بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صل علی محمد الائمه والممحمد وال هدیین وسلم تسلیم
بحارالأنوار 14 309 باب 21- مواعظه و حكمه و ما أوحي إلي
عن كتاب تحف العقول:
مَوَاعِظُ الْمَسِيحِ عليه السلام فِي الْإِنْجِيلِ وَ غَيْرِهِ وَ مِنْ حِكَمِهِ:
طُوبَى لِلْمُتَرَاحِمِينَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ يَزُورُونَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُتَوَاضِعِينَ فِي الدُّنْيَا أُولَئِكَ يَرِثُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ لَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ
طُوبَى لِلْمَحْزُونِينَ هُمُ الَّذِينَ يَسُرُّونَ
طُوبَى لِلَّذِينَ يَجُوعُونَ وَ يَظْمَئُونَ خُشُوعاً هُمُ الَّذِينَ يَسْبِقُونَ
طُوبَى لِلْمَسْبُوبِينَ مِنْ أَجْلِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ
طُوبَاكُمْ إِذَا حُسِدْتُمْ وَ شُتِمْتُمْ وَ قِيلَ فِيكُمْ كُلُّ كَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ كَاذِبَةٍ حِينَئِذٍ فَافْرَحُوا وَ ابْتَهِجُوا فَإِنَّ أَجْرَكُمْ قَدْ كَثُرَ فِي السَّمَاءِ.
وَ قَالَ :
يَا عَبِيدَ السَّوْءِ تَلُومُونَ النَّاسَ عَلَى الظَّنِّ وَ لَا تَلُومُونَ أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْيَقِينِ
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا تَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ تُقَصِّرُونَ قُمُصَكُمْ وَ تَنْكِسُونَ رُءُوسَكُمْ وَ لَا تَنْزِعُونَ الْغِلَّ مِنْ قُلُوبِكُمْ
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الْقُبُورِ الْمُشَيَّدَةِ يُعْجِبُ النَّاظِرَ ظَهْرُهَا وَ دَاخِلُهَا عِظَامُ الْمَوْتَى مَمْلُوءَةٌ خَطَايَا
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَ يُحْرِقُ نَفْسَهُ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَ لَوْ جَثْواً عَلَى الرُّكَبِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِيمٌ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ حَسَنَةٌ وَ قِلَّةُ وِزْرٍ وَ خِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَ الْمَشَّاءَ إِلَى غَيْرِ أَرَبٍ وَ يُحِبُّ الْوَالِيَ الَّذِي يَكُونُ كَالرَّاعِي لَا يَغْفُلُ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَاسْتَحْيُوا اللَّهَ فِي سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْيُونَ النَّاسَ فِي عَلَانِيَتِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ [تُرْفَعَ] وَ رَفْعُهُ [رَفْعُهَا] أَنْ يَذْهَبُ رُوَاتُهُ [رُوَاتُهَا]
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ قُلُوبَكُمْ بِحَيْثُ تَكُونُ كُنُوزَكُمْ وَ كَذَلِكَ النَّاسُ يُحِبُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَ تَتُوقُ إِلَيْهَا أَنْفُسُهُمْ فَضَعُوا كُنُوزَكُمْ فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لَا يَأْكُلُهَا السُّوسُ وَ لَا يَنَالُهَا اللُّصُوصُ.
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ رَبَّيْنِ وَ لَا مَحَالَةَ أَنْ يُؤْثِرَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَ إِنْ جَهَدَ كَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ لَكُمْ حُبُّ اللَّهِ وَ حُبُّ الدُّنْيَا .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ شَرَّ النَّاسِ لَرَجُلٌ عَالِمٌ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى عِلْمِهِ فَأَحَبَّهَا وَ طَلَبَهَا وَ جَهَدَ عَلَيْهَا حَتَّى لَوِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْعَلَ النَّاسَ فِي حَيْرَةٍ لَفَعَلَ وَ مَا ذَا يُغنِي عَنِ الْأَعْمَى سَعَةُ نُورِ الشَّمْسِ وَ هُوَ لَا يُبْصِرُهَا
كَذَلِكَ لَا يُغنِي عَنِ الْعَالِمِ عِلمُهُ إِذَا هُوَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَا أَكْثَرَ ثِمَارَ الشَّجَرِ وَ لَيْسَ كُلُّهَا يَنْفَعُ وَ لَا يُؤْكَلُ وَ مَا أَكْثَرَ الْعُلَمَاءَ وَ لَيْسَ كُلُّهُمْ يَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمَ وَ مَا أَوْسَعَ الْأَرْضَ وَ لَيْسَ كُلُّهَا تُسْكَنُ وَ مَا أَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَ لَيْسَ كُلُّ كَلَامِهِمْ يُصَدَّقُ فَاحْتَفِظُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكَذَبَةَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ مُنَكِّسُو رُءُوسِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ يُزَوِّرُونَ بِهِ الْخَطَايَا يَطرِفُونَ مِنْ تَحْتِ حَوَاجِبِهِمْ كَمَا تَرْمُقُ الذِّئَابُ وَ قَوْلُهُمْ يُخَالِفُ فِعْلَهُمْ وَ هَلْ يُجْتَنَى مِنَ الْعَوْسَجِ الْعِنَبُ وَ مِنَ الْحَنْظَلِ التِّينُ وَ كَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ قَوْلُ الْعَالِمِ الْكَاذِبِ إِلَّا زُوراً وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ يَصْدُقُ.
