بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد الإئمة والمهديين وسلم تسليما
قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } * { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }
امرهم شورى بينهم – هل الحكم من امر الناس ليتشاوروا فيه؟؟؟
لو اطلعنا على كتب التفسير المعتمدة لدى السنة لوجدنا ان اشورى لم تكن في الحكم بل ان القرطبي بين ان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ولم يكن يشاورهم اي الصحابة في الأحكام؛ لأنها منزلة من عند الله على جميع الأقسام من الفرض والندب والمكروه والمباح والحرام. فأن لم يعطهم حق ابداء الرأي والمشورة في حيانه بالاحكام فهل يترك لهم الحكم والأحكام بعد وفاته – اذا سنة الصحابة في التشاور بالاحكام ليست كسنة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) فهم وان تشاوروا بالاحكام ولكنهم لم يتشاوروا بالحكم والتنصيب .
وفي حادثة السقيفة أحتج ابو بكر بحديث الرسول (صلى الله عليه وآله) ان الخلافة في قريش عندما حدث الخلاق بين الانصار والمهاجرين على من يكون الخليفة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)
وهذا ما نقله ابن تيمية في تيمية في المنهاج (5/346): قوله
وقد ذكر غير واحد مثل منصور بن عبد الجبار السمعاني وغيره إجماع أهل العلم على أن الصديق أعلم الأمة. وهذا بيِّن فإن الأمة لم تختلف في ولايته في مسألة إلا فصَّلها هو بعلم يبينه لهم وحجة يذكرها لهم من الكتاب والسنة، .....، وبيَّن لهم أن الخلافة في قريش في سقيفة بني ساعدة لما ظنَّ مِنْ ظنَّ أنها تكون في غير قريش.ا.هـ - - انتهى الاقتباس
وورد في شرح النووي علي صحيح مسلم: ( كتاب الإمارة ) ( باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش) قوله صلى الله عليه و سلم: ( الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم ) وفي رواية:" الناس تبع لقريش في الخير والشر" وفي رواية:" لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان"، وفي رواية البخاري "ما بقي منهم اثنان".
هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الاجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة، قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة، قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، قال القاضي :وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار، قال :ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش، ولا بسخافة ضرار بن عمرو في قوله أن غير القرشي من النبط وغيرهم يقدم على القرشي لهوان خلعه إن عرض منه أمر! وهذا الذي قاله من باطل القول وزخرفه مع ماهو عليه من مخالفة إجماع المسلمين والله أعلم.ا.هـ - انتهى الاقتباس
وهذا يعضده قول الرسول (صلى الله عليه وآله) كما جاء في صحيح البخاري: في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (صفحة 175 طبعة مصر سنة 1355 هجري )، حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول:" كلهم من قريش
صحيح مسلم: في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ( صفحة 191 الجزء 2 ق 1 طبعة مصر سنة 1348 هجري ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول:- ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: " ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش - - انتهى الاقتباس
ولكن السؤال هنا من في قريش ؟؟؟ علينا ان نرجع للقرآن لنعرف من هم المعنيين بهذه الأحاديث
قال تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [آل عمران : 33]
وقال تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً [النساء : 54]
إذا المعنيين هو ذرية إبراهيم عليه السلام الذين اختصهم الله بعلم الكتاب والحكم والنبوة وبعد ان ختمت النبوة توارثوا علم الكتاب والحكم.
قال تعالى: أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام : 89]
فالحكم يتوارثه آل إبراهيم ع وآل محمد (صلى الله عليه وآله) الذين خصهم الله بالصلاة الإبراهيمة وطهرهم تطهيرا وآتاهم العلم.
