملك صاحب الاحكام «اللهم أعطِ احكامك للملك» والأخرى بابنه الذي سيقيم العدل حسب تلك الشريعة «وبرک لابن الملك». أما بقية الصفات الواردة فإنها مشتركة بين الشخصيتين ، لكن من الواضح أنها ترسم صورة مستقبلية لأحداث عظيمة سيسود فيها الخير وينغلق فيها باب الشر ، ولم يكن هذا قد حدث في زمن من الأزمان، وهو لن يحدث إلا في زمان الإمام المهدي وولده مكن الله لهم في الارض.
قال النبي صلى الله عليه واله لسلمان : (....ثم ضرب بيده على الحسين عليه السلام فقال: يا سلمان، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما من ولد هذا. إمام بن إمام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم. قال: قلت: يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه ؟ قال: أبوه أفضل منه. للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به)|كتاب سليم بن قيس ص429.
وتعبير «الملك» دارج في الكتاب المقدس على مختلف الأنبياء. ويؤيد أن المقصود بالملك ما جاء في الكتاب على لسان نبي الله دانيال عليه السلام من إشارة واضحة بأن صاحب السلطان والمملكة المرتقبة سيظهر يوما ولن تنقرض مملكته أبدا حتى يرث الله من في الأرض ومن عليها.
يقول النص:
«وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا وملكها لا يُترك لشعب آخر. وتُسحَق وتفنى كل هذه الممالك وهي (أي المملكة الإلهية) تثبت إلى الأبد». (سفر دانيال 2: 44(
كما تنبأ دانيال عليه السلام ثانية بمجيء الملك:
«كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام. فقرّبوه قدامه فأُعطِي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض». (سفر دانيال 7: 13 - 14).
كما دعا نبي الله يحيى عليه السلام بني إسرائيل وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى يتهيئوا لاستقبال ملكوت السماوات التي عبّر عنها فقال لهم:
«توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات. فإن هذا هو الذي يتكلم عنه النبي أشعياء قائلا: صوت صارخ في الصحراء. أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة». (إنجيل متى 3: 2 - 3).
وثمة نص آخر ورد على لسان نبي الله زكريا عليه السلام يتحدث فيه عن الإمام المهدي عليه السلام لكن النصارى يؤولونه تأويلا آخر. يقول النص:
«ابتهجي جدا يا ابنة صهيون. اهتفي يا بنت أورشليم. هو ذا ملك قادم إليك هو عادل ومنصور». (سفر زكريا 9: 9).
وهاتان الصفتان «العادل والمنصور» لا تنطبقان إلا على دولة الإمام المهدي وولده عليهم السلام ، لكن النصارى يدعون أن هذه البشارة جاءت خاصة بعيسى المسيح عليه السلام، إلا أن ادعاءهم باطل لأن عيسى لم يكن صاحب سلطة يحكم بها ولم يخض حربا وايضا هم يقولون بان مملکته روحية ملكوتية وليست ارضية .
وأما ما يخص من يرث الارض الواردة في المزمور فهي كثيرة منها:
سفر المزامير 37
9 لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ.
10 بَعْدَ قَلِيلٍلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ.
11 أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.
21 الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي.
22 لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ.
28 لأَنَّ الرَّبَّ يُحِبُّ الْحَقَّ، وَلاَ يَتَخَلَّى عَنْ أَتْقِيَائِهِ. إِلَى الأَبَدِ يُحْفَظُونَ. أَمَّا نَسْلُ الأَشْرَارِ فَيَنْقَطِعُ.
29 الصِّدِّيقُونَ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الأَبَدِ.
ولا تحتاج هذه العبارات إلى صعوبة في فهمها، فدولة الله التي سيقيمها على الأرض ستكون على يد القائم عليه السلام مصداقا لقوله تعالى: «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين».
سفر إشعياء 11
1 وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ،
2 وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.
3 وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ،
4 بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ.
5 وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.
6 فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا.
