إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • فأس ابراهيم
    عضو مميز
    • 27-05-2009
    • 1051

    بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

    بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
    للشيخ ناظم العقيلي

    المقدمة

    الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، الحمد لله على كل نعمة وبلاء، الحمد لله على كل شدة ورخاء.
    اللهم صلِّ على المحمود الأحمد، حبيب إله رب العالمين، المصطفى من الخلق أجمعين، الرسول الصادق الأمين، النبي الكريم محمد المختار.
    اللهم وصلِّ على عترته الأطهار الأوصياء الأبرار الأئمة والمهديين. اللهم صلِّ عليهم كلما طلعت شمس وغربت، وكلما هبت ريح وسكنت. اللهم صلِّ عليهم بعدد ورق الشجر، وقطر المطر، وأوزان مياه البحر، وذراة رمال البر. اللهم صلِّ عليهم صلاة دائمة نامية زاكية يصعد أولها ولا ينفد آخرها.
    صدرت في الآونة الأخيرة فتوى من د. عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: (أنه يجوز للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما).
    وأكد عطية لـ "العربية نت" أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات، وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج، وأن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسمياً ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلاناً.
    وأضاف أن السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبد الله بن عمر يرضع من أخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها فرضع ثلاث مرات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل أن يحدث ذلك) (1) .
    وسيتضح للقارئ أن هذه الفتوى مخالفة للقرآن الكريم والسنة المطهرة، وهي إساءة للدين الإسلامي الحنيف وإساءة للنبي محمد ، وهي مخالفة حتى للطبع الإنساني السليم، فكيف يستساغ أن ترضع امرأة رجلاً أجنبياً، كيف يمكن لمن له ذرة من الغيرة أن يقبل بذلك لعِرضه؟!!
    فالدين الإسلامي الحنيف هو دين الأخلاق والعفة والغيرة، فكيف يمكن أن ننسب هكذا فتوى له.
    أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني) (2) .

    وأخرج أيضاً بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ. ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة) (3) .

    وأخرج الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن أبي عبد الله ع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كان إبراهيم ع غيورا وأنا أغير منه وجدع الله أنف من لا يغار من المؤمنين و المسلمين) (4) .

    وأخرج الشيخ الصدوق عن رسول الله ص، أنه قال: (كان أبي إبراهيم عليه السلام غيورا وأنا أغير منه، وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين)(5) .
    وعن ابن عباس، قال: (وكان موسى رجلاً غيوراً، لا يصحب الرفقة لئلا تُرى امرأته) (6) .
    نعم، هذه هي غيرة الأنبياء ع، فكيف يمكن لمنبع الغيرة والعفة أن يُشرّع جواز رضاع الرجل الكبير من ثدي امرأة أجنبية ؟!!! وهو القائل: (إنما بعثت لأتمم الأخلاق) (7) .

    ولأجل الدفاع عن أشرف الخلق الرسول محمد ص وعن شريعته الغراء وامتثالاً لتوجيه وصي ورسول الإمام المهدي ع السيد أحمد الحسن، شرعت بكتابة رد على هذه الفتوى معتمداً على القرآن والسنة وملزماً للقوم بما ألزموا به أنفسهم.
    وسأبدأ بالاستدلال على بطلان هذه الفتوى بالقرآن الكريم ثم بالروايات الواردة في مصادر أبناء العامة ثم بما ورد عن عترة المصطفى عليه وعليهم آلاف التحية والسلام، وسأذكر أيضاً آراء بعض علماء أبناء العامة، وسيتبين للقارئ المنصف وهن ما ذهب إليه عزت عطية وأمثاله.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    ________
    الهامش
    (1) نشر هذا في "العربية نت" يوم 17/ 5/ 2007.
    (2) صحيح البخاري: ج8 ص31.
    (3) صحيح البخاري: ج8 ص174.
    (4) الكافي: ج5 ص536.
    (5) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص444 ح4540.
    (6) تفسير مجمع البيان - للشيخ الطبرسي: ج7 ص12.
    (7) مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص15 ، وقال عنه: (ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة).




    تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة
  • فأس ابراهيم
    عضو مميز
    • 27-05-2009
    • 1051

    #2
    رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

    بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
    للشيخ ناظم العقيلي

    النقطة الأولى:

    القرآن الكريم

    لا شك أن القرآن الكريم هو الثقل الأكبر، وهو العاصم من الانحراف عند اشتباه الأمور واختلاف الموارد.
    قال الله تعال : ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ (1)
    ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾(2).
    ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً﴾ (3) .
    ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾(4) .

    وروي عن النبي محمد ص أنه قال: (يا أيها الناس، أنزل الله كتابه على لسان نبيه وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل في كتابه على لسان نبيه فهو حلال إلى يوم القيامة، وما حرم في كتابه على لسان نبيه فهو حرام إلى يوم القيامة) (5) .

    وقال أيضاً: (ألا إن رحى الإسلام دائرة. قيل: فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال: اعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته) (6) .
    وقال أيضاً: (سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه ستفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرؤوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله) (7) .
    وقال أيضاً: (ستكون عني رواة يروون الحديث فاعرضوه على القرآن، فإن وافق القرآن فخذوها وإلا فدعوها) (8) .

    وإليكم الآيات القرآنية التي تدل على أن رضاعة الكبير لا تنشر الحرمة من المرأة الأجنبية (المرضعة)، بل هو محرم لاستلزامه لمس ما يحرم لمسه.

    1- قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ (9) .
    فقد حدد الله تعالى مدة الرضاع بسنتين، والمراد من مدة الرضاعة هي ما يترتب عليها أحكام الرضاع لا مطلق الرضاعة؛ لأن اسم الرضاع يصدق حتى بعد السنتين وإلى آخر العمر.
    وبعبارة أخرى: تمام الرضاعة التي لا يترتب عليها أي حكم شرعي يمكن أن تمتد إلى أكثر من سنتين، فالطفل الذي يُفطم في السنة الرابعة من عمره مثلاً يقال عنه: إنه أتم رضاعته لأربع سنين، إذن فلا تنصرف تمام الرضاعة في الآية السابقة إلا على الرضاعة التي تترتب عليها أحكام شرعية، كحرمة الزواج من المرضعة وبنتها و... الخ.
    فالنتيجة هي: أن الرضاعة بعد السنتين لا تترتب عليها أحكام الرضاعة، كجواز النظر إلى شعر المرضعة أو سائر بدنها المحرم، أي تكون المرضعة في تلك الحالة كالأجنبية فيجوز للمرتضع أن يتزوجها أو يتزوج من ذريتها.

    2- قال الله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾(10)
    أي فصاله عن الرضاعة في سنتين، وهذه الآية تؤكد معنى الآية السابقة، وهو كون العامان هما اللذان تترتب خلالهما أحكام الرضاعة، وأما الفصال الأعم من ذلك فقد يكون بعد أكثر من عامين فلا يكون داخلاً في مقصود الآية السابقة ولا تشمله أحكام عامي الرضاعة.

    3- قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً﴾ (11) .

    وهذه الآية أيضاً تؤكد معنى الآيتين السابقتين من أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان خلال السنتين فقط، ومجموع السنتين هو أربعة وعشرون شهراً، والأشهر الستة هي فترة أقل الحمل.
    وسيتبين معنى هذه الآيات أكثر من خلال النقاط الآتية، فتابع.

    * * *
    هامش
    (1) الأنعام: 38.
    (2) النحل: 89.
    (3) الإسراء: 12.
    (4) البقرة: 2.
    (5) كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص196.
    (6) كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص196.
    (7) كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص196.
    (8) كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص196.
    (9) البقرة: 233.
    (10) لقمان: 14.
    (11) الأحقاف: 15.


    تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة

    Comment

    • فأس ابراهيم
      عضو مميز
      • 27-05-2009
      • 1051

      #3
      رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

      بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
      للشيخ ناظم العقيلي

      النقطة الثانية:
      الروايات الواردة في مصادر أبناء العامة

      وردت عشرات الروايات من الطريقين - الشيعة والسنة - تنص وتؤكد على أن الرضاع بعد السنتين لا يبيح النظر والخلوة بالمرضعة، بل تبقى بحكم الأجنبية ولا أثر لهكذا رضاعة.
      وأشرع الآن بذكر الروايات المروية عن طرق أبناء العامة؛ لأن الكلام موجه لهم:
      أخرج الترمذي بسنده عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام) هذا حديث حسن صحيح (1) .
      وفتق الأمعاء لا يكون إلا في رضاع الصغير؛ لأن أمعاء الكبير قد فتقها الطعام، فلا يمكن نسبة فتقها إلى الرضاعة، ويؤكد الحديث أيضاً على أن هذا الفتق لابد أن يكون قبل الفطام، أي قبل تمام العامين، قال تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾.
      وقد شهد الترمذي لهذا الحديث بالصحة، وهو يدل على أن الرضاعة بعد السنتين (الفطام) لا تنشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة، أي تكون المرضعة بالنسبة للرضيع كالأجنبية فيجوز له الزواج منها ولا يجوز له النظر إلى ما حرم النظر إليه من جسدها، وكذلك لا يجوز أن يختلي معها في مكان مغلق.

      أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن مسروق عن عائشة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك فقالت انه أخي فقال انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة) (2) .
      وأخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن مسروق بهذا اللفظ: (قالت عائشة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه قالت فقلت يا رسول الله انه أخي من الرضاعة قالت فقال انظرن اخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة) (3)
      وهنا غضب الرسول محمد ص؛ لأنه وجد رجلاً جالساً مع زوجته عائشة، رغم زعم عائشة بأنه أخوها من الرضاعة، وما ذلك إلا لأنها خلوة محرمة.
      وقول الرسول ص: (انظرن إخوتكن من الرضاعة) يدل على أن الرضاعة التي زعمتها عائشة غير تامة الشروط ومن أهم شروطها أن تكون في الحولين، فإذا كانت بعد الحولين لا يترتب عليها جواز النظر والخلوة، فلو كانت الرضاعة بعد الحولين تبيح ذلك لما رد الرسول محمد ص على قول عائشة: (إنه أخي من الرضاعة)، قائلاً: (انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة) أي دققن في ذلك فلعل الرضاعة لم تتم بشروطها، والرضاعة لا تكون إلا من مجاعة المرتضع.

      فإن قلت: لعل المراد من قول الرسول ص هو عدم اكتمال عدد الرضعات المقررة لا أن تكون الرضاعة خلال الحولين.
      يرد عليه: الذي يؤكد أن المراد أيضاً مدة الحولين هو قوله ص : (فإنما الرضاعة من المجاعة)، أي إن الرضاعة التي تبيح الخلوة والنظر هي الرضاعة التي تغني من الجوع وتكون هي الغذاء الرئيسي للرضيع، وهذا لا يصدق إلا على الطفل الصغير؛ لأنه لا يسد جوعه إلا بالرضاعة، وأما الكبير فلا يعد الحليب غذائه الأساس ولا يسد جوعه إلا الخبز ونظائره.
      عن جابر (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام) (4) .

      وعن أمير المؤمنين ع عن رسول الله ص: (... ولا رضاع بعد فطام ...) (5) .
      وقول الرسول ص: (لا رضاع بعد فصال)، النفي هنا للرضاع الذي تترتب علية الأحكام الشرعية كجواز النظر والخلوة وحرمة الزواج من المرضعة، وإلا فالرضاع الذي بعد الحولين جائز الوقوع فلا يكون متعلقاً للنفي.
      فلا رضاع بعد فصال، أي لا رضاع ينشر الحرمة أو يبيح النظر والخلوة بعد مدة الفصال وهي سنتان.
      وعن ابن عمر، قال: (عمدت امرأة من الأنصار إلى جارية لزوجها فأرضعتها فلما جاء زوجها قالت: إن جاريتك هذه قد صارت ابنتك، فانطلق الرجل إلى عمر فذكر ذلك له فقال له عمر: عزمت عليك لما رجعت فأصبت جاريتك وأوجعت ظهر امرأتك) (6)
      وعن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر: (فإنما الرضاعة رضاعة الصغير) (7) .
      وهنا (إنما) أداة حصر، أي لا رضاعة تنشر الحرمة إلا للصغير الذي لم يتعد الحولين من عمره، وأما من تعدى ذلك فلا يترتب على رضاعته أثر حتى لو رضع طيلة عمره.
      وعن نافع، عن ابن عمر إنه قال: (لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الصغر) (8) .
      وعن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: سمعت عمر يقول: (لا رضاع إلا في الحولين في الصغر) (9)
      وعن ابن عباس، قال: (لا رضاع بعد حولين كاملين)(10)
      وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين) (11)
      وعن أبي عطية أن أبا موسى أتاه رجل فقال: (إن امرأة ورم ثديها فجعل يمصه ويمجه فدخل بطنه. فقال: لا أراها تصلح له. فأتى ابن مسعود فسأله عن ذلك فقال: لم تحرم عليك إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم وشد العظم ولا رضاع بعد فطام. فقيل لأبي موسى فقال: لا تسألوني عن شيء ما أقام هذا بين أظهرنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)(12)

      وجاءت هذه الحادثة بلفظ آخر: (عن يحيى بن سعيد أن أبا موسى قال في رضاعة الكبير: ما أراها إلا تحرم، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: أبصر ما تفتى به الرجل. فقال أبو موسى: فما تقول أنت ؟ فقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين. فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم) (13)
      وعن أبي هريرة: (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله، إن فلاناً قد تزوج وقد أرضعتهما. فقال: كيف أرضعتهما ؟ قالت: أرضعت الجارية وهي بنت سنتين (ست سنين) ونصف، وأرضعت الغلام وهو بن ثلاث سنين. فقال لها: اذهبي فقولي له فليضاجعها هنياً مرياً لا رضاع بعد فطام وإنما يحرم من الرضاع ما في المهد) (14)
      وعن مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: (لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر. ولا رضاعة لكبير) (15)
      وعن مالك، عن نافع: (أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته: أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب، ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها، وهو صغير يرضع، ففعلت فكان يدخل عليها) (16)
      وهذه الأخبار بمجموعها واضحة الدلالة ولا تحتاج إلى تعليق، فهي تنص على أن الرضاعة للصغير ولا أثر يترتب على رضاعة الكبير مطلقاً.
      وعن إبراهيم بن عقبة، أنه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة ؟ فقال سعيد: (كل ما كان في الحولين، وإن كانت قطرة واحدة، فهو يحرم. وما كان بعد الحولين، فإنما هو طعام يأكله) (17)
      وعن يحيى بن سعيد، أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: (لا رضاعة إلا ما كان في المهد. وإلا ما أنبت اللحم والدم) (18)
      وعن يحيى: سمعت مالكاً يقول: (الرضاعة، قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم. فأما ما كان بعد الحولين، فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئاً. وإنما هو بمنزلة الطعام) (19)

