سؤال 530 /
ما معنى قوله تعالى : ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا .
وهل صحيح أ ابن أبي قحافة كان مع النبي الكريم ص في الغار ؟؟
جواب السيد احمد الحسن (ع) :
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة .
هذه الآية ليس فيها مدح لمن رافق النبي ص في الغار بل فيها ذمٍّ واضح لمن رافق النبي ص , فالسكينة في هذه الواقعة نزلت فقط على الرسول فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ , والملائكة جنود الله نزلوا لتأييد الرسول فقط
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا , وهذا يعني إخراج المرافق للرسول ص من ربقة الإيمان , لأن السكينة قد نزلت على بعض المسلمين أو المؤمنين في مواضع أخرى كان فيها كثير من المسلمين مع الرسول ص ولم يُخصص الرسول ص بها , وبهذا علمنا أنه لم يكن في الغار من يستحق التأييد بالسكينة والجنود غير الرسول والمؤمنين معه وكيف أن الجنود ينزلون تأييداً للرسول والمؤمنين الذين معه ولم تخصص بالرسول ص :
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) التوبة .
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح .
تدبّروا هذا الأمر جيداً : في هذه المواضع لما كان هناك مؤمنون مع رسول الله ص وهم بعض من كانوا معه
[ بعض ما كانوا معه وليس كلّهم ] نزلت عليهم السكينة , لأنهم يستحقونها , فلو كان الذي في الغار مؤمناً لكان لزاماً أن تنزل عليه السكينة كما نزلت على المؤمنين مع رسول الله في مواضع أخرى .
أمّا إن كان هناك من يعتقد أن قول الرسول لمرافقة لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا , هو مدح للمرافق فهذا شطط من القول , فانظر إلى قوله تعالى :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة .
وهذا يُبيّن لك أن الله مع الكل سواء التفتوا أو لم يلتفتوا
وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ وهذه حقيقة ثابتة يعرفها المؤمنون الموقنون وبالتالي يتبيّن أن ذلك الشخص في الغار كان غافلاً ولهذا ذكره الرسول بهذه الحقيقة لعلّه يعيها , ولكن تكملة الآية تُبيّن أنه لم يعِ هذه الحقيقة ولم يلتفت من غفلته ولهذا لم تنزل عليه السكينة بل نزلت على الرسول فقط , وأيضاً اختص التأييد بالجنود الرسول فقط , في بيان واضح أنه لم يكن هناك مؤمن في الغار غيره صلى الله عليه وآله .
أمّا وصفه بأنه صاحبه لا أظن أن عاقلاً يعتبره مدحاً بعد كل ما تقدم , فالرسول صاحب قومه الذين كفروا به أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) الأعراف .
وقد عبّر القرآن في غير موضع عن الكافر بأنه صاحب المؤمن الذي كان ينصحه : وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) الكهف .
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) الكهف .
ففي أحسن الأحوال إن لم تكن تلك النصيحة التي في الغار إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
كهذه التي في الآيات المتقدمة باعتبار أن كلاهما نصيحة للصاحب وتذكير له بالله ومحاولة لانتزاعه من الغفلة التي فيها فإنها لن تكون بأي حال من الأحوال دليلاً على مدح للصاحب فضلاً عن أن تكون منقبة له كما يدعي بعضهم .
احمد الحسن
محرم الحرام 1432 .
---------------------
الجواب المنير عبر الاثير / ج 6
ما معنى قوله تعالى : ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا .
وهل صحيح أ ابن أبي قحافة كان مع النبي الكريم ص في الغار ؟؟
جواب السيد احمد الحسن (ع) :
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة .
هذه الآية ليس فيها مدح لمن رافق النبي ص في الغار بل فيها ذمٍّ واضح لمن رافق النبي ص , فالسكينة في هذه الواقعة نزلت فقط على الرسول فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ , والملائكة جنود الله نزلوا لتأييد الرسول فقط
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا , وهذا يعني إخراج المرافق للرسول ص من ربقة الإيمان , لأن السكينة قد نزلت على بعض المسلمين أو المؤمنين في مواضع أخرى كان فيها كثير من المسلمين مع الرسول ص ولم يُخصص الرسول ص بها , وبهذا علمنا أنه لم يكن في الغار من يستحق التأييد بالسكينة والجنود غير الرسول والمؤمنين معه وكيف أن الجنود ينزلون تأييداً للرسول والمؤمنين الذين معه ولم تخصص بالرسول ص :
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) التوبة .
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح .
تدبّروا هذا الأمر جيداً : في هذه المواضع لما كان هناك مؤمنون مع رسول الله ص وهم بعض من كانوا معه
[ بعض ما كانوا معه وليس كلّهم ] نزلت عليهم السكينة , لأنهم يستحقونها , فلو كان الذي في الغار مؤمناً لكان لزاماً أن تنزل عليه السكينة كما نزلت على المؤمنين مع رسول الله في مواضع أخرى .
أمّا إن كان هناك من يعتقد أن قول الرسول لمرافقة لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا , هو مدح للمرافق فهذا شطط من القول , فانظر إلى قوله تعالى :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة .
وهذا يُبيّن لك أن الله مع الكل سواء التفتوا أو لم يلتفتوا
وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ وهذه حقيقة ثابتة يعرفها المؤمنون الموقنون وبالتالي يتبيّن أن ذلك الشخص في الغار كان غافلاً ولهذا ذكره الرسول بهذه الحقيقة لعلّه يعيها , ولكن تكملة الآية تُبيّن أنه لم يعِ هذه الحقيقة ولم يلتفت من غفلته ولهذا لم تنزل عليه السكينة بل نزلت على الرسول فقط , وأيضاً اختص التأييد بالجنود الرسول فقط , في بيان واضح أنه لم يكن هناك مؤمن في الغار غيره صلى الله عليه وآله .
أمّا وصفه بأنه صاحبه لا أظن أن عاقلاً يعتبره مدحاً بعد كل ما تقدم , فالرسول صاحب قومه الذين كفروا به أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) الأعراف .
وقد عبّر القرآن في غير موضع عن الكافر بأنه صاحب المؤمن الذي كان ينصحه : وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) الكهف .
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) الكهف .
ففي أحسن الأحوال إن لم تكن تلك النصيحة التي في الغار إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
كهذه التي في الآيات المتقدمة باعتبار أن كلاهما نصيحة للصاحب وتذكير له بالله ومحاولة لانتزاعه من الغفلة التي فيها فإنها لن تكون بأي حال من الأحوال دليلاً على مدح للصاحب فضلاً عن أن تكون منقبة له كما يدعي بعضهم .
احمد الحسن
محرم الحرام 1432 .
---------------------
الجواب المنير عبر الاثير / ج 6