إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

رسالة في صلاة أبي بكر

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • أبو محمد الأنصاري
    مشرف
    • 06-10-2009
    • 325

    رسالة في صلاة أبي بكر

    رسالة في صلاة أبي بكر
    أسانيد الحديث ونصوصه
    لقد اتفق المحدثون كلهم على إخراج هذا الحديث ، فلم يخل منه ( صحيح ) ولا ( مسند ) ولا ( معجم ) . . . . لكنا اقتصرنا هنا على ما أخرجه أرباب ( الصحاح الستة ) وما أخرجه أحمد بن حنبل في ( المسند ) . . . لكون ما جاء في هذه الكتب هو الأتم لفظا والأقوى سندا ، فإذا عرف حاله عرف حال غيره ، ولم تكن حاجة إلى التطويل بذكره . الموطأ :
    جاء في ( الموطأ ) : وحدثني عن مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم خرج في مرضه فاتى فوجد أبا بكر وهو قائم يصلى بالناس ، فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أن كما أنت ؟ فجلس رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى جنب أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وهو جالس ، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر .
    صحيح البخاري :
    وأخرجه البخاري في مواضع كثيرة من ( صحيحه ) منها ما يلي :
    1 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، قال الأسود : قال : كنا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها ، فقالت : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فاذن ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقيل له : إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلى بالناس ، وأعاد فأعادوا له ، فأعاد الثالثة ، فقال : إنكن صواحب يوسف ! مروا أبا بكر فليصل بالناس . فخرج أبو بكر فصلى ، فوجد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من نفسه خفة ، فخرج يهادي بين رجلين ، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع ، فأراد أبو بكر أن يتأخر ، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أن مكانك . ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه . قيل للأعمش : وكان النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر ؟ فقال برأسه : نعم . رواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه . وزاد أبو معاوية : جلس عن يسار أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي قائما .
    2- حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن حمزة بن عبد الله أنه أخبره عن أبيه ، قال : لما اشتد برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وجعه قيل له في الصلاة ! فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت عائشة : إن أبا بكر رجل رقيق ، إذا قرأ غلبه البكاء . قال مروه فيصلي . فعاودته . قال : مروه فيصلي ، إنكن صواحب يوسف .
    3 - حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أن يصلي بالناس في مرضه ، فكان يصلي بهم . قال عروة : فوجد رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم في نفسه خفة ، فخرج فإذا أبو بكر يؤم الناس ، فلما رآه أبو بكر استأخر فأشار إليه أن كما أنت . فجلس رسول الله حذاء أبي بكر إلى جنبه ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر.
    4 - حدثنا إسحاق بن نصر ، قال : حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثني أبو بردة ، عن أبي موسى ، قال : مرض النبي صلى الله عليه [ واله ] وسلم فاشتد مرضه فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت عائشة : إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلى بالناس ! . قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فعادت . فقال : مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف . فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم .
    5 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال في مرضه : مروا أبا بكر يصلي بالناس . قالت عائشة : قلت : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء ! فمر عمر فليصل للناس . فقالت عائشة : فقلت : لحفصة قولي له : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس . ففعلت حفصة . فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : صه ، إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل للناس . فقالت حفصة لعائشة : ما كنت لأصيب منك خيرا .
    6 - حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا زائدة ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، قال : دخلت على عائشة فقلت : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ؟ قالت : بلى ، ثقل النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك . قال : ضعوا لي ماء في المخضب ، قالت : ففعلنا فاغتسل ، فذهب لينوء فأغمي عليه . ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ضعوا لي ماء في المخضب ، قالت : فقعد فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمى عليه . ثم أفاق فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ، فقعد فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه . ثم أفاق فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لصلاة العشاء الآخرة . فأرسل النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى أبي بكر بان يصلي بالناس ، فاتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يأمرك أن تصلي بالناس . فقال أبو بكر - وكان رجلا رقيقا - : يا عمر ، صل بالناس . فقال له عمر : أنت أحق بذلك . فصلى أبو بكر تلك الأيام . ثم إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وجد من نفسه خفة ، فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بأن لا يتأخر . قال : أجلساني إلى جنبه ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر . فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قاعد . قال عبيد الله : فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له : ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ؟ قال : هات . فعرضت عليه حديثها ، فما أنكر منه شيئا ، غير أنه قال : أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت : لا ، قال : هو علي .
    7 - حدثنا مسدد ، قال : حدثنا عبد الله بن داود ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لما مرض النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة . فقال مروا أبا بكر فليصل . قلت : إن أبا بكر رجل أسيف ، إن يقم مقامك يبكي فلا يقدر على القراءة ! . قال : مروا أبا بكر فليصل . فقلت مثله فقال في الثالثة أو الرابعة : إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل ، فصلى . وخرج النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يهادي بين رجلين كأني أنظر إليه يخط برجليه الأرض ، فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر ، فأشار إليه أن صل ، فتأخر أبو بكر وقعد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى جنبه وأبو بكر يسمع الناس التكبير .
    8 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مروا أبا بكر أن يصلي بالناس . فقلت : يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر . فقال : مروا أبا بكر يصلي بالناس . فقلت لحفصة : قولي له إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر . قال : إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر أن يصلي بالناس . فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في نفسه خفة ، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد . فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر ، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فجاء رسول الله حتى جلس عن يسار أبي بكر ، فكان أبو بكر يصلي قائما وكان رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم يصلي قاعدا ، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله ، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر .
    9 - حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك الأنصاري - وكان تبع النبي وخدمه وصحبه - أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم الذي توفي فيه ، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم في صفوف الصلاة ، فكشف النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كان وجهه ورقة مصحف ، ثم تبسم يضحك ، فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم . فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف ، وظن أن النبي خارج إلى الصلاة ، فأشار الينا النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أن أتموا صلاتكم ، وأرخى الستر ، فتوفي من يومه .
    10 - حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، عن أنس ، قال : لم يخرج النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ثلاثا ، فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر يتقدم ، فقال نبي الله بالحجاب فرفعه ، فلما وضح وجه النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النبي حين وضح لنا ، فأومأ النبي صلى الله عليه [ واله ] وسلم بيده إلى أبي بكر أن يتقدم ، وأرخى النبي الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات .
    صحيح مسلم:
    وأخرجه مسلم بن الحجاج في ( صحيحه ) غير مرة . من ذلك :
    1 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا زائدة ، حدثنا موسى ابن أبي عائشة ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال : دخلت على عائشة فقلت لها : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم ؟ قالت : بلى ، ثقل النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ضعوا لي ماء في المخضب . . . إلى آخر ما تقدم عن البخاري .
    2 - حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد - واللفظ لابن رافع - قال عبد : أخبرنا ، وقال ابن رافع : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، قال الزهري : وأخبرني حمزة بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن عائشة ، قالت : لما دخل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بيتي قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت : فقلت يا رسول الله ، إن أبا بكر رجل رقيق ، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه ! فلو أمرت غير أبي بكر . قالت : والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قالت : فراجعته مرتين أو ثلاثا . فقال : ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف .
    3 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو معاوية ووكيع . ح وحدثنا يحيى بن يحيى - واللفظ له - أخبرنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة . . . . إلى آخر ما تقدم عن البخاري .
    4 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : حدثنا ابن نمير عن هشام . ح وحدثنا ابن نمير - وألفاظهم متقاربة - قال : حدثنا أبي هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه ، فكان يصلي بهم . قال عروة : فوجد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من نفسه خفة ، فخرج وإذا أبو بكر يؤم الناس ، فلما رآه أبو بكر استأخر ، فأشار إليه رسول الله أي كما أنت . فجلس رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم حذاء أبي بكر إلى جنبه فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر.
    5 - حدثني عمرو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد ، قال عبد : أخبرني وقال الآخران : حدثنا يعقوب - وهو ابن إبراهيم بن سعد - ، قال : حدثنا أبي عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني أنس بن مالك : أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم الذي توفي فيه .
    6 - حدثنا محمد بن المثنى وهارون بن عبد الله ، قالا : حدثنا عبد الصمد ، قال : سمعت أبي يحدث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، عن أنس ، قال : لم يخرج إلينا نبي الله ثلاثا . . . إلى آخر ما تقدم عن البخاري.
    7 - رواه مسلم ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس . . . .
    8 - وعن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس . . . .
    9 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : مرض رسول الله . . . إلى آخر ما تقدم عن البخاري .
    صحيح الترمذي :
    وأخرجه الترمذي في ( صحيحه ) حيث قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، حدثنا معن ، حدثنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقالت عائشة : يا رسول الله ، إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فامر عمر فليصل بالناس . قالت عائشة : فقلت لحفصة : قولي له : إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فامر عمر فليصل بالناس . ففعلت حفصة . فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : إنكن لأنتن صواحبات يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقالت حفصة لعائشة : ما كنت لأصيب منك خيرا . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
    وفي الباب عن : عبد الله بن مسعود وأبي موسى وابن عباس وسالم بن عبيد و عبد الله بن زمعة .
    سنن أبي داود :
    وأخرجه أبو داود في ( سننه ) بقوله : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني الزهري ، حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الصمد بن الحرث بن هشام ، عن أبيه عن عبد الله بن زمعة ، قال : لما استعز برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة فقال : مروا من يصلي بالناس . فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس - وكان أبو بكر غائبا - فقلت : يا عمر ، قم فصل بالناس . فتقدم فكبر . فلما سمع رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم صوته ، وكان عمر رجلا مجهرا . فقال : أين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون ، يأبى الله ذلك والمسلمون . فبعث إلى أبي بكر ، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس .
    حدثنا أحمد بن صالح ، ثنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني موسى بن يعقوب ، عن عبد الله بن إسحاق ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر قال : لما سمع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم صوت عمر - قال ابن زمعة - خرج النبي حتى أطلع رأسه من حجرته ثم قال : لا لا لا ، ليصل للناس ابن أبي قحافة ، يقول ذلك مغضبا .
