سؤال/ 160: ما معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ ([255]) ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
الأمانة هي: الإمامة وولاية ولي الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ ([256]). أي الإمامة يؤديها الإمام إلى الإمام الذي يليه ([257]).
أما الناس فأمانتهم هي ولايتهم لولي الله، فالناس يؤدون الولاية إلى ولي الله في كل زمان، فإذا رجع ولي الله إلى الله لا تنقطع الولايـة، بل على الناس أن يتولوا الولي الذي بعده، فلا تخلو أرض الله من حجة ولو خليت لساخت بأهلها ([258]).
والإنسان: جنس الإنسان، والمنافق الأول والثاني ، والظلوم هو: (الأول) ، والجهول هو: (الثاني) حيث هو الجهل (المخلوق الثاني) الذي خلق بعد العقل ([259]).
أما السماوات والأرض والجبال: أي سكانها من الملائكة والأرواح الصالحة.
فالأمانة هي: الولاية لله والإمامة، والولاية لولي الله إمامة أيضاً إذا كانت تامة، قال تعالى في الحديث القدسي: (من تقرب إليّ بالفرائض - أي ولاية ولي الله - أصبح عيني ويدي و...) ([260])، أي كـ (ولي الله) أتم الإيمان، كسلمان منا أهل البيت؛ لأنه أتم العشر درجات (درجات الإيمان)([261])، ﴿ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ ([262]).
بقي أن أمانة كل إنسان مرتبطة بصاحب الأمانة، وهو كما عبر عنه (ع) : بأنه مَلَك ابتلع كتاب العهد والميثاق ([263])، وهو الحجر الأسود في الركن العراقي في الكعبة. وهو في الحقيقة إنسان، وهو المهدي الأول واليماني، وهو صاحب الأمان، ولذلك فهو الفاتح لدولة العدل الإلهي والممهد الرئيسي لها، والحاكم الأول بعد قائدها الإمام المهدي (ع). وكل إنسان يحج بيت الله لابد له من المرور على الحجر، والركن اليماني، وبينهما باب الكعبة، أو كما سمي الملك الذي ابتلع كتاب العهد والميثاق، ولابد له أن يتعاهده ويجدد العهد مع الله من خلاله.
قال رسول الله (ص) : (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه، مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ([264])، ومراده (ص) بالركن: الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه، وإنما شُبِه باليمين؛ لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النَيل والوصول والتحبب والرضا كاليمين حين التصافح.
وقال الصادق (ع) : (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة) ([265]).
وقال (ع) : (الركن اليماني باب من أبواب الجنة، لم يغلقه الله منذ فتحه) ([266]).
وقال (ع) : (الركن اليماني بابنا الذي يُدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد) ([267]).
وعن رسول الله (ص) : (… فأقول أمتي يا رب أمتي، فيقال يا محمد أدخل أمتك من لا حساب عليهم - أي المقربين أصحاب اليماني - من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب …) ([268]).
فالحجر والركن اليماني يشيران إلى اليماني صاحب الأمانة والذي ابتلع الأمانة، وهي الميثاق الإلهي، والبيت (الكعبة) يشير إلى آل محمد (ع) ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ ([269]).
******
[255]- الأحزاب : 72.
[256]- النساء : 58.
[257]- وبهذا نطق آل البيت (ع) في أحاديثهم، ومنها: عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ، قال: (هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل ) الغيبة للنعماني : ص52.
[258]- عن أبي حمزة قال: (قلت لأبي عبد الله (ع) : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت) الكافي: ج1 ص179 ح10.
[259]- عن جابر عن أبي جعفر (ع) : في قول الله تبارك وتعالى: (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن)، قال: (الولاية أبين ان يحملنها كفرا بها وعنادا وحملها الانسان والانسان الذي حملها أبو فلان ) بصائر الدرجات للصفار: ص96.
وعن أبي بصير، قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولاً، قال: الأمانة: الولاية، والانسان: أبو الشرور المنافق) معاني الأخبار: ص110.
وعن الحسين بن خالد، قال: (سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (ع) عن قول الله عز وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها - الآية - فقال: الأمانة: الولاية، من ادعاها بغير حق كفر) معاني الأخبار: ص110.
[260]- وقد مر تفصيل ذلك في المتشابهات : ج3 / جواب سؤال (100) ، فراجع.
[261]- عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد الله (ع) : (يا عبد العزيز إن الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد المرقاة، فلا تقولن صاحب الواحد لصاحب الاثنين: لست على شئ حتى ينتهي إلى العاشرة، ولا تسقط من هو دونك فيسقطك الذي هو فوقك، فإذا رأيت من هو أسفل منك فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره فإنه من كسر مؤمنا فعليه جبره وكان المقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة) الخصال للشيخ الصدوق : ص447 - 448.
[262]- البقرة : 196.
[263]- عن الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : (لم جعل استلام الحجر؟ فقال: إن الله عز وجل حيث أخذ ميثاق بني آدم دعا الحجر [من] الجنة فأمره فالتقم الميثاق فهو يشهد لمن وافاه بالموافاة) الكافي : ج4 ص184، وغيره.
[264]- المحاسن للبرقي : ج1 ص65.
[265]- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي : ج13 ص314.
[266]- الكافي : ج4 ص409 ح13.
[267]- جامع السعادات : ج3 ص314.
[268]- صحيح البخاري : ج5 ص227، صحيح مسلم : ج1 ص128.
[269]- هود : 73.
