بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
المباهلة والتصدق بالخاتم؛ من دلالات الإمامة..
اليوم هو يوم ٢٤ من شهر ذي الحجة ويصادف يوم خروج الرسول (ص) لمباهلة نصارى نجران، وأيضاً يصادف تصدّق الإمام علي (ع) بالخاتم وهو راكع..
قال الإمام أحمد الحسن (ع):
[ الدلالات على إمامـة أول الأئمـة وهو علي (ع) أكثر من أن تحصى؛ ومنها قول النبي (ص) فيه: (أقضاكم علي (ع)) [1]، و(سلموا عليه بإمرة المؤمنين) [2]، و(أنت الخليفة من بعدي) [3]، و(أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي) [4]، و(أنت مني بمنزلة هارون من موسى) [5]، وهارون كان خليفة موسى في حياته.
ونفسه كنفس النبي في القرآن في آية المباهلة، قال تعالى:
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾.
وأجمع المفسّرون أنّ النبي أخرج علياً وفاطمة والحسنين. وفاطمة (ع) هي النساء؛ لأنها سيدة نساء الأولين والآخرين، قال تعالى في إبراهيم إنّه أمة مع أنه شخص واحد [6]. والحسنان هم الأبناء، وهذا لا اختلاف فيه. وعلي هو نفس النبي (ص) [7].
أمّا الادعاء بأنّ النفس في الآية قصد بها نفس النبي (ص) فهذا إتباع هوى وجعل كلام الله سبحانه لغواً حاشا الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً عن اللغو؛ إذ لا معنى لأن يدعو الإنسان نفسه وهي حاضرة عنده.
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
وأجمع أكثر المفسرين على نزولها في علي (ع) عندما تصدّق بخاتمه وهو راكع [8]. والجمع لإدخال ولده الأحد عشر من بعده فأصبح (ع) وولده الأحد عشر (ع) - وهم ولد النبي من فاطمة (ع) - من بعده أولى بالتصرف بالمؤمنين بعد رسول الله (ص)؛ حيث ولايتهم مشتقة من ولاية رسول الله (ص)، وولايته مشتقة من الولاية الإلهية.
ولما قرنت في هذه الآية بولاية الله فلا معنى لصرفها لغير ولاية الملك والتصرف وتدبير الأمور الدينية والدنيوية، وقال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.
وأولي الأمر هنا هم الأئمة المعصومون (ع) الاثنا عشر بعد النبي (ص)، ولو كان غيرهم لكان الأمر بالطاعة لمن يعصي أو من يخطئ طاعة مطلقة؛ لأنّها قُرنت بطاعة الله سبحانه، وهذا غير صحيح؛ لأنّ معناه إنّ الله يأمرنا بإطاعة أعدائه، وعلى أقل تقدير فإنّ معناه الأمر بمعصية الله والعياذ بالله.
فتبين أنّ المأمور بإطاعته بعد النبي (ص) هم علي وولده المعصومون (ع). وعصمتهم من الذنوب قد نص عليها القرآن، قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.
ونص النبي (ص) على إنّهم علي وفاطمة والحسنان (ع)، كما ورد في تفسير كثير من المفسرين [9].
وقال النبي (ص) في حجة الوداع في غدير خم وقت الظهر: (أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار) [10].
وفي هذا الحديث أثبت النبي (ص) ولايته لعلي ابن أبي طالب (ع)، والنبي (ص) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهذا الحديث متواتر عن النبي (ص) ومصادره بالعشرات من كتب المسلمين أوردوا أن الرسول (ص) طلب من المسلمين مبايعة علي بن أبي طالب (ع) بعد خطبته في حجة الوداع في غدير خم، وقد بايعه أبو بكر وعمر وسلما عليه بإمرة المؤمنين [11]، وسنسأل ويسألون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.
أمّا الأئمة من ولد علي (ع) فقد نص عليهم النبي (ص)كما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رض)، قال لما قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.
قلت: يا رسول الله (ص) عرفنا الله فاطعناه وعرفناك فأطعناك فمن أولي الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم … قال: (هم خلفائي يا جابر وأولياء الأمر بعدي أولهم آخي علي (ع) ثم من بعده الحسن (ع) ولده ثم الحسين (ع) ثم علي بن الحسين عليهما السلام ثم محمد بن علي عليهما السلام وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرئه مني السلام ثم جعفر بن محمد عليهما السلام ثم موسى بن جعفر عليهما السلام ثم علي بن موسى الرضا عليهما السلام ثم محمد ابن علي عليهما السلام ثم علي بن محمد عليهما السلام ثم الحسن بن علي عليهما السلام ثم محمد بن الحسن عليهما السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) [12].
