(الجهاد في الدين الإلهي...)
جواب الإمام أحمد الحسن (ع) في كتاب الحواري الثالث عشر :
((بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
مسألة الجهاد في الدين الإلهي عموماً وليس في الإسلام فقط بيَّنتها في كتاب الجهاد باب الجنة، وأما الآيات التي في القرآن ويعتبرونها تحريض على العنف أو تهميش الآخرين:
أولاً: آل عمران، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾(19).
﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾(83).
﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾(85).
المعنى: آل عمران، ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ @ قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ @وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾(83 – 84).
الآية (84) من سورة آل عمران تبين بوضوح معنى الإسلام في الآيات بأنه التسليم لله ولخليفة الله في أرضه في كل زمان المنصب وفق قانون خلافة الله في أرضه الذي كان منذ اليوم الأول للإنسان الأول على هذه الأرض وهو نبي الله آدم (ع) الذي نصبه الله خليفته في أرضه.
فهذه الآيات ليست بصدد تهميش أحد أو الحكم على أحد،إنما هي بصدد بيان قانون الإيمان المقبول عند الله وهو التسليم له ولخليفته في أرضه.
أماإن كنت تعتبر أنّ وضع قانون للإيمان هو تهميش للآخرين الذين لايقبلونه، فمعنى كلامك أنّ كل أصحاب دين - باعتبار أن عندهم قانون إيمان- يهمشون غيرهم بل يتعدى الأمرإلى كل مجموعة يؤمنون بفكر معين([1]).
ثانياً: التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[التوبة: 29].
المعنى: القرآن وحدة متكاملة، ومايفعله الوهابيون لتمرير عقائدهم الباطلة وفتاواهم في قتل الناس ومايفعله المسيحيون وغيرهم هذه الأيام للطعن في القرآن هو عملية اقتطاع آيات من كتاب هو عبارة عن وحدة متكاملة لايمكن أن يؤخذ منها جزء بمعزل عن الكل أو بقية الأجزاء([2])،وقد بيّن الله في القرآن أنه وحدة متكاملة لايصح تجزئتها، وإن من يجزئها هو شخص مغرض إماأنه يريد الطعن بصورة عبثية عشوائية كمن يقول لمن قال لا إله إلا الله أنت كافر وتنكر وجود الله؛لأنك قلت لا إله، وإما أنه شخص يريد أن يمرر عقيدة أو فتوى فاسدة لغرض في نفسه كما فعل الوهابيون (أو المتسمون بالسلفية).
وهذه آيات قرآنية تنهى عن هذا السلوك المنحرف المغرض في تجزئة القرآن:﴿.....أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85].
الحجر، ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ @ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ @ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الحجر: 91 – 93].
أماالآية 29 من سورة التوبة فنحتاج أن نقرأالآيات بعدها لنتبين لماذا حث الله المؤمنين على القتال هنا([3]) ؟
التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ @ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ@ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ @ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ @ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾(29 – 33).
إذن، الله يحث على قتالهم؛ لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولااعتقد أن التحريض على قتل الآخر أو أن التهيؤ لقتل الآخر أو أن إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، واعتقد أن إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر.
وإن كانت الآيات المتقدمة تحتمل الأخذ والرد وأنها متشابهة فهناك آية واضحة ومحكمة تبين أنّ الله يحث المؤمنين على قتال من يقاتلونهم وينهى الله المؤمنين عن الاعتداء على الآخرين، والمتشابه يرجع إلى المحكم. قال تعالى:﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].
ثم إن فعل الرسول محمد (ص) واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدؤوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه صلى الله عليه وآله.