    سنن النسائي :
    وأخرجه النسائي في ( سننه ) :
    1 - أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا زائدة ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال : دخلت على عائشة فقلت : ألا تحدثيني . . . إلى آخره كما تقدم.
    2 - حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة . فقال : مرو أبا بكر فليصل بالناس . . إلى آخره كما تقدم .
    3 - أخبرنا علي بن حجر ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مع القوم ، صلى في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر.
    4 - أخبرنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا بكر بن عيسى صاحب البصري ، قال : سمعت شعبة يذكر عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة : أن أبا بكر صلى للناس ورسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم في الصف.
    5 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري ، عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ؟ فأتاهم عمر فقال : ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ ! قالوا : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكرا .
    6 - أخبرنا محمود بن غيلان ، قال : حدثني أبو داود ، قال : أنبأنا شعبة ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : سمعت عبيد الله بن عبد الله يحدث عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس . قالت : وكان النبي بين يدي أبي بكر ، فصلى قاعدا ، وأبو بكر يصلي بالناس ، والناس خلف أبي بكر . سنن ابن ماجة :
    وأخرجه ابن ماجة في ( سننه ) :
    1 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ووكيع ، عن الأعمش . ح وحدثنا علي بن محمد ، ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه - وقال أبو معاوية : لما ثقل - جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . . . قالت : فأرسلنا إلى أبي بكر فصل بالناس . فوجد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من نفسه خفة ، فخرج إلى الصلاة . . . فكان أبو بكر يأتم بالنبي ، والناس يأتمون بابي بكر.
    2 - حدثنا ابن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة ، عن ‹ صفحة 19 › أبيه ، عن عائشة ، قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس في مرضه . . . .
    3 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، أنبأنا عبد الله بن داود من كتابه في بيته ، قال : سلمة بن نبيط ، أنا عن نعيم بن أبي هند ، عن نبيط بن شريط ، عن سالم بن عبيد ، قال : أغمي على رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم في مرضه ، فلما أفاق قال : أحضرت الصلاة ؟ قالوا : نعم . قال : مروا بلالا فليؤذن ، ومروا أبا بكر فليصل بالناس . ثم أغمي عليه فأفاق فقال . . . ثم أغمي عليه فأفاق فقال . . . فقالت عائشة : إن أبي رجل أسيف ، فإذا قام ذلك المقام يبكي لا يستطيع ، فلو أمرت غيره ! ثم أغمي عليه فأفاق فقال : مروا بلالا فليؤذن ، ومروا أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف - أو صواحبات يوسف - . قال : فأمر بلال فأذن ، وأمر أبو بكر فصلى بالناس . ثم إن رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم وجد خفة فقال : أنظروا لي من أتكئ عليه . فجاءت بريرة ورجل آخر فاتكأ عليهما ، فلما رآه أبو بكر ذهب لينكص ، فأومأ إليه أن أثبت مكانك . ثم جاء رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم حتى جلس إلى جنب أبي بكر حتى قضى أبو بكر صلاته ، ثم إن رسول الله قبض . قال أبو عبد الله : هذا حديث غريب لم يحدث غير نصر بن علي .
    4 - حدثنا علي بن محمد ، ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، قال : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال : أدعوا لي عليا . قالت عائشة : يا رسول الله ، ندعو لك أبا بكر ؟ قال : ادعوه . قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر ؟ قال : ادعوه . قالت أم الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العباس ؟ قل : نعم . فلما اجتمعوا رفع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم رأسه فنظر فسكت . فقال عمر : قوموا عن رسول الله . ثم جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقالت عائشة : يا رسول الله ، إن أبا بكر رجل رقيق حصر ، ومتى لا يراك يبكي والناس يبكون ، فلو أمرت عمر يصلي بالناس ؟ فخرج أبو بكر فصلى بالناس ، فوجد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من نفسه خفة ، فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض ، فلما رآه الناس سبحوا بابي بكر ، فذهب ليستأخر فأومأ إليه النبي أي مكانك . فجاء رسول الله فجلس عن يمينه وقام أبو بكر ، وكان أبو بكر يأتم بالنبي والناس يأتمون بأبي بكر . قال ابن عباس : وأخذ رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر . قال وكيع : وكذا السنة . قال : فمات رسول الله في مرضه ذلك.
    مسند أحمد :
    وأخرج أحمد بن حنبل في ( مسنده ) أكثر من غيره بكثير ، فلنذكر طائفة من رواياته 1 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثني أبي ، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، قال : لما مرض صلى الله عليه [ واله ] وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ، ثم وجد خفة ، فخرج ، فلما أحس به أبو بكر أراد أن ينكص ، فأومأ إليه النبي فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره ، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبو بكر.
    2 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، قال : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال : ادعوا لي عليا . قالت عائشة : ندعو لك أبا بكر ؟ قال : ادعوه . قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر ؟ قال : ادعوه . قالت أم الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العباس ؟ قال : ادعوه . فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليا فسكت . فقال عمر : قوموا عن رسول الله . فجاء بلال يؤذنه بالصلاة
    3 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن الوليد ، ثنا سفيان ، عن حميد عن أنس بن مالك ، قال : كان اخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم عليه برد متوشحا به وهو قاعد.
    4 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يزيد ، أنا سفيان - يعني ابن حسين - ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال بعد مرتين : يا بلال ، قد بلغت ، فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع . فرجع إليه بلال فقال : يا رسول الله ، بابي أنت وأمي ، من يصلي بالناس ؟ قال : مر أبا بكر فليصل بالناس . فلما أن تقدم أبو بكر رفع عن رسول الله الستور قال : فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء عليه خميصة ، فذهب أبو بكر يتأخر وظن أنه يريد الخروج إلى الصلاة ، فأشار رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى أبي بكر أن يقوم فيصلي ، فصلى أبو بكر بالناس ، فما رأيناه بعدا.
    5 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبد الملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى ، قال : مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم . . . . .
    6 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عائشة فقالت : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرض في بيتي فأذن له ، فخرج رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم معتمدا على العباس وعلى رجل آخر ورجلاه تخطان في الأرض . وقال عبيد الله : فقال ابن عباس : أتدري من ذلك الرجل ؟ هو علي بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب له نفسا . قال الزهري : فقال النبي - وهو في بيت ميمونة - لعبد الله بن زمعة : مر الناس فليصلوا . فلقي عمر بن الخطاب فقال : يا عمر صل بالناس ، فصلى بهم ، فسمع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم صوته فعرفه وكان جهير الصوت . . . .
    7 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود عن عائشة ، قالت : لما مرض رسول الله . . . فجاء النبي حتى جلس إلى جنب أبي بكر ، وكان أبو بكر يأتم بالنبي ، والناس يأتمون بابي بكر .
    8 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : . . . فجاء النبي حتى جلس عن يسار أبي بكر ، وكان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يصلي بالناس قاعدا وأبو بكر قائما ، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر .
    9 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا بكر بن عيسى ، قال : سمعت شعبة بن الحجاج يحدث عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل عن مسروق ، عن عائشة أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم في الصف .
    10 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا شبابة بن سوار ، أبا شعبة ، عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه [ واله ] وسلم خلف أبي بكر قاعدا في مرضه الذي مات فيه .
    11 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا شبابة ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في مرضه الذي مات فيه : مروا أبا بكر يصلي بالناس . . . وصلى النبي خلفه قاعدا
    12 - عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا زائدة ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال : مروا أبا بكر يصلي بالناس ، فقالت عائشة : يا رسول الله إن أبي رجل رقيق ! فقال : مروا أبا بكر يصلي بالناس فإنكن صواحبات يوسف . فأم أبو بكر الناس ورسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم حي .
    يتبـــــــــــــــــــع
  • أبو محمد الأنصاري
    مشرف
    • 06-10-2009
    • 325

    #2
    رد: رسالة في صلاة أبي بكر

    نظرات في أسانيد الحديث
    لقد نقلنا الحديث بأتم ألفاظه وأصح طرقه عن الصحاح ومسند أحمد ، وكما ذكرنا من قبل فإن معرفة حاله بالنظر إلى هذه الأسانيد والمتون تغنينا عن النظر فيما رووه في خارج الصحاح عن غير من ذكرناه من الصحابة ، ولربما أشرنا إلى بعض ذلك في خلال البحث . . . لقد كانت الأحاديث المذكورة عن :
    1 - عائشة بنت أبي بكر . 2 - عبد الله بن مسعود . 3 - عبد الله بن عباس . 4 - عبد الله بن عمر . 5 - عبد الله بن زمعة . 6 - أبي موسى الأشعري . 7 - بريدة الأسلمي . 8 - أنس بن مالك . 9 - سالم بن عبيد . فنحن ذكرنا الحديث عن تسعة من الصحابة وإن لم يذكر الترمذي إلا ستة ، حيث قال بعد اخراجه عن عائشة : وفي الباب عن : عبد الله بن مسعود ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وسالم بن عبيد ، و عبد الله بن زمعة ( 1 ) . لكن العمدة حديث عائشة . . . بل إن بعض ما جاء عن غيرها من الصحابة مرسل ، وإنها هي الواسطة . . . كما سنرى
    * حديث أبي موسى الأشعري :
    أما الحديث المذكور عن أبي موسى الأشعري - والذي اتفق عليه البخاري ومسلم ، وأخرجه أحمد - ففيه :
    1 - إنه مرسل ، نص عليه ابن حجر وقال : يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة.
    2 - إن الراوي عنه أبو بردة وهو ولده كما نص عليه ابن حجر وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عدي ، حيث شهد عليه - في جماعة شهادة زور أدت إلى شهادته . وروي أيضا أنه قال لأبي الغادية - قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه - : أ أنت قتلت عمار بن ياسر ؟ قال : نعم . قال : فناولني يدك . فقبلها وقال : لا تمسك النار أبدا ! تهذيب التهذيب 6 / 411.
    3 - والراوي عنه : عبد الملك بن عمير : وهو مدلس ومضطرب الحديث جدا وضعيف جدا وكثير الغلط : قال أحمد : مضطرب الحديث جدا مع قلة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث ، وقد غلط في كثير منها. وقال إسحاق بن منصور : ضعفه أحمد جدا. تهذيب التهذيب 6 / 412 ، ميزان الاعتدال 2 / 660 ..