--------------------------
المتشابهات ج4 للامام احمد الحسن ع
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
الأمانة هي: الإمامة وولاية ولي الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ ([256]). أي الإمامة يؤديها الإمام إلى الإمام الذي يليه ([257]).
أما الناس فأمانتهم هي ولايتهم لولي الله، فالناس يؤدون الولاية إلى ولي الله في كل زمان، فإذا رجع ولي الله إلى الله لا تنقطع الولايـة، بل على الناس أن يتولوا الولي الذي بعده، فلا تخلو أرض الله من حجة ولو خليت لساخت بأهلها ([258]).
والإنسان: جنس الإنسان، والمنافق الأول والثاني ، والظلوم هو: (الأول) ، والجهول هو: (الثاني) حيث هو الجهل (المخلوق الثاني) الذي خلق بعد العقل ([259]).
أما السماوات والأرض والجبال: أي سكانها من الملائكة والأرواح الصالحة.
فالأمانة هي: الولاية لله والإمامة، والولاية لولي الله إمامة أيضاً إذا كانت تامة، قال تعالى في الحديث القدسي: (من تقرب إليّ بالفرائض - أي ولاية ولي الله - أصبح عيني ويدي و...) ([260])، أي كـ (ولي الله) أتم الإيمان، كسلمان منا أهل البيت؛ لأنه أتم العشر درجات (درجات الإيمان)([261])، ﴿ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ ([262]).
بقي أن أمانة كل إنسان مرتبطة بصاحب الأمانة، وهو كما عبر عنه (ع) : بأنه مَلَك ابتلع كتاب العهد والميثاق ([263])، وهو الحجر الأسود في الركن العراقي في الكعبة. وهو في الحقيقة إنسان، وهو المهدي الأول واليماني، وهو صاحب الأمان، ولذلك فهو الفاتح لدولة العدل الإلهي والممهد الرئيسي لها، والحاكم الأول بعد قائدها الإمام المهدي (ع). وكل إنسان يحج بيت الله لابد له من المرور على الحجر، والركن اليماني، وبينهما باب الكعبة، أو كما سمي الملك الذي ابتلع كتاب العهد والميثاق، ولابد له أن يتعاهده ويجدد العهد مع الله من خلاله.
قال رسول الله (ص) : (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه، مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ([264])، ومراده (ص) بالركن: الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه، وإنما شُبِه باليمين؛ لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النَيل والوصول والتحبب والرضا كاليمين حين التصافح.
وقال الصادق (ع) : (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة) ([265]).
وقال (ع) : (الركن اليماني باب من أبواب الجنة، لم يغلقه الله منذ فتحه) ([266]).
وقال (ع) : (الركن اليماني بابنا الذي يُدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد) ([267]).
وعن رسول الله (ص) : (… فأقول أمتي يا رب أمتي، فيقال يا محمد أدخل أمتك من لا حساب عليهم - أي المقربين أصحاب اليماني - من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب …) ([268]).
فالحجر والركن اليماني يشيران إلى اليماني صاحب الأمانة والذي ابتلع الأمانة، وهي الميثاق الإلهي، والبيت (الكعبة) يشير إلى آل محمد (ع) ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ ([269]).
******
[255]- الأحزاب : 72.
[256]- النساء : 58.
[257]- وبهذا نطق آل البيت (ع) في أحاديثهم، ومنها: عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ، قال: (هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل ) الغيبة للنعماني : ص52.
[258]- عن أبي حمزة قال: (قلت لأبي عبد الله (ع) : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت) الكافي: ج1 ص179 ح10.
[259]- عن جابر عن أبي جعفر (ع) : في قول الله تبارك وتعالى: (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن)، قال: (الولاية أبين ان يحملنها كفرا بها وعنادا وحملها الانسان والانسان الذي حملها أبو فلان ) بصائر الدرجات للصفار: ص96.
وعن أبي بصير، قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولاً، قال: الأمانة: الولاية، والانسان: أبو الشرور المنافق) معاني الأخبار: ص110.
وعن الحسين بن خالد، قال: (سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (ع) عن قول الله عز وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها - الآية - فقال: الأمانة: الولاية، من ادعاها بغير حق كفر) معاني الأخبار: ص110.
[260]- وقد مر تفصيل ذلك في المتشابهات : ج3 / جواب سؤال (100) ، فراجع.
[261]- عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد الله (ع) : (يا عبد العزيز إن الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد المرقاة، فلا تقولن صاحب الواحد لصاحب الاثنين: لست على شئ حتى ينتهي إلى العاشرة، ولا تسقط من هو دونك فيسقطك الذي هو فوقك، فإذا رأيت من هو أسفل منك فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره فإنه من كسر مؤمنا فعليه جبره وكان المقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة) الخصال للشيخ الصدوق : ص447 - 448.
[262]- البقرة : 196.
[263]- عن الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : (لم جعل استلام الحجر؟ فقال: إن الله عز وجل حيث أخذ ميثاق بني آدم دعا الحجر [من] الجنة فأمره فالتقم الميثاق فهو يشهد لمن وافاه بالموافاة) الكافي : ج4 ص184، وغيره.
[264]- المحاسن للبرقي : ج1 ص65.
[265]- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي : ج13 ص314.
[266]- الكافي : ج4 ص409 ح13.
[267]- جامع السعادات : ج3 ص314.
[268]- صحيح البخاري : ج5 ص227، صحيح مسلم : ج1 ص128.
[269]- هود : 73.
--------------------------
المتشابهات ج4 للامام احمد الحسن ع