وأيضاً يجب الانتباه أنّ الإسلام والدين الإلهي لايعتبر أنّ الدين مفصول عن السياسة، بل إنّ الحكم والسياسة جزء من الدين وبالتالي فكثير من الآيات في القرآن هي عبارة عن قوانين عسكرية تبين حقوق الجندي في المعركة ومايجوز له أن يفعله تجاه من يقاتله، فالمؤمن لايقتل - حتى من يقاتله -إلا بأمر الله؛ ليؤجر، ولهذا شرع الله للمؤمنين في ساحة المعركة قتل من يقاتلهم وبين هذا الأمرفي آيات قرآنية، كما تسن - الآن وقبل الآن- الدول القوانين لجيوشها وتبين فيها حقوق جنودها في ساحة المعركة ومايجوز ومالايجوز.. الخ.
ثالثاً:﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾[النساء: 91].
أين الإشكال في هذه الآية؟هي تحث على مقاتلة الكافر المحارب الذي لايكف يده عن أذى المؤمنين.
إضافة إلى أنّ الآية التي قبلها من نفس السورة فيها بيان أيضاً لجواز مهادنة من يطلب السلام ولايحارب المؤمنين ولايطلب أذاهم.
﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾[النساء: 90].
رابعاً:﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾[محمد: 4].
المعنى: هذه الآية تبين بعض حقوق الجنود المؤمنين - في الجيش الإسلامي -أثناء الحرب وفي ساحة المعركة، وهو أنّ من حقهم أن يقتلوا الكافر الذي يقاتلهم، وتبين أن من حقهم أيضاًأخذ الأسرى وتعطيهم الحرية في التعامل مع الأسرى، فإما أن يطلقونهم بدون مقابل أو يبادلونهم أو يفدونهم .. الخ.
فأين الإشكال في هذه الآية، وقد قلنا إنّ القرآن عبارة عن قانون إلهي ليس للعبادة فقط بل يبين أيضاً السياسة والحكم الإلهي وحقوق المؤمنين ومايجب عليهم .. الخ.)) الامام احمد الحسن (ع) ــ كتاب الحواري الثالث عشر.
*****
هوامش من تعليق د. توفيق المغربي
[1]- جاء في مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة:
(... وأهمية قانون الإيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة.
القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325 موهو أول المجامع المسكونية، وذلك رداً على البدعة الأريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح. وكان يمثل الكنيسة القبطية في ذلك المجمع البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر. ومعه شماسه أثناسيوس الذي قام بصياغة كل بنود القانون وأضيف الجزء الخاص بلاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية المسكوني الذي عقد سنة 381 م. رداً على مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح.
كل كنائس العالم - وإن اختلفت في بعض العقائد - تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه (حسب ترجمه خاصة بهم). ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان ....) مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة.
إذاً قانون الإيمان - بحسب البابا شنودة - هو ما يحدد من يكون مسيحياً ومن تحرمه الكنيسة وإن كان يعتقد بالكتاب وخالف بعضاً من بنود القانون ... بل إنه صيغ أصلاً لإقصاء طائفة كبيرة من المسيحيين خالفت عقيدتها في السيد المسيح (ع) فهُمِّشوا وأُخرِجوا من دائرة المؤمنين بالسيد المسيح (ع)، مثل آريوس فيما مضى وعدد كبير من كبار العلماء المسيحيين في وقته ومن كانوا يؤمنون بمثل ما يؤمن به آريوس، ومثل شهود ياهو اليوم وغيرهم الكثير ممن تسميهم الكنيسة بهراطقة !
[2]- استخدام الآية الواحدة بمعزل عن باقي الكتاب أمر يحذر من خطورته أيضاً المسيحيون ويرفضه علماءهم، ولذلك نجد مثلاً البابا شنودة عقد فصلاً خاصاً في كتابه (كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي) واسماه (خطورة استخدام الآية الواحدة)، وكذلك الأنبا بيشوي مطران دمياط في كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان حيث الفقرة 115 أيضاً تحمل نفس العنوان (خطورة استخدام الآية الواحدة).
وهذا نص كلام البابا شنودة:[في موضوع الخلاص أيها الإخوة - كما في أي موضوع آخر - احترسوا جداً من خطورة استخدام آية واحدة من الكتاب المقدس.