7 وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا.
8 وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ.
9 لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ.
10 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15
9 وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ»
10 وَيَقُولُ أَيْضًا: «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا الأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ»
11 وَأَيْضًا: «سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَامْدَحُوهُ يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ»
12 وَأَيْضًا يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: «سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ، عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».
أما في ما يتعلق بأهل البيت عليه السلام عامة، مما ورد بحقهم في الكتاب المقدس فكثير، لكننا هاهنا نورد أهم تلك العبارات والأوصاف على نحو مختصر.
يقول يوحنا في رؤياه الثانية عشر من سفر الرؤيا: «وظهرت آية عظيمة في السماء. امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا. وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد. وظهرت آية أخرى في السماء. هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان. وذنَبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض. والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت. فولدت ابنا ذكرا عتيدا أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه. والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعلوها هناك. وحدث حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين. وحارب التنين وملائكته. ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء. فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يظل العالم كله. طُرح إلى الأرض. وطُرحت مع ملائكته. وسمعت صوتا عظيما قائلا في السماء: اليوم يوم الخلاص القوة والملك لله ربنا وسلطان مسيحه. من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها: ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالما أن له زمانا قليلا. ولما رأى التنين أنه طُرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر. فأُعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية. إلى موضعها حيث تُعال زمانا وزمانين ونصف زمان من وجه الحية. فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماء كنهر لتجعلها تُحمَل بالنهر. فأعانت الأرض المرأة. وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه. فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله». (رؤيا يوحنا 12: 1 - 17).
ولم يتمكن علماء الكنيسة من تقديم تفسير واضح منطقي لهذه القصة وهذه الأوصاف، فتارة يقولون أن المقصود بالمرأة هي الكنيسة نفسها، لكن هذا التفسير يصطدم بسؤال: كيف تلد الكنيسة ابنا؟ ثم إن الكنيسة لم تظهر إلا في عهود متأخرة ولم تكن على زمان عيسى عليه السلام فيكف يُدَّعى أن المقصود بالمرأة هي الكنيسة وأن الابن الذي ستلده هو المسيح؟!
وبعضهم ادعى أن المرأة المقصودة هي مريم العذراء عليها السلام، لكن هذا المعنى لا يستقيم، فإن مريم عليها السلام لم تكن لها ذرية سوى ابنها المسيح عليه السلام، وليس لها «شمس» و«قمر» و«اثنا عشر كوكبا»؟! وهي لم تدخل في صراع مع تنين أو حية يريد أن يبتلع أبناءها الذين يحملون رسالة السماء؟!
أما ادعاء بعضهم بأن الكواكب الاثني عشر التي تشكل إكليلا يزين رأس تلك المرأة هم حواريو عيسى الإثنا عشر فهو ادعاء مردود فما علاقة المرأة بهؤلاء.. هل هم أولادها حتى يقال أن ثمة علاقة بينها وبينهم؟!
وحقيقة الأمر أن رؤيا يوحنا هذه جاءت لتروي لنا ملحمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ضد أعداء الله الذين يريدون أن يطفئوا نوره ويأبى الله إلا أن يتمه.
ولنقرا ما ورد حول الائمة الاثنى عشر والمهديين الاثنى عشر في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21
1 ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.
2 وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.
3 وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ.
4 وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ».
5 وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ».
6 ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا.
7 مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.
8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».
9 ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتِ الْمَمْلُوَّةِ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ».
10 وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،
11 لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ.
12 وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال، وَكَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَابًا، وَعَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكًا، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.
13 مِنَ الشَّرْقِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الشِّمَالِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْجَنُوبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْغَرْبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ.
14 وَسُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا، وَعَلَيْهَا أَسْمَاءُ رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ.