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَرِيقَ لَيَقَعُ فِي الْبَيْتِ الْوَاحِدِ فَلَا يَزَالُ يَنْتَقِلُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حَتَّى تَحْتَرِقَ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ إِلَّا أَنْ يُسْتَدْرَكَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ فَيُهْدَمَ مِنْ قَوَاعِدِهِ فَلَا تَجِدَ فِيهِ النَّارُ مَحَلًّا وَ كَذَلِكَ الظَّالِمُ الْأَوَّلُ لَوْ أُخِذَ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ بَعْدِهِ إِمَامٌ ظَالِمٌ فَيَأْتَمُّونَ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَجِدِ النَّارُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ خَشَباً وَ أَلْوَاحاً لَمْ تُحْرِقْ شَيْئاً .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ نَظَرَ إِلَى الْحَيَّةِ تَؤُمُّ أَخَاهُ لِتَلدَغَهُ وَ لَمْ يُحَذِّرْهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ فَلَا يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي دَمِهِ وَ كَذَلِكَ مَنْ نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ يَعْمَلُ الْخَطِيئَةَ وَ لَمْ يُحَذِّرْهُ عَاقِبَتَهَا حَتَّى أَحَاطَتْ بِهِ فَلَا يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي إِثْمِهِ وَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرَ الظَّالِمَ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَهُوَ كَفَاعِلِهِ وَ كَيْفَ يَهَابُ الظَّالِمُ وَ قَدْ أَمِنَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا يُنهَى وَ لَا يُغَيَّرُ عَلَيْهِ وَ لَا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ فَمِنْ أَيْنَ يُقَصِّرُ الظَّالِمُونَ أَمْ كَيْفَ لَا يَغْتَرُّونَ فَحَسْبُ أَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لَا أَظْلِمُ وَ مَنْ شَاءَ فَلْيَظْلِمْ وَ يَرَى الظُّلْمَ فَلَا يُغَيِّرَهُ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَمْ تُعَاقَبُوا مَعَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَمْ تَعْمَلُوا بِأَعْمَالِهِمْ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ الْعَثْرَةُ فِي الدُّنْيَا .
اللهم صل علی محمد الائمه والممحمد وال هدیین وسلم تسلیم
بحارالأنوار 14 309 باب 21- مواعظه و حكمه و ما أوحي إلي
عن كتاب تحف العقول:
مَوَاعِظُ الْمَسِيحِ عليه السلام فِي الْإِنْجِيلِ وَ غَيْرِهِ وَ مِنْ حِكَمِهِ:
طُوبَى لِلْمُتَرَاحِمِينَ أُولَئِكَ هُمُ الْمَرْحُومُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ النَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُطَهَّرَةِ قُلُوبُهُمْ أُولَئِكَ يَزُورُونَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمُتَوَاضِعِينَ فِي الدُّنْيَا أُولَئِكَ يَرِثُونَ مَنَابِرَ الْمُلْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ لَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ
طُوبَى لِلْمَحْزُونِينَ هُمُ الَّذِينَ يَسُرُّونَ
طُوبَى لِلَّذِينَ يَجُوعُونَ وَ يَظْمَئُونَ خُشُوعاً هُمُ الَّذِينَ يَسْبِقُونَ
طُوبَى لِلْمَسْبُوبِينَ مِنْ أَجْلِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتُ السَّمَاءِ
طُوبَاكُمْ إِذَا حُسِدْتُمْ وَ شُتِمْتُمْ وَ قِيلَ فِيكُمْ كُلُّ كَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ كَاذِبَةٍ حِينَئِذٍ فَافْرَحُوا وَ ابْتَهِجُوا فَإِنَّ أَجْرَكُمْ قَدْ كَثُرَ فِي السَّمَاءِ.