إن الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله.
الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلاً إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فإنه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل ....
... لا يصح مطلقاً أيها الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهي طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية. إن أتاك أحد في يوم من الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعني الآية الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معاً (احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة، وهذه التكملة هي التي توضح معناها ...] خطورة استخدام الآية الواحدة - كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي - البابا شنودة.
[3]- لابد من الالتفات أنّ الحث هنا على القتال هو أولاً بأمر من الله سبحانه وتعالى. وثانياً هو دفاعي، وجميع الأديان الإلهية تجيز الجهاد الدفاعي بل وتوجبه على المؤمنين، بل كلها تقر وجوب الجهاد والقتال الهجومي إن كان بأمر الله سبحانه كما سيتبين.
ومسألة الجهاد (جهاد النفس وجهاد العدو) في الدين الإلهي وحقيقته بينها الإمام أحمد الحسن (ع) في كتاب الجهاد باب الجنة، ولننقل هنا طرفاً مما جاء في هذا الكتاب ثم نورد بعض النصوص من العهد القديم والجديد، وكذلك مثال من أقوال علماء المسيحيين: قال الإمام أحمد الحسن (ع): (الجهاد في الأديان الإلهية:
الجهاد أو القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد والدين الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى قضية قررها الله سبحانه، وحث عليها المؤمنين وأوجبها عليهم وواعد من جاهد في سبيله الجنة وتوعّد من أعرض عن الجهاد بالنار.
والأنبياء والمرسلون (ص) هم حملة كلمة الله سبحانه وهم حملة راية الجهاد والقتال في سبيل الله سبحانه، وهذا تاريخ الأنبياء والمرسلين (ص) بين يديك تصفّحه في التوراة والإنجيل والقرآن لتجد موسى (ع) يحمل سيفه ويتأهّب لدخول الأرض المقدسة، ويوشع بن نون (ع) يحمل سيفه ويدخل الأرض المقدسة، وداود (ع) يقضي أيامه في القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
وقال تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.
وسليمان (ع) يخلفه ليبني هيكل العبادة بيد ويقاتل في سبيل إعلاء كلمة الله باليد الأخرى، قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾.
﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ @ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.
والتوراة حافلة بمعارك داود وسليمان (ص).
ثم إنّ عيسى (ع) يقول لأتباعه: (من أراد أن يتبعني فليحمل خشبته على ظهره)، أي إنه يدعو للثورة على الظلم والفساد ويأمر أتباعه بالجهاد والقتال في سبيل الله، فالخشبة في ذلك الزمان نظير الكفن عندنا اليوم، أي كأنه يقول لأتباعه من أراد أن يتبعني فليحمل كفنه معه.
أمّا الرسول محمد (ص) فقد قضى جل أيامه في المدينة المنورة بعد الهجرة في الجهاد والقتال في سبيل الله، وقضى أيامه في مكة يجاهد ويقاتل بالكلمة والحجة هو ومن آمن معه حتى عُذبوا وأُذوا وقتل منهم من قتل فذهب إلى ربّه شاهداً وشهيداً.
ولا شك أنّ سيرة الأنبياء والمرسلين (ص) حجة ما بعدها حجة.
وأمر الله سبحانه وتعالى بالجهاد والقتال في سبيله لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى والذي جاء به الأنبياء والمرسلون حجة ما بعدها حجة، فلم يبق للمتخلّف عن أمر الله سبحانه وتعالى عذر ولا عاذر، ولم يبق لمن ينكر أمر الله سبحانه وتعالى إلا أن يقال عنه أنه كافر، فبأي حديث بعد الله وآياته وسيرة أنبيائه ورسله تؤمنون.
والنصوص على الجهاد والقتال في سبيل الله في التوراة الموجودة حالياً التي يعترف بها اليهود والنصارى كثيرة جدّاً لا يسعها هذا البيان المختصر، ولكن لا بأس بإيراد نص منها لترتب فائدة على إيراده، ولعل الأفضل أن نعرّج على أول من توسع في الجهاد والقتال في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى بعد نبي الله موسى بن عمران (ع) الذي جاء بالتوراة وهو يوشع بن نون (ع) وصي موسى (ع).