اللهما احفظ الملك وابن الملك ومكن لهم في ارضك واجعلنا من الناصرين لهم والسائرين على نهجهم وان ترينا نورهم نستضيء به في الدنيا والاخرة انك سميع الدعاء
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
تعتبر الرسالات السماوية عبارة عن حلقات متكاملة تصل بعضها بعضا لتشكل سلسلة الإيمان برسالة التوحيد، فما من نبي أو ولي إلا وبشّر بمن يليه، باعتبار أن «خلافة الله» في الأرض لا تنقطع لئلا يزيغ الناس عن الحق، ولذا فلا بد في كل زمان من حجة على الخلق يكون ترجمانا لوحي الله تعالى وتعاليمه.
ونظرا لما للقائم المهدي ع من خصوصية بكونه رسالة عالمية ، فإن كل الأنبياء السابقين وأوصيائهم عليهم السلام كانوا قد قاموا بعملية تهيئة مستمرة للبشرية لتقبل واستيعاب هذه الرسالة. فقد تتالت البشارات حول المخلص والمنقذ المتمثل بقائم ال محمد عليهم السلام ، منذ عهد آدم عليه السلام، وحتى وصية رسول الله ص في ليلة وفاته التي ذكرته عليه السلام بالاسم.
توالت البشارات بخصوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسيماهم وصفاتهم التي وردت بحقهم في التوراة والإنجيل وبقية أسفار الكتاب المقدس.
إلا أن التحريف الذي وقع في التوراة والإنجيل غيّر كثيرا من معالم النصوص التي تتحدث عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والتي كان الأنبياء السابقون يتلونها على أممهم. ومع هذا يمكن للقارىء المدقق أن يعيد قراءة تلك النصوص ليكتشف كثيرا من المؤشرات واضحة الدلالة إليهم عليهم السلام رغم تلاعب الايدي بتلك النصوص وصرفها عن اذهان الناس.
من تلك النصوص ما جاء في المزمور الاصحاح 72 من مزامير النبي داود عليه السلام التي وردت في الكتاب المقدس، والتي تشير إلى منقذ سيصلح هذا العالم ويقيم دولة العدل والقسط ويخلص البشرية من نير الظلم والجور. وهذا المنقذ - كما في المزمور - هو ابن صاحب رسالة عالمية ستسود على هذه الأرض في آخر الزمان.
فلنتأمل في ما جاء في هذا السفر:
1 اَلَّلهُمَّ، أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ، وَبِرَّكَ لابْنِ الْمَلِكِ.
2 يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ، وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ.
3 تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَمًا لِلشَّعْبِ، وَالآكَامُ بِالْبِرِّ.
4 يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ، وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ.
5 يَخْشَوْنَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ، وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.
6 يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ، وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ.
7 يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ، وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ.
8 وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ.
9 أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ، وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ.
10 مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً.
11 وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ.
12 لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ، وَالْمِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ.
13 يُشْفِقُ عَلَى الْمِسْكِينِ وَالْبَائِسِ، وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ.
14 مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ، وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ.
15 وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ.
16 تَكُونُ حُفْنَةُ بُرّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا، وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ.
17 يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. ». (المزمور 72: 1 - 17).
وهذا النص ذو دلالة واضحة بالإمام المهدي الملك وابنه المهدي الاول ابن الملك عليهم السلام، لكن البعض ينسبه إلى نبي الله داود عليه السلام، فيما ينسبه بعض آخر منهم إلى ابنه سليمان عليه السلام، وهم إثر ذلك واقعون في خلاف حول هاتين الشخصيتين اللتين يُتوسّل بهما - كما في النص - إلى الله تعالى كي يرسلهما لإنقاذ المستضعفين في الأرض وإقامة العدل.