وَ قَالَ :
يَا عَبِيدَ السَّوْءِ تَلُومُونَ النَّاسَ عَلَى الظَّنِّ وَ لَا تَلُومُونَ أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْيَقِينِ
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا تَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ تُقَصِّرُونَ قُمُصَكُمْ وَ تَنْكِسُونَ رُءُوسَكُمْ وَ لَا تَنْزِعُونَ الْغِلَّ مِنْ قُلُوبِكُمْ
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الْقُبُورِ الْمُشَيَّدَةِ يُعْجِبُ النَّاظِرَ ظَهْرُهَا وَ دَاخِلُهَا عِظَامُ الْمَوْتَى مَمْلُوءَةٌ خَطَايَا
يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَ يُحْرِقُ نَفْسَهُ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ زَاحِمُوا الْعُلَمَاءَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَ لَوْ جَثْواً عَلَى الرُّكَبِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ الْمَيْتَةَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قِلَّةُ الْمَنْطِقِ حُكْمٌ عَظِيمٌ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَعَةٌ حَسَنَةٌ وَ قِلَّةُ وِزْرٍ وَ خِفَّةٌ مِنَ الذُّنُوبِ فَحَصِّنُوا بَابَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَابَهُ الصَّبْرُ وَ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الضَّحَّاكَ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ وَ الْمَشَّاءَ إِلَى غَيْرِ أَرَبٍ وَ يُحِبُّ الْوَالِيَ الَّذِي يَكُونُ كَالرَّاعِي لَا يَغْفُلُ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَاسْتَحْيُوا اللَّهَ فِي سَرَائِرِكُمْ كَمَا تَسْتَحْيُونَ النَّاسَ فِي عَلَانِيَتِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ كَلِمَةَ الْحِكْمَةِ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَعَلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ [تُرْفَعَ] وَ رَفْعُهُ [رَفْعُهَا] أَنْ يَذْهَبُ رُوَاتُهُ [رُوَاتُهَا]
يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ : عَظِّمِ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ وَ دَعْ مُنَازَعَتَهُمْ وَ صَغِّرِ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ وَ لَا تَطْرُدْهُمْ وَ لَكِنْ قَرِّبْهُمْ وَ عَلِّمْهُمْ
يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ : اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ عَجَزْتَ عَنْ شُكْرِهَا بِمَنْزِلَةِ سَيِّئَةٍ تُؤَاخَذُ عَلَيْهَا
يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ : اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ عَجَزْتَ عَنْ تَوْبَتِهَا بِمَنْزِلَةِ عُقُوبَةٍ تُعَاقَبُ بِهَا
يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ كُرَبٌ لَا تَدْرِي مَتَى تَغْشَاكَ فَاسْتَعِدَّ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَفْجَأَكَ .
وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:
أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ أَحَداً مَرَّ بِأَخِيهِ فَرَأَى ثَوْبَهُ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ أَكَانَ كَاشِفاً عَنْهَا أَمْ يَرُدُّ عَلَى مَا انْكَشَفَ مِنْهَا؟
قَالُوا : بَلْ يَرُدُّ عَلَى مَا انْكَشَفَ مِنْهَا .
قَالَ :
كَلَّا بَلْ تَكْشِفُونَ عَنْهَا فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَهُمْ.
فَقَالُوا:
يَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَيْفَ ذَاكَ؟
قَالَ: ذَاكَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْ أَخِيهِ فَلَا يَسْتُرُهَا .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْلَمُوا وَ لَا أُعَلِّمُكُمْ لِتُعْجَبُوا بِأَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا مَا تُرِيدُونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَ لَنْ تَظْفَرُوا بِمَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ إِيَّاكُمْ وَ النَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقُلُوبِ الشَّهْوَةَ وَ كَفَى بِهَا لِصَاحِبِهَا فِتْنَةً .
طُوبَى لِمَنْ جُعِلَ بَصَرُهُ فِي قَلْبِهِ وَ لَمْ يُجْعَلْ بَصَرُهُ فِي نَظَرِ عَيْنِهِ.