      وقال محمد بن محمد المفيد في (الإرشاد): روت العامة والخاصة عن يونس، عن الحسن، (أن عمر أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها، فقال له أمير المؤمنين ع: إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً﴾، ويقول: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾، فإذا تمت المرأة الرضاعة سنتين وكان حمله وفصاله ثلاثون شهراً كان الحمل منها ستة أشهر. فخلا عمر سبيل المرأة) (20)
      وأخرج ابن حجر العسقلاني بسنده عن بعجة بن عبد الله الجهني، قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة، فولدت لتمام ستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان رضي الله عنه، فذكر له ذلك، فبعث إليها، فأتي بها، فرأتها أختها وهي تلبس ثيابها فبكت، فقالت: ما يبكيك ؟ فوالله ما التبس بي أحد من الخلق غيره، فيفعل الله في ما شاء أن يفعل، فأمر بها عثمان أن ترجم، فأتاه علي رضي الله عنه فسأله عن ذلك، فقال: إنها ولدت لستة أشهر تماماً، وهل يكون ذلك ؟ فقال: أما تقرأ القرآن ؟ قال: بلى، قال: أما سمعت الله يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً﴾ وقال: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾، وقال: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾، فلم نجد إلا بقي ستة أشهر، فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، فأمر بردها، فوجدوها قد فرغ منها. قال: فنظر الرجل إلى الولد فإذا هو أشبه به من الغراب بالغراب ومن البيضة بالبيضة، فقال: ابني والله، قال: فابتلاه الله بالقرحة قرحة الأكلة فأكلته حتى مات)(21)
      * * *
      هامش
      (1) المصادر: سنن الترمذي - للترمذي: ج2 ص311، السنن الكبرى - للنسائي: ج3 ص301، كنز العمال - للمتقي الهندي: ج6 ص272، المغني - لعبد الله بن قدامه: ج9 ص201، المجموع - لمحيي الدين النووي: ج18 ص213، الثمر الداني - للآبي الأزهري: ص483، الشرح الكبير - لعبد الرحمن بن قدامه: ج9 ص198، كشف القناع - للبهوتي: ج5 ص522، المحلي - لابن حزم: ج1 ص20، سبل السلام - لابن حجر العسقلاني: ج3 ص217، نيل الأوطار - للشوكاني: ج7 ص121، فقه السنة - للشيخ سيد سابق: ج2 ص78، الدرر المنثور - لجلال الدين السيوطي: ج1 ص288، فتح الباري - لابن حجر: ج9 ص121، تفسير ابن كثير: ج1 ص290.
      وصححه الألباني في صحيح الترمذي ص589 - 590 برقم 1152، وأيضاً صححه في صحيح الجامع الصغير ص1264 برقم 7633، وصححه غيره من العلماء أيضاً.
      (2) صحيح البخاري: ج6 ص125 – 126.
      (3) صحيح مسلم: ج4 ص170.
      (4) المصادر: ورد هذا لحديث بتفاوت يسير في كل من المصادر الآتية:
      السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص319 – 320، نيل الأوطار - للشوكاني: ج7 ص121، مسند أبي داود الطيالسي: ص243، كنز العمال: ج6 ص109، أحكام القرآن - للجصاص: ج1 ص497، تفسير ابن كثير: ج1 ص290، الدر المنثور - لجلال الدين السيوطي: ج1 ص288، المعجم الصغير - للطبراني: ج2 ص68، تاريخ مدينة دمشق - لابن عساكر: ج29 ص358.
      (5) هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة، تصنيف أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تخريج الألباني، المجلد الثالث، ص309 – 310، ح3217، وقال الألباني عنه في هامش رقم 1 ص310: (قلت: وأخرجه أبو داود، والطبراني وغيرهما بسند ضعيف، لكنه صحيح بشواهد وطرقه، وهو مخرج في الإرواء (1244)).
      وقد صححه ابن عبد البر أيضاً في كتابه الاستذكار، تحقيق سالم محمد عطا-محمد علي معوض، ط1، 2000م، بيروت - دار الكتب العلمية، ج6 ص255.، حيث قال ما نصه: (... والصحيح عنه – يعني علياً  - أن لا رضاع بعد فطام).
      (6) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص461، المصنف - لعبد الرزاق الصنعاني: ج7 ص461، المبسوط - للسرخسي: ج5 ص136.
      (7) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص461، كتاب الموطأ - لمالك: ج2 ص606، المدونة الكبرى - لمالك: ج2 ص409، المحلى - لابن حزم: ج0ص17.
      (8) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص461، المصنف - لابن أبي شيبة الكوفي: ج3 ص389.
      (9) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص462، سنن الدارقطني: ج4 ص103، نصب الراية - للزيعلي: ج3 ص416.
      (10) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص462، سنن الدارقطني: ج4 ص102.
      (11) السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص462، كشاف القناع - للبهوتي: ج5 ص522، نصب الراية - للزيعلي: ج3 ص415، كنز العمال: ج6 ص273، تفسير ابن كثير: ج1 ص290، الدر المنثور - للسيوطي: ج1 ص188، الكامل - لعبد الله بن عدي: ج7 ص103.
      (12) مجمع الزوائد للهيثمي ج4 ص262.
      (13) المصادر: وردت هذه الحادثة بنفس المعنى في المصادر الآتية:
      السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص462، المدونة الكبرى - لمالك: ج2 ص409، المجموع - للنووي: ج18 ص213، المبسوط - للسرخسي: ج5 ص136، بدائع الصنائع - لأبي بكر الكاشاني: ج4 ص5، سنن الدارقطني: ج4 ص102، تاريخ مدينة دمشق - لابن عساكر: ج33 ص152، مجمع الزوائد - للهيثمي: ج4 ص262.
      (14) الكامل - لعبد الله بن عدي: ج4 ص313، سنن الدارقطني: ج4 ص103.
      (15) كتاب الموطأ - لمالك: ج2 ص603، المحلى - لابن حزم: ج10 ص17، المصنف - لعبد الرزاق الصنعاني: ج7 ص465، معرفة علوم الحديث - للنيسابوري: ص68، كنز العمال: ج6ص280.
      (16) كتاب الموطأ - للإمام مالك: ج2 ص603.
      (17) كتاب الموطأ - لمالك: ج2 ص603.
      (18) كتاب الموطأ - لمالك: ج2 ص603.
      (19) كتاب الموطأ - للإمام مالك: ج2 ص603.
      (20) وسائل الشيعة (آل البيت): ج12 ص382. وبمعناه في المغني - لعبد الله بن قدامه: ج9 ص115، المجموع - للنووي: ج18 ص129، الشرح الكبير - لعبد الله بن قدامه: ج9 ص86، كشاف القناع - للبهوتي: ج5 ص484.
      (21) موافقةُ الخُبْر الخَبَر لابن حجر العسقلاني: ج2 ص214 – 215، وقال عنه: (موقوف صحيح).

      تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة

      Comment

      • فأس ابراهيم
        عضو مميز
        • 27-05-2009
        • 1051

        #4
        رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

        بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
        للشيخ ناظم العقيلي

        النقطة الثالثة:
        الروايات المروية عن عترة المصطفى ص

        لا شك أن الأئمة المعصومين ع من ذرية الرسول ص هم النبع الصافي المعين، وهم الكهف الحصين من كل شبهة وانحراف، لقول الرسول محمد ص: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي; أحدهما أعظم من الآخر; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) (1) .
        فمن ترك أحدهما هلك وضل سواء السبيل، فلابد أن نُعرِّج عليهم لنرى حكمهم في مسألة رضاع الكبير.
        عن أبي عبد الله ع، قال: (لا رضاع بعد فطام) (2)
        وعن أبي عبد الله ع، قال: (الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم)(3)
        وعن حماد ابن عثمان، قال: (سمعت أبا عبد الله ع يقول: لا رضاع بعد فطام. قال: قلت: جعلت فداك، وما الفطام ؟ قال: الحولان اللذان قال الله عز وجل) (4)
        وعن محمد بن قيس، قال: سألته عن امرأة حلبت من لبنها فأسقت زوجها لتحرم عليه، قال: (أمسكها وأوجع ظهرها) (5)
        وعن أبي عبد الله ع، قال: (قال رسول الله ص: لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل النكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين للولد مع والده، ولا للمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة، فمعنى قوله: (لا رضاع بعد فطام) أن الولد إذا شرب من لبن المرأة بعد ما تفطمه لا يحرم ذلك الرضاع التناكح (6) .
        وعن زرارة، عن أبي عبد الله ع، قال: (سألته عن الرضاع فقال: لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد حولين كاملين) (7)
        وعن أبي عبد الله ع، قال: (لا يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين) (8)
        وعن الرسول محمد ص: (... يا علي، لا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد احتلام) (9)
        وعن علي ع، أنه قال: (ما كان في الحولين فهو رضاع، ولا رضاع بعد فطام، قال الله عز وجل: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ (10)) (11)
        وكلامهم ع نور جلي واضح الدلالة على أن رضاع الكبير لا ينشر الحرمة ولا يبيح النظر والخلوة، وإنما الذي يترتب عليه ذلك هو رضاع الصغير في السنتين.

        * * *
        هامش
        (1) رواه الترمذي في سننه: ج5 ص328 – 329 ح 3876، وقال عنه: "هذا حديث حسن غريب"، ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج1 ص173 برقم 873، ورواه عبد بن حميد بن نصر الكسّي في منتخب مسنده ص107 – 108 برقم 240. باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: المجلد الثالث ص543 - 544 برقم 3788، حيث قال: (صحيح:"المشكاة" (6144)، "الروض النضير" (977)، (978)، "الصحيحة" (4/ 356 – 357). وأيضاً صححه في صحيح الجامع الصغير ص482 برقم 2458.
        (2) الكافي: ج5 ص443.
        (3) الكافي: ج5 ص443.
        (4) الكافي: ج5 ص443.
        (5) الكافي: ج5 ص443.
        (6) الكافي: ج5 ص443.
        (7) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص477.
        (8) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص477.
        (9) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص361.
        (10) البقرة: 233.
        (11) مستدرك الوسائل: ج41 ص368.


        تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة

        Comment

        • فأس ابراهيم
          عضو مميز
          • 27-05-2009
          • 1051

          #5
          رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

          بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
          للشيخ ناظم العقيلي

          النقطة الرابعة:
          رواية عائشة واجتهادها

          تعتبر عائشة بطلة هذه الفتوى وصاحبة الدور الرئيسي للترويج لها وإثباتها، ولا يخفى أن هذا الموقف ليس مستغرباً من عائشة، فقد نسبت روايات ومواقف كثيرة لا يمكن تصور صدورها عن الرسول الكريم محمد ص، وتعتبر إساءة لا تغتفر بحق أعظم خلق الله تعالى، وسيأتي ذكر بعضها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
          والمهم مناقشة هذه الفتوى التي ألصقتها عائشة برسول الله ص وتبعها على ذلك قوم بدون تدبر وتأمل، وغفلوا أو تغافلوا عن مخالفة هذه الفتوى للقرآن الكريم والروايات الواردة عن طريق الفريقين، بل إن هذه الفتوى هي الفساد الأخلاقي بعينه، لاستلزامها اطلاع الأجنبي على عورات النساء، فكيف يمكن أن يرضع رجل أجنبي من ثدي امرأة يحرم عليه النظر إلى ثديها فضلاً عن مسه أو رضاعه والتقامه بفمه ؟!!! والكلام ذو شجون وهو مخجل حقاً، وحاشا الرسول ص من هكذا تشريع لا يمت للدين والأخلاق بصلة.

          والآن نأتي إلى سماع الروايات التي روتها عائشة في هذا الموضوع:
          أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبى حذيفة من دخول سالم (وهو حليفه) فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد علمت أنه رجل كبير)(1)
          وأخرج ابن ماجة في سننه بسنده عن عائشة، قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ! إني أرى في وجه أبي حذيفة الكراهية من دخول سالم عليّ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أرضعيه" قالت: كيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير. ففعلت. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما رأيت في وجه أبي حذيفة شيئاً أكرهه بعد. وكان شهد بدراً) (2)

          فاستنبطت عائشة من هذه الحادثة حكماً عاماً وأفتت بجواز رضاعة الكبير وبانتشار الحرمة بذلك بين المرتضع الكبير والمرضعة فتكون كأمه فيجوز له النظر إلى مفاتنها والخلوة معها ... ويرد على عائشة وعلى من تبع رأيها بعدة نقاط:
          أولاً: لقد وردت عدة روايات من الفريقين الشيعة والسنة تنص على أن كل حديث مخالف للقرآن الكريم لا يجوز العمل به إطلاقاً. وهذه الرواية مخالفة للقرآن الكريم كما ثبت ذلك في النقطة الأولى من هذا البحث، فيجب طرحها وعدم العمل بها.

