كتاب باترياركا لروبرت فيلمر
جون لوك
ما هي عقيدة حق الملوك الإلهى لأوروبا في العصور الوسطى ؟
حق الملوك الإلهي هو مفهوم ديني سياسي يستمد من خلاله الملوك الذين يحكمون بسلطة مطلقة شرعيتهم من الدين ويعتبرون أي نوع من العصيان والخروج عليهم ذنبا بحق الله وجد في أوروبا القرون الوسطى
أشتهر المفهوم في أوروبا وكان قائما على أن الملك يستمد شرعيته من الله مباشرة ولا يحق لأي قوة أرضية أن تنازعه في حقه الإلهي من السماء ولايحق للمحكومين محاكمة الملك ومقاضاته فهذا من شؤون الله حسب المفهوم.
يرجع أصل مفهوم أو نظرية حق الملوك الإلهى لأوروبا في العصور الوسطى، حيث كان يُشاع أن الرب يمنح سلطه مؤقتا للحاكم السياسي وهي نفس الفكرة التي يستعملها الكرسي الرسولي يعد جيمس الأول ملك إنجلترا وإبنه تشارلز الأول أشهر من أستمدوا شرعيتهم من خلال هذا المفهوم ولم يتم التخلص من هذا المعتقد حتى بعد مقتل تشارلز الأول، إذ تم اعتباره شهيدا حسب ما جاء في كتاب كتاب الصلاة المشتركة الأنجيلي المذهب
قسطنطين الأول أول من أعتبر الملوك ممثلين الله على الأرض من الملوك المسيحيين
و كان روبيرت فيلمر أحد أشهر المدافعين عن هذا المفهوم وكتب ان الدولة عبارة عن اسرة وان الملك هو الأب، كما أكد عن طريق الشرح التوراتي بقوله أن آدم أُنزل كأول ملك على الأرض واضاف ان تشارلز الأول ملك إنجلترا يحكم إنجلترا كوريث شرعي لآدم
انتقده الفيلسوف جون لوك John Locke سنة 1689 في كتابه المعادي لاستبدادية بالحكم "المعالجة الأولى عن الحكومة المدنية الأراء الداعمة للحكم باسم الله أو الرب ونقضها
النصوص الدينية التي تم إستعمالها لتبرير المفهوم
اعتبرت الكنيسة جريا على مفاهيم قسطنطين أن الملك هو ممثل الله الأرضي وعلى هذا الأساس ليس موضعا لنقد ومعارضة من أي قوة أخرى. إلا أنها أعتبرت الملك أقل شأنا من القوانين الإلهية والتي يمثلها صاحب الكرسي الرسولي.
في المسيحية
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13
1 لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ،
2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً.
3 فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ،
4 لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ.
5 لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ.
6 فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ.
7 فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.
بدأ إستغلال هذا النص بعد إعتناق قسطنطين الأول للمسيحية وأعتبر الملوك صورة حكمة الله على الأرض وأستعمل مارتن لوثر النص لتحريض السلطات على قمع حرب الفلاحين الألمانية
يُعد المفكّر الانجليزي السير روبرت فيلمر (1588 – 1653) هو أكثر من أخذ هذا المثال على أقصى أبعاده والتزاماته؛ ونظّر له ولدولة الملكيّة المطلقة و”الحق الإلهي للملوك” بحماس شديد. قابل انتشاراً وهوىً محبّباً لدى ملوك انجلترا. بلا شك يُعد تنظير فيلمر للدولة البطريركية -الأبوية -،مرتبطاً بأفكاره حول اعتبار الملكيّة المطلقة أفضل نماذج الحكم، والحق الإلهي للملوك. يبني فيلمر نظريّته بمقدّمة تعود إلى قصة الخلق وطوفان نوح، فالله خلق آدم وخلق المرأة من أحد أضلاعه، وأعطى لآدم السُّلطة على ذويه وعلى الأرض المسخّرة لأجله، وبهذا يصف آدم بأنه كان أول ملك على هذه الأرض، وليس لأحد من سلالته أن يكون ملكاً إلا إذا ورث هذه الملكية منه. بالنسبة إلى الآباء فهم (حُكومة عائلاتهم، وأصحاب السُّلطة التي لا يختارها الأبناء أو الزوجة). وهذه الأبويّة لا توجد في أشكال الحكومات سوى في نموذج الملكيّة المطلقة، وهذا سبب كونها أفضل أشكال الحكومات.
الفيلسوف الانجليزي جون لوك (1632 – 1704) تصدّى لهذه النظريّة بالنقد الحاد في نُقاط عدّة لخّصها د. إمام عبدالفتاح إمام في كتابه (الطاغية) على نحو يُظهِر أهم جوانب المُشكِلة في هذه المقارنة، ومن هذه الانتقادات:
أولاً: يُجادل لوك في حجّة فيلمر التي تستند على أن (كل فرد يصبح، بحكم المولد، مسخّراً بمحض ولادته لمن يلده). ويردُّ على ذلك لوك بأن إنجاب الأب لأبنائه لا يجعلهم عبيداً له.
وثانياً: إن القول بأن التسلُّط على الأولاد هو مصدر كل سُلطة في الحكم قولٌ خاطئ، فهناك كثرةٌ من الأحكام المتسلّطة للحكومة لا صلة لها بعلاقة الأب بأبنائه داخل الأسرة.
وثالثاً: إن سُلطة الأب على أبنائه مؤقّتة وليست مُطلقة؛ فهي تستمر ما داموا لم يبلغوا سن الرشد، أما في مرحلة النُّضج فإنهم يصبحون مسؤولين عن أنفسهم.
ورابعاً: إن العلاقة بين الملك ورعاياه ليست شبيهة نوعياً بالعلاقة بين الأب وأبنائه، فالأولى علاقة سياسية، والثانية علاقة أخلاقيّة.
جان جاك روسّو (1712 – 1778) أيضاً انتقد –من غير توسُّع- أفكار فيلمر في مقالته (في الاقتصاد السياسي) وفي كتابه الشهير (العقد الاجتماعي). ففي أولى فصول الكتاب يعود روسّو إلى الأسرة بوصفها المجتمع الطبيعي الأوّل الذي يحيا فيه الإنسان. يصف ارتباط الآباء بأبنائهم بقوله: (لا يدوم إلا طيلة الوقت الذي يحتاجون في أثنائه إليه لحفظ بقائهم. وما إن تنفكّ هذه الحاجة، حتى تنحلّ الرابطة الطبيعية). ثم بعد ذلك يدخلوا جميعهم على حدٍّ سواء في طور الاستقلال. ويُلاحظ فرقاً جوهرياً بين علاقة الأب بالأبناء والرئيس بالشعب، فالأب يحنو على أولاده بما يصرفه لهم من عناية، بينما الرئيس يكون- في الأصل- معدوماً من هذا الحنو إزاء شعبه
Comment