كما قال (ص) للحسين (ع): (هذا ولدي الحسين إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم أفضلهم) [13].
وسورة القدر دالة على إمامتهم (ع) ونزول الأمر مع الملائكة والروح عليهم في ليلة القدر بعد مضي رسول الله (ص)، وإلاّ لقيل بمضيها معه، وهو باطل لورود النقل ببقائها بعده (ص)، وإنها في العشر الأواخر من رمضان [14].
هذا والدلائل على إمامة علي وولده (ع) الاثني عشر المعصومين بعد النبي (ص) كثيرة، وما ذكرته اليسير وأعتذر إلى الله ورسوله والأئمة (ع) والمؤمنين من التقصير. فلم يبق عذر لمن انحرف عنهم واتبع من اغتصب حقهم وهو يعلم أنّ الأمر لهم وليس له من الأمر شيء....]
المصدر: كتاب التيه أو الطريق إلى الله
--------------------------------
هامش:
[1]- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص18، أحكام القرآن لابن عربي: ج4 ص43، تفسير القرطبي: ج15 ص162، المستصفى للغزالي: ص170، تاريخ دمشق: ج51 ص300.
[2]- الاقتصاد للطوسي: ص203، النكت الاعتقادية للمفيد: ص41، اليقين لأبن طاووس: ص312، بحار الأنوار: ج37 ص111.
[3]- الرسائل العشر للطوسي: ص97. وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: عن أنس قال: انقض كوكب على عهد رسول الله، فقال النبي (ص): (انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي. فنظرنا فإذا هو انقض في منزل علي بن أبي طالب، فقال جماعة من الناس: قد غوى محمد في حب علي، فأنزل الله: والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى) شواهد التنزيل : ج2 ص276.
[4]- ينابيع المودة: ج1 ص112، الرسائل العشر للطوسي: ص97، وقد روي باختلاف يسير في كثير من المصادر فراجع.
[5]- مسند أحمد: ج1 ص179، و: ج6 ص396، صحيح مسلم: ج7 ص120، ورواه البخاري باختلاف يسير: ج4 ص208.
[6]- يشير (ع) إلى قوله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل: 120.
[7]- أكتفي بما نقله الفخر الرازي، قال: (روي أنه (ع) لما أورد الدلائل على نصارى نجران، ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال (ع): إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم، فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فلما رجعوا قالوا للعاقب: وكان ذا رأيهم، يا عبد المسيح ما ترى، فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لكان الاستئصال فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم وكان رسول الله (ص) خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي رضي الله عنه خلفها، وهو يقول، إذا دعوت فأمنوا، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، ثم قالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك فقال صلوات الله عليه: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين، فأبوا، فقال: فإني أناجزكم القتال، فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر، وألفاً في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد، فصالحهم على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا ،..) تفسير الرازي: ج8 ص85.
[8]- قد صرح كبار علماء العامة بأنها نزلت في علي (ع)، وأكتفي بما ذكره الحاكم الحسكاني والفخر الرازي، فرويا عن أبي ذر الغفاري أنه قال: أما إني صليت مع رسول الله (ص) يوماً من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً. وكان علي راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى - وكان يتختم فيها - فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي فلما فرغ النبي (ص) من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: (سنشد عضدك بأخيك) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليا أخي أشدد به أزري قال أبو ذر: فو الله ما استتم رسول الله (ص) الكلام حتى هبط عليه جبرئيل من عند الله وقال: يا محمد هنيئاً [لك] ما وهب الله لك في أخيك. قال: وما ذاك جبرئيل؟ قال: أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة وأنزل قرآناً عليك : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) شواهد التنزيل: ج1 ص230، الفخر الرازي في تفسيره: ج12 ص26.
[9]- روى أحمد في مسنده: عن شداد أبى عمار قال دخلت على وائلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا فلما قاموا قال لي ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله (ص) قلت بلى قال أتيت فاطمة رضى الله تعالى عنها أسألها عن علي قالت: توجه إلى رسول الله (ص) فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله (ص) ومعه على وحسن وحسين رضى الله تعالى عنهم آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساء، ثم تلا هذه الآية: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي) مسند أحمد : ج4 ص107.