لَا تَنْظُرُوا فِي عُيُوبِ النَّاسِ كَالْأَرْبَابِ وَ انْظُرُوا فِي عُيُوبِهِمْ كَهَيْئَةِ عَبِيدِ النَّاسِ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُبْتَلًى وَ مُعَافًى فَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى وَ احْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَا تَسْتَحْيُونَ مِنَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَسُوغ لَهُ شَرَابُهُ حَتَّى يُصَفِّيَهُ مِنَ الْقَذَى وَ لَا يُبَالِي أَنْ يَبْلُغَ أَمْثَالَ الْغِيلَةِ
أَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّهُ قِيلَ لَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ كَافُوا أَرْحَامَكُمْ وَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ أَعْطُوا مَنْ مَنَعَكُمْ وَ أَحْسِنُوا إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَ سَلِّمُوا عَلَى مَنْ سَبَّكُمْ وَ أَنْصِفُوا مَنْ خَاصَمَكُمْ وَ اعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ يُعْفَى عَنْ إِسَاءَتِكُمْ فَاعْتَبِرُوا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْكُمْ
أَلا تَرَوْنَ أَنَّ شَمْسَهُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْأَبْرَارِ وَ الْفُجَّارِ مِنْكُمْ وَ أَنَّ مَطَرَهُ يَنْزِلُ عَلَى الصَّالِحِينَ وَ الْخَاطِئِينَ مِنْكُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تُحِبُّونَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّكُمْ وَ لَا تُحْسِنُونَ إِلَّا إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ وَ لَا تُكَافِئونَ إِلَّا مَنْ أَعْطَاكُمْ فَمَا فَضْلُكُمْ إِذاً عَلَى غَيْرِكُمْ قَدْ يَصْنَعُ هَذَا السُّفَهَاءُ الَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ فُضُولٌ وَ لَا لَهُمْ أَحْلَامٌ وَ لَكِنْ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا أَحِبَّاءَ اللَّهِ وَ أَصْفِيَاءَ اللَّهِ فَأَحْسِنُوا إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَ اعْفُوا عَمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَ سَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْكُمْ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ احْفَظُوا وَصِيَّتِي وَ ارْعَوْا عَهْدِي كَيْمَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ فُقَهَاءَ ...
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ قُلُوبَكُمْ بِحَيْثُ تَكُونُ كُنُوزَكُمْ وَ كَذَلِكَ النَّاسُ يُحِبُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَ تَتُوقُ إِلَيْهَا أَنْفُسُهُمْ فَضَعُوا كُنُوزَكُمْ فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لَا يَأْكُلُهَا السُّوسُ وَ لَا يَنَالُهَا اللُّصُوصُ.
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ رَبَّيْنِ وَ لَا مَحَالَةَ أَنْ يُؤْثِرَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَ إِنْ جَهَدَ كَذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ لَكُمْ حُبُّ اللَّهِ وَ حُبُّ الدُّنْيَا .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّ شَرَّ النَّاسِ لَرَجُلٌ عَالِمٌ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى عِلْمِهِ فَأَحَبَّهَا وَ طَلَبَهَا وَ جَهَدَ عَلَيْهَا حَتَّى لَوِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَجْعَلَ النَّاسَ فِي حَيْرَةٍ لَفَعَلَ وَ مَا ذَا يُغنِي عَنِ الْأَعْمَى سَعَةُ نُورِ الشَّمْسِ وَ هُوَ لَا يُبْصِرُهَا
كَذَلِكَ لَا يُغنِي عَنِ الْعَالِمِ عِلمُهُ إِذَا هُوَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ مَا أَكْثَرَ ثِمَارَ الشَّجَرِ وَ لَيْسَ كُلُّهَا يَنْفَعُ وَ لَا يُؤْكَلُ وَ مَا أَكْثَرَ الْعُلَمَاءَ وَ لَيْسَ كُلُّهُمْ يَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمَ وَ مَا أَوْسَعَ الْأَرْضَ وَ لَيْسَ كُلُّهَا تُسْكَنُ وَ مَا أَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَ لَيْسَ كُلُّ كَلَامِهِمْ يُصَدَّقُ فَاحْتَفِظُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكَذَبَةَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ مُنَكِّسُو رُءُوسِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ يُزَوِّرُونَ بِهِ الْخَطَايَا يَطرِفُونَ مِنْ تَحْتِ حَوَاجِبِهِمْ كَمَا تَرْمُقُ الذِّئَابُ وَ قَوْلُهُمْ يُخَالِفُ فِعْلَهُمْ وَ هَلْ يُجْتَنَى مِنَ الْعَوْسَجِ الْعِنَبُ وَ مِنَ الْحَنْظَلِ التِّينُ وَ كَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ قَوْلُ الْعَالِمِ الْكَاذِبِ إِلَّا زُوراً وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ يَصْدُقُ.