ومطابقة الأوصاف الواردة في النص على الواقع، تكشف أنها تخص الامام المهدي محمد بن الحسن وولده احمد الحسن عليهما الصلاة والسلام، فالفقرة الأولى من هذه البشارة والتي جاءت على شكل دعاء تشير إلى أنه سوف تظهر بعد زمن داود عليه السلام شخصيتان عظيمتان، إحداهما عُبِّر عنها بالملك صاحب الاحكام «اللهم أعطِ احكامك للملك» والأخرى بابنه الذي سيقيم العدل حسب تلك الشريعة «وبرک لابن الملك». أما بقية الصفات الواردة فإنها مشتركة بين الشخصيتين ، لكن من الواضح أنها ترسم صورة مستقبلية لأحداث عظيمة سيسود فيها الخير وينغلق فيها باب الشر ، ولم يكن هذا قد حدث في زمن من الأزمان، وهو لن يحدث إلا في زمان الإمام المهدي وولده مكن الله لهم في الارض.
قال النبي صلى الله عليه واله لسلمان : (....ثم ضرب بيده على الحسين عليه السلام فقال: يا سلمان، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما من ولد هذا. إمام بن إمام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم. قال: قلت: يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه ؟ قال: أبوه أفضل منه. للأول مثل أجورهم كلهم لأن الله هداهم به)|كتاب سليم بن قيس ص429.
وتعبير «الملك» دارج في الكتاب المقدس على مختلف الأنبياء. ويؤيد أن المقصود بالملك ما جاء في الكتاب على لسان نبي الله دانيال عليه السلام من إشارة واضحة بأن صاحب السلطان والمملكة المرتقبة سيظهر يوما ولن تنقرض مملكته أبدا حتى يرث الله من في الأرض ومن عليها.
يقول النص:
«وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا وملكها لا يُترك لشعب آخر. وتُسحَق وتفنى كل هذه الممالك وهي (أي المملكة الإلهية) تثبت إلى الأبد». (سفر دانيال 2: 44(
كما تنبأ دانيال عليه السلام ثانية بمجيء الملك:
«كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام. فقرّبوه قدامه فأُعطِي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض». (سفر دانيال 7: 13 - 14).
كما دعا نبي الله يحيى عليه السلام بني إسرائيل وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى يتهيئوا لاستقبال ملكوت السماوات التي عبّر عنها فقال لهم:
«توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات. فإن هذا هو الذي يتكلم عنه النبي أشعياء قائلا: صوت صارخ في الصحراء. أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة». (إنجيل متى 3: 2 - 3).
وثمة نص آخر ورد على لسان نبي الله زكريا عليه السلام يتحدث فيه عن الإمام المهدي عليه السلام لكن النصارى يؤولونه تأويلا آخر. يقول النص:
«ابتهجي جدا يا ابنة صهيون. اهتفي يا بنت أورشليم. هو ذا ملك قادم إليك هو عادل ومنصور». (سفر زكريا 9: 9).
وهاتان الصفتان «العادل والمنصور» لا تنطبقان إلا على دولة الإمام المهدي وولده عليهم السلام ، لكن النصارى يدعون أن هذه البشارة جاءت خاصة بعيسى المسيح عليه السلام، إلا أن ادعاءهم باطل لأن عيسى لم يكن صاحب سلطة يحكم بها ولم يخض حربا وايضا هم يقولون بان مملکته روحية ملكوتية وليست ارضية .
وأما ما يخص من يرث الارض الواردة في المزمور فهي كثيرة منها:
سفر المزامير 37
9 لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ.
10 بَعْدَ قَلِيلٍلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ.
11 أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.
21 الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي.
22 لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ.
28 لأَنَّ الرَّبَّ يُحِبُّ الْحَقَّ، وَلاَ يَتَخَلَّى عَنْ أَتْقِيَائِهِ. إِلَى الأَبَدِ يُحْفَظُونَ. أَمَّا نَسْلُ الأَشْرَارِ فَيَنْقَطِعُ.
29 الصِّدِّيقُونَ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الأَبَدِ.
ولا تحتاج هذه العبارات إلى صعوبة في فهمها، فدولة الله التي سيقيمها على الأرض ستكون على يد القائم عليه السلام مصداقا لقوله تعالى: «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين».
سفر إشعياء 11
1 وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ،
2 وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.
3 وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ،
4 بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ.
5 وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.
6 فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا.
7 وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا.