وروى مسلم في صحيحه، فقال: (قالت عائشة خرج النبي (ص) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فادخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء على فادخله، ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) صحيح مسلم: ج7 ص130.
وروى الترمذي: عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي (ص)، قال: (لما نزلت هذه الآية على النبي (ص): إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويظهركم تطهيراً في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلى خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله، قال: أنت على مكانك وأنت على خير) سنن الترمذي : ج5 ص30.
وقال الفخر الرازي: (وروي أنه (ع) لما خرج في المرط الأسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله ثم فاطمة، ثم علي رضي الله عنهما ثم قال: ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً﴾ الأحزاب: 33. واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث) تفسير الرازي: ج8 ص85.
وينقل الثعلبي في تفسيره: (ج8 ص38) عن ابن حجر، قال: (وقال ابن حجر: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ... أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين) الصواعق المحرقة: 143 ط. مصر، وط. بيروت: 220 الباب الحادي عشر ، في الآيات الواردة فيهم، الآية الأولى )، وراجع غير ما تقدم من المصادر.
[10]- قال عبد الرحمن أحمد البكري في كتابه من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: (ذكر محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي المتوفى عام 440 هجرية في حوادث شهر ذي الحجة الحرام قال : واليوم الثامن عشر يسمى غدير خم وهو اسم مرحلة نزل بها النبي (ع) عند منصرفه من حجة الوداع، وجمع القتب والرحال وعلاها آخذاً بعضد علي بن أبي طالب (ع) وقال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار. ويروى أنه رفع رأسه نحو السماء، وقال: اللهم هل بلغت ثلاثاً) من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: ص321.
[11]- تاريخ دمشق: ج42ص220، البداية والنهاية: ج7 ص386، وغير ذلك من المصادر التي تعرضت لذكر واقعة غدير خم.
[12]- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: ص115، وروي هذا المعنى باختلاف يسير في: كمال الدين: ص285، كفاية الأثر:5 4، الاحتجاج: ج1 ص87، وغيرها.
[13]- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: ص115، وروي هذا المعنى باختلاف يسير في: الرسائل العشر للطوسي: ص89، النكت الاعتقادية: ص43، بحار الأنوار: ج36 ص372، وغيرها.
[14]- روى الكليني عن أبي جعفر (ع) قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا، فو الله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (ص)وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا بـ (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (ص)، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمد (ص) قال: صدقت، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض، فقال السائل: لا، قال أبو جعفر (ع) أرأيت بعيثه أليس نذيره، كما أن رسول الله (ص)لا في بعثته من الله (عز وجل) نذير، فقال: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمد إلاّ وله بعيث نذير، قال: فإن قلت لا، فقد ضيع رسول الله (ص) من في أصلاب الرجال من أمته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي، إن وجدوا له مفسراً قال: وما فسره رسول الله (ص)؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب (ع). قال السائل: يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟ قال: أبى الله أن يعبد إلاّ سراً حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستتراً حتى أمر بالإعلان، قال السائل: ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم علي بن أبي طالب (ع) يوم أسلم مع رسول الله (ص) حتى ظهر أمره؟ قال: بلى، قال: فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله) الكافي: ج1 ص249.
وروى أيضاً: قال رجل لأبي جعفر (ع): يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال: لماذا؟ قال: لما أريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب قال: أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (ص) قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (ص) يعلمه؟ وقد علمت أن رسول الله (ص) مات وليس من علمه شيء إلاّ وعلي (ع) له واع، قال أبو جعفر (ع): مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: فافهم ما أقول لك. إن رسول الله (ص) لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب (ع) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله (ص)، قال السائل: أوما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء: إفعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه ؟ قلت: فسر لي هذا قال لم يمت رسول الله (ص) إلاّ حافظاً لجملة وتفسيره، قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: هذا مما أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ الله (عز وجل). قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه، قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبي إلاّ وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل، و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر (ع) : من أنكره فليس منا. قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي (ص) هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟ قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلاّ والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله (عز وجل) أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلاّ أنفسهم، قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه) الكافي: ج1 ص251. وراجع بقية الروايات في الكافي في باب شأن ليلة القدر: ج1 ص242.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
المباهلة والتصدق بالخاتم؛ من دلالات الإمامة..