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الزَّرْعَ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَ لَا يَنْبُتُ فِي الصَّفَا وَ كَذَلِكَ الْحِكْمَةُ تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَوَاضِعِ وَ لَا تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ شَمَخَ بِرَأْسِهِ إِلَى السَّقْفِ شَجَّهُ وَ مَنْ خَفَضَ بِرَأْسِهِ عَنْهُ اسْتَظَلَّ تَحْتَهُ وَ أَكَنَّهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَتَوَاضَعْ لِلَّهِ خَفَضَهُ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَصْلُحُ الْعَسَلُ فِي الزِّقَاقِ وَ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَعْمُرُ الْحِكْمَةُ فِيهَا إِنَّ الزِّقَّ مَا لَمْ يَنخَرِقْ أَوْ يَقحَلْ أَوْ يَتفَلْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِلْعَسَلِ وِعَاءً وَ كَذَلِكَ الْقُلُوبُ مَا لَمْ تَخْرِقْهَا الشَّهَوَاتُ وَ يُدَنِّسْهَا الطَّمَعُ وَ يُقْسِيهَا النَّعِيمُ فَسَوْفَ تَكُونُ أَوْعِيَةً لِلْحِكْمَةِ .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْحَرِيقَ لَيَقَعُ فِي الْبَيْتِ الْوَاحِدِ فَلَا يَزَالُ يَنْتَقِلُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حَتَّى تَحْتَرِقَ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ إِلَّا أَنْ يُسْتَدْرَكَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ فَيُهْدَمَ مِنْ قَوَاعِدِهِ فَلَا تَجِدَ فِيهِ النَّارُ مَحَلًّا وَ كَذَلِكَ الظَّالِمُ الْأَوَّلُ لَوْ أُخِذَ عَلَى يَدَيْهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ بَعْدِهِ إِمَامٌ ظَالِمٌ فَيَأْتَمُّونَ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَجِدِ النَّارُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ خَشَباً وَ أَلْوَاحاً لَمْ تُحْرِقْ شَيْئاً .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ مَنْ نَظَرَ إِلَى الْحَيَّةِ تَؤُمُّ أَخَاهُ لِتَلدَغَهُ وَ لَمْ يُحَذِّرْهُ حَتَّى قَتَلَتْهُ فَلَا يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي دَمِهِ وَ كَذَلِكَ مَنْ نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ يَعْمَلُ الْخَطِيئَةَ وَ لَمْ يُحَذِّرْهُ عَاقِبَتَهَا حَتَّى أَحَاطَتْ بِهِ فَلَا يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرِكَ فِي إِثْمِهِ وَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرَ الظَّالِمَ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَهُوَ كَفَاعِلِهِ وَ كَيْفَ يَهَابُ الظَّالِمُ وَ قَدْ أَمِنَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا يُنهَى وَ لَا يُغَيَّرُ عَلَيْهِ وَ لَا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ فَمِنْ أَيْنَ يُقَصِّرُ الظَّالِمُونَ أَمْ كَيْفَ لَا يَغْتَرُّونَ فَحَسْبُ أَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لَا أَظْلِمُ وَ مَنْ شَاءَ فَلْيَظْلِمْ وَ يَرَى الظُّلْمَ فَلَا يُغَيِّرَهُ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَمْ تُعَاقَبُوا مَعَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَمْ تَعْمَلُوا بِأَعْمَالِهِمْ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ الْعَثْرَةُ فِي الدُّنْيَا .
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ كَيْفَ تَرْجُونَ أَنْ يُؤْمِنَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَنْتُمْ تَخَافُونَ النَّاسَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ تُطِيعُونَهُمْ فِي مَعْصِيَتِهِ وَ تَفونَ لَهُمْ بِالْعُهُودِ النَّاقِضَةِ لِعَهْدِهِ .