    . وعن أحمد : ضعيف يغلط. ميزان الاعتدال 6 / 660 . وقال ابن معين : مخلط. ميزان الاعتدال 6 / 660 ، المغني 2 / 407 ، تهذيب التهذيب 6 / 412 .
    . وقال أبو حاتم : ليس بحافظ ، تغير حفظه. ميزان الاعتدال 2 / 660 .
    وعنه : لم يوصف بالحفظ. تهذيب التهذيب 6 / 412 . وقال ابن خراش : كان شعبة لا يرضاه. ميزان الاعتدال 2 / 660 . وقال الذهبي : أما ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق. ميزان الاعتدال 2 / 660 . وقال السمعاني : كان مدلسا. الأنساب 10 / 50 في القبطي . وكذا قال ابن حجر. تقريب التهذيب 1 / 521 . و عبد الملك - هذا - هو الذي ذبح عبد الله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة ، فإنه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبد الملك بن عمير فذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال : إنما أردت أن أريحه ! تلخيص الشافي 3 / 35 ، روضة الواعظين : 177 ، مقتل الحسين - للمقرم - : 185 .
    4 - ثم الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد باهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه السلام ، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه السلام عن الخلافة . وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه . ثم إن أحمد روى هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه . . . كذلك. فضائل الصحابة 1 / 106 .
    * حديث عبد الله بن عمر
    وأما الحديث المذكور عن عبد الله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك ، كما رواه مسلم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن عائشة . . . لكن البخاري رواه بسنده عن الزهري ، عن حمزة ، عن أبيه ، قال : لما اشتد برسول الله وجعه . . . . وعلى كل حال فإن مدار الطريقين على : محمد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيى بن معين وعبد الحق الدهلوي ، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين:
    قال ابن أبي الحديد: وكان الزهري من المنحرفين عنه (أي عن علي ع ) ، وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة ابن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه . فبلغ ذلك علي بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما فقال : أما أنت يا عروة ، فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأما أنت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتك كير أبيك. شرح نهج البلاغة 6 / 102 . قال : وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليا نال منه. شرح نهج البلاغة 4 / 102 . ويؤكد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنين عليه السلام - كمنقبة سبقه إلى الاسلام - قال ابن عبد البر : وذكر معمر في معه عن الزهري قال : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة . قال عبد الرزاق : وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري . وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد : وأرسل عنه الزهري وقتادة . قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة ؟ ! . وقال العلامة الشيخ عبد الحق الدهلوي بترجمة الزهري من رجال المشكاة : إنه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزهاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريك في خيرهم دون شرهم ! فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت ؟ ! . وقال ابن حجر بترجمة الأعمش : حكى الحاكم عن ابن معين أنه قال : أجود الأسانيد : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله . فقال له انسان : الأعمش مثل الزهري ؟ ! فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري ؟ ! الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أمية ؟ والأعمش فقير ، صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن . ولأجل كونه من عمال بني أمية ومشيدي سلطانهم كتب إليه الإمام السجاد عليه السلام كتابا يعظه فيه ، جاء فيه : إن ما كتمت ، وأخف ما احتملت ، أن آنست وحشة الظالم ، وسهلت له الطريق الغي . . . جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسلما إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكا سبيلهم ، احذر ، فقد نبئت ، وبادر فقد أجلت . . . .
    ثم الكلام في عبد الله بن عمر نفسه : فإنه ممن امتنع عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان ، وقعد عن نصرته ، وترك الخروج معه في حروبه ، ولكنه لما ولي الحجاج بن يوسف الحجاز من قبل عبد الملك جاءه ليلا ليبايعه فقال له : ما أعجلك ؟ ! فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ! ! فقال له : إن يدي مشغولة عنك - وكان يكتب - فدونك رجلي ، فمسح على رجله وخرج ! !
    * حديث عبد الله بن زمعة :
    وأما حديث عبد الله بن زمعة . . . فقد رواه أبو داود عنه بطريقين ، والمدار في كليهما على الزهري وقد عرفته .
    * حديث عبد الله بن عباس :
    وأما حديث عبد الله بن عباس . . . الذي رواه ابن ماجة وأحمد ، الأول رواه عن : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، والثاني رواه عن يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم ، عنه . . . . فمداره على : أبي إسحاق ، عن الأرقم وقد قال البخاري : لا نذكر لأبي إسحاق سماعا من الأرقم بن شرحبيل (ذكره في الزوائد بهامش سنن ابن ماجة 1 / 391 .) . وأبو إسحاق السبيعي : قال بعض أهل العلم : كان قد اختلط ، وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه ( ميزان الاعتدال 3 : 270 ) . وكان مدلسا ( تهذيب التهذيب 8 : 56 ) . وكان يروى عن عمر بن سعد قاتل الحسين عليه السلام (الكاشف ، ميزان الاعتدال ، تهذيب التهذيب 7 / 396) . وكان يروي عن شمر بن ذي الجوشن الملعون ( ميزان الاعتدال 2 : 72 ) .
    وفي سند أحمد مضافا إلى ذلك :
    1 - سماع زكريا من أبي إسحاق بعد اختلاطه كما ستعرف .
    2 - زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم : لين الحديث ، كان يدلس ورماه بالتدليس أيضا أبو زرعة وأبو داود وابن حجر . . . وعن أحمد : إذا اختلف زكريا وإسرائيل فان زكريا أحب إلي في أبي إسحاق ، ثم قال : ما أقربهما ، وحديثهما عن أبي إسحاق لين سمعا منه بآخره ( تهذيب التهذيب 3 / 285 ، الجرح والتعديل 1 : 2 / 593 ) . أقول : فالعجب من أحمد يقول هذا وهو مع ذلك يروي الحديث عن زكريا عن أبي إسحاق في المسند كما عرفت وفي الفضائل (فضائل الصحابة 1 / 106 ) . نعم رواه لا عن هذا الطريق لكنه عن ابن عباس عن العباس ، فقال مرة : حدثنا يحيى بن آدم وأخرى حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم عن قيس ابن الربيع ، عن عبد الله بن أبي السفر ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عباس ، عن العباس بن عبد المطلب : إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال في مرضه : مروا أبا بكر يصلي بالناس ، فخرج أبو بكر فكبر ووجد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم راحته فخرج يهادي بين رجلين ، فلما رآه أبو بكر تأخر ، فأشار إليه النبي مكانك ، ثم جلس رسول الله إلى جنب أبي بكر فاقترأ من المكان الذي بلغ أبو بكر من السورة (فضائل الصحابة 1 / 108 ، 109) . لكن مداره على قيس بن الربيع ، الذي أورده البخاري في الضعفاء (الضعفاء - للبخاري - : 273) . وكذا النسائي (الضعفاء - للنسائي : 401 . ) وابن حبان في المجروحين ( كتاب المجروحين 2 / 216 ) وضعفه غير واحد ، بل عن أحمد أنه تركه الناس ، بل عن يحيى بن معين تكذيبه (تهذيب التهذيب 8 / 350 ، ميزان الاعتدال 3 / 393 ، لسان الميزان 4 / 477) .
    * حديث عبد الله بن مسعود :
    وأما الحديث المذكور عن ابن مسعود فأخرجه النسائي ، ورواه الهيثمي أيضا وقال : رواه أحمد وأبو يعلى . وفي سنده عند الجميع عاصم بن أبي النجود قال الهيثمي : وفيه ضعف ( مجمع الزوائد 5 / 183 ) . وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن سعد : كان كثير الخطأ في حديثه وعن يعقوب بن سفيان : في حديثه اضطراب وعن أبي حاتم : ليس محله أن يقال هو ثقة ولم يكن بالحافظ وقد تكلم فيه ابن علية فقال : كل من اسمه عاصم سيئ الحفظ وعن ابن خراش : في حديثه نكرة. وعن العقيلي : لم يكن فيه إلا سوء الحفظ والدار قطني : في حفظه شئ. والبزار : لم يكن بالحافظ ، وحماد بن سلمة : خلط في آخر عمره وقال العجلي : كان عثمانيا (تهذيب التهذيب 5 / 35 ) .
    * حديث بريدة الأسلمي :
    وأما حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه ، فمع غض النظر عما قيل في رواية ابن بريدة - سواء كان عبد الله أو سليمان - عن أبيه ( تهذيب التهذيب 5 / 138 ) فيه : عبد الملك بن عمير وقد عرفته .
    * حديث سالم بن عبيد :
    وأما حديث سالم بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة :
    1 - فقد قال فيه ابن ماجة : هذا حديث غريب .
    2 - وفي سنده نظر . . . فإن نعيم بن أبي هند تركه مالك ولم يسمع منه ؟ لأنه كان يتناول عليا رضي الله عنه ( تهذيب التهذيب 10 / 418 ) . وسلمة بن نبيط لم يرو عنه البخاري ومسلم ، قال البخاري : اختلط بآخره ( تهذيب التهذيب 4 / 140 ) .
    3 - ثم إن سالم بن عبيد لم يرو عنه في الصحاح ، وما روى له من أصحاب السنن غير حديثين ، وفي إسناد حديثه اختلاف ! قال ابن حجر : سالم بن عبيد الأشجعي ، من أهل الصفة ، ثم نزل الكوفة وروى له من أصحاب السنن حديثين بإسناده صحيح في العطاس . وله رواية عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وكلام أبي بكر في ذلك . أخرجه يونس بن بكير في زياداته . روى عنه هلال بن يساف ونبيط بن شريط وخالد بن عرفطة (الإصابة 2 / 5 ) . وقال أيضا : الأربعة - سالم بن عبيد الأشجعي له صحبة ، وكان من أهل الصفة ، يعد في الكوفيين . روى عن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في تشميت العاطس ، وعن عمر بن الخطاب . روى عنه . خالد بن عرفجة - ويقال ابن عرفطة - وهلال بن يساف ونبيط بن شريط . وفي إسناد حديثه اختلاف (تهذيب التهذيب 3 / 381 ) . أقول : يظهر من عبارة ابن حجر في كتابيه ، ومن مراجعة الرواية عند الهيثمي (مجمع الزوائد 5 / 182) أن حديث سالم بن عبيد حول صلاة أبي بكر هو الحديث الذي عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم . . . لكن ابن ماجة ذكر بعضه - كما نص عليه الهيثمي - ، وظاهر عبارة ابن حجر في الإصابة عدم صحة إسناده ، ولعله المقصود من قوله في تهذيب التهذيب : وفي إسناد حديثه اختلاف إذ القدر المتيقن منه ما يرويه نبيط بن شريط عنه ، وهذا الحديث من ذاك !