اليوم هو يوم ٢٤ من شهر ذي الحجة ويصادف يوم خروج الرسول (ص) لمباهلة نصارى نجران، وأيضاً يصادف تصدّق الإمام علي (ع) بالخاتم وهو راكع..
قال الإمام أحمد الحسن (ع):
[ الدلالات على إمامـة أول الأئمـة وهو علي (ع) أكثر من أن تحصى؛ ومنها قول النبي (ص) فيه: (أقضاكم علي (ع)) [1]، و(سلموا عليه بإمرة المؤمنين) [2]، و(أنت الخليفة من بعدي) [3]، و(أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي) [4]، و(أنت مني بمنزلة هارون من موسى) [5]، وهارون كان خليفة موسى في حياته.
ونفسه كنفس النبي في القرآن في آية المباهلة، قال تعالى:
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾.
وأجمع المفسّرون أنّ النبي أخرج علياً وفاطمة والحسنين. وفاطمة (ع) هي النساء؛ لأنها سيدة نساء الأولين والآخرين، قال تعالى في إبراهيم إنّه أمة مع أنه شخص واحد [6]. والحسنان هم الأبناء، وهذا لا اختلاف فيه. وعلي هو نفس النبي (ص) [7].
أمّا الادعاء بأنّ النفس في الآية قصد بها نفس النبي (ص) فهذا إتباع هوى وجعل كلام الله سبحانه لغواً حاشا الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً عن اللغو؛ إذ لا معنى لأن يدعو الإنسان نفسه وهي حاضرة عنده.
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
وأجمع أكثر المفسرين على نزولها في علي (ع) عندما تصدّق بخاتمه وهو راكع [8]. والجمع لإدخال ولده الأحد عشر من بعده فأصبح (ع) وولده الأحد عشر (ع) - وهم ولد النبي من فاطمة (ع) - من بعده أولى بالتصرف بالمؤمنين بعد رسول الله (ص)؛ حيث ولايتهم مشتقة من ولاية رسول الله (ص)، وولايته مشتقة من الولاية الإلهية.
ولما قرنت في هذه الآية بولاية الله فلا معنى لصرفها لغير ولاية الملك والتصرف وتدبير الأمور الدينية والدنيوية، وقال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.
وأولي الأمر هنا هم الأئمة المعصومون (ع) الاثنا عشر بعد النبي (ص)، ولو كان غيرهم لكان الأمر بالطاعة لمن يعصي أو من يخطئ طاعة مطلقة؛ لأنّها قُرنت بطاعة الله سبحانه، وهذا غير صحيح؛ لأنّ معناه إنّ الله يأمرنا بإطاعة أعدائه، وعلى أقل تقدير فإنّ معناه الأمر بمعصية الله والعياذ بالله.
فتبين أنّ المأمور بإطاعته بعد النبي (ص) هم علي وولده المعصومون (ع). وعصمتهم من الذنوب قد نص عليها القرآن، قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.
ونص النبي (ص) على إنّهم علي وفاطمة والحسنان (ع)، كما ورد في تفسير كثير من المفسرين [9].
وقال النبي (ص) في حجة الوداع في غدير خم وقت الظهر: (أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار) [10].
وفي هذا الحديث أثبت النبي (ص) ولايته لعلي ابن أبي طالب (ع)، والنبي (ص) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهذا الحديث متواتر عن النبي (ص) ومصادره بالعشرات من كتب المسلمين أوردوا أن الرسول (ص) طلب من المسلمين مبايعة علي بن أبي طالب (ع) بعد خطبته في حجة الوداع في غدير خم، وقد بايعه أبو بكر وعمر وسلما عليه بإمرة المؤمنين [11]، وسنسأل ويسألون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.
أمّا الأئمة من ولد علي (ع) فقد نص عليهم النبي (ص)كما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رض)، قال لما قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.
قلت: يا رسول الله (ص) عرفنا الله فاطعناه وعرفناك فأطعناك فمن أولي الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم … قال: (هم خلفائي يا جابر وأولياء الأمر بعدي أولهم آخي علي (ع) ثم من بعده الحسن (ع) ولده ثم الحسين (ع) ثم علي بن الحسين عليهما السلام ثم محمد بن علي عليهما السلام وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرئه مني السلام ثم جعفر بن محمد عليهما السلام ثم موسى بن جعفر عليهما السلام ثم علي بن موسى الرضا عليهما السلام ثم محمد ابن علي عليهما السلام ثم علي بن محمد عليهما السلام ثم الحسن بن علي عليهما السلام ثم محمد بن الحسن عليهما السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) [12].