          ثانياً: مخالفة هذه الرواية لروايات وأخبار متواترة تنص على أن الرضاع هو رضاع الصغير فحسب، ولا يترتب أي أثر على الرضاعة بعد السنتين، ومن المعلوم عندكم أنه إذا دار الأمر بين الأخذ بخبر الآحاد أو الخبر المتواتر لفضاً أو معنىً يقدم الخبر المتواتر قطعاً ويطرح أو يؤّول الخبر الواحد ليوافق المتواتر، والروايات التي تنص على أن الرضاعة التي تنشر الحرمة هي رضاعة الصغير فقط تقدم ذكرها في النقطة الثانية من هذا البحث فراجع.

          ثالثاً: لو سلمنا بصحة هذا الحديث فهو خاص بسالم، وفهمت منه عائشة العموم بينما فهمن بقية نساء النبي ص الخصوص بسالم مولى أبي حذيفة كما كما أخرج ذلك مسلم في صحيحه بسنده عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة أن أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ( أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا) (3)
          فلماذا نأخذ باجتهاد عائشة ونترك رأي سائر نساء النبي ص كأم سلمة ؟!! وما هو الدليل على أن قول عائشة حجة وقول باقي نساء النبي ص ليس بحجة ؟!!!
          بل ينظم الى سائر أزواج النبي ص جميع أهل البيت ع، وجمهور الصحابة والتابعين، وإليكم ما نص عليه ابن عبد البر في الاستذكار: (وممن قال إن رضاعة الكبير ليس بشيء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وبن عمر وأبو هريرة وبن عباس وسائر أمهات المؤمنين غير عائشة وجمهور التابعين وجماعة فقهاء الأمصار منهم الليث ومالك وبن أبي ذئب وبن أبي ليلى وأبو حنيفة [وأصحابه] والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور [وأبو عبيد] والطبري وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الرضاعة من المجاعة ولا رضاعة إلا ما أنبت اللحم والدم) ) (4)
          وهاك اسمع رأي بعض علماء أبناء العامة بهذا الحديث:

          الشافعي: قال: (... فكانت (عائشة) تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال والنساء وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس، وقلن ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل إلا رخصة في سالم وحده من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد، فعلى هذا من الخبر كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في رضاعة الكبير، (قال الشافعي): وهذا والله تعالى أعلم في سالم مولى أبي حذيفة خاصة، (قال الشافعي): فإن قال قائل: ما دل على ما وصفت، (قال الشافعي): فذكرت حديث سالم الذي يقال له مولى أبي حذيفة عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضعه خمس رضعات يحرم بهن، وقالت أم سلمة في الحديث وكان ذلك في سالم خاصة، وإذا كان هذا لسالم خاصة فالخاص لا يكون إلا مخرجاً من حكم العام، وإذا كان مخرجاً من حكم العام فالخاص غير العام ولا يجوز في العام إلا أن يكون رضاع الكبير لا يحرم ولابد إذا اختلف الرضاع في الصغير والكبير من طلب الدلالة على الوقت الذي إذا صار إليه المرضع فارضع لم يحرم، (قال): والدلالة على الفرق بين الصغير والكبير موجودة في كتاب الله عز وجل. قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾، فجعل الله عز وجل تمام الرضاع حولين كاملين .... وإني قد حفظت عن عدة ممن لقيت من أهل العلم أن رضاع سالم خاص. فإن قال قائل: فهل في هذا خبر عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما قلت في رضاع الكبير ؟ قيل: نعم، أخبرنا مالك، عن أنس، عن عبد الله بن دينار، قال: جاء رجل إلى ابن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى عمر ابن الخطاب فقال: كانت لي وليدة فكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت دونك فقد والله أرضعتها. فقال عمر بن الخطاب: أوجعها وائت جاريتك فإنما الرضاع رضاع الصغير. أخبرنا مالك بن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر) (5)

          محيي الدين النووي: قال: (ولا يثبت تحريم الرضاع فيما يرتضع بعد الحولين لقوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾، فجعل تمام الرضاع في الحولين فدل على أنه لا حكم للرضاع بعد الحولين.
          وروى يحيى بن سعيد أن رجلاً قال لأبي موسى الأشعري: (إني مصصت من ثدي امرأتي لبناً فذهب في بطني. قال أبو موسى: لا أراه إلا قد حرمت عليك. فقال عبد الله بن مسعود: انظر ما تفتي به الرجل. فقال أبو موسى: فما تقول أنت ؟ فقال عبد الله: لا رضاع إلا ما كان في الحولين. قال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء مادام هذا الحبر بين أظهركم).
          وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لا رضاع إلا ما كان في الحولين (الشرح) انتزع الفقهاء من قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾، إن الرضاعة المحرمة - بكسر الراء المشددة - الجارية مجرى النسب إنما هن ما كان في الحولين؛ لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. وهو قول عمر وابن عباس.
          وروى عن ابن مسعود كما حكاه المصنف. وبه قال الزهري وقتادة والشعبي وسفيان الثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وابن شبرمة وروى ابن عبد الحكم عن مالك: إن زاد شهراً جاز وروى شهران. ...... دليلنا قوله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"، فجعل تمام الرضاعة حولين فيدل على أنه لا حكم لها بعدهما.
          وعن عائشة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة) متفق عليه.
          وعن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام) أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
          وعند هذا يتعين حمل خبر أبي حذيفة على أنه خاص له دون غيره من الناس كما قال سائر أزواجه صلى الله عليه وسلم .... وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام) رواه الطيالسي في مسنده ...)(6)
          وغيرهما الكثير من علماء العامة سيأتي ذكرهم في مستقبل هذا البحث إن شاء الله تعالى.

          رابعاً: أيضاً بعد التسليم بصحة الحديث والتنزل عن التخصيص بسالم مولى أبي حذيفة، نقول: إن هذا الحديث قد نسخ من قبل النبي ص بعدة أحاديث تنص وتشير على أن رضاعة الكبير لا يترتب عليها أي أثر، وقد مر ذكر تلك الأحاديث فراجع.
          وذهب إلى هذا القول السرخسي من علماء العامة، إذ قال: (... ثم هذا الحكم انتسخ بقوله صلى الله عليه وسلم: (الرضاع ما أثبت اللحم وأنشز العظم)، وذلك في الكبير لا يحصل.
          وقال صلى الله عليه وسلم: (الرضاعة من المجاعة) يعنى ما يرد الجوع وذلك بإرضاع الكبير لا يحصل.
          وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (الرضاع ما فتق الأمعاء وكان قبل الطعام)، والصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على هذا فقد ذكر في الكتاب عن علي وابن مسعود رضي الله عنهم قالا: (لا رضاع بعد الفصال) .... فثبت بهذه الآثار انتساخ حكم إرضاع الكبير، ثم اختلف العلماء في المدة التي تثبت فيها حرمة الرضاع فقدر أبو حنيفة رحمه الله تعالى بثلاثين شهراً وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قدرا ذلك بحولين وزفر قدر ذلك بثلاث سنين، فإذا وجد الإرضاع في هذه المدة تثبت الحرمة وإلا فلا، واستدلا بظاهر قوله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" ولا زيادة بعد التمام والكمال، وقال الله تعالى: "وفصاله في عامين" ولا رضاع بعد الفصال ...) (7)

          خامساً: مخالفة قول عائشة لمشهور الصحابة.
          والدليل الذي يقوي القول بوضع حديث رضاع الكبير: أن هذا الرأي لم يقل به أحد من الصحابة كالإمام علي بن أبي طالب ع والحسن والحسين (عليهما السلام) وسلمان المحمدي ع وأبي ذر الغفاري ع وعبد الله بن مسعود (رحمه الله) .... وابن عباس وأبي بكر وعمر وغيرهم الكثير الكثير ... بل نقل كل أو أغلب هؤلاء أحاديث تنص على أن لا رضاع إلا رضاع الصغير في الحولين.
          فلا يعقل أن يصدر هذا التشريع الحساس من الرسول ص ولا يعلم به كل هؤلاء الصحابة، أو يغفلوا عنه ويفتوا بخلافه أو ينقلوا أحاديث تتعارض معه !!!
          فنحن بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن نصدق عائشة ونكذب كل الصحابة، وإما أن نكذب عائشة ونصدق سائر الصحابة، ولا أعتقد أن عاقلاً يختار الخيار الأول.
          وقد تقدم نقل الروايات التي تنص على حصر الرضاعة بالصغير دون الكبير، وقد أكد ذلك أغلب علماء أبناء العامة، نذكر بعضاً منهم:
          1- ابن كثير، حيث قال:
          (عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين"، ثم قال: ولم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ. "قلت": وقد رواه الإمام مالك في الموطأ عن ثور بن زيد، عن ابن عباس مرفوعاً، ورواه الدراوردي عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس، وزاد "وما كان بعد الحولين فليس بشيء" وهذا أصح.

          وقال أبو داود الطيالسي عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام"، وتمام الدلالة من هذا الحديث في قوله تعالى: "وفصاله في عامين أن اشكر لي"، وقال: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"، والقول بأن الرضاعة لا تحرم بعد الحولين يروى عن علي وابن عباس وابن مسعود وجابر وأبي هريرة وابن عمر وأم سلمة وسعيد بن المسيب وعطاء والجمهور وهو مذهب الشافعي، وأحمد وإسحق والثوري وأبي يوسف ومحمد ومالك في رواية وعنه أن مدته سنتان وشهران وفي رواية وثلاثة أشهر.
          وقال أبو حنيفة: سنتان وستة أشهر. وقال زفر بن الهذيل: ما دام يرضع فإلى ثلاث سنين، وهذا رواية عن الاوزاعي، قال مالك: ولو فطم الصبي دون الحولين فأرضعته امرأة بعد فصاله لم يحرم؛ لأنه قد صار بمنزلة الطعام، وهو رواية عن الاوزاعي. وقد روي عن عمر وعلي أنهما قالا: لا رضاع بعد فصال، فيحتمل أنهما أرادا الحولين كقول الجمهور سواء فطم أو لم يفطم، ويحتمل أنهما أرادا الفعل كقول مالك والله أعلم)(8)

          2- ابن حجر العسقلاني، حيث قال:
          (وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء إلى أنه لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الصغر. وإنما اختلفوا في تحديد الصغر، فالجمهور قالوا: مهما كان في الحولين فإن رضاعه يحرم ولا يحرم ما كان بعدهما، مستدلين بقوله تعالى: :حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة".
          وقال جماعة: الرضاع المحرم ما كان قبل الفطام، ولم يقدروه بزمان. وقال الاوزاعي: إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه ثم رضع في الحولين لم يحرم هذا الرضاع شيئاً، وإن تمادى رضاعه ولم يفطم فيما يرضع وهو في الحولين حرم، وما كان بعدهما لا يحرم وإن تمادى إرضاعه. وفي المسألة أقوال أخر عارية عن الاستدلال فلا نطيل بها المقال.
          واستدل الجمهور بحديث: إنما الرضاعة من المجاعة وتقدم، فإنه لا يصدق ذلك إلا على من يشبعه اللبن ويكون غذاءه لا غيره، فلا يدخل الكبير سيما وقد ورد بصيغة الحصر)(9)

          3- الشيخ سيد سابق، حيث قال:
          (رضاع الكبير: وعلى هذا فرضاع الكبير لا يحرم في رأي جماهير العلماء للأدلة المتقدمة. وذهبت طائفة من السلف والخلف إلى أنه يحرم - ولو أنه شيخ كبير - كما يحرم رضاع الصغير، وهو رأي عائشة رضي الله عنها)(9)

          4- عبد الله بن قدامه، حيث قال:
          (فإن من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين. وهذا قول أكثر أهل العلم روي نحو ذلك عن عمر وعلي ابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة، وإليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور) (10)
          فكيف يمكن الأخذ بقول مخالف للقرآن والسنة من الفريقين ومخالف لإجماع الصحابة والأمة الإسلامية، لمجرد أن القائل به عائشة ؟!!!

          سادساً: مخالفة عائشة لنفسها.

          ولم يقتصر الأمر على مخالفة عائشة للقرآن والسنة والإجماع، بل تعدى الأمر إلى أن عائشة قد خالفت وناقضت حتى نفسها؛ لأنها قد نقلت حديثاً عن الرسول محمد ص يدل على أن الرضاع للصغير فقط ولا أثر لرضاعة الكبير.
          أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن مسروق عن عائشة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك فقالت انه أخي فقال انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة) (11)
          وأخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن مسروق بهذا اللفظ: (قالت عائشة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه قالت فقلت يا رسول الله انه أخي من الرضاعة قالت فقال انظرن اخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة) (12)
          ومعنى قوله ص: (فإنما الرضاعة من المجاعة) أي إن الرضاعة التي تنشر الحرمة هي الرضاعة التي تسد جوعة الإنسان وتكون الغذاء الرئيسي له، وهذا لا يكون إلا في الصغير؛ لأن الكبير لا يسد جوعته بلبن المرضعة، بل بالطعام والشراب المعتاد عند الكبار، وقد فسر علماء أبناء العامة هذا الحديث بهذا المعنى كما سيأتي، فانتظر.

          فإذا صدّقنا عائشة في هذا الحديث يجب أن نكذبها في حديث رضاعة الكبير، وإذا صدقناها في حديث رضاعة الكبير فيجب أن نكذبها في هذا الحديث.
          وإذا كان عزت عطية (صاحب الفتوى) مصراً على تصديق عائشة، فليصدقها في حديثها الموافق للقرآن والسنة والإجماع والعفة والأخلاق، وليترك جانباً ما خالف القرآن والسنة والإجماع، فكيف يمكن لأحد إذا خُيّر بين الأمرين أن يختار المخالف دون الموافق ؟! إلا إذا كان من أتباع مذهب (خالف تُعرف) !!!
          سابعاً: إن أتباع اجتهاد عائشة في جواز رضاعة الكبير من المرأة الأجنبية، هو مخالفة صريحة لشريعة السلام الحنيف، لاستلزامه النظر واللمس لأعضاء المرأة المحرمة على الأجنبي، إذ إن العملية هي عبارة رضاع الرجل الكبير ثدي امرأة أجنبية محرم عليه النظر إليها فضلاً عن مسّها والتقام ثديها !!!!!
          فبربكم هل منكم من يقبل ذلك على عِرضه، اللهم إلا أن يكون ديوثاً (أعاذنا الله من ذلك)، نعم أيها الأخوة هذا هو حال من ترك الثقلين الذين أوصى الرسول محمد ص بالتمسك بهما، وقرن النجاة بهما لا غير.
          اللهم ارزقنا التمسك بالثقلين القرآن والعترة المطهرة، ووفق كل طالب حق لذلك بحق أفضل الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين.