    * حديث أنس بن مالك :
    أما حديث أنس بن مالك ، فمنه ما عن الزهري عنه ، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد . والزهري من قد عرفته . مضافا إلى أن الراوي عنه عند البخاري هو شعيب ، وهو : شعيب بن حمزة ، وهو كاتب الزهري وراويته (تهذيب التهذيب 4 / 307) . ويروي عن شعيب : أبو اليمان ، وهو : الحكم بن نافع . وقد تكلم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب ، حتى قيل : لم يسمع منه ولا كلمة (تهذيب التهذيب 2 / 380) . والراوي عن الزهري عند أحمد : سفيان بن حسين ، وقد اتفقوا على عدم الاعتماد على رواياته عن الزهري ، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن : ابن معين وأحمد والنسائي وابن عدي وابن حبان . . . وعن يعقوب بن شيبة : في حديثه ضعف وعن عثمان بن أبي شيبة : كان مضطربا في الحديث قليلا وعن ابن خراش : كان لين الحديث وعن أبي حاتم : لا يحتج به وعن ابن سعد : يخطئ في حديثه كثيرا (تهذيب التهذيب 4 / 96) . هذا ، وقد روى الهيثمي هذا الحديث فقال : رواه أحمد وفيه : سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري ، وهذا من حديثه عنه (مجمع الزوائد 5 / 181) . ومنه ما عن حميد عن أنس ، وقد أخرجه النسائي وأحمد ، وحميد هو : حميد ابن أبي حميد الطويل ، وقد نصوا على أنه كان مدلسا وعلى أن أحاديثه عن أنس مدلسة (تهذيب التهذيب 3 / 34) وهذا الحديث من تلك الأحاديث . مضافا إلى أن الراوي عنه - عند أحمد - هو سفيان بن حسين ، وقد عرفته . هذا ، وسواء صحت الطرق عن أنس أو لم تصح فالكلام في أنس نفسه : فأول ما فيه كذبه ، وذلك في قضية حديث الطائر المشوي ، حيث كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قد دعا الله سبحانه أن يأتي بعلي عليه السلام ، وكان يترقب حضوره ، فكان كلما يجئ علي عليه السلام ليدخل على النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال أنس : إن رسول الله على حاجة حتى غضب رسول الله وقال له : يا أنس ، ما حملك على رده ؟ ! (أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم ، راجع منها المستدرك 3 / 130) . ثم كتمه الشهادة بالحق ، وذلك في قضية مناشدة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به ، فشهد قوم وأبى آخرون - ومنهم أنس - فدعى عليهم فأصابتهم دعوته . . . (لاحظ : الغدير 1 / 192) . ومن المعلوم أن الكاذب لا يقبل خبره ، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك
    حديث عائشة :
    وأما حديث عائشة . . . فقد ذكرنا أنه هو العمدة في هذه المسألة : لكونها صاحبة القصة . ولإن حديث غيرها إما ينتهي إليها ، وأما هو حكاية عما قالته وفعلته . ولأن روايتها أكثر طرقا من رواية غيرها ، وأصح إسنادا من سائر الأسانيد ، وأتم لفظا وتفضلا للقصة . . . وقد أوردنا الأهم من تلك الطرق والأتم من تلك الألفاظ . . . فأما البحث حول ألفاظ ومتون الحديث - عنها - فسيأتي في الفصل اللاحق مع النظر في ألفاظ حديث غيرها . واما البحث حول سند حديثها ، فيكون تارة بالكلام على رجال الأسانيد ، وأخرى بالكلام على عائشة نفسها .
    أما رجال الأسانيد . . . فإن طرق الأحاديث المذكورة عنها تنتهي إلى :
    1 - الأسود بن يزيد النعيم . 2 - عروة بن الزبير بن العوام . 3 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود . 4 - مسروق بن الأجدع . ولا شئ من هذه الطرق بخال عن الطعن والقدح المسقط عن الاعتبار والاحتجاج :
    أما الحديث عن الأسود عن عائشة: فان الأسود من المنحرفين عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام (شرح النهج لابن أبي الحديد 4 / 97) . والراوي عنه في جميع الأسانيد المذكورة هو إبراهيم بن يزيد النخعي ، وهو من أعلام المدلسين . . . قال أبو عبد الله الحاكم - في الجنس الرابع من المدلسين : قوم دلسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيروا أساميهم وكناهم كي لا يعرفوا - قال : أخبرني عبد الله بن محمد بن حمويه الدقيقي ، قال : حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، قال : حدثني خلف بن سالم ، قال : سمعت عدة من مشايخ أصحابنا تذاكروا كثرة التدليس والمدلسين ، فاخذنا في تمييز أخبارهم ، فاشتبه علينا تدليس الحسن بن أبي الحسن ، إبراهيم بن يزيد النخعي ، لأن الحسن كثيرا ما يدخل بينه وبين الصحابة أقواما مجهولين ، وربما دلس عن مثل عتي بن ضمرة وحنيف بن المنتجب ودغفل بن حنظلة وأمثالهم ، وإبراهيم أيضا يدخل بينه وبين أصحاب عبد الله مثل هني بن نويرة وسهم بن منجاب وخزامة الطائي وربما دلس عنهم (معرفة علوم الحديث : 108) .
    والراوي عن إبراهيم هو : سليمان بن مهران الأعمش . والأعمش معروف بالتدليس (تقريب التهذيب 1 : 231) ، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة ، قال السيوطي - في بيان تدليس التسوية - : قال الخطيب : وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا . قال العلائي : فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها . قال العراقي : وهو قادح فيمن تعمد فعله . وقال شيخ الاسلام : لا شك أنه جرح ، وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار . . . (تدريب الراوي 1 : 226) . قال الخطيب : التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم ، وقد عظم بعضهم الشأن في ذمه ، وتبجج بعضهم بالبراءة منه (الكفاية في علم الرواية 1 / 188) . ثم روى عن شعبة بن الحجاج قوله : التدليس أخو الكذب . وعنه : التدليس في الحديث أشد من الزنا . وعنه : لإن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس . وعن أبي أسامة : ( خرب الله بيوت المدلسين ، ما هم عندي إلا كذابون . وعن ابن المبارك : لأن نخر من السماء أحب إلي من أن ندلس حديثا ! . وعن وكيع : نحن لا نستحل التدليس في الثياب فكيف في الحديث ! . فإذن : يسقط هذا الحديث ، بهذا السند ، الذي اتفقوا في الرواية به ، فلا حاجة إلى النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة . لكن مع ذلك نلاحظ أن الراوي عن الأعمش عند البخاري وأحمد - في إحدى طرقهما - وعند مسلم والنسائي هو أبو معاوية ، وهذا الرجل أيضا من المدلسين : قال السيوطي : فائدة : أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما : وهم : إبراهيم بن طهمان ، أيوب بن عائذ الطائي ، ذر بن عبد الله المرهبي ، شبابة بن سوار ، عبد الحميد بن عبد الرحمن . . . محمد بن حازم أبو معاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري . . . هؤلاء رموا بالأرجاء ، وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار . . . ( تدريب الراوي 1 / 278 ، وفي طبعة 1 / 328 ) . وذكر ابن حجر عن غير واحد أنه كان مرجئا خبيثا ، وأنه كان يدعو إليه – أي الارجاء - ( تهذيب التهذيب 9 / 121 ) . والراوي عن الأعمش عند ابن ماجة وأحمد في طريقه الأخرى هو : وكيع ابن الجراح ، وفيه : أنه كان يشرب المسكر وكان ملازما له ( تذكرة الحفاظ 1 : 308 ، ميزان الاعتدال 11 : 336 ) . ثم إن الراوي عن أبي معاوية في إحدى طرق البخاري هو : حفص بن غياث ، وهو أيضا من المدلسين (تهذيب التهذيب 2 / 358 ) . مضافا إلى أنه كان قاضي الكوفة من قبل هارون ، وقد ذكروا عن أحمد أنه : كان وكيع صديقا لحفص بن غياث فلما ولي القضاء هجره ( تهذيب التهذيب 11 / 111 )
    وأما الحديث عن عروة بن الزبير :
    فإن عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر ، فالحديث مرسل ، ولابد أنه يرويه عن عائشة . وكان عروة من المشهورين بالبغض والعداء لأمير المؤمنين عليه السلام - كما عرفت من خبره مع الزهري ، والخبر عن ابنه - وحتى حضر يوم الجمل على صغر سنه (تهذيب التهذيب 7 / 166 ) ، وقد كان هو والزهري يضعان الحديث في تنقيص الإمام والزهراء الطاهرة عليهما السلام ، فقد روى الهيثمي عنه حديثا - وصححه - في فضل زينب بنت رسول الله جاء فيه أنه كان يقول : هي خير بناتي قال : فبلغ ذلك علي بن حسين ، فانطلق إليه فقال : ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه تنقص حق فاطمة ؟ ! فقال : لا أحدث به أبدا (مجمع الزوائد 9 / 213 ) . والراوي عنه ولده هشام في رواية البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة . . . وهو أيضا من المدلسين ، فقد قالوا : كان ينسب إلى أبيه ما كان يسمعه من غيره ، وقد ذكروا أن مالكا كان لا يرضاه ، قال ابن خراش : بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق ، قدم الكوفة ثلاث مرات ، قدمة كان يقول : حدثني أبي ، قال : سمعت عائشة . وقدم الثانية فكان يقول : أخبرني أبي ، عن عائشة . وقدم الثالثة فكان يقول : أبي ، عن عائشة (تهذيب التهذيب 11 / 44) وهذا الحديث من تلك الأحاديث .
