المسيحُ سِرُّ اللهِ
دراسة في علاقة الإمام المهدي بالمسيح عليهم السلام
الحلقة الاولى- المقدمــــــــــــــة
بقلم الشيخ صادق المحمدي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
كل دعوة من دعوات الأنبياء فيها خصوصية ويريد الله سبحانه وتعالى منها شيئاً يوصله إلى عباده، ولهذا أتى المسيح عيسى (ع) برسالته التي هي أهم رسالة قبل بعثة النبي الخاتم صلوات الله عليه وهي آخر مرحلة تمهيدية من طريق الأنبياء الذين أتوا من سلالة نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم ع.
وأراد نبي الله عيسى (ع) أن يطرح المعاني الروحية ويسن الأساس لها ويقرب الفهم بالأمثال للناس من خلال رحلة تعليمه ونشر رسالته التي كلف بها، وهذا له دور مهم في حياة القائم المهدي صلوات الله عليه؛ لأن القائم المهدي يمثل أول رحلة العودة إلى الله سبحانه وتعالى، وهو منعطف الرجوع المتمثل بقوس الصعود أي القيامة الصغرى.والعودة تعتمد على السير على كل ما هو متمثل بالمعنى الروحي وهو التخلص من كل ما هو متنافي، وهي علقة الإنسان بالماديات والأجسام، ومن هذه العلاقات التي تحدد فيها هي: الصلات النسبية هذا أب وهذا ابن، وهذا أخ وغيرها، وهذه عادة يحددها واقع الإنسان، وكانت تفرض على الإنسان من أنها نتيجة حتمية حيث ينسب إلى أب وأم وهي من خصوصيات عالم الأجسام؛ لأن الإنسان عادة يولد من أبوين وهناك ترابط أسري مفروض عليه من خلال هذا الواقع، لكن هناك نسبة روحية وإن كانت غير منظور إليها من عموم البشر إلا من خصهم الله وأوقفهم على تلك المعاني الروحية، ومنهم الأنبياء كنوح (ع) عندما طلب من الله أن ينجي ابنه؛ لأنه عصاه، فكان نداء الله أنه ليس من أهلك وأنه عمل غير صالح.
وهذه كما قلت كانت عند من خصهم الله بلطافة الروح؛ لأن فيها ينسب المرء أيضاً نسباً ولكن نسبتها نسبة حقيقية، أي تصبح لنا علاقتان يحدد العلاقات بين البشر، منها العلاقة الطبيعية التي هي من لوازم عالم الأجسام والمادة؛ لأن الإنسان كما قلت يولد من أبوين، وكذلك توجد علاقة أخرى وهي الحقيقية (العلاقة الروحية) أيضاً يتحصل منها نسبة الإنسان إلى آخر وتحدد علاقته به، وهذه العلاقة ظهرت بوضوح في دعوة نبي الله عيسى (ع) ووضح ذلك بصورة جليه من أنه وجد من غير أب وكان ينادي بتلك المعاني الروحية من أنه ابن وأن هناك أب له وأن الأب هو الذي أرسله وكثير من الأمور، وحتى هذه المعاني كانت في عهد نبي الله محمد ص من أنه أوجد المؤاخاة وجعل لكل مسلم من المهاجرين أخاً له من الأنصار وكان يقول: المؤمن أخ المؤمن لكي تترسخ هذه المعاني عند المسلمين، وهذه أيضاً كما قلت مرحلة تمهيدية لما سيقوم به القائم صلوات الله عليه.
روي ان القائم (ع) يؤآخي بين الاخوة في الاظلة اي في عالم الذر او المجردات، كما روي عن الائمة ص: عن الصادق (ع): (إن الله عز وجل آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام، فإذا قام قائمنا - أهل البيت - ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يورث الأخ من الولادة) . (الهداية – الشيخ الصدوق: ص343).
وعن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، قالا: (لو قد قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ أخاه في الأظلة). ( الخصال – الشيخ الصدوق: ص169).
لأن العلاقات تكون بحسب تلك المعاني الروحية وهي أول انطلاقات التوحيد في رحلة العودة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن فيها دفع المتنافيات، حيث تحل المعاني الروحية محل المعاني المادية التي هي سبب هلاك الناس والظلم للعباد؛ لأن الإنسان يكون أسير هذه القيود التي هي من لوازم المادة، وهي السجن كما عبر عنه الإمام أمير المؤمنين أن الدنيا سجن المؤمن.
------------------------
Comment