          * * *

          هامش
          (1) صحيح مسلم: ج4 ص168، وغيره الكثيرة من المصادر المعتبرة، بتفاوت يسير في الألفاظ.
          - سنن ابن ماجة - لمحمد بن يزيد القزويني: ج1 ص625. وغيره من المصادر المعتبرة الكثيرة وبألفاظ متقاربة.
          (2) صحيح مسلم: ج4 ص169 – 170.
          (3) الاستذكار لابن عبد البر: ج6 ص256.
          (4) كتاب الأم - للشافعي: ج5 ص29.
          (5) المجموع - لمحيي الدين النووي: ج81 ص211.
          (6) المبسوط - للسرخسي: ج5 ص135 – 136.
          (7) تفسير ابن كثير: ج1 ص290.
          (8) سبل لسلام - لابن حجر العسقلاني: ج3 ص215.
          (9) فقه السنة - للشيخ سيد سابق: ج2 ص79.
          (10) المغني - لعبد الله بن قدامه: ج9 ص201.
          (11) صحيح البخاري: ج6 ص125 – 126.
          (12) صحيح مسلم: ج4 ص170.


          تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة

          Comment

          • فأس ابراهيم
            عضو مميز
            • 27-05-2009
            • 1051

            #6
            رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

            بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
            للشيخ ناظم العقيلي
            النقطة الخامسة:
            محاولة فاشلة

            بعد أن رأت عائشة أن قولها مخالف لكتاب الله تعالى، وهذا مما لا يمكن أن يجد قبولاً عند أغلب المسلمين، فالتجأت إلى القول بنزول نص قرآني ينص على جواز رضاعة الكبير، ولكنها اضطربت أقوالها، فتارة تقول أن هذا النص القرآني أكلته شاة داجن من تحت السرير عندما كانوا منشغلين بوفاة رسول الله ص، وتارة تقول أن رسول الله ص توفى وهو مما يقرأ من القران، وتارة ثالثة تقول أنزله الله ثم سقط، وتارة تقول إن عدد الرضعات عشراً، وتارة تقول: عشراً ثم نسخت إلى خمس رضعات، وتارة ثالثة تقول: عشر رضعات أو خمس معلومات. ولا يخفى ما في ذلك من تعارض فاحش !!!!!
            عن عائشة، قالت: (لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها) (1)
            وعن عائشة أيضاً، أنها قالت: (كان فيما أنزل الله من القرآن ثم سقط: لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات) (2)
            وأخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة أنها قالت: ( كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن) (3)

            ولنقف قليلاً على تناقضات أحاديث عائشة:


            أولاً: في الرواية الأولى تعزو عائشة فقدان النص القرآني إلى أكل الشاة له عند وفاة رسول الله ص، وكأن نسخة النص موجودة عندها فقط. وفي الرواية الثالثة تقول: (فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن)، ومعنى ذلك أنها موجودة ولم تفقد وإن أكلَ الداجنُ النسخة التي عند عائشة، فمعنى أنها تقرأ من القرآن عند أو بعد وفاة الرسول ص أي أنها منتشرة بين الأصحاب، وإذا كان كذلك لماذا ضيَّع الصحابة هذه الآية أو الآيات من القرآن الكريم ولم يذكرها أحد سوى عائشة ؟!!!

            ثانياً: الرواية الأولى تنص على أن عدد رضعات الكبير عشراً، والرواية الثانية تردد العدد بين العشر أو الخمس، والرواية الثالثة تنص على أنها عشر رضعات ثم نسخن بخمس. أضف إلى ذلك أن عائشة في أكثر من رواية عملت بالعشر ولم تتطرق إلى ذكر الخمس، فكيف تعمل بالمنسوخ وتترك الناسخ ؟!!! وكذلك ورد ذلك عن حفصة:
            عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: (إن عائشة أم المؤمنين أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق، فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليّ. قال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات. فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات) (4)
            وعن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد أخبرته: (أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع، ففعلت فكان يدخل عليه)(5)

            ثالثاً: الرواية الأولى نصت على أن ما نزل من القرآن نص في رضاعة الكبير، والرواية الثانية ذكرت فقط عدد الرضعات ولم تنص على رضاعة الكبير، وكذلك الرواية الثالثة، فتجد عائشة تتحدث عن موضوع واحد وهو نزول قرآن يخص الرضاعة، ولكن بروايات متضاربة.

            رابعاً: الرواية الثالثة نصت على أن العشر رضعات نسخت بخمس، بينما تجد الرواية الأولى تنص على العشر رضعات ولم تتطرق للنسخ، والرواية الثانية تنص على أن العدد مردد بين العشر والخمس ثم سقط، ولا أدري ما هو مضمون القرآن الصحيح برأي عائشة ؟!!!

            خامساً: إن أحاديث عائشة تدل على أن القرآن ناقص؛ لأن آية الرضاعة قد أكلتها الشاة ولم توثق في كتاب الله تعالى، ولا أظن أن هذا يروق لأبناء العامة.
            ولا يمكن لهم أن يزعموا بأن ذلك نسخ تلاوة؛ لأن نسخ التلاوة عندهم هو القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه أو مع حكمه، أي نسخت تلاوته فلا يقرأ من القرآن، بينما تجد عائشة تنص على أن ذلك القرآن قد توفي الرسول ص وهو يقرأ من القرآن، إذ قالت: (كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)، أي إنها تتلى على أنها قرآن إلى وفاة الرسول ص أو بعد وفاته، ومن المعلوم أن نسخ التلاوة لا يمكن أن يكون بعد وفاة الرسول ص ، إذن فآية الرضاعة لم تنسخ نسخ تلاوة حسب رواية عائشة، فهي نقص من القرآن؛ لأنها غير موجودة الآن في المصحف، بل هي في بطن الشاة الداجن على حد تعبير عائشة !!!
            وبهذا تكون محاولة عائشة قد باءت بالفشل ولم توفق إلى عضد كلامها بأية من كلام الله تعالى.
            * * *
            هامش
            (1)سنن ابن ماجة - لمحمد بن يزيد القزويني: ج1 ص625، تأويل مختلف الحديث - لابن قتيبة: ص288، مسند أبي يعلى: ج8 ص64، المعجم الأوسط – للطبراني: ج8 ص12، سنن الدارقطني: ج4 ص105، الدر المنثور - للسيوطي: ج2 ص135.
            وقد حسّنه الألباني في كتابه صحيح سنن ابن ماجة المجلد الثاني: ص148 برقم 1593.

            (2) سنن ابن ماجه - للقزويني: ج1 ص625، المحلى - لابن حزم: ج10 ص14، نيل الأوطار - للشوكاني: ج7 ص115، الدر المنثور - للسيوطي: ج2 ص135.
            وصححه الألباني في كتابه صحيح سنن ابن ماجة المجلد الثاني ص147 برقم 1591.
            (3) صحيح مسلم: ج4 ص167، سنن النسائي: ج6 ص100، السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص454، كتاب الموطأ -للإمام مالك: ج2 ص608، كتاب الأم - للشافعي: ج5 ص28، المجموع - للنووي: ج18 ص214، المبسوط – للسرخسي: ج5 ص134، المغني - لابن قدامه: ج9 ص193، سنن أبي داود - للسجستاني: ج1 ص458، وغيرها من المصادر.
            (4) كتاب الموطأ - لمالك: ج2 ص603.
            (5) كتاب الأم - للشافعي: ج7 ص236.

            Comment

            • فأس ابراهيم
              عضو مميز
              • 27-05-2009
              • 1051

              #7
              رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

              بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
              للشيخ ناظم العقيلي

              النقطة السادسة:
              آراء علماء أبناء العامة في رضاع الكبير

              ذهب كل علماء أبناء العامة - إلا من شذ - إلى أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو رضاع الصغير لا رضاع الكبير، مخالفين بذلك مذهب عائشة ومن تبعها، ومن هؤلاء العلماء:
              1- الشافعي، حيث قال:
              ( ... ولو أرضع في الحولين أربع رضعات وبعد الحولين الخامسة وأكثر لم يحرم ولا يحرم من الرضاع إلا ما تم خمس رضعات في الحولين ...)(1)
              2- الترمذي، حيث قال:
              (حدثنا قتيبة، أخبرنا أبو عوانة، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين، فإنه لا يحرم شيئاً) (2)
              3- محيى الدين النووي، حيث قال:
              (دليلنا قوله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"، فجعل تمام الرضاعة حولين فيدل على أنه لا حكم لها بعدهما، وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة. متفق عليه. وعن أم سلمة، قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعند هذا يتعين حمل خبر أبي حذيفة على أنه خاص له دون غيره من الناس كما قال سائر أزواجه صلى الله عليه وسلم) (3)
              4- السرخسي في المبسوط: ج5 ص135. وقد تقدم قبل قليل نقل كلامه فراجع.
              5- أبو بكر الكاشاني، حيث قال:

              (... ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوماً على عائشة رضي الله عنها فوجد عندها رجلاً فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا الرجل ؟ فقالت عائشة: هذا عمي من الرضاعة، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: انظرن من أخوانكم من الرضاعة إنما الرضاعة من المجاعة. أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الرضاع في الصغر هو المحرم إذ هو الذي يدفع الجوع، فأما جوع الكبير فلا يندفع بالرضاع.
              وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرضاع ما أنبت اللحم وأنشر العظم". وذلك هو رضاع الصغير دون الكبير؛ لأن إرضاعه لا ينبت اللحم ولا ينشر العظم.
              وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرضاع ما فتق الأمعاء". ورضاع الصغير هو الذي يفتق الأمعاء لا رضاع الكبير؛ لأن أمعاء الصغير تكون ضيقة لا يفتقها إلا اللبن لكونه من ألطف الأغذية كما وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله : "لبناً خالصاً سائغاً للشاربين". فأما أمعاء الكبير فمنفتقة لا تحتاج إلى الفتق باللبن.
              وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا رضاع بعد فصال")(4)
              6- ابن حجر العسقلاني، حيث قال:
              (... (وعنها) أي عائشة "قالت: قال رسول الله ص: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة. متفق عليه". في الحديث قصة، وهو أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك فقالت: إنه أخي، فقال: انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة. قال المصنف: لم أقف على اسمه وأظنه ابناً لأبي القعيس. وقوله: انظرن، أمر بالتحقق في أمر الرضاعة هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه في زمن الرضاع ومقدار الإرضاع، فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط. وقال أبو عبيد: معناه أنه الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع، وهو تعليل لامعان التحقق في شأن الرضاع وبأن الرضاع الذي تثبت به الحرمة وتحل به الخلوة هو حيث يكون الرضيع طفلاً يسد اللبن جوعه؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير جزءاً من المرضعة فيشترك في الحرمة مع أولادها. فمعناه لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة، فهو في معنى حديث ابن مسعود الآتي: لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم. وحديث أم سلمة: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء. أخرجه الترمذي وصححه. واستدل به على أن التغذي بلبن المرضعة محرم سواء كان شراباً أو وجوراً أو سعوطاً أو حقنة حيث كان يسد جوع الصبي وهو قول الجمهور) (5)
              7- الشوكاني، حيث قال:
              (قوله: انظرن من إخوانكن هو أمر بالتأمل فيما وقع من الرضاع، هل هو رضاع صحيح مستجمع للشروط المعتبرة ؟ قال المهلب: المعنى انظرن ما سبب هذه الأخوة ؟ فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حيث تسد الرضاعة المجاعة. وقال أبو عبيد معناه أن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع هو الصبي لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع.
              قوله: فإنما الرضاعة من المجاعة هو تعليل للباعث على إمعان النظر والتفكر بأن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة هي حيث يكون الرضيع طفلاً يسد اللبن جوعته، وأما من كان يأكل ويشرب فرضاعه لا عن مجاعة؛ لأن في الطعام والشراب ما يسد جوعته بخلاف الطفل الذي لا يأكل الطعام. ومثل هذا المعنى حديث: لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم، فإن إنشار العظم وإنبات اللحم إنما يكون لمن كان غذاؤه اللبن، وقد احتج بهذه الأحاديث من قال: إن رضاع الكبير لا يقتضي التحريم مطلقاً وهم الجمهور كما تقدم) (6)
              8- أبو حنيفة على ما نقله النووي، حيث قال:
              (وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهراً، لقوله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"، ولم يرد بالحمل حمل الأحشاء؛ لأنه يكون سنتين، فعلم أنه أراد الحمل في الفصال) (7)
              9- عدة علماء على ما نقله النووي أيضاً، حيث قال:
              (... لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. وهو قول عمر وابن عباس. وروى عن ابن مسعود كما حكاه المصنف. وبه قال الزهري وقتادة والشعبي وسفيان الثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وابن شبرمة ...) (8)
              10- عبد الله بن قدامه، حيث قال:
              (فإن من شرط تحريم الرضاع أن يكون في الحولين. وهذا قول أكثر أهل العلم روي نحو ذلك عن عمر وعلي ابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة، وإليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور ...) (9)
              * * *
              هامش
              (1) كتاب الأم - للشافعي: ج5 ص31.
              (2) سنن الترمذي: ج2 ص311.
              (3) المجموع - لمحيي الدين النووي: ج81 ص212.
              (4) بدائع الصنائع - لأبي بكر الكاشاني: ج4 ص5.
              (5) سبل السلام - لابن حجر العسقلاني: ج3 ص214.
              (6) نيل الأوطار - للشوكاني: ج7 ص122.
              (7) المجموع - لمحيى الدين النووي: ج81 ص211.
              (8) المجموع - لمحيى الدين النووي: ج81 ص211.
              (9) المغني - لعبد الله بن قدامه: ج9 ص201.

