بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل علي محمد وال محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما
مناظرةبين هشامبن الحكم ( رضوان الله عليه ) و احد علماء المسيح
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد للصدوق ص 270 : أبي رحمه الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيىالعطار ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حماد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم ، عن جاثليق من جثالقة النصارى يقال له بريهة ، قد مكث جاثليق النصرانية سبعين سنة وكان يطلب الإسلام ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، قال وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، حتى افتخرت به النصارى وقالت : لو لم يكن في دين النصرانية إلا بريهةفجزأنا ، وكان طالباً للحق والإسلام مع ذلك ، وكانت معه امرأة تخدمه طال مكثها معه، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها ، قال فعرفت ذلك منه ، فضرب بريهةالأمر ظهراً لبطن وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام من أعلمكم ؟ وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم شيئاً ، وقال لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ووصف له هشام بن الحكم . فقال يونس بن عبدالرحمن : فقال لي هشام : بينماأنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرؤون عليَّ القرآن فإذا أنا بفوجالنصارى معه ما بينالقسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس ، والجاثليق الأكبرفيهم بريهة حتى نزلوا حول دكاني وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه ، فقامت الأساقفةوالرهابنة على عصيهم ، وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال بريهة : ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية فما عندهم شئ ، وقد جئت أناظرك في الإسلام .
قال : فضحك هشام فقال: يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنابالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة مرتفعة ، آياته ظاهرة وعلاماته قائمة .
قال بريهة : فأعجبني الكلام والوصف .
قال هشام : إن أردت الحجاج فها هنا .
قال بريهة : نعم ، فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان ؟
قال هشام : ابن عم جده ( لأمه ) لأنه من ولدإسحاق ومحمد من ولد إسماعيل .
قال بريهة ، وكيف تنسبه إلى أبيه ؟
قال هشام : إن أردت نسبه عندكم أخبرتك، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك.
قال بريهة : أريد نسبه عندنا ، وظننت أنه إذانسبه نسبتنا أغلبه .
قلت : فانسبه بالنسبة التي ننسبه بها .
قال هشام : نعم ، تقولون : إنه قديم من قديم، فأيهما الأب وأيهما الابن ؟
قال بريهة : الذي نزل إلى الأرض الابن .
قال هشام : الذي نزل إلى الأرض الأب !
قال بريهة : الابن رسول الأب .
قال هشام : إن الأب أحكم من الابن لأن الخلق خلق الأب .
قال بريهة : إن الخلق خلق الأب وخلق الابن .
قال هشام : ما منعهما أن ينزلا جميعا كماخلقا إذا اشتركا ؟!
قال بريهة : كيف يشتركان وهما شئ واحد إنمايفترقان بالاسم .
قال هشام : إنما يجتمعان بالاسم .
قال بريهة : جهل هذا الكلام .
قال هشام : عرف هذا الكلام .
قال بريهة : إن الابن متصل بالأب .
قال هشام : إن الابن منفصل من الأب .
قال بريهة : هذا خلاف ما يعقله الناس .
قال هشام : إن كان ما يعقله الناس شاهداًلنا وعلينا فقد غلبتك ، لأن الأب كان ولم يكن الابن فتقول : هكذا يا بريهة ؟
قال : ما أقول هكذا .
قال : فلم استشهدت قوماً لا تقبل شهادتهم لنفسك ؟!
قال بريهة : إن الأب اسم والابن اسم يقدر به القديم .
قال هشام : الاسمان قديمان كقدم الأب والابن؟
قال بريهة : لا ولكن الأسماء محدثة .
قال : فقد جعلت الأب ابناً والابن أباً . إن كان الابن أحدث هذه الأسماء دون الأب فهو الأب ، وإن كان الأب أحدث هذه الأسماءدون الابن فهو الأب والابن أب وليس ههنا ابن .
قال بريهة : إن الابن اسم للروح حين نزلت إلى الأرض .
قال هشام : فحين لم تنزل إلى الأرض فاسمهاما هو ؟
قال بريهة : فاسمها ابن نزلت أو لم تنزل .
قال هشام : فقبل النزول هذه الروح كلهاواحدة واسمها اثنان ؟
قال بريهة : هي كلها واحدة روح واحدة .
قال : قد رضيت أن تجعل بعضها ابناً وبعضهاأباً .
قال بريهة : لا لأن اسم الأب واسم الابن واحد.
قال هشام : فالابن أبو الأب ، والأب أبوالابن ، والابن واحد .
قالت الأساقفة بلسانها لبريهة : ما مر بك مثل ذا قط ، تقوم ؟ فتحير بريهة وذهب ليقوم فتعلقبه هشام ، قال : ما يمنعك من الإسلام ؟ أفي قلبك حزازة؟ فقلها وإلا سألتك عن النصرانية مسألة واحدة تبيت عليها ليلك هذا فتصبح وليس لك همة غيري ، قالت الأساقفة : لا ترد هذه المسألة لعلها تشككك .