كما قال (ص) للحسين (ع): (هذا ولدي الحسين إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم أفضلهم) [13].
وسورة القدر دالة على إمامتهم (ع) ونزول الأمر مع الملائكة والروح عليهم في ليلة القدر بعد مضي رسول الله (ص)، وإلاّ لقيل بمضيها معه، وهو باطل لورود النقل ببقائها بعده (ص)، وإنها في العشر الأواخر من رمضان [14].
هذا والدلائل على إمامة علي وولده (ع) الاثني عشر المعصومين بعد النبي (ص) كثيرة، وما ذكرته اليسير وأعتذر إلى الله ورسوله والأئمة (ع) والمؤمنين من التقصير. فلم يبق عذر لمن انحرف عنهم واتبع من اغتصب حقهم وهو يعلم أنّ الأمر لهم وليس له من الأمر شيء....]
المصدر: كتاب التيه أو الطريق إلى الله
--------------------------------
هامش:
[1]- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص18، أحكام القرآن لابن عربي: ج4 ص43، تفسير القرطبي: ج15 ص162، المستصفى للغزالي: ص170، تاريخ دمشق: ج51 ص300.
[2]- الاقتصاد للطوسي: ص203، النكت الاعتقادية للمفيد: ص41، اليقين لأبن طاووس: ص312، بحار الأنوار: ج37 ص111.
[3]- الرسائل العشر للطوسي: ص97. وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: عن أنس قال: انقض كوكب على عهد رسول الله، فقال النبي (ص): (انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي. فنظرنا فإذا هو انقض في منزل علي بن أبي طالب، فقال جماعة من الناس: قد غوى محمد في حب علي، فأنزل الله: والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى) شواهد التنزيل : ج2 ص276.
[4]- ينابيع المودة: ج1 ص112، الرسائل العشر للطوسي: ص97، وقد روي باختلاف يسير في كثير من المصادر فراجع.
[5]- مسند أحمد: ج1 ص179، و: ج6 ص396، صحيح مسلم: ج7 ص120، ورواه البخاري باختلاف يسير: ج4 ص208.
[6]- يشير (ع) إلى قوله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل: 120.
[7]- أكتفي بما نقله الفخر الرازي، قال: (روي أنه (ع) لما أورد الدلائل على نصارى نجران، ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال (ع): إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم، فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فلما رجعوا قالوا للعاقب: وكان ذا رأيهم، يا عبد المسيح ما ترى، فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لكان الاستئصال فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم وكان رسول الله (ص) خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي رضي الله عنه خلفها، وهو يقول، إذا دعوت فأمنوا، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، ثم قالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك فقال صلوات الله عليه: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين، فأبوا، فقال: فإني أناجزكم القتال، فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر، وألفاً في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد، فصالحهم على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا ،..) تفسير الرازي: ج8 ص85.
[8]- قد صرح كبار علماء العامة بأنها نزلت في علي (ع)، وأكتفي بما ذكره الحاكم الحسكاني والفخر الرازي، فرويا عن أبي ذر الغفاري أنه قال: أما إني صليت مع رسول الله (ص) يوماً من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً. وكان علي راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى - وكان يتختم فيها - فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي فلما فرغ النبي (ص) من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: (سنشد عضدك بأخيك) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليا أخي أشدد به أزري قال أبو ذر: فو الله ما استتم رسول الله (ص) الكلام حتى هبط عليه جبرئيل من عند الله وقال: يا محمد هنيئاً [لك] ما وهب الله لك في أخيك. قال: وما ذاك جبرئيل؟ قال: أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة وأنزل قرآناً عليك : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) شواهد التنزيل: ج1 ص230، الفخر الرازي في تفسيره: ج12 ص26.
[9]- روى أحمد في مسنده: عن شداد أبى عمار قال دخلت على وائلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا فلما قاموا قال لي ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله (ص) قلت بلى قال أتيت فاطمة رضى الله تعالى عنها أسألها عن علي قالت: توجه إلى رسول الله (ص) فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله (ص) ومعه على وحسن وحسين رضى الله تعالى عنهم آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساء، ثم تلا هذه الآية: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي) مسند أحمد : ج4 ص107.