              Comment

              • فأس ابراهيم
                عضو مميز
                • 27-05-2009
                • 1051

                #8
                رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

                بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
                للشيخ ناظم العقيلي

                النقطة السابعة:

                ابن تيمية ومحاولة الجمع بين الروايات

                بعد أن وقع بعض المتعصبين لمذهب عائشة بمأزق بين تصديقها وبين مخالفة كلامها للقرآن والسنة والإجماع، فجهدوا في محاولة فاشلة للجمع بين رأي عائشة وبين الروايات التي تنص على أن الرضاعة التي تنشر الحرمة هي رضاعة الصغير فحسب ولا أثر لرضاعة الكبير مطلقاً. ومن هؤلاء ابن تيمية على ما نقله عنه محمد بن إسماعيل الكحلاني، حيث قال:
                (والأحسن في الجمع بين حديث سهلة وما عارضه: كلام ابن تيمية فإنه قال إنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير الذي أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا بد من الصغر)(1)
                ولا يخفى أن كلام ابن تيمية لا يعد سوى محاولة للحفاظ على ماء الوجه، ويرد عليه بعدة نقاط:

                1- إن هذا الجمع أيضاً مخالف لمذهب عائشة؛ لأنها لم تقتصر على مورد الضرورة المدعاة، بل قولها مطلقاً، بل صرحت الرواية أنها تُرضع أخواتها من تحب ليجوز له الدخول عليها: (... فكانت (عائشة) تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال والنساء ...) (2)
                بل إن عائشة صرحت في نقاشها مع أم سلمة، بأن إرضاع الكبير هو اقتداء برسول الله ص، كما أخرج ذلك مسلم في صحيحة بسنده عن زينب بنت أم سلمة قالت:
                (قالت أم سلمة لعائشة انه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل على قال فقالت عائشة أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة قالت إن امرأة أبى حذيفة قالت يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفى نفس أبى حذيفة منه شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه حتى يدخل عليك) (3)

                2- التعارض محكم ولا يمكن الجمع بين الروايات؛ لأن الروايات المتعددة تنص وتحصر الرضاع برضاع الصغير، ولا يمكن تعدي هذا الحصر لوضوحه وصراحته، وعند التأمل فيها لا يمكن استثناء أي حصة من مدلولها، بينما تجد رواية عائشة تجوز وبدون أي قيد رضاع الكبير وتجعله كرضاع الصغير في نشر الحرم، فمن أين جاء ابن تيمية بقيد الضرورة، وهل يوجد في الروايات رائحة لهذا القيد، أضف إلى ذلك أن الروايات التي تحصر الرضاع بالصغير موافقة للقرآن الكريم ورواية عائشة مخالفة للقرآن الكريم، فكيف يمكن الجمع بين ما وافق القرآن وما خالفه، وقد روي عن طريق الفريقين وجوب الأخذ بما وافق القرآن الكريم.
                عن الرسول محمد ص، أنه قال: (سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا وإنه ستفشو عني أحاديث، فما أتاكم من حديثي فاقرؤوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله) ( ).
                فلو كانت هناك روايات تُجوّز رضاعة الكبير عند الضرورة مع النص على أنها علة للحكم، لربما أمكن الجمع بينها وبين الروايات التي تحصر الرضاعة بالصغير، ولكن الروايات التي تطرقت لرضاعة الكبير لا يوجد فيها هذا القيد، وخصوصاً روايات عائشة، بل إنها زعمت نزول القرآن بجواز رضاعة الكبير، ولكن هذا القرآن أكلته الشاة !!!
                وحتى قصة سالم مولى أبي حذيفة - إن صحت - فلا ضرورة فيها؛ لأن ذلك ابتلاء عام، ففي أغلب البيوت مثلاً أخوة متزوجون وكل واحد منهم يحرم عليه النظر إلى مفاتن زوجة الآخر أو الخلوة معها، ولا يخفى ما في ذلك من صعوبة الالتزام بالضوابط الشرعية، ورغم ذلك بقي الأمر على حاله ولم يسمح بخرق تلك الحدود الشرعية، والمجتمع مليء بمثل حالة زوجة أبي حذيفة، ومع ذلك لم يعتبر ذلك من الحرج المنفي عن الدين أو كالاضطرار لرفع الموت ولو بأكل الميتة، بل حتى الاضطرار إلى أكل الميتة ليس موسعاً بل يقتصر على ما يدفع به الموت ويحرم الزائد على ذلك، وهذا لا ينطبق على اجتهاد ابن تيمية، فهل إن مرضعة الكبير تكون أمه ويحل له الخلوة معها في حالة الضرورة، وعند انتهاء الضرورة تنقلب إلى أجنبية عنه ولا يحل له الخلوة معها؟؟!!!
                وإن قلت بأنها تكون كأمه حتى في غير الضرورة.
                أقول: إن المعلول يدور مدار علته وجوداً وعدماً، وقد زعمت إن رضاعة الكبير جائزة في مورد الضرورة فقط، أي إن الضرورة علة لهذا الحكم، فكيف يبقى هذا الحكم مع زوال علته، وهل هناك معلول بلا علة، وخصوصاً في الأحكام الشرعية ؟!!!
                وبهذا تكون محاولة ابن تيمية قد باءت بالفشل، ولم يستطع من حفظ ماء الوجه من هكذا روايات مخالفة للقرآن والسنة.
                والحق أقول: إن هذه الرواية وغيرها من الروايات التي روتها عائشة وحفصة تعتبر إهانة للرسول العظيم، أكبر من الإهانات التي صدرت في الصحف قبل أشهر في الغرب الكافر، وقد تبعهم على ذلك البخاري وغيره من الذين يقبلون هكذا روايات ويدونونها في كتبهم، وأيضاً تبعهم على ذلك عزت عطية صاحب الفتوى المعاصرة بجواز رضاعة الكبير من المرأة الأجنبية!!!
                وقد حاول البعض رتق جانب من هذا الفتق بذر الرماد في العيون والخروج من هذا المأزق بتأويل هزيل عليل، حيث زعم أن الإرضاع المقصود هنا هو أن تحلب له في إناء فيشربه ! وذلك هروباً من المخالفة الصريحة لحرمة مس المرأة الأجنبية فكيف بكشف مفاتنها ومسّها ؟!
                ويرد عليه: إن الرواية صريحة بقول: (ارضعيه)، وهو ظاهر في الرضاعة المتعارفة أي التقام ثدي المرأة المرضعة، ولو أراد الرسول ص أن تحلب له فيشرب، لقال مثلاً: (اسقيه)، فالذي يشرب الحليب في إناء لا يقال عنه إنه يرضع، بل يشرب. فنحن جميعاً نشرب حليب البهائم بالآنية ولا يقال عنا بأننا نرضع البهائم أبداً.
                ثم إن الأظهر من استغراب سهلة بنت سهيل، عندما قالت للرسول ص كيف أرضعه وهو كبير أو وهو ذو لحية، هو لأن الذي تعدى سن الطفولة لا يجوز له مس المرأة الأجنبية ولا حتى الخلوة بها، فكيف ترضعه ؟! فأجابها الرسول ص بأنه يعلم ذلك، وأكد لها بقوله مرة أخرى: (ارضعيه)، ولا يخفى أنه تأكيد للمعنى الظاهر من الرضاعة، ولو كان غير ذلك لفسر لها الرسول ص بعد استغرابها بأن معنى الرضاعة هنا هو أن تسقيه من حليبها بصورة غير مباشرة.

                ******
                هامش
                (1) سبل السلام للكحلاني: ج3 ص215.
                (2) كتاب الأم - للإمام الشافعي: ج5 ص29.
                (3) صحيح مسلم: ج4 ص169.
                (4) كنز العمال - للمتقي الهندي: ج1 ص196.

                Comment

                • فأس ابراهيم
                  عضو مميز
                  • 27-05-2009
                  • 1051

                  #9
                  رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

                  بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
                  للشيخ ناظم العقيلي

                  النقطة الثامنة:

                  وقفة مع عزت عطية
                  حان الوقت الآن لمناقشة كلام عزت عطية بالخصوص والوقوف على الأخطاء القاتلة التي وقع بها، على ما نقل عنه في "العربية نت" إذ قال:
                  (أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج وإن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته).
                  وما يهمني هو قوله: (أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج).
                  فكيف ..كيف يكون الشخص تحل له الخلوة مع المرأة وهو ليس من محارمها ؟!!
                  فحتى لو تنزلنا وقلنا بجواز رضاعة الكبير فهذا الرضاع ينشر الحرمة، أي تصبح المرضعة أماً للمرتضع فلا يجوز له الزواج منها، وهذا ما نصت عليه الرواية التي استدلوا بها على مشروعية رضاعة الكبير، وإليك محل الشاهد منها:
                  (فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، كنا نرى سالماً ولداً وكان يدخل عليّ وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا "أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها"، ففعلت فكانت تراه ابناً من الرضاعة) (1)

                  عن عائشة أم المؤمنين: (أن سالماً مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت يعني سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة) (2)

                  فتأمل - هداك الله - في قول الراوي: (فكانت تراه ابناً من الرضاعة)، فبربكم ما حكم الابن من الرضاعة ؟ أليست الأم من الرضاعة كالأم النسبية من حيث حرمة الزواج ؟ أم نزل وحي جديد ؟! أم بعث نبي بعد نبينا محمد ص ؟! وانظر إلى قول النبي ص في الرواية الأخرى: (أرضعيه تحرمي عليه) أي يحرم زواجه منك، فهل هذا يحتاج إلى توضيح ؟!!!
                  قال تعالى: ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾(3)
                  وقال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾(4)
                  وقال تعالى: ﴿... اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾(5)

                  فمسألة الرضاع محصورة بين أمرين: إما أن تتم الرضاعة بشروطها فتترتب عليها كل آثارها، وإما أن لا تتم بشروطها فلا يترتب عليها أي أثر.
                  فكيف يزعم عزت عطية بمشروعية رضاعة الكبير ولكنها لا تحرم الزواج من المرضعة ؟!!
                  وقد تقدم من الأدلة أن مسألة رضاعة الكبير لم تثبت أصلاً وهي من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبرهنت على ذلك من مصادر القوم المعتمدة عندهم.
                  وذكرت "العربية نت" عن عزت عطية أنه أضاف قائلاً: (أن السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبد الله بن عمر يرضع من أخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها فرضع ثلاث مرات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل أن يحدث ذلك).
                  والظاهر أن سالم بن عبد الله بن عمر كان صغيراً عندما أرسل للرضاعة من أخت عائشة لا كبيراً كما توهم عزت عطية، وبهذا تكون هذه الحادثة بعيدة كل البعد عن فتواه، وإليك الرواية نصاً:
                  عن نافع، أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره: (أن عائشة أم المؤمنين، أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليّ. قال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات. فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات) (6)
                  فانظر إلى قوله: (أرسلت به وهو يرضع)، أي صغيراً عندما كان رضيعاً، وهذا أيضاً ما فعلته حفصة في الرواية الآتية:
                  عن نافع، أن صفية بنت أبى عبيد أخبرته: (أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها، وهو صغير يرضع. ففعلت. فكان يدخل عليها) (7)
                  وأحب أن أنبه عزت عطية بأن التي أرسلت بسالم بن عبد الله بن عمر الى أم كلثوم بنت أبي بكر للرضاعة هي عائشة وليست حفصة كما توهمه، وحفصة أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد ليرضع من أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب ليدخل عليها، وهذا ما نصت عليه الروايات السابقة فراجع.
                  * * *
                  هامش
                  (1) كتاب الأم - للإمام الشافعي: ج5 ص29.
                  (2) صحيح مسلم: ج4 ص168، المحلى - لابن حزم: ج10 ص21 – 22.
                  (3) القلم: 36 – 38.
                  (4) البقرة: 79.
                  (5) الأحقاف: 4.
                  (6) كتاب الموطأ - للإمام مالك: ج2 ص603، كتاب المسند - للشافعي: ص221، السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص457.
                  (7) كتاب الموطأ - للإمام مالك: ج2 ص603، السنن الكبرى - للبيهقي: ج7 ص457، كتاب المسند - للشافعي: ص221، المحلى - لابن حزم: ج10 ص10.

                  Comment

                  • فأس ابراهيم
                    عضو مميز
                    • 27-05-2009
                    • 1051

                    #10
                    رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

                    بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
                    للشيخ ناظم العقيلي

                    النقطة التاسعة:
                    رضاعة الكبير عند الشيعة (عصمهم الله تعالى)

                    وللاطلاع على حكم رضاعة الكبير عند شيعة أهل بيت النبي محمد ص أسرد لكم كلام زعيم الطائفة الحقة الشيخ الطوسي (رحمه الله تعالى):
                    (مسألة/ 4: الرضاع إنما ينشر الحرمة إذا كان المولود صغيراً، فأما إن كان كبيراً فلو ارتضع المدة الطويلة لم ينشر الحرمة. وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وهو قول جميع الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، ومالك وغيرهم. وقالت عائشة: رضاع الكبير يحرم كما يحرم رضاع الصغير، وبه قال أهل الظاهر.
                    دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم. وأيضاً قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾. وفيه دليلان:
                    الأول: أنه جعل الحولين تمام الرضاعة، ومعلوم أنه لم يرد الاسم واللغة ولا الجواز، فإنه ينطلق على بعد الحولين، ثبت أنه أراد الرضاع الشرعي الذي يتعلق به الحرمة والتحريم.

