بدعة رضاع الكبير عند بعض أبناء العامة
للشيخ ناظم العقيلي
المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، الحمد لله على كل نعمة وبلاء، الحمد لله على كل شدة ورخاء.
اللهم صلِّ على المحمود الأحمد، حبيب إله رب العالمين، المصطفى من الخلق أجمعين، الرسول الصادق الأمين، النبي الكريم محمد المختار.
اللهم وصلِّ على عترته الأطهار الأوصياء الأبرار الأئمة والمهديين. اللهم صلِّ عليهم كلما طلعت شمس وغربت، وكلما هبت ريح وسكنت. اللهم صلِّ عليهم بعدد ورق الشجر، وقطر المطر، وأوزان مياه البحر، وذراة رمال البر. اللهم صلِّ عليهم صلاة دائمة نامية زاكية يصعد أولها ولا ينفد آخرها.
صدرت في الآونة الأخيرة فتوى من د. عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: (أنه يجوز للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما).
وأكد عطية لـ "العربية نت" أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات، وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج، وأن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسمياً ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلاناً.
وأضاف أن السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبد الله بن عمر يرضع من أخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها فرضع ثلاث مرات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل أن يحدث ذلك) (1) .
وسيتضح للقارئ أن هذه الفتوى مخالفة للقرآن الكريم والسنة المطهرة، وهي إساءة للدين الإسلامي الحنيف وإساءة للنبي محمد ، وهي مخالفة حتى للطبع الإنساني السليم، فكيف يستساغ أن ترضع امرأة رجلاً أجنبياً، كيف يمكن لمن له ذرة من الغيرة أن يقبل بذلك لعِرضه؟!!
فالدين الإسلامي الحنيف هو دين الأخلاق والعفة والغيرة، فكيف يمكن أن ننسب هكذا فتوى له.
أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني) (2) .
وأخرج أيضاً بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ. ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة) (3) .
وأخرج الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن أبي عبد الله ع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كان إبراهيم ع غيورا وأنا أغير منه وجدع الله أنف من لا يغار من المؤمنين و المسلمين) (4) .
وأخرج الشيخ الصدوق عن رسول الله ص، أنه قال: (كان أبي إبراهيم عليه السلام غيورا وأنا أغير منه، وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين)(5) .
وعن ابن عباس، قال: (وكان موسى رجلاً غيوراً، لا يصحب الرفقة لئلا تُرى امرأته) (6) .
نعم، هذه هي غيرة الأنبياء ع، فكيف يمكن لمنبع الغيرة والعفة أن يُشرّع جواز رضاع الرجل الكبير من ثدي امرأة أجنبية ؟!!! وهو القائل: (إنما بعثت لأتمم الأخلاق) (7) .
ولأجل الدفاع عن أشرف الخلق الرسول محمد ص وعن شريعته الغراء وامتثالاً لتوجيه وصي ورسول الإمام المهدي ع السيد أحمد الحسن، شرعت بكتابة رد على هذه الفتوى معتمداً على القرآن والسنة وملزماً للقوم بما ألزموا به أنفسهم.
وسأبدأ بالاستدلال على بطلان هذه الفتوى بالقرآن الكريم ثم بالروايات الواردة في مصادر أبناء العامة ثم بما ورد عن عترة المصطفى عليه وعليهم آلاف التحية والسلام، وسأذكر أيضاً آراء بعض علماء أبناء العامة، وسيتبين للقارئ المنصف وهن ما ذهب إليه عزت عطية وأمثاله.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
________
الهامش
(1) نشر هذا في "العربية نت" يوم 17/ 5/ 2007.
(2) صحيح البخاري: ج8 ص31.
(3) صحيح البخاري: ج8 ص174.
(4) الكافي: ج5 ص536.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص444 ح4540.
(6) تفسير مجمع البيان - للشيخ الطبرسي: ج7 ص12.
(7) مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص15 ، وقال عنه: (ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة).
تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة
للشيخ ناظم العقيلي
المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، الحمد لله على كل نعمة وبلاء، الحمد لله على كل شدة ورخاء.
اللهم صلِّ على المحمود الأحمد، حبيب إله رب العالمين، المصطفى من الخلق أجمعين، الرسول الصادق الأمين، النبي الكريم محمد المختار.
اللهم وصلِّ على عترته الأطهار الأوصياء الأبرار الأئمة والمهديين. اللهم صلِّ عليهم كلما طلعت شمس وغربت، وكلما هبت ريح وسكنت. اللهم صلِّ عليهم بعدد ورق الشجر، وقطر المطر، وأوزان مياه البحر، وذراة رمال البر. اللهم صلِّ عليهم صلاة دائمة نامية زاكية يصعد أولها ولا ينفد آخرها.
صدرت في الآونة الأخيرة فتوى من د. عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: (أنه يجوز للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما).
وأكد عطية لـ "العربية نت" أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات، وهو يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج، وأن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسمياً ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلاناً.
وأضاف أن السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبد الله بن عمر يرضع من أخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها فرضع ثلاث مرات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل أن يحدث ذلك) (1) .
وسيتضح للقارئ أن هذه الفتوى مخالفة للقرآن الكريم والسنة المطهرة، وهي إساءة للدين الإسلامي الحنيف وإساءة للنبي محمد ، وهي مخالفة حتى للطبع الإنساني السليم، فكيف يستساغ أن ترضع امرأة رجلاً أجنبياً، كيف يمكن لمن له ذرة من الغيرة أن يقبل بذلك لعِرضه؟!!
فالدين الإسلامي الحنيف هو دين الأخلاق والعفة والغيرة، فكيف يمكن أن ننسب هكذا فتوى له.
أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني) (2) .
وأخرج أيضاً بسنده عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ. ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة) (3) .
وأخرج الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن أبي عبد الله ع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كان إبراهيم ع غيورا وأنا أغير منه وجدع الله أنف من لا يغار من المؤمنين و المسلمين) (4) .
وأخرج الشيخ الصدوق عن رسول الله ص، أنه قال: (كان أبي إبراهيم عليه السلام غيورا وأنا أغير منه، وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين)(5) .
وعن ابن عباس، قال: (وكان موسى رجلاً غيوراً، لا يصحب الرفقة لئلا تُرى امرأته) (6) .
نعم، هذه هي غيرة الأنبياء ع، فكيف يمكن لمنبع الغيرة والعفة أن يُشرّع جواز رضاع الرجل الكبير من ثدي امرأة أجنبية ؟!!! وهو القائل: (إنما بعثت لأتمم الأخلاق) (7) .
ولأجل الدفاع عن أشرف الخلق الرسول محمد ص وعن شريعته الغراء وامتثالاً لتوجيه وصي ورسول الإمام المهدي ع السيد أحمد الحسن، شرعت بكتابة رد على هذه الفتوى معتمداً على القرآن والسنة وملزماً للقوم بما ألزموا به أنفسهم.
وسأبدأ بالاستدلال على بطلان هذه الفتوى بالقرآن الكريم ثم بالروايات الواردة في مصادر أبناء العامة ثم بما ورد عن عترة المصطفى عليه وعليهم آلاف التحية والسلام، وسأذكر أيضاً آراء بعض علماء أبناء العامة، وسيتبين للقارئ المنصف وهن ما ذهب إليه عزت عطية وأمثاله.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
________
الهامش
(1) نشر هذا في "العربية نت" يوم 17/ 5/ 2007.
(2) صحيح البخاري: ج8 ص31.
(3) صحيح البخاري: ج8 ص174.
(4) الكافي: ج5 ص536.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص444 ح4540.
(6) تفسير مجمع البيان - للشيخ الطبرسي: ج7 ص12.
(7) مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص15 ، وقال عنه: (ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله الكلوداني وهو ثقة).
تحميل كتاب بدعة ارضاع الكبير عند بعض ابناء العامة
Comment