قال بريهة : قلها يا أبا الحكم .
قال هشام : أفرأيتك الابن يعلم ما عند الأب؟
قال : نعم .
قال : أفرأيتك الأب يعلم كل ما عند الابن ؟
قال : نعم .
قال : أفرأيتك تخبر عن الابن أيقدر على حمل كل ما يقدر عليه الأب ؟
قال : نعم .
قال : أفرأيتك تخبر عن الأب أيقدر على كل مايقدر عليه الابن ؟
قال : نعم .
قال هشام : فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان ؟! وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه ؟
قال بريهة : ليس منهما ظلم .
قال هشام : من الحق بينهما أن يكون الابن أب الأب والأب ابنالابن، بت عليها يا بريهة !
وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاماً ولا أصحابه .
قال : فرجع بريهة مغتماً مهتماً حتى صار إلى منزله ، فقالت امرأته التي تخدمه :مالي أراك مهتماً مغتماً . فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام فقالت لبريهة : ويحك أتريدأن تكون على حق أو على باطل ؟! فقال بريهة : بل على الحق ، فقالت له : أينما وجدت الحق فمل إليه ، وإياك واللجاجة فإن اللجاجة شكوالشك شؤم وأهله في النار . قال : فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام .
قال : فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع إلى قوله وتدين بطاعته ؟
قال هشام : نعم يا بريهة .
قال : وما صفته ؟
قال هشام : في نسبه أو فيدينه ؟
قال: فيهما جميعاً صفة نسبه وصفة دينه .
قال هشام : أما النسب خير الأنساب : رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم كل مننازعه في نسبه ، وجده أفضل منه ، لأن قريشاً أفضل العرب وبني هاشم أفضل قريش ،وأفضل بني هاشم خاصهم ودينهم وسيدهم، وكذلك ولد السيد أفضل من ولد غيره وهذا من ولد السيد .
قال : فصف دينه .
قال هشام : شرائعه أو صفة بدنه وطهارته ؟
قال : صفة بدنه وطهارته .
قال هشام : معصوم فلا يعصي ، وسخي فلا يبخل، شجاع فلا يجبن، وما استودع من العلم فلا يجهل ، حافظ للدين قائم بما فرض عليه ،من عترة الأنبياء ، وجامع علم الأنبياء ، يحلم عند الغضب ، وينصف عند الظلم ،ويعين عند الرضا ، وينصف من الولي والعدو ، ولا يسأل شططاً في عدوه ولا يمنع إفادةوليه ، يعمل بالكتاب ويحدث بالأعجوبات ، من أهل الطهارات ، يحكي قول الأئمةالأصفياء ، لم تنقض له حجة ، ولم يجهل مسألة ، يفتي في كل سنة ، ويجلو كل مد لهمة.
قال بريهة : وصفت المسيح في صفاته وأثبته بحججهوآياته ، إلا أن الشخص بائن عن شخصه والوصف قائم بوصفه ، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص.
قال هشام : إن تؤمن ترشد وإن تتبع الحق لاتؤنب .
ثم قال هشام : يا بريهة ما من حجة أقامهاالله على أول خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه ، فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن .
قال بريهة : ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة .
قال هشام : نعم ، فارتحلا حتى أتيا المدينةوالمرأة معهما ، وهما يريدان أبا عبد الله عليه السلام فلقيا موسى بن جعفر عليهماالسلام ، فحكى له هشام الحكاية ، فلما فرغ قال موسى بن جعفر عليهما السلام ، : يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟
قال : أنا به عالم .
قال : كيف ثقتك بتأويله ؟
قال : ما أوثقني بعلمي فيه .
قال : فابتدأ موسى بن جعفر عليهما السلام بقراءة الانجيل ..
قال بريهة : والمسيح لقد كان يقرأ هكذا وماقرأ هذه القراءة إلا المسيح ، ثم قال بريهة : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أومثلك ، قال فآمن وحسن إيمانه وآمنت المرأة وحسن إيمانها .
قال : فدخل هشام وبريهة والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام ، وحكى هشام الحكايةوالكلام الذي جرى بين موسى عليه السلام وبريهة ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم .
فقال بريهة : جعلت فداك أنى لكم التوراة والانجيل وكتب الأنبياء ؟
قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كماقرؤوها ونقولها كما قالوها . إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول لاأدري .
فلزم بريهة أبا عبد الله عليه السلام حتى ماتأبو عبد الله عليه السلام ثم لزم موسى بن جعفر عليهما السلام ، حتى مات في زمانه فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال : هذا حواري من حواريي المسيح يعرف حقالله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله
Comment