                    والثاني: حده بالحولين، فلا يخلو إما أن يريد جواز الرضاعة، أو الكفاية، أو التحريم، فبطل أن يريد الجواز؛ لأنه جائز بلا خلاف، وبطل أن يريد الكفاية؛ لأنه قد يكتفي بدون الحولين. فلم يبق إلا أنه حده بهذه المدة؛ لأن الحكم بها يتعلق لا غيره.
                    وأيضاً: روى ابن عباس أنه ع قال: "لا رضاع بعد الحولين" ومعلوم أنه لم يرد سلب الاسم بعد الحولين؛ لأن الاسم ينطلق عليه بعدها، ثبت أنه أراد سلب حكمه.
                    مسألة/ 5: القدر المعتبر في الرضاع المحرم ينبغي أن يكون كله واقعاً في مدة الحولين، فإن وقع بعضه في مدة الحولين وبعضه خارجاً لم يحرم. مثاله: إن من راعى عشر رضعات من أصحابنا، أو خمس عشرة رضعة على ما اعتبرناه، فإن وقع خمس رضعات في مدة الحولين، وباقيها بعد تمام الحولين فإنه لا يحرم.
                    وقال الشافعي: إن وقع أربع رضعات في الحولين وخامسة بعدهما لم ينشر الحرمة. وبه قال أبو يوسف، ومحمد. وعن مالك روايات، المشهور منها حولان وشهر، فهو يقول المدة خمسة وعشرون شهراً. فخالفنا في شهر.
                    وقال أبو حنيفة: المدة حولان ونصف، ثلاثون شهراً. وقال زفر: ثلاثة أحوال ستة وثلاثون شهراً.
                    دليلنا: قوله تعالى: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾، ومنه الدليلان على ما قدمناهما، وحديث ابن عباس أن النبي ع قال: "لا رضاع بعد الحولين". يدل على ما بيناه، وإجماع الفرقة منعقد على ذلك) (1)
                    ولا يخفى أن الشيخ الطوسي (رحمه الله) قد أوجز فأبلغ وأفحم، ولم يجعل للخصم منفذاً يهرب منه، نعم هذه هي حجة من تمسك بالثقلين القرآن والعترة المعصومة المطهرة، ولم يلتجئ إلى من يخطئ أكثر مما يصيب.
                    قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ (2).
                    ***
                    هامش
                    (1) الخلاف - للشيخ الطوسي: ج5 ص98.
                    (2) يونس: 35.

                    Comment

                    • فأس ابراهيم
                      عضو مميز
                      • 27-05-2009
                      • 1051

                      #11
                      رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

                      بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
                      للشيخ ناظم العقيلي
                      روايات أخرى تسيء للنبي ص:

                      وردت روايات أخرى موضوعة تسيء لشخص النبي محمد ص وترفع من شأن أبي بكر وعمر وعائشة على حساب الرسول ص، ولا أدري كيف يمكن لأحد أن يقر أو يقبل أو يروج لهكذا روايات بعيدة كل البعد عن الواقع المحمدي، وإليكم الروايات:
                      أخرج أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن الأسود بن سريع قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني قد حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن ربك تبارك وتعالى يحب المدح هات ما امتدحت به ربك. قال: فجعلت أنشده فجاء رجل فاستأذن أدلم أصلع أعسر أيسر. قال: فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف لنا أبو سلمة كيف استنصته قال كما صنع بالهر فدخل الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم أخذت أنشده أيضاً ثم رجع بعد فاستنصتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضاً، فقلت: يا رسول الله، من ذا الذي استنصتني له، فقال: هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب) (1)

                      وهنا ظهر عمر بن الخطاب بصورة المطبق للشريعة والمحافظ عليها، وظهر رسول الله ص بصورة المتهاون بالشريعة (وحاشاه) حيث أمر الشاعر بالإنصات عند دخول عمر؛ لأنه لا يحب الباطل !!!
                      سبحان الله، الباطل الذي لا يحبه عمر تجد رسول الله ص يحبه ويستمع إليه في خفية عن عمر بن الخطاب !!! نعم هذا هو التعصب الذي يبلغ بأهله مبلغاً بحيث يفضلون شخصاً على أفضل الخلق على الإطلاق، وينسبون الرسول ص إلى التهاون في سماع الباطل الذي لا يسمح به عمر بن الخطاب !!!
                      أخرج مسلم والبخاري في صحيحيهما بسندهما عن عائشة، قالت: (دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما، فلما غفل غمزتهما فخرجتا وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: أتشتهين تنظرين ؟ قلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك، قلت: نعم، قال: فاذهبي) (2)

                      وهنا جاء الدور لأبي بكر ليأخذ نصيبه من المظلوم رسول الله محمد ص، حيث تصور لنا عائشة أن الرسول محمداً ص يقبل بالغناء ولا ينهى عنه ويضطجع على فراشة وصوت المغنيات يملئ أذنيه (وحاشاه) والداهية أن الغناء متمثل بيوم بعاث الذي شهد معركة كبرى انتصر فيها الأوس على الخزرج في الجاهلية، هذه الجاهلية التي جاء رسول الله ص ليقضي عليها من الوجود.
                      ثم يأتي أبو بكر الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر المحافظ على الشريعة، فيغضب لوجود مزمارة الشيطان عند رسول الله ص وينهى عن ذلك بقوة، فيلتفت إليه الرسول ص ويأمره بالسكوت والسماح باستمرار الغناء !!!
                      وهنا أم الدواهي إذ لم تقتصر عائشة على وصف الرسول ص بعدم النهي عن الغناء، بل ترقت إلى وصفه بأنه يأمر بالباطل (الغناء)؛ لأنه قال لأبي بكر (دعهما) أي دع المغنيتين يستمرا بالغناء !!! (وحاشا الرسول ص من كل ذلك).
                      ثم تنتقل عائشة فتقص علينا قصة أخرى تصور فيها دلالها وتفاني الرسول ص في طاعتها حتى في الأمور الغير لائقة بشخصه الكريم العظيم، حيث يجعلها خلفه لتطلع على لهو ولعب السودان، سبحان الله هل يعقل أن هذا هو النبي الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق ؟!! هل هذه هي أخلاق النبي الذي يقول بأنه أغير من نبي الله إبراهيم ع ؟!! هل هذا هو حاله بحيث يدور بامرأته لتنظر رقص الرجال، وأي رجال وأي محفل ؟!! بين أهل اللعب واللهو، حاشاك يا رسول الله من هكذا أعمال يترفع عنها من له أدنى مستوى من الغيرة، كيف .. كيف وأنت أغير الخلق أجمعين، فبربكم يا من تتبعون عائشة والبخاري ومسلم هل ترضون بذلك لأنفسكم فضلاً عن قبوله لنبيكم ؟!!! رحم الله امرءاً سمع فوعى ودعي إلى رشاد فدنا، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع.

                      أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة، قالت: (جاء حبش يزفنون (أي يرقصون) في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت انظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرف عن النظر إليهم) (3)

                      وهذه حاثة أخرى تقصها علينا عائشة من أرشيفها مع رسول الله ص، وهي أيضاً قصة لعب ورقص ولكن هذه المرة الرقص في بيت من بيوت الله جل جلاله !! هذه البيوت التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه تكون مسرحاً للرقص واللهو !! وبمرأى ومسمع رسول الله ص وعائشة تنظر من خلفه إلى هذا المنظر الممتع لها !! ولماذا هذا الغناء وهذا الرقص ؟! الجواب: لأنه بمناسبة العيد !! سبحان الله وهل أن هذه هي شعائر العيد عند المسلمين ؟!! هل هذه هي نظرة الإسلام والرسول محمد ص لأعياد الله تعالى ؟!!! ألم تردنا روايات عن الرسول محمد ص وعن عترته الأبرار تبين لنا أعمال وشعائر يوم العيد من صلاة ودعاء وتلاوة القرآن وصلة الرحم وإصلاح ذات البين ... الخ، فلم يروَ استحباب الرقص واللهو في يوم العيد، وحاشا دين الإسلام من اللهو واللغو.

                      وأخرج مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة، قال: (بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطاب فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر) (4)

                      الظاهر أن عائشة وأبا هريرة مصران على إظهار الرسول ص بمظهر العاشق للرقص واللهو (وحاشاه) والمدافع عن أهل الرقص واللهو بما أوتي من قوة !! ومن المنكِر والناهي عن هذه الأفعال المنكرة ؟ هم أبو بكر وعمر، حسب هذه الروايات !!!
                      في سنن الترمذي بسنده عن بريدة أنه قال: (خرج رسول الله ص في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها ص: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله ص: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف) (5)

                      فانظر الى ربط الكلام بين ترك الجارية للضرب بالدف وبين خوف الشيطان من عمر بن الخطاب، بمعنى أن غناء الجارية وضربها بالدف من الشيطان ولذلك تركته الجارية عند دخول عمر لأن الشيطان يخاف منه، وليت شعري هل الشيطان لا يخاف من رسول الله ص ؟! وهل الرسول ص يستمع الى عمل الشيطان ؟! أعوذ بالله من تسويل إبليس وجنده.
                      وفي صحيح البخاري بسنده عن عائشة: (أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله: يا عائشة، ما كان معكم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو) (6).

                      وأخرج أحمد في مسنده بسنده عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا عائشة، أتعرفين هذه ؟ قالت: لا يا نبي الله، فقال: هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك ؟ قالت: نعم، قال: فأعطاها طبقاً فغنتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد نفخ الشيطان في منخريها) (7)

                      هنا النبي ص هو من يَعرِض على عائشة استماع الغناء ويعطي للقينة (المغنية) طبقاً لكي تدف به ! هذه المغنية التي ينفخ الشيطان في منخريها؛ يستمع الى غنائها خاتم الأنبياء ص ! ما هذه الشناعة التي يجل عنها مقام حبيب الله ص ؟!
                      وأخرج البخاري في صحيحة بسنده عن عائشة: (أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه وقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى) (8)

                      وأخرج الترمذي في سننه بسنده عن عائشة أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن (يعني ترقص) والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالى فانظري فجئت، فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي: أما شبعت أما شبعت ؟ قالت فجعلت أقول لا. لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر قالت فارفض الناس عنها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر، قالت فرجعت) (9)

                      نعم .. كأن النبي ص لا همَّ له إلا ترقب المغنين وأهل الرقص والمجون – وحاشاه – لماذا ؟ لكي يضمن لعائشة بنت أبي بكر أوقات لهو وطرب !
                      هل يظن أولئك الذين يروون هذه الروايات ويصححونها أنهم يحسنون الى عائشة ويثبتون لها الفضائل ؟! لا ريب أنهم بذلك ينتقصون منها ومن رسول الله ص.
                      ثم تعالى معي إلى ذيل الرواية السابقة: (إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر)، من أولئك شياطين الإنس والجن الذين فروا من عمر بن الخطاب ؟
                      هؤلاء هم شياطين الإنس الذين كانوا يرقصون والنبي ص يتفرج عليهم مع عائشة بنت أبي بكر، ومن ورائهم شياطين الجن الذين حضروا هذا الحفل المقيت ! ولا أدري ما بالهم فروا من عمر ولم يفروا من رسول الله ص ؟!
                      وأخرج ابن راهويه في مسنده بسنده عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً كاشفاً عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على ذلك الحال، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على ذلك الحال، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه من ثيابه فلما قاموا، قلت: يا رسول الله ! . استأذن عليك أبو بكر وأنت على ذلك الحال فأذنت له ثم استأذن عليك عمر وأنت على ذلك الحال فأذنت له ثم استأذن عليك عثمان وأنت على ذلك الحال فأرخيت عليك من ثيابك، فقال: "يا عائشة: ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه) (10)

                      جاء الدور الآن لعثمان بن عفان ليأخذ له فضيلة على حساب رسول الله ص الذي يقول: (أدبني رب فأحسن تأديبي) (11)، (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (12)، والذي قال عنه الله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(13)، وإذا به يكشف عن فخذيه ولا يستحي من أبي بكر وعمر، ويحل عليه الحياء فقط عند دخول عثمان بن عفان!
                      لماذا ؟! لأن عثمان بن عفان تستحي منه الملائكة! يعني أن الذين لا تستحي منهم الملائكة لا يستحي منهم رسول الله ص !
                      أي مهزلة هذه .. وأي تفريط شنيع في حق رسول الله ص .. من أجل القاء ثوب القدسية على رجال معينين ! ويا ليتهم فعلوا ذلك من دون الانتقاص من رسول الله ص، ولكن كأن القدر حتَّم عليهم أن يرفعوا أرصدة أئمتهم على حساب رصيد رسول الله ص!
                      والداهية العظمى أنهم رووا عدة أحاديث صحيحة تنص على حرمة كشف الفخذ للناظرين وأنه من العورة، منها:
                      أخرج البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت) (14)

                      وأخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك بسنده عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد رضي الله عنه: (إن النبي صلى الله عليه وآله أبصره وقد انكشف فخذه في المسجد وعليه بردة فقال إن الفخذ من العورة) (15)

                      والأحاديث كثيرة جداً في النص على أن الفخذ عورة، حتى قال أحمد بن محمد بن سلمة بتواتر معناه في شرح معاني الآثار ج1 ص474: (وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة صحاح فيها أن الفخذ من العورة).
                      وقال ابن راهويه (16) في مسنده: أخبرنا عبد الرزاق (17)، نا معمر (18) عن الزهري (19)، عن يحيى بن سعيد بن العاص (20)، عن عائشة قالت: استأذن أبو بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه في مرط واحد (21) فأذن فقضى إليه حاجته وهو معها في المرط ثم خرج، ثم استأذن عليه عمر فأذن له فقضى حاجته على تلك الحال ثم خرج، ثم استأذن عليه عثمان فأصلح عليه ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ثم خرج، قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عمر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عثمان فكأنك احتفظت، فقال: إن عثمان رجل حيي وإني لو أذنت له على تلك الحال خشيت أن لا يقضي منه حاجته) (22)

                      بربكم أيها القراء هل ينبغي لأحد يمتلك شيئاً من الأخلاق الإلهية والغيرة؛ أن يدخل عليه الرجال وهو مع زوجته في ثوب واحد أو حتى في لحاف واحد ؟! بل ليس يدخل عليه الرجال على هذه الحال فحسب، بل يكلمهم ويقضي حوائجهم وهو مع زوجته في مِرط واحد!
                      فكيف ينسب ذلك الى سيد البشر ومعدن الأخلاق الإلهية والذي هو أغير من نبي الله إبراهيم ع ؟!
                      ولا أدري لماذا تحرص عائشة بنت أبي بكر على التأكيد على رواية الأخبار والقصص التي يتبين منها أنها أقرب نساء النبي وأحبهن إليه، وإن استلزم ذلك الإساءة الى شخص النبي الكريم ص، في حين أننا لا نجد ذلك عند بقية نساء النبي ص ؟!