    وأما الحديث عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة :
    فإن الراوي عن عبيد الله عند البخاري ومسلم والنسائي هو موسى بن أبي عائشة وقد قال ابن أبي حاتم سمعت أبي (هو : محمد بن إدريس الرازي ، أحد كبار الأئمة الحفاظ المعتمدين في الجرح والتعديل . توفي سنة 207 ه‍ تقريبا . توجد ترجمته في : تذكرة الحفاظ 2 / 567 ، تاريخ بغداد 3 / 73 وغيرهما من المصادر الرجالية) يقول : تريبني رواية موسى بن أبي عائشة حديث عبيد الله بن عبد الله في مرض النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ( تهذيب التهذيب 10 / 314 ) . وعند أبي داود وأحمد هو : الزهري - لكن عند الأول يرويه عن عبيد الله ، عن عبد الله بن زمعة - والزهري من قد عرفته سابقا . هذا مضافا إلى ما في عبيد الله بن عبد الله نفسه . . . فقد روى ابن سعد ، عن مالك بن أنس ، قال : جاء علي بن حسين بن علي بن أبي طالب إلى عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود يسأله عن بعض الشئ ! وأصحابه عنده وهو يصلي ، فجلس حتى فرغ من صلاته ثم أقبل عليه عبيد الله . فقال أصحابه : أمتع الله بك ، جاءك هذا الرجل وهو ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وفي موضعه ، يسألك عن بعض الشئ ! ! فلو أقبلت عليه فقضيت حاجته ثم أقبلت على ما أنت فيه ! فقال عبيد الله لهم : أيهات ! لابد لمن طلب هذا الشأن من أن يتعنى ! ! ( طبقات ابن سعد 5 / 215 ) .
    وأما الحديث عن مسروق بن الأجدع عن عائشة
    ففيه :
    1 - أبو وائل وهو شقيق بن سلمة يرويه عن مسروق وقد قال عاصم ابن بهدلة : قيل لأبي وائل : أيهما أحب إليك : علي أو عثمان ؟ قال : كان علي أحب إلي ثم صار عثمان ! ! ( تهذيب التهذيب 4 / 317 ) .
    2 - نعيم بن أبي هند ، يرويه عن أبي وائل عند النسائي وأحمد بن حنبل . و نعيم قد عرفته سابقا . ثم إن في إحدى طريقي أحمد عن نعيم المذكور : شبابة بن سوار وقد ذكروا بترجمته أنه كان يرى الإرجاء ويدعو إليه ، فتركه أحمد وكان يحمل عليه ، وقال : أبو حاتم : لا يحتج بحديثه (تهذيب التهذيب 4 / 264 ، تاريخ بغداد 9 / 295 ) وقد أورده السيوطي في الفائدة المذكورة ، وحكى ابن حجر في ترجمته ما يدل على بغضه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( تهذيب التهذيب 4 / 265 ) .
    هذا ، ويبقى الكلام في عائشة نفسها . . .
    فقد وجدناها تريد كل شأن وفضيلة لنفسها وأبيها ومن تحب من قرابتها وذويها . . . فكانت إذا رأت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلاقي المحبة من إحدى زوجاته ويمكث عندها ثارت عليها . . . كما فعلت مع زينب بنت جحش ، إذ تواطأت مع حفصة أن أيتهما دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلتقل : إني لأجد منك ريح مغافير حتى يمتنع عن أن يمكث عند زينب ويشرب عندها عسلا (هذه من القضايا المشهور فراجع كتب الحديث والتفسير بتفسير سورة التحريم) . وإذا رأته يذكر خديجة عليها السلام بخير ويثني عليها قالت : ما أكثر ما تذكر حمراء الشدق ؟ ! قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها ( مسند أحمد 6 / 117 ) . وإذا رأته مقدما على الزواج من امرأة حالت دون ذلك بالكذب والخيانة ، فقد حدثت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أرسلها لتطلع على امرأة من كلب قد خطبها فقال لعائشة : كيف رأيت ؟ قالت : ما رأيت طائلا ! فقال : لقد رأيت خالا بخدها اقشعر كل شعر منك على حدة فقالت : ما دونك من سر (طبقات ابن سعد 8 / 115 ، كنز العمال 6 / 264 ) . ولقد ارتكبت ذلك حتى بتوهم زواجه صلى الله عليه وآله وسلم . . . فقد ذكرت : أن عثمان جاء النبي في نحر الظهيرة . قالت : فظننت أنه جاءه في أمر النساء ، فحملتني الغيرة على أن أصغيت إليه (مسند أحمد 6 / 114 ) . أما بالنسبة إلى من تكرهه . . . فكانت حربا شعواء . . . من ذلك مواقفها من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . . . فقد جاء رجل فوقع في علي وفي عمار رضي الله تعالى عنهما عند عائشة . فقالت : أما علي فلست قائلة لك فيه شيئا . وأما عمار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما (مسند أحمد 6 / 113 ) . بل كانت تضع الحديث تأييدا ودعما لجانب المناوئين له عليه السلام . . . فقد قال النعمان بن بشير : كتب معي معاوية إلى عائشة قال : فقدمت على عائشة فدفعت إليها كتاب معاوية . فقالت : يا بني ألا أحدثك بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ؟ قلت : بلى . قالت : فإني كنت وحفصة يوما من ذاك عند رسول الله . فقال : لو كان عندنا رجل يحدثنا . فقلت : يا رسول الله ، ألا أبعث لك إلى أبي بكر ؟ فسكت . ثم قال : لو كان عندنا رجل يحدث . فقالت حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر ؟ فسكت . ثم قال : لا . ثم دعا رجلا فساره بشئ ، فما كان إلا أقبل عثمان ، فاقبل بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : يا عثمان ، إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا ، فإن أرادوكعلى خلعه فلا تخلعه ، ثلاث مرار . فقلت : يا أم المؤمنين ، فأين كنت عن هذا الحديث ؟ ! فقالت : يا بني ، والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته (مسند أحمد 6 / 149) . قال النعمان بن بشير : فأخبرته معاوية بن أبي سفيان . فلم يرض بالذي أخبرته ، حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلي به . فكتبت إليه به كتابا ( مسند أحمد 6 / 87 ) . فانظر كيف أيدت في تلك الأيام - معاوية على مطالبته الكاذبة بدم عثمان ! وكيف اعتذرت عن تحريضها الناس على قتل عثمان ! ولا تغفل عن كتمها اسم الرجل الذي دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم - بعد أن أبى عن الإرسال خلف أبي بكر وعمر - وهو ليس إلا أمير المؤمنين عليه السلام . . . ولكنها لا تطيب نفسا بعلي كما قال ابن عباس ، وسيأتي . فإذا كان هذا حالها وحال رواياتها في الأيام العادية . . . فإن من الطبيعي أن تصل هذه الحالة فيها إلى أعلى درجاتها في الأيام والساعات الأخيرة من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن تكون أخبارها عن أحواله في تلك الظروف أكثر حساسية . . . فتراها تقول : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قال رسول الله لعبد الرحمن ابن أبي بكر : إيتني بكتف ولوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه . فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال : أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر (مسند أحمد 6 / 47 ) . وتقول : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة . فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . وتقول : قبض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ورأسه بين سحري ونحري (مسند أحمد 6 / 121) . تقول هذا وأمثاله . . . لكن عندما يأمر صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بان يدعى له علي لا يمتثل أمره ، بل يقترح عليه أن يدعى أبو بكر وعمر ! يقول ابن عباس : لما مرض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة ، فقال : ادعوا لي عليا . قالت عائشة : ندعو لك أبا بكر ؟ قال : ادعوه قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر ؟ قال ادعوه . قالت أم الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العباس ؟ قال : ادعوه . فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليا فسكت . فقال عمر : قوموا عن رسول الله . . . . (مسند أحمد 1 / 356 ) . وعندما يخرج إلى الصلاة - وهو يتهادى بين رجلين - تقول عائشة : خرج يتهادى بين رجلين أحدهما العباس فلا تذكر الآخر . فيقول ابن عباس : هو علي ولكن عائشة لا تقدر على أن تذكره بخير ( عمدة القاري 5 / 191) . فإذا عرفناها تبغض عليا إلى حد لا تقدر أن تذكره بخير ، ولا تطيب نفسها به . . . وتحاول إبعاده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . . وتدعي لأبيها ولنفسها ما لا أصل له . . . بل لقد حدثت أم سلمة بالأمر الواقع فقالت : والذي أحلف به ، إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم . قالت : عدنا رسول الله غداة بعد غداة فكان يقول : جاء علي ؟ ! ! - مرارا - قالت : أظنه كان بعثه في حاجة قالت : فجاء بعد ، فظننت أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت ، فقعدنا عند الباب ، فكنت أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه علي فجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض رسول الله . . . . ( مسند أحمد 6 / 300 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 138 ، ابن عساكر 6 / 13 ، الخصائص : 130 وغيرها ) . إذا عرفنا هذا كله - وهو قليل من كثير - استيقنا أن خبرها في أن صلاة أبيها كان بأمر من النبي صلى الله عليه وآله ، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم خرج فصلى خلفه - كما في بعض الأخبار عنها - . . . من هذا القبيل . . . ومما يؤكد ذلك اختلاف النقل عنها في القضية وهي واحدة . .