جاء في التوراة (العهد القديم/ سفر يشوع: ص354 - 357): الإصحاح العاشر:
«(34) ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها (35) وأخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحد السيف وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم حسب كل ما فعل بلخيش (36) ثم صعد يشوع وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها (37) وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها وكل مدنها وكل نفس بها. لم يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها (38) ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها (39) وأخذها مع ملكها وكل مدنها وضربوها بحد السيف وحرموا كل نفس بها. لم يبق شارداً، كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها (40) فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها. لم يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل (41) فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون (42) وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل (43) ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال».
الأصحاح الحادي عشر: «(1) فلما سمع يابين ملك حاصور أرسل إلى يوباب ملك مادون وإلى ملك شمرون وإلى ملك أكشاف (2) وإلى الملوك الذين إلى الشمال في الجبل وفي العربة جنوبي كنروت وفي السهل وفي مرتفعات دور غرباً (3) الكنعانيين في الشرق والغرب والأموريين والحثيين والفرزيينواليبوسيين في الجبل والحويين تحت حرمون في أرض المصفاة (4) فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعباً غفيراً كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة بخيل ومركبات كثيرة جداً (5) فاجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد وجاءوا ونزلوا معاً على مياه ميروم لكي يحاربوا إسرائيل (6) فقال الرب ليشوع لا تخفهم لأني غداً في مثل هذا الوقت أدفعهم جميعاً قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار (7) فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم (8) فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوتمايم وإلى بقعة مصفاة شرقاً. فضربوهم حتى لم يبق لهم شارد (9) ففعل يشوع بهم كما قال له الرب. عرقب خيلهم وأحرق مركباتهم بالنار (10) ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف. لأن حاصور كانت قبلاً رأس جميع تلك الممالك (11) وضربوا كل نفس بها بحد السيف، حرموهم ولم تبق نسمة، وأحرق حاصور بالنار (12) فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرمهم كما أمر موسى عبد الرب (13) غير أن المدن القائمة على تلالها لم يحرقها إسرائيل ما عدا حاصور وحدها أحرقها يشوع (14) وكل غنيمة تلك المدن والبهائم نهبها بنو إسرائيل لأنفسهم. وأمّا الرجال فضربوهم جميعاً بحد السيف حتى أبادوهم. لم يبقوا نسمة (15) كما أمر الرب موسى عبده هكذا أمر موسى يشوع وهكذا فعل يشوع. لم يهمل شيئاً من كل ما أمر به الرب موسى (16) فأخذ يشوع كل تلك الأرض الجبل وكل الجنوب وكل أرض جوشن والسهل والعربة وجبل إسرائيل وسهله (17) من الجبل الأقرع الصاعد إلى سعير إلى بعل جاد في بقعة لبنان تحت جبل حرمون ، وأخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم (18) فعمل يشوع حرباً مع أولئك الملوك أياماً كثيرة (19) لم تكن مدينة صالحت بني إسرائيل إلا الحويين سكان جبعون بل أخذوا الجميع بالحرب (20) لأنه كان من قبل الرب أن يشدد قلوبهم حتى يلاقوا إسرائيل للمحاربة فيحرموا فلا تكون عليهم رأفة بل يبادون كما أمر الرب موسى (21) وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل. حرمهم يشوع مع مدنهم (22) فلم يتبق عناقيون في أرض بني إسرائيل لكن بقوا في غزة وجت وأشدود (23) فأخذ يشوع كل الأرض حسب كل ما كلم به الرب موسى وأعطاها يشوع ملكاً لإسرائيل حسب فرقهم وأسباطهم، واستراحت الأرض من الحرب».