                      أعتقد أن وراء الأمر ما وراءه، من الأهداف التي ينبغي للمسلم المؤمن أن يترفع عنها، بل ينبغي لكل المسلمين أن يرفضوها رفضاً قاطعاً. وإن كبر عليهم اتهام عائشة بنت أبي بكر، فليتهموا الرواة مهما كانوا عندهم ثقات، فإن صيانة الحضرة المحمدية عن النقائص أولى وأهم من أي شيء آخر.
                      نعم، أيها الأحبة هذه هي الحقيقة المرة التي ربما خفيت عليكم، ولكن ارجعوا إلى المصادر أعلاه وتأكدوا بأنفسكم من أوثق المصادر والصحاح عندكم.
                      ولا تتصوروا أني كتبت ما كتبت بهدف الاستهزاء أو التشفي (أعاذنا الله تعالى من ذلك)، وإنما كان هدفي الإصلاح وبيان الحقيقة بغض النظر عن أي شيء آخر، عسى أن أكون سبباً في هداية شخص أو أشخاص وهذا هو الفوز الحقيقي على دولة إبليس لعنه الله وأخزاه، والله على ما أقول شهيد.
                      والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على الرسول محمد وعلى آله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                      تم الفراغ من هذه الأسطر المتواضعة بتوفيق الله تعالى، بتاريخ 6/12/ 2007 م الثلاثاء.

                      ****
                      هامش
                      (1) مسند أحمد - لأحمد بن حنبل: ج3 ص435، كنز العمال: ج3 ص847، مجمع الزوائد – للهيثمي: ج8 ص118، وقال عنه: "رواه أحمد والطبراني بنحوه بأسانيد ورجال أحدها عند أحمد رجال الصحيح"، كشف الخفاء - للعجلوني: ج2 ص137، جزء أحاديث الشعر - للمقدسي: ص76.
                      (2) صحيح البخاري: ج2 ص2 – 3، ج3 ص228، صحيح مسلم: ج3 ص22 – 23.
                      (3) صحيح مسلم: ج3 ص22 – 23، المحلى – لابن حزم: ج9 ص62، وغيرهما من المصادر بألفاظ متقاربة.
                      (4) صحيح مسلم: ج3 ص23، صحيح البخاري: ج3 ص227، مسند أحمد: ج2 ص308، كشف القناع - للبهوتي: ج4 ص58، السنن الكبرى - للبيهقي: ج10 ص17، نيل الأوطار - للشوكاني: ج8 ص255، المصنف - للصنعاني: ج10 ص466.
                      (5) سنن الترمذي: ج5 ص283 – 284، نيل الأوطار - للشوكاني: ج8 ص271، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي المجلد الثالث ص511 – 512 برقم 3690.
                      (6) صحيح البخاري: ج6 ص140.
                      (7) مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص449، كنز العمال: ج15 ص214، المعجم الكبير - للطبراني: ج7 ص158، مجمع الزوائد - للهيثمي: ج8 ص130، وقال عنه: "رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 3281، حيث قال: "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ...". وصححه حمزة أحمد الزين في تحقيقه لمسند أحمد بن أحمد: ج12 ص286 برقم 15660، حيث قال: "إسناده صحيح، وكذا قال الهيثمي 8/130". وصححه أيضاً شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: ج24 ص497 برقم 15720، إذ قال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين ...".
                      (8) صحيح البخاري: ج2 ص11.
                      (9) سنن الترمذي: ج5 ص284 – 285 برقم 3774، وقال عنه: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، السنن الكبرى - للنسائي: ج5 ص309. وقد صححه الألباني في كتابه صحيح سنن الترمذي: المجلد الثالث ص512 – 513 برقم 3691، حيث قال: "صحيح، المشكاة6039".
                      (10) مسند ابن راهويه: ج2 ص449 – 450، مسند أحمد: ج6 ص62، عون المعبود للعظيم الآبادي: ج11 ص37 – 38. وأخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة: المجلد السادس ص488 – 489 برقم 2719، وقال عنه: "وهذا إسناد جيد". وحسَّنه حمزة أحمد الزين في تحقيقه لمسند أحمد: ج17 ص299 – 300 برقم 24211، حيث قال: "إسناده حسن". وصحح هذا الحديث شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: ج40 ص387 – 388 برقم 24330، حيث قال: "حديث صحيح" وبعد ذلك ضعف سنده لجهالة أحد رواته، ولكن لا يهمنا السند ما دام قد صحح متن الحديث.
                      (11) الجامع الصغير للسيوطي: ج1 ص51 برقم 310.
                      (12) مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص15، وقال عنه: "ورجاله كذلك (يعني رجال الصحيح) غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة". السنن الكبرى للبيهقي: ج10 ص192. وأخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة: ج1 ص112 برقم 45.
                      (13) القلم: 4.
                      (14) السنن الكبرى للبيهقي: ج2 ص228. وأخرج في مسند أحمد بن حنبل بلفظ (لا تبرز فخذك) ج1 ص146، وقد صصح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد ج2 ص117 برقم 1248، إذ قال: "إسناده صحيح". وقال عنه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد ج2 ص405 برقم 1249: "صحيح لغيره".
                      (15) المستدرك للحاكم النيسابوري ج4 ص180، وقال عنه: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وصححه الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك.
                      وقد روى الترمذي في سننه ج4 ص198 نفس الحادثة بمتن مختلف وفيه: (غط فخذك فإنها من العورة)، وقال عنه: (هذا حديث حسن). وقد صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي المجلد الثالث ص116 برقم 2698، وقد صحح معه أيضاً ثلاثة أحاديث في نفس الباب كلها تنص على أن الفخذ عورة أو من العورة.
                      (16) روى عنه البخاري في صحيحه، وهو ثقة حجة باتفاق المحققين، وثقه الذهبي في ميزان الاعتدال: ج1 ص182 – 183 برقم 733، قائلاً: "إسحاق بن إبراهيم ... بن مخلد الحافظ. أبو يعقوب الحنظلي ابن راهويه. أحد الأئمة الأعلام. ثقة حجة...". توفي سنة 238 هـ.
                      (17) عبد الرزاق الصنعاني، من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                      (18) من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                      (19) من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                      (20) ذكره ابن حبان في الثقات: ج5 ص522 – 523، وذكر أنه يروي عن عائشة ومعاوية وروى عنه الزهري وأشرس بن عبيد. وذكر ذلك أيضا ابن عساكر في تاؤيخ مدينة دمشق: ج64 ص232 برقم 8142. وذكر ذلك أيضاً المزي في تهذيب الكمال ج31 ص325 وما بعدها برقم 6833، وذكر أيضاً توثيق النسائي وابن حبان له. ووثقه الذهبي في كتاب الكاشف في من له رواية في الكتب الستة ج2 ص366 برقم 6174، وذكر أيضاً انه يروي عن عائشة، ويروي عنه الزهري. ووثقه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: ج2 ص303 برقم 7583. وقد روى عنه مسلم في صحيحه: ج7 ص117.
                      (21) قال الزبيدي في تاج العروس: ج10 ص409 مادة (مرط): "المرط ، بالكسر، كساء من صوف، أو خز، أو كتان يؤتزر به، وقيل: هو الثوب، وقيل: كل ثوب غير مخيط ...".
                      (22) مسند ابن راهويه : ج2 ص565 – 566، وج3 ص1021، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: ج11 ص232 – 233 برقم 20409، صحيح ابن حبان: ج15 ص334، باختلاف يسير.

                      Comment

                      • فأس ابراهيم
                        عضو مميز
                        • 27-05-2009
                        • 1051

                        #12
                        رد: بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة

                        بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
                        للشيخ ناظم العقيلي
                        روايات أخرى تسيء للنبي ص:

                        وردت روايات أخرى موضوعة تسيء لشخص النبي محمد ص وترفع من شأن أبي بكر وعمر وعائشة على حساب الرسول ص، ولا أدري كيف يمكن لأحد أن يقر أو يقبل أو يروج لهكذا روايات بعيدة كل البعد عن الواقع المحمدي، وإليكم الروايات:
                        أخرج أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن الأسود بن سريع قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني قد حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن ربك تبارك وتعالى يحب المدح هات ما امتدحت به ربك. قال: فجعلت أنشده فجاء رجل فاستأذن أدلم أصلع أعسر أيسر. قال: فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف لنا أبو سلمة كيف استنصته قال كما صنع بالهر فدخل الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم أخذت أنشده أيضاً ثم رجع بعد فاستنصتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضاً، فقلت: يا رسول الله، من ذا الذي استنصتني له، فقال: هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب) (1)

                        وهنا ظهر عمر بن الخطاب بصورة المطبق للشريعة والمحافظ عليها، وظهر رسول الله ص بصورة المتهاون بالشريعة (وحاشاه) حيث أمر الشاعر بالإنصات عند دخول عمر؛ لأنه لا يحب الباطل !!!
                        سبحان الله، الباطل الذي لا يحبه عمر تجد رسول الله ص يحبه ويستمع إليه في خفية عن عمر بن الخطاب !!! نعم هذا هو التعصب الذي يبلغ بأهله مبلغاً بحيث يفضلون شخصاً على أفضل الخلق على الإطلاق، وينسبون الرسول ص إلى التهاون في سماع الباطل الذي لا يسمح به عمر بن الخطاب !!!
                        أخرج مسلم والبخاري في صحيحيهما بسندهما عن عائشة، قالت: (دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما، فلما غفل غمزتهما فخرجتا وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: أتشتهين تنظرين ؟ قلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك، قلت: نعم، قال: فاذهبي) (2)

                        وهنا جاء الدور لأبي بكر ليأخذ نصيبه من المظلوم رسول الله محمد ص، حيث تصور لنا عائشة أن الرسول محمداً ص يقبل بالغناء ولا ينهى عنه ويضطجع على فراشة وصوت المغنيات يملئ أذنيه (وحاشاه) والداهية أن الغناء متمثل بيوم بعاث الذي شهد معركة كبرى انتصر فيها الأوس على الخزرج في الجاهلية، هذه الجاهلية التي جاء رسول الله ص ليقضي عليها من الوجود.
                        ثم يأتي أبو بكر الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر المحافظ على الشريعة، فيغضب لوجود مزمارة الشيطان عند رسول الله ص وينهى عن ذلك بقوة، فيلتفت إليه الرسول ص ويأمره بالسكوت والسماح باستمرار الغناء !!!
                        وهنا أم الدواهي إذ لم تقتصر عائشة على وصف الرسول ص بعدم النهي عن الغناء، بل ترقت إلى وصفه بأنه يأمر بالباطل (الغناء)؛ لأنه قال لأبي بكر (دعهما) أي دع المغنيتين يستمرا بالغناء !!! (وحاشا الرسول ص من كل ذلك).
                        ثم تنتقل عائشة فتقص علينا قصة أخرى تصور فيها دلالها وتفاني الرسول ص في طاعتها حتى في الأمور الغير لائقة بشخصه الكريم العظيم، حيث يجعلها خلفه لتطلع على لهو ولعب السودان، سبحان الله هل يعقل أن هذا هو النبي الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق ؟!! هل هذه هي أخلاق النبي الذي يقول بأنه أغير من نبي الله إبراهيم ع ؟!! هل هذا هو حاله بحيث يدور بامرأته لتنظر رقص الرجال، وأي رجال وأي محفل ؟!! بين أهل اللعب واللهو، حاشاك يا رسول الله من هكذا أعمال يترفع عنها من له أدنى مستوى من الغيرة، كيف .. كيف وأنت أغير الخلق أجمعين، فبربكم يا من تتبعون عائشة والبخاري ومسلم هل ترضون بذلك لأنفسكم فضلاً عن قبوله لنبيكم ؟!!! رحم الله امرءاً سمع فوعى ودعي إلى رشاد فدنا، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع.

                        أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة، قالت: (جاء حبش يزفنون (أي يرقصون) في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت انظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرف عن النظر إليهم) (3)

                        وهذه حاثة أخرى تقصها علينا عائشة من أرشيفها مع رسول الله ص، وهي أيضاً قصة لعب ورقص ولكن هذه المرة الرقص في بيت من بيوت الله جل جلاله !! هذه البيوت التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه تكون مسرحاً للرقص واللهو !! وبمرأى ومسمع رسول الله ص وعائشة تنظر من خلفه إلى هذا المنظر الممتع لها !! ولماذا هذا الغناء وهذا الرقص ؟! الجواب: لأنه بمناسبة العيد !! سبحان الله وهل أن هذه هي شعائر العيد عند المسلمين ؟!! هل هذه هي نظرة الإسلام والرسول محمد ص لأعياد الله تعالى ؟!!! ألم تردنا روايات عن الرسول محمد ص وعن عترته الأبرار تبين لنا أعمال وشعائر يوم العيد من صلاة ودعاء وتلاوة القرآن وصلة الرحم وإصلاح ذات البين ... الخ، فلم يروَ استحباب الرقص واللهو في يوم العيد، وحاشا دين الإسلام من اللهو واللغو.