    يتبــــــــــــــــــــــــع

    Comment

    • أبو محمد الأنصاري
      مشرف
      • 06-10-2009
      • 325

      #3
      رد: رسالة في صلاة أبي بكر

      تأملات في متن الحديث ومدلوله
      قد عرفت أن الحديث بجميع طرقه وأسانيده المذكورة ساقط عن الاعتبار . . . فإن قلت : إنه مما اتفق عليه أرباب الصحاح والمسانيد والمعاجم وغيرهم ، ورووه عن جمع من الصحابة ، فكيف تقول بسقوطه بجميع طرقه ؟ قلت : أولا : لقد رأيت في النظر في الأسانيد والطرق أن رجال أسانيده مجروحون بأنواع الجرح ولم نكن نعتمد في النظر إلا على أشهر كتب القوم في الجرح والتعديل ، وعلى كلمات أكابر علمائهم في هذا الباب . وثانيا : إن الذي عليه المحققون من علماء الحديث والرجال والكلام أن الكتب الستة فيها الصحيح والضعيف والموضوع ، وإن الصحابة فيهم العدل والمنافق والفاسق . نعم ، المشهور عندهم القول بأصالة العدالة في الصحابة ، والقول بصحة ما أخرج في كتابي البخاري ومسلم . . . أما بالنسبة إلى حديث صلاة أبي بكر فلم أجد أحدا يطعن فيه ، لكن لا لكونه في الصحاح ، بل الأصل في قبوله وتصحيحه كونه من أدلة خلافة أبي بكر عندهم ، ولذا تراهم يستدلون به في الكتب الكلامية وغيرها : من كلمات المستدلين بالحديث على الإمامة : قال القاضي عضد الدين الإيجي - في الأدلة الدالة على إمامة أبي بكر : الثامن : إنه صلى الله عليه [ وآله ] وسلم استخلف أبا بكر في الصلاة وما عزله فيبقى إماما فيها ، فكذا في غيرها ، إذ لا قائل بالفصل ، ولذلك قال علي رضي الله عنه : قدمك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في أمر ديننا ، أفلا نقدمك في أمر دنيانا ؟ ! (هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام قطعا ، والذي جاء به . . . مرسلا كما في الاستيعاب 3 / 971 هو الحسن البصري المعروف بالإرسال والتدليس والانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام) . وقال الفخر الرازي - في حجج خلافة أبي بكر : الحجة التاسعة : إنه عليه السلام استخلفه على الصلاة أيام مرض موته وما عزله عن ذلك ، فوجب أن يبقى بعد موته خليفة له في الصلاة ، وإذا ثبت خلافته في الصلاة ثبت خلافته في سائر الأمور ، ضرورة أنه لا قائل بالفرق (الأربعين : 284 ) . وقال الأصفهاني : الثالث : النبي استخلف أبا بكر في الصلاة أيام مرضه ، فثبت استخلافه في الصلاة بالنقل الصحيح ، وما عزل النبي أبا بكر عن خلافته في الصلاة ، فبقي كون أبي بكر خليفة في الصلاة بعد وفاته ، وإذا ثبت خلافة أبي بكر بعد وفاته في الصلاة ثبت خلافة أبي بكر بعد وفاته في غير الصلاة لعدم القائل بالفصل . وقال النيسابوري صاحب التفسير ، بتفسير آية الغار : استدل أهل السنة بالآية على أفضلية أبي بكر وغاية اتحاده ونهاية صحبته وموافقة باطنة وظاهره ، وإلا لم يعتمد عليه الرسول في مثل تلك الحاجة . وإنه كان ثاني رسول الله في الغار . وفي العلم لقوله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ما صب في صدري شئ إلا وصببته في صدر أبي بكر (انظر : الرسالة السابعة ، الصفحة 69 ) . وفي الدعوة إلى الله ، إنه عرض الإيمان أولا على أبي بكر فامن ، ثم عرض أبو بكر الإيمان على طلحة والزبير وعثمان ابن عفان وجماعة أخرى من أجلة الصحابة ، وكان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في الغزوات وفي أداء الجماعات وفي المجالس والمحافل . وقد أقامه في مرضه مقامه في الإمامة . . . (تفسير النيسابوري ، سورة التوبة ) . وقال الكرماني بشرح الحديث : فيه فضيلة لأبي بكر ، وترجيحه على جميع الصحابة ، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من غيره (الكواكب الدراري - شرح البخاري 5 / 52) . وقال العيني : ذكر ما يستفاد منه ، وهو على وجوه : الأول : فيه دلالة على فضل أبي بكر . الثاني : فيه أن أبا بكر صلى بالناس في حياة النبي ، وكانت في هذه الإمامة التي هي الصغرى دلالة على الإمامة الكبرى . الثالث : فيه أن الأحق بالإمامة هو الأعلم (عمدة القاري - شرح البخاري 5 / 187 - 188) . وقال النووي : فيه فوائد : منها : فضيلة أبي بكر وترجيحه على جميع الصحابة وتفضيله وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من غيره ، وأن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم ، وإنه لا يستخلف إلا أفضلهم . ومنها : فضيلة ( وذلك لأن أبا بكر قال لعمر : صل للناس . . . وكان أقوال أبي بكر وأفعاله حجة ؟ ! على أنهم وقعوا في إشكال في هذه الناحية ) عمر بعد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل إلى غيره (المنهاج ، لشرح صحيح مسلم ، هامش إرشاد الساري 3 / 56 ) . وقال المناوي بشرحه : تنبيه : قال أصحابنا في الأصول : يجوز أن يجمع عن قياس ، كإمامة أبي بكر هنا ، فان الصحب أجمعوا على خلافته - وهي الإمامة العظمى - ومستندهم القياس على الإمامة الصغرى ، وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى (فيض القدير - شرح الجامع الصغير 5 / 521 ) . وفي فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت في مبحث الاجماع : مسألة : جاز كون المستند قياسا . خلافا للظاهرية وابن جرير الطبري ، فبعضهم منع الجواز عقلا ، وبعضهم منع الوقوع وإن جاز عقلا . والآحاد أي أخبار الآحاد قيل كالقياس اختلافا . لنا : لا مانع . . . وقد وقع قياس الإمامة الكبرى وهي الخلافة العامة على إمامة الصلاة . . . والحق أن أمره إياه بإمامة الصلاة كان إشارة إلى تقدمه في الإمامة الكبرى على ما يقتضيه ما في صحيح مسلم . . . (فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت ، في علم الأصول 2 / 239 هامش المستصفى للغزالي) . لكنك قد عرفت أن الحديث ليس له سند معتبر في الصحاح فضلا عن غيرها ، ومجرد كونه فيها - وحتى في كتابي البخاري ومسلم - لا يغني عن النظر في سنده . . . وعلى هذا فلا أصل لجميع ما ذكروا ، ولا أساس لجميع ما بنوا . . . في العقائد وفي الفقه وفي علم الأصول . . . لا دلالة للاستخلاف في إمامة الصلاة على الخلافة : وعلى فرض صحة حديث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بالصلاة في مقامه . . . فإنه لا دلالة لذلك على الإمامة الكبرى والخلافة العظمى ، . . . لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج عن المدينة ترك فيها من يصلى بالناس . . . بل إنه استخلف - فيما يروون - ابن أم مكتوم للإمامة وهو أعمى ، وقد عقد أبو داود في ( سننه ) بابا بهذا العنوان فروى فيه هذا الخبر . . . وهذه عبارته : باب إمامة الأعمى حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري أبو عبد الله ، ثنا ابن مهدي ، ثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى (سنن أبي داود 1 / 98 . ( 2 ) منهاج السنة 4 / 91) . . . فهل يقول أحد بإمامة . . . ابن أم مكتوم لأنه استخلفه في الصلاة ؟ ! ولقد اعترف بما ذكرنا ابن تيمية - الملقب ب‍ شيخ الاسلام - حيث قال : الاستخلاف في الحياة نوع نيابة لابد لكل ولي أمر ، وليس كل من يصلح للاستخلاف في الحياة على بعض الأمة يصلح أن يستخلف بعد الموت ، فإن النبي استخلف غير واحد ، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته ، كما استعمل ابن أم مكتوم الأعمى في حياته وهو لا يصلح للخلافة بعد موته .

      وجوه كذب أصل القضية : بل الثابت عدمه
      . . . وذلك لوجوه عديدة يستخرجها الناظر المحقق في القضية وملابساتها من خلال كتب الحديث والتاريخ والسيرة . . . وهي وجوه قوية معتمدة ، تفيد - بمجموعها - أن القضية مختلفة من أصلها ، وأن الذي أمر أبا بكر بالصلاة في مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أيام مرضه ليس النبي بل غيره . . . فلنذكر تلك الوجوه باختصار :
      1 - كون أبي بكر في جيش أسامة : لقد أجمعت المصادر على قضية سرية أسامة بن زيد ، وأجمعت على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر مشايخ القوم : أبا بكر وعمرو . . . بالخروج معه . . . وهذا أمر ثابت محقق . . . وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في ( شرح البخاري ) وأكده بشرح باب بعث النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه فقال : كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بيومين . . . فبدأ برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وجعه في اليوم الثالث ، فعقد لأسامة لواء بيده ، فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرب ، وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم ، فتكلم في ذلك قوم . . . ثم اشتد برسول الله وجعه فقال : أنفذوا بعث أسامة . وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر . . . (فتح الباري 8 / 124) . فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بخروج أبي بكر مع أسامة ، وقال في آخر لحظة من حياته : أنفذوا بعث أسامة بل في بعض المصادر لعن الله من تخلف عن بعث أسامة ( شرح المواقف 8 / 376 الملل والنحل 1 / 29 لأبي الفتح الشهرستاني ، المتوفى سنة 458 ه‍ توجد ترجمته والثناء عليه في : وفيات الأعيان 1 / 610 ، تذكرة الحفاظ 4 / 104 طبقات الشافعية للسبكي 4 / 87 ، شذرات الذهب 4 / 149 ، مرآة الجنان 3 / 289 وغيرها ) . هذا أولا : وثانيا : لقد جاء في صريح بعض الروايات كون أبي بكر غائبا عن المدينة . ففي ( سنن أبي داود ) عن ابن زمعة : وكان أبو بكر غائبا ، فقلت : يا عمر ، قم فصل بالناس . وثالثا : في كثير من ألفاظ الحديث فأرسلنا إلى أبي بكر ونحو ذلك ، مما هو ظاهر في كونه غائبا . وعلى كل حال فالنبي الذي بعث أسامة ، وأكد على بعثه ، بل لعن من تخلف عنه . . . لا يعود فيأمر بعض من معه بالصلاة بالناس ، وقد عرفت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا غاب أو لم يمكنه الحضور للصلاة استخلف واحدا من المسلمين وإن كان ابن أم مكتوم الأعمى .