وروى مسلم في صحيحه، فقال: (قالت عائشة خرج النبي (ص) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فادخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء على فادخله، ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) صحيح مسلم: ج7 ص130.
وروى الترمذي: عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي (ص)، قال: (لما نزلت هذه الآية على النبي (ص): إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويظهركم تطهيراً في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلى خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله، قال: أنت على مكانك وأنت على خير) سنن الترمذي : ج5 ص30.
وقال الفخر الرازي: (وروي أنه (ع) لما خرج في المرط الأسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله ثم فاطمة، ثم علي رضي الله عنهما ثم قال: ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً﴾ الأحزاب: 33. واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث) تفسير الرازي: ج8 ص85.
وينقل الثعلبي في تفسيره: (ج8 ص38) عن ابن حجر، قال: (وقال ابن حجر: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ... أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين) الصواعق المحرقة: 143 ط. مصر، وط. بيروت: 220 الباب الحادي عشر ، في الآيات الواردة فيهم، الآية الأولى )، وراجع غير ما تقدم من المصادر.
[10]- قال عبد الرحمن أحمد البكري في كتابه من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: (ذكر محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي المتوفى عام 440 هجرية في حوادث شهر ذي الحجة الحرام قال : واليوم الثامن عشر يسمى غدير خم وهو اسم مرحلة نزل بها النبي (ع) عند منصرفه من حجة الوداع، وجمع القتب والرحال وعلاها آخذاً بعضد علي بن أبي طالب (ع) وقال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار. ويروى أنه رفع رأسه نحو السماء، وقال: اللهم هل بلغت ثلاثاً) من حياة الخليفة عمر بن الخطاب: ص321.
[11]- تاريخ دمشق: ج42ص220، البداية والنهاية: ج7 ص386، وغير ذلك من المصادر التي تعرضت لذكر واقعة غدير خم.
[12]- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: ص115، وروي هذا المعنى باختلاف يسير في: كمال الدين: ص285، كفاية الأثر:5 4، الاحتجاج: ج1 ص87، وغيرها.
[13]- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر: ص115، وروي هذا المعنى باختلاف يسير في: الرسائل العشر للطوسي: ص89، النكت الاعتقادية: ص43، بحار الأنوار: ج36 ص372، وغيرها.
[14]- روى الكليني عن أبي جعفر (ع) قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا، فو الله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (ص)وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا بـ (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (ص)، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمد (ص) قال: صدقت، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض، فقال السائل: لا، قال أبو جعفر (ع) أرأيت بعيثه أليس نذيره، كما أن رسول الله (ص)لا في بعثته من الله (عز وجل) نذير، فقال: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمد إلاّ وله بعيث نذير، قال: فإن قلت لا، فقد ضيع رسول الله (ص) من في أصلاب الرجال من أمته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي، إن وجدوا له مفسراً قال: وما فسره رسول الله (ص)؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب (ع). قال السائل: يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟ قال: أبى الله أن يعبد إلاّ سراً حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستتراً حتى أمر بالإعلان، قال السائل: ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم علي بن أبي طالب (ع) يوم أسلم مع رسول الله (ص) حتى ظهر أمره؟ قال: بلى، قال: فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله) الكافي: ج1 ص249.
وروى أيضاً: قال رجل لأبي جعفر (ع): يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال: لماذا؟ قال: لما أريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب قال: أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (ص) قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (ص) يعلمه؟ وقد علمت أن رسول الله (ص) مات وليس من علمه شيء إلاّ وعلي (ع) له واع، قال أبو جعفر (ع): مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: فافهم ما أقول لك. إن رسول الله (ص) لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب (ع) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله (ص)، قال السائل: أوما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء: إفعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه ؟ قلت: فسر لي هذا قال لم يمت رسول الله (ص) إلاّ حافظاً لجملة وتفسيره، قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: هذا مما أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ الله (عز وجل). قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه، قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبي إلاّ وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل، و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر (ع) : من أنكره فليس منا. قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي (ص) هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟ قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلاّ والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله (عز وجل) أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلاّ أنفسهم، قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه) الكافي: ج1 ص251. وراجع بقية الروايات في الكافي في باب شأن ليلة القدر: ج1 ص242.