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَا يُؤْمِنُ اللَّهُ مِنْ فَزَعِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَنِ اتَّخَذَ الْعِبَادَ أَرْبَاباً مِنْ دُونِهِ .
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ السَّوْءِ مِنْ أَجْلِ دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَ شَهْوَةٍ رَدِيئَةٍ تُفَرِّطُونَ فِي مُلْكِ الْجَنَّةِ وَ تَنْسَوْنَ هَوْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا مِنْ أَجْلِ نِعْمَةٍ زَائِلَةٍ وَ حَيَاةٍ مُنْقَطِعَةٍ تَفِرُّونَ مِنَ اللَّهِ وَ تَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ فَكَيْفَ يُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَكْرَهُونَ لِقَاءَهُ وَ إِنَّمَا يُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَ مَنْ يُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ يَكْرَهُ لِقَاءَ مَنْ يَكْرَهُ لِقَاءَهُ وَ كَيْفَ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ وَ أَنْتُمْ تَفِرُّونَ مِنَ الْمَوْتِ وَ تَعْتَصِمُونَ بِالدُّنْيَا فَمَا ذَا يُغْنِي عَنِ الْمَيِّتِ طِيبُ رِيحِ حُنُوطِهِ وَ بَيَاضُ أَكْفَانِهِ وَ كُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي التُّرَابِ كَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْكُمْ بَهْجَةُ دُنْيَاكُمُ الَّتِي زُيِّنَتْ لَكُمْ وَ كُلُّ ذَلِكَ إِلَى سَلْبٍ وَ زَوَالٍ مَا ذَا يُغْنِي عَنْكُمْ نَقَاءُ أَجْسَادِكُمْ وَ صَفَاءُ أَلْوَانِكُمْ وَ إِلَى الْمَوْتِ تَصِيرُونَ وَ فِي التُّرَابِ تُنْسَوْنَ وَ فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ تُغْمَرُونَ ......
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ أَنْ تَغْرَقَ فِيهِ السَّفِينَةُ وَ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ شَيْئاً كَذَلِكَ لَا تَنْقُصُونَ اللَّهَ بِمَعَاصِيكُمْ شَيْئاً وَ لَا تَضُرُّونَهُ بَلْ أَنْفُسَكُمْ تَضُرُّونَ وَ إِيَّاهَا تَنْقُصُونَ .
وَ كَمَا لَا يَنْقُصُ نُورَ الشَّمْسِ كَثْرَةُ مَنْ يَتَقَلَّبُ فِيهَا بَلْ بِهِ يَعِيشُ وَ يَحْيَا كَذَلِكَ لَا يَنْقُصُ اللَّهَ كَثْرَةُ مَا يُعْطِيكُمْ وَ يَرْزُقُكُمْ بَلْ بِرِزْقِهِ تَعِيشُونَ وَ بِهِ تَحْيَوْنَ يَزِيدُ مَنْ شَكَرَهُ إِنَّهُ شَاكِرٌ عَلِيمٌ
وَيْلَكُمْ يَا أُجَرَاءَ السَّوْءِ الْأَجْرَ تَسْتَوْفُونَ وَ الرِّزْقَ تَأْكُلُونَ وَ الْكِسْوَةَ تَلْبَسُونَ وَ الْمَنَازِلَ تَبْنُونَ وَ عَمَلَ مَنِ اسْتَأْجَرَكُمْ تُفْسِدُونَ يُوشِكُ رَبُّ هَذَا الْعَمَلِ أَنْ يُطَالِعَكُمْ فَيَنْظُرَ فِي عَمَلِهِ الَّذِي أَفْسَدْتُمْ فَيُنْزِلَ بِكُمْ مَا يُخْزِيكُمْ وَ يَأْمُرَ بِرِقَابِكُمْ فَتُجَذ مِنْ أُصُولِهَا وَ يَأْمُرَ بِأَيْدِيكُمْ فَتُقْطَعَ مِنْ مَفَاصِلِهَا ثُمَّ يَأْمُرَ بِجُثتِكُمْ فَتُجَرَّ عَلَى بُطُونِهَا حَتَّى تُوضَعَ عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تَكُونُوا عِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَ نَكَالًا لِلظَّالِمِينَ
وَيْلَكُمْ يَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ أَنَّ آجَالَكُمْ تَسْتَأْخِرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَنْزِلْ بِكُمْ فَكَأَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِكُمْ فَأَظْعَنَكُمْ فَمِنَ الْآنَ فَاجْعَلُوا الدَّعْوَةَ فِي آذَانِكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَنُوحُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَابْكُوا عَلَى خَطَايَاكُمْ وَ مِنَ الْآنَ فَتَجَهَّزُوا وَ خُذُوا أُهْبَتَكُمْ وَ بَادِرُوا التَّوْبَةَ إِلَى رَبِّكُمْ