      2 - التزامه بالحضور للصلاة بنفسه ما أمكنه : وكما ذكرنا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يستخلف للصلاة الا في حال خروجه عن المدينة ، أو في حال لم يمكنه الخروج معها إلى الصلاة . . . وإلا فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم ملتزما بالحضور بنفسه . . . ويدل عليه ما جاء في بعض الأحاديث أنه لما ثقل قال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك . قال : ضعوا لي ماء . . . فوضعوا له ماء فاغتسل ، فذهب لينوء فأغمي عليه وهكذا إلى ثلاث مرات . . . وفي هذه الحالة صلى أبو بكر بالناس ، فهل كانت بامر منه ؟ ! بل في بعض الأحاديث أنه كان إذا لم يخرج لعارض حضره المسلمون إلى البيت فصلوا خلفه : فقد أخرج مسلم عن عائشة ، قالت : اشتكى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه ، فصلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم جالسا فصلوا بصلاته قياما ( صحيح مسلم بشرح النووي ، هامش إرشاد الساري 3 / 51 ) . وعن جابر : اشتكى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره (صحيح مسلم بشرح النووي ، هامش إرشاد الساري 3 / 51) . وأخرج أحمد عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم صلى في مرضه وهو جالس وخلفه قوم . . . (مسند أحمد 6 / 57) . ويشهد لما ذكرنا - من ملازمته للحضور إلى المسجد والصلاة بالمسلمين بنفسه - ما جاء في كثير من أحاديث القصة من أن بلالا دعاه إلى الصلاة ، أو آذنه بالصلاة ، فهو كان يجئ متى حان وقت الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويعلمه بالصلاة ، فكان يخرج بابي هو وأمي بنفسه - وفي أي حال من الأحوال كان - إلى الصلاة ويصلي بالناس .
      3 - استدعاؤه عليا عليه السلام : فأبو بكر وغيره كانوا بالجرف . . . الموضع الذي عسكر فيه أسامة خارج المدينة . . . وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بالمسلمين . . . وعلي عنده . . . إذ لم يذكر أحد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمره بالخروج مع أسامة . . . حتى اشتد به الوجع . . . ولم يمكنه الخروج . . . فقال بلال : يا رسول الله ، بابي وأمي من يصلي بالناس ؟ ( مسند أحمد 3 / 202 ) . . . هنالك دعا عليا عليه السلام . . . قائلا : أدعو لي عليا قالت عائشة : ندعو لك أبا بكر ؟ وقالت حفصة : ندعوا لك عمر ؟ . . . فما دعي علي ولكن القوم حضروا أو أحضروا ! ! فاجتمعوا عنده جميعا . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : انصرفوا . فان تك لي حاجة أبعث إليكم ، فانصرفوا ( تاريخ الطبري 2 / 439 ) . إنه كان يريد عليا عليه السلام ولا يريد أحدا من القوم ، وكيف يريدهم وقد أمرهم بالخروج مع أسامة ، ولم يعدل عن أمره ؟ !
      4 - أمره بان يصلي بالمسلمين أحدهم : فإذ لم يحضر علي ، ولم يتمكن من الحضور للصلاة بنفسه ، والمفروض خروج المشايخ وغيرهم إلى جيش أسامة ، أمر بان يصلي بالناس أحدهم . . . وذاك ما أخرجه أبو داود عن ابن زمعة فقال : لما استعز برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة . فقال : مروا من يصلي بالناس . وفي حديث أخرجه ابن سعد عنه قال : عدت رسول الله في مرضه الذي توفي فيه ، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لي رسول الله : مر الناس فليصلوا . قال عبد الله : فخرجت فلقيت ناسا لا أكلمهم ، فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه ، وكان أبو بكر غائبا ، فقلت له : صل بالناس يا عمر . فقام عمر في المقام . . . فقال عمر : ما كنت أظن حين أمرتني إلا أن رسول الله أمرك بذلك ، ولولا ذلك ما صليت بالناس . فقال عبد الله : لما لم أر أبا بكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة ( الطبقات الكبرى 2 / 220 ) . وفى خبر عن سالم بن عبيد الأشجعي قال : إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لما اشتد مرضه أغمي عليه ، فكان كلما أفاق قال : مروا بلالا فليؤذن ، ومروا بلالا فليصل بالناس ( بغية الطلب في تاريخ حلب ، مخطوط . الورقة 194 ، لكمال الدين ابن العديم الحنفي ، المتوفى سنة 660 ه‍ . ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه . وقال ابن شاكر الكتبي : كان محدثا فاضلا حافظا مؤرخا صادقا فقيها مفتيا منشئا بليغا كاتبا محمودا فوات الوفيات 2 / 220 ) . وقد كان من قبل قد استخلف ابن أم مكتوم - وهو مؤذنه - في الصلاة بالناس كما عرفت .
      5 - قوله : إنكن لصويحبات يوسف : وجاء في الأحاديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة وحفصة : إنكن لصويحبات يوسف ! وهو يدل على أنه قد وقع من المرأتين - مع الإلحاح الشديد والحرص الأكيد - ما لا يرضاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم . . . فما كان ذلك ؟ ومتى كان ؟ ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عجز عن الحضور للصلاة بنفسه ، وطلب عليا فلم يدع له - بل وجد الإلحاح والإصرار من المرأتين على استدعاء أبي بكر وعمر - ثم أمر من يصلي بالناس - والمفروض كون المشايخ في جيش أسامة - أغمي عليه - كما في الحديث - وما أفاق إلا والناس في المسجد وأبو بكر يصلي بهم. فعلم أن المرأتين قامتا بما كانتا ملحتين عليه . . . فقال : إنكن لصويحبات يوسف ثم بادر إلى الخروج معجلا معتمدا على رجلين ، ورجلاه تخطان في الأرض . . . كما سيأتي . فمن تشبيه حالهن بحال صويحبات يوسف يعلم ما كان في ضميرهن ، ويستفاد عدم رضاه صلى الله عليه وآله وسلم بفعلهن مضافا إلى خروجه . . . فلو كان هو الذي أمر أبا بكر بالصلاة لما رجع باللوم عليهن ، ولا بادر إلى الخروج وهو على تلك الحال. . . ولكن شراح الحديث - الذين لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة - اضطربوا في شرح الكلمة ومناسبتها للمقام : قال ابن حجر : إن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه ، ومرادها زيادة على ذلك هو أن لا يتشاءم الناس به ، وقد صرحت هي فيما بعد بذلك . بهذا التقرير يندفع إشكال من قال : إن صواحب يوسف لم يقع منهن إظهار يخالف ما في الباطن ( فتح الباري 2 / 120 ) . قلت : لكنه كلام بارد ، وتأويل فاسد . أما أولا : ففيه اعتراف بأن قول عائشة : إن أبا بكر رجل أسيف فمر عمر أن يصلي بالناس مخالفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ورد عليه منها ، بحيث لم يتحمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال هذا الكلام . وأما ثانيا : فلأنه لا يتناسب مع فصاحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكمته ، إذ لم يكن صلى الله عليه وآله وسلم يشبه الشئ بخلافه ويمثله بضده ، وإنما كان يضع المثل في موضعه . . . ولا ريب أن صويحبات يوسف إنما عصين الله بان أرادت كل واحدة منهن من يوسف ما أرادته الأخرى وفتنت به كما فتنت به صاحبتها ، فلو كانت عاثشة قد دفعت النبي عن أبيها ولم ترد شرف ذلك المقام الجليل له ، ولم تفتتن بمحبة الرئاسة وعلو المقام ، لكان النبي في تشبيهها بصويحبات يوسف قد وضع المثل في غير موضعه ، وهو أجل من ذلك ، فإنه نقص . . . وحينئذ يثبت أن ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان لمخالفة المرأة وتقديمها بالأمر - بغير إذن منه صلى الله عليه وآله وسلم - لأبيها ، لأنها مفتونة بحبه.
      وأما ثالثا : فقد جاء في بعض الأخبار أنه لما قالت عائشة : إنه رجل رقيق فمر عمر لم يجبها بتلك الكلمة بل قال : مروا عمر (تاريخ الطبري 2 / 439 ) ومنه يظهر أن السبب في قوله ذلك لم يكن قولها : إنه رجل أسيف . وقال النووي بشرح الكلمة : أي : في التظاهر على ما تردن وكثرة إلحاحكن في طلب ما تردنه وتملن إليه ، وفي مراجعة عائشة : جواز مراجعة ولي الأمر على سبيل العرض والمشاورة والإشارة بما يظهر أنه مصلحة وتكون المراجعة بعبارة لطيفة ، ومثل هذه المراجعة مراجعة عمر في قوله : لا تبشرهم فيتكلوا . وأشباهه كثيرة مشهورة (المنهاج بشرح صحيح مسلم ، هامش القسطلاني 3 / 60 ) . قلت : وهذا أسخف من سابقه ، وجوابه يظهر مما ذكرنا حوله ، ومن الغريب استشهاده لعمل عائشة بعمل عمر ومعارضته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواقف كثيرة ! ! ومما يؤكد ما ذكرناه من عدم تمامية ما تكلفوا به في بيان وجه المناسبة ، أن بعضهم - كابن العربي المالكي - التجأ إلى تحريف الحديث حتى تتم المناسبة ، فإنه على أساس تحريفه تتم بكل وضوح ، لكن الكلام في التحريف الذي ارتكبه . . . وسنذكر نص عبارته فانتظر .
      6 - تقديم أبي بكر عمر : ثم إنه قد جاء في بعض تلك الأحاديث المذكورة تقديم أبي بكر لعمر - بل ذكر ابن حجر أن إلحاح عائشة كان بطلب من أبيها أبي بكر (فتح الباري 1 / 123) - . . . وقد وقع القول من أبي بكر - قوله لعمر : صل بالناس - موقع الإشكال كذلك ، لأنه لو كان الآمر بصلاة أبي بكر هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يقول أبو بكر لعمر : صل بالناس ؟ ! فذكروا فيه وجوها : أحدها : ما تأوله بعضهم على أنه قاله تواضعا . والثاني : ما اختاره النووي - بعد الرد على الأول - وهو أنه قاله للعذر المذكور ، أي كونه رقيق القلب كثير البكاء ، فخشي أن لا يسمع الناس ! والثالث : ما احتمله ابن حجر ، وهو : أن يكون فهم من الإمامة الصغرى الإمامة العظمى ، وعلم ما في تحملها من الخطر ، وعلم قوة عمر على ذلك فاختاره (فتح الباري 1 / 123) . وهذه الوجوه ذكرها الكرماني قائلا : فإن قلت : كيف جاز للصديق مخالفة أمر الرسول ونصب الغير للإمامة ؟ ! قلت : كأنه فهم أن الأمر ليس للإيجاب . أو أنه قال للعذر المذكور ، وهو أنه رجل رقيق كثير البكاء لا يملك عينه . وقد تأوله بعضهم بأنه قال تواضعا (الكواكب الدراري - شرح البخاري 5 / 70) .