هذه صورة لجانب من الأيام التي قضاها يوشع بن نون (ع) في الجهاد والقتال لإعلاء كلمة الله ونشر دين الله والتوحيد على هذه الأرض) الإمام أحمد الحسن (ع) - كتاب الجهاد باب الجنة.
· بعض النصوص في الجهاد من التوراة:
- إبراهيم (ع) أبو الأنبياء يقاتل ويخرج للجهاد دفاعاً عن لوط (ع):
«14: 14 فلما سمع ابرام أن أخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم إلى دان 14: 15 وانقسم عليهم ليلاً هو وعبيده فكسرهم وتبعهم إلى حوبة التي عن شمال دمشق 14: 16 واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا أخاه أيضاً وأملاكه والنساء أيضاً والشعب»العهد القديم - سفر التكوين - الأصحاح 14.
- موسى (ع) يبدأ ثورته الإلهية على الظلم بقتل أحد زبانية فرعون الطاغية المتسلط على رقاب الناس الذي كان يقتل ويسلب وينهب ويستضعف أهل الأرض دونما رادع:
«2: 11 وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في اثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من إخوته 2: 12 فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل»العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 2.
وأيضاً بعد الخروج من مصر وعبور البحر: «17: 1 ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين بحسب مراحلهم على موجب أمر الرب ونزلوا في رفيديم ولم يكن ماء ليشرب الشعب .... 17: 8 وأتى عماليق وحارب إسرائيل في رفيديم 17: 9 فقال موسى ليشوع انتخب لنا رجالاً واخرج حارب عماليق وغداً أقف أنا على راس التلة وعصا الله في يدي 17: 10 ففعل يشوع كما قال له موسى ليحارب عماليق وأما موسى وهرون وحور فصعدوا على راس التلة 17: 11 وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب 17: 12 فلما صارت يدا موسى ثقيلتين أخذا حجراً ووضعاه تحته فجلس عليه ودعم هرون وحور يديه الواحد من هنا والآخر من هناك فكانت يداه ثابتتين إلى غروب الشمس 17: 13 فهزم يشوع عماليق و قومه بحد السيف ...»العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 17.
ثم موسى (ع) يأمر (بأمر الله سبحانه وتعالى) يوشع (ع) وصيه وخليفته بالجهاد والقتال ودخول الأرض المقدسة، وقد تقدم ذكر النصوص في ما نقلناه من كتاب الإمام أحمد الحسن (ع).
· الجهاد والقتال في الدين الإلهي من أقوال علماء المسيحيين:
- أولاً من قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة (قتل):
(القتل الجائز ويكون القتل حلالاً أو واجباً في الحالات الآتية كما ذُكِر من أحداث الكتاب:
أ- قتل من حُكِمَ عليه بالموت لأنه قتل أو عمل ذنباً آخر يستحق الإعدام مما ذكر في خر 21: 15 - 17 أو في لا 20: 10 و 24: 14 - 16 و 23 وغير ذلك (راجع مادة قصاص).
ب- إذا أدرك وليّ القتيل قاتله خارج مدن الملجأ وقبل أن يموت الكاهن العظيم الذي حدثت الجريمة في عهده. وتمنع الشريعة افتدائه (عد 35: 32).
ج- وتقضي الشريعة بقتل الأعداء في الحرب بلا هوادة. وقد أوصى بعض الأنبياء بتحريم بعض أعداء الله الاردياء أي أوصى بابادتهم هم ومواشيهم (1 صم 15: 3 وقض 5: 22-31) ....)قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة (قتل).
يقول القس انطونيوس فكري: (قد يتصور البعض أنه ما دمنا نحن نحيا في العهد الجديد فلا حاجة بنا للعهد القديم وهذا تصور خاطئ....
... نرى في العهد القديم حروب ودماء كثيرة، ولعنات أصابت البشر فنري غضب الله على الخطية. فنعرف قداسة الله وبغضه للخطية. ..) مقدمة عن العهد القديم - شرح الكتاب المقدس - القس أنطونيوس فكري.