8 وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ.
9 لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ.
10 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15
9 وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ»
10 وَيَقُولُ أَيْضًا: «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا الأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ»
11 وَأَيْضًا: «سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَامْدَحُوهُ يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ»
12 وَأَيْضًا يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: «سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ، عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».
أما في ما يتعلق بأهل البيت عليه السلام عامة، مما ورد بحقهم في الكتاب المقدس فكثير، لكننا هاهنا نورد أهم تلك العبارات والأوصاف على نحو مختصر.
يقول يوحنا في رؤياه الثانية عشر من سفر الرؤيا: «وظهرت آية عظيمة في السماء. امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا. وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد. وظهرت آية أخرى في السماء. هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان. وذنَبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض. والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت. فولدت ابنا ذكرا عتيدا أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه. والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعلوها هناك. وحدث حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين. وحارب التنين وملائكته. ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء. فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يظل العالم كله. طُرح إلى الأرض. وطُرحت مع ملائكته. وسمعت صوتا عظيما قائلا في السماء: اليوم يوم الخلاص القوة والملك لله ربنا وسلطان مسيحه. من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها: ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالما أن له زمانا قليلا. ولما رأى التنين أنه طُرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر. فأُعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية. إلى موضعها حيث تُعال زمانا وزمانين ونصف زمان من وجه الحية. فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماء كنهر لتجعلها تُحمَل بالنهر. فأعانت الأرض المرأة. وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه. فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله». (رؤيا يوحنا 12: 1 - 17).
ولم يتمكن علماء الكنيسة من تقديم تفسير واضح منطقي لهذه القصة وهذه الأوصاف، فتارة يقولون أن المقصود بالمرأة هي الكنيسة نفسها، لكن هذا التفسير يصطدم بسؤال: كيف تلد الكنيسة ابنا؟ ثم إن الكنيسة لم تظهر إلا في عهود متأخرة ولم تكن على زمان عيسى عليه السلام فيكف يُدَّعى أن المقصود بالمرأة هي الكنيسة وأن الابن الذي ستلده هو المسيح؟!
وبعضهم ادعى أن المرأة المقصودة هي مريم العذراء عليها السلام، لكن هذا المعنى لا يستقيم، فإن مريم عليها السلام لم تكن لها ذرية سوى ابنها المسيح عليه السلام، وليس لها «شمس» و«قمر» و«اثنا عشر كوكبا»؟! وهي لم تدخل في صراع مع تنين أو حية يريد أن يبتلع أبناءها الذين يحملون رسالة السماء؟!
أما ادعاء بعضهم بأن الكواكب الاثني عشر التي تشكل إكليلا يزين رأس تلك المرأة هم حواريو عيسى الإثنا عشر فهو ادعاء مردود فما علاقة المرأة بهؤلاء.. هل هم أولادها حتى يقال أن ثمة علاقة بينها وبينهم؟!
وحقيقة الأمر أن رؤيا يوحنا هذه جاءت لتروي لنا ملحمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ضد أعداء الله الذين يريدون أن يطفئوا نوره ويأبى الله إلا أن يتمه.
ولنقرا ما ورد حول الائمة الاثنى عشر والمهديين الاثنى عشر في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21
1 ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.
2 وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.
3 وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ.
4 وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ».
5 وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ».
6 ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا.
7 مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.
8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».
9 ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتِ الْمَمْلُوَّةِ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ».
10 وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،
11 لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ.
12 وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال، وَكَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَابًا، وَعَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكًا، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.
13 مِنَ الشَّرْقِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الشِّمَالِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْجَنُوبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْغَرْبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ.
14 وَسُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا، وَعَلَيْهَا أَسْمَاءُ رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ.
اللهما احفظ الملك وابن الملك ومكن لهم في ارضك واجعلنا من الناصرين لهم والسائرين على نهجهم وان ترينا نورهم نستضيء به في الدنيا والاخرة انك سميع الدعاء
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
Comment