      قلت : أما الوجه الأول فتأويل - وهكذا أولوا قوله عند ما استخلفه الناس وبايعوه : وليتكم ولست بخيركم (طبقات ابن سعد 3 / 182) - لكنه - كما ترى - تأويل لا يلتزم به ذو مسكة ، ولذا قال النووي : وليس كذلك . وأما الوجه الثاني فقد عرفت ما فيه من كلام النبي . وأما الوجه الثالث فأظرف الوجوه ، فإنه احتمال أن يكون فهم أبو بكر ! ! الإمامة العظمى ! ! وعلم ما في تحملها من الخطر ؟ ! علم قوة عمر على ذلك فاختاره ! ! ولم يعلم النبي بقوة عمر على ذلك فلم يختره ! ! وإذا كان علم من عمر ذلك فعمر أفضل منه وأحق بالإمامة العظمى ! ! لكن الوجه الوجيه أنه كان يعلم بان الأمر لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعمر كان يعلم - أيضا - بذلك ، ولذا قال له في الجواب : أنت أحق بذلك وقوله لعمر : صل بالناس يشبه قوله للناس في السقيفة : بايعوا أي الرجلين شئتم يعني : عمر وأبا عبيدة . . .
      7 - خروجه معتمدا على رجلين : إنه وإن لم يتعرض في بعض ألفاظ الحديث لخروج النبي إلى الصلاة أصلا وفي بعضها إشارة إليه ولكن بلا ذكر لكيفية الخروج . . . إلا أن في اللفظ المفصل - وهو خبر عبيد الله عن عائشة ، حيث طلب منها أن تحدثه عن مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - جاء : ثم إن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وجد من نفسه خفة ، فخرج بين رجلين أحدهما العباس . وفي حديث آخر عنها : وخرج النبي يهادي بين رجلين ، كأني أنظر إليه يخط برجليه الأرض . وفي ثالث : فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في نفسه خفة ، فقام يهادي بين رجلين ، ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد . وفي رابع : فوجد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من نفسه خفة ، فخرج وإذا أبو بكر يؤم الناس . وفي خامس : فخرج أبو بكر فصلى بالناس ، فوجد رسول الله من نفسه خفة ، فخرج يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض . أقول : هنا نقاط نلفت إليها الأنظار على ضوء هذه الأخبار :
      1 - متى خرج أبو بكر إلى الصلاة ؟ إنه خرج إليها والنبي في حال غشوة ، لأنه لما وجد في نفسه خفة خرج معتمدا على رجلين . . .
      2 - متى خرج رسول الله ؟ إنه خرج عند دخول أبي بكر في الصلاة ، فهل كانت الخفة التي وجدها في نفسه في تلك اللحظات صدفة ، بان رأى نفسه متمكنا من الخروج فخرج على عادته أو أنه خرج عندما علم بصلاة أبي بكر إما بإخبار مخبر ، أو بسماع صوت أبي بكر ؟ إنه لا فرق بين الوجهين من حيث النتيجة ، فإنه لو كان قد أمر أبا بكر بالصلاة في مقامه لما بادر إلى الخروج وهو على الحال التي وصفتها الأخبار !
      3 - كيف خرج رسول الله ؟ لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقادر على المشي بنفسه ، ولا كان يكفيه الرجل الواحد بل خرج معتمدا على رجلين ، بل إنهما أيضا لم يكفياه ، فرجلاه كانتا تخطان في الأرض ، وإن خروجا - كهذا - ليس إلا لأمر يهم الاسلام والمسلمين ، وإلا فقد كان معذورا عن الخروج للصلاة جماعة ، كما هو واضح . . . فإن كان خروج أبي بكر إلى الصلاة بامر منه فقد جاء ليعزله ، كما كان في قضية إبلاغ سورة التوبة حيث أمر أبا بكر بذلك ثم أمر بعزله وذاك من القضايا الثابتة المتفق عليها ، لكنه لم يكن بامر منه للوجوه التي ذكرناها .
      4 - على من كان معتمدا واختلفت الألفاظ التي ذكرناها فيمن كان معتمدا عليه - مع الاتفاق على كونهما اثنين - فمنها : رجلين أحدهما العباس ومنها : رجلين. ومنها : فقال : انظروا لي من أتكئ عليه ، فجاءت بريرة ، ورجل آخر فاتكا عليهما . وهناك روايات فيها أسماء أشخاص آخرين . . . ومن هنا اضطربت كلمات الشراح . . . فقال النووي بشرح فخرج بين رجلين أحدهما العباس : وفسر ابن عباس الآخر بعلي بن أبي طالب . وفي الطريق الآخر : فخرج ويد له على رجل آخر ، وجاء في غير مسلم : بين رجلين أحدهما أسامة بن زيد . وطريق الجمع بين هذا كله : إنهم كانوا يتناوبون الأخذ بيده الكريمة تارة هذا وتارة ذاك وذاك ، ويتنافسون في ذلك . وأكرموا العباس باختصاصه بيد واستمرارها له ، لما له من السن والعمومة وغيرها ، ولهذا ذكرته عائشة مسمى وأبهمت الرجل الآخر ، إذ لم يكن أحد الثلاثة الباقين ملازما في جميع الطريق ولا معظمه ، بخلاف العباس ، والله أعلم (المنهاج شرح مسلم هامش ارشاد الساري 3 / 57 ) . وفي خبر آخر عند ابن خزيمة عن سالم بن عبيد : فجاؤوا ببريرة ورجل آخر فاعتمد عليهما ثم خرج إلى الصلاة (عمدة القاري 5 / 187 ) . ترى أن الرجل الآخر في جميع هذه الطرق غير مذكور ، فاضطر النووي إلى ذكر توجيه لذلك ، بعد أن ذكر طريق الجمع بين ذلك كله ، لئلا يسقط شئ منها عن الاعتبار ! ! بعد أن كانت القضية واحدة . . . وروى أبو حاتم أنه خرج بين جاريتين ، فجمع بين الخبرين بأنه خرج بين الجاريتين إلى الباب ، ومن الباب أخذه العباس وعلي ، حتى دخلا به المسجد (عمدة القاري 5 / 187 ) . لكن خبر خروجه بين جاريتين وهم صدر من الذهبي أيضا (عمدة القاري 5 / 190) وذكر العيني الجمع الذي اختاره النووي قائلا : وزعم بعض الناس ثم أشكل عليه بقوله : فإن قلت : ليس بين المسجد وبيته مسافة تقتضي التناوب . . . فأجاب بقوله : قلت : يحتمل أن يكون ذلك لزيادة في إكرامه أو لالتماس البركة من يده (عمدة القاري 5 / 187 ) . وأنت تستشم من عبارته وزعم بعض الناس ثم من الإشكال والجواب عدم ارتضائه لما قاله النووي ، وكذلك ابن حجر رد - كما ستعلم - على ما ذكره النووي فيما جاء في رواية معمر : ولكن عائشة لا تطيب نفسا له بخير ورواية الزهري : ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير . والتحقيق : إن القضية واحدة ، والرجل الآخر هو علي عليه السلام ولكن عائشة . . .الخ.
      أما ما ذكره النووي فقد عرفت ما فيه ، وقد أورد العيني ما في رواية معمر والزهري ثم قال : وقال بعضهم : وفي هذا رد على من زعم أنها أبهمت الثاني لكونه لم يتعين في جميع المسافة ولا معظمها قال العيني : أشار بهذا إلى الرد على النووي ولكنه ما صرح باسمه لاعتنائه به ومحاماته له (عمدة القاري 5 / 191) . قلت : والعيني أيضا لم يذكر اسم القائل وهو ابن حجر ، ولا نص عبارته لشدتها ، ولنذكرها كاملة ، فإنه كما لم يصرح باسم النووي كذلك لم يصرح باسم الكرماني الذي اكتفى هنا بان قال : لم يكن تحقيرا أو عداوة ، حاشاها من ذلك (الكواكب الدراري 5 / 52) وهي هذه بعد روايتي معمر والزهري : وفي هذا رد على من تنطع فقال : لا يجوز أن يظن ذلك بعائشة ، ورد من زعم أنها أبهمت الثاني لكونه لم يتعين في جميع المسافة . . . وفي جميع ذلك الرجل الآخر هو العباس ، واختص بذلك إكراما له . وهذا توهم ممن قاله ، والواقع خلافه ، لأن ابن عباس في جميع الروايات الصحيحة جازم بان المبهم علي فهو المعتمد (فتح الباري 2 / 123) . إلا أن من القوم من حملته العصبية لعائشة على أن ينكر ما جاء في رواية معمر والزهري ، وقد أجاب عن ذلك ابن حجر حاملا الانكار على الصحة فقال : ولم يقف الكرماني على هذه الزيادة فعبر عنها بعبارة شنيعة (فتح الباري 2 / 123)
      8 - حديث صلاته خلف أبي بكر : وحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم ائتم في تلك الصلاة بأبي بكر - بالإضافة إلى أنه في نفسه كذب كما سيأتي - دليل آخر على أن أصل القضية - أعني أمره أبا بكر بالصلاة - كذب . . . وبيان ذلك في الوجوه الآتية . 9 - وجوب تقديم الأقرأ : هذا ، وينافي حديث الأمر بالصلاة منه صلى الله عليه وآله وسلم ما ثبت عنه من وجوب تقديم الأقرأ في الإمامة إذا استووا في القراءة ، وفي الصحاح أحاديث متعددة دالة على ذلك ، وقد عقد البخاري باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم (صحيح البخاري بشرح العيني 5 / 212) . وذلك ، لأن أبا بكر لم يكن الأقرأ بالإجماع . . . وهذا أيضا من المواضع المشكلة التي اضطربت فيها كلماتهم.

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