· الجهاد ومقاومة المحتل والعدو من الثوابت الفطرية ومن القيم الثابتة عالمياً:
الجهاد مسألة فطرية وغريزية حتى لدى الحيوانات فهي تدافع عن أعشاشها وأوكارها وجحورها.
ولا يختلف الناس في جواز القتال دفاعاً عن الأرض، وحتى القوانين العلمانية في الأمم المتحدة الآن تعتبر مقاومة المحتلين من قبل أهل البلد الأصليين مشروعة.
يقول البابا شنودة: (... ومن القيم الثابتة الأساسية التي تلزم لكل إنسان: محبة الوطن والدفاع عنه، والتضحية من أجله بالدم، إذا احتاج الأمر....) مقالة (القيم والمبادئ .. بين مسميات ومفاهيم) - مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 6/ 8/ 2006.
الآن نقول: إذا كان الله هو من أمر الأنبياء والرسل (ص) بالجهاد في العهد القديم، واليهود والمسيحيون يؤمنون بهذا فهو إذاً من سنة الله، وسنته سبحانه وتعالى لا تتغير ولا تتبدل ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً:
- يقول البابا شنودة في الاستدلال على العقيدة من خلال العهد القديم:
(... يعترض البعض بأن الكهنوت أمر خاص بالعهد القديم فقط. وهذا يدعونا أن نطرح سؤالاً هاماً وهو:
- هل الله في العهد القديم غير الله في العهد الجديد ؟
أقول هذا، لأننا كلما نثبت عقيدة بآيات من العهد القديم، يتجرأ البعض على العهد القديم ويحقرونه ! ويعتبرون أن العهد القديم مجرد ناموس بعيد عن النعمة، ويتكلمون عنه بطريقة خالية من الاحترام اللائق بكلام الله. كما لو كانت تعاليم العهد القديم قد ألغيت ! أو أن العهد الجديد قد نسخ العهد القديم !!
وللأسف فإن بعض الذين يهاجمون العهد القديم يضعون في أغلفة كتبهم ومؤلفاتهم كليشيه كبير للآية المشهورة: "كل الكتاب موحى به من الله" .. فلماذا هذه الجرأة على العهد القديم، وهو جزء من الكتاب ؟ ثم هل الله في علاقته بالبشر قد تغير ؟
هل هو في العهد القديم يقبل وسطاء بينه وبين الناس، وفي العهد الجديد يرفض ؟ هوذا يعقوب الرسول يقول: إن الله "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17). بل هو أمس واليوم وإلى الأبد.
والسيد المسيح نفسه حينما تعرض للعهد القديم، في العظة على الجبل، قال كلمات جميلة جداً، نذكر من بينها: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.." (مت 5: 17، 18).
إذن لا نقول فقط إن العهد القديم لم يلغ، بل أنه حتى حرف واحد أو نقطه منه لا يمكن أن تزول ......) كتاب الكهنوت للبابا شنودة الثالث - فصل (ليس عند الله تغيير).
فمن يدعي أن الجهاد والقتال بأمر الله سبحانه وتعالى منحصر بزمان العهد القديم يناقض قول عيسى (ع) ويناقض اعتقاده، إن ما جاء من عقيدة وتشريع في العهد القديم هما حق ومن عند الله ... ولا يُلتفَت لمن يحاول أن يوهم عوام المسيحيين أن الجهاد بعد مجيء السيد المسيح (ع) انحصر في الجهاد الروحي فقط لعدم وجود دليل واحد على هذا الادعاء. وعلى أي حال ففي التوراة التي يؤمن بها المسيحيون الرد الكافي.
بالنتيجة: الجهاد والقتال أمر مشروع وقد تبين من العقل والواقع والنقل من التوراة والإنجيل وأيضاً من أقوال العلماء، بل وهو أمر فطري غريزي وتقره المجتمعات الإنسانية اللادينية أو العلمانية.
Comment