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ كَمَا يَنْظُرُ الْمَرِيضُ إِلَى طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا يَلْتَذهُ مَعَ مَا يَجِدُهُ مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْيَا لَا يَلْتَذ بِالْعِبَادَةِ وَ لَا يَجِدُ حَلَاوَتَهَا مَعَ مَا يَجِدُ مِنْ حُبِّ الْمَالِ
وَ كَمَا يَلْتَذ الْمَرِيضُ نَعْتَ الطبِيبِ الْعَالِمِ بِمَا يَرْجُو فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ فَإِذَا ذَكَرَ مَرَارَةَ الدَّوَاءِ وَ طَعْمَهُ كَدَّرَ عَلَيْهِ الشِّفَاءَ كَذَلِكَ أَهْلُ الدُّنْيَا يَلْتَذونَ بِبَهْجَتِهَا وَ أَنْوَاعِ مَا فِيهَا فَإِذَا ذَكَرُوا فَجْأَةَ الْمَوْتِ كَدَّرَهَا عَلَيْهِمْ وَ أَفْسَدَهَا
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ النَّاسِ يُبْصِرُ النُّجُومَ وَ لَكِنْ لَا يَهْتَدِي بِهَا إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ مَجَارِيَهَا وَ مَنَازِلَهَا وَ كَذَلِكَ تَدْرُسُونَ الْحِكْمَةَ وَ لَكِنْ لَا يَهْتَدِي لَهَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِهَا
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا نَقوا الْقَمْحَ وَ طَيِّبُوهُ وَ أَدِقوا طَحْنَهُ تَجِدُوا طَعْمَهُ وَ يَهْنِئْكُمْ أَكْلُهُ
كَذَلِكَ فَأَخْلِصُوا الْإِيمَانَ وَ أَكْمِلُوهُ تَجِدُوا حَلَاوَتَهُ وَ يَنْفَعْكُمْ غِبُّهُ
بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَوْ وَجَدْتُمْ سِرَاجاً يَتَوَقدُ بِالْقَطِرَانِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَاسْتَضَأْتمْ بِهِ فَلَمْ يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ رِيحُ قَطِرَانِهِ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَأخُذُوا الْحِكْمَةَ مِمَّنْ وَجَدْتمُوهَا مَعَهُ وَ لَا يَمْنَعْكُمْ مِنْهُ سُوءُ رَغْبَتِهِ فِيهَا
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا لَا كَحُكَمَاءَ تَعْقِلُونَ وَ لَا كَحُلَمَاءَ تَفْقَهُونَ وَ لَا كَعُلَمَاءَ تَعْلَمُونَ وَ لَا كَعَبِيدٍ أَتْقِيَاءَ وَ لَا كَأَحْرَارٍ كِرَامٍ تُوشِكُ الدُّنْيَا أَنْ تَقتلِعَكُمْ مِنْ أُصُولِكُمْ فَتُقَلِّبَكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ ثُمَّ تَكُبَّكُمْ عَلَى مَنَاخِرِكُمْ ثُمَّ تَأْخُذَ خَطَايَاكُمْ بِنَوَاصِيكُمْ وَ يَدْفَعَكُمُ الْعِلْمُ مِنْ خَلْفِكُمْ حَتَّى يُسَلِّمَاكُمْ إِلَى الْمَلِكِ الدَّيَّانِ عُرَاةً فُرَادَى فَيُجْزِيَكُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِكُمْ
وَيْلَكُمْ يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا أَلَيْسَ بِالْعِلْمِ أُعْطِيتُمُ السُّلْطَانَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَنَبَذتُمُوهُ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِهِ وَ أَقْبَلْتُمْ عَلَى الدُّنْيَا فَبِهَا تَحْكُمُونَ وَ لَهَا تُمَهِّدُونَ وَ إِيَّاهَا تُؤْثِرُونَ وَ تَعْمُرُونَ فَحَتَّى مَتَى أَنْتُمْ لِلدُّنْيَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيكُمْ نَصِيبٌ