                        وأخرج مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة، قال: (بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطاب فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر) (4)

                        الظاهر أن عائشة وأبا هريرة مصران على إظهار الرسول ص بمظهر العاشق للرقص واللهو (وحاشاه) والمدافع عن أهل الرقص واللهو بما أوتي من قوة !! ومن المنكِر والناهي عن هذه الأفعال المنكرة ؟ هم أبو بكر وعمر، حسب هذه الروايات !!!
                        في سنن الترمذي بسنده عن بريدة أنه قال: (خرج رسول الله ص في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها ص: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله ص: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف) (5)

                        فانظر الى ربط الكلام بين ترك الجارية للضرب بالدف وبين خوف الشيطان من عمر بن الخطاب، بمعنى أن غناء الجارية وضربها بالدف من الشيطان ولذلك تركته الجارية عند دخول عمر لأن الشيطان يخاف منه، وليت شعري هل الشيطان لا يخاف من رسول الله ص ؟! وهل الرسول ص يستمع الى عمل الشيطان ؟! أعوذ بالله من تسويل إبليس وجنده.
                        وفي صحيح البخاري بسنده عن عائشة: (أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله: يا عائشة، ما كان معكم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو) (6).

                        وأخرج أحمد في مسنده بسنده عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا عائشة، أتعرفين هذه ؟ قالت: لا يا نبي الله، فقال: هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك ؟ قالت: نعم، قال: فأعطاها طبقاً فغنتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد نفخ الشيطان في منخريها) (7)

                        هنا النبي ص هو من يَعرِض على عائشة استماع الغناء ويعطي للقينة (المغنية) طبقاً لكي تدف به ! هذه المغنية التي ينفخ الشيطان في منخريها؛ يستمع الى غنائها خاتم الأنبياء ص ! ما هذه الشناعة التي يجل عنها مقام حبيب الله ص ؟!
                        وأخرج البخاري في صحيحة بسنده عن عائشة: (أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه وقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى) (8)

                        وأخرج الترمذي في سننه بسنده عن عائشة أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن (يعني ترقص) والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالى فانظري فجئت، فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي: أما شبعت أما شبعت ؟ قالت فجعلت أقول لا. لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر قالت فارفض الناس عنها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر، قالت فرجعت) (9)

                        نعم .. كأن النبي ص لا همَّ له إلا ترقب المغنين وأهل الرقص والمجون – وحاشاه – لماذا ؟ لكي يضمن لعائشة بنت أبي بكر أوقات لهو وطرب !
                        هل يظن أولئك الذين يروون هذه الروايات ويصححونها أنهم يحسنون الى عائشة ويثبتون لها الفضائل ؟! لا ريب أنهم بذلك ينتقصون منها ومن رسول الله ص.
                        ثم تعالى معي إلى ذيل الرواية السابقة: (إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر)، من أولئك شياطين الإنس والجن الذين فروا من عمر بن الخطاب ؟
                        هؤلاء هم شياطين الإنس الذين كانوا يرقصون والنبي ص يتفرج عليهم مع عائشة بنت أبي بكر، ومن ورائهم شياطين الجن الذين حضروا هذا الحفل المقيت ! ولا أدري ما بالهم فروا من عمر ولم يفروا من رسول الله ص ؟!
                        وأخرج ابن راهويه في مسنده بسنده عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً كاشفاً عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على ذلك الحال، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على ذلك الحال، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه من ثيابه فلما قاموا، قلت: يا رسول الله ! . استأذن عليك أبو بكر وأنت على ذلك الحال فأذنت له ثم استأذن عليك عمر وأنت على ذلك الحال فأذنت له ثم استأذن عليك عثمان وأنت على ذلك الحال فأرخيت عليك من ثيابك، فقال: "يا عائشة: ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه) (10)

                        جاء الدور الآن لعثمان بن عفان ليأخذ له فضيلة على حساب رسول الله ص الذي يقول: (أدبني رب فأحسن تأديبي) (11)، (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (12)، والذي قال عنه الله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(13)، وإذا به يكشف عن فخذيه ولا يستحي من أبي بكر وعمر، ويحل عليه الحياء فقط عند دخول عثمان بن عفان!
                        لماذا ؟! لأن عثمان بن عفان تستحي منه الملائكة! يعني أن الذين لا تستحي منهم الملائكة لا يستحي منهم رسول الله ص !
                        أي مهزلة هذه .. وأي تفريط شنيع في حق رسول الله ص .. من أجل القاء ثوب القدسية على رجال معينين ! ويا ليتهم فعلوا ذلك من دون الانتقاص من رسول الله ص، ولكن كأن القدر حتَّم عليهم أن يرفعوا أرصدة أئمتهم على حساب رصيد رسول الله ص!
                        والداهية العظمى أنهم رووا عدة أحاديث صحيحة تنص على حرمة كشف الفخذ للناظرين وأنه من العورة، منها:
                        أخرج البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت) (14)

                        وأخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك بسنده عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد رضي الله عنه: (إن النبي صلى الله عليه وآله أبصره وقد انكشف فخذه في المسجد وعليه بردة فقال إن الفخذ من العورة) (15)

                        والأحاديث كثيرة جداً في النص على أن الفخذ عورة، حتى قال أحمد بن محمد بن سلمة بتواتر معناه في شرح معاني الآثار ج1 ص474: (وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة صحاح فيها أن الفخذ من العورة).
                        وقال ابن راهويه (16) في مسنده: أخبرنا عبد الرزاق (17)، نا معمر (18) عن الزهري (19)، عن يحيى بن سعيد بن العاص (20)، عن عائشة قالت: استأذن أبو بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه في مرط واحد (21) فأذن فقضى إليه حاجته وهو معها في المرط ثم خرج، ثم استأذن عليه عمر فأذن له فقضى حاجته على تلك الحال ثم خرج، ثم استأذن عليه عثمان فأصلح عليه ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ثم خرج، قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عمر فقضى إليك حاجته على حالك تلك، ثم استأذن عليك عثمان فكأنك احتفظت، فقال: إن عثمان رجل حيي وإني لو أذنت له على تلك الحال خشيت أن لا يقضي منه حاجته) (22)

                        بربكم أيها القراء هل ينبغي لأحد يمتلك شيئاً من الأخلاق الإلهية والغيرة؛ أن يدخل عليه الرجال وهو مع زوجته في ثوب واحد أو حتى في لحاف واحد ؟! بل ليس يدخل عليه الرجال على هذه الحال فحسب، بل يكلمهم ويقضي حوائجهم وهو مع زوجته في مِرط واحد!
                        فكيف ينسب ذلك الى سيد البشر ومعدن الأخلاق الإلهية والذي هو أغير من نبي الله إبراهيم ع ؟!
                        ولا أدري لماذا تحرص عائشة بنت أبي بكر على التأكيد على رواية الأخبار والقصص التي يتبين منها أنها أقرب نساء النبي وأحبهن إليه، وإن استلزم ذلك الإساءة الى شخص النبي الكريم ص، في حين أننا لا نجد ذلك عند بقية نساء النبي ص ؟!

                        أعتقد أن وراء الأمر ما وراءه، من الأهداف التي ينبغي للمسلم المؤمن أن يترفع عنها، بل ينبغي لكل المسلمين أن يرفضوها رفضاً قاطعاً. وإن كبر عليهم اتهام عائشة بنت أبي بكر، فليتهموا الرواة مهما كانوا عندهم ثقات، فإن صيانة الحضرة المحمدية عن النقائص أولى وأهم من أي شيء آخر.
                        نعم، أيها الأحبة هذه هي الحقيقة المرة التي ربما خفيت عليكم، ولكن ارجعوا إلى المصادر أعلاه وتأكدوا بأنفسكم من أوثق المصادر والصحاح عندكم.
                        ولا تتصوروا أني كتبت ما كتبت بهدف الاستهزاء أو التشفي (أعاذنا الله تعالى من ذلك)، وإنما كان هدفي الإصلاح وبيان الحقيقة بغض النظر عن أي شيء آخر، عسى أن أكون سبباً في هداية شخص أو أشخاص وهذا هو الفوز الحقيقي على دولة إبليس لعنه الله وأخزاه، والله على ما أقول شهيد.
                        والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على الرسول محمد وعلى آله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                        تم الفراغ من هذه الأسطر المتواضعة بتوفيق الله تعالى، بتاريخ 6/12/ 2007 م الثلاثاء.

                        ****
                        هامش
                        (1) مسند أحمد - لأحمد بن حنبل: ج3 ص435، كنز العمال: ج3 ص847، مجمع الزوائد – للهيثمي: ج8 ص118، وقال عنه: "رواه أحمد والطبراني بنحوه بأسانيد ورجال أحدها عند أحمد رجال الصحيح"، كشف الخفاء - للعجلوني: ج2 ص137، جزء أحاديث الشعر - للمقدسي: ص76.
                        (2) صحيح البخاري: ج2 ص2 – 3، ج3 ص228، صحيح مسلم: ج3 ص22 – 23.
                        (3) صحيح مسلم: ج3 ص22 – 23، المحلى – لابن حزم: ج9 ص62، وغيرهما من المصادر بألفاظ متقاربة.
                        (4) صحيح مسلم: ج3 ص23، صحيح البخاري: ج3 ص227، مسند أحمد: ج2 ص308، كشف القناع - للبهوتي: ج4 ص58، السنن الكبرى - للبيهقي: ج10 ص17، نيل الأوطار - للشوكاني: ج8 ص255، المصنف - للصنعاني: ج10 ص466.
                        (5) سنن الترمذي: ج5 ص283 – 284، نيل الأوطار - للشوكاني: ج8 ص271، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي المجلد الثالث ص511 – 512 برقم 3690.
                        (6) صحيح البخاري: ج6 ص140.
                        (7) مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص449، كنز العمال: ج15 ص214، المعجم الكبير - للطبراني: ج7 ص158، مجمع الزوائد - للهيثمي: ج8 ص130، وقال عنه: "رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 3281، حيث قال: "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ...". وصححه حمزة أحمد الزين في تحقيقه لمسند أحمد بن أحمد: ج12 ص286 برقم 15660، حيث قال: "إسناده صحيح، وكذا قال الهيثمي 8/130". وصححه أيضاً شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: ج24 ص497 برقم 15720، إذ قال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين ...".
                        (8) صحيح البخاري: ج2 ص11.
                        (9) سنن الترمذي: ج5 ص284 – 285 برقم 3774، وقال عنه: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، السنن الكبرى - للنسائي: ج5 ص309. وقد صححه الألباني في كتابه صحيح سنن الترمذي: المجلد الثالث ص512 – 513 برقم 3691، حيث قال: "صحيح، المشكاة6039".
                        (10) مسند ابن راهويه: ج2 ص449 – 450، مسند أحمد: ج6 ص62، عون المعبود للعظيم الآبادي: ج11 ص37 – 38. وأخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة: المجلد السادس ص488 – 489 برقم 2719، وقال عنه: "وهذا إسناد جيد". وحسَّنه حمزة أحمد الزين في تحقيقه لمسند أحمد: ج17 ص299 – 300 برقم 24211، حيث قال: "إسناده حسن". وصحح هذا الحديث شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: ج40 ص387 – 388 برقم 24330، حيث قال: "حديث صحيح" وبعد ذلك ضعف سنده لجهالة أحد رواته، ولكن لا يهمنا السند ما دام قد صحح متن الحديث.
                        (11) الجامع الصغير للسيوطي: ج1 ص51 برقم 310.
                        (12) مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص15، وقال عنه: "ورجاله كذلك (يعني رجال الصحيح) غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة". السنن الكبرى للبيهقي: ج10 ص192. وأخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة: ج1 ص112 برقم 45.
                        (13) القلم: 4.
                        (14) السنن الكبرى للبيهقي: ج2 ص228. وأخرج في مسند أحمد بن حنبل بلفظ (لا تبرز فخذك) ج1 ص146، وقد صصح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد ج2 ص117 برقم 1248، إذ قال: "إسناده صحيح". وقال عنه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد ج2 ص405 برقم 1249: "صحيح لغيره".
                        (15) المستدرك للحاكم النيسابوري ج4 ص180، وقال عنه: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وصححه الذهبي أيضاً في تلخيص المستدرك.
                        وقد روى الترمذي في سننه ج4 ص198 نفس الحادثة بمتن مختلف وفيه: (غط فخذك فإنها من العورة)، وقال عنه: (هذا حديث حسن). وقد صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي المجلد الثالث ص116 برقم 2698، وقد صحح معه أيضاً ثلاثة أحاديث في نفس الباب كلها تنص على أن الفخذ عورة أو من العورة.
                        (16) روى عنه البخاري في صحيحه، وهو ثقة حجة باتفاق المحققين، وثقه الذهبي في ميزان الاعتدال: ج1 ص182 – 183 برقم 733، قائلاً: "إسحاق بن إبراهيم ... بن مخلد الحافظ. أبو يعقوب الحنظلي ابن راهويه. أحد الأئمة الأعلام. ثقة حجة...". توفي سنة 238 هـ.
                        (17) عبد الرزاق الصنعاني، من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                        (18) من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                        (19) من رجال الصحيحين، رويا عنه كثيراً.
                        (20) ذكره ابن حبان في الثقات: ج5 ص522 – 523، وذكر أنه يروي عن عائشة ومعاوية وروى عنه الزهري وأشرس بن عبيد. وذكر ذلك أيضا ابن عساكر في تاؤيخ مدينة دمشق: ج64 ص232 برقم 8142. وذكر ذلك أيضاً المزي في تهذيب الكمال ج31 ص325 وما بعدها برقم 6833، وذكر أيضاً توثيق النسائي وابن حبان له. ووثقه الذهبي في كتاب الكاشف في من له رواية في الكتب الستة ج2 ص366 برقم 6174، وذكر أيضاً انه يروي عن عائشة، ويروي عنه الزهري. ووثقه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: ج2 ص303 برقم 7583. وقد روى عنه مسلم في صحيحه: ج7 ص117.
                        (21) قال الزبيدي في تاج العروس: ج10 ص409 مادة (مرط): "المرط ، بالكسر، كساء من صوف، أو خز، أو كتان يؤتزر به، وقيل: هو الثوب، وقيل: كل ثوب غير مخيط ...".
                        (22) مسند ابن راهويه : ج2 ص565 – 566، وج3 ص1021، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: ج11 ص232 – 233 برقم 20409، صحيح ابن حبان: ج15 ص334، باختلاف يسير.

                        Comment

                        Working...
                        X
                        😀
                        🥰
                        🤢
                        😎
                        😡
                        👍
                        👎