وانقل لكم ماجاء في تفاسير كتب السنة ليطلع عليها من لديه بصيرة ليتفكر ويفهم فهي لم تقل بالشورى بالحكم وسنة الرسول ص انه لم يشاورهم في الحكم والأحكام
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
وقوله: { وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبّهِمْ وأقامُوا الصَّلاةَ } يقول تعالى ذكره: والذين أجابوا لربهم حين دعاهم إلى توحيده، والإقرار بوحدانيته والبراءة من عبادة كل ما يعبد دونه { وأقامُوا الصَّلاةَ } المفروضة بحدودها في أوقاتها { وأمْرهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } يقول: وإذا حزبهم أمر تشاوروا بينهم، { ومِمَّا رَزْقْناهُمْ يُنْفِقُونَ } يقول: ومن الأموال التي رزقناهم ينفقون في سبيل الله، ويؤدّون ما فرض عليهم من الحقوق لأهلها من زكاة ونفقة على من تجب عليه نفقته. وكان ابن زيد يقول: عنى بقوله: { وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبّهِمْ... } الآية الأنصار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وقرأ { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْم والفَوَاحِشَ وَإذَا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } قال: فبدأ بهم { وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبّهِمْ } الأنصار { وأقامُوا الصَّلاةَ } وليس فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم { وأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } ليس فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً.
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق
الثانية ـ قوله تعالى: { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } أي يتشاورون في الأمور. والشُّورَى مصدر شاورته؛ مثل البشرى والذكرى ونحوه. فكانت الأنصار قبل قدوم النبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملوا عليه؛ فمدحهم الله تعالى به؛ قاله النقاش. وقال الحسن: أي إنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون؛ فمدِحوا باتفاق كلمتهم. قال الحسن: ما تشاور قوم قطُّ إلا هُدُوا لأرشد أمورهم. وقال الضحاك: هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورود النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له. وقيل تشاورهم فيما يعرض لهم؛ فلا يستأثر بعضهم بخبر دون بعض. وقال ابن العربي: الشُّورَى ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصواب، وما تشاور قوم قط إلا هُدُوا. وقد قال الحكيم:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي لبيب أو مشورة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فإن الخَوَافي قوّة للقوادم
فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين كانوا يمتثلون ذلك. وقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الآراء المتعلقة بمصالح الحروب؛ وذلك في الآراء كثير. ولم يكن يشاورهم في الأحكام؛ لأنها منزلة من عند الله على جميع الأقسام من الفرض والندب والمكروه والمباح والحرام. فأما الصحابة بعد استئثار الله تعالى به علينا فكانوا يتشَاورون في الأحكام ويستنبطونها من الكتاب والسنّة. وأوّل ما تشاور فيه الصحابة الخلافةُ؛ فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم ينص عليها حتى كان فيها بين أبي بكر والأنصار ما سبق بيانه. وقال عمر رضي الله عنه: نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا. وتشاوروا في أهل الردة فٱستقر رأي أبي بكر على القتال. وتشاوروا في الجَدّ وميراثه، وفي حدّ الخمر وعدده. وتشاوروا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحروب؛ حتى شاور عمر الهُرْمُزان حين وَفَدَ عليه مسلماً في المغازي، فقال له الهرمزان: مثلها ومثل من فيها من الناس من عدوّ المسلمين مثل طائر له ريش وله جناحان ورجلان فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس وإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس وإن شُدِخ الرأس ذهب الرجلان والجناحان. والرأسُ كسْرى والجناح الواحد قيصر والآخر فارس؛ فَمُر المسلمين فلينفروا إلى كِسْرى... وذكر الحديث. وقال بعض العقلاء: ما أخطأت قط إذا حَزَبَني أمر شاورت قومي ففعلت الذي يرون؛ فإن أصبت فهم المصيبون، وإن أخطأت فهم المخطئون.
تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق
{ وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ } أجابوه إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والعبادة { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ } أداموها { وَأَمْرُهُمْ } الذي يبدو لهم { شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } يتشاورون فيه ولا يعجلون { وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ } أعطيناهم { يُنفِقُونَ } في طاعة الله، ومَنْ ذُكِر صنف:
* تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
وقوله عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } أي اتبعوا رسله، وأطاعوا أمره، واجتنبوا زجره، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ } وهي أعظم العبادات لله عز جل، { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } أي: لا يبرمون أمراً حتى يتشاوروا فيه؛ ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها؛ كما قال تبارك وتعالى:
{ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلأَمْرِ }
[آل عمران: 159] الآية، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها؛ ليطيب بذلك قلوبهم وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر، وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فاجتمع رأي الصحابة كلهم رضي الله عنهم على تقديم عثمان عليهم رضي الله عنهم { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } وذلك بالإحسان إلى خلق الله؛ الأقرب إليهم منهم فالأقرب.
والله ولي التوفيق
واسألكم الدعاء
Comment